ركزت افتنتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 11 كانون الثاني 2021، على فقدان السيطرة على وباء كورونا المنتشر في لبنان والاتجاه نحو الاقفال العام، حيث التام والانظار تتجه صوب اجتماع مجلس الدفاع الاعلى اليوم لاتخاذ القرار المناسب بعد مناقشة توصيات اللجنة الوطنية لمكافحة الكورونا، وكلمة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وتشكيكه بأهلية سعد الحريري وقدرته على قيادة وحده دفة الاصلاح …
الاخبار
في قلب الجحيم: الإصابات إلى أكثر من عشرة آلاف يومياً «إغلاق حديدي» بعد انهيار القطاع الإستشفائي
مع إقرار لجنة الصحة النيابية، اليوم، قانون استعمال اللقاح المخصص لفيروس كورونا بصورة طارئة تمهيدا لتسريع وصوله قبل منتصف الشهر المُقبل، تبدأ أولى خطوات حالة التأهب القصوى التي فرضتها أرقام الإصابات اليومية التي تضخّمت بشكل كبير خلال الأيام الماضية وتجاوزت نسبتها في المليون تلك المُسجلة في بلدان تحتل المراتب العشر الأولى عالمياً في نسب الإصابات الإجمالية. ومع التقديرات بإمكان تجاوز أعداد المصابين العشرة آلاف يومياً في الفترة المُقبلة، في ظل انهيار شبه تام للقطاع الاستشفائي، أوعز وزير الصحة حمد حسن، ليل أمس، بـ«إخلاء» المُستشفيات الحكومية من المرضى غير المُصابين بـ«كورونا» وتخصيصها لضحايا الوباء، فيما التوجه إلى الإعلان اليوم عن تعديل قرار الإقفال التام نحو إجراءات أكثر صرامة قد تصل إلى إقفال المطار لمدة 7 أيام ومنع تام للتجوال والتشدد في الاستثناءات.
قبل عشرة أشهر، عندما كانت الدعوات إلى «عدم الهلع» تسيطر على الخطابات الرسمية، وفي المقابل كان ثمة من يدعو الى وضع خطط استراتيجية تقي من السيناريوات الأقسى التي كانت تشهدها بقية بلدان العالم. طوال هذه الفترة، لم تلقَ المطالبات بـ«منهجة» إدارة الأزمة آذاناً صاغية لدى صناع القرار الذين امتهنوا القرارات بـ«المفرّق» وبطريقة عشوائية. اليوم، يحصد البلد ثمار «اللاخطة»، فيما لمس المُقيمون تداعيات التفلّت من الإجراءات والتدابير الوقائية.
الجمعة الماضي، تجاوزت أعداد الإصابات اليومية في المليون تلك المُسجلة في إيطاليا التي تحتل المرتبة الثامنة عالمياً في تسجيل الإصابات الإجمالية وألمانيا (المرتبة العاشرة) وإسبانيا (المرتبة التاسعة)، وتجاوزها تلك المسجلة في كندا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا. وهذه كلها بلدان ذات قدرات استشفائية عالية، ولا تُقارن بالقطاع الاستشفائي المنهار بشكل كامل بفعل تواتر الضربات عليه منذ أكثر من سنة، بدءاً من الأزمة الاقتصادية وما لحقها من «موسم» هجرة الطواقم الطبية وصرف مئات الممرضين والممرضات وتراكم المستحقات المالية وأزمة انقطاع المُستلزمات الطبية، مروراً بانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب، ووصولاً الى استنزاف مخزون المواد والمعدّات و«امتلاء» أسرّة العناية الفائقة.
نسبة الإصابات في المليون تجاوزت تلك المُسجلة في البلدان العشر الأولى في إجمالي الإصابات
إشارة إلى أن هذه البلدان التي «ينافسها» لبنان، تملك، خلافاً لما لدينا، ما يُسمّى «مصادر تشخيصية موثوقة» لجهة المسح المنظم الذي يحكم أعداد الفحوصات المخبرية، «فيما يوجد لدينا مناطق شبه مفتوحة ودائمة التمرد على إجراءات الوقاية ولا قدرة على إجراء مسح دقيق لها، كالمخيمات والأحياء السكنية المكتظة التي لا يملك أهلها المنسيون من السلطة ترف إجراء الفحوصات المخبرية»، وفق مصادر طبية. وعليه، فإن الأرقام الحالية، رغم ضخامتها مقارنة مع نسبة الفحوصات المخبرية (أكثر من 13%) ومقارنةً مع عدد المُقيمين (31 ألف مُصاب في المليون)، نبقى أقلّ بكثير مما هي عليه فعلياً. ومع الانفلات الذي رافق فترة الأعياد، والتوجه الحتمي الى تكثيف الفحوصات المخبرية، لن يكون مستغرباً أن تصل أعداد الإصابات الى عشرة آلاف إصابة يومياً، وفق مصادر اللجنة الوزارية المخصصة لمواجهة كورونا. واللجنة لم تجد إلا في توصية الإقفال الحديدي وسيلة يتيمة لتدارك الوضع المتهالك، مع «بداية دخولنا السيناريو الإيطالي»، بحسب عضو اللجنة مازن بو درغم.
ووفق المعلومات، فإنّ اللجنة رفعت توصية بإقفال تام للمطار لمدة سبعة أيام بعد خلاف طويل بين أعضاء اللجنة الذين اتفقوا على عدم قدرة ضبط الوافدين بسبب انشغال القوى الأمنية خلال فترة التشدد بالإقفال. كما رفعت توصية بإلغاء الاستثناءات التي يتضمنها قرار الإقفال الحالي، كالإدارات والمؤسسات الرسمية ومحال الشتول وميكانيك السيارات وصولاً إلى التوصية بإقفال الأفران ومحال السوبرماركت على أن يكون منع التجول لمدة 24 ساعة.
هذه التوصيات ترافقت مع إصدار اللجان الطبية في 15 من المُستشفيات الرئيسية بياناً دعت فيه إلى العمل بشكل فوري على تحويل مُستشفيات بكليتها لاستقبال مرضى كورونا (تحديدا تلك التي لديها البنية الهندسية والكوادر اللازمين) بحسب خطة تحمي المُستشفيات التي تقدم الرعاية لمرضى الحالات السرطانية والحالات الطارئة القلبية والجراحية وتسهيل وتيسير الاعتمادات لشراء المعدات الطبية والأدوية الضرورية والمُستجدة ولتأمين مُستلزمات الوقاية الكاملة للجسم الطبي والتمريضي. كما طالب البيان بوقف العمل الطبي إلا للحالات الطارئة لتفريغ جميع الطاقات لمعالجة مصابي «كورونا»، على أن يستثنى فقط غير اللبنانيين الذين حضروا للاستشفاء ولمدة أسبوع من تاريخه. كما أوصت بالطلب من مجلس النواب الاجتماع بشكل فوري لملاقاة الحكومة وإصدار قانون يشرع اللقاحات بشكل طارئ من دون أي عقبات أو ملاحقات للشركات المصنعة للقاحات، وإلزام مصرف لبنان بفتح اعتمادات فورية للقاحات والاحتياجات الطبية، إضافةً إلى تشريع غرامات مالية باهظة جداً، كما في دول أخرى، على الأفراد المخالفين لقرارات الإقفال وتفعيل القانون الخاص بالعقوبات في حال نشر الوباء، مع التشدّد في التطبيق من دون استثناءات. والأهم، التشريع لتوفير الاعتمادات والمساعدات المالية الضرورية للمواطنين للصمود في بيوتهم خلال الإقفال العام».
هذه الدعوة، إضافة إلى مطالبة نقيب الأطباء في بيروت، شرف أبو شرف، بتجهيز المُستشفيات الحكومية «التي أنفق عليها سابقاً المليارات (…) والتي لا تتجاوز نسبة إشغالها الـ15%»، سبقت القرار العاجل الذي اتخذه وزير الصحة حمد حسن، ليل أمس، بوقف استقبال الحالات المرضية العادية في كل المُستشفيات الحكومية التي توجد فيها أقسام لمعالجة مرضى كورونا، وتحويل هذه المُستشفيات حصراً إلى مراكز خاصة بمرضى «كوفيد 19».
تهافت على «الأوكسيجين» للتخزين… وأجهزة «مزوّرة»
النقص الكبير في أجهزة تصنيع الأوكسيجين سببه الرئيس التهافت على تخزينها، «ما يتسبّب في حرمان المرضى الذين قد يحتاجون إليها فعلاً». وأكدت رئيسة تجمع نقابة مُستوردي المعدات والأدوات الطبية سلمى عاصي «الاقتراب من نفاد الكميات المتوافرة في السوق بسبب الطلب الكبير». وأوضحت أن 70% من الطلبات خلفيتها التخزين الاحتياطي، «لذلك نتمنى من الجميع ترك هذه الكميات للأشخاص الذين يستحقونها فعلاً».
وفيما لفتت إلى وجود كميات «في طريقها إلى لبنان»، أملت من الوزارات المعنية تسهيل إجراءاتها ومعاملاتها لتسليمها للمرضى المحتاجين. ووزّعت النقابة لائحة بأسماء الشركات التي توفّر تلك البضائع، متمنية الالتزام بها، «لأن هناك الكثير من الجهات في السوق التي تبيع أجهزة مستعملة، وقد وردتنا اتصالات وشكاوى عن أجهزة تزوّد المريض بالهواء وليس بالأوكسيجين».
