أكد الإمام السيد علي الخامنئي، أن “اسرائيل” ليست بلداً بل إنها قاعدة إرهابية، وأن “الصهاينة حوَّلوا فلسطين المغتصبة منذ البداية إلى قاعدة للإرهاب”، معلناً أنّ “الخطّ البياني الانحداري باتجاه زوال العدوّ الصهيوني قد بدأ وسوف لن يتوقف”.
وشدد سماحته في الكلمة التي ألقاها الجمعة بمناسبة يوم القدس العالمي، على أن “النظام الرأسمالي خطط لحرمان شعب من موطن آبائه وأجداده ليقيم مكانه كيانا ارهابيا وأناسا غرباء من شذاذ الآفاق”. وتساءل السيد القائد قائلا “أي منطق أكثر سُخفاً وهزالاً من المنطق الواهي لتأسيس الكيان الصهيوني؟” موضحاً أن “الأوروبيون- بناء على ما يدّعون- قد ظلموا اليهود في سنوات الحرب العالمية الثانية، وعلى هذا يجب الانتقام لليهود بتشريد شعب في غرب آسيا وارتكاب مجازر رهيبة في ذلك البلد!”.
وقال سماحته “إن مكافحة هذا الكيان السفّاك، هي كفاح ضد الظلم ونضال ضد الإرهاب، وهذه مسؤولية عامّة”.
وأشار آية الله الخامنئي الى “اجتماع المعسكرين الشرقي والغربي واتفاق كلمتهم على ضرورة ولادة الكيان الغاصب، وبالفعل ولد الكيان الصهيوني”، لافتاً إلى أن “وضع العالم الإسلامي في الوقت الراهن ليس كما كان عليه في السابق، بل إن موازين القوى انتقلت لصالح العالم الاسلامي، كما أن الاحداث التي وقعت برهنت مدى ضعف الغرب”.
كما رأى السيد الخامنئي أن “نمو قوى المقاومة في معظم البلدان الإسلامية وتصاعد قدراتها وتوجه الشعوب الإسلامية نحو الالتزام بالتعاليم الاسلامية والقرآنية مؤشرات مباركة”، داعياً الى “ضرورة التكامل بين الدول الاسلامية وأن يكون محور هذا التكامل هي القضية الفلسطينية”.
وأكد أن “عاملين يرسمان المستقبل هما استمرار المقاومة وتعزيز مسار الجهاد والشهادة، وكذلك الدعم العالمي للمجاهدين”.
من جهة ثانية، قال الامام الخامنئي إن “هذه السنوات قد اقترنت بالتدخل الغربي الفاعل في البلدان الإسلاميّة بهدف فرض العلمانية، والقومية المتطرفة العمياء وتسليط الحكومات المستبدة، والمبهورة بالغرب أو العميلة له”، مضيفاً أن “أحداث تلك السنوات في إيران وتركيا والبلدان العربية في غرب آسيا حتى شمال أفريقيا، تكشف هذه الحقيقة المُرّة، حقيقة أن الضعف والتفرقة في الأمّة الإسلاميّة عوامل مهّدت لاغتصاب فلسطين وبذلك نزلت ضربة عالم الاستكبار هذه على الأمّة الإسلاميّة”.
وفي السياق، قال الامام الخامنئي إنّها “لعِبرةً أنّ نرى في تلك الفترة المعسكرين الرأسمالي والشيوعي كلاهما يعقدان صفقة تكامل مع القارون الصهيوني، بريطانيا خططت لأصل المؤامرة وتابعتها، والرأسماليون الصهاينة قد تولّوا تنفيذها بالمال والسلاح، والاتحاد السوفيتي كان أول دولة اعترفت رسمياً بهذا الكيان اللاشرعي، ودفعت نحوه بحشود اليهود”، مضيفاً أن “هذا الكيان الغاصب، هو حصيلة تلك الأوضاع في العالم الإسلامي من جهة، وهذا التآمر والهجوم والعدوان الأوروبي من جهة أخرى”.
