ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح السبت في بيروت محلياً على الأزمة السياسية التي يعني منها لبنان إن كان على مستوى المراوحة في ملف تشكيل الحكومة أو الأزمة الاقتصادية والمالية، وفي هذا السياق، احتل قرار حاكم مصرف لبنان سداد جزء من ودائع المودعين حيزاً من اهتمام الصحف لجهة ابعاده وتداعياته. أما اقليمياً فقد تناولت الصحف تطورات محادثات فيينا حول الاتفاق النووي الايراني، إضافة إلى بوادر تصعيد في فلسطين مع زيادة الاحتلال وتيرة القمع والاعتقالات في الضفة والقدس المحتلتين.
الأخبار
فلسطين: بوادر تصعيد على الجبهات كافة
اتفاق برّي سلامة: الـ«كابيتال كونترول» بـ 400 دولار
ركزت “الأخبار” على التطورات في الملف الفلسطيني، فكتبت ” بينما تواصل إسرائيل حملتها المكثفة ضد فلسطينيي الـ 48، عادت إلى زيادة وتيرة القمع والاعتقالات في الضفة والقدس المحتلتين، زائدة على ذلك تحرشات إضافية بالمقاومة في غزة عبر سرب كبير من طائرات الاستطلاع التي تصدّت لها المقاومة المحافظة على جهوزيتها واستنفارها، فيما يبدو أن ملفّي الإعمار والمساعدات سيفجّران المشهد مجدداً رغم السعي المصري للاحتواء عبر ضخّ ما أمكن إلى القطاع”.
وتابعت الصحيفة “تتزايد الدعوات الاستيطانية إلى إحياء «مسيرة الأعلام» واقتحام المسجد الأقصى في القدس المحتلة الخميس المقبل، الخطوة التي أوقفتها المقاومة قبل أسابيع بصواريخها وفجّرت هبّة شعبية كبيرة في الضفة والأراضي المحتلة عام 1948. ثمة قراءتان للمشهد: الأولى تقول إنها خطوات بنيامين نتنياهو الأخيرة لتفجير المشهد قبل أن يخسر منصبه، والثانية تقول إنها إسرائيل نفسها بوجه نتنياهو أو بوجه نفتالي بينِت الذي لا يقلّ يمينية وتطرفاً عنه، بل يعمل بدوره على تحصيل التفاف يميني حوله هو بأمسّ الحاجة إليه الآن”.
أما محلياً، فقد كتبت الصحيفة اللبنانية، في تعليق على قرار حاكم المصرف ” دفع 400 دولار نقداً للحسابات بالدولار، يُعدّ آخر تجارب «مُختبر رياض سلامة». قرارٌ تخديري للمودعين، سوّق له سلامة كما لو أنّه الخلاص المُنتظر، فيُحاول إخفاء ما يتضمّن من «خوازيق». فخلف هذه الستارة، أتمّ سلامة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي مقايضة تطيير مشروع القيود على رأس المال (كابيتال كونترول)، وخضع للمصارف عبر تحرير أكثر من مليار دولار لها عبر تخفيض نسبة التوظيفات الإلزامية (ما يسمّيه «الاحتياطي الإلزامي») بالدولار، وأعطى لنفسه مُبرّراً لوقف دعم الاستيراد نهائياً على اعتبار أنّه أعاد الدولارات لأصحابها… من أصل أكثر من 104 مليارات دولار، تمخّض جبل مصرف لبنان فولد أقل من مليارين ونصف مليار دولار، بالتقسيط. قرار سلامة مؤشّر جديد إلى أنّ المنظومة التي سقطت مُستعدة لجرّ كلّ السكان معها نحو الهاوية، حتى لا تتخذ قراراً واحداً يمسّ بامتيازاتها”.