تجدر الإشارة إلى أن مصرف لبنان لا يدعم استيراد أجهزة تصنيع الأوكسيجين، ما يعني أن أسعارها تُحدّد وفق سعر دولار السوق.
هل تُصادَر المُستشفيات الخاصة؟
مع تعنّت عدد كبير من المُستشفيات الخاصة وإصرارها على عدم استقبال مرضى كوفيد 19 بحجة عدم تسديد مُستحقاتها المالية المتراكمة، يُطرح نقاش بشأن الصلاحيات التي يُمكن أن تمارسها وزارة الصحة في هذا الصدد. مصدر مُطّلع أكد أن الدولة يمكنها أن تستند إلى قانون الطوارئ الذي أقرّ في بداية الأزمة لإجبار المُستشفيات على فتح أبوابها أمام المرضى، «وهي تستطيع بموجب هذا القانون مصادرتها وتخصيصها بالكامل لمرضى كورونا حفاظاً على استمرارية الحياة العامة». إلّا أن المُشكلة، وفق المصدر نفسه، تكمن في كيفية إدارة هذه المُستشفيات «فالنقص الكبير في الطواقم الطبية وغياب خطة توزيع الموارد المالية المتاحة لإدارة الأزمة سيخلقان عوائق عديدة تحول دون إمكانية تحقيق الهدف المنشود ما لم تتخذ إجراءات بديهية كان يجب أن تتخذ مع بداية الأزمة، كتخصيص مستشفيات كاملة لكورونا، والإعلان عن توظيف جزئي لأطباء وممرضين وفق خطة عمل محكمة».
إقرار «أوّليّ» لقانون الإعفاء من مسؤولية تداعيات اللقاح
قبل أسابيع، كانت إحدى الجامعات في لبنان تُنظّم اجتماعاً مع ممثلي شركة «موديرنا» للمساهمة في وضع آلية أوّلية لاستقدام اللقاح قبل أن يتم إلغاؤه لعدم وجود قانون يعفي الشركات المصنعة للقاحات من مسؤولية تحمل آثارها الجانبية.
وتتجه لجنة الصحة النيابية اليوم إلى إقرار مشروع قانون «تسيير» اللقاح عبر إعفاء الشركات المصنّعة من المسؤولية وإجازة استخدامه في الظروف الطارئة، فيما تُفيد معلومات «الأخبار» بأن الصيغة الأولية للمشروع كانت تتضمن شروطاً تفصيلية تتعلق بتعهدات تُقدمها الشركات قبل توقيع الاتفاقيات معها، «وهو أمر كان سيؤدي إلى عدم حصول لبنان على أي لقاحات في ما بعد»، بحسب أحد أعضاء اللجنة، قبل تعديل هذه الشروط والاكتفاء بصيغة عامة تجيز استخدام اللقاح. ومن المعلوم أن 250 ألف جرعة من لقاح «فايزر» يتوقع وصولها منتصف شباط المُقبل، على أن توزع وفق الأولويات التي حددتها اللجنة العلمية في وزارة الصحة، وهي كبار السن والطاقم التمريضي والطبي وأصحاب الأمراض المزمنة، وهم الفئات الأكثر عرضة لوضعهم على أجهزة التنفس الصناعي. وفيما يبلغ عدد الشحنات الكامل للقاح مليوني جرعة، يقدر رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي حصول لبنان على مليون و500 ألف جرعة من اللقاحات المعتمدة من منصة «كوفاكس»، على أن تسدد كلفتها من أموال البنك الدولي.
باسيل يشكّك في أهلية الحريري
حزب الله يجدّد مساعيه للوساطة؟
تحت عنوان «سكتنا كثيراً»، أعاد النائب جبران باسيل تثبيت موقف التيار من التشكيلة الحكومية، والداعي إلى وحدة المعايير. لكنه من هذا العنوان ذهب إلى التشكيك في أهلية سعد الحريري لقيادة الإصلاح، وهو تشكيك يقود إلى التساؤل عن مدى واقعية إسقاط التيار ومن خلفه رئيس الجمهورية للحريري من حساباته الحكومية
من قلب الإقفال العام الذي فرضه تفشي فيروس كورونا، خرج الوزير جبران باسيل بمؤتمر صحافي خصّصه للهجوم على رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري. المؤتمر الذي أعاد التذكير بأن الطبقة السياسية لا تزال عاجزة عن تأليف حكومة، جاء ليؤكد أن هذا العجز سيستمر لفترة طويلة.
ولأن الثقة مفقودة، فإن خلافاً على حقيبتين قادر على إطاحة البلد. «العدلية» و«الداخلية» لا يمكن أن تكونا لفريق واحد، ليس لشيء سوى لأن الطرف الآخر لا يضمن أن لا تستعمل الوزارتان في تصفية الحسابات. وهنا الصراع محصور طبعاً بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. وقد زادت الأزمة إثر الادعاء على موظفين في وزارة المهجرين، ومن ثم ادعاء المحقق العدلي على رئيس حكومة تصريف الأعمال. أمام هذه المعضلة التي لا رابط بينها وبين تاريخ العشرين من كانون الثاني، موعد خروج دونالد ترامب من الحكم، فإن كل المؤشرات تؤكد أنه من دون إيجاد حل لأزمة الثقة التي تطرق إليها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لن يكون بالإمكان مجرد التفكير بتقدّم في الملف الحكومي. ومن هذا المنطلق، علمت «الأخبار» أن الحزب سيُحاول مجدداً الدخول على خط العلاقة بين الطرفين؛ فالمسعى الذي بدأه منذ أسابيع لم يُستكمل، لأن الحزب فضّل حينها إعطاء المبادرة التي قام بها البطريرك بشارة الراعي فرصة لعلّها تصل بالملف الحكومي إلى برّ الأمان. لكن بعد أن تبيّن أن الطرفين لا يزالان غير مستعدين للجلوس معاً، قبل الحديث عن أي تقدّم محتمل في الملف الحكومي، فإن حزب الله قرّر تجديد مساعيه لخلق ثقة بينهما، انطلاقاً من خطاب نصر الله الداعي إلى عدم ربط الحكومة بالمفاوضات بين الأميركي والإيراني.
ولكن، لا تُعوّل مصادر مطّلعة كثيراً على هذا المسعى باعتبار أن المسافة بين بعبدا وبيت الوسط لم تكن يوماً بهذا البعد. وهذه المسافة هي التي جعلت الراعي يكرر دعوة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف إلى عقد اجتماع مصالحة شخصية، ولا يُنهيانه من دون إعلان حكومة.
الهوة الكبيرة بين الطرفين عبّر عنها باسيل بالإشارة إلى أن الحريري «لا يملك الأهلية لقيادة الإصلاح». ومقابل تمسّك الأخير بتحميل المسؤولية لرئيس الجمهورية، على اعتبار أنه قام بواجبه الدستوري وسلّمه التشكيلة الحكومية من دون أن يأتيه الجواب، ذهب باسيل إلى نقض هذه الحجة، قائلاً: «في نص دستور الطائف، رئيس الجمهورية من يصدر مرسوم الحكومة بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وبالتالي هو الأساس ورئيس الحكومة يشاركه، وليس العكس».
«المستقبل»: رئيس التيار يبحث عن تسوية رئاسية جديدة
وكان لافتاً أن باسيل أعلن نهاية «حكومة المهمة» التي كان يفترض أن يؤلفها الحريري، انطلاقاً من المبادرة الفرنسية. وسأل: هل في الدستور، بالعرف، بالتقليد، بالمنطق، بموازين القوى، أحد يصدق أن رئيس الحكومة المكلف هو من يسمّي الوزراء ويؤلف الحكومة وحده؟ هل من يطرح أمر كهذا يكون جدياً في تأليف الحكومة أم يضيّع الوقت؟ هذه الحكومة تريد أن تدير البلد وتحدد مستقبله، في ظروف استثنائية، ولم تعد فقط حكومة مهمة، وتأخذ قرارات مصيرية بترسيم الحدود، والانتخابات النيابية المقبلة، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتدقيق الجنائي، ومحاربة الفساد والإصلاح المالي والاقتصادي وتغيير نظامنا النقدي، والتطبيع والنازحين واللاجئين وغيره وغيره». وخلص إلى أن «هذا يدل على نيّاتهم وعلى ما يريدونه من الحكومة، وكأن الحكومة ليس هدفها الإصلاح وإنقاذ البلد من الانهيار، هذه الحكومة بالنسبة إليهم هي لوضع يدهم على البلد ولإعادتنا الى ما قبل 2005». وأضاف: هل تصدقون أن هؤلاء يريدون حكومة للإصلاح وللتدقيق الجنائي ومحاربة الفساد وإعادة الأموال المحوّلة إلى الخارج واستعادة الأموال المنهوبة، وكشف حسابات السياسيين وموظفي الدولة؟ من منعهم أن يلتزموا بإصلاحات سيدر؟ كم مرة طالبنا بعرضهم على مجلس الوزراء لوضع خطة وخارطة طريق لاتباعها؟ من منع ذلك إلا الكسل والجهل وعدم الرغبة في الإصلاح والجوع لسرقة المال العام؟».
وردّ المستقبل في بيان، مشيراً إلى أن «التيار يترك للشعب اللبناني تصديق الوزير باسيل أو عدم تصديقه، ولن ندخل في مهاترات سياسية (…) الحكومة جاهزة تنتظر عند رئيس الجمهورية، لتكون حكومة مهمة تتولى الإصلاحات المطلوبة بحسب المبادرة الفرنسية وليس بحسب المعايير المذهبية والطائفية والعنصرية الباسيلية». ورأت مصادر مستقبلية أن «تخبط باسيل يؤكد أنه لم يستوعب بعد صدمة العقوبات، وأن كلامه يؤكد أنه لا يريد سعد الحريري رئيساً للحكومة إلا من خلال تسوية رئاسية جديدة».
بعد الرد المستقبلي، أبدت مصادر في «التيار الوطني الحر» استغرابها للإفلاس وعدم القدرة على الرد بالسياسة. ولذلك، اعتبرت أن من يريد حقاً تأليف الحكومة لا يرمي التشكيلة ويذهب من دون عودة، بل لا يغادر قصر بعبدا قبل الاتفاق مع رئيس الجمهورية. ودعت الحريري إلى الرد على الأسئلة – مضبطة الاتهام التي سطّرها باسيل بحقه، بدلاً من الرد بالاتهامات الشخصية. ومن هذه الأسئلة: ما هو اختصاصك لتكون رئيس حكومة اختصاصيين؟ كيف تحترم الاختصاص عندما تسلّم أكثر من حقيبة لوزير واحد؟ من يسمّي وزراء الاختصاص؟ هل تريد للقوى السياسية أن تتنازل عن حقها الذي فرضه الدستور والعرف والميثاق؟ من يعطيك تفويضاً للاعتداء على الدور الدستوري لرئيس الجمهورية وتحويله إلى مجرد مصدّق على التشكيلة الحكومية؟
«يحاصروننا لنسير بالتطبيع»
أفرد النائب جبران باسيل حيّزاً مهماً من مؤتمره للحديث عن الملفات السياسة الخارجية. وقال إن «الحصار المفروض علينا هو نتيجة خيارات سياسية ووطنية أخذها لبنان في مواجهة إسرائيل، وفي مواجهة التكفيريين الملتقين مع إسرائيل على تفتيت المنطقة إلى كيانات مذهبية متناحرة، تضعف بعضها ليصير سهلاً الفتك بها. وإن من يعتقد أنه بتقسيم المنطقة يسلم لبنان هو واهم. ومن يعتقد أنه بتقسيم لبنان هو يسلم ويقوى، هو خاو». وسأل: «كيف يمكن أن يكون هناك لبناني لا يفهم منذ 73 سنة إلى اليوم الأثمان التي دفعها لبنان بسبب إسرائيل والقضية الفلسطينية، وهذا لا دخل لحزب الله به، وهو لم يكن موجوداً أصلاً. كيف يمكن أن يكون هناك لبناني واحد واع يفكر بالخضوع لشروط إسرائيل تحت عنوان تعبنا وما بقى بدنا حرب، بدنا سلام. هل نحن لا نريد سلاما؟ المطروح علينا استسلام وليس سلاماً. المطروح علينا وصفة لحرب داخلية وتفكك وانحلال يسمح لإسرائيل بأن تصفّينا وتصفّي القضية الفلسطينية وتحقق مشروعها الاحتلالي الاستيطاني الكبير بتفتيت الدول المحيطة بها، وعلى رأسها لبنان، الخطر الأكبر على نموذجها، بفضل التعايش الإسلامي – المسيحي الذي هو عكس ونقيض الأصولية والعنصرية الإسرائيلية. نحن مع السلام الحقيقي المبني على العدالة واستعادة الحقوق، لأن السلام من دون عدالة هو تكريس للظلم، ولا يدوم». وأضاف: «الحصار المفروض علينا ورقة ضغط، نحن أيضاً ساهمنا داخلياً بزيادة ثقلها علينا بفعل الأداء السيّئ والفساد ونقص الوعي عند البعض وزيادة العمالة عند البعض الآخر. هي ورقة ضغط لنسلم ببقاء النازحين واللاجئين، ولنسير بالتطبيع من دون استعادة الحقوق ومن دون حماية مواردنا وثرواتنا، وبخاصة الغاز في البحر. هذه هي الحقيقة التي يحاول البعض، بفعل عمالته، التغاضي عنها ووضع المشكلة فقط في إطارها الداخلي».
عن «هول» مشهد اقتحام الكابيتول على أنصار الغرب
ابراهيم الأمين
الاحتجاج على اقتحام مؤيدي دونالد ترامب مبنى الكونغرس ليس ذاته لدى الجميع. لم يكن الأمر غريباً على بلاد أعاد نصف الناخبين فيها تجديد الثقة به رئيساً لولاية جديدة، فيما لم ينجح خصمه الفائز في خلق غالبية شعبية حقيقية تدين ترامب وأفكاره وسياساته.
لندع النقاش الأميركي الداخلي جانباً. ما يجب الالتفات إليه هي حال «الهلع» التي سادت «مناصري» الديموقراطية الأميركية في العالم. هلع من انهيار «الفكرة» التي سكنتهم، بأشكال مختلفة، على مرّ عشرات السنين. «الفكرة» التي ثبتت بكل أشكال الحياة: اقتصادياً من خلال آليات إنتاج وتحكّم بالسوق وربط الإبداع بمنظومة تحتكر تصريف المنتجات على أنواعها. سياسياً من خلال نظم تحكم بتبعية شاملة لا فكاك منها مع النظام الحاكم في أميركا. ثقافياً من خلال نمط تعليم وتفكير وتعبير في الصحافة والفنون والأكاديميا والدراسات، والسيطرة على مراكز الإنتاج الثقافي بكل أنواعه، حتى صار أسلوب الحياة الأميركية ــــ كما تعرضه المنتجات ــــ الأسلوب الأكثر إغراءً لشعوب العالم.
في بلادنا، ظهر هلع يعيد تذكيرنا بالتاريخ اللبناني الرطب. هذا التاريخ الذي تشكّل على وقع المنظومة الغربية نفسها (قبل أن تنتقل إدارة الاستعمار من أوروبا إلى أميركا). كما تشكّل وسط النجاحات الهائلة التي حققتها «الفكرة الغربية». لذلك، نجد اليوم في لبنان، فقراء وأغنياء، متديّنين وعلمانيين، متحزّبين ومستقلين، كلهم «يخشون» على هذه «الفكرة».
في لبنان، لا يقتصر الصراخ على مرجعيات ومنظومات تحذّر من خطر «أخذنا الى خيارات لم نعتدها». هنا، بالضبط، يمكن فهم القلق على الفكرة الغربية من غالبية كبيرة ترفض التعامل مع الوقائع الجديدة التي تحكم العالم. غالبية لا تزال تعتقد أن أحداً لن يكون قادراً على التقدم خارج قفص الغرب أو الارتقاء خارج القواعد الغربية. حتى بات الناس يتصرفون وفق «مسلّمة» أن الدواء والعلاج، كما التعليم والبرامج وأساليب التدريس، كلها لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا جاءت من الغرب. من يردّدون هذه الفكرة، لا يسألون أنفسهم كيف يعيش مئات الملايين من البشر خارج هذا القيد. أساساً، لم يسأل هؤلاء، مرة واحدة، عن المصدر الحقيقي للثروات التي يتنعّم بها الغرب المتقدم، وعن سرقة ثروات الشعوب ومواردها المادية والبشرية من قبل هذه الدول المستعمرة على مدى مئات السنوات. وهؤلاء يرفضون، مثلاً، تقبّل حقيقة أن كلفة تنظيف الشوارع في «سوليدير» تساوي كلفة تنمية كل عين الرمانة وفرن الشباك. وهم يرفضون الإقرار بأن سارقي حقوق الناس في وسط بيروت، أعادوا رسم قلب المدينة على شكل لوحة باردة وأن ذلك تمّ بثروات وقدرات غيرهم. وكأن أهالي حيّ السلم لا يحبّون لشوارعهم أن تكون نظيفة ومضاءة وفيها أرصفة ومجارٍ لصرف المياه.
في لبنان، يمكن فهم «الاستلاب» ليس على صعيد فكري أو ثقافي. الناس، هنا، غير مستعدين لتغيير حزب أو قائد أو مرجع أو إدارة أو مؤسسة. في لبنان، اليوم، من هو مقتنع بأن الكهرباء لا يمكن أن تأتي من الصين أو روسيا أو إيران، مفترضين أن مليارَي إنسان يعيشون في العتَمة، وأن المولّد إذا أتى من الصين فلن يعمل عندنا، وكأن إنتاج الكهرباء متعلق بحسابات جينية وجغرافية وطبائع بشرية. والأمر نفسه ينسحب على نواحٍ كثيرة في حياتنا اليومية.
باختصار، القلقون في لبنان على انهيار «الفكرة الغربية»، هم أنفسهم الذين تعايشوا مع دونالد ترامب عندما ثبت رئيساً، والتزموا قراراته وشعاراته وآليات عمله، واليوم صاروا يرفضونه، معتقدين ربما أن أميركا أصبحت بلداً آخر. يتجاهل هؤلاء أن ما فعله ترامب ليس سوى الكشف عن حجم الأوساخ الموجودة تحت السجادة في تلك البلاد العجيبة. وكل ما أظهره هو حجم التنازع الداخلي على طريقة إدارة الحياة داخل أميركا أولاً، وخارجها ثانياً.
اللبنانيون الذين يتعاملون مع الحدث الأميركي من موقع الخائف على النموذج الغربي، يعيشون وهم «الدور» الاستثنائي لهم في مستقبل الحياة. لكن ما هو أكثر وضوحاً في ردود الفعل اللبنانية، مثلاً، هو تصدّر الحملة من قبل من يلمسون تراجع دورهم العام في حاضر البلاد وشبه المستحيل في مستقبلها. هؤلاء نخب لم يعد لديها أوهام للبيع، ولا أفكار، وكل ما تفعله، عملياً، هو «النقّ» والاحتجاج على ما يقوم به الآخرون. وهم إذ يمارسون أسوأ أنواع الكسل، يفترضون أن رصيد «الفكرة الغربية» يكفي لكي يبقوا حيث هم.
