لبست فلسطين ثوب المقاومة لتتجلى في ابهى صورها من باب العامود في القدس الى الخليل الى الضفة وغزه لتبدو كالبنيان المرصوص منتفضة ضد الاحتلال الاسرائيلي في مشهد جسد اللحمة الفلسطينية التي اربكت ادارة العدو الصهيوني بكل مفاصلها، بعدما ايقن العدو الاسرائيلي ان المقدسيين بانتفاضتهم استطاعوا قلب الطاولة وتغيير المعادلة التي ظن انها ستبقى سائدة.
ان المعادلة الاسرائيلية التي كانت قائمة بفرض الرقابة التفصيلية لتحركات كل من يمر أو يجلس على مدرج باب العامود لم تمنع المقدسيين من الانتفاض ومن باب العامود تحديداً تعبيراً عن رفضهم لاجراءات سلطات الاحتلال التعسفية؛ الامر الذي اصاب سلطات الاحتلال بالهيستيريا خاصة أن باب العامود يمثل اهمية خاصة لليهود القاصدين حائط البراق و لأن استمرار وجود هذا الكم الكبير من الفلسطينيين على مدرجه في شهر الصوم المبارك يشكل بالنسبة لليهود خطرا أمنيا، لذا تسعى سلطات الاحتلال إلى تثبيت واقع المراقبة الدائمة على الفلسطينيين ومنعهم من التواجد في منطقة الباب تمهيداً لتغيير هذا الواقع بشكل جذري لصالح التهويد التدريجي .
ان اهمية الانتفاضة المقدسية لا تقتصر على باب العامود كونها استطاعت توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، بل ان اهمية انتفاضة باب العامود تكمن في التعبير عن رفض المقدسيين للاغتيال الاسرائيلي المنظم للمدينة واهلها و كذلك هي رفض لتهويدها ولصفقة القرن ولأي مساس او تعديل للاماكن المقدسة او لتغيير الوصاية الهاشمية عليها بالاضافة الى اصرار الشعب الفلسطيني على تمسكه بهوية مدينة القدس العربية، وبمعنى اوضح انها قضية وطن وقضية حياة وكرامة الانسان الفلسطيني.
انتفاضة المقدسيين اتت في لحظة تاريخية وحسب توقيت باب العامود في القدس فكان لها الاثر الايجابي البالغ، خصوصاً ان العدو الاسرائيلي وعلى المستوى السياسي يعيش أزمة سياسية داخلية، ولا يبدو أن احداً ما في الداخل الاسرائيلي يمتلك أفقاً لحل قريب لتلك الازمة. فالخبراء الإسرائيليون أنفسهم يقرّون بأن الجبهة الداخلية مربكة وغير جاهزة لأي مواجهة لا عسكرية ولا سياسية، خصوصاً بعد نكسة الاخفاق الاسرائيلي وانكشاف دوره المباشر كداعم رئيسي لمخطط الاطاحة بملك الاردن عبدالله الثاني بهدف تسهيل تمرير صفقة القرن ونقل الوصاية على الاماكن المقدسة في القدس من الهاشميين في الاردن الى المملكة السعودية.
الفلسطينيون قالوا كلمتهم إما معادلتنا الرافضة للتهويد وللتطبيع ولصفقة القرن واما الانتفاضة عائدة من باب العامود.
وبالنظر الى ما آلت اليه المواجهات بين الفلسطينيين وخصوصاً المقدسيين منهم وبين سلطات الاحتلال في المدينة نستطيع القول نعم لقد انقلب السحر على الساحر، فالاحتلال توقع عدم تصاعد الانتفاضة وأن تمر إجراءاته الجائرة والخبيثة في المدينة مرور الكرام، لكن العدو الصهيوني فوجئ بل انه صُدم وعلى مختلف المستويات السياسية والامنية باصرار الشباب المقدسي على مواجهة قوات الاحتلال بصدوره العارية رفضاً لكل المحاولات الهادفة الى تهويد المدينة.
من هنا يتضح لنا بان انتفاضة باب العمود هي انتفاضة مجيدة انتصاراً لقضية شعب وقضية تحرر وطن يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي وليست بمشكلة تنظيم مرور.
الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه
المصدر: خاص