وفي السياق، رأت الصحيفة أن “اقتراح قانون الـ«كابيتال كونترول»، الذي تبحثه لجنة المال والموازنة ــــ التي حوّلها رئيسها النائب إبراهيم كنعان، بالتعاون مع جزء من أعضائها، إلى حامية مصالح رأس المال منذ أن أسقطت خطة حكومة حسان دياب للتعافي المالي ــــ كان يخضع لعملية تفريغ من مضمونه. حتى لو ارتفعت أصواتٌ مصرفية تعترض على بنود مُعينة فيه، تبقى هذه مسألة تُحلّ بمُجرّد تعديل البنود الخلافية. ولكنّ ما يُبحث ينسف أصل الغاية من وجود قيود على رأس المال، ويتضمن الكثير من الاستثناءات، كما لو أنّ الغاية سنّ قانونٍ لـ«تشريع التحويلات» لا لوضع قيود عليها. على الرغم من ذلك، أراد سلامة تعطيل إقرار القانون، لأنّه يُقوّض صلاحياته الواسعة ويحدّ من استنسابيته في التعامل مع المودعين. انطلاقاً من هنا، عُقد الاتفاق بينه وبين برّي، ليلتفّ على اقتراح الـ«كابيتال كونترول» النيابي، ويصبّ في غير مصلحة المودعين، وعامة الناس التي لا تملك حسابات مصرفية. مع الإشارة إلى أنّها ليست المرّة الأولى التي يُعطّل فيها برّي إقرار الـ«كابيتال كونترول».
وأضافت ” قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان (الذي ينفّذ حصراً ما يقرره سلامة من دون أي نقاش ذي تأثير) لم يمرّ من دون تنازل الحاكم لجمعية مصارف لبنان، التي كانت قد وجّهت له كتاباً في 3 حزيران تشرح فيه أنّها «غير قادرة على توفير أي مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية مهما تدنّت قيمتها، فسيولة المصارف لدى المراسلين ما زالت سلبية بما يفوق المليار دولار»، مُعتبرةً أنّ أي تمويل لأي سحوبات «لا يُمكن توفيره إلا من خلال تخفيض معدّل الاحتياطي الإلزامي». أولاً، تقول المصارف لرياض سلامة إنّه كذّاب حين أعلن نجاح التعميم 154 وإتمام المصارف عملية تكوين سيولة خارجية لدى المصارف المراسلة بـ 3%. ثانياً، تُعلن تمرّدها على قرارات السلطة النقدية التي تحكم عملها بموجب قانون النقد والتسليف. رغم ذلك، قرّر مسايرتها عبر إلغاء مشروعه لردّ الودائع بالدولار بما يصل إلى 50 ألف دولار (مُقسّمة بالتساوي بين الدولار الأميركي والليرة اللبنانية) بعدما رفضت تنفيذه، واستبداله بـ«بونبونة» الـ 800 دولار شهرياً (مقسمة بالتساوي بين الدولار الأميركي والليرة اللبنانية، على أن يكون المبلغ الذي سيحصل عليه المودع بالليرة مناصفة بين النقدي وبطاقات الشراء المصرفية)، شرط أن لا يتخطى المبلغ السنوي الـ 4800 دولار لكلّ عميل”.
ولفتت إلى أنه “حين طُلب من مصرف لبنان الاستمرار بدعم الاستيراد، طلب تغطية قانونية تُجيز له «المسّ» بما يسمّيه «الاحتياطي الإلزامي»، لكنّه أمس تخطّى هذا الشرط، خاضعاً للمصارف بتخفيض الاحتياطي، حتّى تقبل أن تُشارك في دفع نصف قيمة الـ 400 دولار، على أن يتحمّل مصرف لبنان النصف الآخر. فقد قرر «المركزي» خفض نسبة الاحتياطي نقطة واحدة، من 15 في المئة إلى 14 في المئة، ليُحرّر (استناداً إلى أرقام مصرف لبنان) أكثر من مليار دولار للبنوك، من دون أن يوضح البيان إذا كانت ستُعطى للمصارف بقصد تمويل نصف الـ 400 دولار، أو يُقرضها إيّاها مصرف لبنان فتستخدمها كما يحلو لها، مثلاً لإطفاء «التزامات أخرى بالعملة الأجنبية ومنها تلك المدرجة خارج ميزانيات المصارف»، كما جاء في كتاب جمعية المصارف. وبناءً على طلب الأخيرة، التزم البنك المركزي بأن يكون الدفع لمدّة سنة فقط، مع احتمال بأن يتوقّف العمل بهذا القرار أيضاً بعد أسابيع من إطلاقه في حال عدم استجابة المصارف. وقد أطلقت أمس شرارة تمرّد إضافية، مع إعلانها «استعدادها لبحث مندرجات التعميم بإيجابية»، موحيةً بأنّها لم تحسم بعد موافقتها عليه”.