ولفت الامام إلى أن “موازين القوى تغيرت اليوم لصالح العالم الإسلامي، فالحوادث السياسية والاجتماعية المختلفة في أوروبا وأمريكا قد كشفت وعرّت أمام شعوب العالم ما يعانيه الغرب من ألوان الضعف وأنواع الخلل العميقة البنيويّة منها والإدارية والأخلاقية. قضايا الانتخابات في أمريكا، والتجربة المفنضحة للإدارة المتبجحة والمتكبرة فيها، وهكذا المواجهة الفاشلة خلال عام تجاه جائحة كورونا في أمريكا وأوروبا وتداعياتها المُخجلة، والفوضى السياسية والاجتماعية الأخيرة في أهم البلدان الأوروبية. كلّ ذلك مؤشر على ما يعانيه معسكر الغرب من هبوط وأفول”.
من جهة أخرى، لفت الامام لفت الامام إلى “النمو المتزايد لقوى المقاومة في أكثر المناطق الإسلامية حساسيّة، وتصاعد قدراتها الدفاعية والهجومية، وتنامي الوعي الذاتي والدافع والأمل بين الشعوب المسلمة، وتزايد التوجه نحو تعاليم الإسلام والقرآن، والتطور العلمي، وتصاعد روح الاستقلال والاعتماد على الذات بين الشعوب، كلّها مؤشرات مباركة تبشر بغد أفضل”.
وفي السياق، أكد الامام على ضرورة أن “هذا المستقبل المبارك يتطلب أن يكون التكامل بين البلدان الإسلامية هدفاً محوريّاً وأساسياً”، موضحاً أن “محور هذا التكامل قضيّة فلسطين كلّ فلسطين، ومصير القدس الشريف. وهذه هي الحقيقة نفسها التي هَدَت القلب المنير للإمام الخميني العظيم (رضوان الله تعالى عليه) ليُعلن اليوم العاملي للقدس في آخر جمعة من شهر مضان المبارك”.
وتابع الامام “إنّ تكامل المسلمين حول محور القدس الشريف، هو كابوس العدوّ الصهيوني وحماته الأمريكيين والأوروبيين. إن مشروع “صفقة القرن” الفاشل ثم المحاولة لتطبيع عدد من البلدان العربية الضعيفة علاقاتها مع العدو الصهيوني، إنما هيَ مساعٍ متخبطة للفرار من ذلك الكابوس”.
وقال الامام “ثمة عاملان مُهمّان يرسمان المستقبل: الأول – والأهم- تواصل المقاومة داخل الأرض الفلسطينية وتقوية مسار الجهاد والشهادة، والثاني الدعم العالمي للمجاهدين الفلسطينيين من قبل الحكومات والشعوب المسلمة في أرجاء العالم”.
هذا وخاطب الامام الخامنئي الشبابَ العربي “بلغتهم”، قائلاً “السلام على أحرار العرب جميعاً وخاصة الشباب منهم، والسلام على الشعب الفلسطيني المقاوم، وعلى المقدسيين المرابطين في المسجد الأقصى. السلام على شهداء المقاومة وعلى رعيل المجاهدين الذين ضحّوا بحياتهم على هذا الطريق، وأخصّ بالذكر الشهيد أحمد ياسين، والشهيد السيد عباس الموسوي، والشهيد فتحي الشقاقي، والشهيد عماد مغنية، والشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد أبا مهدي المهندس، ثم القامة الرفيعة لشهداء المقاومة الشهيد قاسم سليماني… فكلّ واحد من هؤلاء بعد حياتهم المعطاءة المباركة قد ترك بشهادته آثاراً مهمة في بيئة المقاومة”.
وأضاف السيد الخامنئي أنّ “مجاهدات الفلسطينيين والدماء الطاهرة لشهداء المقاومة استطاعت أن تحافظَ على هذه الراية المباركة مرفوعة، وأن تُضاعف مئات المرات القدرة الذاتية للجهاد الفلسطيني، إنّ الشباب الفلسطيني كان يدافع عن نفسه يومياً بالحجارة، واليوم فإنه يردّ على العدوّ بإطلاق الصواريخ الدّقيقة”.
ورأى السيد أن “الحكومات والشعوب المسلمة بأجملها تتحمّل إزاءَ القضية الفلسطينية واجباً وعليها مسؤولية، لكن محورَ هذه المجاهَدة هم الفلسطينيّون أنفسهم، وهم أربعة عشر مليوناً داخل الأرض المحتلة وخارجَها. والعزيمةُ الموحّدة لهذه الملايين من شأنها أن تحقّق إنجازاً عظيماً”.
