ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 7 كانون الاول 2020 على الموضوع الحكومي وخطة ترشيد الدعم .
الاخبار
الحريري يصحو على وقع «المبادرة الأوروبية»
بالشكل، سيكسر الرئيس يسعد الحريري اليوم الجمود الذي كان مسيطراً على المشهد الحكومي. وبعد أيام طويلة من الانتظار، يتوقع أن يقدم تشكيلة حكومية يدرك أنها لن تبصر النور إن كانت تشكيلة أمر واقع. لكن مع ذلك، فإن خطوته تلك التي تصنف في خانة «اللهم إني حاولت»، لا يمكن عزلها عن الزيارة المتوقعة للرئيس الفرنسي إلى لبنان أو عن التحرك الأميركي – الألماني لوراثة المبادرة الفرنسية
بعد ظهر اليوم، يزور الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا. سيدخل من الباب الرئيسي، لإضفاء طابع رسمي على الزيارة. ويرجّح أن يحمل بيده تشكيلة، بصرف النظر عما إذا كانت مكتملة أو لا. ثمة روايتان. الأولى تؤكد أنه سيعرض على رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، تشكيلة أمر واقع من ١٨ وزيراً، والثانية تشير إلى إمكان عرضه بعض الأسماء الجديدة التي تضاف إلى الأسماء التي سبق أن طرحها على رئيس الجمهورية. الحديث عن تشكيلة الأمر الواقع يشكل عملياً تأكيداً لرفض التشاور مع ميشال عون بالأسماء المسيحية. ولذلك، تحديداً، لم يسلّم ثنائي حزب الله وأمل أيّ أسماء للحريري، لا بل إنه بدا واضحاً أن حزب الله لن يسلّم الأسماء قبل أن يتفق الحريري مع رئيس الجمهورية، لأنه «لن يسمح بالاستفراد بعون».
مع ذلك، فإن في قصر بعبدا ارتياح إلى قيام الرئيس المكلف بواجبه الدستوري، بدلاً من المراوحة التي تميّزت بها المرحلة الماضية. خطوة الحريري يفترض أن تفتح الباب الدستوري أمام رئيس الجمهورية للنقاش في الأسماء والحقائب، تمهيداً لتوقيعه على مرسوم التأليف. وهنا، إذا لم يجرِ التعاون بين الطرفين لإنجاز التشكيلة، فإن المحاولة ستنتهي إلى عودة كل طرف إلى التمسك بشروطه.
من جهة أخرى، وبصرف النظر عن النتيجة المتوقعة، يُنظر إلى خطوة الحريري بوصفها جزءاً من تحرك لبناني يستبق زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ما مدى نجاح هذه الخطوة؟ ذلك ينتظر لقاء اليوم وما سيليه. كذلك لا يمكن عزل الزيارة عن الاجتماع الذي يعقد اليوم في مقر الاتحاد الأوروبي، بهدف بلورة مبادرة أوروبية ترث المبادرة الفرنسية تجاه لبنان.
سبق أن تردد في أوساط الحريري أن هذه المبادرة تأتي كخلاصة تنسيق ألماني أميركي بالدرجة الأولى، يتعامل مع المبادرة الفرنسية بوصفها عاجزة عن تلبية متطلبات وشروط دعم لبنان. وهذه المبادرة التي تعوّل عليها مصادر معنية بالتأليف لإحداث ثغرة في المراوحة المستمرة، تواجه معضلة أساسية، هي اعتبارها أن واحدة من سلبيات المبادرة الفرنسية أنها لم تتعامل بحزم مع حزب الله أو حتى مع إيران، التي تفتح معها باريس خطوط تواصل عديدة. السفير الأميركي في ألمانيا سبق أن كان رأس الحربة في دفعها إلى تصنيف حزب الله إرهابياً. وهو لن يكون بعيداً عن المبادرة الجديدة، علماً بأنه معروف بتشدّده وتطرفه في التعامل مع ملف إيران وحزب الله. لكن ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها المبادرة الجديدة؟ تؤكد مصادر مطلعة أن أي مبادرة عنوانها المواجهة مع حزب الله ستكون محكومة بالفشل مسبقاً. يدرك الفرنسيون أن العقوبات على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس كانت نتيجتها التشدّد مع الرئيس المكلف مصطفى أديب، كما يدركون أن فرض العقوبات على الوزير جبران باسيل أسهم في تشدد التيار الوطني الحر. ولذلك، فإن أي مبادرة تهدف إلى عزل حزب الله لن تكون بعيدة عن المصير نفسه.
حزب الله يرفض الاستفراد بعون: لا أسماء قبل الاتفاق معه
بحسب وثيقة دبلوماسية وصلت إلى الخارجية اللبنانية، فإن فرنسا التي لم تكن تحمل أي خطة بديلة للبنان، اقتنعت بأن «الخطة الوحيدة المتبقية هي انتظار الانهيار الكلي للبنان مالياً واقتصادياً، وذلك لإرغام الأطراف كافة على الجلوس معاً للنظر في ما يمكن القيام به في مرحلة ما بعد الانهيار». على الأرجح هذا السيناريو كان مقنعاً لكثر في الداخل. لكن هل المبادرة الجديدة تبني على الفرضية نفسها؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الافتراض المسبق سيكون الاستفادة من هذا الانهيار للوصول إلى نتائج لم تكن ممكنة قبلاً، في السياسة قبل الاقتصاد. إذا تبلورت هذه المبادرة اليوم، فقد تكون آخر محاولات إدارة ترامب لفرض تصورها للحلول في المنطقة. وهذا قد يكون كفيلاً بعدم تجاوب المتضررين من سيناريو، قرر التحالف الألماني الأميركي سلفاً توجيهه ضد فئة من اللبنانيين.
سلامة يصوّب على الدعم ليصيب الاستيراد: تخفيض ميزان المدفوعات أولويّة
دولار الـ 1515 يتلاشى. كان استيراد المواد الأساسية من بين الأمور القليلة التي تعتمد هذا السعر. لكن حتى هذه لن تجد طريقها إلى الاستمرار، مع بداية العمل جدياً على الحدّ من الدعم، بحجة نفاد الاحتياطي. رياض سلامة ليس همّه الاحتياطي، بعدما رمى كل موبقاته، التي أهدرت الدولارات، على الدعم. ولأنه لم يعد بإمكانه الاستمرار في هدر المزيد، صار همّه تخفيض الاستيراد تمهيداً لتخفيض العجز في ميزان المدفوعات. وذلك لا يتحقق إلا من خلال تحميل غير الأثرياء كلفة تضخم إضافي يحدّ من قدرتهم الشرائية!
الحاجة إلى ترشيد الدعم صارت ملحّة. ثمّة شبه إجماع على ذلك، حتى بين المتخاصمين في السياسة والاقتصاد. من يؤمن بأن الدعم هو حق للمواطن، لطالما شكك بأن الدعم، بطبيعته الراهنة، لا يصل إلى مستحقّيه. مئات ملايين الدولارات ذهبت إلى جيوب التجار، من دون أن يُحرّك المعنيّون ساكناً. طرح ذلك شكوكاً بشأن شبكة المستفيدين. هل من تعطّلت «أعماله» في نهب المال العام بالطريقة التقليدية، وجد في لعبة الأسعار المتعددة للدولار ضالّته؟ إن كان في السلّة الغذائية أو في المحروقات، يؤكد عاملون في الاستيراد أن التجار حققوا أرباحاً هائلة من خلال أمرين: تضخيم أسعار المنتجات المستوردة وعدم التصريح عن الحسومات التي يحصلون عليها. على سبيل المثال، لو أراد أحد المستوردين استيراد سلع، مصنّفة في خانة المدعومة، بقيمة ألف دولار، بحسب المستندات المقدمة إلى المصرف الذي يتعامل معه، فهو يدفع مليوناً ونصف مليون ليرة، على أن يتم تحويل الألف دولار إلى الشركة المحددة في الاعتماد.
لكن أحداً لا يتأكد مما إذا كانت الفاتورة المقدّمة مضخّمة أو لا. هناك يمكن أن تكون القيمة الفعلية للفاتورة لا تتجاوز 800 دولار. في هذه الحالة، يحصل التاجر على المئتي دولار في حسابه الخارجي، والتي يضاف إليها حكماً حسم قد يصل في أحيان كثيرة إلى 30 في المئة. هذا يعني ببساطة أن المستورد يمكن أن يحصل على ما يقارب 500 دولار نقداً في الخارج، مقابل دفعه مليوناً ونصف مليون ليرة في الداخل. وهذا يعني أن ربحه المحقق من خلال فتحه اعتماداً مصرفياً بقيمة مليون ونصف مليون ليرة يمكن أن يصل إلى ٤ ملايين ليرة، يضاف إليها الربح الناتج من بيع السلع المستوردة، وربما تضاف إليها أرباح غير مشروعة أخرى من جرّاء إعادة تهريب جزء من هذه السلع إلى الخارج.
حصيلة هذه العملية أن المستهدف بالدعم بالكاد يحصل عليه، على أن تذهب «النصبة الكبرى» إلى المحتكرين وشركائهم، الذين يمكن أن يكونوا موظّفين حكوميين ومصارف وسياسيين.
هذه العملية لا تجري بشكل فردي، بل تحولت إلى سياق منظّم، بحسب مصدر يعمل في الاستيراد والتصدير. ولذلك فإن الجريمة المرتكبة في ظل شح الدولارات في البلد تصلح لتكون جريمة ضد الإنسانية، لكونها تطال لقمة عيش الناس ودواءهم.
«المصلحة» هنا ربما تفسّر عدم قيام أحد بأي خطوة تحدّ من هدر الدولارات، بالرغم من أن خطوات بسيطة كان يمكنها أن تخفض فاتورة الاستيراد أكثر، وبالتالي، الحفاظ على المتوفر من العملات الأجنبية. على سبيل المثال، تضمّنت السلة الغذائية المدعومة أصنافاً ربما لا تخطر في بال المستهلك، حتى في عز البحبوحة. حتى في ما خص الأدوية. لطالما حكي عن أن التوقف عن استيراد الأدوية «البراند» يخفض الفاتورة الدوائية إلى النصف، لكنّ عاماً مرّ من دون أن يتخذ أحد القرار. يتردد كمثال استيراد «البانادول». كلفة دعم هذا المنتج فقط تصل إلى 30 مليون دولار سنوياً، فيما يمكن ببساطة استبداله بالباراسيتامول. على هذا المنوال، يتم التعامل مع الكثير من الأدوية. يكفي أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن ما يحتاج إليه أي بلد هو 220 تركيبة دوائية فقط. وبالتالي، فإنه لا جدوى من وجود آلاف الأدوية المتشابهة التي تختلف فقط باسمها التجاري وبسعرها.
مصرف لبنان الذي راسل الحكومة في آب لإعلامها بأنه لم يتبقّ سوى مليارَي دولار يمكن استخدامهما، تعامل مع الأمر على قاعدة اللهمّ إني بلّغت. ظن حينها أنه بذلك يمكن أن يتبرأ من كل الموبقات التي ارتكبت سابقاً والتي أدت إلى هدر ما يصل إلى 40 مليار دولار من أموال الناس، من دون أن يكون للدعم أي علاقة بها (الهندسات المالية، الفوائد السخية لغير المقيمين، تغطية العجز في الميزان التجاري…).
أوحت «صرخة» سلامة أن الدعم يؤدي إلى استنزاف أموال المودعين، وفاته أن يقول إن تلك الأموال سبق أن سرقت عندما كان يدّعي حماية الليرة ويفاخر بأنه حامي الاقتصاد. مع ذلك، أما وقد وقعت الواقعة، فلم يعد من حل سوى توجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين، حتى لو اقتضى الأمر أن تتولى الدولة، في هذه المرحلة الاستثنائية، استيراد المواد والسلع الاستراتيجية.
مرّ كلام سلامة من دون رد فعل يُذكر. عُقد اجتماع في قصر بعبدا، وتلاه اجتماع في السرايا الحكومية لمناقشة الوضع، من دون أن يتم التوصل إلى أي خلاصة. كان واضحاً أن احداً لا يريد تحمّل مسؤولية رفع الدعم. بالنسبة إلى حسّان دياب، بالإمكان استعمال كل الاحتياطي، بما فيه الودائع الإلزامية، لدعم سعر الدولار، وبالنسبة إلى سلامة فإن الودائع الإلزامية لا تمسّ.
عند هذا الخلاف، توقف النقاش في مسألة توجيه الدعم إلى مستحقيه. ثلاثة أشهر منذ رسالة سلامة من دون أي تحضير لمرحلة ما بعد تخفيف الدعم. لا البطاقة التموينية أو التمويلية بُحثت بشكل جدي ولا أجري إحصاء للعائلات المحتاجة إلى الدعم. في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي، كان القرار واضحاً برفض تحمّل مسؤولية تخفيض الدعم، على اعتبار أن هذا الأمر هو من مهمات الحكومة. وبالتالي، إذا لم تقرر وجهة الدعم في المستقبل، فإنه لن يكون أمامه سوى الاستمرار على المنوال نفسه، إلى حين نفاد الأموال (سبق أن أعلن سلامة أن الاحتياطي يكفي لشهرين).
40 مليار دولار أهدرها سلامة… ليس الدعم بينها!
يدرك جميع المعنيين أنه في حال الوصول إلى هذه المرحلة، فإن كارثة اجتماعية ضخمة ستحلّ بالبلد. وإذا كان متوقعاً أن يعقد اليوم اجتماع في السرايا الحكومية لمتابعة مسألة الدعم (تمهيداً لعرض الاقتراحات على اللجان النيابية المشتركة)، فإن تخلّي مصرف لبنان عن المسؤولية لا يعكس رغبته الشديدة في تخفيض استهلاك الدولارات التي لديه. في الأساس، ليس تخفيض الدعم هو الغاية بالنسبة إلى سلامة، بل هو الوسيلة للوصول إلى تخفيض الاستيراد. الدولارات التي تخرج من لبنان جزء منها فقط معنيّ بالدعم، فيما الدولارات الأخرى تخرج من الاقتصاد لتمويل واردات أخرى. وبالرغم من انخفاض الاستيراد بنسبة 50 في المئة، إلا أنه يطمح إلى تخفيضه أكثر. وذلك لا يتحقق عملياً إلا من خلال ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للبنانيين. فمن يستهلك فعلاً هم غير الأثرياء (الطبقة الوسطى والفقراء)، وهؤلاء قدرتهم الشرائية لن تبقى على حالها إن ارتفع ثمن صفيحة البنزين، على سبيل المثال، من 25 إلى 75 ألفاً. ذلك سيقود إلى تخفيض الاستهلاك للكماليات أو حتى لبعض السلع التي اعتاد الناس شراءها، بما سيؤدي لاحقاً إلى عدم استيرادها لانخفاض الطلب عليها.