البناء
واشنطن تعلن السير بالاتفاق النوويّ تحت عنوان أولويّة عدم وصول إيران إلى القنبلة
على طريقة الفاخوري وأذن الجرّة: الحاكم لتعويم الدعم وسحب الودائع
الجمود السياسيّ بين العجز عن التقدّم والسير بالبدائل ودعوات التهدئة
تناولت صحيفة البناء موضوع التطورات الحاصلة على صعيد المحادثات النووية، تحديداً عودة واشنطن إلى الاتفاق، فكتبت “الحلقة المركزيّة في صورة النظام الإقليمي الجديد ترتسم بتسليم واشنطن بصعود محورية إيران وتراجع مكانة كيان الاحتلال، من جهة، وبالتغيير الاستراتيجي في البيئة الأمنية لمنطقة الخليج مع صعود قوة أنصار الله في اليمن وتراجع حضور الزعامة السعودية في المنطقة. وعلى خلفية هذا التسليم بدأ البيت الأبيض حملة تصريحات إعلامية تعلن السير بالاتفاق النووي مع إيران، وتفتح الطريق للتوقيع القريب لقرار العودة، بالتزامن مع ضبط إيقاع المشهد السياسي لكيان الاحتلال عبر حكومة جديدة تؤمن واشنطن لها مالاً وسلاحاً ورعاية وحماية، تبعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن المشهد السياسي، وتجنب المنطقة مغامرات تعتقد واشنطن أنها تستدرج الحرب الإقليميّة التي تطيح بكل ما تخطط له من مشاريع للتهدئة. وبالتوازي ضغط أميركي على السعودية لتعديل سقوف مقترحات وقف النار بما يلبي قبول أنصار الله ويفتح الطريق للمسار السياسي في اليمن”.
محلياً، ركزت “البناء” على العجز السياسي إضافة إلى قرار سلامة “سداد جزء من ودائع المودعين”، قائلة ” لبنان العاجز عن الوقوف على ضفة تلقّي عائدات هذه التحولات التي يقف في وسطها، يواصل عجزه عن تشكيل حكومة، وعاد الجمود الى المساعي التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري المتمسك بمبادرته بصفتها فرصة أخيرة للخروج من الأزمة، والتسليم بسقوطها يعني مواجهة الانهيار، فيما قالت مصادر على صلة بهذه المساعي أنها حققت قطع نصف الطريق رغم التصعيد الذي رافق النقاش حول نصفها الثاني، فعقدة توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب وتحديد جهات تسميتها مرت بسلام، وهي كانت تمثل نصف أزمة تأليف الحكومة، ومن ضمنها حقيبتا العدل والداخلية، أما النص الثاني المتمثل بعقدة الوزيرين المسيحيين الإضافيين للوزراء المحسومة آلية تسميتهما، فيستحق جولة مساع جديدة بعدما أفرغ الفريقان ما في جعبة كل منهما من ذخائر، والفريقان لا يملكان بدائل للتنازل وصولاً للتأليف، فلا الانهيار يخدم سعيهما لحصد المزيد من التأييد في الشوارع الطائفية التي ستصبح طعماً للفوضى إذا انهار البلد، ولا الاستقالات من مجلس النواب ذهاباً للانتخابات المبكرة يشكل خياراً عملياً للفريقين، رغم التلويح به، علماً أن الطرفين تبلغا من فريقي ثنائي حركة أمل وحزب الله أن أحداً لن يثنيهما عن هذا الخيار اذا وصلت اليه الأمور، فليس لدى “الثنائي” ما يخشاه من الانتخابات، وتعتقد المصادر ان الجمود الراهن في جزء منه تعبير عن نجاح مساعي التهدئة التي عمل عليها الرئيس بري وحزب الله والبطريرك بشارة الراعي.
على الصعيد المالي فاجأ حاكم مصرف لبنان الجميع، بتراجعه عن تصريحاته السابقة بوقف الدعم أول حزيران، لنفاد مخزون الدولارات لديه، بالعودة الى تعويم جزء رئيسي من الدعم وفتح الباب معه لسداد جزء من ودائع المودعين على طريقة الـ 400 دولار نقداً و400 أخرى بسعر منصة صيرفة أي 12000 ليرة للدولار، وبعد اعتراض جمعية المصارف بذريعة عدم امتلاك دولارات لتنفيذ تعميم مصرف لبنان وردّ المصرف بأنه سيزود المصارف بالدولارات اللازمة عبر تخفيض نسبة الاحتياطي بـ 1%، تراجعت المصارف بانتظار إصدار الآلية التي قال المصرف إنها ستصدر قريباً. وعلقت مصادر مالية على المشهد بالقول، إنه مشهد سوريالي لا تفسير له إلا بالمثل القائل “الفاخوري يضع أذن الجرة حيث يشاء”.