خذوا، مثلاً، حالة وليد جنبلاط، باعتباره أكثر رموز نظام التبعية رسوخاً في لبنان، والوحيد الذي لم تشمله رياح التغيير التي عصفت بلبنان على مدى نصف قرن. قلقه من التغييرات العالمية لا يتعلق بقلقه على مصير أفكار أو مجتمعات، بل يكمن في إدراكه أن صلاحيته انتهت، لا كقائد سياسي أو مرجع طائفي، بل كمفعّل ومروّج للفكرة الغربية. لا يعرف جنبلاط، مثلاً، كيفية التواصل مع محمد بن سلمان. ويأخذ عليه أنه لا يعرف مكانة الزعامة الجنبلاطية ومكانة جبل لبنان. لا يريد جنبلاط الإقرار بأن وسائل التواصل بين البشر تتيح لأقران ابن سلمان من الحكام الجدد العثور على كل ما يبتغون في أمكنة أكثر نظافة ولطافة وخدمة من هذه الزاوية التي يسمّونها لبنان الصغير.
الخشية على «الفكرة الغربية» عندنا تشمل جيلاً جديداً رغب في الثورة والتغيير، لا لقلب المعادلات بل ليحجز لنفسه مقعداً حول الطاولة
لكن جنبلاط لا يستند في «مقاومته» إلى صراخه غير المجدي، بل يستند، أساساً، إلى المريدين والتابعين. أولئك الذين يخشون انهيار زعامة المختارة، تماماً كما يخشى زعيم المختارة انهيار الفكرة الغربية. ترى الناس هائمين على وجوههم وهم يسمعون عن إمكان إنتاج تسوية جديدة في البلاد من دون الوقوف على خاطر البيك. هؤلاء يعرفون حقائق هذه اللحظة التاريخية من عمر لبنان. ويدركون، جيداً، أنه ليس بإمكان جنبلاط أن يطلب منهم ما لا يقدرون على فعله، لا سلماً ولا حرباً ولا ما يحزنون. كما يعرفون، أكثر، أن جنوح زعامتهم نحو خيارات متطرفة سيقود إلى الانتحار الجماعي. وهي حالة موجودة لا عند جنبلاط فحسب، بل عند كل الزعامة التاريخية للمسيحيين، أو المستجدّة عند السنّة والشيعة أيضاً.
عندما برز نبيه بري ورفيق الحريري وسمير جعجع وميشال عون كحالات بديلة من القيادات السابقة، كانوا يحصدون الأنصار على خلفية إحداث تغييرات كبيرة، لا على مستوى تداول السلطة وطبيعة التمثيل فقط، بل على شكل إدارة شؤون الناس. لكن الحقيقة أن أربعة عقود أظهرتهم في موقع المنقلب على السلطة، لا على النظام، والساعي إلى احتلال موقع في النظام نفسه. وهم تورّطوا في كل آلياته حتى صاروا يظهرون الخشية على انهيار «الحلم اللبناني». وهي خشية يظهر لنا، مع التدقيق، أنها محصورة بمنظومة المكاسب والمصالح والامتيازات التي تشكّلت حولهم منذ أن تولّوا الحكم. في حالة هؤلاء، تحديداً، تجد زعامة وليد جنبلاط، مثلاً، لا تخشاهم على الإطلاق. كأن جنبلاط يعرف تماماً، مثل أركان النظام الاقتصادي والمالي والتجاري، أن هؤلاء سيحدثون ضجيجاً. صحيح أن البيك سيضطرّ إلى «التعامل» مع شخصيات لم «تتمرّن» في مدارس «العائلات الكبيرة»، لكنه لم يكن يوماً يخشى أن يقترب أحد من هؤلاء من أساس النظام الذي يستمدّ هو قوته منه. بل كان، ولا يزال، مصدر نصح لهم في كيفية التعامل مع المستجدات بغية الحفاظ على الامتيازات. جنبلاط يعرف جيداً أن أبناء الشوف وعاليه، مثلاً، يخشون فعلياً على الزعامة الجنبلاطية. الناس هناك لا يملكون حجة منطقية وعلمية للدفاع عن موقفهم. ولا يقدرون على شرح أسباب حاجتهم إلى هذه القيادة. تراهم يتراجعون في كل شيء: في التعليم والاقتصاد والسياحة والقوة والنفوذ والعدد أيضاً. ومن يرغب منهم في بناء تجربة جديدة أو اتّباع شرط الارتقاء الحقيقي اجتماعياً وثقافياً، فما عليه سوى الانفكاك عن هذه الزعامة.
في لبنان، الخشية على «الفكرة» لا تقتصر على أبناء المؤسسة التي رعاها الغرب وثبّتها، بل هي موجودة لدى جيل جديد، سبق أن رغب في الثورة والتغيير. لكن هذا الجيل لا يستهدف قلب المعادلات، بل يريد أن يحجز لنفسه مقعداً حول الطاولة. وإذا تعذّر ذلك بسبب حشود الجالسين من طوائف وملل، فإنه يريد أن يُفسَح له المجال ليجلس إلى جانبهم، كأصحاب بدعة الطائفة العلمانية، هو جيل يمارس اللعبة نفسها التي قادها «التغييريون» الممسكون بالسلطة اليوم، ويهوى الغرب ونمط تفكيره وعيشه وآليات الإنتاج فيه. وهنا تظهر الأرض الخصبة لمنظّمات الـ«إن جي أوز». هؤلاء، لا يبحثون عن تعزيز الموارد المالية والفكرية والعلمية لبناء نموذج مختلف يخصّ كل الناس، بل يريدون تعديلات تخصّهم كأفراد. لكنهم، كما هي حالهم اليوم، لا يريدون الخروج أبداً من دائرة التبعية للنموذج الغربي، ولذلك لا يرون مشكلة في التعامل أو التعاقد مع مؤسسات الغرب، فيتقاضون منها التمويل ويردّون الخدمات لها بالدفاع عن سياسات النظام الغربي ومحاربة كل منتفض عليه.
الفريق الملتصق بفكرة الهيمنة الغربية لا يرى، ولا يقبل، أي تطور في الجهة المقابلة من العالم. أميركا وأوروبا تخوضان أعنف حرب ضد الثورة التكنولوجية والإنتاجية التي تقودها الصين، فيما في بلادنا من لا يزال عالقاً عند مزحة: هل تدعوني لشراء سيارة صينية أو هاتف صيني أو مولّد صيني؟
لننظر إلى كيفية تفاعل هؤلاء مع معركة العالم في مواجهة «كورونا». عندما تستقرّ الأولوية بناءً على وهم تفوق «الفكرة»، لا يعود هناك مكان للعقل في البحث عن عناصر مواجهة الوباء والبقاء. لننظر الى الدونية الكاملة في مقاربة أزمة كورونا. دونية تمنع انتقاد النظام الغربي الفاشل في الشقّين: الإداري، أي ما يتصل بإجراءات الحكومات، والطبّي لناحية اللقاح والعناية الصحية. يصرّح عتاة هؤلاء، وهم جهلة في حقيقة أمرهم: هل تنتظرون لقاحاً من الصين أو كوريا أو روسيا أو إيران؟ وهم عندما يفعلون ذلك، إنما يرفضون أيّ نقاش حول فضيحة تعامل المنظومة الغربية مع الوباء، وحول دور الدولة المركزية، وحول حقيقة الإنفاق على الرعاية الصحية، وحجم العناية بمراكز الأبحاث العلمية خارج إطار الشركات التجارية، وحول قدرة الجسم الاجتماعي على تحمّل كلفة الإغلاق التام، وحول المعركة المتعلقة بالأضرار النفسية الناجمة عن اضطرار مجتمعات بأكملها إلى تجربة طريقة جديدة في التواصل بين البشر، وحول إلزامية التصاق العائلات بعضها ببعض، وفشل التكنولوجيا في معالجة السأم… الخ.
أنصار «الفكرة» خارج دول الغرب الأساسية. ومنهم في لبنان يعتمدون الإنكار وسيلة وحيدة في الدفاع عن كسلهم والتحاقهم بهذا المشروع الذي لا ينتج هذه الأيام سوى الأزمات. ولا يخرج منه سوى القهر والصعوبات والتهديد بالحروب والقتل.
