نوه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ب”رغبة كندا في المساهمة بدعم لبنان وشعبه بعد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت”، معتبرا ان “هذا الدعم هو دليل جديد للعلاقات المتينة التي تجمع بين البلدين والشعبين الصديقين”.
ورحب الرئيس عون ب”المساعدة التقنية التي تنوي كندا تقديمها في التحقيقات الجارية في الانفجار”، التي اكد انها “مستمرة لجلاء ظروف الكارثة التي ضربت لبنان، وان إجراءات ستتخذ بحق من تثبت مسؤوليته عن هذا الحادث”.
شامباين
كلام الرئيس عون جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباين والوفد المرافق، في زيارة نقل فيها تعازي رئيس وزراء كندا جوستان ترودو والشعب الكندي بضحايا الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب الجاري.
وعبر الوزير شامباين عن “تضامن الكنديين مع الشعب اللبناني الصديق في المحنة التي المت به”، واضعا إمكانات بلده “في تصرف لبنان للمساعدة في إزالة اثار الانفجار والمساهمة في ترميم المناطق المتضررة وفي التحقيق الذي تجريه السلطات اللبنانية”. وأوضح ان بلاده التي أرسلت مساعدات فورية الى لبنان، “رفعت قيمة هذه المساعدات الى 30 مليون دولار، وهي جاهزة لتقديم المزيد اذا اقتضت الحاجة”.
ونوه شامباين ب”الدور الذي يلعبه أبناء الجالية اللبنانية في كندا والذين وقفوا الى جانب اخوتهم في لبنان وساهموا في تقديم المساعدات”.
الرئيس عون
ورد الرئيس عون مرحبا بالوزير شامباين، مؤكدا “العلاقات اللبنانية – الكندية المتينة”، وحمله تحياته الى “رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو”، شاكرا “التضامن الذي تبديه كندا مع لبنان في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها”.
كما شكر “المشاركة الكندية في مؤتمر دعم بيروت والشعب اللبناني الذي عقد بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”، ولفت الى ان “الاضرار كبيرة في الممتلكات والمنازل وفي المرفأ وان اكثر من 300 الف عائلة تهجرت من منازلها”، مشيرا الى ان “العمل يجري على اعداد مخطط توجيهي لاعادة اعمار المنازل المتضررة لا سيما الاثرية منها والمدارس وهذا يتطلب جهودا مشتركة لاصلاحها”.
وضم الوفد الكندي المرافق لوزير الخارجية، سفيرة كندا شانتال شاستيناي، مساعدة الوزير ساندرا ماك كارديل والقائم بالاعمال الكندي في لبنان غريغوري غاليكان، وحضر عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة والوزير السابق سليم جريصاتي والمستشاران رفيق شلالا واسامة خشاب.
الوزير الكندي
بعد اللقاء، صرح الوزير شامباين للصحافيين، فقال: “اشكر رئيس الجمهورية لإتاحته الفرصة امامي لنقل التعازي العميقة باسم الشعب الكندي وباسم رئيس الوزراء ترودو، بضحايا المأساة التي حلت بالشعب اللبناني، بالإضافة الى التعازي بالكنديين اللذين خسرا حياتهما في تلك اللحظة الأليمة. تحدثنا عن المستقبل وعما تقوم به كندا لمساعدة شعب لبنان في اطار المساعدات الفورية ومبلغ الـ 30 مليونا الذي قدمته”.
اضاف: “لقد كررت عرضنا بان نكون جزءا من التحقيق الدولي الى جانب الـ اف بي أي والشرطة الفرنسية، وباعتقادي فان كندا باستطاعتها إضافة قيمة الى هذا التحقيق، ليكون تحقيقا ذا مصداقية ويحقق العدالة ويتمتع بالشفافية. وفي الختام تناقشنا بمسألة الامن الغذائي، حيث ان كندا كما الشعب الكندي راغبون في ان يكونوا جزءا من تحقيق هذا الامن للشعب اللبناني”.
وتابع: “ان ما قلته للرئيس عون كان بسيطا، ذلك اننا نريد ان نكون جزءا من عملية إعادة الاعمار واعتقد ان كندا كانت دائما تقف الى جانب لبنان، ونحن لسنا هنا اليوم فحسب بل نريد ان نكون على المدى الطويل وان نستمر في ذلك”، ورأى أن “الإصلاحات يجب ان تكون مترافقة مع دعم دولي وخطوات اصلاحية جدية، ويجب على الحكم ان يكون مفتاح الحل. وأخيرا اريد القول ان الشباب قد قالوا كلمتهم وكذلك النساء كما الشارع، والان لدينا الطريق امامنا حيث يمكننا العمل سويا”، وقال: “انه لامتياز ان أكون هنا وأرغب بان اتقدم بالشكر الى رئيس الحكومة لاستقباله لي ولاستقبال رئيس الجمهورية واستماعه لي أيضا”.
وردا على سؤال قال: “لقد ناقشنا لماذا نريد تحقيقا واعتقد ان الشعب اللبناني اخبرنا ذلك. بحثت مع وزير الخارجية مسألة ماذا والان نريد ان نبحث كيف يكون ذلك، وكيف يمكن ان يسمح لنا بالوصول الى عمق الأشياء، وبان يكون لدينا تحقيق ذو مصداقية يكون كاملا ويسوق مرتكبي الجريمة الى العدالة”.
اضاف: “نحن سنستمر بالعمل على هذا الأساس، وقد تكلمت هذا الصباح الى نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع لضمان ان يكون هناك تفهم لمشاركة الشرطة الملكية الكندية في التحقيق وسنواصل مناقشتنا في الامر. وكما قلت اننا سعيدين جدا للمساهمة في ذلك، وقمنا بذلك كما تعملون في المحكمة الخاصة بلبنان، لكن يجب ان يكون الامر وفق شروطهم. ستكون لنا مساعدتنا ونحن مؤمنون بالشعب اللبناني وبان هذا التحقيق سيصل الى العمق”.
واوضح الوزير شامباين ردا على سؤال آخر: “خلال البحث مع الوزراء ورئيس الجمهورية عرضت الطريقة التي ترغب كندا في المشاركة في التحقيق، والتفاصيل حول كيفية ذلك سيتم تحديدها لاحقا، ولكن من الواضح الان ان هناك شروطا حول العرض الذي تقدمت به لوزير الخارجية ولرئيس الجمهورية والذي تم قبوله. والان علينا تحديد كيف يمكننا القيام بذلك لاننا نريد ان نكون مخلصين للشعب اللبناني الذي يتوقع ان تشارك كندا في التحقيق لانه سيكون ذا مصداقية وشفافا ويصل الى العمق لتحقيق العدالة”.
وعن اكثر الإصلاحات الحاحا المطلوبة من لبنان، قال: “ان ابرز اصلاح مطلوب يقوم على اعتماد مبدأ المحاسبة، وطبيعي ان يمر ذلك عبر اصلاح المؤسسات، كما يعود الى شابات لبنان وشبابه ان يحددوا أي نوع من المجتمع يريدون العيش في ظله. وما تقدمت به الى فخامة الرئيس هو وضع الخبرات الكندية المؤسساتية من قضائية وغيرها بتصرف لبنان. وهذا الصباح عرضنا على سبيل المثال في وزارة الخارجية مسألة تنشئة الجيل الجديد من الدبلوماسيين. وهذا مثال واضح حيث باستطاعة كندا ان تحدث فرقا. وحين يتم اعتماد برنامج صندوق النقد الدولي واطلاق عملية الإصلاح، فإن باستطاعة كندا ان تقدم كل المساعدة التقنية لتحقيق ذلك”.
أضاف: “إننا نضع انفسنا في سياق احداث هذا التغيير، والجميع يؤمن ان المساعدة الدولية يجب ان تترافق بإصلاحات جدية. وانا اشعر بإرادة صلبة في الدخول الى هذه الإصلاحات. وهنا يمكن لكندا ان تحدث الى جانب الشعب اللبناني كافة الفرق المنشود. وتعرفون انه في مؤتمر “سيدر”، جرى الحديث عن اصلاح قطاع الاتصالات والمياه والطاقة والتربية… هذه كلها قطاعات يمكن لكندا ان تلعب فيها دورا إيجابيا، لا سيما في مجال الطاقة، وهذا ما ذكرته لفخامة الرئيس الذي رحب بهذا العرض الكندي، وهو ينظر الى كندا كشريك يمكن الوثوق به وحيادي ويضع نصب عينيه مصلحة لبنان واللبنانيين”.
المديرة العامة للاونيسكو
واستقبل الرئيس عون، المديرة العامة للاونيسكو اودري ازولي التي نقلت اليه تعازي اسرة الاونيسكو بضحايا انفجار المرفأ والاستعدادات التي لدى المنظمة “لدعم لبنان في اصلاح المؤسسات التربوية والمدارس والابنية الاثرية والتراثية التي تضررت بفعل الانفجار”.
