أقامت نقابة الممرضات والممرضين عند الساعة السادسة و6 دقائق من مساء اليوم، في حديقة بلدية سن الفيل، لقاء تكريميا لشهيدات الواجب الوطني اللواتي سقطن في انفجار مرفأ بيروت وفي مواجهة وباء كورونا، شهيدات مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي: جيسيكا بزجيان، ميراي جرمانوس، جيسي قهوجي داوود، لينا أبو حمدان، شهيدة مستشفى الوردية جاكلين جبرين، شهيدة فوج الإطفاء سحر فارس، وشهيدة مستشفى الزهراء الجامعي في مواجهة فيروس كورونا زينب حيدر.
شارك في اللقاء الى نقيبة الممرضات والممرضين الدكتورة ميرنا أبي عبدالله ضومط، نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف ابو شرف، كما حضر كل من نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة المهندس سليمان هارون، نقيب المهن البصرية احمد شري، نقيب المعالجين الفيزيائيين الدكتور ايلي قويق، نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي وممثل قائد فوج اطفاء بيروت العقيد نبيل خنكرلي الملازم أول بلال بيتموني وكل الطواقم التمريضية في المؤسسات الصحية على كل الأراضي اللبنانية. وقدمت اللقاء مديرة نقابة الممرضات والممرضين نتالي ريشا.
معلوف
استهل اللقاء بالنشيد الوطني فدقيقة صمت إجلالا لأرواح شهيدات الواجب المهني، ثم ألقت مديرة التمريض في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي وفاء معلوف كلمة قالت فيها: “نحن الممرضات والممرضون مهنيون ملتزمون. ولذلك، فإن الرعاية الصحية هي تلبية نداء للواجب ورسالة نلتزم بها. التضحية بالذات هي من أسس مهنة التمريض. والممرضات بطبيعتهن معطاءات وعطوفات يسعين بالعلم والخبرة لحماية حياة الآخرين ولمساعدة من لا يستطيع مساعدة نفسه. نستمع لمرضانا، نتفاعل معهم، نشعر بألمهم، نداوي جراحهم، نطمئن عن حالهم، نهتم بهم جسديا ونفسيا”.
ووجهت “تحية إكبار للذين، رغم كل الصعاب تفانوا في عملهم وكانوا في الخطوط الأمامية يخدمون مرضى الكورونا حتى فقدان الذات”، وقالت: “لكل حادثة أبطالها وشهداؤها، وكارثة 4 آب وما سبقها من عواقب جائحة الكورونا أدى إلى استشهاد 7 من الطاقم التمريضي. إنه لَوقت حزين أليم. دموع، ذكريات أليمة متلاحقة وسريعة تغرس في أرواحنا. نبكي دما، نتألم من جمرة تحرق قلوبنا وأرواحنا وما من بلسم”.
وختمت : “نتطلع إلى العلياء نستجدي الرحمة والغفران. ممرضاتنا شهيدات الواجب أبطال، لكنهن أيضا ضحايا الإهمال.أرواح حلوة ونفوس طاهرة، ستبقى ذكراهن العطرة في وجداننا”.
أبو شرف
واعتبر ابو شرف في كلمة ألقاها باسم نقابات المهن الحرة والمهن الصحية أن “ما من كلمة تعكس صورة الرابع من آب، إنه معمودية تغسل هامات المختارين ضحايا وقرابين، ممرضات وممرضين. الرابع من آب ، إنه الموت لتعز الحياة وتطيب بالشهادة الاصيلة، في لبنان الصغير بأرضه الكبير بتاريخه، المالىء الدنيا بطموحه، الصامد بقيمه ورسالته وإرادة بنيه المطلقة في البقاء ووحدتهم الوطنية الصحيحة المتينة ماتوا لنحيا متحدين يجمعنا إيمان واحد بالله ولبنان وليظل الضمير حيا فينا”.
أضاف :” في البال صورة جميلة عن الممرضة هي صورة باميلا زينون التي انتشرت على مختلف وسائل الاعلام يوم الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت، وتظهر تلك الصبية البطلة بلباسها الازرق، تحتضن بكل الحب ثلاثة رضع، فوق الدماء والحطام والزجاج المتناثر في كل مكان، وتدور بهم من مستشفى الى آخر حتى اوصلتهم الى بر الامان”.
وتابع: “صورة اخرى عن الممرضات والاطباء يهتمون بالمصابين بفيروس كورونا، تاركين عائلاتهم، ومضحين بحياتهم للوقوف الى جانب المرضى، ومساندتهم في محنتهم في اصعب اوقات حياتهم. وماذا في المقابل؟ معاش زهيد، وتقاعد هزيل، وغياب الضمانات وملاحقات قضائية”.