المسألة، هنا، ليست أن تعجب أو توافق على فكرة بديلة يحملها الشرق بتاريخه الإمبراطوري، سواء من الصين أو روسيا، أو التجربة التفاعلية المستندة الى فكر ديني تاريخي كما تفعل إيران… المسألة هي أن تقرّ بأن هناك مشكلة في أصل الفكرة الغربية، وأنها دخلت مرحلة جديدة من التحدّيات الصعبة. المشكلة في أن هناك غالبية لدينا ترفض الإقرار بالوقائع الجديدة… كم من هؤلاء يعرفون ما يميّز مطار شنغهاي عن أهم مطارات أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا؟ كم من صحافي أو أكاديمي أو باحث جرّب، من موقع محايد، أن يبحث في الأسباب التي تقف خلف بقاء الحكم على ما هو عليه في كوبا وكوريا، رغم كل الضغط والحصار والقتل والتجويع؟
غالبية لبنانية وازنة لا تزال تتصرف كجزء من هذا العالم المسكون بفكرة غربية سيطرت على كل نواحي الحياة. الناس، هنا، يتصرفون وفق الرواية التي تقول إن اقتحام متظاهرين لمبنى حكومي أو وطني كبير متل الكابيتول أمر غريب. كيف يمكن تفسير غضب مثقفي الـ«ثاو ثاو» مما فعله أنصار ترامب، لكنهم يدعون بعض «الرعاع» إلى تدمير المؤسسات الوطنية. هؤلاء لا يفكرون لحظة واحدة في انتفاضة من أجل إنقاذ الجامعة اللبنانية، لكنهم يخوضون معارك قاسية، وليست كلها مدفوعة الأجر، دفاعاً عن الجامعتين الأميركية واليسوعية… لأنهم، في حقيقة الأمر، لا يريدون خسارة أي رمز يربطهم عميقاً بالفكرة الغربية. هؤلاء يسيرون في شوارع العاصمة التي أطلقت عليها أسماء محتلّين وقتلة من المستعمرين الغربيين، ويرحّبون برئيس فرنسا ويطالبونه بإعادة الاستعمار، لكنهم يرفضون فكرة أن يحيي مناضلون ذكرى قائد أممي وقف إلى جانبهم في معارك لا تزال حرارتها قائمة، كما هي الحال مع الشهيد قاسم سليماني.
الغرابة أننا، هنا، نواجه غالبيّة غير متراصّة، لكنها قوية، وتتصل بأناس يقفون اليوم أمام استحقاق لم يشعروا يوماً بقربه، عندما يكون صعباً للغاية أن تعلّم أبناءك القيم، ثم تقرّر الهروب من مواجهة التحديات خشية أن تخسرهم.
الحريري في تركيا: «بزنس» لا سياسة
كيف يُمكن الرئيس سعد الحريري أن يجمع بين فرنسا والإمارات وتركيا؟ نظراً الى العلاقة بين الدول الثلاث، تبدو «المهمة» معقّدة. لكن الإجابة قد تكون أسهل ممّا يعتقد البعض إذا ما كان سبب زيارة إسطنبول… «شخصياً جداً»!
أوحَت الزيارة المفاجئة للرئيس المكلَّف سعد الحريري إلى تركيا، غداة الأعياد، بأنها ذات أبعاد سياسية، خصوصاً أنها جاءت بعد زيارتين للإمارات وفرنسا اللتين بينهما وبين «الباب العالي» ما صنع الحدّاد. فصدى العداء بينَ اسطنبول وأبو ظبي يتردّد في أنحاء الخليج والقرن الأفريقي والأرض الليبية. وما بينَ اسطنبول وباريس خلاف على الغاز في البحر المتوسّط ونزاع في ليبيا وناغورني كاراباخ، ونقمة على «الأجندة المعادية للإسلام عندَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون» وفقَ ما تتهمه أنقرة. في مقابل ذلك كله، فإن علاقة الحريري بكل من ماكرون ورجَب طيب أردوغان ومحمد بن زايِد تراوح بين البرودة والسوء… فأي دور يُمكن للحريري، العاجز عن تأليف حكومة منذ أشهر، أن يقوم به على طاولة «الكبار»؟
تكتُّم الحريري على الزيارة وعلى لقائِه إردوغان، حتى مع أقرب المقربين، فتحَ الخيال واسعاً على سيناريوهات تتخطّى حجم رئيس تيار المستقبل نسبةً إلى حجم الملفات في المنطقة. وربما كانَ التكتّم مقصوداً للإيحاء بوجود «غطاء سنّي» إقليمي يتمنّاه الرئيس المكلف، كي لا يظهر وحيداً ويُستفرَد به في معركة تأليف الحكومة.
الرئيس التركي يريد حصة في إعادة إعمار مرفأ بيروت
لكن الواقع أن السياسة كانت الأقل حضوراً في برنامج الزيارة التركية والزيارتين اللتين سبقتاها. فوفقَ المعطيات، لم يعقد الحريري في الإمارات وفرنسا لقاءات مع مسؤولين، أو أقله لم تُسجّل لقاءات يُبنى عليها. في الأولى، كانَت مجرّد «فرصة عائلية»، وفي الثانية سمِع عن «صدمة» من الأداء اللبناني في التعاطي مع الأزمة… لا أكثر. أما اسطنبول فقد قصدها، وفق مصادر مطلعة، لأسباب شخصية لها علاقة بأمور عالقة في شركة «تركتيليكوم» التي كانَ يملِك الحصة الأكبر فيها عبرَ «أوجيه تيليكوم»، والتي وافقت وزارة الخِزانة التُركية عام ٢٠١٨ على نقل مُلكيتها إلى مجموعة من البنوك الدائنة. بعد عجزها عن تسديد ديونها التي قُدّرت بأكثر من 7 مليارات دولار، و«تهربها» من تسديد قروض مستحقة رغم تسجيلها 2.5 مليار دولار أرباحاً عام 2014، و1.3 مليار دولار في كل من 2015 و2016. وأوضحت المصادر أنه «بعدما قررت الحكومة التركية استرداد الشركة، حجزت احتياطياً، لمدة عامين، على أموال الرئيس الحريري في المصارف التركية، من أجل دفع ديون لجهات تركية». وقد «يكون الهدف من الزيارة المطالبة باسترداد مبالغ مالية بعدَ انتهاء مدة الحجز». ورجّحت أن يكون الحريري قد وضع الإماراتيين والفرنسيين في أجواء الزيارة «كي لا تُفسّر في غير مكانها». وأفاد عارفون بأن «اللقاء تناول قضية مرفأ بيروت، ولمّح الرئيس التركي الى رغبة تركية المشاركة في إعادة الإعمار»، لافتين الى إعلان مكتب الحريري أنه بحث مع الرئيس التركي «سبل دعم جهود وقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت فور تشكيل الحكومة الجديدة».
«تصدير» الدولارات: «أرنب» جديد لتجّار الأزمة
لكلّ انهيار أو حرب «تُجّارها» الذين يستفيدون من تدهور الأوضاع لتأمين خلاصهم. هؤلاء كُثر في لبنان، من بينهم يُمكن الحديث عن تُجّار وصناعيين يستغلون تصدير السلع وفتح اعتمادات لاستيراد المواد، بُغية «تهريب» الدولارات إلى الخارج. تصرفاتهم تزيد في استنزاف العملة الصعبة وارتفاع العجز في ميزان المدفوعات، وضرب الاقتصاد المحلّي. ولكنّ المُصدّرين يُبرّرون بأن «لا ثقة» بالقطاع المصرفي
آخر إبداعات أصحاب الثروات لتهريب الدولارات إلى الخارج، العمل في مجال التصدير من لبنان. الدائرة القانونية في مصرف لبنان تبحث اقتراحاً يتعلّق بفرض شروط على الأشخاص الذين يُصدّرون السلع للبيع في الأسواق الخارجية، لدفعهم إلى إعادة ضخّ الأموال «الفريش» في الاقتصاد المحلّي. الحجّة تنطلق من أنّ صناعيين وتُجّاراً، يستفيدون من الدعم الذي يوفّره «المركزي» لاستيراد المواد الأولية وفتح الاعتمادات لإجراء عمليات الاستيراد والتصدير، ومن الدعم على الكهرباء، ودفعهم الضرائب على أساس سعر الصرف القديم (1515 ليرة) وبأنّ الأجور لم تشهد أي تعديل، لكنّهم في المقابل يُحوّلون أرباح المبيعات إلى حساباتهم المصرفية في البلدان الأجنبية، لتكون بذلك «الاستفادة» من «الدعم» أحادية الجانب. الأمر يُشبه، إلى حدّ ما، عملية «تهريب الدولارات» إلى الخارج التي قام بها مُديرو المصارف وكبار المُساهمين وسياسيون ورجال أعمال وجمعيات، في الوقت الذي مُنع فيه على مودع «عادي» سحب الدولارات وفُرضت القيود على عملياته المصرفية بالليرة. لا توجد روادع قانونية تمنع الناس من «الفرار» بدولاراتها إلى الخارج، بعدما منع «اللوبي المصرفي» داخل مجلس النواب فرض القوانين اللازمة، لكن لا يجب أن يُشكّل ذلك «غطاءً» لمن يُريد أن يُنقذ نفسه فقط، مُتخلياً عن أي مسؤولية اجتماعية تُحتّمها حالة الانهيار التاريخية التي يشهدها لبنان، وخاصة أنّ النظام المُنهار وفّر في السابق المُناخ المُلائم لتجّار وصناعيين ومُحتكرين ونافذين للاستحواذ على رأس المال، فلا يُمكن لمن تذوّق لحم الأسد في السنوات الماضية، أن يبصق عليه حين لم يبقَ منه إلا العظام. قصّة «تخزين» الدولارات في الخارج، برزت في السابق حين بدأ التحريض للتوقّف عن دعم استيراد المواد الأساسية، فكانت «معلومة» أنّ تُجّاراً يطلبون فتح اعتمادات بما يفوق الكمية المُستوردة، ليتركوا نسبة من المبالغ في حسابات مصرفية أجنبية، إحدى الحُجج التي قُدّمت للتأكيد أنّ «الدعم» لا يذهب إلى مُستحقيه. اليوم، وأمام الحاجة الماسة إلى إعادة ضخّ العملة الصعبة، بطريقة استدامية لا تُشبه العادة السيئة التي تستسهل الاقتراض ورفع الفوائد لجذب ودائع «تطير» مع أول جرس إنذار، يتم التوجّه نحو أموال التصدير. ما يجري حالياً، أنّ الدولارات تُحوّل لاستيراد مواد أولية للتصنيع، وبعد أن تُفرز البضائع المُخصصة للسوق المحلية، يتم تصدير السلع الأخرى. تقول مصادر وزارة الاقتصاد إنّ «أكثرية المُصدّرين يودعون أرباح المبيع في حسابات مصرفية في دول أخرى، ويكتفون بتحويل قسم يسير منها إلى لبنان لسدّ حاجات وظيفتهم». تترك هذه العملية أثراً سيئاً على الاقتصاد، ولا سيّما في زيادة عجز ميزان المدفوعات (صافي الأموال التي دخلت إلى لبنان وخرجت منه). يقول أحد أساتذة الاقتصاد إنّ «هذه الأموال يجب أن تُضخ في الداخل، لتدور في الاقتصاد المحلّي، وتخلق قيمة مُضافة». ولكن الأنجح من إلزام المُصدّرين على إعادة الأموال هو «إمّا التوقّف عن دعم المواد الأولية للبضائع المُخصصة للتصدير، والتركيز على خلق سياسة نقدية تُشجّع مديونية القطاعات المُنتجة وتُعيد بناء القدرات الإنتاجية وتُخفّف الحاجة لاستيراد حتّى المواد الأولية»، أو الذهاب نحو «فرض ضرائب على التصدير بناءً على نسبة المواد المدعومة في السلع المُصنعة المُصدّرة».