وشددت ازولي على “أهمية المحافظة على التراث التاريخي للمنازل المتضررة والمساهمة في إعادة اعمارها وحمايتها”، مبدية الرغبة في “التعاون مع المؤسسات الرسمية اللبنانية التي ستتولى مسألة إعادة اعمار الاحياء المتضررة”.
الرئيس عون
ورد الرئيس عون مرحبا بالسيدة ازولي، شاكرا زيارتها للبنان وتضامنها مع الشعب اللبناني، مقدرا “تعهد الاونيسكو قيادة الجهود لاعادة بناء الثقافة والتراث وتنسيق الاستجابة الدولية في هذا الاطار والاهتمام بإعادة تأهيل المدارس المتضررة ودعم قطاع التعليم وتنسيق الجهود وتقديم الدعم التقني والمادي لوزارة التربية لتطوير التعليم عن بعد (عبر الانترنت) وضمان توافر الوسائل التكنولوجية لجميع الطلاب لتحقيق هذه الغاية في ظل الكورونا”.
وأوضح الرئيس عون ان “الانفجار كان ضخما وبمثابة زلزال والاضرار لحقت بكل القطاعات (الصحة، التعليم، الغذاء، السياحة، إعادة الاعمار) إضافة الى مرفأ بيروت والكثير من المباني دمرت، و200 الف وحدة سكنية تضررت، وان هناك 300 الف نازح لبناني، إضافة الى النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين”.
ولفت الى ان “40% من البنى التحتية في بيروت تضررت بشكل بالغ، وان عدد المباني الاثرية المتضررة بلغ 640 مبنى (اثري 480 – ذات طابع اثري 160) وعدد المناطق التاريخية وذات الطابع الثقافي المتضررة بلغ 8، وتقدر تكلفة إعادة اعمار المباني الاثرية الـ 640 المتضررة 286 مليون دولار أميركي”، واشار الى ان “عدد المؤسسات التعليمية المتضررة بلغ 120 مدرسة و8 جامعات و20 مؤسسة تعنى بالتعليم التقني والمهني وعدد التلاميذ المتأثرين باضرار المؤسسات التعليمية حوالى 63 الف طالب. اما عدد الوظائف المتأثرة في القطاع التربوي (أساتذة – اداريين) فتفوق 6 الاف، كذلك تم تحويل عدد من المدارس الى مأوى ما قد يعرقل بدء العام الدراسي”.
واكد رئيس الجمهورية ان “الحاجة كبيرة لان يدعم المجتمع الدولي لبنان، ليس فقط في الشق الإنساني ولكن أيضا في الشق التنموي”، لافتا الى ان “لبنان لن يستطيع ان ينهض من دون دعم المجتمع الدولي”.
وشكر الرئيس عون السيدة ازولي على دعمها انشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” وقال: “نعول على التعاون والتنسيق معكم ومع الاونيسكو في سبيل إنجاح هذه المبادرة المهمة لتعميم ثقافة الحوار والسلام في لبنان والمنطقة، وقمنا بتخصيص ارض مساحتها 100 الف متر مربع لاستقبال هذه الاكاديمية في منطقة الدامور”.
وضم الوفد المرافق للسيدة ازولي المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، مدير مكتب المديرة العامة نقولا كاسيانيديس، مساعدة ازولي في قطاع التربية ستيفاني جيانيني ومدير مكتب الاونيسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية وممثل الاونيسكو في لبنان الدكتور حمد بن سيف الهمامي. وحضر عن الجانب اللبناني الوزير السابق سليم جريصاتي والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير والمندوبة الدائمة للبنان لدى الاونيسكو السفيرة سحر بعاصيري والمستشارون العميد بولس مطر ورفيق شلالا واسامة خشاب.
السفير الروسي
وفي قصر بعبدا ايضا، السفير الروسي الكسندر زاسبكين الذي اجرى مع الرئيس عون جولة افق، تناولت التطورات السياسية الراهنة وموقف القيادة الروسية منها، إضافة الى مواضيع تهم العلاقات اللبنانية -الروسية.
وأوضح السفير زاسبكين ان بلاده “تتابع عن كثب المستجدات في لبنان وتدعم كل ما يعزز الوحدة الوطنية فيه”.
برقيات تعزية وتضامن
على صعيد آخر، تلقى الرئيس عون المزيد من برقيات التضامن والتعزية بضحايا انفجار المرفأ من عدد من قادة الدول، ابرزهم، رئيس نيكاراغوا دانيال اورتيغا، ورئيس الغابون علي بونغو اونديمبا ورئيس جمهورية ساوتومي وبرنسيبي ايفاريستو دو اسبيريتو سانتو كارفالو.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام