أفادت وزيرة السياحة التونسية، سلمى اللومي، أن السياح الروس والجزائريين أنقذوا السياحة التونسية في أعقاب موسم صعب في 2015، على الرغم من الأضرار التي لحقت بالقطاع جراء الإرهاب وتحذير بريطانيا مواطنيها من السفر إلى الوجهة التونسية منذ أكثر من عام.
وقالت اللومي في مقابلة خاصة ان خطط إنقاذ الموسم السياحي في 2016 مكنت من تحقيق نتائج فاقت التوقعات بفضل توافد السياح الروس والجزائريين بشكل خاص.
وأوضحت الوزيرة أن عدد السياح الروس تجاوز العام الجاري وحتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي 570 ألفا، بينما بلغ عدد السياح الجزائريين خلال نفس الفترة نحو مليون و250 ألفا.
وقالت اللومي «التراجع الكبير في الأسواق التقليدية (أوروبا الغربية) دفعنا الى البحث عن أسواق أخرى في أوروبا الشرقية ، كما قمنا بتنشيط أكبر للسوق الجزائرية التقليدية».
وإجمالا وصل عدد السياح الوافدين على تونس حتى نهاية سبتمبر أكثر من 4 ملايين و300 ألف، ويتوقع أن يتخطى عتبة خمسة ملايين مع نهاية العام الجاري، وهو الهدف المعلن للوزارة في عام 2016، لكنه يظل بعيدا عن أرقام ما قبل الثورة في 2011 والذي يناهز في العادة 7 ملايين سائح سنويا.
وعلى العموم فإن أرقام السياح الروس الحالية لا تقارن بعددها في عام 2015، والتي لم تتجاوز 40 ألفا. وعمليا استفادت تونس بشكل غير مباشر من الأزمة السياسية بين موسكو وأنقرة هذا العام ، ومن سقوط الطائرة الروسية في سيناء المصرية، وهو ما ساهم في فتح أبواب تونس على مصراعيها لوكالات الأسفار الروسية.
وقالت اللومي «حتى مع عودة العلاقات الروسية التركية فإن الأرقام مازالت في صعود، خلال 10 أيام بين يومي 20 و30 سبتمبر قدم إلى تونس نحو 50 ألف سائح روسي».
وحسب الوزيرة، فإن هذه الطفرة في السوق الروسية أدت إلى إعادة فتح 94 نزلا من بين 120 كان اصحابها أغلقوها تحت وطأة الأزمة في أعقاب الهجمات الإرهابية العام الماضي.
والأهم من ذلك، نجح القطاع في التعافي بشكل تدريجي ماليا عبر الحد من نسبة الانكماش في العائدات من 54 في المئة في شهر يناير/كانون ثاني الماضي مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، إلى 8 في المئة في نهاية سبتمبر مقارنة بنفس الشهر من عام 2015 .
وكان يتعين على تونس تعويض حصتها السنوية لدى الأسواق التقليدية، في فرنسا وألمانيا أساسا، مع تراجع السياح القادمين من غرب أوروبا بشكل حاد هذا العام، إثر الأحداث الارهابيةفي باردو وسوسة والتي أوقعت 59 قتيلا من السياح من بينهم 30 بريطانيا.
وقالت الوزيرة اللومي «2015 كان عاما صعبا والانتقال الديمقراطي في تونس كان مستهدفا، عدة دول اقتفت اثر بريطانيا في إعلان تحذير السفر لرعاياها الى تونس بعد أحداث سوسة، مع أن الارهاب مشكلة عالمية ويجتاح كامل المنطقة «.
وأضافت «استفادت الجماعات الارهابية من تحذير السفر البريطاني إلى تونس ، وتضرر من ذلك الشعب التونسي… الدول ذاتها لم تعلن تحذيرا للسفر الى تركيا بسبب الهجمات الارهابية».
وأشارت اللومي إلى انتعاش نسبي في السوق الألمانية والفرنسية في الأشهر الأخيرة من 2016 ، لكنها لفتت في المقابل إلى أن السوق البريطانية شهدت تراجعا حادا تجاوز حتى الآن ما نسبته 90 في المئة عن العام السابق.
وكثفت تونس في 2016 من إجراءاتها الأمنية في الموانئ والمطارات وعلى الحدود بالتعاون مع شركائها الأوروبيين، ما أدى إلى تفادي مخاطر جديدة في ذروة الموسم السياحي.
ومن نتائج ذلك أيضا أن شركة «هاباغ لويد» السياحية الألمانية ستستأنف رحلاتها البحرية الى تونس اليوم الخميس، بعد تعليقها لنحو 18 شهرا منذ أحداث متحف باردو في مارس 2015.
وقالت الوزيرة التونسية «مازلنا نتفاوض مع الشركات السياحية الكبرى لاستئناف رحلاتها إلى تونس مع استقرار الوضع الأمني».
لكن بخلاف تداعيات الإرهاب، فإن القطاع السياحي في تونس يعاني أيضا منذ أحداث الثورة عام 2011 من شكاوي متصاعدة مرتبطة بالخدمات والمشاكل البيئية وارتفاع أسعار النقل وتضخم مديونية القطاع.
وقللت هذه العوامل، إلى حد ما، من القدرة التنافسية للوجهة السياحية التونسية لصالح الوجهات المنافسة في الجوار.
وأعلنت الحكومة الجديدة برئاسة يوسف الشاهد عن خطط لإطلاق شرطة بيئية في الشوارع لرصد المخالفين، إلى جانب مشروع إعادة فرز النفايات للحد من التلوث البيئي الذي طال المناطق السياحية.
كما تخطط وزارة السياحة لإطلاق مجلس أعلى للسياحة و»مجلس حكماء» يضم خبراء القطاع الذي يشغل أكثر من 400 الف عامل ويساهم بنسبة 7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، يختص بالتفكير في تطوير السياحة ووضع أفكار جديدة ومساعدة المستثمرين الجدد.
المصدر: صحف