ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 14 ايلول 2020 على مسار تشكيل الحكومة ومصير المبادرة الفرنسية بعد ان توضحت الصورة في فرض حكومة بضغط واستقواء من الخارج، ما استدعى موقفاً حاسما من الرئيس نبيه بري باسم الثنائي الشيعي بابلاغ رئيس الحكومة مصطفى اديب بعدم المشاركة الشيعية في الحكومة وفق الشروط المطروحة والمعروضة…
* الاخبار
باريس أمام الاختبار: التوافق أو الانفجار السياسي
الثنائي الشيعي لن يوافق على حكومة أمر واقع
ابراهيم الأمين
التعقيدات التي تحيط بعملية تأليف الحكومة ليست مستغربة. وعدم الاستغراب مردّه الى طريقة عمل الرئيس المكلف مصطفى أديب ورعاته المباشرين، المحليين منهم والخارجيين. يكفي أن تستمع الى صغيرهم يقول «لا أحد يقدر على منع تشكيل الحكومة ومواجهة العالم»، حتى تفهم خلفية البحث في حجم الحكومة وتوزيع الحقائب وحتى اختيار الأسماء.
المشكلة لا تتصل حصراً بالحسابات الخاصة بالقوى المحلية، بل أيضاً بالعقلية التي تسيطر على عقل المستعمر الفرنسي الذي يبدو أنه «داخ» بالهمروجة التي رافقت زيارتي إيمانويل ماكرون للبنان. الكارثة تكتمل إذا ظن الفرنسيون أن مواقع التواصل الاجتماعي والضخ الإعلامي يعبّران عن حقيقة الوقائع الجديدة في لبنان. ولكن، من المهم هنا لفت الانتباه الى ان الفرنسيين ليسوا كلهم على هذا المنوال. كما في كل بلد وفي كل إدارة، هناك العاقل الذي يعرف المعطيات، ويعرف الفرق بين «الخبرية» و»المعلومة».
اليوم يقف الجميع عند سؤال وحيد: هل يحمل مصطفى أديب تشكيلته الى الرئيس ميشال عون على قاعدة «وَقِّعها بلا نقاش»؟
بعيداً عن كل كلام منمّق، فإن نادي رؤساء الحكومة السابقين اعتبر أن التفاهم على خروج لائحة المرشحين لرئاسة الحكومة من عنده، يعني أنه المرجعية الحاكمة لكل رئيس حكومة من الآن فصاعداً. لكنّ الاجتهاد هنا لا يتعلق بعرض أسماء المرشحين وحسب، بل بآلية العمل. ولذلك، يتصرف الرؤساء فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وسعد الحريري على أساس أنهم أمام فرصة نادرة لفرض حكومة على تحالف التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل. وفي دفاتر السنيورة وميقاتي حسابات طويلة وعميقة ومعقدة مع عون ومع حزب الله. وهما، والى جانبهما الحريري، طوّقوا الرئيس المكلف منذ اليوم الاول، وأفهموه أنه أمام فرصة لم تتح لغيره، وهي أن يقوم بفرض شروطه (شروطهم)، وأن سيف الضغط الدولي على لبنان سيمنع الآخرين من الاعتراض. وصار هؤلاء يتحدثون عن العقوبات الأميركية أو الأوروبية على شخصيات لبنانية، باعتبارها السلاح الذي يوازن سلاح حزب الله، وأن الوصاية الفرنسية تعطّل الدور الإضافي الذي لعبه عون، بخلاف بقية رؤساء الجمهورية الذين وصلوا الى بعبدا بعد اتفاق الطائف. ولذلك فإن ميقاتي والسنيورة قالا مساء أمس إن اديب سيحمل تشكيلته الى عون ويضعها أمامه، وإن الأخير سيوقّعها، وإن كل ما يقدر عليه بري وباسيل وحزب الله هو الاعتراض ببيانات… و«انتهى الأمر».
المشكلة هنا لم تعد تخصّ الرئيس المكلف (ليس معروفاً من هو فريقه، من يساعده ومن يستشيره… إلخ)، بل تخص الفريق السياسي المحلي والخارجي الذي يفترض أن حكومته تمثل فرصة لتحقيق انقلاب سياسي كبير في البلاد، وأن لبنان ليس أمامه أي فرصة للنقاش. وإذا أراد الحصول على مساعدات مالية من العالم، فليس له الحق في التعامل مع تركيبة الحكومة كما كان يجري سابقاً.
أصحاب وجهة النظر هذه، قالوا إنه يمكن اللجوء الى تشكيلة حكومية من نوع جديد. يعني أن تكون حكومة مصغرة من 14 وزيراً، بحيث يفرض على بعض الوزراء تولّي أكثر من حقيبة. ويمكن عندها أن يحتفظ رئيس الحكومة نفسه بحقائب حساسة، ويوكل أمر إدارتها إلى مساعدين تقنيين. وتعمل هذه العقلية على أساس اختيار شخصيات قد لا تكون معروفة للناس. ويجري الحديث عن سبعة من الوزراء من الذين يعيشون في الخارج ويزورون لبنان في العطل والمناسبات الاجتماعية. والحجة أن هؤلاء لديهم سيرة ذاتية اختصاصية، وأنه سيكون من الصعب إخضاعهم لتأثيرات القوى المحلية، وأن يتم تحييد الحقائب الخدماتية الأبرز، مثل المالية والاتصالات والطاقة والأشغال العامة، بينما يجري اختيار «هامشيين» لوزارتَي الدفاع والخارجية بما يشير الى أنه ليس لديهما عمل جدي. كل ذلك على قاعدة أن الذين يتم اختيارهم، لن يمثّلوا استفزازاً للقوى الرئيسية في البلاد. وسيكون أمامهم جدول أعمال محصور بمهام الحكومة لا غير، وليس لهم أي طموحات سياسية أو صلات تدفعهم إلى أن يكونوا في حضن القوى السياسية.
الفرنسيون ليسوا بعيدين عن هذه المناخات. لكن الاشكالية بدأت مباشرة بعد تكليف أديب، إذ بينما تطلّب أمر تكليفه إجراء الاتصالات والمشاورات والحصول على موافقة القوى البارزة في المجلس النيابي، فإن العكس هو قاعدة العمل الآن. بمعنى أن من يقف خلف أديب يعتبر أنه لا داعي لمشاورة أحد في أمر التأليف، وأن من الأفضل أن تبتعد القوى السياسية عن الحكومة أصلاً. ولذلك، نصح الفريق ذاته الرئيس المكلف بعدم التشاور مع الآخرين. فقرر هو الاستجابة، وعقد اجتماعات كانت على شكل علاقات عامة، لكنه ليس مضطراً إلى محاورتهم في أمر الحكومة.
بعد مرور نحو عشرة أيام على تكليف أديب، توصل الرئيس عون ومعه الرئيس بري كما حزب الله وباسيل الى نتيجة مفادها أن هناك من يريد فرض حكومة أمر واقع، وينتزع موافقتهم من دون نقاش. وخشية الوصول الى صدام مباشر، بعث هؤلاء برسائل متنوعة الى الرئيس المكلف، لكن الأخير لم يكن على الخط. وفجأة خرجت العقوبات الاميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، مع تهديد صريح بوضع آخرين مقرّبين من الرئيس عون على لائحة العقوبات. وتبين أن نقاشاً حال دون وضع اسم الوزير السابق سليم جريصاتي على اللائحة، وجرى التعامل مع هذه الخطوة على أنها رسالة الى هذه القوى، وأن عليها التعجيل في تأليف الحكومة وإلا فالعقوبات المباشرة.
الرئيس عون، كما الرئيس بري وحزب الله، وجدوا أن من المناسب لفت انتباه الجهة التي تلعب دور الوصاية الى أن هناك مشكلة قد تتفاقم وقد تعرقل كل المبادرة الفرنسية. وبناءً عليه، كانت زيارة اللواء عباس ابراهيم الى باريس، وهو يمكن أن يزورها مجدداً خلال الايام القليلة المقبلة، بعدما انتقل إليها أمس النائب السابق وليد جنبلاط، وحيث يقيم هناك كثيرون من المتعاطين بالشأن اللبناني من لبنانيين وغير لبنانيين أيضاً.
