ركزت الصحف اللبنانية الصادرة السبت على اخر تطورات مسار الملف الرئاسي اللبناني في ظل الاجواء السياسية التي استجدت منذ ايام، وركزت على الموضوع السوري ومسألة حلب والتجاذب الروسي الاميركي.
الأخبار
بري: سأجلس وأتفرّج
كتبت الاخبار تحت هذا العنوان: في انتظار إعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب ميشال عون رسمياً لرئاسة الجمهورية، لن يُقدم الرئيس نبيه بري على أي شيء، بعد أن عرض «خارطة الطريق… وما عجبتنش». وكلّما تأخر الحريري، كلّما تزداد مخاطر دخول عوامل جديدة على خطّ مبادرته، وانخفض منسوب التفاؤل في الرابية.
يؤكّد رئيس المجلس النيابي أنّه قدّم ما لديه من «خريطة طريق» تتناسب مع مضمون طاولة الحوار الوطني، وتتضمّن تفعيل العمل النيابي والحكومي وتخفّف النّفور القائم بين مختلف الفرقاء، تمهيداً للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية. لكن «خريطة الطريق تبعي ما عجبتنش… أنا هلق رح أقعد واتفرج»، يقول رئيس المجلس لـ«الأخبار». بالنسبة إليه، لم يسمع حتى الآن من الرئيس سعد الحريري ترشيحاً علنياً لرئيس تكتّل التغيير والإصلاح، ولم يحسم له أحد ممن زار السعودية حقيقة الموقف السعودي، وبالتالي، ما لم يسمع برّي موقف الحريري الواضح، فإن «ترشيح الحريري لعون لا يزال كلاماً». يعبّر رئيس المجلس عن امتعاضه من تظهيره وكأنه المعارض الوحيد لترشيح الحريري لعون، وهو يقرأ موقف حزب الكتائب أمس في «الملخّص الإعلامي» الذي يصله مساءً، ويقول: «شوف الكتائب شو عم يحكوا». ثمّ يعيد شرح ما يقصده بـ«السلة»، وكيف يمكن التفاهمَ على مندرجات طاولة الحوار، أن يسهّل على رئيس الجمهورية المقبل الكثير من مطبّات العهد الجديد.
هل سيشارك العونيون في جلسة انتخاب رؤساء ومقرّري اللجان النيابية؟ لا جواب حاسماً لدى رئيس المجلس، لكنّ ما يراه مناسباً هو أن يشارك الجميع في عملية الانتخاب. ولن تكون المشاركة بالنسبة إليه مؤشّراً على اعتراف التيار الوطني الحرّ بشرعية المجلس، فالجواب على شرعية المجلس أو عدمها، أخذها من مقابلة عون مع تلفزيون «أو. تي. في.» قبل أيام. أمرٌ آخر يزعج الرئيس برّي، وهو اتهامه بالعمل ضد الدستور، «أنا أكثر واحد حريص على الدستور، كتلتي هي الكتلة الوحيدة التي لا يتغيّب أعضاؤها عن حضور جلسات انتخاب الرئيس». ويقول برّي لـ«الحريصين على الدستور أكثر مني»: «توجّهوا إلى مجلس النواب ولننتخب رئيساً بحسب الدستور». ومع أن برّي ينتظر إعلان الحريري لترشيح عون قبل اتخاذ الموقف المناسب، إلّا أنه لا يرى أن الأمر قريب. ولا شكّ في أن زيارة الوزير علي حسن خليل لبكركي أمس تركت أثراً طيّباً عند رئيس المجلس، بعد أن تحدّث خليل والبطريرك الماروني بشارة الراعي بكلّ التفاصيل، وجرى شرح المواقف، وكذلك الاتفاق على التواصل المباشر بشكل دائم، منعاً لحصول «سوء تفاهم» جديد. وإذا كان رئيس المجلس لا يرى ترشيح الحريري لعون قريباً، فإن الأجواء الآتية من الرابية ليست أحسن حالاً، حيث بدأت أجواء التفاؤل الكبيرة التي لفّت الرابية خلال الأسبوعين الماضيين بالتراجع، لمصلحة الدخول في مرحلة انتظار قرار الحريري إعلان الترشيح. وهو ما تؤكّده مصادر مقرّبة من الحريري، بالقول لـ«الأخبار» إنه «لا نتوقّع أن يحصل الترشيح في الأيام العشرة المقبلة».
ويتخوّف العونيون من أن يطول أمد مبادرة الحريري من دون حصول تقدّم، ما يضع المبادرة تحت المزيد من التعقيدات ويدخل إليها عوامل جديدة، في وقت لا يزال فيه الاتصال على خطّ الرابية ــ عين التينة، على حاله، ولا يزال الموقف السعودي «ضبابياً».
وبعد موقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من مبادرة الحريري، نُقل في بيروت كلامٌ إضافي عن لسان مدير الاستخبارات السعودية خالد حميدان، بأنه «يعارض وصول عون إلى رئاسة الجمهورية».
وفيما برز أمس موقف عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوّاف الموسوي ودعوته «حليفينا العزيزين الكريمين، أي إخواننا في التيار الوطني الحر وحركة أمل، إلى الشروع في حوار مباشر وجدي من شأنه أن ينتج تفاهماً كما جرى من قبل إنجاز تفاهمات بيننا وبين حركة أمل، وبيننا وبين التيار الوطني الحر…»، ودعا إلى «تظهير التفاهمات التي قيل إنها قد أبرمت»، ينتظر أكثر من طرف سياسي كلام الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله، الذي من المفترض أن يطلّ ليلة العاشر من المحرّم بخطاب يتناول فيه التطوّرات السياسية في لبنان والمنطقة، مشيراً إلى الملفّ الرئاسي من زاوية التحالف الوثيق بين حزب الله وحركة أمل والتأكيد في الوقت نفسه أن عون هو المرشّح الوحيد لحزب الله.
سباق ما بعد الموصل: خرائط التقسيم حاضرة!
مع اقتراب موعد معركة الموصل، يتعالى الحديث عن مشاريع مستقبلية تُرسم لما بعد حقبة «الدولة الإسلامية ــ داعش» في محافظة نينوى وفي عاصمتها. ولعلّ الأبرز من بين تلك المشاريع، مقترح محلّي مدعوم تركيّاً ومرغوب فيه كرديّاً لتقسيم نينوى إلى ثماني محافظات، من بينها «سهل نينوى» الذي كان نوّاب أميركيون قد تقدّموا بمشروع لتحويله إلى محافظة تحت عنوان «حماية الأقلّيّات»
دعاء سويدان
من تكريت، إلى الرمادي، فالفلوجة، حاولت واشنطن إخضاع المعادلة الميدانية لحساباتها، وتمرير مشاريعها من بوّابة محاربة «داعش». نجحت، طوال الفترة التي أعقبت تشكّل قوّات الحشد الشعبي، في تأخير المعارك وتكثير البؤر الإرهابية وضرب القوى العراقية بعضها ببعض وتضعيف حكومة بغداد المركزية.
لكنها على الرغم من ذلك، لم تفلح في صدّ الموجة التي كانت تدفع باتّجاه استعادة الأراضي الخارجة عن سيطرة الدولة، أو أقلّه تلك المشتملة خطراً كبيراً على العاصمة.
اليوم، تظهر الموصل كأنها «الجوكر» الأخير الذي يمكن الإدارة الأميركية المقامرة به، لكن ليس على قاعدة «التخادم» مع الإرهاب ومناكفة الحشد الشعبي هذه المرّة، إنّما على ما هو أشدّ خطورة، كونه يتّصل برؤية واشنطن لمستقبل الأقلّيّات الدينية والإثنية في غرب العراق، وبتطلّعها إلى تقوية نفوذها في الشمال والشرق السوريّين، تحضيراً لهندسة أميركية محتملة لمآلات الصراع في سوريا.
منذ بدء المواجهات التمهيدية لمعركة الموصل، بدا واضحاً أن التحرّكات الأميركية العملياتية أو الإستشارية تدفع بقوّة باتّجاه حصر عناصر «داعش» في الصحراء الغربية للعراق، ما قد يدفعهم في حال عجز خندقهم الناري (الذي حفروه باتّساع مترين حول الموصل بغرض عرقلة تقدّم القوّات العراقية وحجب الرؤية عن طائرات الإستطلاع) عن تحقيق أهدافه، إلى تسليم المدينة والفرار باتّجاه مناطق الرقة ودير الزور؛ هناك حيث تسعى الولايات المتّحدة إلى إغراق الجيش السوري في دوّامة جديدة من الإستنزاف، وتعويم حلفائها وسط الأطراف المحتشدة لمحاربة «داعش»، ما يمكّنها لاحقاً من فرض شروطها السياسية على دمشق وحلفائها.
