ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 12 نيسان 2021 على ملف تأليف الحكومة، وعلى دخول البطريرك الراعي على خط المواقف من التدقيق الجنائي. كما تناولت الصحف مواقف نائب الامين العام لحزب الله في مقابلة على المنار.
الاخبار
البطريرك يغطّي تحالف السلطة والمال: أجِّلوا التدقيق الجنائي!
الراعي يتقدّم حزب المصرف: أجِّلوا التدقيق الجنائي! | عون: الفاسدون يخشون التدقيق
يستسيغ البطريرك بشارة الراعي أن يأتيه المديح من عرب التطبيع. يعيد ويكرر أن حياده صار على الأبواب. يتحمّس فيقول ما يُضمر. ليس الناس هم من يهتم لهم «الراعي الصالح» بل من جوّعهم. تماماً كسعد الحريري يتصرف البطريرك. يزايد عليه في تبنّي مطالب الثورة ثم يحمي رياض سلامة. يزايد عليه بالتمسك بالمبادرة الفرنسية ثم يتخلى عن أول بنودها. هذه المرة، حان دور التدقيق الجنائي: «سيدنا» ليس مرتاحاً لهذا التدقيق، ولذلك وجب إنهاؤه، أو على الأقل تأجيله، إلى حين وصول سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة. هذا تماماً ما يريده الحريري أيضاً. يصدف أن التقت الأهداف
خذوا الإشارة الأوضح من فم البطريرك بشارة الراعي. بدلاً من اللف والدوران وعرقلة التدقيق الجنائي كل يوم بهذه الحجة أو تلك من قبل جيش المتضررين الخائفين من فضح أنفسهم، حسمها الراعي بعدم جواز التدقيق في حسابات مصرف لبنان قبل تأليف الحكومة. هكذا ببساطة، قرّر الراعي مجدداً قلب الطاولة في وجه رئيس الجمهورية الذي «يخوض» حرب التدقيق في حسابات مصرف لبنان بوصفها «معركة تحرر» لا بد منها لمعرفة سارقي أموال الناس وفضحهم.
الراعي الذي يرفع الصوت مطالباً بتأليف الحكومة، لم يعد يوارب في إعلان انتمائه السياسي، فلا يتردد في تحميل مسؤولية عرقلة التأليف للرئيس ميشال عون وحزب الله. وحتى لو اعتبر، من موقع «الحياد»، أنه «حريّ بجميع المعنيين بموضوع الحكومة أنْ يكُفّوا عن هذا التعطيل»، إلا أنه سرعان ما يصوّب سهامه في اتجاه واحد، داعياً إلى الكفّ عن «اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دُستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العُقدة الأم، وهي أن البعض قدّم لبنان رهينةً في الصراع الإقليمي/الدولي». على المنوال نفسه غزل المفتي عبد اللطيف دريان في رسالته بمناسبة بداية شهر رمضان المبارك، معتبراً أن «هناك أيادي خبيثة تعمل في الخفاء على عرقلة الجهود العربية الشقيقة المشكورة، وعلى إفشال المبادرة الفرنسية، وتحاول القيام بعملية ابتزاز سياسي لا مثيل له».
هذا التموضع الذي يزداد وضوحاً، لا يستوي، بالنسبة إلى الراعي ورعاته الإقليميين والدوليين، من دون دعم واضح لرياض سلامة. وللتذكير، فإن البطريرك سبق أن رمى الغطاء الكنسي على سلامة، معلناً، قبيل انطلاق انتفاضة ١٧ تشرين الأول، رفضه القاطع المسّ به، لأن هذا الأمر سيسرّع الانهيار، داعياً إلى الإصلاح بدل التلهّي بشنّ هجمات على من يعمل لخدمة بلده و«زرع الطمأنينة لسنوات».
الشيخ قاسم: التدقيق الجنائي ليس منفصلاً عن ملف التأليف
بعد مرور عامين، لم ينتبه الراعي المشغول بالحياد إلى أن الطمأنينة كانت وهماً، وأن من زرعها كشف عن وجهه. نيافة الكاردينال: من تحميه ومن جعلك تصدق أن الليرة بخير، سرق أموال الناس وخان الأمانة وفشل في حماية النقد. لكن مع ذلك، اكتشف الراعي أن «جدية طرح التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة». وهذا قول حتى «حركة أمل» لم تقله. علي حسن خليل نفسه عندما تحدث منذ يومين عن التدقيق الجنائي، أقرّ، في معرض إصراره على التوازي، بأن يبدأ التدقيق في مصرف لبنان. لكن الراعي عاد وجلّس خطابه، قائلاً: «أصلاً، لا تدقيق جنائياً قبل تأليف حكومة». هذا الموقف «التاريخي» ردّ عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء أمس بجملة مقتضبة عبر صفحته على «تويتر»، من دون أن يسمّي البطريرك. قال عون: «الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به». وهو بذلك، شمل الراعي في بوتقة الفاسدين الساعين إلى تطيير التدقيق – بداية الحل الذي لا يمكن لحريص على أموال الناس وتعبهم أن يرفضه.
وفي السياق نفسه، اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «التدقيق المالي الجنائي هو موضوع منفصل عن ملف التشكيل». وقال، في مقابلة عبر «المنار»، إن «الحكومة السابقة هي التي أقرّته ويجب أن يتابع بشكل طبيعي، وعندما نذهب إلى الحكومة تتسهل أمور كثيرة، لكن التدقيق الجنائي ليس مقابل الحكومة».
أصدر الراعي الحُكم أمس، لكن هذا ليس حُكمه. هذا حكم سلامة والمنظومة السياسية المالية والخارجية التي تستغل منصبه لتمرير أجندتها، فيما هو منتشٍ بتحول بكركي إلى محطة للزائرين الذين يزيدون من قسمة اللبنانيين، ثم يهنّئون سيّدها على حياد مفصّل على قياسهم، فيظن هو أن «الالتفاف الداخلي والخارجي حول مشروع حياد لبنان يتزايد».
هل حقاً يطلب الراعي أن يرأس سعد الحريري الحكومة ليقود جيوش التدقيق بنفسه؟ ألم ينتبه بعد أن التدقيق هو أحد أسباب تعنّت الحريري ورفضه تأليف الحكومة، أم أنه من أجل هذا تحديداً أراد أن يعلن نعي التدقيق في مصرف لبنان؟ كان حريّ به أن يقول «لا تدقيق جنائياً» فقط. هكذا يكون عضواً فاعلاً في حزب المصرف، بدلاً من المواربة وإعطاء موقفه بعداً حريصاً على تأليف الحكومة، وحريصاً على «شباب الثورة وشاباتها من التهويل واليأس». ينتقد المسؤولين بالجمع، مؤكداً أن «قدرنا أن نناضل ونكافح لاستعادة لبنان من مصادريه وخاطفيه»، لكنه لا يرى سوى طرف واحد من الخاطفين. يتجاهل أن الحريرية، وسلامة أبرز عناوينها، هي على رأس الخاطفين.
تعديل الحدود الجنوبية: أخطر من أن يُترك لضابط طامح
إنه أسبوع الحسم في مسألة تعديل الحدود البحرية الجنوبية. ما هو مطروح للنقاش حالياً، اقتراح تقدّمت به قيادة الجيش، نهاية عام 2019، تطلب فيه تعديل الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، بما يُضيف إلى لبنان مساحة 1430 كيلومتراً مربّعاً. واعتمدت المؤسسة العسكرية طريقة ترسيم لم تكن في حسبان الجهات اللبنانية الرسمية، مدافعة عنها بأنها الأكثر اتساقاً مع قانون البحار.
اقتراح التعديل، الذي ينبغي أن يُقرّ، يواجهه الكثير من المعضلات. ثمة ضغط أميركي وتهديدات تصل إلى مسامع الكثيرين، محذّرة من التعديل الذي لم يتم الإعداد له بصورة «طبيعية». قبل اقتراح الجيش للتعديل، في خريف العام 2019، كان يعلن تمسّكه بحدود المنطقة «المتنازع عليها» (الخط 23). وغالبية القوى السياسية تشكّك في مرامي قائد الجيش العماد جوزف عون. يمكن الجزم بأن كل القوى السياسية والمسؤولين الرسميين وغير الرسميين يقولون في مجالسهم الخاصة إنهم مرتابون من اقتراح قائد الجيش، ويعجزون عن التقاط الإشارة التي تدفعه، للمرة الأولى منذ توليه مركزه، إلى مخالفة رأي الإدارة الأميركية. ويزداد توجّس هؤلاء من العماد جوزف عون، ربطاً بأنه يعلن أن هدف التعديل تعزيزُ أوراق التفاوض مع العدو. وبذلك، يكون الخط المقترح للحدود (الخط 29)، قابلاً للتراجع عنه في «الاتفاق النهائي»!
لكن، على القوى السياسية حسم أمرها، من دون أي توجّس من قائد الجيش الذي يتولى مكتبه، عبر عدد من وسائل الإعلام المحسوبة على المحور الأميركي – الخليجي، تخوين كل من يناقش في مسألة التعديل. وما ينبغي على القوى المعنية بالقرار، إخراج هذا الأمر من دائرة التنازع في ما بينها، كما من دائرة تأثير جوزف عون نفسه. فهذا شأن سيادي شديد الخطورة، لا يخص «القائد»، كما ليس ملكاً لهذه الجهة أو تلك.
مكمن الخطورة أن أي خيار سيُتَّخذ له تبعاته الجسيمة. عدم التعديل، يعني تنازلاً عن حق لبناني للعدو الإسرائيلي، فيما الخيار الآخر، توقيع المرسوم وإرساله إلى الأمم المتحدة، يوجب الإعداد لمعركة قاسية مع العدو. فمندوبة «إسرائيل» في لبنان، دوروثي شيا، بدأت بالتهويل بأن تل أبيب ستمضي في مشروع بدء التنقيب في حقلَي «كاريش» و«72»، في حزيران المقبل، حتى لو عدّل لبنان حدوده! وتقول شيا لسائليها إن التعديل يعني انتهاء المفاوضات (في الواقع، هذه نتيجة تستحق تعديل المرسوم لأجلها حصراً). وهذا يعني وجوب الاستعداد لمواجهة العدوّ، بكل ما لدى لبنان من نقاط قوة.
أكثر من أي وقت مضى، القوى السياسية الرئيسية مدعوّة إلى خلع القفازات، والتخلي عن التكاذب عبر الشاشات، وعقد اجتماع لمجلس الوزراء (وربما لطاولة الحوار)، يتّخذ قراراً واضحاً بتعديل المرسوم، ورسم خط جديد للحدود، وإعلان وجوب الدفاع عنه، لا استخدامه كورقة للتفاوض. وهذا أمر، كالسياسية والحرب، أخطر من أن يُترك بيد ضابط طامح، وأكبر من أن تنظر فيه مديرية النقل!
لا موعد جديداً لزيارة دياب للعراق
لا تزال مسألة إلغاء زيارة رئيس الحكومة حسان دياب للعراق تتفاعل. لم يسبق أن تم التعامل مع زيارة رسمية بهذه الطريقة. الجانب العراقي مصرّ على أن «تأجيل الزيارة» من موعدها المقرر مسبقاً، يوم 17 نيسان الحالي، مرتبط بشؤون داخلية عراقية.