وفي ما غاب الملف الحكوميّ عن المشهد الداخلي لليوم الثاني على التوالي وسط جمود يسود الاتصالات والمشاورات على خط تأليف الحكومة، بقيت الأوضاع المالية والنقدية والاجتماعية في دائرة الضوء. فبعد الاجتماعات التي عقدت في قصر بعبدا وأدت الى حل أزمة التعميم رقم 151 برز تطوّر على صعيد أزمة الودائع بإلزام المصارف دفع جزء من أمواله بالدولار وجزء آخر بالليرة اللبنانية وفق سعر السوق.
وعقد المجلس المركزي لمصرف لبنان جلسة استثنائية برئاسة الحاكم رياض سلامة، واتخذ بالإجماع قراراً يلزم المصارف بتسديد 400 دولار (fresh dollars) إضافة إلى ما يوازيها بالليرة اللبنانيّة للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الأول من سنة 2019 وكما أصبحت هذه الحسابات في آذار 2021. إلا أن جمعية المصارف وجّهت كتاباً إلى سلامة تُعلمه فيه عدم قدرتها على توفير أية مبالغ نقدية بالعملة الأجنبية، طالبة منه التريّث في إصدار أي تعميم يُلزم المصارف.
في موازاة ذلك، أعلن سلامة أن “البنك المركزي سيقوم بعمليات بيع للدولار الأميركي للمصارف المشاركة على منصة «Sayrafa» بسعر 12,000 ليرة للدولار الواحد. على أن تبيعها المصارف بسعر 12,120 ليرة للدولار الواحد”. وطلب “من المُشاركين الراغبين بتسجيل جميع الطلبات على المنصة اعتباراً من نهار الاثنين الواقع في 7 حزيران 2021 لغاية نهار الأربعاء الواقع في 9 حزيران 2021، شرط تسديد المبلغ المطلوب عند تسجيل الطلب بالليرة اللبنانية نقداً. سوف تتم تسوية هذه العمليات نهار الخميس الواقع في 10 حزيران 2021. تُدفع الدولارات الأميركية لدى المصارف المراسلة حصراً”.
وأتبعت جمعية المصارف بيانها ببيان ثانٍ مشيرة الى ان “الكتاب الذي صدر عن جمعية المصارف والموجّه لسعادة حاكم مصرف لبنان قد سبق بيان مصرف لبنان”. مضيفة أن “جمعية المصارف تبدي استعدادها الكامل لبحث مندرجات التعميم المزمع إصداره من قبل مصرف لبنان بإيجابية تامة لما فيه المصلحة العامة”.
وفيما عكس التضارب بين بياني المصارف الخلاف مع مصرف لبنان ونية لديهم بعدم تنفيذ تعميم المركزي بدفع قسم من الودائع. لفتت مصادر مصرفية لـ “البناء” الى ان “المصارف ستبدي كل تعاون مع مصرف لبنان. وهذا الأمر لا يُحلّ بتعميم او تعميمين بل بنقاش ودراسة دفع جزء من الودائع بالدولار في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه القطاع المصرفي”. وفي المقابل اشار خبراء لـ”البناء” الى ان المصارف تحاول التهرب من تنفيذ تعميم مصرف لبنان وتدّعي بأن ليس لديها سيولة نقدية بالدولار فيما هي رفعت نسبة رساميلها واحتياطاتها بالعملات الأجنبية بناء لتعميم مصرف لبنان برفع احتياطات المصارف كما لديها أصول وأملاك في الخارج وفروع لها في دول عدة”.
وفيما تتفاقم الازمات الحياتية تشهد الاسواق ارتفاعاً إضافياً في اسعار السلع الغذائية في ظل غموض يظلل مشروع البطاقة التمويليّة الذي أصبح في المجلس النيابي ولم يعرف اذا كان يدرس في اللجان أم يجري تأجيله ريثما يتم تأليف حكومة جديدة، لكي لا يحصل خلاف داخل المجلس في ظل تضارب الآراء بين مصرف لبنان والمصارف والحكومة لجهة تمويل المشروع. إلا أن مصادر حكومية اوضحت لـ “البناء” أن المفاوضات مستمرة مع البنك الدولي لتغيير وجهة عدد من القروض التي أقرها البنك الدولي للبنان لا سيما القرض المخصص لدعم العائلات الأكثر فقراً”.
