اعتبر سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة أن ما يقوم به التكفيريون من أعمال وحشية يستهدفون بها الجميع ويقتلون الجميع.. وأن على الجميع أن يتوحد في مواجهتهم واستئصالهم.
وقال: لم يعد يجوز الصمت أو الوقوف وقوف المتفرج على المجازر التي يرتكبها التكفيريون الإرهابيون بحق الأبرياء والتي لن يكون أخرها المجزرة المهولة التي ارتكبتها أيدي الإجرام في عصابات داعش الإرهابية في عيد الأضحى المبارك، وما رافقها من مشاهد فظيعة للذبح والسلخ والتمثيل بالأجساد، والإساءة إلى النفس الإنسانية.
وأشار الى إن هذه الأفعال الوحشية لم يعد ينفع معها كل كلمات الإدانة وبيانات الاستنكار، كما لم يعد ينفع مع الجماعات الموغلة في الحقد والإجرام سوى الحرب والقتال والمواجهة في الميدان، حتى استئصال بذور الشر من النفوس والقلوب والعقول, وقطع يد الفتنة والقتل والإجرام.
ورأى أن الصمت الذي يلف العالم الإسلامي، دولاً وحكومات وهيئات ومنظمات وجمعيات وعلماء ونخب ثقافية وغير ثقافية ، والتخاذل والتبرير وعدم اتخاذ موقف كبير وجاد ضد القَتَلَة المتوحشين، هو بدوره اشتراك في هذه الجرائم الفظيعة التي يندى لها جبين الإنسانية.
ولفت الى أن النظام السعودي هو من يتحمل المسؤولية الكبرى عن ظاهرة التكفير وعما ترتكبه الجماعات التكفيرية الإرهابية من جرائم, لأنه هو من سمح للمفتي العام السعودي بتكفير المسلمين والتحريض عليهم ووصفهم بالمجوس وبأوصاف غير أخلاقية, وبذلك فإن هذا النظام يتبنى رسمياً الترويج للتكفير، خصوصاً وأن الكتب المدرسية في السعودية تعلم الأطفال الصغارعلى تكفير المسلمين وتحرضهم ضد من يختلفون معهم، إضافة إلى الى عدد كبير من الفضائيات المدعومة من السعودية والتي تبث الكراهية وتحرض على الفتنة، واضافة الى سيل من الفتاوى التي يطلقها ما يسمى علماء بلاد الحرمين الشريفين والتي تدعو إلى تكفير المسلمين،وبالتالي: فإن النظام السعودي هو المسؤول أولاً وأخيراً عن ظاهرة التكفير ووباء التكفير الذي بات يهدد العالم، خاصة وأن هذه الفتاوى استباحت دماء وأعراض وأموال كل الناس، مما أدى إلى استشعار كل الأمم بخطر هذه الفتاوى إلاّ إسرائيل التي تصفق وحدها اليوم لمشايخ الوهابية وفتاواهم، لأن هذا النهج يناسب اسرائيل ويفرحها, لأنه يشعل بلدان المسلمين بالفتن والحروب، ويغرق الشعوب بالجرائم والدماء وهذا ما تريده اسرائيل.
نص الخطبة
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67.
يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة هو يوم الغدير، وهو اليوم الذي نصّب فيه رسول الله (ص) علياً إماماً وولياً وخليفة للمسلمين في احتفال جماهيري حاشد حضره مئة وعشرون الفاً من المسلمين – حسب بعض الروايات- الذين وفدوا من كل حدب وصوب وحجّوا مع رسول الله (ص) فيما عرف بحجّة الوداع، حيث توقف النبي (ص) بعد انتهاء مراسم الحج في طريق العودة الى المدينة قبل أن يتفرق الناس الى بلدانهم في منطقة تسمى غدير خم, وأعلن أمام حشود المسلمين قائلا: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأدر الحق معه حيثما دار.
وقد جُعل هذا اليوم عيداً كبيراً للمسلمين بل هو عيد الله الاكبركما في بعض الروايات، لأن به أكمل الله الدين، و فيه أتم النعمة على المسلمين ورضي لهم الاسلام دينا. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة/3 .
و لم يكن الاعلان عن ولاية علي (ع) في يوم الغدير هو الاعلان الوحيد الذي أطلقه رسول الله (ص) بولاية علي (ع) بل إن هذا الاعلان جاء تتويجاً رسمياً لسلسلة من المواقف والاعلانات والتصريحات التي أكد فيها النبي (ص) في مناسبات كثيرة إمامة علي (ع) و خلافته من بعده.
كما لم يكن اختيار علي (ع) بالذات من بين كل الصحابة الكبار لهذا المنصب الالهي بسبب قرابته من الرسول (ص) و مصاهرته إياه, بل لأن علياً (ع) أكمل مخلوق بعد رسول الله في هذا الوجود، وأجدر وأكفأ انسان لهذا المنصب، وهو الذي لازم رسول الله (ص) منذ صغره، وتربى في حجره، واكتسب من علمه واخلاقه، فكان أول الناس اسلاماً، وأكثر الناس علماً ومعرفة، وأفضل الناس خبرة وتجربة، وأعظم الناس صدقاً واخلاصاً، وأبرز الناس جهاداً و تضحية و عطاءا.
و بالرغم من أنه كان معروفا بكل هذا التاريخ الحافل بالإيمان والإخلاص والصدق والعلم والجهاد والعطاء والتضحيات والخبرة والتجربة، بحيث لم يكن يضاهيه احد من صحابة رسول الله (ص) في ذلك.. وقف البعض من الناس في وجه رسول الله (ص) مباشرة ليمنعه من الاعلان عن امامة علي (ع) من بعده، وشوشوا على رسول الله (ص) عندما أراد أن يعلن في يوم عرفة وفي منى قبل غدير خم عن ولاية علي (ع) وعن ان الائمة من بعده اثنا عشر إماما كلهم من بني هاشم, شوشوا وأحدثوا ضجيجاً وفوضى حتى لا يسمع الناس كلام رسول الله وما يقوله في خلافة علي(ع) وإمامة بنيه وولده من بعده.
وكانت قريش هي من قام بهذا التشويش, وهي من منع النبي من الاعلان عن ولاية علي (ع) امام الحجاج قبل الغدير, لكن عندما أصرّ النبي(ص) في غدير خم على اعلان ذلك, خصوصاً بعد نزول آية ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) رضخت قريش مؤقتا, ثم عادت ووقفت بوجه خلافة علي(ع) بعد وفاة رسول الله ومنعته من السلطة.
لقد وقفت قريش التي حاربت الاسلام في كل مراحله الاولى, حاربته في بداية ظهوره, وحاربته عندما كان لايزال ضعيفاً في مكة, وحاربته حتى بعد أن قوي وبدأ ينتشر ويتوسع، وقفت معارضة اعلان رسول الله (ص) ولاية علي(ع) وخلافته من بعده، ومنعت بعد رسول الله (ص) علياً(ع) من تولي الخلافة واغتصبت حقه.
ولذلك نجد أمير المؤمنين [عليه الصلاة والسلام] نفسه، يحمل قريشاً مسؤولية إبعاده عن السلطة واغتصاب حقه, ومسؤولية كل ما حصل له ولأصحابه والمخلصين له بعد وفاة النبي [صلى الله عليه وآله] ، وما نشأ عن ذلك من فتن, وخلاف, وتقاتل, وتناحر، وتمزق في جسم الأمة, وانحراف عن خط الإسلام وعن مفاهيمه وأحكامه..
يقول [عليه السلام] في نهج البلاغة: اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي..
وعنه صلوات الله وسلامه عليه: ما رأيت منذ بعث الله محمداً رخاء، لقد أخافتني قريش صغيراً، وأنصبتني كبيراً، حتى قبض الله رسوله، فكانت الطامة الكبرى.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا وقف هؤلاء بوجه رسول الله(ص) وعارضوا الإعلان عن ولاية علي(ع) الى حد أنهم ضجوا وأحدثوا الفوضى عندما أراد النبي أن يعلن ذلك ؟
لماذا انحرف المسلمون عما رسمه النبي(ص) لمستقبل الرسالة ومنعوا علياً(ع) من تولي الخلافة بعد وفاة رسول الله(ص) ولم يقبلوا به بالرغم مما سمعوه من النبي(ص) في غدير خم وفي غيرها ؟
الجواب: هناك أسباب كثيرة إلا أن أهمها ثلاثة أسباب:
الاول: حب الدنيا, وحب السلطة بكل ما تحمل من امتيازات ومصالح وطموحات وآمال , فتكتل قريش كان يريد السلطة له وليس لأحد من بني هاشم, وقد قال عمر لابن عباس، وهو يتحدث عن سبب صرف الأمر عن علي (عليه السلام): كرهت قريش أن تجمع لكم النبوة والخلافة، فتجفخوا الناس جفخاً (أي تتكبروا عليهم) فنظرت قريش لأنفسها، فاختارت، ووفقت، فأصابت.
وحب الدنيا يجعل ضعاف الإيمان يتمردون على أوامر الله ويعصون الله! فكيف لا يتمردون على رسول الله ويعصونه ويخالفونه في أمر يعتبرونه أنه يمس بمكانتهم ومستقبلهم السياسي؟
السبب الثاني: بغضهم لعلي وحقدهم عليه.. فلديهم تجاه علي أحقاد متراكمة, لأنه قتل آباءهم وكبارهم ورموزهم في بدر وأحد وغيرها.
فقد سئل الإمام السجاد [عليه السلام] ـ وابن عباس أيضاً: ما أشد بغض قريش لأبيك؟!.قال: لأنه أورد أولهم النار، وألزم آخرهم العار.
وقال عمر لابن عباس، وهو يتحدث عن سبب صرف الأمر عن علي (عليه السلام): والله، ما فعلنا الذي فعلنا معه عن عداوة، ولكن استصغرناه، وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب، وقريش؛ لما قد وترها.
وعن ابن عباس: قال عثمان لعلي (عليه السلام): ما ذنبي إذا لم يحبك قريش، وقد قتلت منهم سبعين رجلاً، كأن وجوههم سيوف الذهب.
السبب الثالث: الحسد , حسدهم لعلي(ع) على ما آتاه الله من نعمه وألطافه, وعلى ما خصه به رسول الله(ص), فقد كانت لعلي عند رسول الله(ص) مكانة لم ينلها أحد من أصحاب رسول الله الكبار, فحسدوه لشدة احتضان رسول الله له، وتعظيمه إياه، وما قاله في حقه مما يدل على رفعة شأنه، وعلو مكانته، وما اختصه به من مصاهرته وأخوّته، ونحو ذلك.
يقول ابن عباس في كلام له مع عثمان: فأما صرف قومنا عنا الأمر، فعن حسد ـ قد والله ـ عرفته، وبغي ـ والله ـ علمته بيننا وبين قومنا.
وخطب أبو الهيثم بن التيهان بين يدي أمير المؤمنين علي [عليه السلام]، فقال: إن حسد قريش إياك على وجهين:
أما خيارهم فتمنوا أن يكونوا مثلك منافسة في الملأ، وارتفاع الدرجة, وأما شرارهم فحسدوك حسداً أنغَل القلوب، وأحبط الأعمال. وذلك أنهم رأوا عليك نعمة قدَّمك إليها الحظ، وأخَّرهم عنها الحرمان، فلم يرضوا أن يلحقوك حتى طلبوا أن يسبقوك. فبعدت ـ والله ـ عليهم الغاية، وأسقط المضمار. فلما تقدمتهم بالسبق، وعجزوا عن اللحاق بك بلغوا منك ما رأيت، وكنت والله أحق فريش بشكر قريش.
والحسد عندما يعشعش في قلب الانسان يجعل الانسان يتجاوز كل القيم والاخلاق والحدود لينفس عن أحقاده وعما في داخله.
كل هذه الأسباب وغيرها جعلت هؤلاء يتجاوزون ما رسمه النبي(ص) ويخالفون أوامره ويقفزون فوق كل النصوص الواضحة والصريحة في خلافة علي(ع) من بعده.
ومع ذلك كله فقد قرر علي (ع) أن يجمّد مطالبته بحقه بالخلافة لأنه كان يريد أن يحفظ الاسلام ويحفظ وحدة المسلمين, وكان يخشى إن هو تحرك وطالب بحقه وواجه الذين تسببوا بابعاده أن تحدث فتنة تكون فيها نهاية الاسلام والرسالة.. لقد سكت علي(ع) لمّا رأى راجعة النّاس قد رجعت عن الإسلام, ورأى كيف أن الناس بدأوا يرتدون عن الاسلام ويدعون إلى محق دين محمّد(ص)، قال(ع): «فخشيت إن أنا لم أنصرِ الإسلامَ وأهلَه، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السّراب، أو كما يتقشّع السّحاب، فنهضت في تلك الأحداث، حتى زاح الباطل وزهق، واطمأنّ الدين وتنهنه»، وهو الّذي قال(ع) أيضاً: «لأسلمنّ ما سلمتْ أمورُ المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلا عليَّ خاصّة».