على المقلب العراقي، لا يبدو المشهد إلّا أكثر إقلاقاً. آخر التصريحات الصادرة عن واشنطن، على لسان نائب وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، تؤكّد أنّه لن «يتمّ السماح للحشد الشعبي بدخول مدينة الموصل بعد استعادتها»، وأن «قوة قبلية، تمّ تدريبها وتجهيزها، مكوّنة من 15 ألف شخص، أُنيطت بها مهمّة السيطرة على المدينة بعد تحريرها». تصريح ينبئ بأن الإدارة الأميركية ستجتهد في منع تشكّل مشهدية جامعة، ولو رمزيّاً، في عاصمة نينوى، وإدخال المدينة ضمن سلطة مستحدثة «طائفية» صافية، يتمّ فرضها تدريجيّاً تحت ستار «دمج المكوّنات»، بما يتوافق، في نهاية المطاف، مع تطلّعات أثيل النجيفي وطارق الهاشمي ومن لفّ لفّهما إلى «حكم سنّي».
في هذا السياق، ليس مشروع القرار الذي تقدّم به للكونغرس نوّاب جمهوريّون وديموقراطيّون، في أوائل أيلول الماضي، تفصيلاً عابراً. صحيح أنّه لن يلقى سبيله إلى التنفيذ على الأمد القريب، إلّا أنّه يبقى مشروعاً قائماً تمكن استعادته من الأدراج أنّى شاءت واشنطن، تماماً كما يتمّ التلويح دوريّاً بمشروع جو بايدن (القديم) لتشطير العراق إلى ثلاث دول، سنية وشيعية وكردية. يدعو مشروع القرار المشار إليه إلى تحويل سهل نينوى لمحافظة مستقلّة، وجعله منطقة غير متنازع عليها، متذرّعاً، في ذلك، بحقّ السكّان السريانيّين والآشوريّين والكلدانيّين (المسيحيّين) والأيزيديّين وغيرهم (تعمّد المشروع تمييع الإشارة إلى بقية المكوّنات التي تضمّ عرباً سنة وشيعة) في تقرير مصيرهم (وهي دعوة أعادت إحياء طموحات قديمة، تمتدّ إلى عام 2004، لإنشاء «كيان مسيحي» في سهل نينوى). هكذا، وجد مؤيّدو المشروع فرصتهم لبعث مناداة المؤتمر الآشوري العام والحركة الديموقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري بمنح المسيحيّين حكماً ذاتيّاً في منطقة سهل نينوى.
النهار
استحقاقات تشرين تتسابق نحو الموعد
كتبت النهار من جهتها : يدخل مطلع الاسبوع المقبل استحقاق بدء العقد الثاني لمجلس النواب في الثلثاء الاول بعد منتصف تشرين الاول على خط المسار الرئاسي الذي يبدو واضحاً ان تعقيداته أعادت فرض فرملة الاندفاعات التي ذهبت بعيداً في توقعات متسرعة. ذلك ان الاجتماع الذي ستعقده هيئة مكتب مجلس النواب برئاسة رئيس المجلس نبيه بري الاثنين المقبل لعرض لائحة المشاريع الطويلة لجدول أعمال الجلسة التشريعية التي سيدعو اليها الرئيس بري بعد انتخاب المجلس لجانه لدى بدء العقد السنوي الثاني، سيشكل اول الغيث في عملية جس النبض السياسي “القديم – الجديد” حيال مسألة تشريع الضرورة التي اصطدمت سابقا بالشروط والشروط المضادة وجعلت انعقاد الجلسات التشريعية للمجلس احدى القضايا الخلافية الاساسية التي تداخلت فيها الحسابات السياسية والرئاسية مع المعايير الدستورية.
واذا كانت مواقف القوى السياسية في معظمها لا تزال تقف عند حدود المواقف السابقة ولا سيما منها تلك التي تشترط ادراج ملف قانون الانتخاب بنداً أول في الجدول للموافقة على انعقاد جلسة تشريعية، فان مصادر نيابية وسياسية بارزة لفتت عبر “النهار” الى ان المناخ القائم حاليا في البلاد سيحتم رصد أثر المتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي في الاسابيع الاخيرة جراء التحرك الذي اطلق في شأن الملف الرئاسي وامكان تمددها الى الاستحقاق التشريعي. ولاحظت المصادر في هذا السياق انه اعتباراً من الاسبوع المقبل قد يكتسب المشهد السياسي والدستوري سواء بسواء مفارقة تتمثل في عدّ تنازلي للجلسة الانتخابية الرئاسية في 31 تشرين الاول التي يسبغ عليها طابع مفصلي مبدئيا لجهة حسم مصير خيار انتخاب رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون.