الإعداد للزيارة كان انطلق بعدما أبلغ المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، رئيس الحكومة، بالموعد. بعدها، تولّت مديرية المراسم في رئاسة الحكومة اللبنانية الاتصال بنظيرتها العراقية. وتبلّغت بيروت بإصرار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على استبقاء الوفد اللبناني على الإفطار. وبناءً على الدعوة، بدأت الاستعدادات في السراي الحكومي حيث دُعي الوزراء المعنيون بالزيارة، وهم وزراء الصحة والصناعة والزراعة والسياحة والطاقة والخارجية، إلى إعداد ملفاتهم، في محاولة للاستفادة من الزيارة لعقد اتفاقيات ثنائية مع نظرائهم العراقيين، تضاف إلى الاتفاق على توريد النفط الخام إلى لبنان، علماً بأن وزير الطاقة ريمون غجر كان قطع شوطاً كبيراً في الاتفاق مع الشركة العراقية لتسويق النفط (SOMO) على تكرير النفط المُبادل ليصبح صالحاً للاستعمال في لبنان. يوم الجمعة أيضاً، تلقّت الأمانة العامة لمجلس الوزراء اتصالاً من رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت لتأكيد الزيارة، تمهيداً لحجز طائرة والإعداد للرحلة. إلا أن كل ذلك توقف بعدما جاء اتصال الاعتذار العراقي، من قبل مراسم رئاسة الحكومة في بغداد. ولم يحدّد الجانب العراقي موعداً بديلاً للزيارة. تبع ذلك إصدار دياب بياناً يعلن فيه تأجيل الطرف العراقي للزيارة، وهو أمر أثار استياءه. فبروتوكولياً، كان المتوقع في حالات مماثلة أن يتصل رئيس الوزراء العراقي بنظيره اللبناني لإبلاغه الأمر لا إبلاغه عن طريق مدير المراسم. ولذلك، اعتبر دياب أن الزيارة ألغيت لا تأجّلت. في المقابل، يشكو الجانب العراقي من سوء تفاعل لبنان مع نيته تقديم المساعدة. فبعض الوزراء اللبنانيين لا يبذل أيّ جهد لعقد اتفاقات ثنائية مع بغداد، وبعضهم الآخر يبدو كمن يتعمّد إفشال أي تعاون. ويعبّر مسؤولون في بغداد عن استيائهم من تسريب لبنان خبر الزيارة قبل أكثر من 10 أيام من موعدها.
اللواء عباس إبراهيم عاود الاتصال بالجانب العراقي، فأُبلغ أن الزيارة تأجلت ثلاثة أيام فقط. كذلك تواصل حزب الله مع جهات عراقية لمعرفة أسباب التأجيل، فأبلغ أنه لعدة أيام، وأن سببه هو الحملة الأمنية التي يتابعها الكاظمي. لكن بالرغم من ذلك، فإنه حتى ليل أمس، لم تتبلّغ رئاسة الحكومة أي موعد جديد، علماً بأن التناقض يتناول أيضاً التأجيل نفسه. فمقابل إبلاغ إبراهيم أن التأجيل سيكون لثلاثة أيام، كان مدير المراسم في رئاسة الحكومة العراقية قد أبلغ نظيره اللبناني أنه فور تحديد موعد جديدة للزيارة سيتم إبلاغ لبنان به قبل أسبوع أو أسبوعين.
البناء
هيل في زيارة وداعيّة بلا مهام… ومرسوم الترسيم يحسم غداً… وبدائل للنقاش
الراعي: التدقيق بعد الحكومة… والشيخ قاسم: نحن جزء من الحل الحكوميّ بتدوير الزوايا
الحسنيّة يحشد القوميّين للاستفتاء الرئاسيّ: وراء الأسد في مواجهة الاحتلال والإرهاب
كتب المحرّر السياسيّ
بين مرسوم الترسيم للحدود البحرية، ومشروع التدقيق الجنائي، وتعقيدات المسار الحكوميّ، يصل معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل قبل مغادرة منصبه في زيارة وصفتها مصادر أميركيّة إعلاميّة بالوداعيّة الخالية من أي مهام دبلوماسية، سواء في ملف ترسيم الحدود البحرية، أو في ملف تشكيل الحكومة، ولو تداول مع مَن يزورهم في هذه الملفات فمن باب التحضير لانتقاله إلى أحد مراكز الدراسات وسعيه لتأمين مصادر معلومات تغذّي عمله الجديد، وهذا تقليد يحرص عليه الدبلوماسيون الأميركيون وهم يغادرون مناصبهم، وتسمح بها الإدارة لموظفيها، على قاعدة أنتم اليوم ونحن غداً.
مرسوم الترسيم الجوال الذي حطّ عند وزير الأشغال ميشال نجار، قبل أن يعود الى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب موقعاً ليقوم بتوقيعه، ويرسله الى رئاسة الجمهورية لإنجازه وإصداره، شكّل موضوع نقاش في كواليس السياسة، حيث الاندفاعة نحو التوقيع بما تحمله من صون لحقوق لبنان وفق الخرائط الجديدة التي أعدّتها قيادة الجيش اللبناني، وقطعاً للطريق على قيام كيان الاحتلال بالتنقيب داخل الحدود التي ترسمها هذه الخرائط، يقابلها تساؤل عما إذا كان صدور المرسوم في قلب المرحلة التفاوضيّة يعني نهايتها، وعما إذا كان التفاوض بعد صدوره وما قد يؤدي إليه من تعديل يشكل انكساراً معنوياً يجب تفاديه، وإحراجاً للمقاومة التي تعهدت بحماية الخط السيادي الذي تعتمده الدولة اللبنانية، لتبني الخط الموضع بموجب المرسوم أم الذي تنتهي إليه المفاوضات، ما طرح في التداول بدائل من نوع استبدال المرسوم بقرار حكوميّ يوقعه رئيسا الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال يفوّض وزير الخارجية بمراسلة الأمين العام للأمم المتحدة بتجميد لبنان العمل بالإحداثيات الواردة في مراسلته السابقة لترسيم الحدود البحرية واعتماده خرائط أقرها الخبراء اللبنانيون بالاستناد إلى القانون الدولي، طالباً من الأمين العام تقديم المؤازرة التقنية للبنان لتدقيق الخرائط المرفقة ومطابقتها للقوانين الدوليّة من جهة، وتحذير كيان الاحتلال من أي تنقيب داخل الحدود المتضمنة في الخرائط الجديدة، قبل البتّ بالحدود النهائية عبر المفاوضات، أو إعلان فشل المفاوضات واعتماد لبنان خرائط نهائيّة وتوثيقها من قبل الأمم المتحدة، ويعتبر أصحاب هذا البديل أنه يحقق الغرضين، بصون الحقوق ودعم الوفد المفاوض ومنع الاحتلال من التنقيب داخل الحدود التي ترسمها الخرائط الجديدة، ويبقي للتفاوض سقوفاً متاحة، ويتفادى منح الاحتلال فرصة الظهور كمنتصر عند أي تعديل تفاوضي للخرائط، كما يتفادى إحراج المقاومة بسقوف تعهدها بحماية الحدود السيادية.
في الشأن الحكومي، كلام واضح لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، يؤكد أن أسباب التعطيل لا تزال بالعقد الداخلية، وأن حزب الله ضمن الساعين للحلحلة، والعاملين على تدوير الزوايا، مشدداً على الحاجة لتقديم التنازلات من المعنيين الرئيسيين بتشكيل الحكومة، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة.
في سورية يواصل رئيس الحزب السوري القومي جولاته الحزبيّة عشيّة التحضيرات الجارية في المحافظات السورية للاستفتاء الرئاسي، التي يشارك فيها القوميّون تحت عنوان الدعوة للوقوف وراء الرئيس بشار الأسد بكل قوة والدعوة للمشاركة بكثافة في الاستفتاء، للقول نعم للأسد في مواجهة الإرهاب والاحتلال.
أشار رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية، إلى أن الحرب الإرهابيّة الكونيّة على سورية لم تنته بعد، وأنّ التركي والأميركي يواصلان الحرب من خلال الاحتلال المباشر لأراضٍ سورية ودعم الإرهاب. إضافة إلى الحصار الاقتصادي المفروض على السوريين، والذي يشكل انتهاكاً للحقوق والقيم الإنسانيّة.
رئيس الحزب أكد خلال اجتماعات عقدها مع مسؤولين ورفقاء في نطاق منفذيات اللاذقية وصافيتا والحصن بأن حلقات المؤامرة تتفكّك الواحدة تلو الأخرى، وأن ساعة الهزيمة النهائيّة لمحور الإرهاب قد دنت، لأنه بعد هزيمة الإرهاب فإن سورية تخوض معركة تثبيت السيادة على أراضيها وطرد المحتل الأميركيّ والتركيّ وأدواتهما، وأكد التمسك بخيار الصبر والثبات والصمود والمقاومة في هذه المعركة المصيرية والوجودية.
وقال الحسنية: نحن نؤمن بقضيّة عظيمة تساوي وجود كل فرد منا، وعلى هذا الإيمان ثابتون راسخون، وبالإرادة المصمّمة مستمرون حركة نهضة وصراع ومقاومة.
في غضون ذلك يحطّ وكيل وزارة الخارجية ديفيد هيل في بيروت اليوم من ضمن جولة تشمل عدداً من دول المنطقة. وتشير معلومات البناء الى أن محادثات هيل ستركز على ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي لا سيما أن الولايات المتحدة تنطلق في وساطتها على التفاوض على اساس اتفاق الإطار، في حين ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متمسك حتى الساعة بالمرسوم الذي حدّدته قيادة الجيش 2290 كيلومتراً مربعاً والذي وقعته وزير الدفاع الوطني زينة عكر وينتظر أن يوقعه وزير الاشغال العامة ميشال نجار تمهيداً لتوقيعه من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وأشارت المصادر الى ان زيارة هيل تأتي في سباق الضغط على المعنيين في لبنان من اجل عدم توقيع المرسوم، وبالتالي هذا يعني في حال حصل الرضوخ للضغوط الأميركية، والعودة الى اتفاق الإطار او خط هوف.
وفيما تبرز خلافات حول توقيع المرسوم من عدمه، ترى مصادر مطلعة لـ «البناء» الى ان اتفاق الإطار أُنجز وفق قاعدة التفاوض على مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً في البحر، وبالتالي فإن المطالبة بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية دونها عقبات، وبالتالي فإن التراجع عنها سيضع لبنان في موقع المتنازل عن حقوقه فضلاً عن أن «إسرائيل» سوف تقابل ذلك بالتمسك بخط 310 والذي يعني الوصول الى البلوكات 5 و8 و9 و10.
على الخط الحكوميّ، كل المؤشرات تدل على أن لا حكومة في المدى المنظور فلا يمكن ضرب أية مواعيد حيال ولادة الحكومة، فكل الاتصالات المحلية على خط تشكيل الحكومة لا تزال تراوح مكانها، ولفتت مصادر متابعة للاتصالات الجارية الى ان الأمور لم تحل بعد وأن أفكار الرئيس نبيه بري التي طرحها لا تزال تنتظر الموافقة عليها من دون أية شروط من المعنيين في التأليف، علماً ان المصادر نفسها رأت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان واضحاً في إطلالته عندما ركز على التدقيق الجنائي واستبعد الملف الحكوميّ، وكذلك الأمر خلال لقائه الوزير المصري سامح شكري الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصير الحكومة في ظل الكباش الحاصل بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري حول التدقيق الجنائي.
وفي موقف يحمل في طياته رفضاً لطرح الرئيس عون بتقديم التدقيق الجنائي على تأليف الحكومة أشار البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى أن جِدّيةَ طرح التدقيق الجنائي هي بشموليّتِه المتوازية لا بانتقائيّته المقصودة. وأصلًا، لا تدقيق جنائيّا قبل تأليف حكومة، مشدداً على أن حريّاً بجميعِ المعنيٍّين بموضوعِ الحكومة أن يَكُفّوا عن هذا التعطيل من خلال اختلاق أعراف ميثاقيّة واجتهادات دُستوريّة وصلاحيّات مجازيّة وشروط عبثيّة، وكلُّ ذلك لتغطيةِ العُقدةِ الأمّ وهي أن البعضَ قدّمَ لبنانَ رهينةً في الصراعِ الإقليميّ/الدوليّ.
ورداً على الهجوم الذي تعرّض له العهد، باعتبار انه يعطي الأولوية للتدقيق الجنائي على حساب الحكومة، غرّد الرئيس عون عبر حسابه على تويتر: «الفاسدون يخشون التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به».
واعتبر مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن لبنان لا يمكنه أن ينتشل نفسه من الأزمة الاقتصادية من دون حكومة جديدة تجري تغييرات وتطلق إصلاحات تأخرت كثيراً.
وأشار الى انه لا يمكن أن يحدث تغيير في الاتجاه بالقطعة، ويتطلب الأمر توجهاً شاملاً.
وتابع مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق أن الإصلاحات ينبغي أن تركز على القطاع المالي والميزانيّة والحوكمة والفساد والمرافق الخاسرة التي ساهمت في ارتفاع الدين.
على خط أزمة المحروقات، فإن أزمة البنزين تتجه نحو الحلحلة وأكد ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا أنه أجرى اتصالات مع بعض أصحاب الشركات المستوردة، الذين أكدوا أنهم «سيوزعون اليوم مادة البنزين على الاسواق اللبنانية، وستحل أزمة المحروقات جزئياً».
وفي هذا الإطار لم يتضح بعد سبب تأجيل زيارة الرئيس دياب والوفد الوزاري المرافق الى العراق، وفيما وجهت أصابع الاتهام الى جهات سياسية داخلية بعرقلة الزيارة اتهمت مصادر اخرى الولايات المتحدة الاميركية بالضغط على الحكومة العراقية لإلغاء الزيارة في إطار إبقاء لبنان تحت الضغط والحؤول دون مده بأي شريان اوكسجين يخفف الضغط عنه ويعالج بعض أزماته لا سيما أزمة المحروقات التي تشمل معظم الأزمات الأخرى وتشكل فاتورة الاستيراد النفطية كلفة كبيرة على الخزينة اللبنانية ومصرف لبنان بالعملات الاجنبية. فيما أفادت مصادر مقرّبة من دياب ان الزيارة لم تلغ وستحصل في نهاية الشهر الحالي.
قاسم
اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «العرقلة في المسار الحكوميّ داخلية بنسبة 90% ولا أحد يصور لنا غير ذلك، وتشكيل الحكومة الآن في مرحلة تدوير الزوايا وإيجاد بعض الثقة بين الجهات وبعض التنازل وإذا لم يحصل ذلك فمن الصعب التشكيل»، وتابع: «هناك مشكلة أن الأولوية بالتشكيل هي للاستثمار السياسي والطائفي على حساب وجع الناس على الرغم من أن وجع الناس هو الأساس. وأعتقد أن تأثير الخارج ليس كبيراً، وبالنسبة لهم لبنان ليس أكثر من محل لإيواء النازحين السوريين وإبقاء لبنان على جهاز التنفس الاصطناعي، ونحن نلوم الداخل ونطلب أن يتم التنازل».
وتابع الشيخ قاسم: «نحن في حزب الله عملنا مع عدة جهات على مقترحات وحصل تقريب وجهات نظر وبقيت عدة قضايا ولكن عض الأصابع لا ينفع، لأننا سنقف أمام تصلب يؤثر سلباً على اللبنانيين، ونحن جزء ممن سعوا ولا زلنا نسعى لتقريب وجهات النظر وتخفيف الاحتقان والإقناع بأن التنازل هو أمر لمصلحة البلد، ولا نستطيع أن نقول إن إنجاز الحكومة سيكون قريبا أو لا لأنه مرتبط بتقارب جانبي تشكيل الحكومة، ويجب تخفيض بعض الشروط الموضوعة من الجانبين ويجب أن تكون هناك مرونة أكثر».
وشدد نائب الأمين العام لحزب الله، على أن «حزب الله يستطيع التكلم مع المعنيين بالشأن الحكومي وتقريب وجهات النظر، ولكننا لا نستطيع أن نفرض على أحد أن يقوم بأي أمر ما، وحتى حلفاءنا، فمن نحن حتى نلزم أحداً بموقف معين؟ نحن جزء من الحكومة وعامل مساعد، وقوتنا تستخدم في مواجهة «إسرائيل» وحماية لبنان أما قوتنا السياسية فهي بتمثيلنا في المجلس النيابي وتحالفاتنا ولا نفرض شروطاً على أحد، نحن لا يمكننا أن نيأس لأنه لا يجوز أن يترك البلد على الإطلاق».
المصدر: صحف