تعززت الفرضية القائلة بأن سلالة بريطانيا سريعة الانتشار من فيروس كوفيد-19 لها خاصية الانتقال بشكل أسرع من سابقتها، من خلال تحليلات ترجح ارتباط هذه السلالة بحمولات أعلى من الفيروس في عينات الجهاز التنفسي، وقد وجد العلماء أن تلك السلالة استمرت في الانتشار، على الرغم من القيود المفروضة، خلافاً للسلالات الأقدم.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 30 ديسمبر/كانون الأول 2020، فقد اكتُشفت السلاسة التي أُطلقَ عليها B117، خلال بحث في سبب استمرار ارتفاع عدد الحالات المصابة بفيروس كورونا في مدينة كِنت خلال الإغلاق الذي حدث في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
مستويات أعلى من الفيروس
فقد بدأت بعض المختبرات المتخصصة، التي افتُتحت في أبريل/نيسان لتعزيز قدرة إجراء الاختبارات على كوفيد-19 في بعض الأماكن مثل لندن ومانشستر، ترى وجوداً للسلالة الجديدة في عينات الجهاز التنفسي عندما دق ائتلاف Covid-19 Genomics UK جرس الإنذار بشأن سلالة B117 وتفوقها الانتقالي.
فقد حلل خبراء في مختبرات الصحة العامة التابعة لإدارة الصحة العامة بإنكلترا في مدينة برمنغهام، إجمالي 641 عينة بناءً على اختبارات مرضى يُظهرون أعراضاً، وخلصوا إلى وجود السلالة B117 وسلالات أخرى غيرها.
كما أظهر نحو 35% من المرضى المصابين بالسلالة B117 مستويات أعلى من الفيروس في عيناتهم، مقارنة بـ10% من المرضى لم يُصابوا بتلك السلالة، حسبما أوردوا في دراستهم التي تنتظر مراجعة الأقران.
تعليقاً على الأمر، يقول مايل كيد، وهو أحد الخبراء: “يبدو أن المرضى المصابين بهذه السلالة لديهم حمولاتٌ أكبر من الفيروس، والجليّ أنه يسهل عليهم أكثر من غيرهم نشره إلى أشخاص آخرين”، محذراً من أن البيانات المتوافرة أولية وأن هناك حاجة إلى جمع مزيد من الأدلة قبل الوصول إلى استنتاجات قاطعة.
سلالة أكثر خطورة من سابقتها
يقول العلماء إنهم واثقون، بقوة بأن سلاسة B117 تملك أفضلية انتقالية، وقد قدّرت دراسة أجراها باحثون بمدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، أنها أسهل انتقالاً بنسبة 56%، مقارنة بالسلالات السابقة.
ثمة وفرة من العوامل التي يمكن أن توضح لماذا هي أكثر قابلية للانتقال. فإذا كانت السلالة مُعدية أكثر، لا تكون هناك حاجة إلى القدر نفسه من الجزيئيات لدى المستضيف لتمرير المرض إلى غيره. وقد يتكاثر الفيروس أسرع كذلك في الهواء، أو يجعل المصابين به يحملونه وقتاً أطول، ما يزيد احتمالية نقله إلى غيرهم.
وقال كيد: “طريقة وصول السلالة إلى حمولة فيروسية عالية تحديداً، ما يزال سؤالاً ضخماً”، مضيفاً أن التأكيدات المستندة إلى المعامل مطلوبة لفهم الأسس الحيوية لتلك الأفضلية الانتقالية.
وتشير البيانات الأولية إلى أن سلالة المملكة المتحدة لا تجعل الناس أكثر مرضاً أو تزيد احتمالات تجدُّد إصابتهم أو وفاتهم. لكن وجود معدلات إصابة عالية دون سيطرة حازمة يمكن أن يؤدي إلى وقوع وفيات أكثر.
رقم قياسي في بريطانيا
فقد سجلت الحكومة البريطانية 53135 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا، الثلاثاء الماضي، وهو أكبر عدد منذ بدء الفحص الجماعي في منتصف 2020، كما يمثل زيادة حادة بالمقارنة مع الرقم المسجل في اليوم السابق والبالغ 41358 حالة.
كما زاد كثيراً عدد حالات الوفاة المسجل إلى 414، مقارنة مع المسجل في اليوم السابق، البالغ 357 حالة، وهو ما يرفع العدد الإجمالي للوفيات منذ بدء الجائحة إلى 71567.
فيما تكافح بريطانيا الآن سلالة جديدة من كوفيد-19، يقول العلماء إنها يمكن أن تنتشر بوتيرة أسرع.
وقالت سوزان هوبكنز كبيرة المستشارين بهيئة الصحة العامة في إنكلترا: “نواصل رصد مستويات غير مسبوقة من إصابات كوفيد-19 في أنحاء المملكة المتحدة، وهو ما يثير قلقاً شديداً، خاصةً أن مستشفياتنا تواجه ضغوطاً كبيرة”.
“السلالة الجديدة” تثير حالة من الذعر
وأدى ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في المملكة المتحدة، وغيرها من الدول، إلى حالة من الذعر بجميع أنحاء العالم، فألغت عشرات العواصم الرحلات الجوية مع البلد الذي صار شبه معزول، خاصةً أن هناك علماء يعتقدون أنها أكثر قابلية للتفشي من السلالة المعروفة، بنسبة تصل إلى 70%.
وأوقفت أكثر من 40 دولة، بينها تركيا ودول أوروبية، رحلاتها الجوية مع بريطانيا، بعد اكتشاف سلاسة “كورونا” الجديدة.
لكن منظمة الصحة العالمية أكدت أن هذه السلالة الجديدة ليست “خارج السيطرة”، حيث قال مسؤول الحالات الصحية الطارئة في المنظمة مايكل راين، للصحفيين يوم الإثنين 21 ديسمبر/كانون الأول 2020: “سجّلنا نسبة تكاثر للفيروس تتجاوز إلى حد بعيدٍ عتبة 1.5 في مراحل مختلفة من هذا الوباء، وتمكنا من السيطرة عليها. بناء عليه، فإن الوضع الراهن في هذا المعنى ليس خارج السيطرة”.
المصدر: ذي غارديان