في الموضوع الحكومي، قالت “البناء” “في ما تم التداول بأن الرئيس نبيه بري سيعلن عن وقف مساعيه خلال أيام قليلة، اشارت مصادر ثنائي امل وحزب الله لـ”البناء” الى ان المشاورات مستمرة ومن المبكر الحديث عن فشل المبادرة ووقف الجهود طالما ان الأبواب لم تقفل بشكل كامل لا سيما أن جهود بري أحرزت تقدماً على صعيد توزيع الحقائب ووزارتي العدل والداخلية لكن استقرت المشاورات على عقدة الوزيرين المسيحيين”.
وشددت اوساط بعبدا والتيار الوطني الحر لـ”البناء” ان “الرئيس عون لا يزال يعول على المساعي لا سيما مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري للوصول الى صيغة حكومية موحّدة”، وطالبت الاوساط الرئيس المكلف سعد الحريري باعتماد معايير موحدة وبالتواصل مع كل الافرقاء”. ولفتت الى انه “في حال لم يستطع الحريري التشكيل فليعتذر لأن الوضع الداخلي لم يعد يحتمل إفساحاً بالمجال لشخص آخر لضمان استمرارية المؤسسات والنظام”. وأكدت الأوساط ان “الرئيس بري هو من يعلن وقف مبادرته ونحن ندعم كل جهد لتذليل العقد والتوصل الى حل”.
في المقابل، علمت “البناء” ان الحريري لن يعتذر في الوقت الراهن ومن المبكر الذهاب الى هذا الخيار لا سيما ان اللجوء اليه يحتاج الى دراسة ويأتي ضمن رؤية وخريطة طريق للحل وليس لتفاقم الازمة، رغم انه خيار مطروح لكن نتخذه بالتوافق والتشاور مع الحلفاء. وأكد الأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري أن “الرئيس المكلف قدّم تضحيات للبلد”، وقال: “ردّنا في الإعلام هو لسحب الفتيل في الشارع لأنّ شارعنا “عم يغلي”. وأضاف “يريدون نسف حكومة الاختصاصيين، وذرّ الرماد بالعيون أنّ السعودية “مسكّرة” على الحريري، لا يجوز لأنّ المملكة “مسكرة” على لبنان كلّه”.
اللواء
حين يتحدث لودريان عن إسقاط الحصرية الحريرية كخيار أفضل للبنان
حكومة الأقطاب هكذا وُلدت بطريركياً.. وهذا موقف الفاتيكان من الهجوم على الرئاسة
ركزت “اللواء” في عددها على الملف الحكومي، قائلة “لم يكن طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حكومة أقطاب من خارج سياق اجتماعه الخميس برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. صحيح أن الإقتراح جاء وليد ساعته، في إطار النقاش في الملف الحكومي، لكن ما سهّل الوصول إليه استذكار الراعي مرارا تجربة الرئيس فؤاد شهاب الذي في عهده تشكلت حكومة الأقطاب الأربعة الذائعة الصيت والفعل، والأهم استياؤه المطلق مما حمله بيان تيار «المستقبل» من شتائم وذم وقدح في حق رئاسة الجمهورية، بلا أي سبب سوى الرغبة في شد العصب وإستنفار العصبية”.
وتابعت الصحيفة “حكومة الأقطاب الرباعية المستعادة بطريركياً، هي تلك التي شكلها الرئيس فؤاد شهاب بعد أحداث العام 1958، و استطاعت احتواء ارتدادات الحرب الأهلية المصغّرة لتنصرف بعدها إلى مأسسة الدولة والنظام.
إطلع الراعي على بيان تيار “المستقبل” وهو في السيارة في طريقه الى القصر، ما حدا به فورا وتلقائيا الى صرف النظر عن فكرة كانت تراوده لرتيّ الإنقطاع بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري. لاح في ذهن البطريرك كل ذلك التنكيل الممنهج بالرئاسة المارونية. إستنفر نفسه والمحيطين لأن كرامة رئاسة الجمهورية لا يعلو عليها متوترون، وأن لا ينتقص منها السباب والشتم، فما وجد سوى فكرة حكومة الأقطاب مخرجا حتّمه تعثر استيلاد حكومة الإختصاصيين، بعدما ثبت له مكمن التعطيل والعطب ومنبت الإنسداد، وهو ما أبلغه إلى الفاتيكان في تقرير مفصل بناء على طلب من البابا فرنسيس، انطوى على تحميل الرئيس المكلف شخصيا المسؤولية عن تعطيل المسار الحكومي.