زيارة إبراهيم لباريس كان هدفها إبلاغ الجانب الفرنسي، من خلال قناة رئيس المخابرات الخارجية برناردر إيميه، أن هناك مشكلة قائمة، وأنها قد تتحول الى مشكلة أكبر إذا لم يبادر الفرنسيون الى تدارك الأمر. وبحسب ما هو متداول، فإن نتيجة الزيارة الاولى كانت في تولي الفرنسيين التواصل مباشرة مع القوى المحتجة، ومحاولة الوقوف على رأيها لمناقشته مع أديب نفسه، وسرت معلومة مفادها أن باريس «طلبت من أديب التريث».
عملياً، الفرنسيون كانوا يهتمون بمعرفة تفاصيل كثيرة. ويبدو أنهم سمعوا كلاماً مباشراً يتعلق بأصل المبادرة ودورهم في هذه المرحلة، ويمكن تلخيص الرسالة الواضحة لهم بالآتي:
أولاً: لقد قررتم المبادرة في لبنان بعدم ممانعة أميركية، وحيادية سلبية لعواصم عربية أساسية. لكنكم دخلتم بيروت هذه المرة بتسهيلات من قوى لبنانية أساسية وبدعم عواصم إقليمية. وإذا كنتم تشعرون بأنه يمكنكم القيام بأمر ما وحدكم، من دون الاخذ بالاعتبار الحسابات الجديدة في لبنان والمنطقة، فهذا يهدّد ليس مبادرتكم فحسب، بل مجمل دوركم، ومن المفيد الانتباه الى أن ما تقومون به في لبنان اليوم، قد يمثل آخر فرصة لكم في المنطقة.
ثانياً: إن التسهيلات التي حصلتم عليها بشأن البرنامج الزمني وبشأن اختياركم لرئيس الحكومة المكلف، كان من باب الايجابية، لكن ذلك لا يعني أن لديكم التفويض للقيام بكل ما ترونه مناسباً لكم أو لمصلحة حلفاء لكم في لبنان على حساب الآخرين. وبالتالي، فإن الإجماع الذي حصل حول المبادرة وحول التكليف سيسقط نهائياً، وسيكون مكانه الانقسام الذي يعكس حقيقة الوضع على الارض، لا الذي يتخيله بعض القائمين على «حركات صبيانية» في بيروت.
نادي رؤساء الحكومة يمنح نفسه شرعية دستورية وبرلمانية وسياسية ويتصرف كما لو أن الحكم بيده وحده
ثالثاً: إن التهديد بالعقوبات الاميركية أو الفرنسية أو الاوروبية، لا يمكن أن يكون عاملاً حاسماً بتولي الدور السياسي. وإذا كانت العقوبات بسبب دعم الارهاب، فهذا أمر لن يكون له أي تأثير على مواقف القوى الاساسية التي تسعى فرنسا للتفاهم معها. أما إذا كان على أساس الفساد ويطال من تورط فعلياً في الفساد، فهذا أمر سيكون محل ثناء وشكر، لأنه يساعد اللبنانيين حيث فشل قضاؤهم في تحقيق العدالة.
رابعاً: إن الوضع لا يحتمل المداراة أو تدوير الزوايا، وإن الوصول الى تفاهمات واضحة بشأن المرحلة المقبلة لا يتم من خلال الطريقة المعتمدة في تأليف الحكومة. فهذا الأداء سيؤثر بقوة على المصالح الفرنسية، وليس حصراً على المبادرة الفرنسية. وبالتالي، فإن الاعتقاد بأنه يمكن فرض حكومة على رئيس الجمهورية أو على المجلس النيابي ومن ثم السعي الى تجاوز رئاسة الجمهورية وفق الطريقة التي اعتمدت مع الرئيس السابق إميل لحود، أو السعي الى انتزاع صلاحيات استثنائية من المجلس النيابي رغماً عنه، كل ذلك يحتاج الى أكثر من انقلاب سياسي في البلاد، وعلى فرنسا الاستعداد لتحمل مسؤولية مثل هذه الامور.
المفاجأة والمبادرة
الجانب الفرنسي يعلم جيداً الكثير من هذه المعطيات. وهو يدرك أن الأمر لا يتعلق بشكليات مثل التي اقترحها أحدهم، بأن يعقد أديب اجتماعات سريعة مع ممثلي القوى كافة، وخصوصاً باسيل وحركة أمل وحزب الله، ثم يعود ويطرح تشكيلته، بل إن الأمر يتعلق بالدور الحقيقي للحكومة المقبلة. وإن فكرة تمرير تشكيلة من الاسماء التي يراد إقناع اللبنانيين بأنها مستقلة عن القوى السياسية لكنها مختارة من قبل عواصم الاستعمار، سيحوّل هؤلاء الى عملاء في نظر قسم كبير من الناس، وسيجري التعامل معهم على هذا الاساس. وبالتالي، فإن المجلس النيابي لن يكون حيادياً كما جرت عليه العادة يوم كان لغالبية قواه تمثيلهم المباشر داخل الحكومة.
حتى الآن، لا يظهر أن هناك عنجر ودمشق والزبداني، لكن قد نصل الى هذه المرحلة. عندما ينقل زوار باريس معلومات فيها شيء من التناقض بين ما يقوله مسؤولو المخابرات الخارجية وما يقوله مَن يُعرف بمسؤول ملف لبنان في الرئاسة الفرنسية وما يقوله السفير في بيروت، والذي يريد إنجازاً ما قبل مغادرته الى مكان عمل آخر، فإن هذه التناقضات قد لا تكون واقعية بقدر ما تمثل الدور الفرنسي غير المكتمل إزاء الازمة اللبنانية. الأكيد أن اللبنانيين صاروا ينقلون كل ساعة روايات متعارضة حول موقف باريس من هذه القضية أو تلك. طبعاً لن يمر وقت طويل قبل أن يصبح عندنا مَن هم مِن «جماعة السفارة» أو «جماعة إيميه» أو «جماعة إيمانويل بون»، هذا عدا عن لبنانيين يعيشون في باريس أو سبق لهم أن عاشوا طويلاً في باريس، ويعرضون خدماتهم على السياسيين اللبنانيين لأجل ترتيب لقاءات أو اتصالات لهم في العاصمة الفرنسية… إنها سوق رائجة بقوة عند اللبنانيين، ومن المفيد التعرف على النسخة الاوروبية منها الآن.
المهم أن الساعات المقبلة ستفرض على الفرنسيين تحمل المسؤولية عن سياق المبادرة التي يقودونها. إما حكومة تحظى بإجماع كبير كما هي حال تكليف رئيسها، وبالتالي ستكون هناك مشاركة كاملة في عملية التأليف، أو حكومة أمر واقع لا تتمثل فيها قوى أساسية لها تمثيلها الطائفي ولها موقعها السياسي الكبير ايضاً.
تواصل الفرنسيون مع القوى المحتجّة على مسار التأليف ثم طلبوا من أديب التريث
من بين الامور التي جرت مناقشتها في اليومين الماضيين، بما في ذلك مع الفرنسيين، أن المطلب الذي يرفعه حزب الله وحركة أمل بشأن تسمية وزير المالية، أخذ بُعداً جديداً بَعد العقوبات الاميركية، ويبدو أن الموقف سيكون أكثر تشدداً حيال فكرة أن تتم تسمية وزير بالنيابة عنهما. وبمعزل عن خلفية الموقف لدى الطرفين، وعن كل النقاش الدائر في البلاد، فمن المفيد معرفة واقع أن الثنائي الشيعي يتصرف على أساس أنه «مستهدف هذه المرة بأكثر من السابق، وأن الهدف كان ولا يزال هو رأس المقاومة»، وهو ما دفع بمطلعين الى الكشف عن احتمال من اثنين:
إما أن يرفض الرئيس عون تشكيلة أديب المفروضة وبالتالي لا يكون التأليف، وساعتها يبرر عون والتيار الوطني موقفهما بعدم الرغبة بالمشاركة في حكومة يرفضها الثنائي الشيعي، وإما أن يقبل عون بالتشكيلة رامياً بالمشكلة الى حضن المجلس النيابي، وفي هذه الحالة، يفكر الثنائي في مقاطعة الجلسة النيابية، فلا يترأس الرئيس بري جلسة مناقشة البيان الوزاري، ولا يحضر نواب حركة أمل وحزب الله الجلسة.
