في ذكرى عاشوراء نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان ومؤسسة عاشوراء الدولیة ندوة في فضاء الانترنت تحت عنوان “الحسين ونهضة عاشوراء في الفكر المسيحي” بمشاركة عدد كبير من المهتمين من في لبنان والعالم .
بداية كلمة افتتاحية لمدير الندوة الاستاذ الجامعي والاعلامي الدكتور خضر نبها ركز فيها على خلاصات الفكر المسيحي عن الامام الحسين .
ثم تحدث الدكتور عباس خامه يار المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان فاعتبر أن “هذه الأيام تخصُّ كلَّ أحرارِ العالم. العزاءُ عزاءُ الأحرار ومُصابُ الحسينِ هو مُصابُ الإنسان. فثورةُ الإمام الحسين (ع) هي درسٌ عالميٌّ يتخطى حدود الطائفة والمذهب. لماذا؟ لأنّ غايةَ الإسلامِ هي الإنسان. فما الدينُ سوى نهجٍ وسلوكٍ من الخير من شأنه أن يرتقي بالإنسانِ حتى استحقاقِ الجنة”.
الدكتور عباس خامه يار قال ان الحسين ع عندما نهضَ في محرّم الحرام، نهضَ معهُ أحرارُ العالم، إنّ الحسين ع عندما نهضَ في محرّم الحرام، نهضَ معهُ أحرارُ العالم.ومن منا لا يعرف قصة وهب المسيحي، الذي كان يخرج صباحا ليعود في المساء محملاً بالماء لعائلته. حينما وصل الركب الحسيني إلى تلك المنطقة توجه الإمام الحسين ع إلى تلك الخيمة ونادى يا أمة الله . خرجت من تلك الخيمة امرأة عجوز تسمى ( ام وهب ) فرحبت بهم.
قال لها الإمام أين ولدك وهب فردت عليه خرج كعادته ويعود في المساء محملاٌ بالماء، فقال لها الإمام حينما يعود قولي له عليك بتصديق الرؤيا، وبمجرد أن ترك الإمام مكانه الذي كان يقف فيه وإذا بعين ماء قد انفلقت من تحت قدميه. تركها الإمام وتوجه بمن كان معه نحو کربلاء. حينما عاد وهب قالت له أمه: ولدي كأنما المسيح عيسى قد زارنا هذا اليوم .فقد سأل عنك وقال عليك بتصديق الرؤيا.
عند ذلك بكى وهب وقال يا أماه لقد رأيت في المنام هذه الليلة روح الله عيسى وكان بجانبه رجال عليهم الهيبة والوقار وكأنهم الشمس بجمالها وهيبتها .فقال لي المسيح يا وهب هل أنت من أمتي قلت نعم فقال اعلم إن الذي يقف بجنبي هو محمد رسول الله وخاتم الأنبياء وأشرف الخلق وهذا الثاني هو علي بن أبي طالب وصيه وخليفته وزوج أبنته وهذا الثالث هو ريحانة رسول الله إنه الحسين بن علي. يا وهب عليك أن تنصر الحسين غدا في كربلاء واعلم بأنك معه في الجنة وأن اسمك مع الأبرار وقد ناولني صحيفةَ قد كتب بها اسمي ثم أفقت من النوم .الآن وأنت تخبرينني بما حدث ، يا أماه الذي مر بك اليوم هو الحسين بن علي بن أبي طالب. وقد خرجَ مع الإمام يوم عاشوراء وظلّ معه حتى قُتِل”.
وشدد المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان على تعدّدُ حكاياتُ الحسين ع مع الأحرار عبر التاريخ. ولا يبدو غريباً أن تكون للحسين بن علي ع مكانةٌ عند غير المسلمين، فهذه نتيجةُ التقاء الفكرَين الإسلامي والمسيحي حول الإنسانية والحرية والتسامح والخير العام ونصرة الحق.
كما ذكّر بما قاله ويليام كينيت عالم الجيولوجيا : لقد قدم الحسين بن علي أبلغَ شهادةٍ في تاريخ الإنسانية وارتفعَ بمأساتِه إلى مستوى البطولة الفذة.
و اشار الى مقولة كتبها إدوارد براون حيث يقول : هل ثمةَ قلبٌ لا يغشاهُ الحزنُ والألمُ حين يسمعُ حديثاً عن كربلاء؟ فحتى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها.
