شكّل اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي عقد في رام الله المحتلة وبيروت عبر تقنية الفيديو، خطوة استثنائية جمعت كل الفصائل والقوى بحوار مفتوح في مرحلة دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية بظل المؤامرات التي تحيط بها بدءا من “صفقة القرن” وصولا الى التطبيع الذي تقوم به بعض الانظمة العربية والخليجية مرورا بما يسمى “خطة الضم”.
وتدرك الفصائل الفلسطينية وضمنا “شعب الجبارين” انه ما عاد بالامكان تضييع المزيد من الوقت امام إصرار المحور المعادي على تصفية قضية فلسطين وجوهرها القدس المحتلة والمقدسات والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة، فالعدو سرّع في السنوات الاخيرة من خطواته التآمرية، محاولا الاستفادة من “جنون” الرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب الذي سبق ان اعتبر القدس المحتلة عاصمة لكيان العدو ونقل سفارة بلاده في الكيان الغاصب إليها، معتبرا ان ذلك قد يساهم بإعطاء اي حق للعدو الغاشم، علما انه لا يحق لأحد بالتنازل عن حبة تراب من فلسطين فكيف اذا كان هذا الكائن لا يملك أصلا وليس من حقه التصرف، وهو يعتبر ان ما يقوم به هو صفقة عقارية ليس إلا، بتحريض من لوبيات وشخصيات صهيونية على رأسهم صهره “السمسار” جاريد كوشنر، بالاضافة الى عدد غير محدد من الامراء والشيوخ في بعض الدول الخليجية التي تلهث خلف التطبيع مع العدو على حساب القضية المركزية للامة العربية والاسلامية وطمعا بمصالح آنية وضيقة، وكان الانعكاس الطبيعي لكل ذلك هو الاعلان عن الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي لتطبيع العلاقات بين الطرفين.
من كل ذلك اجتمعت القيادات الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس بجلسة مشتركة بين رام الله بالضفة المحتلة وعاصمة المقاومة بيروت التي لها الباع الطويل في مقارعة العدو ودعم المقاومة ضده على الحدود الجنوبية للبنان منذ عشرات السنين، وقد أكد المجتمعون في بيانهم الختامي على وجوب المقاومة الشاملة بكل صورها وأشكالها وضرورة تفعيلها ومقارعة الاحتلال حتى إقامة دولة فلسطين بعد التحرير الكامل للارض.
حول كل ذلك، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وعضو وفدها الى اللقاء القيادي للامناء العامين للفصائل الفلسطينية علي فيصل إن “اجتماع الامناء العامين للفصائل يشكل بحد ذاته حدث هام وان تأخر حوالي 13 عاما، دفعنا ودفع شعبنا خلال هذه الفترة أثمانا باهظة من عمرنا وعمر القضية الفلسطينية”.
ورأى فيصل في حديث لموقع قناة المنار ان “هناك إرادة لانجاح اللقاء ومتابعة ما خرج به من نتائج على مستوى البيان الختامي الذي شكل قاسما مشتركا سنعمل على تطويره بالفعل والممارسة النضالية اليومية”، وتابع “انطلقنا من فكرة ان الآمال المعلقة على اللقاء من قبل شعبنا واعداءنا تجعلنا نصر على رفع شعار منع الفشل وعلى تحقيق اختراقات معينة مهما كانت بسيطة”، واضاف “نحن قادرون على تطوير ما توافقنا عليه”، واوضح “اليوم قدمنا النموذج اننا قادرون على استعادة وحدتنا الوطنية دون تدخل خارجي وقادرون على ان نواجه المشروع الامريكي الاسرائيلي بشكل موحد بعيدا عن الحسابات الفئوية”.
واعتبر فيصل انه “لا يمكن تقييم البيان الختامي الصادر عن اللقاء بمعزل عن استحضار جميع عناصر قوتنا”، وتابع “بيدنا عناصر قوة اضافة الى ما ذكره البيان، وهي عناوين لا تحتمل ترف الوقت ويجب ان نبدأ بشكل سريع في انزالها الى ميدان الفعل المباشر”، واضاف “كما بيدنا قرارات المجلسين الوطني والمركزي اللذين يحددان طبيعة العلاقة مع العدو لجهة القطع الكامل معه وايضا بيدنا قرارات اللجنة التنفيذية لجهة وقف العمل بالاتفاقات”.
وشدد فيصل على ان “لا تفاوض مع صفقة القرن كونها مشروع عدواني يسعى لاعطاء الشرعية للاحتلال في اطار مشروع تصفية القضية الفلسطينية”، واكد “ليس امامنا إلا خيار الصدام مع تطبيق صفقة القرن في الميدان لافشالها، كأولوية لا يجب ان تتقدم عليها اية قضية”، ودعا “لاعادة الاعتبار للحركة الوطنية الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني تناضل ضد الاحتلال”، واضاف “نحن ننظر الى المقاومة الشاملة على انها حركة شعبية لا تحصر فعالياتها بشكل معين”، ولفت الى ان “كل اشكال النضال يجب ان تتكامل فيما بينها سواء المقاومة السياسية او الاقتصادية او المقاومة المسلحة والجماهيرية”، وتابع “هي فعل شعبي في مواجهة جنود ومستوطني الاحتلال، ومكان تحركها هو الحواجز المنتشرة في طول وعرض الضفة الغربية والمستوطنات باعتبارها مغتصبات فوق ارض محتلة ويجب تفكيكها ورحيلها من فوق ارضنا”.
واوضح فيصل ان “مسألة المقاومة الشعبية ستكون برسم اللجنة المشكلة لهذه الغاية والتي ستناقش كل هذه القضايا وغيرها من تفاصيل النضال الفلسطيني اليومي والصدام المباشر مع الاحتلال، وصولا الى العصيان الوطني العام الذي لا يجب ان يتوقف الا برحيل الاحتلال بشكل كامل”.
واكد فيصل انه “لا بد من التوافق على برنامج سياسي للشراكة الوطنية وإنهاء الانقسام والعمل على المستوى الدولي والدبلوماسي لتعزيز حضور دولة فلسطين على جميع المستويات”، واعتبر ان “كل ذلك يجب ان يتم على ارضية انتفاضة ومقاومة في الضفة واستراتيجية دفاعية في غزة وحركة لاجئين ناهضة في الشتات”، ولفت الى انه “بذلك نستطيع ان نسحب البساط من تحت اقدام المطبعين الذين يستفيدون، كما الاحتلال، من واقع الشرذمة والانقسام لتمرير مشاريعهم بالترافق مع خطة الضم وبقية عناوين المشروع الامريكي الذي سيسقط على ارضية وحدتنا وارادة شعبنا”، واشار الى انه “لا يمكن لامريكا او غيرها ان تفرض على الشعب الفلسطيني أي مشاريع”.
وتوجه فيصل “بالشكر الى لبنان وشعبه”، وتابع “كما نشكرالاخوة في حزب الله على هذه الاستضافة التي نعتبرها ترجمة فعلية لمواقف الدعم لشعبنا وقضية وترجمة ايضا لموقف لبنان الرافض لصفقة القرن وتداعياتها”.
يبقى ان اللقاء القيادي الفلسطيني على أهميته وضرورته إلا انه للمتابعة والتطبيق بما يوصل الى الاهداف السامية التي ترجى منه سواء على مستوى الوحدة وانهاء الانقسام وتفعيل المقاومة وإيلام العدو بكل الوسائل الممكنة وعدم إراحته أيا كان الاطراف المتآمرة، ومهما تكاثرت الطعنات في الظهر من قبل بعض الانظمة الخاضعة واللاهثة خلف التطبيع، فالاساس يبقى ان المقاومة جامعة بكل فصائلها ودولها، وهؤلاء ثابتون عاملون دون كلل او ملل لتطوير القدرات بمواجهة العدو الاسرائيلي الذي بات يحسب الف حساب لهم على مختلف الجبهات.
المصدر: موقع المنار