وأوضحت المصادر ان الاسابيع الفاصلة عن آخر تشرين الاول ستكتسب طابع حبس الانفاس ولو ان بعض الجهات السياسية بدأ يردد من اليوم ان موعد 31 تشرين الاول لا يجب احتسابه كنهاية لمسار “الانفتاح” على الخيارات الرئاسية ولا سيما منها خيار عون. غير ان الواقع يشير الى ان العماد عون الذي بدأ نهجاً مهادناً ومرناً واعتمد خطاباً يعكس جدية رهانه على تحرك الحريري في اتجاه ترشيحه لن يكون موقفه مضموناً بعد مرور جلسة 31 تشرين الاول من دون تغيير جذري وان يكن بات مستبعداً ان يتبدل واقع العلاقة الدافئة الناشئة بينه وبين الحريري. وفي أي حال، يبقى من المبكر الحكم على نتائج تحرك الحريري ما دام مستمراً في جدولة تحركاته خارجياً وداخلياً بما يعكس مضيه في استنفاد هذا التحرك قبل ان يطلق الاشارات المتصلة بموقفه النهائي.
بكركي وبري
وسط هذا المناخ شكلت زيارة المعاون السياسي للرئيس بري وزير المال علي حسن خليل لبكركي أمس مؤشراً لازالة غيوم التوتر الذي نشأ بين بكركي وعين التينة منذ الاحد الماضي. وصرح الوزير حسن خليل عقب لقائه والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: “نحن والبطريرك متفقون على معظم الامور المرتبطة بملف انتخاب رئيس الجمهورية وغيره من الملفات ولم أشعر على الاطلاق ان هناك تبايناً في الموقف بيننا”. واكد الحرص الكبيرللرئيس بري على بقاء التواصل مع بكركي، مشيراً الى تأييده لبيان مجلس المطارنة. وأفاد ان الرئيس بري “لم يعبر عن الموقف النهائي من انتخاب العماد عون ” وليس لدينا مواقف شخصية فالامر يتعلق بمجموعة تفاهمات طرحها الرئيس بري ولا تعني أي تقييد لرئيس الجمهورية ولصلاحياته… ونحن نحضر كل الجلسات ولم نعطل نصابا ولم نقاطع جلسة وسنبقى نحضر الجلسات، أما من ننتخب فهذا أمر نعبر عنه في أوانه”.
السفير
روسيا تطالب بـ«ضمانات رئاسية.. وتفاهمات متبادلة»
عندما طلب سعد الحريري موعداً رسمياً من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تجاوبت دوائر الخارجية الروسية بسرعة معه، لأسباب متعددة، منها «تشعّبات» مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان، و «المكانة» التي يحتلها الحريري شخصياً بوصفه نجل رفيق الحريري، من دون إغفال «الوزن السعودي» ذلك أن زعيم «المستقبل»، كما والده وإخوته، يحمل الجنسية السعودية!
بدت المعادلة واضحة قبل وصول الحريري. إذا كان الرجل يريد رئيساً للجمهورية على الطريقة التقليدية التي أنتجت كل الرؤساء في لبنان بعد الطائف، فالجواب واضح قبل أن ينزل سلم طائرته الخاصة في مطار موسكو: المعطيات الخارجية تشي بأن لا رئيس للجمهورية في لبنان لا الآن ولا في المستقبل القريب أو البعيد. العكس صحيح، ففي ظل الاشتباك الإقليمي ـ الدولي في سوريا والمنطقة بأسرها، وبعد الانتقال من ضفة «التفاهم» في سوريا الى ضفة قرع طبول الحرب الإقليمية، لا إمكانية لأن تكون هناك إرادة خارجية تفرض على اللبنانيين رئيساً كما جرت العادة، منذ ربع قرن من الزمن، بل على اللبنانيين أن يحنوا رؤوسهم في انتظار انتهاء «لعبة الكبار» في المنطقة.
هذا الكلام لم يقله أحد من المسؤولين الروس للحريري، ولكنهم أسرّوا به في آذان بعض المقرّبين منه. هم يفهمون أن يبادر زعيم «المستقبل» الى الطلب منهم أن يضغطوا على دمشق وطهران ومن خلالهما على «حزب الله» وباقي حلفائه من أجل انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية. حصل ذلك قبل نحو سنة، وثمة محاضر رسمية في وزارة الخارجية الروسية تؤكد ذلك. وبالفعل، تجاوب الروس وقتذاك، وأوفدوا ميخائيل بوغدانوف الى العاصمتين السورية والايرانية، ولكن من دون جدوى.