كما رأينا جماليةَ التصوير والرثاء المبكي المنظوم في ملحمة الحسين للشاعر جورج شكور والكلام للدكتور عباس خامه يار , نظم الشاعر شكور الشعر التالي :
على الضميرِ دمٌ كالنارِ مَوّارُ
إن يُذبَحِ الحقُّ فالذُّبّاحُ كُفّارُ
دمُّ (الحسين) سخيُّ في شهادتِه
ماضاعَ هدراً ، به للهَديِ انوارُ
وقد ذهب الشاعر الجميل بولس سلامة إلى رثاء الحسينِ على طريقته فأنشد:
كُلّما يُذكـر الحســينُ شهيداً موكبُ الــدّهر يُنبت الأحرارا
فيجيءُ الأحرار في الكون بعدي حيثما ســرْتُ يلثمون الغبارا
وينادون دولــةَ الظّلـم حيدي قد نقلنا عــن الحسين الشِّعارا.
انتهى شعر الشاعر جورج شكور .
و ختم كلامه بالقول : ومازال هناك الكثير مما قالَه أعلامُ الفكر المسيحي في الحسين ومنهم ضيوفُنا الكرام اليوم، فبينهم الأدباء والشعراء والفلاسفة الذين أرحّبُ بهم فرداً فرداً وأتركُ منبرَ الحديثِ لهم في هذه المناسبة، ليكونَ إحياءً حسينياً من نوعٍ خاص بحضورهم الكريم.
من جهته سماحة الشيخ محمد حسن أختري , رئيس مؤسسة عاشوراء اشار الى “الهدف من الندوة ,هو دراسة تاثير في هداية الإنسان و الإنسانية في كل الإعصار و الامصار و تبينت علاقة عاشوراء مع القضايا البشرية العامة و في عالمنا الحاضر . و تتجدد عاشوراء في كل سنة بصورة أوسع و اعم، ماهي أسباب ثورة كربلاء و عللها وكذلك كيف يمكن للشعوب ان يستلهموا من ثورة الإمام الحسين في قضاياهم و مشاكلهم و حاجاتهم و كذلك هل ثورة الحسين كانت لوقت خاص و بلد ما و لشعب وأمة خاصة او هي ثورة تعم كل الشعوب و الامصار و العصور، ان الحسين قدوة واسوة لجميع الشعوب و هو قائد بلا مثيل إذ ضحى بنفسه و أسرته لإنقاذ و نجاة البشرية من الضلال و الظلمات، في هذا اليوم نريد أن نستفيد من افكار و آراء و ووجهات نظر المفكرين و علماء الدين من الديانة المسيحية في موضوع عاشورا واسبابها”.
وقال: نحن نعتقد اضاف سماحة الشيخ محمد حسن أختري عاشوراء “ان الحسين قدوة واسوة لجميع الشعوب و هو قائد بلا مثيل إذ ضحى بنفسه و أسرته لإنقاذ و نجاة البشرية من الضلال و الظلمات ليهد يهم إلى الله خالق الكون و معبودهم الحقيقي و ان يحر الإنسان من ذل عبادة العبيد و تحريرهم من نير سلطة الطغاة و الجبابرة و المستكبرين”.
واكد على ان قضية الحسین قضیة تحقيق آمال و امنيات كل الشرفاء و المحرمون وان هذة الحادثة الأليمة حادثة في سبيل الله و الإنسانية لكي يصل الإنسان الى كرامته و شرفه و تحقيق حقوقه، “ان عشاق و أبناء و محبي الحسين و الذين يتأسون بسيرة الحسين لا يستسلمو ن للطغاة و الجبابرة و لا يقبلون الذل و الهوان و لا ي كعون امام سلاطين الجور و الجبابرة و الطغاة و لا يقبل ن الذله و شعارهم على مدى القرون هيهات منا الذلة”.
في عظمة الحسين و قيامه و ثورته قال الشيخ محمد حسن أختري “تحدث العلماء والشخصيات و المفكرين من جميع الاديان و الديانات و المذاهب على طول التاريخ و كلهم يعترفون بأن الإمام الحسين عليه السلام ونهضته، كانت ضد الظلم والطغیان و واعترفو أيضا بقيادته و عظمته و مظلوميته في تحرير الإنسان و عدم استسلام للمستكبرين”. امثال جارلز ديكتون و موريس وبولس سلامه و غاندي و جورج جرداق و غيرهم.
