بحضور كل من عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية أ. د. مارلين حيدر، ورئيس مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية أ. د. حسين أبو رضا، ومنسّقة مختبر علم النفس الاجتماعي أ. د. رجاء مكي، وأكثر من مئتي شخص من أساتذة الجامعة اللبنانية وطلاب الدكتوراه والماستر، قدّم مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية “مختبر علم النفس الاجتماعي” ندوته الثانية لهذا العام من بُعد عبر منصة MS Teams تحت عنوان “عروض للفرق البحثية Les cartels ” بإشراف منسقة مختبر علم النفس الاجتماعي.
بدأت أعمال الندوة بعد النشيدين الوطني اللبناني والجامعة اللبنانية، وقدّم لها عضو مختبر علم النفس الاجتماعي في المركز السيد وسام التيماني، وأدارت تقديم الأبحاث الدكتورة آن ماري الغصين.
بدأ رئيس مركز الأبحاث كلمته بالشكر والتقدير لمنسقّة المختبر البروفسورة رجاء مكّي وفريق عمل المختبر والفرق البحثية منوّهاً بجهودهم ونشاطهم الذي يقع ضمن سلسلة نشاطات يقوم بها المختبر ضمن خطة مبرمجة، كما رحّب بالأساتذة والطلاب من مختلف الاختصاصات ومن مختلف الجامعات. وتطرّق بروفسور أبو رضا إلى أنّ تنظيم الأنشطة المختلفة من مؤتمرات وندوات ومحاضرات محلياً وإقليمياً ودولياً في شتى ميادين العلوم الاجتماعية، لمساعدة أساتذة المعهد وطلاب الدراسات العليا فيه على تطوير انتاجاتهم البحثية، وتوفير منبر علمي لهم للتفاعل مع أقرانهم الباحثين هي من أهداف مركز الأبحاث. لافتاً إلى أهمية “تشجيع البحث ضمن فرق بحثية متخصّصة تتفاعل فيما بينها ضمن منهجية خاصة لتنتج معرفة جديدة” معتبراً أنّ “العمل ضمن الفرق البحثية له فرادة خاصّة، وطريقة تفكير مغايرة. وهو أمر بحاجة إلى عقل منفتح وتقبّل من الفرد الأخر ضمن الفريق الواحد. وهو ما يتطلّب صبراً على الحوار وشغفاً للمعرفة وسبل إقناع”.
استهلت منسّقة مختبر علم النفس الاجتماعي كلمتها بشكر شكرت عميدة معهد العلوم الاجتماعية ورئيس مركز الأبحاث على دعمهما ومواكبتهما الدائمين لنشاطات المختبر، كما شكرت كلاً من الدكتورة سحر مصطفى والدكتورة ليلى شمس الدين على مساهمتهما في إنجاح نشاطات المختبر معنونة نشاطهما تحت شعار الإنجاز.
وأشارت بروفسورة مكي أن كل استاذ وكل طالب في اختصاص علم النفس الاجتماعي هو حكماً عضو في المختبر، مبيّنة أنّ كل مسار تحليلي هو نقطة اختيار في البحث وايضًا في التعليم. ورأت بالاستناد إلى مدرسة باريس التحليلية أنّ البُعد البحثي يمكن ان يبدأ بشخص واحد، ولكنّه يتوسّع ليصبح بالمئات، وعليه “فإننا نلجأ في البحث والتعليم إلى الاستعارة في تكوين الفِرق البحثية (الكارتيل) القائمة على التأهيل والانتساب للمجموعة بالاستناد إلى جاك لاكان، في سبيل استيعاب المادة النظرية والتجريبية للوصول إلى التقنية، مشيرة إلى أنّ تأطير الحالة أهم من علاجها. من هذا المنطلق اعتبرت منسّقة مختبر علم النفس أن هدف المختبر يُصبح نشر الوعي على البحث والتحليل.
لخصّت البروفسورة مكّي الهدف من تجربة الفرق البحثية في المختبر، من خلال الإطلالة على تجربة المعهد في ماستر الإرشاد والتوجيه، معتبرة إياها تجربة وسطية ما بين البحث والتحليل، ومرتبطة في الوقت نفسه بخيارات المؤسّسة التدريبية. وأضافت أنّ “التطبيق الاجتماعي لعلم النفس يستند إلى أطر نظرية أنثروبولوجية، إضافة إلى طريقة تفكير خاصّة، تُشكّل مساحة وسطية ما بين علم النفس وعلم الاجتماع. كما عرّفت “الكارتيل” أو العصابة البحثية، بوصفها طريقة للبحث والتحليل تطال البعد الاجتماعي بكافة ايحاءاته، كما تطال بُعد الروابط الاجتماعية. شرحت منسقة مختبر علم النفس الاجتماعي، أُسُس العمل البحثي الجماعي من المنطلق الذي حدّده “لاكان” من حيث عدد أعضاء الفرقة الواحدة، ودور الزائد واحد، وإيقاع الاجتماعات وجميعها عناصر تنخرط ضمن إطار أخلاقيات العمل البحثي المحدّدة للعمل الجماعي من خلال عدة أمور أبرزها الانفتاح والمسافة الواجبة، والانفتاح والتقاطع الافقي وقبول الآخر.