كان للمسعى الحريري ما يبرره آنذاك، لكن عندما أقدم زعيم «المستقبل» على تبني ترشيح ميشال عون (نظريا)، استنادا الى معادلة داخلية (شخصية الى حد كبير) لا تمت بصلة الى المعطيات الخارجية، هل كان لزاما عليه أن يطلب موعدا من القيادة الروسية؟
حتى الآن، لا يملك الروس تفسيرا لزيارة لم يكن يجب أن تحصل، فمن يريده الحريري رئيسا للجمهورية، يريده «حزب الله» منذ اللحظة الأولى للفراغ الرئاسي. في هذه الحالة، هل يجوز للحريري أن يستغل منبر الخارجية الروسية من أجل اطلاق الاتهامات ضد «حزب الله» جزافا؟
للمرشح الرئاسي وحده أن يكون الضامن قبل الانتخابات، خصوصا إذا كانت الثقة محصورة به وتكاد تكون شبه منعدمة بجزء لا يستهان به من محيطه.
بعد وصول المرشح إلى القصر الجمهوري، يمكنه أن يتبنى خطاب بكركي. لم يعد مسموحاً التفريط بما يملك الرئيس الماروني من صلاحيات. على العكس، المطلوب أن تؤدي كل الصياغات إلى تعزيز دوره والأهم ضمانته للجميع.
بكل الأحوال، لا يُصنع الرئيس بتمدد «مناخات كربلاء» سياسياً، الى الرابية، كما تبدت الصورة في الساعات الأخيرة. يُصنع الرئيس بدينامية سياسية وبامتلاك عنصر المبادرة، لا بالتشاطر أو الاشتراط ألّا ينزل إلى مجلس النواب إلا مرشح وحيد وضمانة سحب كل المرشحين مسبقاً، مخافة تهريبة رئاسية في اللحظة الأخيرة.
البناء
موسكو لفتح باب دي ميستورا لإخراج «النصرة»… وفيتو للمشروع الفرنسي
الحريري يمهّد بإعلان عون أحد الخيارات… وخليل يطبّع بين بري وبكركي
وقالت صحيفة البناء: يبدو شهر تشرين الأول شهراً حاسماً للبنان وسورية، ففيه تبدو روسيا قد وضعت ثقلها لتوظيف رئاستها لمجلس الأمن الدولي، مرفقاً بالثقل العسكري والتفاوضي اللازمين، للخروج بقرار أممي يضع مضمون التفاهم الروسي الأميركي إذا تعذّر وضع التفاهم ذاته موضع التطبيق، بينما تبدو الفرصة في لبنان أشدّ حرجاً مع تشرين الأول. فمرور الموعد المقرّر للجلسة النيابية المخصصة نهاية الشهر لانتخاب رئيس للجمهورية دون ملء الفراغ بتوافق ينتج رئيساً، سيكون للمسار الذي بدأه الرئيس سعد الحريري تحت عنوان فتح الباب لفرصة اعتماد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، مصيراً مشابهاً لمسار اعتماد ترشيح النائب سليمان فرنجية.
في تشرين الأول الروسي لسورية تبدو الأيام السبعة المقبلة هي الأهمّ، فمن جهة يفرض التطور العسكري في ميادين شرق حلب إيقاعه، مع التقدّم المتواصل للجيش السوري الذي بلغ أمس أجزاء هامة من حي صلاح الدين، وتلة ابي سعيد التي تشرف على أحياء السكري وابي سعيد عدا التقدّم المستمر في حي بستان الباشا وتفرّعاته في حلب القديمة، ومن جهة مقابلة بدأت ثمار التفوّق الميداني المدعّم بلغة روسية وإجراءات عسكرية حاسمة يعطيان ثمارهما، عبر ما طرحه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في مبادرته، تحت عنوان عريض هو مقايضة وجود «النصرة» بوقف النار، وهو ما قبلته موسكو كمبدأ، ومدخل للتفاوض.
تتحرك موسكو على جبهتين، تغلق الباب لكلّ البدائل لمشروع دي ميستورا، فتعلن إشهار الفيتو بوجه المشروع الفرنسي، وتشهر سلاح الردع العسكري بوجه التلميحات الأميركية عن فرضيات عسكرية، من إعلان جهوزية الشبكات الصاروخية للدفاع للجوي بالتصدّي لأيّ عمل عسكري أميركي، إلى حشد المزيد من السفن الحربية، وتوثيق الاتفاقيات العسكرية مع سورية بمصادقة البرلمان الروسي، وصولاً إلى تصعيد التغطية النارية لعمليات الجيش السوري في شمال سورية ووسطها وجنوبها، واستثمار ما يرد من وقائع حول انشقاقات ومعارك ضارية في صفوف الجماعات المسلحة، أهمّها تشقق جيش إدلب الحر وانضمام فصيل صقور الجبل إلى جبهة النصرة، بعدما تبنّت واشنطن هذا التشكيل وسلّمته أسلحة نوعية تقول التقارير الأميركية إنها باتت اليوم بيد «النصرة»، لتسألها موسكو، أين المعارضة المعتدلة التي تتحدثون عنها، بينما تخوض «أحرار الشام» و«جند الأقصى» حرب تصفيات، شهدت إعدامات بالعشرات في ريف إدلب الجنوبي، وانضمّ إليها بمؤازرة «أحرار الشام» كلّ من جماعة «نور الدين زنكي» و«جيش الإسلام»، وكلها فصائل مدعومة من واشنطن، وأصدروا بيان إنذار لجند الأقصى عنوانه «العودة إلى شرع الله وإلا».
