ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 13-08-2020 في بيروت على العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي..
الأخبار
الحريري: هذه شروطي
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “فعلياً، لم تنطلق عملية التفاوض على اسم رئيس الحكومة المقبلة. المشاورات لا تزال في بدايتها، لكنها تصب كلها في اتجاه عودة سعد الحريري. والأخير لديه شروطه. داخلياً، يريد أن يكون مطلق اليدين في التأليف والحكم، وخارجياً لا يعنيه سوى ضوء أخضر سعودي متعذر حتى اليوم.
فشلت ١٤ آذار في مسعاها لإفقاد مجلس النواب مشروعيته الطائفية، فانهار تحالف وليد جنبلاط وسمير جعجع سريعاً. العامل الفرنسي كان كابحاً لتحالف هدفه إجراء انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة. سمير جعجع قال إنه قد لا يدخل الى الحكومة لأنه لا يريد مواجهة الشارع، وهو أصلاً يعاني اليوم بسبب رفضه الاستقالة من المجلس النيابي. أما جنبلاط فيبدو مستعداً لأي تسوية تحفظ مكانته، وهو عاد خطوة الى الخلف بإبلاغه الرئيس نبيه بري أنه لا يريد مواجهة مع حزب الله.
لكن مع إقفال ملف الانتخابات النيابية المبكرة، بدأ بعض ١٤ آذار يركز على معركة أخرى، هي معركة استجداء التدخل الدولي في التحقيق في كارثة مرفأ بيروت، من خلال عريضة مجهولة المصدر، موجّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وتدعوه فيها إلى تولّي التحقيق بدلاً من القضاء اللبناني. وكذلك تدعو إلى العمل على تأليف حكومة حيادية تتولى إدارة ما بعد الأزمة، إضافة إلى الوضع المالي في لبنان.
مطلب التحقيق الدولي يبدو، بحسب مصدر متابع، تصعيداً، الغاية منه تحسين شروط هذه القوى في المفاوضات الحكومية المقبلة، وهي لا تجد لذلك سبيلاً إلا من خلال التخلّي عن السيادة، في إطار تأكيد الحرص عليها!
بالنسبة إلى رئيس الجمهورية الأمر واضح ومحسوم. سبق أن أكد حفظ السيادة القضائية للدولة اللبنانية. وقد أعلن أن الحكم لا يصدر إلا باسم الشعب اللبناني، من دون أن يعني ذلك عدم الحصول على المعونة التقنية والتحقيقية من أي دولة في العالم. وهو ما بدأ تنفيذه بالفعل، حيث يعاون خبراء من تركيا وروسيا وفرنسا (غطاسون وخبراء متفجرات وأدلة جنائية) المحققين اللبنانيين.
باختصار، وعلى ما تؤكد مصادر معنية: لن تتكرر تجربة المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، التي أقرت بمرسوم اشتراعي تخطى مجلس النواب الذي يحق له وحده إقرار المعاهدة وتخطى رئيس الجمهورية الذي تشكل المفاوضات لإبرام الاتفاقيات إحدى وظائفه.
ماذا كانت النتيجة؟ بعيداً عن الكلفة المالية، فقد كلّفت المحكمة الدولية التي تصدر قرارها في ١٨ الجاري، ١٥ عاماً من الانتظار والتسييس والاستغلال. ولهذا، تستحق السيادة القضائية للبنان أن تعطى فرصة، مع إبقائها تحت مجهر الرقابة، وبالتعاون مع أي دولة يمكن أن تفيد التحقيق. لكن هذا يتطلب أولاً جدية أكبر في التعامل مع التحقيق، وإعلام الرأي العام بالاستنتاجات الأولية التي خلص لها، والأهم إبعاد اسم المحقق العدلي عن الصراعات السياسية.
إلى ذلك، مرّ يوم أمس بطيئاً في الملف الحكومي. لم يحصل أي تقدم، باستثناء إكمال الرئيس الفرنسي مروحة اتصالاته الداخلية والخارجية المتعلّقة بلبنان. إيمانويل ماكرون اتصل بالرئيس الإيراني حسن روحاني، مؤكداً ضرورة أن يكفّ كل الأطراف المعنيين عن التدخل الخارجي في لبنان ودعم تأليف حكومة جديدة». ثم اتصل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فسمع منه تشديداً روسياً على ضرورة تسوية جميع المسائل الخلافية في لبنان من قبل اللبنانيين أنفسهم على أساس حوار بناء، من دون أي تدخل خارجي.
فرنسا، تبدو مصرّة على برنامج جامع، لكنها بدأت بشيء وهي الآن تقول شيئاً مختلفاً. هي تريد الحريري، لكنها تريد توافقاً عاماً عليه داخلياً وخارجياً. وقد أبلغت من يهمّهم الامر في لبنان وخارجه أن مهمة الحكومة الجديدة «منع الانهيار المالي والاقتصادي»، موضّحة أنه لا يوجد على جدول أعمالها أي بنود أخرى، مثل ملف سلاح حزب الله. يقول الفرنسيون إنهم أقنعوا الاميركيين بخطأ مقاربتهم السابقة القائمة على مبدأ العزل والخنق، وإنهم يسعون الى نيل تفويض أميركي بإدارة مختلفة «لمنع سقوط لبنان كله بيد حزب الله».
الإيرانيون، الذين يستعدون لاستقبال الرئيس الفرنسي، بعثوا الى من يهمهم الامر، بصورة مسبقة، بالثوابت التي تقول إن على ماكرون والآخرين التوجه إلى بيروت والتفاوض هناك، وما يقبل به حزب الله ستقبل به ايران. أما النقطة الثانية، فهي ان ايران ترفض ربط اي ملف إقليمي بمشكلتها مع الغرب، وهي لن تساوم في هذا المجال ولن تكون جاهزة لاي مقايضة. بينما ينقل غربيون عن مسؤولين ايرانيين انهم مستعدون لتسهيل مهمة تأليف حكومة وحدة وطنية لا تكون أداة لضرب المقاومة.
الاتصالات التي يجريها ماكرون مع الداخل اللبناني، وصلت أمس إلى النائب جبران باسيل. تباحثا في «آخر التطورات والسبل الآيلة إلى متابعة المبادرة والجهد الذي يقوم به الرئيس الفرنسي بخصوص الأزمة اللبنانية».
مصادر رفيعة في التيار الوطني الحرّ أكدت «أننا نريد حكومة تلتزم بوضوح بالاصلاحات وبالانتاجية، والتجربة بيّنت أن سعد الحريري ليس عنواناً لا للاصلاح ولا للانتاجية»، ولذلك «لسنا مهتمين بالمشاركة في اي حكومة يرأسها، مع التزامنا بالمساعدة والتسهيل». وفيما أفادت مصادر بأن رئيس الجمهورية ميشال عون غير متحمّس لتسمية الحريري، قالت مصادر التيار لـ«الأخبار» إن عون «يريد إنهاء السنتين الأخيرتين من عهده بتحقيق إصلاح حقيقي، وليس واضحاً كيف يمكنه ذلك بوجود من يريد حماية حاكم مصرف لبنان والميدل ايست وكل مواقع الشبهات في البلد». وشدّدت على أن الحريري «ليس في موقع من يضع الشروط، بل من توضع عليه شروط»، و«إذا ما قبلنا به فسيكون ذلك من ضمن شروط، ومن دون مشاركة في حكومة يرأسها. في الحكومة السابقة لم نشارك لكننا منحنا الثقة. ويمكن الآن ألا نشارك ولكن من دون ثقة». ولفتت الى أن «هناك امكانية للاتفاق على اسم يوحي بالثقة للجميع على رأس الحكومة. والفرنسيون مهتمون بجمع أسماء يمكن أن تكون مقبولة. واذا كنا لم نعترض على اسم نواف سلام، فهذا يعني ان هناك مروحة واسعة من الأسماء تحته يمكن أن نوافق على واحد منها».
وأكّدت المصادر أن الفرنسيين «لم يطالبوا بحكومة وحدة وطنية بمعنى الحكومات المتعارف عليها في لبنان، بل بحكومة تفاهم وطني يتفق كل الأطراف على اسم رئيسها وعلى برنامجها، وتتضمّن أسماء توحي بالثقة. كما انهم غير متمسكين بالحريري على رأسها، خصوصاً أن لديهم ملاحظات كثيرة على أدائه ربطاً بقلة انتاجيته في تنفيذ ما اتفق عليه في سيدر، من دون أن يعني ذلك أن لديهم فيتو على اسمه إذا ما كان محل اتفاق». كما أنهم «يبدون اهتماماً كبيراً بموضوع الاصلاحات، مع تركيز أساسي على عمل مصرف لبنان وعلى رياض سلامة الذي يبدو بوضوح أن لا غطاء فرنسياً له».
بالنتيجة، وبالرغم من أن الأيام الماضية شهدت ارتفاع أسهم نواف سلام لرئاسة الحكومة، قبل أن تعود وتنخفض على وقع فيتو من حزب الله، فإن سعد الحريري لا يزال المرشّح الأبرز لرئاسة الحكومة. وهو لا يألو جهداً في التواصل مع الفرنسيين لإقناع الأميركيين بإقناع السعوديين لدعم عودته إلى الحكومة. لكن من جهتهم، يستمر السعوديون في التزام الصمت. يستمعون إلى عروض من طامحين ومرشّحين لرئاسة الحكومة، لكنهم يعتقدون أنه يجب عدم المبالغة في تصوير المشروع الفرنسي. وهم يؤكدون أن أي حكومة يجب أن تستبعد حزب الله كلياً حتى تحظى بدعمهم السياسي والمالي. لا يضعون فيتو على أحد، لكنهم لم يعلنوا ترحيبهم بأحد وخصوصاً الحريري. والاكيد ان التواصل بين الحريري الرياض مقطوع تماماً.
الإمارات تجاري السعودية في موقفها، لكنّها تعتقد أنه يمكن التحرك على مستويات دنيا، والاهم مواجهة مساعي تركيا وقطر للدخول إلى الساحة اللبنانية من خلال مقترحات دعم اقتصادية، خصوصاً فكرة التعاون التركي – القطري لإعادة بناء واستثمار مرفأ بيروت وطرابلس وصيدا ايضاً.
بالنسبة إلى الأميركيين، فإنهم يعبّرون عن استعداد لمغادرة المقاربة السابقة. لكنهم لم يبدلوا في وجهتهم، وهم يعتقدون أن الوقت مناسب للقيام بمزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية على لبنان بغية إلزام حزب الله بتغيير وجهته. كما يبدون استعدادهم للقيام بخطوات أو فرض عقوبات لإجبار حلفاء الحزب على ممارسة الضغوط عليه لاجل التنازل في ملف تأليف الحكومة وأن لا يكون له أي تمثيل فيها، إضافة إلى الإصرار على بندي ترسيم الحدود وتوسيع عمل قوات اليونيفيل في الجنوب.
إلى أن تتضح صورة الخارج، فإن الحريري يكرر أنه لا يرفض العودة الى رئاسة الحكومة، ولكن له شروطه المباشرة، والتي تقوم على الآتي:
– تأييد كامل من القوى المحلية على تكليفه وعلى تركه يؤلف الحكومة من تلقاء نفسه، بحيث يكون هو من يختار الوزراء، مع مراعاة مصالح القوى الكبيرة، لكن من دون أن يكون توزيع الحقائب والمهام على ذوق القوى الاخرى.
– تأييد خارجي وضمانات بعدم عرقلة عمل حكومته وعدم وضع بنود أو مهام لا تقوى عليها، بحيث تكون مهمتها محصورة بعملية إصلاح اقتصادي شامل.
– أن يكون الدعم الخارجي مصحوباً ببرنامج مساعدات مالية واضح وكافٍ للقيام بالإصلاحات، على أن تتولى الدول الممولة الاشراف على عملية الانفاق، وخصوصاً في ما يتعلق بالمشاريع الكبيرة مثل الطاقة المياه والبنى التحتية.
– إنه مستعد لتسوية تسمح له بحرية العمل مقابل استعداده لعدم خوض الانتخابات النيابية المقبلة. وهو مستعد للتفاهم مع الرئيس نبيه بري على آلية تعاون مختلفة بين الحكومة ومجلس النواب. كما أنه لا يريد أي صدام مع حزب الله على أي ملف داخلي، ويريد من الحزب أن يراعيه، سواء في تأليف الحكومة أم في إدارة الملفات الاساسية.
وحدهم المصريون حسموا أمرهم باكراً. أبلغوا سعد الحريري، ثم بقية القوى السياسية في البلاد، أنهم يؤيدون عودته الى رئاسة الحكومة. وطلبوا من الآخرين تسهيل مهمته من خلال تركه يقترح تركيبة بنفسه لا تستفز أحداً لكنها تناسب طريقته في العمل. وأكثر من ذلك، قال المصريون إنهم مستعدون، فور تأليف الحكومة، لعقد اتفاق مباشر مع الحكومة وليس مع أي شركات خاصة لبناء محطة كهرباء في الزهراني مع ضمان توفير حاجتها من الغاز لسنوات عدة، ووفق اتفاق مالي يناسب لبنان.