وسبق للراعي أن تلمّس مرارا مكمن العطب الحكومي في الأسابيع الأخيرة، وخصوصا في المحطات حين كان يستأخر الحريري التجاوب مع مبادرته تسهيل الحكومة والرد على مجموعة من الأفكار البطريركية، إما لسفر مستجد، وإما لعودة مستأخرة، وإما لذريعة الحاجة الى مزيد من التشاور والنقاش مع فريقه وحلفائه، الى جانب إتهام الرئيس المكلف صراحة على مسمع البطريرك في لقاء غير معلن في مطرانية بيروت للموارنة، حزب الله بالتعطيل، وهو ما توقف عنده الراعي مستغرباً.
وتكونت لدى البطريرك، بنتيجة قناعة لا يرقى اليها الشك، بأن الرئيس المكلف يناور لعدم قدرته على التشكيل نتيجة استعصاءات محلية بنكهة خارجية، وهو ما قد يحدوه علنا الى صرف النظر عن دعم إستمرار الحريري في تنكب مهمة تشكيل الحكومة الموعودة”. وفي السياق، لفتت الصحيفة إلى أنه “لا يُخفى أن الفاتيكان، هو الآخر، مستاء من أداء الرئيس المكلف منذ أن خرج من لقاء الباب فرنسيس مطلقا عنان الهجوم على رئيس الجمهورية. وما زاد الإستياء والسخط البادي والواضح التقارير التي وصلت الى الدوائر الرسولية في الأيام الأخيرة عن خطاب الشتم، وهو ما لا يمكن للفاتيكان إستيعابه، وخصوصا ان الشتيمة تُكال الى رئاسة الجمهورية، المسيحية المارونية الوحيدة في هذا المشرق، والمنكِّهة لدوله وأنظمته”.
وأوضحت “لذا تعمد الفاتيكان في الأسبوعين الاخيرين بعث رسائل تأييد لرئاسة الجمهورية، من بينها رسالتان رسميتان علنيتان وثالثة غير علنية، تؤشر بوضوح الى الإستياء العارم، على أن يكون الاجتماع المسيحي الجامع الذي دُعي اليه القادة الروحيون مع بداية تموز المقبل محطة هامة في سياق البحث الفاتيكاني المكثف عن حل لإستفحال الأزمة اللبنانية، حكوميا واقتصاديا واجتماعياً”.
وقالت “بالتوازي، عادت باريس الى المشهد عبر جولة من الاتصالات أجراها المستشار الرئاسي باتريك دوريل، شملت، فيما شملت، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وأعاد الإليزيه تنشيط مشاوراته اللبنانية بعدما لاحت له فرصة إستعادة زمام مبادرته الإنقاذية. هو يبحث في إمكان إيفاد دوريل لكنه ينتظر اتضاح الصورة”. وكان لافتا أن دوريل تعمّد نفي ما تردد لبنانيا عن لقاءات أجراها الحريري في باريس مع مسؤولين فرنسيين. كما لم يخفِ استغرابه للغاية من تسريب معطيات خاطئة والجهة التي تقف خلفها. لكن ما يجدر التمعن فيه أن المقاربة الفرنسية تتغيّر تدريجا، وباتت تتخذ منحى جديدا قد يذهب حد إسقاط فكرة حتمية الرئاسة الحريرية للحكومة، نتيجة ما تكوّن لدى باريس من معطيات في الأسابيع الأخيرة، وخصوصا منذ زيارة وزير الخارجية جان إيف لودريان.
“وثمة في هذا السياق، معلومات على أهمية بالغة وصلت الى بيروت في الأيام الأخيرة، استندت أساسا إلى كلام للودريان في مناسبة ذات طابع لبناني، قال فيه صراحة لمجالسيه أنه قد يكون من الأفضل للبنان إسقاط صفة الحصرية الحريرية والإنفتاح على خيارات أخرى”، بحسب “اللواء”.
المصدر: موقع المنار