وفي كل حالة من الحالتين، سيكون الفرنسيون أمام اختبار لبنان الجديد، لا لبنان الكبير الذي أنتجوه على شاكلة الذين يشكون منهم اليوم، وحيث لا أمل بالقيام من جديد!
لا حكومة اليوم
حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، كانت المعلومات تشير إلى أن الحكومة الجديدة لن تُبصر النور اليوم. وطوال النهار، سرت «خبريات» تشير الى ان الفرنسيين سمعوا موقفاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يقول فيه انه مستعد لتوقيع مراسيم التأليف، حتى ولو لم يكن موافقا على التركيبة، لأنه لا يريد ان يظهر بمظهر المعرقل للمبادرة الفرنسية. لكن هذه الخطوة، تبدو مندرجة في سياق فكرة يروج لها نادي رؤساء الحكومات السابقين، بأن «المهم الآن هو توقيع عون على مراسيم تشكيل الحكومة، ومن بعدها سيكتشف حزب الله وحلفاؤه انهم امام امر واقع جديد، حتى ولو لم تنل الحكومة الثقة، وان مجرد تولي الحكومة المؤلفة مهمة تصريف الأعمال فهذا انجاز كبير سيفرض وقائعه على الجميع».
لكن دوائر القصر الجمهوري كانت تُبلغ المراجعين بأن عون لم يكن موافقاً على التأليف، لسبب بديهي وهو انه لا يعرف شيئاً عن التشكيلة التي سيحملها إليه الرئيس المكلف مصطفى أديب اليوم. فعون لا يعرف بعد عدد المقاعد فيها، ولا اسم أي مرشّح للتوزير، ولا توزيع الحقائب… فضلاً عن أن ما يُشاع عن أسماء المرشحين للتوزير يوحي بأنهم أشخاص مجهولون، وينبغي درس سيرهم الذاتية. والأكيد، بحسب المصادر، أنه لن يُصدر مرسوم تأليف الحكومة اليوم، بل سيدرس ما سيقدّمه الرئيس المكلّف أولاً، قبل اتخاذ القرار المناسب.
وأشارت مصادر معنية بالمفاوضات الى ان الجانب الفرنسي تدخّل ناصحاً أديب بالتريث، وانه من المرجّح أن يغيّر الأخير من أسلوب تشاوره مع الكتل النيابية، وهو ما ظهر في اتصاله أمس برئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل. وبحسب المصادر، فإن موقف الرئيس نبيه بري أمس، بعد الرسالة التي حملها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم إلى باريس الخميس الماضي، والاتصالات التي أجراها النائب السابق وليد جنبلاط مع الفرنسيين الذين تواصلوا مع الرئيس سعد الحريري وحزب الله وبري، لمست باريس خطورة الإقدام على خطوة في الفراغ تحت عنوان «حكومة أمر واقع». وبحسب المصادر، فإن بري الذي أصدر بياناً قال فيه: «أبلغنا رئيس الحكومة المكلف من عندياتنا ومن تلقائنا عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الاسس في الحكومة»، كان يعبّر عن موقف واضح بمقاطعة شيعية للحكومة. «وعون الأكثر إدراكاً لمعنى مقاطعة طائفة بكامل نوابها لحكومة ما، مشاركة ومنحاً للثقة، لن يمرر حكومة تغلُّب». ورغم أن عون سيكون «محرجاً» مع الفرنسيين، في ظل تأكيد عدد من المحيطين به ان المبادرة الفرنسية هي الفرصة الاخيرة لإنقاذ العهد، إلا أن مقربين منه يجزمون بأن حكومة الامر الواقع لن تُبصر النور، سواء بعدم صدور مراسيم تأليفها، أو بعدم منحها الثقة لأنها ستكون «مناقضة للميثاقية» التي لطالما نادى رئيس الجمهورية باحترامها. وتؤكد المصادر أن تكتل لبنان القوي لن يمنح الثقة لحكومة يقاطعها ويرفض منحها الثقة جميع نواب طائفة، لأسباب عديدة، أبرزها أن حكومة مماثلة تعني «عزل مكوّن طائفي، وسيفتح الباب امام توترات داخلية على كافة المستويات».
ولفتت المصادر إلى أن بري أبلغ موقفه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اتصل به، علماً بأن لقاءه برئيس تيار المستقبل السبت كان سيئاً. فالحريري تصرّف بصفته أحد طبّاخي الحكومة، ورفض أن يكون لبري أي دور في تسمية أي من الوزراء، مقدّما نفسه كضمانة لاختيار وزراء لا يستفزون الثنائي. وقد اعتبر بري هذا الاداء في مشاورات التأليف «شديد الخطورة»، كونه يفرض أعرافاً لم تعهدها الجمهورية سابقاً. ولفتت المصادر إلى ان رؤساء الحكومات السابقون الذي يرفضون أي مشاركة في التأليف سبق أن عرضوا ثلاثة أسماء على الكتل النيابية والسياسية لاختيار أحدها في مشاورات تكليف رئيس للحكومة، لكنهم يرفضون ذلك اليوم رغم أن هذه الكتل هي التي ستمنح الحكومة الثقة.
الدولة للبقاعيين: موتوا بفقركم!
يكاد لا يمر يوم، بقاعاً، من دون اشتباك مسلح او جريمة قتل أو عملية سلب، فيما سرقة السيارات صارت خبزاً يومياً لأهالي المنطقة، مع بروز «ظواهر» جديدة مثل القتل بغاية سرقة محاصيل زراعية أو رؤوس من الماشية. يجري ذلك كله وسط غياب تام ومقصود – ولا يخلو من التورّط – للأجهزة الأمنية والقضائية التي تبدو المنطقة وأهلها في أسفل سلم اهتماماتها
قبل أسابيع اندلعت اشتباكات عنيفة في إحدى البلدات البقاعية استخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة، وأدّت الى سجن الأهالي ساعات في بيوتهم، قبل أن يصلهم، صبيحة اليوم التالي، بيان عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعتذر عن «الازعاج» الذي تسبّب به «الشجار» الذي وقع بين شبان من عائلتين!
هذا نوع من «الشجارات» التي تحدث يومياً في البقاع وفق «سيناريو» واحد تقريباً: إشكال فردي يتطور الى اشتباك مسلح يستمر ساعات، واتصالات موازية تنجح في التوصل الى «وقف لاطلاق النار»، قبل أن تصل ملالات الجيش تتويجاً للمشهد… ليستفيق الأهالي في اليوم التالي إلى أعمالهم ومواصلة يومياتهم الاعتيادية، وكأن لا اشتباك وقع ولا دولة موجودة.
من الانصاف القول إن هذا النوع من الأحداث يكاد يتحول جزءاً من «الفرادة» اللبنانية. إشكالات مماثلة تحدث في كل مكان: في بعض بلدات الجنوب، وفي الشمال وضاحية بيروت الجنوبية وخلدة، وأخيراً في الطريق الجديدة. في كل من هذه المناطق زعران يتحكمون بحياة الناس وعصابات وفرض خوّات وتجارة مخدرات، وفقر وعوز وانتشار للسلاح. لكن «العلامة الفارقة» في البقاع تبقى دائماً الغياب التام للأجهزة الأمنية أو حتى تواطؤ بعضها.
ليس الفقر والاهمال وغياب الخدمات ولا انتشار السلاح والتصفيات الثأرية أموراً طارئة على البقاع. هذه عمرها من عمر «لبنان الكبير». لكن عوامل عدة ساهمت في السنوات الأخيرة في تفاقمها جميعاً وتسببها في انفلات أمني ليس من المستحيل ضبطه متى ما توافر القرار لدى الأجهزة الأمنية. انتشار التكفيريين على الحدود الشرقية، قبل عام 2017، أدى الى انتشار أوسع للسلاح، ونفض الغبار عن تشكيلات عسكرية عائلية وعشائرية صعب ضبطها بعد معارك تحرير الجرود، وخلّفت «فائض قوة» يجري «تنفيسه» بين العائلات والعشائر وحتى داخل العائلة الواحدة والعشيرة الواحدة. جاءت الأزمة الاقتصادية لتزيد الطين بلة في منطقة تطحن البطالة شبابها، وكان معدل الأُسَر الواقعة تحت خط الفقر فيها يبلغ 35% قبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة.
يشير رئيس بلدية بقاعي إلى «ظواهر» جديدة تؤكد «الارتباط الوثيق بين ضيق الحال وبين جرائم لم نعهدها من قبل». فـ«تاريخياً»، المنطقة «موصومة بزراعة المخدرات أو سرقة السيارات او الخطف من أجل فدية، وهذه كلها مستمرة والى تزايد. لكن، قلّما سمعنا عن قتل شخص لسرقة سيارته، فيما شهدنا الاسبوع الماضي جريمتين ذهب ضحيتهما مزارع وراعٍ لسرقة محصول من البصل وبعض رؤوس الغنم، ناهيك عن ظاهرة مستجدّة تتمثّل في غارات ليلية على مخيمات لنازحين سوريين في قرى بقاعية كثيرة للسطو على الغلّة اليومية لهؤلاء بعد عودتهم من أعمالهم».
كثر من ضباط وعناصر المخابرات في البقاع يتقاضون مخصصات شهرية من أحد كبار تجّار المخدّرات
ليس الوضع الاقتصادي تبريراً، لكن «الفقير مشكلو قريب». والفقر، هنا، من «نوع جديد» لم يعهده البقاعيون سابقاً. صحيح أنهم، تاريخياً، «ينقّون» على الحرمان والاهمال وغياب الخدمات. لكن بعض أوجه المشكلة «الوجودية» اليوم يتمثّل، على سبيل المثال، في أن سعر البرغل والحليب، المكوّنين الرئيسيين للكشك وهو المادة الغذائية الرئيسية في كل بيت بقاعي، ارتفع أربعة أضعاف. قس على ذلك أسعار بقية المواد الغذائية، يقول رئيس البلدية ساخراً، «وبيطلع معك انو إذا راح قتيل كرمى لبعض أكياس البصل، فقد تحصل مجزرة بسبب الحامض، مثلاً، الذي يصل سعر الكيلو منه الى 10 آلاف ليرة… وربما تقع حرب أهلية مع اقتراب الشتاء في حال صح الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات ومازوت التدفئة»، فيما لم يلمس أحد من الأساس أثراً لـ«السلة الغذائية المدعومة»، ولا أي حركة لمصلحة حماية المستهلك في منطقة تزيد أسعار المواد الغذائية في دكاكينها على أسعارها في كبريات الاستهلاكيات في بيروت.
غياب الدولة لا يقتصر على وزارتي الاقتصاد والزراعة (ووزيرها بقاعي بالمناسبة)، بل يشمل أيضاً أجهزتها القضائية والأمنية. يحدث، مثلاً، أن تشتعل إحدى البلدات بالرصاص والقذائف الصاروخية ابتهاجاً بإطلاق قاتل في جريمة موصوفة من دون أن يقدم أي جهاز أمني على اعتقال أي من مطلقي النار، ومن دون أن يُفهم كيف أطلق القضاء سراح «المحتفى به» أساساً. (وحتى لا يُفهم أن في الأمر «غطاء سياسياً»، تجدر الاشارة الى أن الضحية ينتمي الى أحد أكبر الأحزاب في المنطقة). بهذا يصبح «الفلتان مسؤولية الدولة أساساً وكل أجهزتها الأمنية مقصرة. وأي حديث عن غطاء سياسي ذريعة لتبرير كسل هذه الأجهزة»، بحسب نائب زحلة سيزار معلوف، مؤكداً أنه «في كم أزعر، وهم معروفون للأجهزة جميعاً. لكن هذه إما غائبة أو متواطئة او ما بدها تشتغل أساساً. قادة الأجهزة الأمنية في البقاع هم المسؤولون. والمسؤولون الأرفع منهم يتحمّلون أيضاً المسؤولية».
ليس البقاعي خارجاً على القانون بالسليقة، ولا مخالفاً بالفطرة. والدليل؟ يجيب المعلوف: «ما في أشطر من المعلومات والاستقصاء والمخافر عندما يكبسون مزارعاً يعمل على تعزيل بئر ماء أو مواطناً يبني كم قرميدة، والناس يلتزمون، ومن يخالف منهم يفعل تحت جنح الظلام خوفاً من الأجهزة الأمنية. لكن هذه الأجهزة، نفسها، عندما يقع أي إشكال ويجري التواصل مع أي مخفر يأتي الرد باللازمة نفسها: ما في عنا آلية»!
«في العادة عندما يقع اشتباك يرفض الجيش التدخل قبل وقف النار، وعندها تخبز بالأفراح. اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب»، يقول رئيس البلدية البقاعي، مضيفاً أن عناصر مخابرات الجيش «في كل البقاع باتوا مدجّنين. غالبيتهم العظمى تقبض من المطلوبين الذين يُبلَّغون أولاً بأول قبل تحرك أي دورية». وفق مصدر أمني، «كثر من ضباط وعناصر مكاتب المخابرات في البقاع يتقاضون مخصصات شهرية من واحد من كبار تجّار المخدّرات. قبل أكثر من عام كان معظم المطلوبين قد وصلوا الى سوريا قبل أن تتحرّك سيارات المكافحة من بيروت لدهمهم»! وهذا أمر تعرفه قيادة الجيش جيداً، وتؤكد مصادر أمنية أنها في صدد إجراء «نفضة»، في غضون شهرين، لتغيير معظم رؤساء مكاتب البقاع وضباطها وعناصرها. أما في ما يتعلق بشعبة المعلومات، فقد بات واضحاً أن هناك قراراً لديها، «لأسباب سياسية على الأرجح»، بعدم العمل في المنطقة، اللهم إلا في حالات نادرة، علماً أن عناصر الشعبة «أقل فساداً» وأكثر قدرة على الحركة وعلى تنفيذ «عمليات دقيقة». لذلك، «كل نقطة دم تسقط يتحمل مسؤوليتها قائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية على اختلافها»، يقول المفتي الشيخ عباس زغيب.
المصدر الأمني يؤكد أن فرض الأمن في البقاع ليس مستحيلاً. إذ أن «العديد كاف ويمكن البدء بتشكيل غرفة عمليات مشتركة مع رقم للطوارئ ودوريات سريعة الحركة بدل الحواجز الثابتة التي يحفظها المطلوبون ويعرفون طرق الالتفاف عليها، والتي لا عمل لها الا عرقلة سير المتوجهين الى قراهم نهاية الأسبوع أو العائدين منها». باختصار، المطلوب أن يكون الأمن في البقاع أولوية لدى الدولة ورؤساء أجهزتها الأمنية، على ملاحقة الآبار وأعمال البناء والمقالع والكسارات (إن كانت هذه وظيفتها أساساً)، وعلى «إقفال المصانع بحجة تلويث الليطاني فيما مجارير القصر الجمهوري وساحة النجمة والسراي الحكومي تصبّ في البحر»، بحسب المعلوف. حتى ذلك الحين تبقى الدولة كمن يقول للبقاعيين: موتوا بفقركم.
* اللواء
“الخيار المر” أمام عون اليوم: إنقاذ البلد أم تحالف 8 آذار؟
ماكرون لن يرضى بتعديل المبادرة.. إلغاء 4 وزارات وجو صدي وزيراً للمالية
الترقب هو البوصلة، والانتظار ثقيل، لكن لا مفر منه، في ضوء معطيات التأليف، ما ظهر منها، وما بطن، فالامور، لم تعد محكومة بمسار ما تيسَّر من معلومات بل بمسار ما يكمن في ما وراء المواقف من مضمرات، وخيارات، فعلية، تتعدّى ما يتعلق «بالمناورة» بعدما سقطت المداورة، ومعهما اشكال قديمة، مملّة، خطرة، كانت تعتمد في تأليف الحكومات، وتوزيع الحصص والحقائب على المكوّنات الطائفية، من زاوية الكتل النيابية ورؤسائها.
والسؤال الاساسي: ماذا سيكون موقف الرئيس ميشال عون عندما يقدم له، الرئيس المكلف مصطفى اديب تشكيلته الوزارية من 14 وزيراً؟ هل يتريث من اجل انقاذ لبنان، ام يكون تريثه لانقاذ تحالف 8 آذار الهائج بوجه المبادرة الفرنسية، التي اعلن الرئيس ايمانويل ماكرون انه ليس بوارد تعديلها أو تجزئتها.
وفي هذا الاطار، علمت «اللواء» ان الاتجاه الآن هو لإلغاء اربع وزارات، هي: الاعلام، الثقافة، المهجرين والتنمية الادارية.
وفي معلومات «اللواء» ايضا ان السيد جو صدي، وهو خبير مالي يعمل في لبنان، اقترح اسمه ليشغل نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية وهو من الطائفة الارثوذكسية.
ومع هبوط المساء، وعشية الزيارة المرتقبة اليوم للرئيس المكلف مصطفى اديب عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الى بعبدا، لتقديم تشكيلته الى الرئيس ميشال عون، بالتزامن مع بقاء يوم أو يومين من مهلة الرئيس ايمانويل ماكرون، والتي تنتهي غداً الثلاثاء، وربما تمتد الى الاربعاء، على ابعد تقدير، في ظل حسم فرنسي، واوروبي تجاه مسألة المبادرة، التي يتعامل معها الاليزية ككل واحدة، أو حزمة واحدة، في وقت تتصرف الاطراف اللبنانية، المعنية «كالثنائي الشيعي» والتيار الوطني الحر، وبعض مكونات 8 آذار، وكأن الحزمة محاصصة فتأخذ ما تريد، وتترك ما تريد!
الابرز في الحركة الفرنسية، بعد ان كسب الرئيس ماكرون جولة على انقرة في الحوض الشرقي للمتوسط، يحمل البحرية التركية على سحب بارجة حربية من بحر ايجه، قبالة جزيرة يونانية، انه ليس في وارد التساهل أو التراخي، إزاء المكونات اللبنانية، التي تظهر انها معرقلة للمبادرة التي تضم: حكومة اخصائيين، مصغرة، أو غير ذلك، ليس مهماً، خالية من الاحزاب أو المستقلين الموالين لهذه التيارات والاحزاب، تعمل ضمن خطة عاجلة، تبدأ بأعداد المشاريع والقوانين، امتداداً الى تنظيم مؤتمر اقتصادي في باريس لتقديم ما يلزم من مساعدات واعانات، وخارطة طريق لوقف الانهيار المالي والاقتصادي في هذا البلد.
من هذه الوجهة، افيد مساء ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تلقى اتصالات من كل من الرئيس ماكرون واخر من الرئيس المكلف مصطفى اديب.
وكان الرئيس نبيه بري تلقى اتصالا من الرئيس ماكرون، ليشرح له حقيقة الموقف من بقاء وزارة المال مع الفريق الشيعي للمضي في المشاركة في الحكومة.
ولخّص بري موقفه من الوضع الحكومي بالقول: المشكلة ليست مع الفرنسيين المشكلة داخلية ومن الداخل. أطلق عنوان واحد للحكومة الاختصاص مقابل عدم الولاء الحزبي وعدم الانتماء النيابي وفيتوات على وزارات والاستقواء بالخارج وعدم اطلاق مشاورات.
لذا ابلغنا رئيس الحكومة المكلف من «عندياتنا» ومن تلقائنا عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الاسس في الحكومة، وابلغناه استعدادنا للتعاون الى اقصى الحدود في كل ما يلزم لإستقرار لبنان وماليته والقيام بالاصلاحات وانقاذ اقتصاده.
وكان بري قد ردّ على التسريبات الصحافية حول ما جرى في الاتصال الهاتفي الذي اجراه مع الرئيس ماكرون، قائلاًّ: «لا تعليق»، فيما قالت مصادر اخرى ان ما تم تسريبه غير دقيق. وتضمنت المعلومات المسربةعن الاتصال، لم يكن ايجابيا، وبحسب المعلومات فإن بري كان حاسما لجهة موضوع وزارة المالية، وقد نقل هذا الامر لماكرون الذي قال ما معناه انه «بات بامكاننا تأليف حكومة من دون رئيس مجلس النواب وتاليا من دون الثنائي الشيعي»، فرد بري بالقول: «اذا فيكن تشكلوا من دوننا روحوا شكلوا».
وكان الرئيس بري استقبل الرئيس سعد الحريري في عين التينة السبت الماضي للتباحث في حلحلة العقد الحكومية.
واوضح باسيل: عندما نقول ليس لدينا شرط فهذا يعني ان مشاركتنا في الحكومة ليست شرطاً لدعمها، بل اكثر من هذا، فنحن ليست لدينا رغبة بالمشارك بالحكومة و «مش حابين نشارك».
وقال: كثيرون يتكلمون من لضرورة مشاركتنا، وان لا حكومة تشكل من دوننا، ونحن نجيبهم ان رئيس الجمهورية بتمثيله، وميثاقيته يغطينا ويغطي الحكومة، ويعوض عنا في هذه الظروف الاستثنائية.
وقال قصر الإليزيه دون أن يورد تفاصيل عن أي مناقشات «الرئيس (الفرنسي) يواصل اتصالاته مع مختلف اللاعبين السياسيين في لبنان للوفاء بتعهداتهم».
وأجرى ماكرون اتصالا هاتفيا بالرئيس بري، في محاولة لتذليل عقبة تتعلق بتعيين وزير للمالية.
وقال مكتب ماكرون ان الضغط على الساسة اللبنانيين للوفاء بوعودهم بتشكيل حكومة جديدة هذا الاسبوع، والعمل على انتشال البلاد من اسوأ تشهدها منذ الحرب الاهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
و كشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية أن كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المباشر مع الاطراف السياسيين خلال الايام الماضية وتحديدا في اليومين الماضيين، فعل فعله بوقف محاولات البعض بفرض الشروط أو التشبث بوزارات معينة لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة كما حصل في موضوع مطالبة الثنائي الشيعي بحقيبة وزارة المال تحت شعارات وحجج غير دستورية وقالت: ان الرئيس الفرنسي كان صريحا وجادا في مخاطبة الذين تحادث معهم من السياسيين اللبنانيين مشددا على ضرورة بذل كل ما يمكن لتسهيل وتسريع عملية تشكيل الحكومة، لا يمكن للبنان ان يبقى بلا حكومة اصيلة تتولى مهماتها لانتشاله من سلسلة الازمات المتراكمة والضاغطة التي يواجهها منذ شهور متعددة.
واشارت الى ان الرئيس ماكرون لفت بصراحة الى انه زار لبنان مرتين وفي غضون وقت قصير جدا للدلالة على اهتمامه الشديد لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل مشاكله ولاسيما بعد التفجير المدمر الذي استهدف مرفا بيروت واضراره البليغة على العاصمة وأهلها ووضع كل ثقله وصدقية فرنسا في المبادرة التي قدمها للاطراف السياسيين أخذا بعين الاعتبار ظروف وحساسية الوضع الداخلي اللبناني من جميع النواحي .
وإذ لفتت المصادر إلى ان ماكرون أبلغ المعنيين بانه لا يرى مبررا مقبولا لاعاقة وتأخير ولادة الحكومة الجديدة بالوقت المحدد باسبوعين منذ تكليف مصطفى اديب بتشكيلها ، بعدما التزم جميع الاطراف بتاييد تنفيذ المبادرة ودعمها ولم يطلب اي طرف تعديلها اومعارضتها،كما أنه لم يسمع من اي طرف مطالبته المسبقة بهذه الوزارة أو تلك أو ما يثار بخصوص الميثاقية أو المثالثة في التوقيع الشيعي على المراسيم وغيره، بل وجد كل تقبل وتجاوب مع ما طرحه. ولفتت المصادر الى ان الرئيس الفرنسي شدد على هؤلاء الاطراف بانه تحمل شخصيا تبعة المجازفة مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما في ابقاء خطوط التواصل قائمة مع حزب الله والأخذ بهواجسه ومطالبه لاسيما منها معارضته لعدم إجراء انتخابات نيابة مبكرة كما تطالب بذلك شرائح عديدة من المتظاهرين والمجتمع المدني وعدم اثارة موضوع سلاح الحزب في الوقت الحاضر.
واضافت المصادر إلى ان ماكرون شدد أيضا على ان الوقت الضاغط لم يعد يسمح باهدار فرصة الالتزام الفعلي بتنفيذ بنود المبادرة الفرنسية ولاسيما تشكيل الحكومة الجديدة لان لبنان في وضع حساس جدا ومعرض للانهيار، وحذر بانه لن يسمح بفشل المبادرة الفرنسية ومستمر بدعمها حتى النهاية لانقاذ لبنان مما يتهدده من مخاطر غير محمودة.
وقالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان زيارة رئيس الحكومة المكلف اليوم الى قصر بعبدا ليست بالضرورة ان تكون فاصلة لجهة تأليف الحكومة انما في هذه الزيارة يطلع رئيس الجمهورية على التصور الذي يقدمه رئيس الحكومة المكلف مصطفى اديب.
واكدت ان الصورة تتضح اليوم بعد تقديم الدكتور اديب لائحة بالأسماء وبالتالي يمكن تبيان الخطوة المقبلة بعد كل المواقف التي صدرت في اليومين الماضيين مع العلم ان اي حديث عن مشاورات جديدة يجريها رئيس الجمهورية حول الوضع الحكومي مع رؤساء الكتل النيابية قد يكون واردا لكن لا بد من انتظار لقاء اليوم.
وعلمت «اللواء» ان هناك اشكالية تتصل بموضوع نيل الحكومة الثقة اي ما لم تكن هناك ضمانات بحصول حكومة اديب الثقة فلا تأليف، اما اذا كان هناك اتفاق فعلي على التسهيل فالحكومة تبصر النور وربما تكون بعض الحلحلة تمت على قاعدة دخول فرنسي واقتراح اديب اسماء محايدة لا تشكل اعتراضا وهو ما ينطبق على المداورة ولذلك كل ما يمكن تأكيده ان القرار الفاصل يظهر اليوم.
ولاحقاً أكدت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة العتيدة ان الرئيس المكلف سيحمل معه اليوم التشكيلة الحكومية الى رئيس الجمهورية ميشال عون وتوقعت ان يتريث عون بالتوقيع على مراسيم اصدارها بحجة انه بحاجة لبعض الوقت لدراستها وذلك استجابة لتمني الثنائي الشيعي بعد اتصال اجراه مع المستشار الرئاسي سليم جريصاتي بهذا الخصوص.
وذكرت المصادر ان التشكيلة الحكومية تضم ١٤ وزيرا من الاختصاصيين المستقلين، ويراعى مبدا المداورة في توزيع الحقائب في هذه التشكيلة المرتقبة في حين يفرض تكتم شديد على أسماء الشخصيات المطروحة للتوزير.
هذا الوقف ربما سبق أو تلا اتفاق الرئيس المكلف مع الرئيس ميشال عون على زيارة قصر بعبدا لتقديم مسودة تشكيلة حكومية والتشاور معه فيها، وإما يوافق عليها الرئيس عون وما يرفضها ويطلب بعض التعديلات عليها سواء لجهة عدد الوزراء أو الاسماء أو توزيع الحقائب أو الاثنين معا، وفي حال الرفض ماذا سيكون موقف اديب، هل يراجع حساباته ويقوم بالاتصالات بالقوى السياسية والكتل النيابية أم يعتكف أو يعتذر، وعندها تبقى حكومة الرئيس حسان دياب في مرحلة تصريف الاعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة؟
لكن مصادر مطلعة على موقف بعبدا، قالت لـ «اللواء» ان الرئيس عون سيأخذ مهلة 24 ساعة على الاقل لدرس الصيغة التي تقدّم بها الرئيس اديب لجهة عدد الوزراء ونوعية الاسماء والاختصاصات وتوزيع الحقائب، وعلى هذا الاساس يستبعد ان يتم اليوم الاعلان عن تشكيل الحكومة، بعد كل التطورات التي حصلت.
وكشف النقاب عن ان وزارة المال قد تكون من حصة شخصية من آل البساط.
وجاء موقف رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان ليدعم موقف بري، حيث قال في تغريدة على «تويتر»: بعدما رحبنا جميعا بالمبادرة الفرنسية، على اعتبار انها مبادرة جامعة لانقاذ الوضع الاقتصادي، اصبحنا اليوم امام معادلة واضحة، تأليف حكومة الامر الواقع عبر الاستقواء بالخارج واحتمال كسر الميثاقية في جلسة الثقة.
وفي تطوير متصل، وصل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الىباريس، في زيارة وصفت بالخاصة، لكن بتوقيتها، قد تكون مرتبطة بتطورات الوضع الحكومي.
ويرافق جنبلاط النائب وائل ابو فاعور في زيارة لبضعة ايام، حسب جريدة «الانباء» الالكترونية الناطقة بلسان الحزب.
دعا المفوض الاوروبي لادارة الأزمات يانيز لينارتشيتش إلى الإسراع في تشكيل حكومة «ذات صدقية» في لبنان، مؤكداً أنه شرط لا بدّ منه لاطلاق المرحلة الثانية من الدعم الدولي للبلد الغارق في أزماته.
وقال في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» ليل السبت بعد لقائه الرئيس أديب، «نحن بحاجة إلى حكومة ذات صدقية تتمتع بثقة اللبنانيين ومصممة على قيادة البلاد في الاتجاه الصحيح». ووصل المفوض الأوروبي إلى بيروت السبت على رأس شحنة مساعدات انسانية، هي الثالثة التي تكفّل الاتحاد الأوروبي بإيصالها إلى لبنان بعد انفجار المرفأ المروع في 4 آب. وتضمنت سيارات إسعاف، ومعدات حماية شخصية وأدوية. وخصّص الاتحاد الأوروبي 64 مليون يورو (79 مليون دولار) للاستجابة الطارئة للانفجار الذي أسفر عن مقتل أكثر من 190 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 شخص بجروح، عدا عن إلحاق أضرار جسيمة بعدد من أحياء العاصمة، ما شرّد نحو 300 ألف من سكانها. وقال لينارتشيتش إنّ «المرحلة المقبلة ستكون لإعادة الإعمار التي يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع الإصلاحات لأن المجتمع الدولي ليس على استعداد لدعم الممارسات التي أدت إلى الانهيار المالي والأزمة الاقتصادية».
ورأى أنه على الطبقة السياسية أن «تستجيب لمطالب الناس، وهذا أيضاً ما يتوقعه المجتمع الدولي» مضيفاً «أتحدث عن الحوكمة وليس فقط عن الإصلاحات الاقتصادية. يجب أن يكون هناك تغيير في الطريقة التي يُدار بها» هذا البلد.
ويشهد لبنان منذ العام الماضي انهياراً اقتصادياً متسارعاً، دفع بمئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشارع ناقمين على أداء الطبقة السياسية ومطالبين برحيلها مجتمعة.
وفاقمت تدابير الاغلاق جراء تفشي وباء كوفيد-19 الوضع سوءاً، قبل أن يشكل انفجار المرفأ ضربة قاصمة.
«لا وقت لإضاعته»
على وقع غضب الشارع المطالب بمحاسبة المسؤولين عن كارثة الانفجار، استقالت حكومة حسان دياب. وتحت ضغط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت لمرتين منذ الانفجار، تمّ تكليف مصطفى أديب تشكيل حكومة جديدة.
وأعلن ماكرون في زيارته الثانية مطلع الشهر الحالي التوافق مع القوى السياسية على خارطة طريق تتضمن تشكيل حكومة بمهمة محددة خلال مهلة أسبوعين، تضمّ «شخصيات كفوءة» تلقى دعماً سياسياً وتنكب على اجراء اصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم دولي. ولا تزال مساعي التأليف مستمرة وتصطدم بمطالب بعض القوى السياسية، رغم قرب انتهاء المهلة المتفق عليها في بلد يستغرق فيه تشكيل الحكومة عادة أسابيع أو حتى أشهراً.
ونبّه لينارتشيتش إلى أن «السرعة مهمة ولا وقت لدى لبنان لإضاعته» آملاً أن «تنجح الحكومة المقبلة في كسب ثقة الشعب اللبناني، بوصفها المكسب الأكثر أهمية». وشدّد على «ضرورة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وربما يكون ذلك إحدى الأولويات المبكرة للحكومة المقبلة».
وقال إن الاتحاد الأوروبي يدعم التوصل الى الاتفاق لأن من شأنه أن يفتح الباب أمام «موارد أساسية يحتاجها لبنان بشدة لإنعاش اقتصاده».
وفي السياق المالي أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انه سينحاز إلى الحكومة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ونفى سلامة في حديث إلى صحيفة «فاينانشيال تايمز» نيته «عرقلة العلاقة بين لبنان وصندوق النقد الدولي»، وقال «بالنسبة للمستقبل سنعمل على مواءمة موقفنا مع موقف الحكومة حتى لو كانت هناك خسائر».
ولفت سلامة إلى انه «لا يستطيع أن يقطع وعدا بأن مصرف لبنان سيسلم جميع المعلومات التي طلبها التدقيق الجنائي لأنه ملزم بقوانين السرية المصرفية»، مشددا على ان «مصرف لبنان ليس لديه ما يخفيه، ونحن سنقدم كل المعلومات التي يمكننا تقديمها بموجب القانون».
وأشار إلى ان «احتياطيات مصرف لبنان من العملات الأجنبية منخفضة للغاية لدرجة أنه لا يمكنه توفير الدولارات إلا لدعم الواردات الحيوية مثل القمح ، حتى نهاية العام».
مبارزة في الشارع
وتمثلت هذه المبارزة بعد ظهر السبت الماضي أمام القصر الرئاسي في بعبدا.
فلمناسبة مرور 40 يوما على انفجار العنبر 12 في مرفأ بيروت فقد انطلق العشرات من المتظاهرين من أمام مبنى قصر العدل في بيروت في مسيرة سيراً على الاقدام الى طريق القصر الجمهوري في بعبدا، احتجاجا على ما وصلت اليه الاوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان, بالاضافة للتنديد بعدم وصول التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت لأي نتائج.
وسلك المتظاهرون الشارع الرئيسي في فرن الشباك، وسط تزايد ملحوظ في أعداد المشاركين مع انضمام المزيد من المحتجين الى المسيرة في النقاط التي تسلكها. ورفعوا اللافتات التي تدعو الى «إسقاط المنظومة السياسية برمتها ومحاسبة الفاسدين والسارقين ومحاكمة المسؤولين عن انفجار 4 آب».
وتلت إحدى الناشطات بيانا، اعتبرت فيه أن اختيارهم التجمع أمام قصر العدل هو «للتأكيد على أن لبنان وطن سيد حر مستقل وجمهورية برلمانية ديموقراطية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات، وأن مقدمة الدستور تضمن حقوق الشعب والمطالبة بها»، متسائلة: «أين التحقيق وأين المتهمون ولماذا لم يدن أحد بتفجير المرفأ؟».
تظاهرة عونية
بالتزامن كان مناصرو «التيار الوطني الحر» قد بدأوا بالتجمع على طريق قصر الجمهوري قرب «شاركوتيه عون»، وفي ساحة السفارة الجزائرية عند مفرق بلدة بطشاي، رفضا للتعرض لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولموقع الرئاسة.
وقطع «العونيون» طريق القصر الجمهوري على التظاهرة المقابلة، بعدما تمكنوا من اجتياز حاجز الجيش اللبناني البشري، لمنعهم من الاحتكاك مع المجموعة الاخرى التي تتظاهر للمطالبة برحيل رئيس الجمهورية، ووصلوا إلى قرب مطعم «ماكدونالدز».
وبالفعل شهد الطريق تحت الجسر المؤدي الى بعبدا هرجاً ومرجاً، كما حصل تدافع بين قوات مكافحة الشغب ومناصري «التيار العوني» الذين نجحوا بالوصول الى أحد المداخل المؤدية الى القصر الجمهوري.
صحياً، سجل لبنان، حسب بيان وزارة الصحة 641 اصابة جديدة بفايروس كورونا، وحالتي وفاة، ليرتفع العدد 24310 اصابة مثبتة مخبرياً.
* البناء
هل يشكّل الحريري حكومته الموعودة برئاسة أديب: استعادة الماليّة ومفاوضات الترسيم؟
بري بالنيابة عن أمل وحزب الله لعدم المشاركة وعون سيتمهّل للتشاور مع الكتل
ماكرون يمدّد المهلة لنهاية الأسبوع سعياً للتوافق… واحتمال تأجيل التشكيلة وارد
كتب المحرّر السياسيّ
ظهر الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري في زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري وخلال الحوار بينهما كرئيس فعلي للحكومة، وليس كوسيط يسعى لتدوير الزوايا، وبدلاً من أن يقوم الرئيس المكلف مصطفى أديب بلقاء رئيس المجلس تولى الحريري ذلك طالباً تراجع بري عن مطالبته بوزارة المالية، لينتهي الاجتماع بسلبية ما كان الحريري مضطراً لها لو لم يكن هو من يشكل الحكومة كما قالت مصادر متابعة للملف الحكومي، واعتبرت أن الحريري يشكل الحكومة التي كان يطلبها بشروطه بعد استقالته، وحال بينه وبينها عدم وجود تسمية وازنة لتوليه تشكيل الحكومة مسيحياً برفض القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر تسميته، ولم يحفظ لثنائي حركة أمل وحزب الله تمسكهما بتسميته، فشنّ هجومه عليهما من بوابة وزارة المال ومن بعدها السعي لوضع اليد على ملف التفاوض لترسيم الحدود، الذي وعد وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في لقائهما قبل عام باسترداده من رئيس مجلس النواب.
نجح الرئيس الحريري في استثمار المبادرة الفرنسية والعقوبات الأميركية لتشكيل حكومته الموعودة، او كاد ينجح، فإعلان الرئيس بري بالنيابة عن حركة أمل وحزب الله عدم المشاركة في الحكومة، فتح الباب لفرضية إحراج الثنائي في عدم بلوغ حد الغياب عن جلسة الثقة والطعن بميثاقية الحكومة، ومثلها إحراج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بين توقيع مرسوم الحكومة الجديدة اليوم، بعد اطلاعه عليها من الرئيس المكلف مصطفى اديب في الحادية عشرة قبل الظهر كما هو مقرّر.
المعلومات المتواترة مساء تحدثت عن تغييرات طرأت مساء، بعدما بات مؤكداً ان رئيس الجمهورية لن يوقع مرسوم الحكومة، بل سيتريث ويحفظ حقه بدراسة التشكيلة، ويضع ملاحظاته عليها، وبعدما جاءت مناخات باريسية تحدثت عن تمديد الرئيس امانويل ماكرون للمهلة التي اتفق عليها لتشكيل الحكومة خلال خمسة عشر يوماً، طلباً للتوافق وسعياً للحفاظ على الإجماع.
الخيارات التي تنتظر المسار الحكومي، تتراوح بين أن يحمل الرئيس المكلف تشكيلة حكومية اليوم أو يقتصر على التشاور بالأسماء مع رئيس الجمهورية. وفي حال حمل التشكيلة الأكيد عدم صدور المراسيم قبل ايام للتشاور، ينقل خلالها للرئيس المكلف ملاحظات تدعمها مساع فرنسية توافقية، لحلحلة عقدة وزارة المال، وفي حال تمّت الحلحلة تبصر الحكومة النور نهاية الأسبوع.
مصادر واكبت مسار المبادرة الفرنسية والعقوبات الأميركية قالت أن مكامن الخطر ستبقى قائمة في ظل أوهام داخلية وخارجية حول إمكانية استبدال الحروب بإعادة تشكيل الرأي العام على إيقاع الضغوط المالية وتوظيفها لفرض خيارات سياسية وإعادة تكوين السلطة من بوابة العقوبات، متجاهلين أن الباب الذي فتحته المبادرة الفرنسية نجح في تحقيق تقدّم لأن المبادرة سعت لتفادي قضايا سياسية شائكة وضعها الأميركيون شرطاً لحصول لبنان على التمويل، وفي مقدمتها الإصرار الأميركي على محاصرة حزب الله.
تنتهي المهلة التي أعطاها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمعنيين لتأليف الحكومة غداً وينتظر أن يحسم فيها مصير حكومة الرئيس المكلف مصطفى اديب، أكان بإصدار المراسيم بمباركة كل الكتل التي ستمنحها الثقة في المجلس أو باعتذاره عن التأليف.
من المتوقع أن يعرض الرئيس المكلف خطته لتشكيل الحكومة على الرئيس ميشال عون اليوم الاثنين فإما يوافق عليها أو يرفضها ويطلب تعديل بعض الأسماء وذلك في مسعى لتسريع العملية التي عادة ما تستغرق شهوراً بسبب الخلافات على تسمية الوزراء.
ووفق معلومات فإن الرئيس عون قد يطلب من الرئيس المكلّف إجراء اتصالات بالكتل لأخذ رأيها في الأسماء التي يقترحها، فإذا كانت هناك أجواء حلحلة قد يعود الرئيس المكلّف الى عقد لقاء ثانٍ بعد الظهر مع رئيس الجمهورية، الذي في حال رأى أن التشكيلة حائزة على دعم وثقة الكتل سيطلب من رئيس المجلس نبيه بري الانضمام الى اجتماعه والرئيس المكلّف كما هي العادة قبل صدور المراسيم.
رئيس مجلس النواب نبيه بري رأى أن المشكلة ليست مع الفرنسيين، بل المشكلة داخلية ومن الداخل. أطلق عنواناً واحداً للحكومة الاختصاص مقابل عدم الولاء الحزبي وعدم الانتماء النيابي وفيتوات على وزارات والاستقــواء بالخارج وعدم إطلاق مشــاورات. لذا أبلغنا رئيس الحكومة المكلــف من «عندياتنا» ومن تلقائنــا عدم رغبتنا بالمشاركة على هذه الأسس في الحكومة، وأبلغناه استعدادنا للتعاون الى أقصى الحدود في كل ما يلزم لاستقرار لبنان وماليته والقيام بالإصلاحات وإنقاذ اقتصاده.
وتشير المصادر الى أن موقف الرئيس بري في الشكل يعكس انسحاباً وتسهيلاً إلا أنه في المضمون ليس الا تشدداً من الثنائي الشيعي قد يفقد الحكومة الميثاقية الشيعية، وهو رمى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية بقبول أو رفض التشكيلة الحكومية.
الى ذلك ترددت معلومات ان الاتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس نبيه بري لم يكن إيجابياً. وتشدّد مصادر متابعة على أن الجانب الفرنسي يدعو الى تطبيق مبدأ المداورة الشاملة بدءاً من المالية، مما جعل الثنائي الشيعي يهدّد بمقاطعة جلسة الثقة النيابية، وهذه العقدة تجري اتصالات حثيثة لمعالجتها، في الساعات المقبلة ليكون الثلاثاء الموعد النهائي لولادة الحكومة او اعتذار أديب.
وقال مكتب الرئيس الفرنسي إن ماكرون يضغط على الساسة اللبنانيين للوفاء بوعودهم بتشكيل حكومة جديدة هذا الأسبوع والعمل على انتشال البلاد من أسوأ أزمة تشهدها منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
وقال قصر الإليزيه من دون أن يورد تفاصيل عن أي مناقشات «الرئيس (الفرنسي) يواصل اتصالاته مع مختلف اللاعبين السياسيين في لبنان».
وشدّد مفوّض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات على ضرورة تشكيل حكومة ذات صدقية في لبنان بشكل عاجل قبل إطلاق مرحلة ثانية من الدعم المالي للبلاد الغارقة في أزماتها.
ويزور السفير المكلف بالملف الاقتصادي والمالي للبنان وأحد أعضاء الفريق الفرنسي المتابع للمبادرة بيار دوكان، لبنان الاسبوع الطالع لمتابعة البحث مع المسؤولين في القطاع المالي في كيفية الاتفاق على وضع مشروع موحد للأرقام، لاستئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي فور تشكيل الحكومة، نظراً للحاجة الملحة اليه.
وفي هذا الإطار، علم ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تلقى اتصالاً هاتفياً من كل من الرئيس الفرنسي ومن الرئيس المكلف.
وكان باسيل خصص جزءاً من مؤتمره الصحافي للحديث عن ملف تشكيل الحكومة، وقال «عندما نقول «ما عنّا شرط» يعني ان «مشاركتنا بالحكومة ليست شرطاً لدعمها، لا بل أكثر من ذلك، لا رغبة لدينا بالمشاركة بالحكومة، و»مش حابّين نشارك فيها وكثيرون يتحدثون معنا لضرورة مشاركتنا وانّ الحكومة لا تشكّل من دوننا، ونحن نجيب انّ رئيس الجمهورية بتمثيله وميثاقيته يغطّينا ويغطّي الحكومة ويعوّض عنّا بهذه الظروف الاستثنائيّة».
وشدّد على أن التيار الوطني الحر يؤيّد «مبدأ المداورة، ولكن ولو حصلت طائفة على وزارة عدّة مرّات، بما فيها هذه المرّة، فهذا لا يخلق عرفاً. العرف يكون بقبول الجميع، والدستور واضح بعدم تكريس وزارة لطائفة! امّا اذا كان الهدف هو تكريس التوقيع الثالث فهذه مثالثة ونحن نرفضها حتماً». وقال: غير معنيين لا بتوزيع الأسماء ولا بالحقائب، ولن ندخل فيها، لكن هل خسرنا 12 يوماً من دون تشاور لنحشر الرئيس بانتهاء مهلة الأسبوعين خوفاً من فشل المبادرة الفرنسية وانهيار الوضع الاقتصادي؟ و»انشاالله ما يكون السيناريو المطروح اليوم ويلّي واحد بيفهمه من أوّل لحظة هو، امّا بتتألّف الحكومة متل ما بدنا، او منعتذر وبتفشل المبادرة وبينهار البلد!».
وفي ملفات ترسيم الحدود وحزب الله والحياد قال باسيل: الحياد، هو بمفهومنا موضوع ايجابي للبنان، ولكنّه بحاجة الى حوار وتفاهم داخلي ولاحتضان إقليمي ورعاية دولية.
ورأى أن «بعض اللبنانيين مثلاً تفهّموا فكرة وجود الحزب بسورية، والحزب أكيد بدأ يفكّر بالعودة من سورية وتأمين ظروفها». وعلّق على زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس بالقول: لبنان في هذه الفترة لا يحتمل أموراً على مثال ما جرى وقيل خلال زيارة السيد اسماعيل هنيّة، لأنه يؤذي لبنان ولن نقبل بأن يخلق أحد أي أمر واقع مهدّد للبنان. وفي موضوع ترسيم الحدود، قال «إننا نتحدث عن أمرين: حقوق لبنان ومصلحته. حقوق لبنان لا نقاش بالحفاظ عليها، سيادة وموارد. امّا مصلحته، فأنا من الذين يرون مصلحة كاملة للبنان بإنهاء ملف الحدود على أساس ترسيم عادل لها».
وفي ملف تشكيل الحكومة، سأل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأربعين لضحايا المرفأ في حريصا: لماذا يتعثر تأليف حكومة إنقاذية مصغرة توحي بالثقة أليس لأن المنظومة غارقة في الأنانية والفساد؟
وأكّد أنه «لا يمكن القبول بحكومة على شاكلة سابقاتها التي أوصلت الدولة الى الانهيار الذي هي عليه، حكومة يكون فيها استملاك لحقائب وزارية لأي طرف أو طائفة باسم الميثاقية».
وتوجّه الى أهالي الضحايا بالقول: إنها ساعة ولادة لبنان الجديد من فلذات أكبادكم التي رحلت إلى مجد السماء مثل ولادة السنبلة من حبة الحنطة التي تقع في الأرض وتموت.
وأكد الراعي أن «السيادة لا تتعارض مع العدالة ومن واجب الأمم المتحدة أن تفرض التحقيق الدولي لأن انفجار المرفأ وقتل الشعب وتدمير العاصمة جريمة إنسانية».
الى ذلك رحبت الخارجية الأميركية، الأحد، بعزم صربيا تصنيف حزب الله منظمة إرهابية.
وأكد وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أن «حزب الله استمر في التخطيط لهجمات إرهابية وجمع التمويل في أوروبا»، داعياً «الاتحاد الأوروبي إلى تصنيف حزب الله منظمة إرهابية».
وشدّد بومبيو أن «على أوروبا عدم التفرقة بين جناحي حزب الله العسكري والسياسي».
المصدر: صحف