و ختم “كما نسمع اليوم من السادة المشاركون في هذه الندوة الاراء و الأفكار حول الحسين وتضحياته الكبيرة و نهضته الخالدة، ونتمنى أن يوفقهم في تقديم نموذج رائع ودراسة معمقة حول الحسين “.
الشاعر الدكتور الياس الهاشم اعتبر ان الحسين قامة انسانية ليست محصورة لفئة من الناس، هو مثال لكل الثائرين والاحرار في العالم ، هو القدوة التي يتمثل بها اصحاب الحق بان لايتركوا حقهم لغاصب . الامام الحسين، مدرسة في الايمان ، والعطاء ، ونهج الابطال الذين يقدّمون دمائهم فداءً عن الحق والارض. نحن لانبكي على الحسين ، بل يجب ان نبكي على انفسنا إن لم نكن كالحسين في قولنا للحق في حضرة سلطان جائر.
اضاف الهاشم “كيف نكون أقوياء على قلّة عددنا وعديدنا ، وكيف ننتصر بالارادة ، وبالايمان، الامام الحسين، فكرة مقاومة موجودة في داخل كل انسان، الامام الحسين، فكرة مقاومة موجودة في داخل كل انسان ، عليه فقط ان يوقظها ويُنميها لتكبروتصبح ثورة على كل الطغاة”. وختم كلامه ان الامام الحسين كتاب الانسانية المفتوح على كل الاديان والمجتمعات.
بعد ذلك تكلم الأب عبدو رعد رئيس جمعية الناس للناس عن دور العلماء المسيحيين في نشر التفاهم والتضامن بين أتباع الأديان المختلفة لمواجهة الظلم والانحراف.
فقال : ما دور العلماء المسحيين في نشر التفاهم والتضامن بين أتباع الأديان المختلفة لمواجهة الظلم والانحراف، نحن اليوم في لبنان وفي العالم بالعموم لسنا في حال جيد. النهضة الحسينية لم تتحقق مع الأسف ولا تعليم السيد المسيح ومحبته يسودان العالم. يبدو أن الشر كثير والظلم كبير والنزاعات بين البشر على أسس دينية بغض النظر عن الاطر الاقتصادية، لا تبشر بالخير. اين هو البعد التربوي ؟ والبعد الروحي؟ شعار مشترك إنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، فمَن قَبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحقّ وهو خير الحاكمين.
واضاف رعد “نحن امام واقع عاشورائي او مسرح عاشورائي عالمي. لا يجوز للمسيحي أن يبقى متفرجا. ننطلق من المشاركة من أجل البناء. يعني التراجع عن التخوين والتكفير عند المشاركة مع الآخر”.
وشدد على التالي :
1-“رجال الدين والعلماء مدعوون بدرجة أولى إلى معالجة الوضع. معالجة الوضع تتجسد في مثل هذه الندوات التي تقيمونها مشكورون.
2-أن يعيش هؤلاء حقيقة إيمانهم ويكونوا شهودا على ذلك من خلال تصرفاتهم وأقوالهم.
3-فتح آفاق جديدة في التعليم المتبادل. عندما لا تعرف معنى الرموز فأنت معرض لاحتقار الآخر. الفكر المسيحي لم يتطرق كفاية للنهضة الحسينية، كما أن الفكر الاسلامي لم يتطرف كثيرا إلى التعليم المسيحي.
4-التعلم من تاريخ الكنيسة الاعتذار عن الماضي الأليم ورفض لغة السلاح كليا.
5-العمل معا من أجل بناء دولة المواطنة. لا يمكن مكافحة الطائفية الا من خلال هذا الطريق.
6-التفتيش عن القيم المشتركة التابعة من شهادة الحسين وشهادة القديسين.
7-شعار مشترك إنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، فمَن قَبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحقّ وهو خير الحاكمين.
