كتبت صحيفة الاخبار اليوم تحت عنوان “واشنطن تتخلّى عن سلامة؟”:
الحصار يشتدّ على رياض سلامة. بعد سويسرا والتحقيق المستمر بشأن تورّطه بغسيل أموال واختلاس محتمل، تتجه الولايات المتحدة الأميركية لإطلاق رصاصة الرحمة على حاكم المصرف المركزي اللبناني. وكالة «بلومبرغ» أفادت أمس بأن واشنطن تدرس فرض عقوبات على سلامة. و«نقلاً عن أربعة أشخاص مطّلعين على الأمر»، أشارت الوكالة إلى أن مسؤولين داخل إدارة الرئيس جو بايدن ناقشوا إمكانية اتخاذ إجراءات منسّقة مع نظرائهم الأوروبيين تستهدف رأس السلطة النقدية في لبنان. ونقلت الوكالة عن مصادرها أن «المناقشة ركّزت حتى الآن على إمكانية تجميد أصول سلامة في الخارج واتخاذ إجراءات من شأنها أن تحدّ من قدرته على القيام بأعمال تجارية في الخارج». وأوضحت أن المداولات جارية وقد لا يكون القرار نهائياً بشأن اتخاذ إجراء وشيك.
ووفق المصادر، طُرح خيار معاقبة سلامة العام الماضي، لكن الرئيس السابق دونالد ترامب لم يكن مهتماً باتخاذ إجراء مماثل حينها. وفي سياق متصل، قال الأشخاص الأربعة لوكالة «بلومبرغ» إن التحقيق السويسري يشمل أيضاً سلطات قضائية أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا، حيث تراجع السلطات روابط سلامة بالعقارات والشركات الوهمية والتحويلات المصرفية الخارجية.
وفيما أكدت مصادر حكومية مسؤولة أن المعنيين في لبنان لم يتبلّغوا أي شيء من هذا القبيل، ضجّت الساحة السياسية أمس بالخبر وتداعياته المحتملة. وما بدا مفاجئاً بالنسبة إلى كثر أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا لم تتوقف عن دعم سلامة في لقاءاتها حتى أول من أمس، علماً بأن مصادر وزارة المالية نفت أن تكون شيا قد أبلغت الوزير غازي وزني أي قرار بشأن العقوبات في لقائها معه قبل يومين. لكن مصادر مطلعة رأت أنه إذا صح الخبر وفرضت أميركا عقوبات على سلامة، فإنه لن يكون بمقدوره البقاء يوماً واحداً في منصبه، بسبب تداعيات ذلك على العمل المصرفي والعلاقة مع المصارف الخارجية. عدا عن الأسباب الشخصية، التي تحتّم التزام سلامة، الذي لطالما كان خادماً أميناً لأميركا في لبنان، بقرار استبعاده.
أما مبررات القرار الأميركي، فمرتبطة بسلوك الإدارة الأميركية الجديدة، المعتمد على سياسة ثنائية الأبعاد: الحفاظ على مصالح أميركا في العالم من جهة، و«عدم إعطاء شركائنا الذين يتبعون سياسات تتعارض مع المصالح والقيم الأميركية» فرصة الاستمرار بأدائهم السابق، من جهة أخرى. وهي بهدف تسويق صورتها الجديدة، مستعدّة لإطاحة الشركاء والعملاء، متى شعرت بأنهم يضرّون بهذه الصورة، ومتى توقفوا عن خدمة المصالح الأميركية. وفي لبنان، القطاع المصرفي الذي كان أحد الأعمدة التي ترتكز عليها السياسة الأميركية، بات بحكم المنهار والمفلس. وكما قررت الإعلان عن تخلّيها عن دعم السعودية على اليمن بحجّة هذه القيم (من دون أن تتوقف عن إدارة الحرب، إما مباشرة، أو عبر تسليم «الأعمال القذرة» إلى حليفتها بريطانيا)، لن يكون صعباً التخلي عن رياض سلامة المتّهم بقضايا فساد وسوء إدارة، والذي تحوّل أصلاً إلى ورقة محروقة في زمن الانهيار.
وأشارت المصادر الى أن الأميركيين يهتمّون خصوصاً بالتعميم الرقم 154 الذي أصدره مصرف لبنان، وخاصة لجهة إعادة جزء من الأموال المحوّلة إلى الخارج منذ عام 2017، وسبق أن سألوا رياض سلامة عن الآليات التي تتيح تنفيذه، وخصوصاً لجهة إقناع أصحاب مصارف ومساهمين كبار ومديرين تنفيذيين بإعادة 30 في المئة من أموالهم التي حُوِّلت الى الخارج. وقال زوار واشنطن إن الأميركيين استغربوا عدم تحرك هيئة التحقيق الخاصة منذ أيلول الماضي، أي بعد وقت قصير من صدور التعميم. وكشفت أن الأميركيين سبق أن طلبوا من سلامة تحريك هيئة التحقيق الخاصة، ولم يفعل ذلك إلا متأخراً. وحسب الزوار، فإن الأميركيين اهتموا أيضاً بملف استعادة الـ 15 في المئة من قبل جميع الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج في السنوات الماضية، وحتى بكيفية عمل المصارف لزيادة رساميلها بنسبة عشرين في المئة.
وقالت المصادر إن الجديد في ملف سلامة هو أن الأميركيين صاروا يسألون منذ فترة عنه وعن معاملاته وحتى عن مساعدين له، بمن فيهم ماريان الحويك، وأنهم سألوا مصرفيين لبنانيين كباراً عن موقفهم من سياسات الحاكم، وقد تلقّوا تقارير من مصارف صغيرة احتجّت على سلامة وعلى تمييزه بين البنوك في ملف الهندسات أو الدعم.
من جهة ثانية، كشفت المصادر أن وزارتَي الخارجية والخزانة في أميركا استعانتا بفرق تحقيق خاصة تعمل في إطار التدقيق الجنائي، وطلبت منها العمل في أكثر من سبع دول عربية وأوروبية من أجل التثبت من العمليات المالية لعدد غير قليل من الشخصيات اللبنانية السياسية والأمنية والمصرفية ومن طبقة رجال الأعمال «المقرّبين من مرجعيات نافذة في الحكم».
المصدر: صحيفة الاخبار