كشف تقرير نشر مؤخراً بصحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن دخان السجائر تظل آثاره الضارة باقية داخل المنزل لمدة تتجاوز 6 أشهر.
وأشارت الدراسة التي أشرف عليها باحثون من جامعة سان دييغو الأميركية، إلى أن المواد المسرطنة المتطايرة من التبغ تظل متغلغلة على الآرائك والحوائط والسجاد لفترة طويلة حتى بعد إقلاع الشخص عن التدخين، مؤكدة أن جميع من في المنزل، سواء كانوا مدخنين أو غير مدخنين أو أشخاص نجحوا في الإقلاع عن التدخين سوف يتضررون من الأمر، وسترتفع مستويات المواد الكيميائية الخطيرة والمسرطنة بدمهم.
وأوضح الباحثون أن هذه النتائج هي أبلغ تحذير للمدخنين، نظراً لأن عادتهم سوف تتسبب فى حدوث أضرار مستدامة على الأشخاص الذين يحبونهم.
حذر الدكتور جورج مات، المشرف الرئيسي على الدراسة، وأستاذ علم النفس بجامعة سان دييغو مما أطلق عليه ظاهرة “التدخين التراكمي” أو التدخين من طرف ثالث ” thirdhand smoke “، لافتاً إلى أن دخان السجائر يظل موجوداً داخل بيئة المنزل، ويتضرر جميع قاطني المنزل من المواد السامة التي يحتوي عليها، سواء المدخن السابق أو الأشخاص الآخرين، وأجرى البروفيسور بالاشتراك مع زملائه أبحاث على 90 مدخناً، تم حثهم على الإقلاع عن التدخين بغرض إجراء الدراسة عليهم، وخلال فترة التجربة التي استمرت 6 أشهر قام الباحثون بزيارة بيوتهم بشكل دوري منتظم، حصلوا خلالها على مسحات من الحوائط والأبواب، وعينات من تراب المنزل، وعينات بول وعينات من أيدي جميع سكان المنزل.
وأوضح التقرير أن الباحثين قاموا بتحليل جميع العينات، وبحثوا عن وجود المواد الكيميائية المرتبطة بالتبغ مثل النيكوتين والكوتينين والمادة الخطيرة المسببة لسرطان الرئة المعروفة باسم “إن إن كي NNK “، وخلال فترة الدراسة نجح حوالي 8% من المشاركين أن يقلعوا عن التدخين بنجاح، وذكر التقرير أن أسطح منازل وأصابع المدخنين السابقين الذين نجحوا في الإقلاع عن التدخين أظهرت انخفاضاً ملحوظ وسريعا في مستويات النيكوتين في بداية الدراسة، لكنها لم تلبث أن أظهرت ارتفاعاً غير مبرر في مستويات المواد الخطيرة خلال فترة الدراسة اللاحقة.
وكانت النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام هي المتعلقة بعينات التراب التي تم الحصول عليها من أرضية منازل الأشخاص الذين نجحوا في الإقلاع عن التدخين. اذ ظلت مستويات مادتي النيكوتين و”NNK” كما هي لم تتغير طوال فترة الدراسة التي استمرت 6 أشهر، الأخطر أن الاختبارات التي أجريت على الأشخاص الذين يقطنون في المنزل أظهرت أن تركيزات المواد المسرطنة إما انخفضت بشكل قليل أو لم تتغير تماما طوال التجربة.
وأوضح أستاذ علم النفس “التدخين التراكمي” يحتوي على غازات ومواد متناهية الصغر تستقر داخل أعماق السجاد والمفروشات والأقمشة، وقد تتغلغل حتى على جدران الحوائط وداخل أثاث المنزل.
وكانت الأبحاث السابقة قد أكدت أن الأشخاص غير المدخنين يعدون أكثر عرضة لتأثير التدخين التراكمي عند الانتقال لشقة جديدة أو المكوث بفندق أو عند زيارة كازينو أو شراء سيارة كان يستخدمها شخص مدخن.
ويعتقد جورج مات أن تغلغل وبقاء دخان السجائر داخل الأماكن التي شهدت ممارسة هذه العادة يعد من أبرز الأسباب التي يجعل الإقلاع عنها أمراً صعباً، معزيا ذلك إلى رائحة الدخان التي من الصعب جداً التخلص منها، وهو ما يبقي على وجود مثير مستمر قد يحفز المدخن للعودة مجدداً لهذه العادة في أي وقت، وهو ما يجب أن توليه الدراسات المستقبلية المزيد من الاهتمام للكشف عن حلول له.
وبغض النظر عن هذه العقبات، يوصي البروفيسور جورج مات المدخنين بأن يبذلوا كل ما في وسعهم من أجل الإقلاع عن التدخين، مؤكداً أن ذلك يعد الأمر الأكثر الأهمية الذي بوسعنا أن نفعله كي نعزز صحتنا.
وأضاف أستاذ علم النفس “إذا كان المدخنون يسعون باستمرار نحو الإقلاع عن التدخين مدى الحياة، فإنه يتوجب عليهم أن يتوقفوا فوراً عن التدخين داخل المنزل”، مؤكداً أن أصدقاءهم سوف يشكرونهم على ذلك، كما أنهم سيحولون دون حدوث ظاهرة التدخين من طرف ثالث وتراكم الدخان داخل منزلهم، وهو ما سيساعد مرافقيهم على العيش في منزل خالٍ تماماً من التبغ عندما ينوي المدخنون الإقلاع عن تدخين السجائر للأبد”.
المصدر: هافينغتون بوست