من جهة ثانية، أكد الامام أنّ “الوحدةَ اليوم هي أعظمُ سلاحِ الفلسطينيين”، متابعاً “أعداءُ وحدةِ الفلسطينيين هم الكيان الصهيوني وأمريكا وبعض القوى السياسية الأخرى، ولكن هذه الوحدةَ إن لم تتصدّع من داخل المجتمع الفلسطيني فإن الأعداء الخارجيين سوف لن يكونوا قادرين على فعل شيء”.
وأضاف الامام “إنّ محورَ هذه الوحدة يجب أن يكون الجهادُ الداخلي وعدمُ الثقة بالأعداء. والسياسات الفلسطينيّة ينبغي أن لا تعتمد على العدو الأساس للفلسطينيين أي أمركيا والإنجليز والصهاينة الخبثاء”، مشيراً إلى أن “الفلسطينيون، سواء في غزة أم في القدس أم في الضفة الغربية وسواء كانوا في أراضي ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين أو في المخيّمات، يشكلون بأجمعهم جسداً واحداً، وينبغي أن يتّجهوا إلى استراتيجية التلاحم، بحيث يدافعُ كلُّ قطاعٍ عن القطاعات الأخرى، وأن يستفيدوا حينَ الضغطِ عليهم من كلّ ما لديهم من مُعدّات”.
وقال الامام “إنّ الأمل في النصر اليوم هو أكثر مما مضى. موازينُ القوى تغيّرت بقوّة لصالح الفلسطينينن. العدوّ الصهيوني يهبط إلى الضُعف عاماً بعد عام، وجيشُه الذي كان يقول عنه إنّه “الجيش الذي لا يُقهر” هو اليومَ بعد تجربةِ الثلاثة والثلاثين يوماً في لبنان، وتجربة الإثنين وعشرين يوماً وتجربة الأيام الثمانية في غزّة، قد تبدّل إلى “جيشٍ لن يذوقَ طعم الانتصار”. هذا الكيان المتبجّح في وضعه السياسي قد اضطُرّ خلال عامين إلى إجراء أربعةِ انتخابات، وفي وضعهِ الأمني بعد هزائمه المتلاحقةِ ورغبةِ اليهودِ المتزايدةِ في الهجرة العكسيّة يشهد فضيحةً تلو فَضيحة”.
هذا وأكد السيد أن “الجهود المتواصلة التي بذلها بمساعدة أمريكا للتطبيع مع بعض البلدان العربيّة هي ذاتها مؤشّر على ضعفِ هذا الكيان. وطبعاً سوف لا تجديه نفعاً. فإنّه أقام قبل عشرات السنين علاقات مع مصر، ولكن منذ ذلك الوقت حتّى الآن والعدوّ الصهيوني أكثر ضعفاً وأكثر تصدُّعاً. تُرى مع كلّ هذا، هل إنّ العلاقاتِ مع عددٍ من الحكوماتِ الضعيفةِ والحقيرة قادرةٌ على أن تنفعه؟! بل تلك الحكومات بدورها سوف لن تنتفعَ من هذه العلاقات، فالعدوّ الصّهيوني سوف يعيثُ فساداً في أرضهم وأموالهم وأمنهم”.
ورأى أن “منطق النضال الفلسطيني والذي سجّلته الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية في وثائق الأمم المتحدةِ هو منطقٌ راقٍ وتقدّمي. المناضلون الفلسطينيون يستطيعون بموجبه إجراء استفتاء بين السُكّان الأصليين لفلسطين. وهذا الاستفتاء يُعيّن النظامَ السياسي للبلد، وسيُشارك فيه السكان الأصليّون، من كلِ القوميّات والأديان، ومنهم المشردون الفلسطينيون. والنظام الجديد يعيدُ المُشردين إلى الدخل ويَبُتُّ في مصير الأجانب المستوطنين”، مضيفاً أن “المُجاهدين الفلسطينيين يجب أن يواصلوا باقتدارٍ نضالَهم المشروعَ والأخلاقي ضدّ الكيان الغاصب حتّى يرضَخَ هذا الكيان لقبول هذا الاستحقاق”.
المصدر: ارنا