من جهته تحدث الدكتور أنطوان بارا الاديب والصحافي والمؤلف ل كتاب “الحسين في الفكر المسيحي” من الكويت عن دور المسيحية وعلمائها في خدمة أهداف النهضة الحسينية الإنسانية المتعالية ومدى اطلاعهم على هذه النهضة، فقال : لقد شكّلت حركة الحسين”ع” النهضة المثالية لأمّة جده صلى الله عليه وسلّم ، نهضة ضمت العقيدة الثالثة الخاتمة في سلّم الرسالات السماوية، وقد رأى فيها المفكرون المسيحيون ماذكّرهم بتضحية نبيهم عيسى عليه السلام ، وتماثل شمائله مع شمائل مع شمائل بطل الطف، لأنها من مشكاة قدسية واحدة ، وكان لها ذات الاهداف مع اختلاف المسببات لكل منها. وجد الحسين بأنّ لامندوحة من إحداث هزّة توقظ الامة السادرة في ضلالاتها، وتقديم نموذج رباني ينقذها.
اضاف الدكتور أنطوان بارا “اذ رأى الحسين “ع” بعينه الرسالية ما اعترى امّة جده من تشويهات انبثقت من كوى مثالب عهود بني أمية ، التي قادت الامّة الى كل ما خالف تضحيات الرعيل الاول ، وصار التطلّع الى الخلافة باعتبارها مركبا يقود الى الجاه والسلطان وانقياد الدنيا وفق أهواء النفس ومطالبها، لذا فقد شعر سيد الشهداء بدبيب المؤامرة على العقيدة بما كرّسه اصحابها ، وبصفته تلك الغرسة المباركة التي نبتت في حديقة الرسالة ، وتعهدها جده وأبوه ، فأبت نفسه الصبر على ماكانت تقع عليه عيناه من محاولات تدجين ممنهجة تزرع مسلّمات الخشوع في الانفس ، فنامت ضمائر المسلمين ، واسترخت الهمم الوثّابة التي كانت رمزاً للمسلم في منطلق بعث العقيدة ، حتى تحوّل هذا الاسترخاء الى آفة اجتماعية ونفسية باتت تهدد روح الامّة وعقيدتها”.
من هذه النقطة التي وصل اليها الاسلام كعقيدة، وجد الحسين بأنّ لامندوحة من إحداث هزّة توقظ الامة السادرة في ضلالاتها، وتقديم نموذج رباني ينقذها، وهذا ما حرص عليه عليه الحسين في دستور خروجه ، فكانت نهضته عنوانا صريحا لقيمة الثبات على المبدأ وعظمة المثالية في أخذ العقيدة وتمثلها”.
وشدد الدكتور أنطوان بارا “ولعل الإباء الكبير الذي وضعه الشهيد”ع” في دستور خروجه المتمثل في رفض الذلّة والسلّة وعدم الرضوخ لمغريات متصدي السلطة ، أثار إعجاب من رأوا آليته الخالية من أغراض الهوى، والمتمثل بالخروج مع أهله وذويه وخلّص اصحابه، هذا الخروج الذي يُحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير التضحية حياة”.
ونظراً لما اطلع عليه علماء المسيحية من السجايا الانسانية والعقائدية في نهضة الحسين، ، فقد الهبت مواقفه حسّهم الايماني الرابض في صدورهم ، وأثارت إعجابهم ، فما كان منهم إلا أن امتشقوا أقلامهم وكتبوا على القراطيس نفثات ضمائرهم ، والتي كانت إحداها ممثلة لمقتضى حالها، واعتبر الدكتور أنطوان بارا “ان علماء المسيحية ومفكروها فهموا عظمة هذه التضحية التي أتى بمثلها نبيهم “ع” وهو مقياس لايرفعه إلّا الصفوة المختارة من الصالحين، فتتحول نتائجه الى الجزء الاكبر من الوجدان ومثوى العقيدة ستصرخ في مواقف الضيق وحيال مختلف أشكال التدجين والظلم والانحراف عن السنة”. الانبياء والشهداء والمصطفون يدركوا أن وجودهم المادي زائل ، لكن حججهم ونفثات ضمائرهم هي التي تبقى وتسرى حية متجددة في المهج والحنايا.