واختتمت البروفسورة كلمتها بتفسير البحث استنادًا إلى C. Revault d’Allonnes بحيث يعني الوضوح الذكي Intelligibilité المتناغم مع القدرة على التواصل Communicabilité، واصفة إياها “بالسيرة البحثية لتقويم الأخطاء المنهجية، فهي سيرة انتماء، انتماء لمعهد العلوم الاجتماعية، فافتخروا بانتمائكم للمعهد”.
أثنت عميدة معهد العلوم الاجتماعية على مجهود مركز الأبحاث بشخص الدكتور حسين أبو رضا، ومختبر علم النفس الاجتماعي بشخص الدكتورة رجاء مكي، كما اثنت على العمل البحثي الجمعي الذي يقدّمه مختبر علم النفس الاجتماعي والذي يدعم المعرفة، وأعربت عن دعمها ومواكبتها لسير الأعمال في المختبرات، ولنشاطات مركز الأبحاث تحت إدارة البروفسور أبو رضا.
الدكتورة آن ماري الغصين
قدّمت الدكتورة آن ماري الغصين الابحاث الثلاثة المُنجزة، وفسرّت د. غصين وضعية “الكارتيل” التي أطلقها “لاكان” والتي تعمل على مفاهيم نظرية، وتهدف إلى انتاج عمل بحثي جماعي وليس فردي، كونه يزيد المعرفة لدى المجموعة، بحيث تتم عملية نقل المعرفة Transmissionعند عرض البحث. وأشارت إلى أنها ليست المرة الأولى التي تُعرض فيها الفرق البحثية في المختبر، فقد تمّ عرض لثلاثة فِرق في وقت سابق، حملت ابحاثهم العناوين التالية: “الوشم”، “اسم الأب”، و “ليس الكل – Le pastout”.
مضامين الأوراق البحثية “الكوجيتو” قدّمتها السيدة ميسون حمزة، أبرزت من خلال العرض توجّهات لاكان في الاستفادة من الكوجيتو بالمنحى الرياضيّ الذي قدمه ديكارت سعياً منه لتقديم التحليل النفسي، وغياهب النفس كعلم قائم بذاته، قادر على تقديم “الماتيم” matheme / ( المقولة الرياضية) الخاص به عبر اللغة. لقد استند لاكان على الكوجيتو الديكارتي ليدخل في الماتيم، بحيث أدخل البعد الرياضيّ المنطقيّ ببعد التعبير اللغوي le parletere الذي طالما استعمله لاكان كبنية رياضية أساسية لفهم اللاوعي الذي يخزن الواقع الفردي، والذي يعتبره بدوره مكمن الوجود الأساسي والمتشكّل من خلال العلاقة بالآخر الاجتماعي حيث يتحدد وجود الذات الواعية المتكلّمة. منوّهة بأنّ غاية لاكان الأساسية تمحورت حول إثبات أنّ علم النفس وعلم النفس الاجتماعي هو علم ثابت على بنية علمية صحيحة على غرار العلوم الثابتة.
“الجسد المتكلّم” قدّمتها السيدة سعاد علم الدين. تناولت علاقة الجسد مع نفسه، والآخر، والعالم، هذه العلاقة المحدّدة من خلال أنظمة ثلاثة: النظام الخيالي والنظام الرمزي والنظام الواقعي. مشيرة إلى أن المتعة بين هذه الأنظمة تتقاطع وتتكّون أهميتها. وهي التي يعمل اللاوعي عليها لفك رموز الألغاز والأسرار والغموض والشغل الشاغل لكيفية الفهم، والتعرّف على الجسد، وعلى التصوّرات الموجودة عنده وفي أفكاره. وإلاّ يكون الجسد بالنسبة له بمثابة الشبح، تأتي اللغة لتكشف الغائب لأن الرمزي جعله إنسانًا.
“رغبة المُحلّل” قدّمتها السيدة أمال مخول. هو الموضوع الذي تمّت معالجته نظراً لأهميته على صعيد البحث العلمي كما على صعيد التحليل النفسي، فهي تدخل في صلب العملية التحليلية، لجهة القواعد الأخلاقية التي من المهم ان ينتهجها كلٌ من المحلِّل والذي تجري عليه عملية التحليل، كذلك الأمر لجهة النقلة والنقلة المضادة، وأيضاً بالنسبة لقاعدة التمنعّ التي يجب أن يخضع لها كل منهما، للوصول بالعملية التحليلية إلى هدفها بالرد على طلب المريض.
اختتم اللقاء بمشاركة الأساتذة والحضور من خلال طرح أسئلتهم الاستيضاحية حول مضمون الندوة، استتبعها إعلان منسقة مختبر علم النفس الاجتماعي البروفسورة مكي عن إطلاق فِرق بحثية جديدة ضمن المختبر، طرح أثنى عليه رئيس مركز الأبحاث البروفسور أبو رضا منوّهاً بمضمون الندوة ومعلناً عن تبنّي المركز لنشر الأوراق البحثية المدرجة ضمن الندوة، ومؤكّداً على أهمية البحث العلمي الجماعي الذي هو حاجة الجامعة اللبنانية لإنتاج الأبحاث العلمية، ومقترحاً تعاون مختبر علم النفس الاجتماعي مع باقي المختبرات لإنتاج مثل هذه الأبحاث، مشدّداً على أهميتها ولافتاً بأنّه يفتح آفاقًا جديدة للتفكير، وهو أمر مطلوب بحسب أبو رضا من صلب مختبرات مركز الأبحاث.
المصدر: موقع المنار