ترسم موسكو خارطة طريق لتشرينها السوري، بإغلاق المنافذ أمام أيّ بدائل سياسية وعسكرية لدى الغرب، لجعل مبادرة دي ميستورا ممراً إلزامياً لمفاوضات تعرف أنها شاقة وطويلة ومشتعّبة، فالمبادرة سيئة في كلّ شيء ما عدا تسليمها بمعادلة خروج «النصرة» مقابل وقف النار، وكلّ ما عداها يحتاج تعديلات ومفاوضات، ومعهما المزيد من جرعات الدواء الذي جعل المبادرة تبصر النور، وهو الضغط العسكري، الذي سيسبق خطوات دي ميستورا إذا تباطأ.
تشرين اللبناني الضيّق المجال على الاستحقاق الرئاسي، هو الآخر فيه سبعة أيام حاسمة، لكنها ليست أسبوعاً متصلاً، بل هي الأيام التي تتقاطع فيها روزنامة رئيس مجلس النواب نبيه بري مع روزنامة الرئيس سعد الحريري في بيروت، وهي الأيام ما بين السابع عشر والعشرين من هذا الشهر وما بين الثامن والعشرين والحادي والثلاثين منه، فالحريري يسافر لعشرة أيام يعود بعدها، وبري يسافر في النصف الثاني لأسبوع كامل. وفي هذه الأيام السبعة ستستعرض حصيلة المشاورات الداخلية والخارجية للحريري، وقياس مدى نضجها لإنتاج حصاد رئاسي في جلسة الحادي والثلاثين من هذا الشهر، بينما بدأ الحريري خطوة التمهيد الأولى بإعلان كتلة المستقبل على لسان النائب عمار حوري أنّ الكتلة باتت بمناخ اعتماد العماد عون كخيار جدي مطروح بين الخيارات الرئاسية، بانتظار المزيد من المشاورات، بينما تكفل كلّ من مشاركة التيار الوطني الحر في جلسة الحكومة أول أمس وزيارة وزير المال علي حسن خليل إلى بكركي بتذليل العقبات من طريق البحث بعيداً عن ايّ تشنّجات ومعارك جانبية بملفات التفاهمات التي يتوقف عليها التقدّم نحو الاستحقاق الرئاسي بتوافق شامل، وفي مقدّمتها قانون الإنتخابات النيابية، وأزالت التشنّجات والاحتقانات التي سيطرت على الجو السياسي لأيام مضت، لتفتح الطريق الهادئ أمام المحادثات والمفاوضات، التي لا يعترف بها الجميع وهم يعرفونها، ويعرفون أنها ليست أسهل من المفاوضات التي تنتظر مبادرة دي ميستورا بخصوص حلب، كي لا يصير الخطاب عن ملء الفراغ الرئاسي بعد الفشل «أنه حصرم رأيته في حلب».مبادرة الحريري تحظى بقبول سعودي .
حتى الساعة لا شيء يوحي أن جلسة انتخاب في 31 الشهر الحالي لن تكون على غرار الجلسات الـ 45 الماضية. في بيت «المستقبل»، هناك شبه تأكيد أن الجلسة الـ 46 لن تأتي برئيس للجمهورية، المشاورات لم تنته، والأمور لم تنضج بعد، والرئيس سعد الحريري سيغيب بدءاً من الاسبوع المقبل نحو عشرة أيام في جولة تقوده الى مصر وفرنسا وتركيا والسعودية. ولا يكاد الحريري يعود، حتى يسافر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جنيف للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي من 21 الشهر الحالي حتى 28 منه. وقبل سفره من المؤكد أن الرئيس بري، الذي يترأس اجتماع هيئة مكتب المجلس الاثنين، سيدعو الى جلسة عامة بعد أول ثلاثاء من 15 تشرين الأول.
وأكد قيادي بارز في تيار المستقبل لـ«البناء» أن «لا معطيات جديدة لتُبحث وتقرّب الأمور أكثر نحو إنهاء الفراغ في سدة الرئاسة»، لافتاً الى أن ما توفر الاسبوع الفائت من معوقات لم تذلل بعد، لكن الواضح الذي تبين للجميع ومن بينهم العماد ميشال عون، أن مشكلة الأخير ليست مع الرئيس سعد الحريري.