بعدما كان العجز في الميزان التجاري قد وصل إلى 16 مليار دولار في عام 2018، انخفض هذا العام بشكل كبير من جراء انخفاض الواردات نحو 50 في المئة، لكن سلامة يأمل أن يزيد الانخفاض أكثر، بما يؤدي إلى تخفيض واضح في عجز ميزان المدفوعات. وهذا كان يفترض أن يكون أولوية منذ عام، لكن بفضل الإصرار على ترك الأزمة تتمدد، استمر الطلب على الدولار مرتفعاً، واستمر الاستيراد مباحاً من دون أي قيود، فكان بديهياً أن يرتفع سعر الدولار وتنهار الليرة. وصول سعر صرف الدولار إلى عشرة آلاف ليرة كان منطقياً، وربما متعمداً، في هذه الحالة، لكن بعد وقف الدعم، سيكون من الصعب ضبط الارتفاعات الإضافية، ما سيشكل عملياً كارثة يصعب على سلامة أو غيره توقع نتائجها. ولذلك، لم يعد أمامه سوى كبح جماح ارتفاع سعر الصرف وهو ما لن يتحقق إلا بتخفيف الاستيراد، لكن بالطريقة الأصعب والأكثر أذى للناس، بعدما تغاضت السلطة لأكثر من سنة عن تقييد حركة الاستيراد. تلك عبارة تقلق مدّعي الحرص على الاقتصاد الحر. ولذلك، لم يجرؤ أحد على المسّ بحركة الاستيراد والتصدير أو حركة الأموال، ما حصر الخيارات بتقليص الدعم، وزيادة التباطؤ الاقتصادي من جراء التضخم المتوقع.
حياة بلا شغف
ابراهيم الأمين
في نهاية ثمانينيّات القرن الماضي، كانت الحرب الأهلية في ذروة بشاعتها وعبثيّتها. لا أحد يطيق أحداً. المحاربون مثل الناس العاديين يهيمون على وجوههم دون قرار. وحدهم القادة الذين صرخوا ونادوا وقالوا وطالبوا وحثّوا، كانوا يشهرون علاقات المصالحة الكاذبة. كانوا على يقين بقرب انتهاء حفل الألعاب النارية وبدء موسم الحصاد من دون رصاص.
في تلك الفترة، لم يكن هناك شارع في لبنان بلا بصمات الحرب. لم تبق منطقة أو طائفة أو مذهب أو حزب أو مؤسسة من دون توقيع الموت. يومها، لم يكن لصوت الرصاص والانفجارات معنى إضافيّ غير لهو الأشقياء قبل الخلود إلى نوم عميق. ولم يكن لصراخ الناس من معنى لأن أحداً لم يكن يصغي إليه. لكنّ حقيقة واحدة تكوّنت، أن الفقر والتيه يوحّدان الجميع رغماً عنهم، وأن الجمع متى قرر كبير ما سيكون جاهزاً للانصياع.
لم يكن انتقاد ما يجري ممنوعاً، لكن الناس انشغلوا في ترميم حياتهم اليومية والبحث عن ملاذات آمنة. لم تمض سنوات حتى كان مئات الألوف قد حطّوا رحالهم في الأماكن البعيدة. ومن بقي هنا، وقف على بقايا شرفات، يشاهد عمليات الجرف وبناء المدن الجديدة، ويرى المقاتلين والمقتولين يحملون المعاول ويعملون بصمت المهزوم. ويرى ويسمع صخب القادة إياهم، يديرون الحفل كله… ولا يزالون يقودون المريدين الى حتفهم يوماً بعد يوم، وعقداً بعد عقد، ولا يزالون.
في تلك الأيام، كان زياد الرحباني يروي للناس مآسيهم اليومية بلا توقف. لم يكن يرحمهم في أي شيء. كان يصف الناس كما هم دون مواربة أو تجميل. وهم كانوا يضحكون على مأساتهم. ولكنهم لم يصغوا جيداً إلى ما قاله لهم مراراً وتكراراً، منذ بداية سبعينيّات الحرب الأهلية حتى تسعينيّات الإعمار الموهوم. رفضوا الاستماع إلى حقيقتهم القاسية.
ها نحن نحتفل قريباً بالذكرى الثلاثين لتوقف الحرب الأهلية، وبدء إعادة الإعمار على الموج. ها نحن نقترب من لحظة استذكار تلك الأيام القاسية وما تلاها من سنوات قهر وموت. وها نحن نستغرب أنه يوجد بيننا من يبحث، إلى اليوم، عن مفقود لم تظهر صورته حياً أو ميتاً. وها نحن، نعيد رسم الأفق الأسود، المقفل على ذواتنا كأنّ شيئاً لم يكن…
لكن، هلّا أخرج كل هؤلاء الناس صور وأصوات من تحكّم بهم طوال سنوات الحرب، ثم جدد لنفسه بموافقتهم، واستمر يتحكّم بهم طوال سنوات السلم كما في سنوات الحرب. وها هو يقف على صدورنا، لا يتعب من الصراخ والمناداة بالدولة العادلة والمساواة وإزالة مسبّبات الخوف والغبن والتمييز…
من رحل لم يعرف نتائج المعركة المفتوحة، ومن بقي لا يعرف شيئاً عن غده المجهول
ها نحن، بعد كل الذي حصل، ننتظر العائلات نفسها، بأجيالها الجديدة المستعدة لتولّي الدفة، وننتظر المؤسسات ذاتها، أو واجهاتها الجديدة، وننتظر ممثلي الله أنفسهم، بكل صنوفهم وعناوينهم وطقوسهم ولباسهم.
ها نحن ننتظر القناصل بعدما صاروا سفراء، والمندوبين السامين بعدما نالوا لقب البارونات، وعسس الجلادين بعدما صاروا جنرالات، ونتلهّف لوصول حفيد المستعمر الأول الهارب من صراخ أهله، ونصلّي لأجل رضى راعي البقر الغاضب من تشلّع مزرعته، وننتظر بركة مشايخ لا يعرفون سوى القرصنة والقتل مذ ولدوا وإلى حين يبعثون…
ها نحن نقف عند حدود البحر، ننتظر من يقلّنا الى الأماكن البعيدة مرة جديدة، وننظر بعين الشفقة على من يريد البقاء هنا منتظراً انتهاء الليل، ونرقص حول جثث أحبّاء وأبناء لم نعلّمهم سوى الرواية نفسها، وصدّقوا كذبتنا الأبدية عن بلد لم يعد له أثر حتى في قصص المساجين السوداء.
ها نحن، نقف بلا حيل ولا قوة، بلا شغف وبلا حب وبلا رغبة بأيّ شيء. من رحل لم يعرف نتائج المعركة المفتوحة، ومن بقي لا يعرف شيئاً عن غده المجهول…
لكن، يبقى لبنان على ما هو عليه، شعبه هو ذاته، وقضاياه هي ذاتها، وحكايته هي نفسها، والناس فيه على دين ملوكهم، قضوا وبُعثوا وما بدّلوا تبديلا!
تخفيف كلفة «السلة الدوائية»: الترشيد أولاً وآخراً
في إطار المحاولة لحلّ لغز اختفاء الدواء، أطلقت مبادرة الإصلاح العربي، قبل أسبوع تقريباً، دراسة عن كيفية… إبقاء الأدوية على رفوف الصيدليات. لم تحمل الدراسة أكثر من صيغتين مبدئياً للحفاظ على آخر الحقوق الصحية للمرضى، أولاهما تغيير نظام الدعم على قاعدة تخفيف تكلفة الفاتورة الدوائية مع الحفاظ على الفعالية، وثانيهما إطلاق المنصة الرقمية للوصفات الطبية. صيغتان في حال طبّقتا قد يسهل معهما تخفيض الفاتورة الدوائية التي تصل كلفتها في لبنان إلى مليار و600 مليون دولار أميركي
ترتهن، اليوم، صحة المواطنين وأدويتهم بالأموال المتوافرة للدعم في حوزة مصرف لبنان المركزي. فكلما خرج الحاكم ملمّحاً إلى تناقص «مال الدعم»، تفقد أدوية من السوق. هكذا، من دون سابق إنذار، تصبح حياة الكثيرين من المرضى على المحك. وفي كل مرة يحدث ذلك، يعاد السيناريو التالي: يتجه مستوردو الأدوية وأصحاب المستودعات نحو تقنين توزيع الأدوية على الصيدليات، وتبدأ بورصة الأدوية المفقودة بالعمل، ثم يدبّ الذعر. لا أحد يعرف كيف يحدث ذلك ولا حتى كيف تسكّن تلك الأزمة المستمرة منذ ما يقرب من ثمانية أشهر.
سلامة يصوّب على الدعم ليصيب الاستيراد: تخفيض ميزان المدفوعات أولويّة
الضالعون في أرق الناس وخوفهم على حقهم بالدواء كثر، من حاكم مصرف لبنان إلى محتكري هذا القطاع من المستوردين إلى أصحاب المستودعات وصولاً إلى المهربين. وعلى رأس هؤلاء كلهم تأتي الدولة بسياسة الدعم التي لا تعدو أكثر من كونها قناة للتوزيع. أضف إلى ذلك السبب الآخر، والذي لا يقل أهمية، وهو الذي يتعلق بضعف الصناعة الدوائية الوطنية التي تجعل صحة الناس تحت رحمة التجار، والسياسة الدوائية المعكوسة التي يتبعها لبنان؛ ففي كل دول العالم تستحوذ أدوية «الجينيريك» على 80% من الفاتورة الدوائية مقابل 20% لـ«البراند»، إلا في لبنان العكس، وبكلفة تصل إلى مليار و600 مليون دولار سنوياً (منها 250 مليون دولار فقط للأدوية الجينيريك). لكل هذه الأسباب، لا يتوقف مسلسل انقطاع الأدوية، والذي طال في الفترة الأخيرة أدوية أمراض مستعصية ومزمنة، ومنها أدوية لمرضى السرطان والسكري والقلب.
إلى ذلك، لا يبدو أن الأزمة وصلت إلى آخر النفق، بدليل استمرار خطر توقف الدعم في أي لحظة، في ظل عدم التوصل إلى حلول إلى الآن في ما يخص تقرير استمرار الدعم من عدمه، ولا حتى في ما يخص كمية الأموال المتوافرة لدى مصرف لبنان للدعم. أضف إلى ذلك الرد الذي تلقّاه لبنان من البنك الدولي لناحية رفضه المساعدة في قطاع الأدوية بذريعة «غياب الإصلاحات».
واليوم، لا مجال لرفع الدعم. هذا أمر أكيد، لأن من تبعات ذلك «أن تحصل خلافات بين الناس في الشوارع»، هذا ما يقوله رئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي، وما ذهب إلى تأكيده نقيب الصيادلة، الدكتور غسان الأمين، بالإشارة إلى أن «الناس سيقتتلون في الشوارع لأخذ علبة دواء». إلى الآن، لم تفضِ القرارات الرسمية إلى شيء، رغم الاجتماعات المتلاحقة في السراي الحكومي، وإن كان عراجي يأخذ على الأخيرة أنها «محصورة بمن هم فوق»، ولم تأخذ إلى الآن بملاحظات لجنة الصحة النيابية التي تعمل على إعداد خطة لترشيد الدعم. أما أبرز ما تركز عليه تلك الخطة، فهو «تخفيف» الدعم على أدوية الـ»otc» الخفيفة التي لا تحتاج إلى وصفات طبية ودعم الأدوية المزمنة مع «ترشيدها» التزاماً بلائحة الأدوية لمنظمة الصحة العالمية. لا بديل من تغيير آلية الدعم بحسب عراجي لتخفيف التواءات السياسة الدوائية في لبنان، التي وصلت حد «أننا في لبنان لدينا 5000 دواء مسجل، فيما لائحة أدوية منظمة الصحة تبلغ 1200 دواء»!
«استَعار» عراجي فكرة الترشيد في خطته من مجموعة «مبادرة الإصلاح العربي» التي أعدت هي الأخرى دراسة تقترح حلولاً للدعم، الذي «لا حول ولا قوة» إلا به حتى الآن، في ظل استعصاء البدائل الأخرى. وتأتي هذه الحلول في إطار العمل على فك لغز اختفاء الأدوية من خلال التركيز على عاملين اثنين: أولهما تغيير نظام الدعم وصولاً نحو ترشيده، وثانيهما إطلاق منصة رقمية للوصفات الطبية. وهنا، لا انفصام بين العاملَين، لناحية مؤازرة أحدهما للآخر، وضمان عدم فقدان الأدوية تالياً عن رفوف الصيدليات وتخفيف الضغط على احتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي. والأهم من ذلك كله، التأكد من أن الأدوية المدعومة، تحت هذين البندين، ستصل إلى المرضى المستهدفين.
في الشق الأول من الحل، تقترح المبادرة خفض التكاليف انطلاقاً من تطبيق مبدأين أساسيين: «استيراد أرخص الأدوية من دون المساس بالتأثير العلاجي». كيف ذلك؟ تشير المبادرة مثلاً إلى أنه بدلاً من أن يدعم مصرف لبنان 20 اسماً تجارياً مختلفاً لدواء أتورفاستاتين الذي يستخدم للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية تراوح أسعارها ما بين عشرة آلاف ليرة و43 ألفاً – وهو يفعل ذلك اليوم – يمكنه عندها أن «يسهم في دعم منتجين فقط يتم اختيارها بناءً على تأثيرهما العلاجي القوي وسعرهما المنخفض». وثمة عوامل مساعدة كثيرة هنا في تقرير جانب الكلفة، إذ يمكن على سبيل المثال لا الحصر «عند البحث عن أدوية أرخص التفتيش عن الأدوية التي انتهت صلاحية براءات اختراعها».
تضم لائحة أدوية منظمة الصحة العالمية 1200 دواءً فيما تضم «اللائحة اللبنانية» 5000 دواء
من الطبيعي أن يفسح هذا الإجراء المجال أمام تعزيز المنافسة في السوق، حيث من المفترض أن تنعكس هذه السياسة على سياسة المستوردين لناحية خفض أسعارهم. أما اقتراح دواءين فقط، فينبع من دافعين أساسيين، أولهما إلغاء الاحتكار، وثانيهما إفساح المجال أمام الصناعة الوطنية لإثبات جدارتها من خلال «اعتماد دواء محلي مقابل الدواء المستورد». وما يدعم هذا الخيار أن «الكثير من الأدوية التي تعالج حالات مرضية مختلفة تصنّع محلياً ومتاحة في الأسواق».