ولذلك، نتعلّم من عليّ(ع) كيف نحفظ الاسلام وكيف نحافظ على الوحدة الإسلاميّة، ونتعلم من علي(ع) كيف نتحاور مع من نختلف معه لمصلحة الاسلام وحفاظاً على وحدة المسلمين، وكيف نجتمع مع من نختلف معه في سبيل حفظ الإسلام وفي مواجهة التحدّيات التي تعصف اليوم بالأمّة ولا تفرّق بين مذهبٍ وآخر، ولا بين مسلمٍ ومسلم, ولا بين انسان وانسان.
اليوم ما يقوم به التكفيريون من أعمال وحشية لا يفرقون فيها بين سني وشيعي ولا بين عربي وغيرعربي هم يستهدفون الجميع, ويقتلون الجميع, وعلى الجميع أن يتوحد في مواجهتهم واستئصالهم.
لم يعد يجوز الصمت أو الوقوف وقوف المتفرج على المجازر التي يرتكبها التكفيريون الإرهابيون بحق الأبرياء والتي لن يكون أخرها المجزرة المهولة التي ارتكبتها أيدي الإجرام في عصابات داعش الإرهابية في عيد الأضحى، وما رافقها من مشاهد فظيعة للذبح والسلخ والتمثيل بالأجساد، والإساءة إلى النفس الإنسانية.
إن هذه الأفعال الوحشية لم يعد ينفع معها كل كلمات الإدانة وبيانات الاستنكار. لم يعد ينفع مع هذه الجماعات الموغلة في الحقد والإجرام سوى الحرب والقتال والمواجهة في الميدان، القتال حتى النهاية وحتى استئصال بذور الشر من النفوس والقلوب والعقول وقطع يد الفتنة والقتل والإجرام.
إن الصمت الذي يلف العالم الإسلامي، دولاً وحكومات وهيئات ومنظمات وجمعيات وعلماء ونخب ثقافية وغير ثقافية ، والتخاذل والتبرير وعدم اتخاذ موقف كبير وجاد ضد القَتَلَة المتوحشين، هو بدوره اشتراك في هذه الجرائم الفظيعة التي يندى لها جبين الإنسانية, وهو لا يقلّ خطورة عن الجريمة نفسها، ويحمّل الجميع المسؤولية الشرعية والأخلاقية أمام الله وأمام المجتمع والتاريخ.
إن النظام السعودي هو من يتحمل المسؤولية الكبرى عن ظاهرة االتكفير, وعما ترتكبه الجماعات التكفيرية الإرهابية من جرائم, لأنه هو من سمح للمفتي العام السعودي بتكفير المسلمين والتحريض عليهم ووصفهم بالمجوس وبأوصاف غير أخلاقية, وبذلك فإن هذا النظام يتبنى رسمياً الترويج للتكفير، خصوصاً وأن الكتب المدرسية في السعودية تعلم الأطفال الصغارعلى تكفير المسلمين وتحرضهم ضد من يختلفون معهم، إضافة إلى عدد كبير من الفضائيات المدعومة من السعودية والتي تبث الكراهية وتحرض على الفتنة، واضافة الى سيل من الفتاوى التي يطلقها ما يسمى علماء بلاد الحرمين الشريفين والتي تدعو إلى تكفير المسلمين، وبالتالي فإن النظام السعودي هو المسؤول أولاً وأخيراً عن ظاهرة التكفير ووباء التكفير الذي بات يهدد العالم، خاصة وأن هذه الفتاوى استباحت دماء وأعراض وأموال كل الناس، مما أدى إلى استشعار كل الأمم بخطر هذه الفتاوى إلاّ إسرائيل التي تصفق وحدها اليوم لمشايخ الوهابية وفتاواهم، لأن هذا النهج يناسب اسرائيل ويفرحها, لأنه يشعل بلدان المسلمين بالفتن والحروب، ويغرق الشعوب بالجرائم والدماء وهذا ما تريده اسرائيل.
المصدر: خاص