ونظراً لما اطلع عليه علماء المسيحية من السجايا الانسانية والعقائدية في نهضة الحسين، وكيف وقف معرّضاً نفسه للمهانة في سبيل المبدأ كما فعل عيسى . وسبحان الله الذي يسيّر اصفياءه لهداية البشر ، فقد الهبت مواقفه حسّهم الايماني الرابض في صدورهم ، وأثارت إعجابهم ، فما كان منهم إلا أن امتشقوا أقلامهم وكتبوا على القراطيس نفثات ضمائرهم ، والتي كانت إحداها ممثلة لمقتضى حالها”.
المحاضرة التالية كانت للدكتور ميشال كعدي , الكاتب والفيلسوف المسيحي عن “مدى تأثير المؤلفات التي ألّفها كتّابٌ وشعراء مسيحيون عن شخصية الحسين (ع) ونهضته الإنسانية والإصلاحية”، “الامام الحسين ع مدرسة ورسالة”، فقال : “اهم ماتمتاز به حياة الامام الحسين “ع” آنه من شجرة النبوة وموضع الرسالة المنبثقة من بيت الوحي ومسكن الملائكة ومركز العلم. الامام الحسين، هو أكثر من رسالة وقدوة ومدرسة، هو البعد العاطفي الفاعل في ثورته التي لاتموت، ومن المسلمات.
إن هذه الثورة هي من اكثر الثورات التي خلّدتها المجتمعات في العالم. ومن اكثر الثورات التي توافرت فيها العاطفة والمأساة ، ولعلها المدخل الرئيس ، الذي دلّ الى الظلم، الذي أبقانا نحيي أبداُ شعلة كربلاء ، ونور استشهاد الذي امتدّ على مرّ العصور ومفاصل التاريخ سير الانسانيّة، لم تسجّل هذا لكم من الاهوال والتضحيات والظلم والمعاناة، كما هو الحال في ثورة كربلاء.
ما أصاب الامام الحسين، تعلّم الكون، كيف تكون الحرية ، والكرامة ، والصدق والايمان والاباء والقيادة والقدوة، والشجاعة ، والمدرسة الانسانية والاخلاقية، والدفاع عن الحق والحقوق، وعزّة النفس، ومحبة الله والاسلام حتى لو كان الثمن دماٌ، وتضحية بالابناء والاصحاب.
والثابت أن هذه الريحانة التي ضمّها الرسول الى صدره ، وأعطاها من عبقه ، جعلت الكثير من غير المسلمين يستشعرون أهمّية وعظمة الحسين، ويلعنون المجرمين والظلم والحكم الجائر”.
اضاف كعدي “ما أصاب الامام الحسين، تعلّم الكون، كيف تكون الحرية ، والكرامة ، والصدق والايمان والاباء والقيادة والقدوة، والشجاعة ، والمدرسة الانسانية والاخلاقية، والدفاع عن الحق والحقوق، وعزّة النفس، ومحبة الله والاسلام حتى لو كان الثمن دماٌ، وتضحية بالابناء والاصحاب.
في هذا السياق، وجدنا الكثير من غير الشيعة، في لبنان واوروبا، يعلنون الحزن والحداد في كلّ عام، بتعليق البيارق السوداء على شرفات منازلهم، تعبيراٌ عن حزنهم على وقع تلك المأساة، ثمّ يضعون أنفسهم في خدمة المؤسسات الحسينيّة طوال فترة عاشوراء”.
قال كعدي وفي ايّ حال “علينا أن نوظّف الحقيقة الحسينيّة، وثورته وبعديها العاطفي والانساني، لتوضيح قضيته العادلة، التي استشهد من أجلها، ليرفع راية الاسلام التي تركها أمانة لنا ولكم،
“الحسين بثورته وشهادته قلب الموازين . بشهادته أزال الشوائب عن الدين الحنيف، وكونه سبط النبي، أعطاه ذلك صدقيّة وقوّة، ولاغرو. فهو أخذ من تربية النبيّ الأعظم الايمان ، وكان الأولى بتبيان صورة الاسلام، وأهل البيت، والحفاظ على دين الرسول كما نزل. الحسين اعتلى أمكنة الدنيا في مواقفه، فتكلّم عليه عباقرة الكون شرفاً وغرباً ، هذا الذي وطّن نفسه على الصّبر والشدائد قال كعدي ,” لم يلبس الاقنعة في عمره، ويوم كان الناس يلبسون الاقنعة في ذلك الزمن، كان يطلّ الحسين على الناس من دون قناع، هكذا وصفته في محاضرة لي في ايران، دولة الحضارات. وقد وصفه بهذا الكلام راهبٌ كاثوليكي ، سمع محاضرتي في كربلاء، محاضرتي كانت بعنوان” عالميّة الامام الحسين”ع” بن علي في الاديان والظوائف”. هذا العظيم بل هذا القدّيس في أهل التقى ، علّم الانسان بأنّ الحياة لاتصلح، ولايستقيم لها شأن إلّا إذا برقعت مداميكها على الجرأة الحسينية والصراحة والعنفوان.
أمّا الحرية فقد أخذها من المقاييس الرئيسة ، رافضاً المبتذل ، متخيّرا وجه الله والرسول ، ونبراس الامام علي”ع” ونور الحقيقة، والاوضاح الثابتة ولاجلال الحسين، جعل الاحمدية على طرف أقلام المؤرخين واللاهوتيين في مناطها العالي، أمّا القداسة فعلى روامها في عمق الرسالة.
مارثيوفيلوس جورج صليبا , مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس تحدث عن “الأبعاد الشخصية والإنسانية التي يراها المسيحيون في شخصية الإمام الحسين (ع) وفي ثورته ضد الظلم” فقال “ان الرجال الأصفياء يتميزون بشخصيتهم وعمق معرفتهم وسلوكهم بين الناس إذ يجسدون بالدرجة الأولى علاقتهم مع الله ويعكسون ذلك على مجتمعاتهم المتنوعة وهم كالنحلة التي نتاجها هو الشهد والعسل وخاصة اذا صفت السيرة فتزداد المسيرة لتعطي وتثمر الثمار اليانعة والصالحة للناس جميع الناس والرجل المستقيم صاحب المبادئ لاتعنيه المعوقات التي ينصبها عدو الخير ابليس الذي كان منذ البدء قتالاً للناس كما يقول السيد المسيح.
ومن هنا شدد صليبا على ان الإمام الحسين ارتشف هذه التعاليم من عائلته ومجتمعه ومحيطه ليكون واحداً من هؤلاء الأصفياء وانتطلق لمحاربة الظلم والوقوف بوجه الطغيان، ومن أجل مبادئه اختار الامام الحسين الموت على أن يخضع للظلم والظالمين فقاومهم وأخذ المواقف التي تليق بشخصيته.
وختم كلامه صليبا “اذا نظرنا اليوم الى قامة الحسين وكرامته ، أين هو مقام هؤلاء الظاليمن ، فالحسين في قلب التاريخ وهؤلاء الظالمون في أعماق جهنم وكلّما قرأنا وسمعنا عن كربلاء نغبط الشهداء ونلعن الظالمين. وهذا مانراه في هذه الشخصية الفذّة والنادرة التي تواكب مسيرات كثيرين صالحين من أمثاله فالمجد والخلود للشهداء واللعنة للظالمين”.
وفي ختام الندوة تليت رسالة من الاديب والشاعر جورج شکور ابرز ما جاء فيها: تحية اجلال واكبار في هذه المناسبة الجلل ، الى سيد الشهداء وامام المقاومين الشرفاء، وسليل الامام علي ، فيا ايها الحسين العظيم في ذكراك الاليمة هذه ، اتوجه اليك في علياءك بهذه الابيات واقول:
على الضمير دم كالنار موارا
ان يذبح الحق فالذبّحاح كفار
دم” الحسين” سخي في شهادته
ماضاع هدرا ، به للهدي انوار
وللشهادة طعم لم يذقه سوى
الشم الاولى اقسموا ان يظلموا ثاروا
ياكربلاء أأنت الكرب مبتليا
وانت جرح على الايام نغّار
لا، لاوثيقة حق انت شاهدة
ان في الخليقة اخيار واشرار
ياكربلاء لىيك الخسر منتصر
والنصر منتصر والعدل معيار
وفيك قبر قد حلت زيارته
يهفوا اليه من الاقطار زوّارو
قأين قبر يزيد من يُلم به
غير التراب وفوق الدرب اقذار
بعدها شارك عدد من المتابعين بمداخلات حول الموضوع واثنوا على ثراء الفكر المسيحي عن الحسين عليه السلام .
المصدر: موقع المنار