جمعيّة الصناعيين: نحن بحاجة إلى ضمانة لا إلى تحفيزات
انطلقت فكرة فرض إعادة «الدولارات الفريش» من وزارة الاقتصاد، وتحدّث بها المدير العام للوزارة، محمد أبو حيدر أمام وفد من جمعية الصناعيين، قبل أن تنتقل إلى طاولة بحث المجلس المركزي لمصرف لبنان. تُحاول الدائرة القانونية في «المركزي» إيجاد الآلية التطبيقية لمثل هذا القرار، «الذي يُعارضه الصناعيون والتجار»، بحسب المعلومات. لكنّ نائب رئيس جمعية الصناعيين، زياد بكداش، يقول «لا نعلم بهذا الطرح وما إذا كان سيُطبّق». يُشير إلى «الأخبار» إلى أنّه «ليس كلّ الصناعيين يستفيدون من المواد الأولية المدعومة، والعدد الأكبر من الذين يُصدّرون بضائعهم يُحوّلون أرباحها إلى لبنان». نسبة الذين يُودعون أموالهم في حسابات مصرفية خارجية «لا تتعدّى الـ 10%، وهؤلاء نيتهم ليست سيئة، فإما أنّهم يتركونها في الخارج لتمويل استيراد المواد الأولية، أو بسبب غياب الثقة بأن لا تُبدّد المصارف الدولارات الطازجة ولا تحتجزها كما فعلت مع الودائع». الأساس بالنسبة إلى بكداش هو «إصدار قانون يضمن للتاجر أو الصناعي أو أي مواطن حصوله على الدولارات الطازجة». في الأشهر الماضية، تواصلت جمعية الصناعيين مع مصرف لبنان «وشدّدنا على ضرورة إقرار قانون الكابيتال كونترول لأنّه عامل ثقة، ويومها وعدنا الحاكم رياض سلامة بأنّ القانون سيصدر بغضون أسبوعين. لم يطرأ شيء بعد». يستفيد الصناعيون من أزمة القطاع المصرفي لرفض إعادة الدولارات إلى لبنان، «تقديم تحفيزات لا يعيد الأموال، بل توفير الضمانة».
من جهته، يُعارض الخبير الاقتصادي روي بدارو بالمطلق سياسة الدعم «لأنّها هرطقة اقتصادية»، ومن ضمنها دعم استيراد المواد الأولية، «مع إمكانية التفريق بين الصناعي الذي يُصنّع للسوق اللبنانية والمُصدّرين». يتحدّث عن «الكلفة والمنفعة»، ليقول إنّ «المصاريف الأساسية في لبنان مدعومة، وكلفة اليد العاملة انخفضت، فيما الأرباح الصناعية ترتفع عند التصدير، ما يُعطي الصناعيين المُصدّرين قدرة تنافسية أكبر. الأمر بحاجة إلى سياسة تمويلية لا إلى دعم». لا يرى أنّ قرار إجبار المُصدّرين على إعادة الأموال سيكون فعّالاً، «بإمكانهم اللجوء إلى أكثر من حيلة، فضلاً عن عدم وجود أجهزة إدارية قادرة على تنفيذ أي سياسة. إذا لم تتمكّن لجنة الرقابة على المصارف في السابق من مراقبة مخالفات المصارف، فكيف سيتم ضبط حركة التجار والصناعيين؟».
دولٌ عديدة تلجأ إلى «ضبط» المُصدّرين المُستفيدين من الدعم المُقدّم لهم. يذكر أستاذ العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال ــــ الجامعة اللبنانية، ألبير داغر أنّ منها من «يوقّع عقداً تشترط فيه على الذين يحصلون على الدعم إعادة إيرادات التصدير، فيستفيد منها اقتصاد البلد». الغاية من ذلك، «إدخال العملة الصعبة بما يُعزّز ميزان المدفوعات، ودعم الإنتاج المحلي، وبالتالي العمالة الوطنية»، مع إشارته إلى أنّه في لبنان لم تكن عوائد التصدير هي المصدر الأهم للحصول على العملة الصعبة، «فكان هناك تحويلات المغتربين، وعوائد القطاع السياحي، وما سُمّي استثمارات خارجية هي عبارة عن ودائع مصرفية أجنبية أو عقارات اشتراها رأس المال الأجنبي».
اللواء
الإقفال يطبق على البلد.. وباسيل ينسف الطائف والحكومة والمبادرة!
برّي وجنبلاط يتريثان وبكركي ترفض المؤتمر التأسيسي.. وخلافات تعصف بلجنة كورونا قبل مجلس الدفاع
تتجه الأنظار إلى الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه الرئيس ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم، للبحث في اتخاذ قرارات، غير عادية، تقضي بإحكام الاقفال العام، لدرجة الاختناق، بعدما حاصر وباء كورونا البلد من اقصاه إلى اقصاه، ومن شماله إلى جنوبه، في ظل تفلت مجتمعي، غير مسؤول، قضى بارتياد الشواطئ، والأسواق، والساحات العامة، دون الاكتراث إلى قرارات الداخلية، أو محاضر الضبط الآخذة بالارتفاع، أو الآهات والصرخات في المستشفيات، والاصابات التي ضربت الاطقم الطبية والصحية، وجعلت المستشفيات المجهزة، عاجزة عن استقبال أية حالة جديدة، مع الانفجار الوبائي الخطير.
وكما هي الحال، على الصعيد الصحي، فالوضع السياسي، لا يقل خطورة، مع تفشي وباء «العنطزة السياسية»، و«الإرشاد السياسي»، اللذين ظهرا على نحو ساطع مع رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، في مؤتمره الصحفي ظهر أمس، والذي لم يوفّر فيه أحداً، طارحا جملة من المواقف والمطامح، من فوق سطح الطائف، أو التفاهمات الوطنية، التي تقضي بوضع تأليف الحكومة على السكة الصحيحة، من دون اتهامات، وسرد وقائع، بعضها لا يتفق تماماً مع الوقائع السياسية المعروفة.
ولم يتأخر تيّار «المستقبل»، في ردّ مختصر في بيان، تلا المؤتمر الصحفي، أكّد فيه، ان «حكومة المهمة جاهزة، تنتظر عند رئيس الجمهورية، بحسب المبادرة الفرنسية لا المعايير الباسيلية»، والتي وصفها البيان «بالمذهبية والطائفية والعنصرية». هذا ما يعنينا، ولا شيء آخر مهما ابدعوا في صناعة العراقيل، وانتاج القضايا الخلافية.
واعتبرت مصادر نيابية بارزة المواقف المتطرفة التي أعلنها النائب باسيل بأنها ترمي أساسا الى استدراج ردود فعل باعلى منها لاجل افتعال اشتباك سياسي حاد لاجل قطع الطريق على اي محاولة لتشكيل الحكومة الجديدة، وارغام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الاعتذار لانه تجاهل باسيل منذ البداية، ويامل اذا تحقق هذا التمني من شد عصب الشارع المسيحي من جديد وإعادة تعويم نفسه والعهد معه بعد سلسلة الانتكاسات والفشل الذريع بادارة السلطة طوال السنوات الماضية وانكفاء ألناس من حوله والعقوبات الاميركية عليه.ولكن مجمل المواقف التي طرحها كانت بمثابة رد سلبي مباشر على مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي التي يكررها بشكل شبه يومي لتسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة أيضا. ولكن بمجمل الاحوال فان مثل هذه المواقف المستفزة لباسيل لن تؤدي غايتها، بل تزيد في تسميم الوضع السياسي العام ولن تفلح في اعادة تعويم العهد وباسيل معه، بل تزيد في انحدارهما نحو الهاوية السحيقة ومعهما يجران البلد كله كما يحصل حاليا.
باسيل: اتهامات بالجملة وتغيير مهمة الحكومة
والأبرز في مواقف باسيل، على مدى ساعة كاملة، انها تضمنت اتهامات بحق الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط تراوحت بين عدم إقرار مشاريع قوانين الإصلاح، وعدم الجدية بتأليف الحكومة، وعدم الائتمان على الإصلاح، فضلا عن هدر أموال المهجرين.
عن الحكومة، قال باسيل انها لم تعد حكومة مهمة، بل عليها ان «تدير البلد وتحدد مستقبله بظروف استثنائية».. وبناء عليه، هل يصدق أحد ان اللبنانيين يأتمنون رئيس الحكومة المكلف لوحده على الإصلاح.. «نحن نحمل نهجه السياسي مسؤولية السياسة المالية والاقتصادية».
ومضى متسائلاً: عن جد مصدقين ان «الدستور جعل من رئيس الجمهورية «باش كاتب» فقط ليصدر المرسوم، وليس ليوافق عليه».
وقال: المشكلة الآن ليس بالحكومة، بل بالاصلاح الذي يجب ان تقوم به.. ولو كانت هناك نية للاصلاح، هناك أمور كثيرة يمكن القيام بها في المجلس النيابي بلا حكومة، أو بحكومة تصريف الأعمال بانتظار الحكومة، ولكن هذه الأمور لا تتم لأن الإصلاح يضرب مصالح المنظومة.
ودعا إلى «طلب عقد حوار وطني ينتج تصوراً لبنانيا مشتركا لنظام سياسي جديد يضمن الاستقرار».
وطالب باسيل برفع تدريجي للدعم، عن كل شيء، حتى لا يبقى المستفيد هو الميسور كالفقير والاجنبي واللاجئ والنازح مثل اللبناني، وليقف التهريب إلى سوريا ويتوقف استغلال التجار.. داعياً إلى البطاقة التموينية.
واكتفت أوساط عين التينة، باحالة النائب باسيل على أمين سر تكتله، لسؤاله عن مصير اقتراحات القوانين التي قدمها تكتله، لأنها في لجنة المال والموازنة في عهدة رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان.
وتساءلت: هل يصح الحديث عن تأخير ترقيات وصم الآذان وغض النظر عن إيقاف كل نتائج مجلس الخدمة المدنية عن سابق تُصوّر وتصميم.
واكدت: من يريد تطوير النظام فعلا لا قولاً، عليه ان لا يخسر الطائف كميثاق، ويذهب باتجاه طروحات تدخل البلد بالمجهول.
ويواصل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي مساعيه لجمع الرئيسين عون والحريري، للتفاهم وإنجاز مصالحة بينهما، تمهد لتأليف الحكومة، وإنقاذ لبنان، على حدّ تعبير الوزير السابق سجعان القزي.
واعتبر كلام باسيل انه لم يسهل تأليف الحكومة، وانتقد الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي، رافضا القبول بإعادة النظر بالنظام من دون رعاية دولية.
وفهم ان هذا الموقف يعكس موقف من الدعوة إلى مؤتمر وطني لبحث النظام السياسي.
وكان البطريرك تساءل في عظته: هل الحقائب والحصص وتسمية الوزراء أهم وأغلى عند المسؤولين عن تشكيل الحكومة من صرخة أمٍ لا تعثر على ما تطعم به اولادها، ومن وجع أبٍ لا يجد عملا ليعيل عائلته، ومن جرح شاب في كرامته لا يملك قسطه المدرسي والجامعي؟ عندما زارنا فخامة رئيس الجمهورية الخميس الماضي اكدنا معا وجوب الاسراع في تشكيل حكومة انقاذية غير سياسية تباشر مهماتها الاصلاحية، وتكون المدخل لحل الازمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية.
ونتساءل أيضا: ألا تتلاشى العقبات الداخلية والخارجية أمام إنقاذ مصير لبنان وإحياء دولة المؤسسات؟ ولماذا الاصرار على ربط هذا الانقاذ بلعبة الامم وصراع المحاور؟
ما قيمة حكومة اختصاصيين إذا تم القضاء على استقلاليتها وقدراتها باختيار وزراء حزبيين وليسوا على مستوى المسؤولية؟
ما قيمة الحياد والتجرد والشفافية والنزاهة إذا تسلم الحقائب المعنية بمكافحة الفساد ومقاضاة الفاسدين وزراء يمثلون قوى سياسية؟
هذة الاسئلة الخطيرة تحملنا على تجديد الدعوة الى فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف لعقد اجتماع مصالحة شخصية، يجددان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون اعلان حكومة، وفقا لنص الدستور وروحه.
الاقفال التام
وفي ظل هذه المعطيات، عقدت اللجنة الوطنية لمواجهة فايروس كورونا اجتماعا طارئاً، واتخذت توصية بفرض منع التجول 24 ساعة على أربع وعشرين ساعة، ولمدة 7 أيام، بعدما يُعطى المواطنون 48 ساعة للتبضع، لا يستثنى منها الا الطواقم الطبية والصيدليات والأفران، على ان تترافق هذه التوصية مع الاغلاق العام المستمر، حتى آخر كانون الثاني الحالي، تمهيداً لاتخاذ القرار في المجلس الأعلى للدفاع اليوم.
وأوضح عضو لجنة متابعة وباء كورونا مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري في تصريح لـ«اللواء» أن التوصيات التي خرجت بها اللجنة امس بالنسبة إلى الأقفال العام وحظر التجول تشكل الحل الأنسب من أجل الحد من الارتفاع الكبير للاصابات بوباء كورونا . ولفت إلى أنه كان من الضروري اللجوء إلى هذه التوصية بفعل التخوف من تطور الوضع لاسيما أن هناك احتمالا كبيرا أن يحتاج المرضى إلى المزيد من اسرة العناية الفائقة في حال واصل عداد كورونا بالارتفاع وهناك ٥٥٠ سريراً فقط ، قائلا: لا يمكننا الا أن نخفف الأعداد.
وتفاعل عبر مواقع التواصل الخبر الصادر عن التوصية التي خرجت عن اللجنة الوزارية أمس، والتي تقضي بإقفال كل البلد، وان الاقفال سيشمل السوبرماركات والأفران من ضمن القطاعات التي سيتم اقفالها، بما فيها القطاع الإعلامي.
وانهت لجنة كورونا اجتماعها، ورفعت توصياتها إلى اللجنة الوزارية، وفيها تطلب إغلاق المطار والحدود ومعظم القطاعات لسبعة أيام، وإلغاء الاستثناءات اعتبارا من يوم الخميس.
وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، تخطينا نسبة الفحوصات الإيجابية، ولم يعد لدينا خيار سوى الاقفال.
وطالب النائب في كتلة التنمية والتحرير بتبديل لجنة كورونا لأن دورها لم يعد ايجابياً.
نيابياً، تعقد لجنة الصحة النيابية اجتماعا اليوم لوضع اقتراح قانون، يسمح، باستيراد لقاح الفايروس، من الشركة التي تعاقد معها لبنان، تمهيداً لاقراره في جلسة نيابية قريبة.
وكشف رئيس اللجنة ان شركة فايزر وغيرها من الشركات وضعت شرطاً اساسياً على كل الدول التي ترغب بشراء اللقاح، وهو صدور قرار عن مجلس النواب، الا وهو «الاستخدام الطارئ للقاح».
وقال وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب ان التعليم مستمر عبر «الأونلاين»، مختصرا أجواء التعليم.. ولتخفيض الدوام الى النصف.
وكشف نقيب مستوردي القمح أحمد حطيط ان أسعار الطحين سترتفع، وذلك بسبب ارتفاعها عالمياً. وان سعر الربطة سيرتفع إلى 2500 أو 2250 ليرة لبنانية، أو تخفيض وزن الربطة، مشيرا إلى ان القرار سيصدر خلال اليومين المقبلين.
29296 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن تسجيل 3743 إصابة جديدة بالكورونا، و16 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 29296 إصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2019.
البناء
بدء إجراءات محاكمة ترامب في الكونغرس… وبنس يلوّح بالعزل اذا تهدّد الاستقرار
مجلس الدفاع اليوم للإقفال التام لأسبوع من الجمعة… ونقاش في الاستثناءات
باسيل: لا حكومة بشروط الحريري… والضغوط لفرض التوطين والتطبيع
كتب المحرّر السياسيّ
يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقد تحوّل الى رئيس سابق مع بدء الكونغرس من اليوم إجراءات محاكمته كمسؤول عن اقتحام مبنى الكابيتول، وإعلان نائبه مايك بنس استعداده لتفعيل التعديل الدستوري الذي يتيح عزله من الرئاسة إذا ما استغلّ صلاحياته الرئاسية لاتخاذ قرارات تهدد الاستقرار.
ما بعد ترامب صار هو موضوع البحث في العالم، ولم يعد أحد بحاجة للانتظار الى العشرين من الشهر الجاري للاطمئنان الى أن ترامب خرج من دون توريط العالم بأحداث خطيرة، كانت موضع تداول خصوصاً على مستوى المنطقة، وكان يأمل حلفاؤه خصوصاً في كيان الاحتلال وحكومات الخليج حدوثها، مع الخشية من مرحلة بايدن خصوصاً لفرضية العودة عن العقوبات على إيران ضمن إطار سلة تتضمن العودة للتفاهم النووي، في ظل تحسب في الرياض وتل أبيب من تصفية حساب يجريها بادين مع الذين ووضعوا ثقلهم لدعم حملة ترامب مالياً وسياسياً.
لبنانياً، تقدّمت المواجهة مع وباء كورونا على الهموم السياسيّة، حيث بلغ التفشي ودرجة خطورة الإصابات التي تحتاج علاجاً في المستشفيات حد استعمال بعضها لمواقف السيارات لمعالجة المصابين، في ظل صعوبة تأمين أسرة للعديد من المصابين الذين يعانون من أعراض حرجة في إصاباتهم.
وزارة الصحة أعلنت تحويل المستشفيات الحكومية الى مستشفيات لمعالجة مصابي كورونا بالأولوية على حساب مهامها الصحيّة الأخرى، فيما نجحت مساعي ضم عدد من المستشفيات الخاصة إلى مواجهة كورونا بتأمين ستين سرير عناية فائقة، وتركز البحث في حزمة إجراءات تتيح المزيد من التفشي. وفي هذا السياق ينعقد اليوم المجلس الأعلى للدفاع، للبحث في مقترحات للإقفال التام من دون استثناءات بما في ذلك إقفال المطار، وفي السياق هناك من اقترح وقف استثناءات كثيرة منها استثناءات السوبر ماركت والإعلاميين، فيما حذرت النقابات المعنية بالقطاعين من خطورة أزمة غذائيّة، وتعتيم إعلامي.
إطلالة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التي استدعت رداً فورياً من تيار المستقبل، تضمنت سرداً تفصيلياً للوضع الحكومي والعلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، لتستخلص معادلة تختصرها جملة، لا حكومة بشروط الحريري، بينما أكد موقف المستقبل وتعليقات نوابه أن الحريري أدّى مهمته بوضع التشكيلة عند رئيس الجمهورية.
باسيل ضمن طروحاته حديث عن سقوط النظام السياسي ووصوله الى الطريق المسدود داعياً لعقد سياسي جديد يقوم على اللامركزية الموسّعة، وتعديلات تطال قانون الانتخابات على قاعدة نظام المجلسين، وإعادة النظر بالنظام الريعي نحو الإنتاج وبالنظام المالي القائم على الاستدانة، وتوقف باسيل امام ما سماه بالمتغيرات الإقليمية والدولية متوقعاً انفراجات مع إدارة الرئيس بايدن، ستنعكس على لبنان إيجاباً، معتبراً أن الضغوط المالية والاقتصادية التي تسببت بالأزمة الراهنة، بالإضافة الى دور الفساد والسياسات الخاطئة، كانت هادفة لفرض التوطين والتطبيع، وتضييع كل الحقوق اللبنانية السيادية.
يجتمع المجلس الأعلى للدفاع اليوم بشكل استثنائي الساعة الثالثة من بعد الظهر للبحث في الوضع الصحي وواقع القطاع الاستشفائي في البلاد، ويأتي الاجتماع بعدما أوصت لجنة متابعة تدابير كورونا بالإقفال التام لمدة 7 أيام مع حظر للتجول 24/24، على أن يتمّ إعطاء الناس 48 إلى 72 ساعة للتموّن. كما أوصت بإقفال المطار لمدة 7 أيام، على أن يستثنى الجيش والصليب الأحمر والأطباء. وهذه التوصيات سيتمّ رفعها إلى المجلس الأعلى للدفاع لاتخاذ القرار.
على خط لقاح فايزر، وبعدما تبلّغت لجنة الصحة من قبل وزارة الصحة العامة بأن شركة «فايزر» والشركات المصنعة للقاح كورونا بضرورة أن يكون هناك قانون صادر عن مجلس النواب اللبناني ينص على الاستعمال الطارئ للقاحات في الحالات الاستثنائية كجائحة كورونا أسوة بباقي الدول التي حصلت على اللقاح، تعقد لجنة الصحة النيابية اجتماعاً طارئاً اليوم في البرلمان للعمل على تقديم اقتراح قانون معجّل مكرّر بالتنسيق مع وزارة الصحة ليصار الى تسليم الدولة اللبنانية اللقاحات بالموعد المحدّد نفسه.
الى ذلك تجتمع لجنة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا في السراي الحكومي نهار الأربعاء الساعة الواحدة للإطلاع وبحث خطة تسلّم وتوزيع واستخدام لقاح covid19 المزمع وصوله إلى لبنان. ويأتي ذلك فيما عدّاد كورونا يواصل الارتفاع حيث اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي تسجيل 3743 إصابة جديدة بكورونا و16 حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية.
وحكومياً وفيما لا تلوح في الأفق اي بوادر حلحلة على صعيد التأليف، لفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى ان المشكلة في انعدام الثقة بالكامل بين الرئيس المكلف سعد الحريري من جهة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهة أخرى، أكثر مما هو خلاف على حقيبة من هنا او حقيبة من هناك، معتبرة أن الخلاف منصب على مسألة الصلاحيات التي يحاول فريق العهد تجاوز صلاحيات الرئيس المكلف في التأليف والقفز فوق الدستور. وفيما توقفت المصادر عند موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أبدى استعداداً للمساعدة في تأليف الحكومة وتحدث عن أهمية الاتفاق قبل 20 الحالي استغربت المصادر ما طرحه باسيل في مؤتمره الصحافي، وفسّرته في خانة التصعيد في وجه الرئيس المكلّف لا سيما في ما خص عدد الوزراء والحقائب فضلاً عن الإصرار على الثلث المعطل. ومع ذلك رأت المصادر أن المبادرة الفرنسيّة ما زالت قائمة وهي تبقى الخيار الوحيد خاصة أن تشكيل الحكومة سيفتح الباب لمساعدات أوروبية ومن صندوق النقد الدولي.
وكان باسيل اعتبر أن «الحكومة المقبلة عليها أن تدير البلد وتحدّد مستقبله بظروف استثنائية، ولم تعد فقط حكومة «مهِمّة» ونحن لا نأتمن سعد الحريري وحده على الإصلاح بل نحمّل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الاقتصادية والمالية».
وأوضح أنّ «كلّ مرّة يلتقي الرئيس المكلف الرئيس ميشال عون يأخذ معه لائحة توزيع حقائب مختلفة عن قبلها، وهذا دليل عدم جديّة وتقلّب بالموقف».
وأشار الى أنّ الحريري يسمّي الوزراء السنة «لكننا نعلم – انّو ما بيطلعلو – تسمية الوزراء الشيعة ووزراء الدروز عن الاشتراكي ولا حتّى وزير المردة أو الطاشناق – فكيف طلع معه أنو بيطلعلو يسمّي عن الرئيس والمسيحيين؟».
ورأى باسيل أنّ قاعدة الاختصاص لم تُكسَر برئيس الحكومة فقط، لكن أيضاً بالوزراء، وسأل: «ماذا يعني جمع وزارتين مع وزير واحد مثل الخارجية والزراعة أو الشؤون الاجتماعية والبيئة؟ فأي إخلاص يكون؟».
وأضاف: «نحن بالتيار بلغنا قبل التكليف وبعده، أننا غير راغبين لا بالدخول بالحكومة ولا بتسمية وزراء اختصاصيين، ولكن نعطي ثقة للحكومة إذا اقتنعنا بتركيبتها وبرنامجها واحترمت المبادئ الدستورية والميثاقية والتمثيليّة ولا نعطيها الثقة إذا خالفت».
في المقابل، أعلن تيار المستقبل في بيان أنه يترك للشعب اللبناني «تصديق الوزير باسيل او عدم تصديقه. فنحن كتيار لن ندخل في مهاترات سياسيّة لا تأتي بالبلاد بلقاح ضد الكورونا ولا إعادة العجلة الاقتصادية الى مسارها الصحيح ولا إعادة إعمار بيروت والتعويض على المنكوبين من انفجار المرفأ.
فالحكومة جاهزة تنتظر عند رئيس الجمهورية، لتكون حكومة مهمة تتولى الإصلاحات المطلوبة حسب المبادرة الفرنسية وليس حسب المعايير المذهبية والطائفية والعنصرية الباسيلية. هذا ما يعنينا ولا شيء آخر مهماً، أبدعوا في صناعة العراقيل وانتاج القضايا الخلافية».
واعتبرت مصادر المستقبل لـ «البناء» أن هناك دستوراً على النائب باسيل أن يعود عليه، مشيرة إلى أن النائب باسيل يكيل الاتهامات للرئيس المكلف لغايات شخصية لباسيل وكل غايته المشاركة في عملية التأليف، بدليل أن كل التشكيلات التي قدمها الحريري كان باسيل يضع فيتو على بعض اسمائها. واستغربت المصادر انقلاب باسيل على الرئيس الحريري أسوة لانقلابه على كل القوى السياسية لغايات سياسية ضيقة، معتبرة أن تجربة تكتل لبنان القوي والعهد أثبتت فشلها بإجماع الكثير من المرجعيات السياسية حتى داخل فريق 8 آذار.
وشدّدت المصادر على أن الرئيس المكلف لن يقدم على الاعتذار، وهذا ما تبلغته بعبدا، مشيرة إلى أن محاولة أخذ البلد من باسيل إلى الانهيار كمقدمة لعقد جديد طرحه بالأمس، يطرح الكثير من الأسئلة؟
وجدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي الدعوة الى رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف لعقد اجتماع مصالحة شخصية، يجددان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون إعلان حكومة، وفقًا لنص الدستور وروحه. فمن المعيب حقًا، كي لا أقول جريمة أن يبقى الاختلافُ على اسمٍ من هنا وآخرَ من هناك، وعلى حقيبةٍ من هنا وأُخرى من هناك، وعلى نسبةِ الحصصِ ولعبةِ الأثلاث واضافة الاعداد، فيما تكاد الدولة تسقط نهائيًا، ولسنا ندري لصالح من هذا الانتحار.
المصدر: صحف