المستقبل
واشنطن للتحقيق في جرائم حرب وموسكو تحشد عسكرياً
لم يتوقف التراشق الكلامي بين الولايات المتحدة وروسيا مع استمرار قاذفات الصواريخ والقنابل المتفجرة الروسية – الأسدية في حصد المزيد من أرواح المدنيين في سوريا ولا سيما في حلب، حيث أوقع الثوار خسائر في الأرواح في الميليشيات التابعة لإيران، على الرغم من استمرار موسكو في تعزيز ترسانتها العسكرية.
إلا أن هذه المبارزة الكلامية بين الدولتين العظميين ازدادت حدة، ففيما طالبت واشنطن بالتحقيق في جرائم حرب يقترفها الروس وبشار الأسد، رأت باريس أن تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار حول سوريا سيشكل «لحظة الحقيقة» بالنسبة الى روسيا، التي لوحت بسلاح الفيتو ضد مشروع القرار هذا.
ففي الولايات المتحدة طالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتحقيق حول «جرائم حرب» يستهدف النظام السوري وحليفته روسيا بعد ضربة جديدة لمستشفى في مدينة حلب.
وقال كيري «الليلة الماضية هاجم النظام مجدداً مستشفى حيث قتل 20 شخصاً وأصيب مئة. على روسيا والنظام أن يقدما للعالم أكثر من تفسير لأسباب عدم كفهما عن ضرب مستشفيات وبنى تحتية طبية الى جانب أطفال ونساء».
وطالب كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي جان مارك آيرولت «بتحقيق ملائم في (حصول) جرائم حرب».
وقال الوزير الأميركي الذي صعّد لهجته في الأيام الأخيرة منذ وقف الحوار بين واشنطن وموسكو حول سوريا، إن «من يرتكبون (ذلك) ينبغي تحميلهم مسؤولية أفعالهم. هذا الأمر ليس مجرد حادث. إنه استراتيجية محددة الهدف لترهيب المدنيين وجميع من يقف في وجه (تحقيق) أغراضهم العسكرية».
ورداً على كيري، ذكرت وكالة إنترفاكس للأنباء أن وزارة الخارجية الروسية قالت إنها ترى عواقب قانونية لتعليقات وزير الخارجية الأميركي الذي قال إنه ينبغي التحقيق في أفعال الحكومتين الروسية والسورية في سوريا باعتبارها جرائم حرب محتملة.
ويزور وزير الخارجية الفرنسي واشنطن بعد موسكو حيث بحث مشروع قرار دولياً أبدت روسيا استعدادها «للعمل» عليه مع شروط. وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر لصحافيين قبل بدء جلسة مغلقة لمجلس الأمن لبحث النزاع السوري إن «الأولوية هي لوقف حمام الدم في حلب».
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن تصويت مجلس الأمن الدولي السبت على مشروع قرار حول سوريا أعدته باريس سيشكل «لحظة الحقيقة» بالنسبة الى روسيا.
وصرح آيرولت للصحافيين في مقر الخارجية الأميركية في حضور كيري «غداً ستكون لحظة الحقيقة، لحظة الحقيقة بالنسبة الى جميع أعضاء مجلس الأمن: هل تريدون، نعم أم لا، وقفاً لإطلاق النار في حلب؟ والسؤال يُطرح خصوصاً على شركائنا الروس».
ويصوت مجلس الأمن على مشروع قانون يطالب بإنهاء فوري للضربات الجوية والطلعات الجوية العسكرية فوق مدينة حلب، لكن يبدو أن روسيا ستلجأ للفيتو لمنع صدوره.
ويناقش أعضاء المجلس الخمسة عشر منذ أسبوع مسودة القرار التي أعدتها فرنسا وإسبانيا. ودعي الأعضاء للتصويت بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي لموسكو وواشنطن.
وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين «هذه ليست مسودة تصلح لتبنيها. لدي شك في أن الدافع الحقيقي هو دفع روسيا لاستخدام الفيتو.. لا أرى كيف يمكننا أن نترك مثل هذا القرار يمر».
ويحتاج أي مشروع قرار لتأييد تسعة أعضاء من دون لجوء أي من الأعضاء الخمسة الدائمين للفيتو.
وفي سياق مقارب، أظهر تحليل أجرته «رويترز« لبيانات معلنة أن روسيا عززت قواتها في سوريا منذ انهيار وقف إطلاق النار في أواخر أيلول الماضي حيث أرسلت قوات وطائرات وأنظمة صاروخية متطورة.