وخوفاً من انزياح الخطة عن هدفها، دعت المبادرة إلى ضرورة أن تخضع العلامات التجارية المصنعة للأدوية التي تستحق الدعم «لأعلى درجات الشفافية الممكنة»، لافتة في هذا الإطار إلى إمكانية اللجوء إلى «قائمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي تضم أسماء أدوية مشمولة بالتغطية لتحديد تلك التي ستستفيد من الدعم الموجه للاستيراد بشكل عام». وفي حال نجاح هذه الخطوة، تأتي الخطوة الثانية «الأكثر جرأة»، والتي يتعيّن من خلالها إجراء تحليل فعالية التكلفة الذي يمكن استخدامه للاختيار بين الأدوية غير المتطابقة من حيث الجرعة أو التأثير العلاجي، ولكنها تستخدم لعلاج الحالة السريرية نفسه، مثل خافضات سكر الدم وضغط الدم.
ماذا يعني ذلك؟ ببساطة، يعني أن لا انقطاع للأدوية. وعندما تصبح البدائل المدعومة متوافرة في السوق، سيتم عندها «إعادة تسعير البدائل غير المدعومة وَفقاً لسعر الصرف الحقيقيّ في السوق»، بحسب ما تنص المبادرة. ومن الجهة الأخرى، لن يعني هذا الدعم تحييد علامات تجارية غير مدعومة، إذ ستستمر هذه في السوق، ولكنها ستكون محصورة «بالمرضى المستعدين والقادرين على تحمّل تكاليفها».
أما في الشق الثاني من العلاجات، فتأتي الحلول لمعالجة أزمة تخزين الأدوية في المنازل، من خلال نظام الوصفات الطبية الإلكتروني. والمسؤولية هنا تقع على عاتق وزارة الصحة من خلال اتخاذها القرار الجريء «الذي يسمح للأطبّاء بتقديم الوصفات الطبيّة عبر الاتّصال الهاتفيّ بالصيدليّات التي يطلبها المرضى، على أن يقوم الصيادلة بتوثيق تلك الطلبات في أنظمتهم الحاليّة الخاصّة بالتوثيق». ويمكن لهذا التطبيق أن يأتي بهدفين، أولهما منع التخزين، وثانيهما «تعقّب المبيعات»، وهو ما يمنع تالياً الغشّ والتهريب والفساد، ويُتيح قدرة أفضل على تحليل سلوكيّات المستهلكين ومقدِّمي الوصفات الطبيّة، أطباء وصيادلة.
قطر تعود إلى حضن العائلة: اتحاد خليجي لمواجهة إيران
في موازاة الوساطة الكويتية والضغط الأميركي لإنهاء مقاطعة قطر ووضح حدٍّ للأزمة الخليجية، برزت حركة سعودية غير عادية في اتّجاه الترويج لإنجاز مصالحةٍ باتت في متناول اليَد، كما أسلف وزير خارجية المملكة، فيصل بن فرحان. مصالحةٌ تستبشر فيها الرياض خيراً، إذ ترى، كما حليفتها واشنطن، أن لمّ الشمل الخليجي سيشكِّل، إذا ما ضُمّت إليه إسرائيل، جبهةً موحّدة في مواجهة إيران، تقف سدّاً منيعاً أمام أيّ خطوة تخالف سياسة «الضغوط القصوى». ليس ذلك وحسب، فالمملكة باتت أكثر جرأة ووضوحاً للحديث عن مطالبها التي تبدو متطابقة مع المطلب الألمانيّ المستجدّ: لا اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني لا يشمل ذاك الصاروخي!
تلوذ الإمارات ومصر بالصمت إزاء التطورات المتّصلة بالمصالحة الخليجية. مساعي السعودية إلى تبديد خلافات «الأشقّاء» تبدو منفردة، على رغم حديثها عن أن الحلفاء «على الخطّ نفسه» في ما يتعلّق بحلّ الأزمة المتواصلة منذ منتصف عام 2017. وهي إذ تُبدي استعجالاً للخلاص من عبء يُشرذم «أهل البيت» الواحد، تنصاع لضغوط الإدارة الأميركية التي تريد، من جهتها، لمّ الشمل الخليجي لمواجهة ما قد يترتّب على سياسات الإدارة الجديدة في المنطقة، وخصوصاً لجهة تعاملها مع إيران. ومن هذا المنطلق، جاء تشديد وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، على وجوب التشاور مع دول الخليج «بشكل كامل» في حال أرادت الإدارة الأميركية المقبلة إحياء الاتفاق النووي مع طهران، وتأكيده أن الرياض، كما برلين، تفضّل نموذجاً أوسع للاتفاق الحالي يشتمل على برنامج الصواريخ البالستية.
رهان المملكة على ضخّ بعض الحياة في «مجلس التعاون الخليجي»، يقابله تعنُّت تبديه حليفتها، الإمارات، التي يُرجِّح مراقبون أن تستثني نفسها من اتّفاق لا تراه ضرورياً، ولا سيّما أن وسائل إعلامها لم تخفّف نبرتها ضدّ قطر بخلاف هذه الأخيرة. يؤكّد ما سلف، استبعادُ سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، أن تُحلّ الأزمة في أيّ وقت قريب، لكونها «ليست على قائمة أولويات أيّ شخص»، كما خلص في وقت سابق من الشهر الجاري. لكن وزير الخارجية السعودي أكّد، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، أن حلفاء بلاده «على الخطّ نفسه» في ما يتعلّق بحلّ الأزمة الخليجية، متوقّعاً التوصّل قريباً إلى اتّفاق نهائي في شأنها. يأتي ذلك في موازاة كَشْف مصدر دبلوماسي تحدّث إلى صحيفة «الراي» الكويتية أن قمّة «مجلس التعاون» المزمع عقدها في البحرين هذا الشهر ستشهد مصالحة خليجية. وذكرت الصحيفة أن «نقاط الخلاف والطلبات والشروط التي تمّ الحديث عنها خلال عُمرِ الأزمة ستُناقَش في لجان خليجية خاصّة، سعياً للتوصّل إلى حلول لها بما يضمن عدم تجدّدها، واستمرار تماسك المنظومة الخليجية والعربية».
تفضّل الرياض نموذجاً أوسع للاتفاق النووي الإيراني تحدّثت عنه برلين في الأيام الماضية
وفي أعقاب تكثيف الكويت حراكها الدبلوماسي، أخيراً، للدفع قُدماً في اتّجاه حلّ تضغط الولايات المتحدة لإنجازه قبل مغادرة دونالد ترامب منصبه، أكّد ابن فرحان الذي استقبل في الرياض، أمس، مساعد وزير الخارجية الأميركي، ديفيد شينكر، أن تحقيق اختراق لحلّ الأزمة بات وشيكاً، وذلك بعد إعلان الكويت تحقيق تقدّم صوب إنهاء الخلاف الذي تقول واشنطن إنه يعرقل وجود جبهة خليجية موحّدة ضدّ إيران. وقال: «نتعاون بشكل كامل مع شركائنا في ما يتعلّق بهذه العملية، ونرى احتمالات إيجابية للغاية في اتّجاه التوصل إلى اتفاق نهائي»، مضيفاً أن «جميع الأطراف المعنيّة ستكون مشاركة في الحلّ النهائي». ولدى سؤاله عمّا إذا كان النزاع يتّجه إلى تسوية كاملة، زاد قائلاً: «نتصوّر حلّاً يغطّي جميع الجوانب ويرضي كافة الأطراف المعنية». وبدا لافتاً إصرار ابن فرحان، خلال مشاركته في منتدى «حوار المنامة»، أول من أمس، على «استمرار السعودية في التزامها بتعزيز الأمن الخليجي ضمن وجود مجلس تعاون أكثر تكاملاً وتكريس إطار تعاوني قوي لدول الخليج العربية كما يراد لها».
لم تهدأ «الدبلوماسية» السعودية ومساعي الترويج للاتفاق الناجز. ومن المنامة، أطلّ وزير خارجية المملكة للحديث أمام «منتدى الحوار المتوسطي» في روما، بهدف إشاعة أجواء إيجابية بخصوص المصالحة، إذ قال: «حقّقنا تقدّماً كبيراً في الأيام الأخيرة بفضل الجهود المتواصلة للكويت، وأيضاً بفضل الدعم القوي من الرئيس ترامب»، آملاً أن «يسفر هذا التقدّم عن اتفاق نهائي يبدو قريباً جداً، وبوسعي أن أقول إنني متفائل إلى حدّ ما من أنّنا نقترب من إتمام اتفاق بين كل الدول محلّ الخلاف». من جهته، أفاد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال المنتدى ذاته، بـ»(أننا) أحرزنا بعض التقدّم في مرحلةٍ ما، قبل أكثر من سنة، ثمّ تباطأت الأمور»، مشيراً إلى أن «وحدة الخليج مهمّة جداً لأمن المنطقة. وهذه الأزمة التي لا داعي لها، يجب أن تنتهي على أساس الاحترام المتبادل».
على أن كل الطرق الآنفة تؤدّي، من منظور سعودي، إلى زيادة الضغط على إيران، التي تخشى المملكة اعتماد الإدارة الأميركية المقبلة سياسة تهدئة إزاءها. وفي هذا الإطار، شدّد وزير الخارجية السعودي، في حديثه إلى «فرانس برس»، على أن إعادة إحياء أيّ اتفاق مع إيران في ظلّ الإدارة الجديدة يجب أن يتمّ بالتشاور مع دول الخليج: «بشكل أساسي، ما نتوقّعه هو أن يتمّ التشاور معنا بشكل كامل، وأن يتمّ التشاور بشكل كامل (كذلك) مع أصدقائنا الإقليميين في شأن ما يحدث، في ما يتعلّق بالمفاوضات مع إيران». برأيه، فإن «الطريق الوحيد في اتّجاه التوصل إلى اتفاق دائم هو عبر تشاور من هذا النوع». لكن الوزير أبدى ثقته بأن «إدارة بايدن، مثل شركائنا الآخرين، بمَن فيهم الأوروبيون، متفقون تماماً على ضرورة إشراك جميع الأطراف الإقليمية في أيّ حلّ». وبدت لافتة إشارته إلى أن المملكة تفضّل نموذجاً أوسع للاتفاق النووي الحالي تحدّثت عنه برلين في الأيام الماضية للجم برنامج طهران للصواريخ البالستية، معتبراً أن الاتفاق القائم «ناقص ولا يتطرّق إلى جميع القضايا المرتبطة بأنشطة إيران النووية».
كوبا تقود أميركا اللاتينية في إنتاج «لقاح الفقراء»
رغم الحصار الاقتصادي القاسي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية على كوبا، وإقفالها أخيراً مراكز «ويسترن يونيون» لمنع إدخال الدولار إليها، وفيما تتسابق البرازيل والمكسيك لإتمام صفقات استيراد لقاحات مع كبريات شركات الأدوية العالمية، تتقدم هافانا دول أميركا الجنوبية نحو تسجيل لقاحين واعدين ضد فيروس كورونا.
إن أي لقاح ضد كورونا هو بالنهاية منتج وله سعر، ما يعني أن شعوب الدول الفقيرة والمحاصرة لن تتأمن لها اللقاحات من كبريات شركات الأدوية بالسرعة المرجوة. وكمثال على ذلك، قامت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإنشاء مشروع «وارب سبيد»، والذي يهدف الى شراء ملايين الجرعات من أي لقاح تثبت فعاليته في التجارب السريرية ضد كورونا، وحتى قبل بدء إنتاجه بشكل كبير من الشركة المُصنّعة، أي الشراء سلفاً. ومثل هذه المشاريع تضع الدول الفقيرة في آخر سلم اهتمام شركات الأدوية. لذا، بدأت كوبا منذ أشهر عديدة تجارب سريرية على لقاحين واعدين ضد الفيروس، هما (Soberana 01) و(Soberana 02). ومن المتوقع نشر النتائج النهائية للتجارب في كانون الثاني 2021 (الشهر المقبل).
من المتوقع نشر النتائج النهائية للتجارب في الشهر المقبل
في تقرير نشرته وكالة «رويترز»، قال خبراء إقليميون إنه «إذا نجحت جهود الجزيرة الكاريبية في إنتاج لقاح فعّال، فقد تصبح مورداً مهماً للدول المجاورة التي قد تكافح من أجل الحصول على إمدادات اللّقاح، بسبب اندفاع الدول الغربيّة الغنيّة لتأمين الجرعات». وقال خوسيه مويا، ممثل منظمة الصحة للبلدان الأميركية في كوبا لـ«رويترز»، إنه «إذا ثبت أن اللقاح الكوبي آمن وفعال، فسيصبح متاحاً للشراء في المنطقة من خلال منظمة الصحة للبلدان الأميركية (PAHO)»، وهو المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للأميركتين.
اللافت في كوبا الشيوعية، أن تعداد سكانها يبلغ 11.3 مليون نسمة، فيما وصل عدد المصابين فيها بالفيروس الى 8782 شخصاً منذ تفشي الوباء، شُفي من هؤلاء 7963 شخصاً، وتوفي 136 إنساناً، فيما بلغ أقصى تعداد لعدد الإصابات الجديدة في يوم واحد 109 أشخاص، وأقصى تعداد لحالات الوفاة 6 أشخاص. واللافت أيضاً في كوبا، أن عقار «هايدروكسي كلوروكين» ما زال مستخدماً من ضمن عدة علاجات لمواجهة كوفيد-19، مع زيادة في الاحتياطات والشروط قبل إخضاع المرضى له. وهو العقار الذي حصد الرئيس الأميركي بسبب تسويقه له غضب الإعلام الأميركي وعدد كبير من الأطباء والخبراء الصحيّين حول العالم.
لطالما صدّرت كوبا لقاحات إلى دول العالم النامي، بما في ذلك لقاحات ضد التهاب السحايا والتهاب الكبد B، فيما يعود الفضل في إنشاء أحد أفضل الأنظمة الصحية، الى القائد الثوري الراحل فيدل كاسترو، الذي دعم قطاع التكنولوجيا الحيوية محلياً منذ الثمانينيات، حتى تصبح كوبا أكثر اكتفاءً ذاتياً في مواجهة الحظر التجاري الأميركي. ومنذ ذلك الحين أصبح هذا القطاع جزءاً رئيسياً من اقتصاد البلاد.
اللواء
«لغم الدعم» ينفجر أم يعّجل الحكومة؟
الحريري إلى بعبدا مع «تشكيلة متوازنة».. وجنبلاط يتهم العهد بالكيدية.. وماكرون إلى بيروت بعد أسبوعين
حتى يتوجه الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا، وعلى الأرجح اليوم، (الموعد المبدئي الساعة 11)، يبقى الانتظار سيّد الموقف، لمعرفة كيف سيتعامل الرئيس ميشال عون، الذي يتصرف بإدارة الدولة، من خلال مجلس الدفاع الاعلى او حكومة تصريف الاعمال، مع الصيغة الحكومية المكتملة، في وقت يتصدر موضوع رفع الدعم عن المحروقات والطحين والدواء، بدءاً من اليوم، حيث سيعقد اجتماع في السراي الكبير برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، مع حاكم مصرف لبنان او مَن ينتدبه والوزراء المعنيين للبحث في مسار الدعم، وفقا او ترشيدا او تدرجا، بانتظار الفرج الآتي من عالم الغيب.
ويركز الاجتماع، وفقا لمصدر مطلع، على البحث عن آليات، وخيارات التعامل مع المخاطر المحدقة بنفاذ احتياطي المصرف المركزي من العملات الصعبة، في وقت لا يتعدى اسابيع قليلة، لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة.
ويدور النقاش، من زاوية تغيير المقاربة، عبر دعم الناس المحتاجين، لا السلع المدعومة التي يستفيد منها الاثرياء والميسورين، مثل الفقراء والمعوزين.
والملفت، ترقب اصحاب المطاحن والافران للقرار الذي سيصدر عن اجتماع السراي، في ما خص رفع الدعم، على ان تبلغ الاجتماعات ذروتها غدا الثلاثاء.
وفي السياق، قال نقيب الصيادلة غسان الامين ان الفاتورة الدوائية مرتفعة، ولا يُمكن خفضها، واصفاً وقف الدعم «بالكارثة، وان الناس سيقتلون بعضهم البعض في الشوارع».
الحريري إلى بعبدا
حكومياً، اشارت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون عاجلا ام اجلا وفي التوقيت الذي يراه مناسبا بنفسه لاكمال مشاورات تأليف الحكومة وليس كما يريده الذين يحاولون فرض مواصفات وشروط تعجيزية تتجاوز اسس ومضمون المبادرة الفرنسية. وقالت ان الترويج لمعلومات وتوقعات مسبقة عن رفض الرئيس عون التوقيع على اي تشكيلة حكومية يحملها الرئيس المكلف، انما يندرج في اطار محاولات استدراج ردود فعل وتجاذبات من قبل الاخير للتشويش على مسار عملية تشكيل الحكومة عموما وحرفها عن مسارها، اما لتغيير آلية التشكيل المتبعة خلافا لرغباتهم واساليبهم السابقة المعهودة او لايصال مهمة الرئيس الحريري الى الطريق المسدود في النهاية وحمله على الاعتذار عن التشكيل.
واشارت المصادر إلى ان هذه المحاولات الابتزازية مكشوفة منذ البداية ولن تؤدي الا إلى اطالة امد الازمة الحكومية اكثر مما كان متوقعا، ولكنها بالطبع لن تحمل الحريري على الاعتذار عن التكليف لانه مايزال مصرا على الإلتزام بتشكيل حكومة المهمة الانقاذية المرتكزة على المبادرة الفرنسية باعتبارها تشكل الفرصة الفريدة والملائمة لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها حاليا.
وقالت المصادر ان الرئيس الحريري سيحمل معه الى بعبدا تشكيلة وزارية متوازنة.
والسؤال: هل ينفجر لغم الدعم، اليوم، ام ان القرار ينتظر تأليف حكومة تحرّك المساعدات المالية، بعد ولوج باب الاصلاحات.
وتتحدث المعلومات ان صيغة الحريري تضم 18 وزيراً، وهو الامر الذي يعارضه الرئيس عون، اذ يفضل حكومة من 22 وزيرا لضمان تمثيل الامير طلال ارسلان فيها، وللحصول على الثلث المعطل، في حال، كان قدر هذه الحكومة العتيدة المقبلة، اذا تشكلت تقوم مقام رئيس الجمهورية اذا حدث شغور رئاسي بعد اقل من عامين، بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 ت1 (2022).
البناء
40 يوماً مع ترامب هبّة باردة وهبّة ساخنة.. والخطر الأبرز هو العمليّات الأمنيّة
الحريري في بعبدا بهيكل غير كامل للحكومة لملء الوقت الضائع
دياب وسلامة لخطة ترشيد الدعم وتمويلها لستة شهور بمليار دولار
كتب المحرّر السياسيّ
بعد أربعين يوماً سيصبح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رئيساً سابقاً، رغم عودته أمس، لنغمة التبشير بالفوز بالانتخابات، حيث تؤكد مصادر متابعة في واشنطن للمسارات القانونية التي تلت الانتخابات استحالة انقلاب الصورة، بعدما حسمت المراجع القضائية 95% من المراجعات بتأكيد النتائج، ولا يبدو أن ثمة إمكانية لتكوين قضية تتيح التقدّم للمحكمة الدستورية للطعن بالنتائج، وحيث ينعقد المجمع الانتخابي خلال الأيام العشرة المقبلة ويعلن فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، لكن حسم المسار الانتخابي الذي يحسم انتقال السلطة الى بايدن في الـ 20 من الشهر المقبل، لا يحسم مصير الأيام الأربعين التي يملأها ترامب بالقلق والخوف من دعسات ناقصة يقدم عليها. وفي هذا السياق تنبّه مصادر أمنية من كون لبنان نقطة رخوة في المشهد الإقليمي، ومن كون الأمن ساحة فعل مرشحة في مثل هذه الفوضى السياسيّة على الساحة الدولية.
رغم تشديد المصادر الأمنية على أن تشكيل حكومة جديدة مدعومة من القوى السياسية كافة يقطع الكثير من الطرق على مشاريع التخريب الأمني، يبقى المسار الحكومي مجمّداً، وفيما يجري التداول بمعلومات عن توجه الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى بعبدا حاملاً إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشروع مسودته الحكومية من 18 وزيراً، قالت مصادر مواكبة للمسار الحكومي إن الزيارة لن تحمل أكثر من هيكل ناقص للحكومة، وستكون محكومة بالعجز عن المضيّ في مسار التشكيل بانتظار مناخات دوليّة وإقليميّة مناسبة، ولذلك فالزيارة برأي المصادر لن تختلف عن سابقاتها لجهة ملء الوقت الضائع.
القضيّة التي لا تزال تتصدّر أولويات الناس وتتقدّم كأولويّة لا تحتمل ترف الوقت، هي خطة ترشيد الدعم التي سيبدأ البحث بها وبتمويلها في اجتماع يُعقد في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحضور وزراء المال والاقتصاد والطاقة والصناعة والزراعة، وحاكم مصرف لبنان وأعضاء المجلس المركزي، حيث سيحمل الوزراء تصوّراتهم لمعايير الترشيد في وزاراتهم ومجال اختصاصاتها، والكلفة المطلوبة لتغطية هذه الاحتياجات، بينما يقدّم حاكم المصرف وأعضاء المجلس المركزي تصوّراتهم حول القدرة على التمويل، والبحث بتخفيض الاحتياط الإلزامي للمصارف من 15% الى 12% سيكون على الطاولة، وتوقعت مصادر معنية بخطط الدعم ومناقشات اليوم التي ستستمر غداً وربما بعد غد، أن يرسو التفاهم على خطة لستة شهور قيمتها مليار دولار، لا تطال تأمين الدعم للمحروقات، التي ينتظر تحريرها جزئياً من خطط الدعم المتوقعة عبر ربط دولار الاستيراد بسعرين للمبيع من مصرف لبنان، واحد بـ 3950 ليرة والآخر بسعر السوق أي 8000 بحيث يكون هناك سعران لصفيحة البنزين واحد بـ 50 الف ليرة والثاني بـ100 الف ليرة على ان يتم التعويض للسائقين العمومين بموجب بطاقات تسدّد بموجبها لهم مبالغ مالية شهرية تعادل الفارق عن سعر الـ1500 المعتمد حالياً لتمويل الاستيراد.
وبينما يزور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعبدا اليوم الاثنين، وفق بعض الترجيحات لتقديم تشكيلة حكومية من 18 وزيراً من الاختصاصيين للوقوف على رأي الرئيس عون فيها، أفادت مصادر قناة «المنار» بأن الهدف الأول من الترويج لمعلومات عن إنجاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري التشكيلة الحكومية، هو إظهار أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل هما المسؤولان عن التعطيل، بينما هو قام بما عليه.
وأشارت المصادر إلى أن الهدف الثاني هو القول للفرنسيين إن المطلوب الضغط على عون وباسيل، لافتة إلى أن الحريري لن يقدم على أي خطوة من دون تنسيق مع الفرنسيين ومن دون الحصول على أسماء الوزراء الشيعة.
وكشفت المصادر أن الفرنسيين يعملون على إنجاز التشكيلة الحكومية قبل زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان في الشهر الحالي، وبالتالي خيار حكومة الأمر الواقع مستبعَد، بينما الحل هو وساطة متوازنة وتناسي أمر الأميركيين.
ولفتت مصادر بيت الوسط لـ«البناء» إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون يجب أن يتعاون مع الرئيس الحريري للإسراع في تأليف الحكومة من أجل إنقاذ الوضع، خاصة أن المجتمع الدولي يشترط دعم لبنان تأليف الحكومة الأمر الذي يتطلّب من الجميع التعاون لتسهيل التشكيل، بدل اللجوء الى رفض التشكيلة الحكومية، معتبرة أن الحريري يتعاطى بإيجابية ويعتمد أداء عدم التعليق على الكثير من الاتهامات التي يتعرّض لها فضلاً عن أنه التزم الصمت بعد الذي صدر عن اجتماع الأعلى للدفاع علماً ان ما حصل من قبل الرئيس عون كان مخالفاً للدستور.
ومع ذلك، لفتت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» الى ان زيارة الحريري الى بعبدا لم تتأكد بعد، وفي حال حصلت، فإن البحث سوف يتناول توزيع الحقائب من دون الدخول في لعبة الأسماء خاصة أن كل المؤشرات توحي ان لا حكومة حتى الساعة، وبالتالي لن يطرح الرئيس الحريري اية تشكيلة.
وجدّد «التيار الوطني الحرّ» انتقاده للرئيس المكلّف سعد الحريري، محملاً إياه مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة فمن غير المقبول ربط التشكيل بتبدّل الظروف وبالضغوط الحاصلة. كذلك، أكد انسجام التيار مع الرئيس عون في ملف التدقيق المالي الجنائي. وقال إن الالتزام بوحدة المعايير والمبادئ هو حبل نجاة للرئيس المكلف. إذ يحفظ التوازنات ويحترم الأصول، ويحقق الهدف الوطني بقيام حكومة اختصاصين تنفذ الإصلاحات المطلوبة، ويتمتع وزراؤها بالكفاءة والفعّالية والقدرة على الإنتاج.
وشدّد المجلس السياسي على ضرورة التزام الدستور في عملية التشكيل، باحترام موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها، من دون أي انتقاص أو تجاوز.
ودعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأحد رئيسَ الجمهوريّةِ والرئيسَ المكلَّفِ، ومهما كانت الأسباب الحقيقيّة التي تؤخّر إعلانَ حكومةٍ جديدة، إلى تخطّي جميع هذه الأسباب، واتخاذ الخطوة الشجاعة وتشكيلِ حكومةِ إنقاذٍ استثنائية خارج المحاصصة السياسيّة والحزبيّة. وتوجه اليهما بالقول: لا تَنتظِرا اتّفاقَ السياسيّين فهم لن يتّفقوا، ولا تَنتظِرا انتهاءَ الصراعاتِ الإقليميّة فهي لن تنتهيَ. ألِّفا حكومةَ الشعب، فالشعبُ هو البدايةُ والنهاية، وهو الذي سيحسم بالنتيجة مصير لبنان.
وسأل: هل من مبرّر لعدم تشكيل حكومة جديدة تنهض بلبنان الّذي بلغَ إلى ما تحت الحضيض والانهيار اقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا وأمنيًّا، وتعيده إلى منظومة الأمم؟ أين ضميرهم الفرديّ وأين ضميرهم الوطنيّ؟ ماذا ينتظرون أو يضمرون في الخفاء؟ وفي كلّ حال لبنان وشعبه وكيانه فوقهم جميعًا، وصامد بوفائه وكرامته!
ويزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان بين 21 و23 كانون الأول الحالي، لكن برنامج الزيارة لم يتحدد رسمياً بعد ولا طبيعة الوفد الرسمي المرافق، ولم يُعرف بالضبط ما الذي سيحمله معه الى لبنان من مقترحات او مبادرات، سوى أنه سيقوم بزيارة تفقدية للقوات الفرنسية العاملة في إطار قوات اليونيفيل في الجنوب، وتأكيد الدعم للشعب اللبناني. وسيتم تحديد برنامج الزيارة التفصيلي واللقاءات التي سيعقدها لاحقاً، في ضوء المدة التي ستستغرقها الزيارة.
الى ذلك أفيد أن اجتماع السراي اليوم حول دعم المواد الأساسية والضرورية لن يكون الأخير إذ ستعقد لقاءات متتالية يوم غد الثلاثاء في نهار «ماراتوني»، علماً أن اللجان النيابية المشتركة سوف تجتمع الاسبوع المقبل لاستكمال البحث بملف الدعم، بعدما طالبت الحكومة ومصرف لبنان بإرسال مقترحات جدية عملية. وشددت المصادر المطلعة على موضوع الدعم على أن أكثر من 70 في المئة من الدعم لم يستفد منه ذوو الدخل المحدود والفقراء فهو ذهب الى الأغنياء والوسطاء والتجار والنازحين الذين يستفيدون من بطاقات الأمم المتحدة فضلاً عن ان نسبة كبيرة من المواد المدعومة هربت الى سورية، وبالتالي فإن الاجتماعات المتتالية سوف تبحث في ما حصل لتبني على الشيء مقتضاه حيال ضرورة ترشيد الدعم علماً أن البعض بدأ يطرح ضرورة الذهاب الى اعتماد بطاقات تموينية يستفيد منها الفقراء وذوي الدخل المتوسط بالاعتماد على إحصاءات ودراسات البنك الدولي والأمم المتحدة خاصة أن الاحتياطي الإلزامي بات في خطر.
المصدر: صحف