وأردف: “من هنا علينا أن نقف الى جانبهم ليقفوا الى جانبنا، وإلا فالهجرة هي الباب الوحيد، وقد فتح اليوم، وهاجر العديد من الزملاء والزميلات، اطباء وممرضات. وهذه كارثة بحد ذاتها للبلد. علينا العمل معا اطباء وممرضات، وعلى الدولة الواجب الاكبر، في بث الروح في الجسم الاستشفائي والطبي والتمريضي، مهنيا حقوقيا وعمليا. لنا حقوق على الدولة والمجتمع وخصوصا لناحية الحماية الاجتماعية والقانونية. وقد رفعت نقابة الاطباء اقتراحي قانون في هذا المجال الى مجلس النواب ننتظر مناقشتهما ونأمل اقرارهما”.
وسأل ابو شرف: “متى نستفيق على وطن مدني بعيد عن قيود الطائفية؟ كلما ركنـا الى قليل من الراحة، جاءت ضربة جديدة لتفتح شهية الفاسدين وتستغل وجع المواطنين. متى تقوم قيامتنا بالسيادة والامن والاخلاق والكرامة والصلاح ؟ متى نصبح بلدا قويا في وجه العواصف ؟ متى نرى قضاء يحاسب الفاسدين والناهبين وتجار الفتن والحروب والويلات؟”
وختم: ” إن لبنان اليوم ينادي، على تعدد مشكلاته مطالبا بأربع: سيادة لبنان، قضاء عادل فعال، وضع القول موضع العمل للاصلاح ، وإيقاف الهجرة، كي نبني لبنان جديدا في دولة أساسها الحق والعدل والمحبة، وجدرانها الكفاية والنظام والقانون، وسقفها الحرية والاستقرار والازدهار. قدرنا أن نظل نقاوم رياح اليأس، ونحلم بوطن آخر بعيد عن الذين أكلوا تعب الناس وخيراته”.
ابي عبد الله
ثم تحدثت نقيبة الممرضات والممرضين الدكتورة ميرنا ابي عبد الله ضومط فقالت: “لم أكن أتصور أن أقف في يوم من الأيام هذه الوقفة الحزينة والوجدانية لأكرم جيسيكا وميراي وجيسي وجاكلين ولينا وزينب وسحر، اللواتي غبن عنا بالجسد وبقين معنا بالروح، اللواتي دفعن حياتهن أثناء تأديتهن المهنة التي أقسمن اليمين أن يمارسنها بكل إخلاص وتفاني وأمانة. رحلن بلباسهن الأبيض الى عالم آخر وتركننا نكمل الدرب في عالم يلفه السواد والحزن والألم؛ تعزيتنا الوحيدة إأنهن استشهدن كي لا يتركن الإنسان يموت والمريض يموت ونحن مكملين من أجل الإنسان والمريض والمجتمع”.
وأشارت الى أن “التمريض يدفع الثمن غاليا لأنه يقوم بواجبه المهني في الصفوف الأمامية، ويقوم بعمل جبار وبطولي من أجل الإنسان والمجتمع معتبرة أن استشهاد جيسي قهوجي داوود، جيسيكا بزجيان، ميراي جرمانوس لينا ابو حمدان، جاكلين جبرين وشهيدة فوج الإطفاء سحر فارس والشهيدة التي قضت في مواجهة فيروس كورونا زينب حيدر، سيكون منارة تضيء طريق المهنة وفي كل مرة تواجهنا الصعاب لكي نكمل بإرادة أقوى وخطوات ثابتة”.
وإذ عاهدت الشهيدات بإكمال الرسالة ومتابعة المسيرة، اشارت الى أن “الدماء لن تذهب هدرا بل ستتحول الى أمل وإيمان ورجاء وعزم”. وطالبت ب”إجراء تحقيق فوري وعادل وشفاف يؤدي الى تحديد المسؤوليات ومحاسبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت”، معتبرة أنه ب”المحاسبة وبالقضاء العادل والنزيه يمكن إعادة بناء الوطن وأن العدالة فقط هي التي تبلسم جراح أهالي الشهيدات”.
ووجهت تحية “للطواقم التمريضية التي لبت النداء لنجدة المصابين والجرحى في ظروف صعبة ومأساوية”.
وفي الختام تم توزيع دروع تذكارية لأهالي الشهيدات تلاه كلمات معبرة للأهل والأقارب.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام