ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 15 آذار 2021 على زيارة وفد حزب الله الى روسيا وكلمة جبران باسيل وقيام المصارف بفرضها بعد حجز اموال المودعين بفرض خوات عليهم، وموضوع تأليف الحكومة.
الاخبار
المصارف تفرض خوّات
لم تكتفِ المصارف بسرقة أموال المودعين. حتى العمل المصرفي لم تعد تمارسه مع توقف كل الخدمات التقليدية. تحولت جميعها إلى العمل بالسمسرة، وصولاً إلى فرض خوات على الزبائن، على الطريقة الميليشيوية، بحجج مختلفة، منها مضاعفة الرسوم التي كانت تتقاضاها وإضافة رسوم وهمية غير منطقية، حتى وصل بها الأمر إلى التجارة بالطوابع: فطابع الـ250 ليرة يتم سحبه بالدولار وبأضعاف قيمته. وإضافة إلى الخوّات، عمد بعض المصارف الى «ترهيب» بعض العملاء عبر الاتصال بهم وتهديدهم بالحجز الاحتياطي على الشقة أو السيارة في حال عدم تسديد المبلغ المستحقة عليهم، رغم سريان قانون تمديد المهل الذي يشمل هذه القروض!
لا تكتفي المصارف بحجز أموال المودعين وتقسيطها لهم مع حسم يصل الى 68% من قيمتها، بل باتت تفرض عليهم خوّات يُشبّهها أحد العاملين في القطاع بتلك التي كانت تفرضها الميليشيات على المواطنين خلال الحرب الأهلية. فتحت حجة «إفلاسها»، ابتدعت المصارف اللبنانية رسوماً جديدة بالدولار؛ منها ما تُطلق عليه تسمية رسم شهري بقيمة 2$، ومنها ما يُسمّى رسم صيانة فصليّاً من دون إيضاح أي نوع صيانة يقوم به المصرف للحساب الجاري. فمثلاً، ومن خلال بيان مصرفي لحساب جارٍ بالدولار (اللولار) اطلعت عليه «الأخبار»، حسم أحد المصارف من حساب المودع، 10 دولارات مرتين (أي ما مجموعه 20 دولاراً) لقاء «رسوم صيانة فصلية»، ثم عاود في النهار التالي حسم 10 دولارات إضافية لقاء البند نفسه! هذا الرسم منفصل عن الرسم الشهري الذي يتقاضاه من العميل، ويبدأ من قيمة دولارين، لكنه غير ثابت ويتغير كل شهر. ويشير أحد العاملين في أحد المصارف إلى أن «شحّ الموارد أجبر المؤسسة على التعويل على هذه الرسوم لزيادة مداخيلها وسدّ مدفوعاتها من الرواتب ومصاريف أخرى»! ليس ذلك فحسب، ففي غياب أي رقابة على أعمال السمسرة و«التشبيح» على المودع، بات بعض المصارف يحتسب الطابع الوطني بالدولار وبقيمة تصل أحياناً الى 7 دولارات للطابع! وعندما طلب أحد الأشخاص دفع قيمة طابعين الأول من فئة 1000 ليرة والثاني 250 ليرة «كاش»، طُلب منه مبلغ 35 ألف ليرة لما يفترض أن تكون قيمته 1250 ليرة فقط، أي بزيادة 33 ألفاً و750 ليرة! لماذا؟ هل أصبحت المصارف تتاجر بالطوابع أيضاً؟ لا جواب طبعاً سوى أن وقاحة أصحاب المصارف بلغت مداها، وباتت تتصرف بحسابات المودعين على هواها، و«تلغّم» بياناتهم المصرفية ببنود اخترعتها وتحتسب القيمة الواجبة عليها بعشرة أضعاف قيمتها الأصلية، من دون تبرير. الطريف هنا أن هذه الخوّات غير ثابتة، وتتعلق بمدى قدرة الزبون على «الصراخ». فإن اكتشف عملية الاحتيال وواجه بها المصارف ورفع صوته في وجهها، تسارع الى لململة الفضيحة بإعادة ما حسمته، فيما تُمعن في سرقة المودع بصمت إن لم يتنبّه لهذه العملية.
منذ مدة أيضاً، بدأ بعض المصارف بترهيب المقترضين منه عبر الاتصال بهم وتهديدهم بالحجز الاحتياطي على الشقة أو السيارة، إنْ لم يعمدوا الى تسديد المستحقات المتراكمة عليهم فوراً. رغم أن القانون 199 الذي صدر في اليوم الأخير من العام الماضي قضى بتمديد المهل (حتى 27 آب 2021)، ومنح بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، كما علّق مفاعيل البنود التعاقدية المتعلقة بالتخلف عن تسديد القروض بأنواعها كافة، سواء المدعومة أم غير المدعومة، من تجارية وسكنية وصناعية وزراعية وغيرها، بحيث لا تسري على المقترض أي إجراءات قانونية أو تعاقدية. لكن المصارف ضربت بهذا القانون عرض الحائط، على ما يقول أحد المحامين العاملين في القطاع المصرفي، مضيفاً: «تجبرنا المصارف على الاتصال بالزبون وتهديده بطريقة غير أخلاقية حتى يدفع المبلغ الواجب عليه، رغم أنه لا يمكنها تنفيذ أي حجز احتياطي قبل انتهاء هذه المهل». ويشرح المحامي بأن المصرف لن يتقدّم بشكوى قضائية تمكّنه من الحجز على الملكية العقارية، لأن القضاء سيتسلّح بقانون تمديد المهل. إلا أن إدارة البنك، يضيف المحامي، تريد ترهيب المقترض لدفعه إلى تسديد المستحقات المتأخرة.
الخوّات غير ثابتة وتتعلق بمدى قدرة الزبون على رفع صوته لتسارع المصارف الى لململة الفضيحة
في المقابل، تستخدم أموال مصرف لبنان المحوّلة إليها لدفع أموال المودعين بالليرة اللبنانية، لزيادة رواتب موظفيها. بمعنى أوضح، الموظف الذي يتقاضى راتباً يساوي مليون و500 ألف ليرة، يتم تحويله الى الدولار على سعر الدولار القديم أي 1500 ليرة، ليتاح له بعدها سحب الراتب باللولار على أساس 3900 ليرة. هكذا يستفيد من زيادة قدرها مليون و400 ألف ليرة يسددها المصرف من «كوتا» مصرف لبنان المخصص له. وبذلك يكون صاحب المصرف قد رفع «زودة» الى موظفيه من جيب أصحاب الودائع. مصرف لبنان المتيقن ممّا تجريه مصارف المراباة أرسل إنذاراً لها بضرورة التوقف عن القيام بهذه العملية، فوجد بعض المصارف وسيلة أخرى لإخفاء هذه السرقة، عبر حثّ موظفيه على تزويده بحساب آخر مشترك مع الزوج أو الزوجة لتحويل الأموال اليه.
مصارف وهمية
في السابق، كانت مهمة هذه المؤسسات المالية توفير خدمات للزبون وإقراضه وحفظ وديعته مقابل فائدة وغيرها من الخدمات المباشرة والإلكترونية. لكن اليوم لم تعد المصارف «مصارف» بما تعنيه الكلمة، بل مجرد لافتة وهمية لأعمال لا تقرب من ظروف إنشائها وشروطه. فباتت تقتصر مهامها على المراباة والسمسرة والاحتيال، فضلاَ عن أنها تحوّلت الى ما يشبه شركات تحويل الأموال؛ فمقابل أي حساب للدولارات الطازجة، ثمة «خوّة» تراوح بين دولارين و4 دولارات شهرياً، يضاف اليها نحو 5 دولارات على كل ألف دولار. حتى إن بعض المصارف تمتنّع عن تسديد تحويل أموال آتية من الخارج دفعة واحدة، بل يفرض تجزئتها على ثلاثة أشهر! ولأن المصرف هو جزء أساسي من التجارة القائمة في السوق السوداء، بات هو أيضاً «يشتري» شيكات بالليرة اللبنانية ويسدّدها نقداً مع اقتطاع نسبة 5% من قيمتها كعمولة، حتى لو كان الشيك صادراً من المصرف نفسه!
من جهة أخرى، يرفض أحد المصارف تقاضي الدفعة الشهرية المستحقة على قرض سكني، بالليرة اللبنانية، ويصرّ على تقاضيه بالدولار. وبعدما صفّر العميل حسابه بالدولار ولم يتبقّ له سوى حساب بالليرة، عمد البنك الى سحب المبلغ المستحق على زبونه بالدولار من حساب الكفيل المودع في المصرف نفسه، رغم أن السعر الرسمي للدولار لا يزال 1515 ليرة، ولا يزال مصرف لبنان يفرض على المصارف قبول تسديد دفعات قروض الأفراد بالليرة. في المقابل، يعرض بعض المصارف على المقترضين تسديد قروضهم «كاش»، بثلث قيمتها، فمن عليه قرض مستحق بقيمة 120 ألف دولار، يدفع 35 ألف دولار طازج للبنك مقابل تسكير القرض والحصول على براءة ذمّة.
عمولة على اللاخدمات
من يملك حساباً بالليرة اللبنانية، ويريد سحب كل الأموال المودعة فيه، يمكنه التفاوض مع المصرف على النسبة التي تخوّله ذلك. وغالبية البنوك تشترط اقتطاع 5% من قيمة الحساب لدفعه مرة واحدة، من دون الالتزام بالسقف المحدد للسحوبات. ولكن لقوننة عملية الاحتيال، تجبر المصارف العميل على توقيع وصولات مسبقة بدفعات مجزأة على عدة أشهر. العمولات هذه باتت نهجاً مُتّبعاً في غالبية العمليات. فالأرباح الكبرى تتم عبر النسب المقتطعة من التجار المستفيدين من دعم مصرف لبنان لشراء بضاعتهم. ورغم تحديد تعميم مصرف لبنان نسبة العمولة لكل مصرف على كل عملية بقيمة 0.5%، لا توافق المصارف على تلبية طلب التاجر سوى بعد تقاضيها عمولة بنسبة 2% وما فوق، فيضطر التاجر الى دفعها. هنا أيضاً تدخّل مصرف لبنان للحدّ مما يحصل، لكنه لم ينجح في لجم المصارف التي لا تتجاوب مع التاجر في حال عدم قبوله بشروطها. في مقابل ذلك، يمتنع البنك عن فتح حسابات للشركات المؤسسة حديثاً لأنها تسبب له «وجعة راس» أكثر مما تربّحه، فيما عمد أحد المصارف أخيراً الى إبلاغ إحدى الشركات بحسم 5% من مجموع الرواتب المُوَطّنة لديه، ليشير المصرف نفسه بعدها إلى أن الإجراء هذا يتعلق بالشركات المستفيدة من خدمات معينة وليس الأفراد، من دون أن يوضح ما هي طبيعة هذه الخدمات، فيما لم تعد المصارف تقدّم أي خدمة ولو صغيرة. وتتقاطع المعلومات هنا حول قيام بعض المصارف بفرض الإجراء ذاته على الشركات لدفع عمولة مرتفعة مقابل حسابات موظفيها الموطّنة. ويدخل ذلك في إطار التسبب في طرد الموظفين والحسم من رواتبهم، من دون أي مسوغ قانوني يسمح بذلك.
باتت المصارف طرفاً رئيسياً في السوق السوداء تبيع وتشتري وتتقاضى نسباً شأنها شأن السماسرة
تستفيد المصارف من الفوضى الحاصلة في هذا القطاع ومن «يأس» الناس وقبولهم بما يتوافر لهم، لمضاعفة خساراتهم، وتكبيدهم عمولات ورسوماً غير قانونية بقوة الأمر الواقع. يحصل ذلك في غياب أي رقابة أو رادع. ففيما تستفيد المصارف من طبع مصرف لبنان العملة لتسديد الودائع بعد تنفيذ «هيركات» (قص للودائع بالدولار) يصل إلى 68 في المئة من قيمتها، وهو ما يطفئ خسارة هذه المصارف ويسهم في سدّ فجوة حسابات المصرف المركزي، يمعن أصحاب المصارف، بوقاحة، في تطبيق «هيركات» آخر ناعم على الودائع تحت مختلف التسميات، أكانت رسوماً شهرية أم رسوم صيانة أم طوابع أم نسباً مقابل التحويلات الفريش وصرف الشيكات!
المصارف تحتجز تعويضات نهاية الخدمة!
«جريمة» المصارف بحق المودعين لا تقتصر على أصحاب الودائع، بل تطورت لتمُسّ بتعويضات المواطنين ورواتب المتقاعدين، إذ تعمد هذه البنوك الى احتجاز التعويضات لديها. على سبيل المثال، عجز أحد العسكريين بعد تقاعده عن سحب تعويضه بعد حجز المصرف عليه، وإبلاغه عدم قدرته على سحبه مرة واحدة بل على دفعات صغيرة، وذلك على الرغم من أن مهمة البنك هنا محصورة في كونه مجرد وسيط، بين وزارة المال والمتقاعد الذي يفترض أن يتقاضى تعويض نهاية خدمته بالليرة اللبنانية. ما حصل هو أن المتقاعد خضع لابتزاز المصرف ووافق على تجميد هذا الراتب. في حالة أخرى، أنهت شابة عقدها مع إحدى الشركات التي حوّلت لها تعويضها الى حسابها المصرفي. تكرر المشهد نفسه. رفض المصرف الموافقة على سحب المبلغ بكامله، مؤكداً أن لا سبيل سوى سحبه على دفعات، لا تتعدى الدفعة منها 5 ملايين ليرة لبنانية شهرياً بحسب السقف المحدّد للسحب بالليرة، ما يؤدي إلى خسارة إضافية لقيمة التعويض، في ظل الارتفاع المستمر لسعر الدولار.
انهيار سعر الليرة مستمر… هل اقتربت الفوضى؟
عون والحريري يرفضان مبادرة بري
كلما ظن الناس أنهم وصلوا إلى القعر، تبيّنوا وجود قعر أعمق. صار جلياً أنه لم يعد لانخفاض سعر الليرة من نهاية. وصار انخفاض ألف أو ألفي ليرة في سعرها بالنسبة إلى الدولار عادياً. تلك البلادة في التعامل مع الواقع، تظهر في تأليف الحكومة الذي ينتقل من أزمة إلى أزمة مهما كثرت المبادرات، وآخرها مبادرة الرئيس نبيه بري، التي اصطدمت برفضين
تحوّل سعر صرف الدولار إلى هوس بذاته. يترقّبه حتى من لا قدرة له على الحصول عليه. أما تأثيراته المأسوية على المجتمع والاقتصاد، فلم تعد ذات شأن بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من الناس الذين تآكلت مداخيلهم منذ زمن. خلال يومي عطلة ارتفع سعر الدولار ألفي ليرة. لامس ١٣ ألفاً، وعلى الأرجح لن يتأخر في الوصول إلى 15 ألف ليرة. لم يعد الرقم مهماً سوى لقياس مستوى عمق الانهيار. حالة استسلام كاملة يعيشها الناس الباحثون عن لقمة العيش، فيما السلطة غائبة تماماً عن أي حلّ. الحلول الترقيعية على شاكلة توقيف الصرّافين وتتبّع المنصّات الإلكترونية تزيد الأزمة لا العكس. لكن المشكلة الأساس أن لا أحد يملك خطة للخروج من الأزمة التي بدأت تنبئ بالفوضى. ما حصل في واحد من المحال التجارية الكبرى ليس تفصيلاً. اقتحامه وتكسير محتوياته بحجة إخفائه منتجات مدعومة، معطوفاً على ما سبقه من صراع على علبة حليب أو «غالون زيت» تعني أن الناس بدأت تُسقط عنها ضوابط كانت لا تزال تفرضها على نفسها. وهؤلاء تزداد معاناتهم يوماً بعد يوم. بعض المواد الغذائية مفقود من الأسواق. نقيب أصحاب السوبرماركت أعلن أن الأسعار، التي ارتفعت بشكل جنوني من عام إلى اليوم، سترتفع ٢٠ في المئة إضافية هذا الأسبوع. محطات البنزين تزيد من وتيرة الإقفال، وهذا، على ما يؤكد عاملون في القطاع، أمر يجب أن يعتاده اللبنانيون. فتقنين فتح الاعتمادات من مصرف لبنان يؤدي إلى تقنين الكميات الموزّعة إلى المحطات، والتي بدورها إما تعمل على تقنين التوزيع اليومي ليكفي إلى حين وصول الشحنة التي تلي، أو تستهلك المخزون دفعة واحدة، ثم تضطر إلى إقفال أبوابها لأيام. تلك معاناة تعيشها بيروت كما باقي المناطق. لكنها أشد قسوة في الأطراف، لأن شركات التوزيع خفّضت الكميات التي تصلها. الكهرباء أيضاً مدعاة للقلق. عتمة. لا عتمة. لا أحد يملك الجواب الشافي. بين الصراعات السياسية وتقنين فتح الاعتمادات الدولارية والإدارة المتهالكة للقطاع، كل شيء ممكن. ولذلك بدأ الناس يبحثون عن خطط طوارئ لمواجهة لا استقرار «كهرباء الدولة» وارتفاع أسعار كهرباء المولدات.
ما الذي يبقى من سبل العيش؟ حتى ربطة الخبر لا تستقر على سعر ولا على وزن. إذا لم يرفع وزير الاقتصاد سعرها، يلجأ إلى خفض وزنها. لكن كل ذلك لا يؤشّر إلى أي تغيير. الطبقة الحاكمة بدأت تعدّ العدة لشبكة أمان طائفية، تعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الاجتماعية للأتباع والمحاسيب.
«وينيي الدولة» سؤال بدأ مزحة منذ سنوات وانتهى واقعاً إجابته واحدة: لا دولة ولا مؤسسات. فقط مجموعة أشباح يتنقّلون بين الشاشات، لا همّ لهم سوى تبرئة أنفسهم من دم البلد. هكذا يصبح طبيعياً أن يكافح الفاسدون أنفسهم الفساد. وهو اليوم تحديداً ليس مشكلة البلد. مشكلة البلد في الإدارة المدمّرة للاقتصاد والمال والنقد. لكن مع ذلك، ليس متوقعاً أن يرحل أي من المسؤولين عن هذا الدمار. الكل باق. ووحده المحظوظ من الناس يجد إلى الهرب سبيلاً.
المطلوب خطة إنقاذية شاملة تعيد إلى الناس بعضاً من الأمل الذي فقدوه. لكن من يأتي بهذه الخطة؟ من يعطّلون البلد بحثاً عن كرسي وزاري بالناقص أو بالزائد، أو من ينتظرون انحناءة رأس من الخارج تسمح لهم بالمبادرة؟
حتى الحديث عن تطورات أزمة تأليف الحكومة صار ممجوجاً. ولو حُلّت كل العُقد فلن يتغيّر المشهد. ماذا يعني تأليف الحكومة في هذا الوضع؟ هل سيبتعد شبح الجوع؟ سيتنفس الناس الصُعداء لبرهة. سيهدأ سعر الدولار لبرهة. ثم تعود الصراعات، ولا سيما على خطة الخروج من الأزمة، لتقضي على أي أمل. كل طرف رأيه معروف مسبقاً. لكل خطوطه الحمر التي تقود إلى منع التغيير.
شح الاعتمادات يفرض «التعايش» مع شح المحروقات!
مع ذلك، خبر من نوع «الرئيس نبيه بري يطلق مبادرة حكومية» قد يكون كافياً لبث أمل زائف. أمل لن يطول قبل أن يتلاشى على فشل المبادرة، بعد أن رفض الرئيس سعد الحريري مبادرته المبنية على حكومة من ٢٠ وزيراً. تلك خطوة بنيت على موافقة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على زيادة عدد مقاعد الدروز إلى اثنين، على أن يتشارك مع رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، الذي زاره أول من أمس في كليمنصو، في تسميته. مبادرة بري الثانية كانت بالعودة إلى صيغة ١٨ وزيراً، على أن يقترح هو عدداً من الأسماء لوزارة الداخلية، يختار منها الرئيس ميشال عون والحريري اسماً من بينها. كذلك، لم يطل الوقت قبل أن يأتي الرفض من عون المتمسّك بحق تسمية وزير الداخلية.
في هذا الوقت، كان النائب جبران باسيل يعيد رسم أولويات التيار الوطني الحر، في مؤتمر صحافي تلا خلاله الورقتين السياسية والاقتصادية للتيار. نزع باسيل عنه ثوب السلطة، متحدثاً عن «معاناة التيار من إمساك منظومة سياسية ومالية بمفاصل الدولة والقرار». وقال إن التيار «عاش، كسائر اللبنانيين، أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد، وأزمة سقوط النظام، الأمر الذي دفعه إلى معالجة عميقة لخياراته وممارساته التي يجب أن تفضي إلى صوغ مقاربة مختلفة لهواجس اللبنانيين وحلولٍ لمشاكلهم، وأن تؤسس لنظامٍ جديدٍ يُبنى على أسس الصيغة والميثاق ويستفيد من العثرات المتأتيّة من الطائفيّة والفساد».
أما في الاقتصاد، فقد أكد باسيل دعم الاقتصاد الحرّ ودور القطاع الخاص فيه، مع «تمسّكه» بشبكات الأمان الاجتماعيّة. وما بين الاثنين، أشار إلى «مرونة لناحية التعاطي مع أصول الدولة ومواردها وثرواتها وكيفيّة الإفادة منها بحسب مصلحة اللبنانيين».
وكرر باسيل إشارته إلى تصميم التيار على «إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها بنيّة تطويرها بما يحقق: حماية لبنان عن طريق استراتيجية دفاعية، بناء الدولة من خلال مكافحة جديّة للفساد وإجراء كافّة الإصلاحات، تطوير النظام بما يوقف تعطيله ويؤمّن الشراكة الوطنية الكاملة»، مؤكداً أنّ «غاية التفاهم مع حزب الله ليست مصلحية ولا ثنائية، بل إشراك الجميع فيه وإشعارهم بنتائج حسيّة لعملية تطويره وإعادة الأمل بأنّه سيُسهم في قيام الدولة، ويكون السلاح جزءاً من الدولة يشعر اللبنانيون بالقوة من خلاله، من دون الخوف منه».
«انفجار» قرب منزل السيد
أمنياً، سُجّل مساء أمس انفجار جسم مجهول (رُجِّح أنه قنبلة صوتية) بين منزلي النائبين جميل السيد وفؤاد مخزومي، من دون أن تتضح ماهيته. ولم يشأ السيد، في اتصال مع «الأخبار»، إعطاء الأمر أبعاداً سياسية أو أمنية متصلة به، في انتظار جلاء حقيقة الأمر.
بين «حكم الأزعر» و«حكم العسكر»!
ابراهيم الأمين
في لبنان، لا يكفي الإجماع على وجوب محاربة الفساد حتى ينطلق قطار الثورة. الاختلافات تتركز حول سبل محاربة الفساد بطريقة تكشف الاختلاف العميق حول تحديد المسؤول عن الفساد. وفي كل مرة، يعود اللبنانيون ويُظهِرون أن انحيازاتهم السياسية ذات الخلفيات العقائدية أو الطائفية أو المصلحية، أشدّ وأقوى من انحيازهم الى المشتركات التي تقع تحت عنوان «المصلحة العامة». وسرعان ما تتحول هذه الانحيازات الى انقسامات تشمل كل شيء في البلاد. وتشمل أساساً المؤسسات العامة للدولة، والتي يفرض النظام الطائفي، لا أي سبب آخر، وجود تنوع فيها.
بهذا المعنى، عندما يختفي الاعتبار الطائفي (جمعيات أهلية أو غير حكومية أو إنسانية) أو عندما يتم قمع الاعتبار الطائفي (الجيش والقوى العسكرية والأمنية ووزارات الخدمات) أو عندما يسري التكاذب حول الاعتبار الطائفي (القطاعات المالية والاقتصادية والإنتاجية)، فإن هذا الاحتيال لا يلغي حقيقة الانقسام البشع القائم، ما يجعل أي مؤسسة عرضة لانفجار سريع متى اصطدمت بالمصالح العليا للجماعات اللبنانية. ويظهر أن عدم القدرة على تنفيذ انقلاب عسكري أو إمساك قوة وحيدة بالوضع، ليس سببه عجز هذه القوى عن توفير متطلبات الانقلاب اللوجستية، بل لكون المرض الطائفي فيه فائدة واحدة وهو : منع الدكتاتورية بمعناها المتعارف عليه في بقية العالم!
منذ توقف الحرب الأهلية في لبنان، لم تنعكس التحولات السياسية الجارية على صعيد التمثيل أي تبدلات عميقة في أصل الانحياز الشعبي. ها نحن بعد ثلاثة عقود، نعرف أن القوى الرئيسية التي تتمتع بتأييد غالبية شعبية ولديها فعالية تنظيمية وقدرات تنفيذية، هي ذاتها القوى المستندة الى خلفيات طائفية ومذهبية وقبلية. ولم يحصل أن شهدنا في لبنان حالة انقلابية واحدة على هذا النوع من الانحياز، ما يعني أن معالجة الخلل القائم في لبنان اليوم، لن يتم من دون انقلاب عام، وهذا مجرد وهم في الواقع الحالي. ولذلك، فإن كل تفكير طفولي بعمل انقلابي يتم على أيدي مجموعات مدنية تحظى بغطاء الخارج، أو على أيدي قوى متحالفة في ما بينها، أو حتى على يد الجيش أو القوى العسكرية، إنما هو في حقيقة الأمر مجرّد وهم ومغامرة حمقاء ستقود البلاد الى انقسامات إضافية، وستتعثر هذه القوى نفسها وتشهد انقسامات سبق أن جربها وعاشها اللبنانيون في العقود الخمسة الماضية. وليس بمقدور أي خارج أن يفرض وصاية عملانية من دون قدرته على ترهيب القوى السياسية هنا، وتوفير التمويل المطلوب لمثل إدارة كهذه. وهذا بالضبط ما كان سائداً بين العامين 1990 و2005، حين نجح الاتفاق الأميركي – السعودي – السوري، في فرض آلية لإدارة البلاد استمرت حتى لحظة انفراط عقد هذا التحالف يوم اغتيال رفيق الحريري. ومنذ ذلك الحين، لم يقدر اللبنانيون ولا القوى الخارجية على عقد اتفاق جديد يعيد الهدوء الى الحياة اليومية للناس.
منذ 17 تشرين العام 2019، يحاول لاعبون من الداخل والخارج الاحتيال على الوقائع القاسية في لبنان. تصرف البعض على أن الحراك «حيلة» يمكن استخدامها لإطاحة السلطة السياسية من دون المس بجوهر النظام. لكن ما حصل خلال شهور قليلة أن الناس عادوا الى انحيازاتهم الأصلية، وتحول «المنقذون» الى مرتزقة يسعون لكسب رزق عيشهم من مصادر تمويل لم تعد متوافرة في لبنان. وسادت الخيبة جمهوراً صادقاً لم يعرف بعد ما جرى معه. وعندما وقع انفجار المرفأ، كان في لبنان والخارج من اعتقد أنه بعد إطاحة فعالية السلطة السياسية في 17 تشرين، صار بالإمكان أخذ وظائفها من خلال المنظمات غير الحكومية. لكن مراجعة بسيطة لما قامت به غالبية هذه الجمعيات في مواجهة أزمة المرفأ، أو في مواجهة الأزمة المعيشية القائمة في البلاد، أظهرتها بصورة لا تقل بؤساً وفساداً عن صورة السلطة السياسية نفسها، ما جعلها فاقدة للصلاحية بأسرع مما يتوقع المرء. حتى وصلنا الى «تحركات» لا «حراك»، لنجد أن الفعالية غير ممكنة إلا حيث توجد قوى منظمة، بينما تسود الفوضى كل الأمكنة الأخرى.
ومع ذلك، نجد الآن من يعتقد أنه في حالة تضرر السلطة السياسية والسلطة المدنية الموازية، صار بالإمكان اللجوء الى الجيش كوسيلة للإمساك بالبلاد. وبدأ العمل على إشاعة مناخات مقززة، ليست سوى نسخة عن الحملات الشعبوية التي عاشتها شعوب كثيرة في العالم في سياق التمهيد لحكم العسكر. ولنا في العالم العربي آخر تجربتين مقيتتين، في حكم عسكري مباشر في مصر والسودان، أو حكم بوليسي مقنّع كما يجري في قطر والسعودية والإمارات وبعض دول المغرب العربي. وثمة عندنا من يريد لنا أن نكرر التجربة، وحجته أن الجيش «لا يزال المؤسسة الوحيدة التي تحظى بدعم غالبية الشعب، وأنه مشكّل من طوائف ومناطق ومذاهب تمثل كل البلاد، وأنه بعيد عن الإدارة العامة للدولة أو للسياسات، وأن انضباطيته تسمح بتسلمه الإدارة التي تتحكم الفوضى فيها».
عملياً، هذه هي الخلفية التي يتحرك على أساسها قائد الجيش العماد جوزف عون من موقع المرشح القوي لرئاسة الجمهورية، أو لقيادة مرحلة انتقالية يحكم بموجبها الجيش البلاد. ولدى العماد عون «مكتبه السياسي» المؤلف من عسكريين متقاعدين وناشطين سياسيين وإعلاميين وبعض رجال الأعمال، وهؤلاء يتصرفون باقتناع يقوم على الآتي:
أولاً: إن السلطة في لبنان فاقدة الأهلية والشرعية. فرئيس البلاد يرفضه قسم كبير من اللبنانيين ويطالبون برحيله. والحكومة مستقيلة وهي كانت مصدر خيبة للناس، والرئيس المكلف غير قادر على تشكيل حكومة من دون الخضوع لحسابات القوى البارزة، وإن مؤسسات الدولة معطلة ومفككة، وإن القطاع الاقتصادي ينشد استقراراً سياسياً وأمنياً يتيح له معاودة العمل، وأنه لا يوجد في لبنان قوى أو مرجعية خارج الانقسام سوى قيادة الجيش.
ثانياً: إن الخارج الذي يحتاج إليه لبنان كغطاء سياسي لأي حكم فيه، أو للدعم المالي والاقتصادي، لا يمانع تولي الجيش المسؤولية في حال وفّر فرصة لاختصاصيين (هم في حقيقة الأمر، مدنيو المنظمات غير الحكومية لصاحبها مصدر التمويل الخارجي)، وإن الجيش بمقدوره فرض توازن ميداني مع حزب الله الذي هو مصدر شكوى الخارج العربي والغربي. وبالتالي، فالجيش مرحّب به خارجياً.
ثالثاً: إن القوى السياسية والمرجعيات الدينية في لبنان لا تملك القدرة على مهاجمة الجيش أو انتقاده، لأن في ذلك ما يهدّد الاستقرار الأمني العام في البلاد. وإن فكرة انتقاد الجيش غير مرحّب بها أصلاً، وإنه يمكن الإمساك بغالبية الرأي العام وبالمؤسسات الإعلامية أيضاً.
لكن هذه الوصفة تخلو من كل العناصر المطلوبة لنجاح الطبخة. فقائد الجيش ليس سياسياً على الإطلاق، وتجربته في هذا المجال محدودة للغاية، ولا تعكس فهماً عميقاً لتاريخ البلاد وتعقيداته والحسابات المتعلقة بالداخل والخارج. ثم إنه ضيّق الصدر، ويعتقد أن معالجة الأمور تتم بإصدار الأوامر وبتوفير عناصر التنفيذ فقط. وهو لا يرحّب أبداً بكل رأي آخر، حتى ولو أضيفت الى خطبه عبارات احترام حريات التعبير والتنوع، فهذا لا يعني شيئاً في بلاد مثل لبنان.
إضافة الى ذلك، فإن تجربة قائد الجيش الحالي مع الحكومات التي عمل معها منذ تعيينه، لا تبشّر بالخير. فهو دائم الصدام مع وزراء الدفاع متى قرروا الدفاع عن صلاحياتهم. ثم هو يبرر لنفسه القيام بأمور من خارج النص القانوني لأجل الضرورات: من عقد اتفاقات تعاون أمنية وعسكرية مع الخارج، أو تلقّي مساعدات وتبرعات مالية من دون إجازة، أو حتى إدارة حسابات مصرفية بطرق خاصة خارج أي قانون محاسبة عمومية، وفوق ذلك، التصرف بحرية التواصل مع العالم العربي والغربي لأجل الحصول على دعم مالي ولوجستي من دون استئذان السلطة التنفيذية، وصولاً الى استخدام تعابير كالتي سمعناها في خطابه أمام الضباط من نوع أنه لا يحق لأحد التدخل في عمل المؤسسة العسكرية، وكأنها مؤسسة خارج الدولة أو ليست تتلقى رواتبها من خزينة الدولة، أو أن الشعب انتخبه قائداً للجيش وليس مجلس الوزراء هو من عيّنه نزولاً عن رغبة الرئيس ميشال عون وإلحاحه.
اليوم، ثمة محاولة يجب التصدي لها كي لا يجري إدخال لبنان في مزيد من التجارب الفاشلة. ثمة أطفال في السياسة يحشون رأس القائد بمفاهيم وتصورات حول طريقة إدارة الأمن في البلاد وكيفية التعامل مع التظاهرات أو مع القوى السياسية أو مع الملفات الخاصة بموازنة الجيش أو التواصل مع الدول والعواصم الخارجية. وهؤلاء الأطفال ليسوا سوى انتهازيين يريدون انتزاع أدوار بالقوة، ويعتقدون أنهم وجدوا ضالتهم في قائد الجيش الذي يحتاج الى «مدنيين» لإدارة برنامجه السياسي.
صحيح أن لبنان يريد التخلص من «حكم الأزعر»… لكن واهم من يعتقد أن الحل ممكن أو منطقي عن طريق «حكم العسكر»!
سرقة المدعوم: محضر للبعض وشمع أحمر لآخرين
باتت لافتةً الازدواجية التي يُعامل بها سارقو المواد المدعومة ومحتكروها. جنوباً على سبيل المثال، أقفل محافظ النبطية الخميس الماضي أحد محال السوبر ماركت بالشمع الأحمر لمدة أسبوع، بعد اتهام أصحابها بالتلاعب بالأسعار. و بعد يوم واحد، نشر أحد المواطنين مقطعاً مصوّراً لعشرات أكياس المواد الغذائية من ماركات مدعومة فارغة ملقاة في خراج بلدة الصرفند (قضاء صيدا). وقبل أن تتحرك وزارة الاقتصاد والتجارة والنيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، قام مجهولون صباح اليوم التالي (اول من أمس السبت) بإحراق الأكياس. فكيف تصرّفت الدولة بعد الإخبار الذي قدمه مواطنون من أن عدداً من المتاجر الكبرى في الصرفند متورطة في إفراغ المواد المدعومة وإعادة تعبئتها في أكياس عليها ماركات أخرى غير مدعومة تباع بأسعار عالية؟ بعد انتشار مقطع إحراق الأكياس، تحركت النيابة التي كلفت فصيلة عدلون بفتح محضر بالواقعة، فيما سطّر مندوبو الاقتصاد محضراً باحتكار مواد أساسية بحق فرعي متجرين في الصرفند وأحالوهما على القضاء، علماً بأن القانون يفرض في هذا الحالة اتخاذ الإجراءات القضائية لمعرفة المرتكبين والتجار المتورطين من خلال حصر التجار المستفيدين من الدعم في منطقة الجنوب ومراقبة مخزونهم وكيفية تصريفه والتدقيق في الأسعار ومنع التجار المتورطين من الاستفادة مجدداً من الدعم وتجميد طلباتهم في الوزارة وإيقاف دفعاتهم في مصرف لبنان. لكن يبدو أن الجهات الإدارية اتخذت ذلك الإجراء الشكلي لتلافي ختم المستودعات بالشمع الأحمر ومصادرة البضائع المدعومة وتأمين غطاء للجناة.
اللواء
«فوضى الفساد» تطال السلع المدعومة واللقاحات.. و«الثنائي» لإنعاش التأليف!
باسيل ينفصل عن «الوقائع» وحزب الله يُطالبه بالحلحلة.. و«مجابهة السبت» إنذار بالآتي الأعظم
في الأسبوع الأخير، ما قبل دخول مدار التخفيف من اجراءات الاقفال، تكاد الأمور تمعن في الالتباس، والمشكلات بالصعوبات المستعصية على المعالجة، وسط مؤشرات على انسداد دائم في أفق المعالجة، وانهيارات متمادية في قيمة سعر الليرة اللبنانية، التي يخشى ان تخرج من التعامل في «السوق الموازية» أو السوداء، مع تخطي سعر صرف الدولار 12500 ليرة، بين مساء السبت وصباح الأحد، في أبلغ تحد على قرارات الاجتماع الأمني الذي عقد في بعبدا، عشية بلوغ سعر صرف العملة الأميركية العشرة آلاف ليرة لبنانية، والذي قرر ملاحقة الصرافين والمناصفات الالكترونية فاختفى الدولار، من الأسواق الشرعية، ليدخل في غياهب عمليات الكترونية، أو حقائب سوداء، لا تبيع الدولار فقط، بل المخاوف أيضاً من «الآتي الأعظم».
وكشفت عمليات التلقيح عن فوضى واستنسابية، في تناول اللقاح المتوافر، وفقاً للآليات الرسمية المعلن عنها، بتراتب أولويات من الجسم الطبي، إلى كبار السن، نزولاً إلى الفئات العمرية الأقل.
وفي هذا الإطار، يشكو مواطنون من الذين تجاوزوا عمر السبعين، ولم تدرج أسماؤهم، مع العلم أنهم تقدموا بالطلبات إلى المنصة المعلن عنها رسمياً في وزارة الصحة.
وتبين أن أشخاصاً يتصل بهم بعمر الخمسين أو أقل لتناول التلقيح، من غير المدرج أسماؤهم على المنصة، وهذا يسبب فوضى، وأزمة ثقة لدى المواطنين بترتيبات وزارة الصحة العامة.
وعلى صعيد اللقاحات، أدخل قرار ايرلندا تعليق استخدام لقاح استرازينيكا، بعد تسجيل إصابات بجلطات دموية في أكثر من بلد اوروبي، مع خروج تظاهرات في كندا وهولندا وايطاليا اعتراضاً على الإجراءات المفروضة.
وكشفت قناة «المنار» ان «المرتكبين» الذين يكسرون القواعد الأخلاقية، برفع سعر الدولار، وسرقة السلع المدعومة، قاموا بتهريبها إلى السويد بعد الكويت وساحل العاج.
انعاش التأليف
حكومياً، كشفت مصادر سياسية ان ملف تشكيل الحكومة قفز إلى واجهة الاهتمامات من جديد ، وكان محور اتصالات بعيدة عن الضوضاء الاعلامية بين الاطراف المعنيين، لاسيما بعد تسارع الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي المتواصل وتم تبادل طروحات وافكار معينة للخروج من مأزق تشكيل الحكومة. وقالت ان الرئيس نبيه بري انطلاقا من المبادرة التي اعلنها سابقا،بادر إلى اجراء سلسلة اتصالات شملت الرئيس المكلف سعد الحريري وحزب الله وغيرهم، تناولت، سبل الخروج من ازمة التشكيل، كما شملت الاتصالات التيار الوطني الحر على هامش جلسة مجلس النواب الاسبوع الماضي، لتذليل الخلافات القائمة وتسربع الخطى لتشكيل الحكومة الجديدة. واشارت المصادر الى ان هناك تفاهما بين الرئيس بري والحزب على انه لا يمكن الاستمرار بتأخير تشكيل الحكومة، لاسيما وان الوضع يتدهور بسرعة ولم يعد بالامكان ترك الأمور على غاربها وكأن شيئا لم يحصل او لجم حركة الشارع التي باتت تنذر بتداعيات لايمكن التكهن بنتائجها. وترددت معلومات، نقلا عن المصادر المذكورة، بان الحزب تواصل الخميس الماضي مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وابلغه بضرورة الاسراع بتجاوز الخلافات القائمة لتشكيل الحكومة استنادا لمبادرة بري، على ان تكون الحكومة الجديدة من ١٨ وزيرا، لا يكون فيها الثلث المعطل لاي طرف كان على ان تكون حصة رئيس الجمهورية خمسة وزراء اضافة الى وزير الطاشناق ويتم حل مشكلة الداخلية والعدلية بالتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وبمسعى من بري شخصيا، ان كان من خلال تسمية رئيس الجمهورية لشخصية موثوقة للداخلية، يوافق عليه الحريري والعدلية شخصية يسميها الرئيس المكلف ويوافق عليها عون او اي صيغة مقبولة تنهي هذه المشكلة بالتفاهم. وكشفت المصادر ان الحزب ابلغ باسيل انه لم يعد بالامكان ضبط حركة الشارع الذي يتفلت بسرعة قياسية،وذاكرا التظاهرات التي تحصل بالجنوب والبقاع والشمال وبيروت.
واشارت المصادر الى ان تململ باسيل مما تبلغة من الحزب وحاول الايحاء بأن هذا الموقف الجديد وكأنه بمثابة تخل الحزب عنه لمصلحة الحريري وبالطبع كان الجواب النفي التام وبان موجبات إنقاذ البلد تتطلب تسريع الخطى لإنجاز التشكيلة الحكومية باقصر وقت ممكن، لاسيما وان الضغوطات الخارجية تتزايد وتربط تقديم المساعدات المالية بتشكيل الحكومة الجديدة. وتوقعت المصادر ان تتسارع وتيرة الاتصالات والمشاورات في الساعات المقبلة بين المعنيين لاحداث ثغرة بعملية التشكيل، كون الضغط الشعبي الداخلي، يواكبه ضغط خارجي،ان كان بالمواقف المباشرة كما صدر عن وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان او عبر البيان الذي اصدرت مجموعة الدعم الدولي للبنان مؤخرا او في الالحاح الروسي الداعم لتسريع تشكيل الحكومة العتيدة، في حين تبقى العبرة بتنفيذ هذه الرغبات والتوجهات من قبل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
وسط ذلك انشغل الوسط السياسي والرسمي بلقاء غير معلن بين سفير خادم الحرمين الشريفين وليد البخاري وبين مستشار الرئيس عون الوزير الاسبق سليم جريصاتي يوم الجمعة، لم تعرف تفاصيله بسبب تكتم الطرفين حوله.
لكن مصادر متابعة تؤكد لـ«اللواء» ان عون اوفد جريصاتي من ضمن مسعاه لإحداث خرق في الجدار الحكومي ولاستيضاح حقيقة الموقف السعودي، وانه يجب رصد حركة السفير السعودي خلال اليومين المقبلين، لتتضح وجهة التحرك وما اذا كان سيقوم باي اتصالات بشان الحكومة، ولتتضح صحة المعلومات المتناقضة عن الموقف السعودي من تشكيل الحكومة، والذي يتارجح بين رفضها تغطية اي حكومة يشارك فيها حزب الله وبين انها لا تتدخل في شان تشكيل الحكومة وتترك الامر للبنانيين.
سياسياً، وفي الوقت الذي لم يتم نفي او تأكيد خبر لقاء موفد رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي مع السفير السعودي، افادت اوساط مطلعة لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية ليس بحاجة إلى ارسال موفد للقاء سفير في وطنه لبنان، وهو الذي يلتقي السفراء ويقبل اعتمادهم اصلاً، مشيرة في الوقت نفسه إلى ان اي لقاء يحصل لا يتم خفية او في السر، مؤكدة ان عودة الهدوء إلى العلاقات العربية العربي مسألة اساسية. وهذا من شأنه ان يرتد ايجابياً على لبنان، ولبنان يرحب بذلك نظراً لانعكاسه على موضوع اللاجئين والاستقرار الامني او السياسي او عودة الحياة الطبيعية إليه والتفاعل مع العالم العربي.
وغير ذلك، بقيت كل التسريبات والمعلومات تراوح مكانها لا سيما في ما خص الكلام عن اعادة تشغيل محركات الرئيس نبيه بري وتجديد مساعيه، والتي يبدو انها ايضا لم تصل الى مكان بعد ما اعلنه مستشار بري السياسي النائب علي حسن خليل بعد الجلسة التشريعية للمجلس النيابي من ان لا مؤشرا على تشكيل حكومة قريبا، وهوما يعكس جو الاحتقان والرفض لكل المقترحات المطروحة.واعتبرت المصادر ان هذا الموقف يؤشر الى بقاء الحريري على موقفه برفض حكومة العشرين وزيرا لأنها ستتضمن الثلث الضامن لعون.
وخلال لقاء عام للمجالس البلدية في جبل عامل نظمه مكتب الشؤون البلدية والاختيارية في «حركة أمل» – إقليم جبل عامل في مركز باسل الأسد الثقافي في صور، أشار خليل الى أن «البعض ما زال يتمسك بشروطه عبر الحصول على نسبة معينة في تشكيل الحكومة، ونحن نقول وزيرا زائدا أو ناقصا لن ينقذ فريقا من المحاسبة أمام الناس».
واضاف خليل: أنه خلال الأيام الماضية، قام الرئيس بري بجملة من الاتصالات، ولكن للأسف الأطراف المعنية بحل الأزمة ما زالت متمسكة برأيها وهو ما يؤدي الى تعطيل الحل وإرجائه، والمصيبة هي تجاهل البعض لعمق هذه الأزمة.
وافادت المصادر، «ان الرئيس الحريري لم يتسلم اي اقتراح، وانه لم ير اللواء عباس ابراهيم منذ اسبوعين، وعندما يتبلغ رسميا بقبول رئيس الجمهورية بمبدأ تشكيل الحكومة على قاعدة ثلاث ستات فحينها لكل حادث حديث».
وفي تطور سياسي جديد، إستقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، وعرض معه مختلف التطورات الراهنة. وحسب بيان الحزب التقدمي، «جرى التأكيد على مواصلة الجهود لتنفيذ ما كان تم الاتفاق عليه في لقاء عين التينة، واستكمال السعي لمعالجة تداعيات الأحداث التي وقعت في كلّ من الشويفات والبساتين، ومتابعة الشؤون والقضايا المتعلّقة بطائفة الموحدين الدروز، والعمل بما يساهم في تحصين المجتمع في هذه المرحلة الصعبة الحافلة بالأزمات».
وهاب: لا حكومة
واعتبر الوزير السابق وئام وهاب أن الوزير الدرزي الثاني يسميه لقاء خلدة ولا مساومة على ذلك. مشيراً الى ان لا حكومة اليوم، معتبراً أن لا استقرار، قبل استقرار الوضع في سوريا.
واشار الى ان المعنيين هم أسرى مواقفهم ويهربون من المسؤولية. وأعرب عن تخوفه من العودة الى الميليشيات، وأن كل ميليشيا تحمي منطقتها.
ومع التذكير بين وقت وآخر بالمخاوف الفرنسية من تضييع القوى السياسية والحاكمة الفرصة الاخيرة المتاحة امام لبنان للخروج من ازماته المتعددة والمتوالدة كالفطر، ممكن يرفع المخاوف بقوة من انهيار الدولة والمجتمع، كررت الخارجية الأميركية «القلق من التطورات في لبنان» لا سيما من التقاعس الواضح من الزعماء اللبنانيين في مواجهة الأزمات المتعددة المستمرة، مضيفة ان «اللبنانيين يستحقون حكومة تنفذ بشكل عاجل الاصلاحات اللازمة لانقاذ الاقتصاد المتدهور» في البلاد. وإذ أكدت ان «الاقتصاد اللبناني في حال ازمة بسبب عقود من الفساد وسوء الإدارة»، و«يحتاج الزعماء السياسيون اللبنانيون الى التخلي عن سياسة حافة الهاوية الحزبية. ويجب عليهم ان يغيروا المسار. ويجب عليهم ان يعملوا من اجل الخير العام والمصالح المشتركة للشعب اللبناني».
وبالتزامن، وصل ليلاً الى موسكو وفد «حزب الله» برئاسة رئيس كتلة الوفاء محمد رعد لإجراء محارثات تتعلق بالوضعين في لبنان وسوريا والمنطقة، ويضم الوفد مسؤول العلاقات العربية والدولية والتواصل السيد عمار الموسوي، ومعاونه للشؤون الدولية د. احمد مهني والمستشار الاعلامي احمد حاج علي.
وتأتي الزيارة تلبية لدعوة الخارجية الروسية، وتستمر لثلاثة ايام، وتشمل جولة من اللقاءات في الخارجية الروسية والمجلس الفدرالي ومجلس الدوما ولقاءات سياسية واعلامية اخرى.
ولدى وصوله الى موسكو، التقى الوفد بالسفير اللبناني شوقي بو نصار.
المخاوف الامنية
وفي تطور امني، قد يكون له ارتدادات، ألقيت قنبلة مساء امس قرب منزل النائب جميل السيد في بئر حسن.
وفيما امتنع النائب السيد عن التعليق، ترددت ليلاً معلومات ان لا صحة لخبر القنبلة، وكل ما في الامر، انفجار إطار شاحنة.
يشار الى ان وزير الداخلية السابق مروان شربل كشف عن ان رؤساء احزاب وصلتهم تحذيرات امنية بشأن عمليات اغتيال. وقال «لم يكن على وزير الداخلية الحديث عن اغتيالات، ولم يبق لنا أمل الا الأجهزة الامنية»، مشيراً الى ان «في حال حصل اغتيال لشخصية مهمة فستكون هناك مخاوف من احداث في الشارع.
واشار شربل الى ان «الاحزاب كافة تملك «جماعة الموتسيكلات» الخاصة بها وهي اقوى من «الثوار» واقوى من الدولة»، مؤكداً ان «الانتخابات العامة «طايرة» حتماً وفي حال تفاقم تفشي كورونا لن يكون لدينا 30 مليون دولار لاجراء الانتخابات».
صحياً، اعلنت وزاة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 3086 اصابة جديدة بفايروس كورونا، و46 حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي الى 418448 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
البناء
سورية تُنهي 10 سنوات حرب صامدة… وروسيا لمبادرة سياسيّة من الباب العربيّ
بري يتريّث بسبب السقوف العالية… وباسيل للحريريّ شكّل أو اعتذر
حزب الله في موسكو لمشاورات إقليميّة… واستبعاد لمبادرة حكوميّة
كتب المحرّر السياسيّ
تنهي سورية السنة العاشرة من الحرب المفتوحة عليها، بصمود استثنائي واجهت خلاله ثلاث موجات من أنواع مختلفة من الحروب، كانت الأولى فيها ترتكز على الضغوط السياسية والإعلامية لتحريك الحشود الشعبية، وتفكيك مؤسسات الدولة، وتكرار مشاهد الربيع العربيّ بأخذها إلى الفوضى. وجاءت الثانية بحشد عشرات الآلاف من العناصر الإرهابية المدعومة من تحالفات دولية وإقليمية للسيطرة على الجغرافيا، بنيّة الإمساك بالسلطة كحدّ أعلى وإنجاز أرضية تتيح فرض التقسيم كحد أدنى، وتتواصل الثالثة بعدما نجحت الدولة السورية بدعم من حلفائها باحتواء الموجتين الأولى والثانية، بتمسّك الأغلبية الشعبية بالدولة وتماسك مؤسساتها، وتتمثل الموجة الثالثة المستمرة منذ ثلاث سنوات بالعقوبات والحصار والضغوط المالية والاقتصادية، أملاً بفرض تنازلات عن سيادة ووحدة سورية، أو تفكيك التمسك الشعبي بالدولة والتماسك السياسي لمؤسساتها. وقال الدبلوماسيان الأميركيان جيفري فيلتمان وروبرت فورد إنها أصيبت بالفشل، وتسعى روسيا للاستثمار على نتائج الصمود السوري لإطلاق مبادرة سياسيّة لرفع الحظر عن الحل السياسي والنهوض الاقتصادي معاً، من بوابة عودة سورية الى الجامعة العربية، الذي يتحرّك عليه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف وشكلت زيارته الخليجية ترجمة لها، ضمن مسعى يطال تفعيل العملية السياسية عبر اللجنة الدستورية، ورفع الحظر عن تمويل عودة النازحين وإعادة الإعمار.
بالتوازي تستقبل موسكو وفداً قيادياً من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ضمن مسعى روسي للوقوف على قراءة حزب الله للأوضاع الإقليمية بعد تسلّم إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن لمقاليد الحكم، والاستعداد لملاقاة الفرضيات والاحتمالات بما فيها فرص التسويات في الملفات الساخنة، بخطط مشتركة، واستبعدت مصادر متابعة للزيارة أن تخرج بمبادرة تتصل بالمأزق الحكومي في لبنان.
لبنانياً، يبدو الوضع مغلقاً على فرص الحلحلة، ويندفع البلد بسرعة نحو الهاوية، حيث ارتفاع سعر الدولار ينتج تداعيات تتخطى الشأن الاجتماعي الذي تجاوز حدّ الفقر، إلى الشأن الأمنيّ مع تسجيل ارتفاع واضح في نسب الجرائم العاديّة من كسر وخلع وسرقة سيارات، بينما تصاعدت مشاهد المواجهات في المجمّعات التجارية بين المستهلكين على البضائع المدعومة، التي باتت ستاراً لتمويل التجار وتهريب الأموال إلى الخارج، فيما حذّرت مصادر أمنيّة من مخاطر الاقتراب من الفوضى الشاملة وظهور ملامح الأمن الذاتيّ في الأحياء والمناطق.
على الصعيد السياسيّ، قالت مصادر معنية بالملف الحكومي إن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يدرس إطلاق مبادرة لحلحلة العقدة الحكومية، قرّر التريث في مبادرته بسبب السقوف العالية التي لا تتيح فرص تحقيق أي تقدّم، بينما قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إن الأزمة الحكومية ناتجة عن سعي الرئيس المكلف سعد الحريري إلى فرض أحد سيناريوهين، حكومة تحاصر رئيس الجمهورية، أو فراغ حكوميّ حتى نهاية العهد الرئاسي، داعياً الحريري إلى الاختيار بين تأليف الحكومة أو الاعتذار، إذا كان حريصاً على منع وقوع الانهيار، لأن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر لن يرضخا لأحد خيارَيْ الهيمنة أو الفراغ.
حتى الساعة، لا تزال اتصالات التأليف الحكومي تدور في الحلقة نفسها، فلا حكومة في المدى المنظور وفق مصادر مطلعة على مسار الوساطات لـ «البناء»، فملف التشكيل لا يزال غير محسوم حتى الساعة عند الأطراف المتنازعة، المفاوضات التي حصلت في الأيام الماضية لم تصل الى نتيجة، وطرح الرئيس نبيه بري لم يلقَ الصدى المطلوب، معتبرة أن الرهان يبقى على المساعي الخارجية التي بدورها لم تنجح في دفع القوى المعنيّة على تسهيل تشكيل الحكومة، مشدّدة على أن المسؤوليّة تقع على عاتق الجميع، فكل فريق من الأفرقاء يحاول الهروب من تحمل مسؤولية الانهيار. وليس بعيداً ترى المصادر ان المعنيين يعرقلون تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منهم، ولذلك يفضلون انتظار التسويات الخارجية لتأليف حكومة تشبه الحكومات السابقة تبقي على أدائهم التحاصصي في المؤسسات والوزارات.
الى ذلك تبدأ زيارة وفد حزب الله برئاسة النائب محمد رعد اليوم الى موسكو، حيث سيلتقي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كما سيلتقي الوفد أيضاً مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الخاص لشؤون الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، فضلاً عن لقاءات مع ممثلي البرلمان الروسي في زيارة سوف تستمر 4 أيام سيناقش الوفد خلالها قضايا إقليميّة أولها الملف السوري والوضع اللبناني».
وفي السياق أشار النائب رعد، إلى أنه «ليس هناك جدول أعمال محدد النقاط، قد نمرّ على موضوع تشكيل الحكومة، لكن في سياق تقييمنا لأوضاع لبنان وضرورة الاستقرار فيه والسعي من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة». وأوضح أن جلسات النقاش سوف تتحدّد ما بين وزارة الخارجيّة ولجنة الخارجيّة في مجلس الدوما وبعض المسؤولين واعتقد أننا ستتاح لنا فرصة اللقاء مع بعض المسؤولين في مستوى وزارة الخارجيّة». وعن إمكانية أن تلعب الدولة الروسية دوراً في ملف تشكيل الحكومة اللبنانيّة قال رعد: «نأمل أن تأخذ روسيا دورها الطبيعي في مواكبة المساعي القائمة والضغط من أجل تسريع الحلول المطلوبة، التي يقررها الشعب اللبناني».
واعتبر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن الصمود هو عنوان المرحلة ويكون عبر تحديد خيارات استراتيجية وتموضعات انتقاليّة في السياسة الخارجية والداخلية وعبر سياسة تنظيمية داخلية تسمح بالتأقلم والتحمّل تحقيقاً لما اعتاد عليه التيّار من صمود ومرونة.
ورأى، في مؤتمر صحافي في ذكرى 14 آذار، أن عودة اللاجئين والنازحين شرط وجودي للبنان، مشدداً على أن التيار الوطني الحر يريد الاتفاق بين اللبنانيين على مفهوم واحد هو عدم انغماس لبنان في قضايا لا ارتباط له ولمصالحه بها.
وقال باسيل: «عانى التيار الوطني الحر من إمساك منظومة سياسية – مالية بمفاصل الدولة والقرار وعاش إثر ذلك كسائر اللبنانيين أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد وأزمة سقوط النظام».
وأكد رئيس التيار الوطني الحر تصميم التيار إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها لتطويرها بما يحقق حماية لبنان، مشيراً إلى أن التيار مستعدّ لكل حوار لتوسيع المساحة بين اللبنانيين ويعمل لتحقيق الإصلاحات على مختلف الصعد.
وقال: «بناء الدولة يكون من خلال مكافحة جديّة للفساد وإجراء كافّة الإصلاحات، تطوير النظام بما يوقف تعطيله ويؤمّن الشراكة الوطنية الكاملة»، معتبراً أن الحل المستدام لمكافحة الفساد يبقى عبر قضاءٍ مستقّلٍ وفعّال واعتماد الحكومة الالكترونيّة لوقف الرشوة وتسهيل وتسريع المعاملات الادارية.
وحول الملف الحكوميّ، اعتبر باسيل انّ «الحكومة التي نريدها اليوم قبل الغد لن تصحّح وحدها الأمور. فالمشكلة أنّ هناك انهياراً اقتصادياً ومالياً وفي المقابل النظام السياسي «مش شغّال»، فهل الرئيس ميشال عون هو من صنع الثغرات في دستور الطائف؟».
وأشار باسيل الى أنه ليس مرشحًا للرئاسة، وتابع: «أتحدّى أن يقول أحد إنني فاتحته بهذا الموضوع».
ورأى باسيل انّ «الهيلا هو والعقوبات ومواقف الرئيس المكلف سعد الحريري ليست بالصدفة».
وقال باسيل: «اخترعوا أخيراً أنهم لا يقبلون إلا أن نعطيهم الثقة، وهم يريدون حصار الرئيس من ضمن الحكومة «وتدقيق جنائي رح نشوف ساعتها» وهم يستخدمون الدولار وآخر همّهم ما يحصل للناس»، مشدداً على ضرورة «تشكيل حكومة لمعالجة الأوضاع الملحّة والقيام بحوار وطني لأنّ الدول لن تنفعنا»، لافتاً الى «أنهم يريدون ان ينهوا عهد الرئيس ميشال عون بالقول إن هذه التجربة فشلت ولهذا يدخلون بحسابات النصف زائداً واحداً والثلث والثلثين في الحكومة، علمًا أنها يفترض أن تكون حكومة اختصاصيين».
وأضاف: «يصوّرون انّنا ضدّ السنّة فقط بسبب التفاهم مع «حزب الله»، لكننا نسعى دائماً للتفاهم مع الجميع وبينهم تيار المستقبل»، وتابع: «تحدّثنا مع «حزب الله» في الحاجة الى تطوير التفاهم ونزع السلاح بالقوّة يسبّب حرباً في الداخل ونزاعاً في الإقليم، لكن بالتفاهم يمكن وضع إطار له».
وأكّد البطريرك الماروني بشارة الراعي أنه مثلما نتفهم غضب الشعب نتفهم أيضاً تذمّر المؤسسة العسكرية. فالجيش هو من هذا الشعب، ولا يجوز وضعه في مواجهة شعبه. والجيش هو من هذه الشرعية، ولا يحق لها إهمال احتياجاته وعدم الوقوف على معطيات قيادته ومشاعر ضباطه وجنوده. والجيش هو القوة الشرعية المنوطة بها مسؤولية الدفاع عن لبنان، فلا يجوز تشريع أو تغطية وجود أي سلاح غير شرعيٍ إلى جانب سلاحه. والجيش هو جيش الوطن كله، ولا يحق أن يجعله البعض جيش السلطة. والجيش هو جيش الديمقراطية ولا يحق لأحد أن يحوله جيش التدابير القمعيّة. والجيش بكل مقوّماته هو رمز الوحدة الوطنية ومحققها. بالمحافظة عليه، نحافظ على الوطن وسيادته وحياده الإيجابي، وعلى الثقة بين أطيافه، والولاء له دون سواه.
وبانتظار أن تجتمع اللجان المشتركة يوم الثلاثاء للبحث في اقتراح القانون المعجّل والمكرّر الرامي إلى إعطاء سلفة لكهرباء لبنان لعام 2021، فإن طلب التيار الوطني الحر سلفة بقيمة 1500 مليار ليرة لمؤسسة كهرباء لبنان لا يزال محل أخذ ورد. وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء»، إن إقرار القانون في البرلمان سوف يستتبع بفتح السلفة المذكورة أو الاعتماد من قبل وزارة المال من دون أن يعني ذلك على الإطلاق أن المصرف المركزيّ سوف يصرفها وفق سعر الرسميّ خاصة أن هذا الأمر من شأنه أن يكون على حساب الاحتياطي الإلزامي الذي يرفض الحاكم المركزي رياض سلامة المسّ به وما تبقى من أموال المودعين، هذا فضلاً عن أن الأمر من شأنه أن يؤدي الى رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات والأدوية.
صحياً، يواصل عداد كورونا التحليق يومياً مع إعادة فتح البلد وعودة التحركات الى الشارع، وأعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 3086 إصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 418448. كما تمّ تسجيل 46 حالة وفاة. واعتبر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن موضوع لقاحات كورونا لا يمكن أخذه شعبوياً. ورأى وزير الصحة أن من يريد المبادرة عبر الوزارة عليه تفهّم الشح العالميّ للقاح وإذا كان الأمر يتعلق بموضوع سعر اللقاح فيجب عدم إلقاء اللوم على الوزارة.
المصدر: صحف