وتشير البيانات إلى تضاعف حجم الإمدادات عن طريق الجو والبحر مقارنة مع فترة قاربت الأسبوعين قبل الهدنة.
وهذا أكبر نشر عسكري روسي في سوريا على ما يبدو منذ أن قال الرئيس فلاديمير بوتين في آذار الماضي إنه سيسحب بعضاً من قوات بلاده من هناك.
وقال محللون عسكريون إن القوة البشرية الإضافية ربما تشمل متخصصين لتشغيل نظام إس-300 لصواريخ أرض – جو الذي نشر في الآونة الأخيرة. وأضافوا أن ذلك النظام سيحسن قدرة روسيا على السيطرة على المجال الجوي في سوريا حيث تدعم قوات موسكو بشار الأسد وقد يكون الهدف منه ردع أي تحرك أميركي أكثر صرامة.
الغموض غير البناء سيمدد لاسبوعين بانتظار عودة الرئىس سعد الحريري من رحلته الخارجية الى الرياض وانقرة والقاهرة وباريس وستأخذ وقتا قد يمتد لـ 12 يوما على ان يعود ويلتقي القيادات الدينية وتحديدا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وتكون محطته الاخيرة في الرابية ليبلغها قراره النهائي بترشيح العماد ميشال عون او فشله في تسويقه محليا ودوليا رغم ان كل اوساط المستقبل ونواب 14 آذار والمحيطين بالحريري يؤكدون انه حسم خياره بترشيح العماد ميشال عون ويبقى اخذ البركة وهذا هو الاساس.
الرئيس سعد الحريري سيعود الى لبنان بين 19 و21 تشرين الاول وحتى ذلك التاريخ سيبقى اللبنانيون على اعصابهم «خبرية تأخذهم باتجاه حسم خيار العماد عون وخبرية بتجيبهم بفشل هذا الخيار، حتى ساعة الحقيقة.
وما بين اليوم وموعد عودة الحريري ستبقى الاتصالات والمشاورات وسيتخللها محطة شعبية عونية بذكرى 13 تشرين الاول وحدد الاحتفال يوم 16 تشرين الاول على طريق القصر الجمهوري لرمزية هذا المكان.
«المهاتما» عون سيتحدث بالمناسبة وسيواصل رسائله الايجابية وسياسة اليد المفتوحة لكل اللبنانيين وسيرد على سلة بري بسلة زهور، سيوزعها على كل القيادات السياسية والدينية حتى ان العماد عون اوعز لنوابه التخفيف من الاطلالات الاعلامية لتجنب اي هفوة وعدم الدخول في سجالات.
اما على خط بكركي عين التينة «سبحان مين يغير الاحوال»، وانقشعت الرؤى بين الرئيس بري والبطريرك الراعي وتوجت برسالة ودية حملها وزير المال علي حسن خليل الى سيد بكركي وتضمنت عبارات الثناء والاحترام ووقوف عين التينة على خاطر البطريرك ووصلت الامور الى حد اداء الوزير علي حسن خليل التحية العسكرية للبطريرك الراعي قبل ان يتصافحا بحفاوة امام عدسات الكاميرات واعلن خليل «كل شيء يريح بكركي نحن جاهزون له»، واشار الى اننا بحثنا في الاستحقاق الرئاسي واهمية تسهيل اجرائه بأقرب فرصة، مع التأكيد على عدم وجود اي تباين وتعبير «السلة» اصبح مستخدما اعلاميا ولكن الهدف منها هو التفاهم ودعت قناة «المنار» في نشرتها المسائىة الى التمعن بالرسائل الايجابية بين عين التينة وبكركي التي وصلت الى الجميع، وذكرت المنار ان «الرياح تمشي بما تشتهي سفن الحلول».
«العونيون» مرتاحون للتطورات والمشاورات ويعتبرون ان فترة الانتظار لصالحهم والمطلوب عدم سلق الامور وهذا يستلزم وضع الطبخة على نار خفيفة كي لا تحترق من المتربصين شرا، ويجزمون ان انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية بات محسوما حتى ان اوساطا سياسية تؤكد ان العماد عون بدأ بإعداد خطاب القسم وهو مرتاح للتطورات والمشاورات يمينا ويسارا ولجهود سعاة الخير الذين يحظون بثقة عون، كما ان «الثقة» بالحريري ثابتة في الرابية، وتبقى الثقة الاكبر بحارة حريك ومواقفها وثوابتها حيث اطمئنان العماد شامل وحاسم «ولا يدير اذنيه» لاصحاب النوايا السيئة والخبريات.
المصدر: صحف