اللواء
مفاوضات دولية – إقليمية لتمرير الحكومة.. وماكرون يضغط لبنانياً
هيل في بيروت للقاءات موسعة.. والتحقيقات تشمل الوزراء غداً بانتظار الإتفاق على المحقق العدلي
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “وراء «الدمار اللبناني» المروع، الذي تتكشف فصوله يوماً بعد يوم، بعد انقضاء تسعة أيام على وقوع الانفجار في مرفأ بيروت، الذي اودى بحياة اكثر من 171 مواطناً وإصابة أكثر من 6500 شخص بجروح، وفقدان العشرات، وتدمير جزء من مباني بيروت التاريخية وتحطيم واجهات المحلات التجارية والمقاهي والفنادق والعمارات الجديدة، تجري اتصالات دولية وإقليمية ومحلية، في ظل تقاطر الوفود الدولية والعربية إلى بيروت، لتقديم التعزية، وتقديم ما يلزم من مساعدات في المجالات كافة.. من أجل بلورة تفاهم «دولي – إقليمي» حول ترتيبات إعادة بناء ما تهدم، وضمان الاستقرار اللبناني، وإعادة تحريك الاقتصاد، وتوفير ما يلزم من اعانات وإغاثات.
وقالت مصادر سياسية انه في مرحلة «جسّ النبض»، القوى اللبنانية تلعب على حافة إضاعة فرصة الدعم الدولي.. فهي تلعب بورقة الحكومة على طريقة إخفاء المواقف الحقيقية وتبادل الحرب الإعلامية على هذا الصعيد.
ولئن كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يقود مشاورات دولية لنزع الألغام من امام تأليف حكومة جديدة، لا سيما عبر الاتصال مع المسؤولين الإيرانيين، وطلب المساعدة الروسية، والتنسيق مع العواصم العربية الداعمة للاستقرار وإخراج لبنان من محنته، كشفت تقارير إعلامية من طهران ان خط المشاورات الأميركية – الإيرانية في سلطنة عمان عاد إلى العمل، من زاوية الحد من فرض حظر جديد على التسلّح الإيراني، وكذلك العمل على العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.
لكن مصادر دبلوماسية غربية أعربت عن خشيتها من تباطؤ أو تعثر التفاهم الأميركي – الإيراني، ان مباشرة أو بالواسطة (عبر ماكرون، أو وسطاء عرب، أو حتى الجانب الروسي). وأوضحت المصادر ان التفاوض الأميركي – الإيراني يتناول وضع لبنان كجزء من منظومة قضايا المنطقة، والتدخلات الإيرانية مباشرة أو بالواسطة في عدد من عواصم المنطقة.
وعليه، فإن التطورات اللبنانية رهن الحركة الدولية، التي يفترض ان تؤتي أكلها قبل مجيء ماكرون مجدداً إلى بيروت في 1 أيلول المقبل. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الإتصالات حول الملف الحكومي لم تتضح معالمها بعد. واشارت الى ان المشاورات تجرى بعيدا عن الأضواء وفي العلن لافتة الى ان من يرصد اللقاءات التي تعقد يتيقن ان الملف فيه اخذ وعطاء، وان هذه الحركة تأتي تمهيدا للاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس للحكومة يكلف تشكيل الحكومة.
وقالت المصادر ان المشاورات ضرورية قبل الأستشارات تفاديا لأي مشكلة تصيب التأليف فضلا عن ضمان تشكيل سريع للحكومة في هذه الفترة موضحة انه سيصار الى بلورة المواقف بعد مشاورات الكتل النيابية لاسيما في ما خص هوية الرئيس المكلف وشكل الحكومة وكل ما يتصل بها. وقالت ان المؤكد هو ان لا استشارات نيابية هذا الأسبوع ولكن ليس معروفا ما اذا الموعد يحدد الأسبوع المقبل.
ولفتت المصادر الى ان هناك موفدين يعملون على خط الملف الحكومي وليس خافيا ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من بينهم مؤكدة انه حتى الآن الجو ميال الى حكومة وحدة وطنية بمعنى انه الخيار الأكثر تداولا حتى وان كانت كل الإحتمالات الأخرى مفتوحة. ويتضح المشهد بالنسبة للمحور الحاكم، مع حلول مساء أمس، مع كلمة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي وإن كانت كلمته لمناسبة انتهاء حرب تموز 2006، فإنه سيتطرق إلى ما حدث، والشأن الحكومي والموقف من التحركات الدولية لمساعدة لبنان.
وفي حين تؤكد المعلومات ان هناك اصراراً دولياً على تشكيل الحكومة الجديدة في مهلة اقصاها اسبوعين على ابعد تقدير، تلفت في المقابل الى ان مهمتها ستقتصر على ادارة الازمة الاقتصادية فقط واجراء الاصلاحات واعادة الاعمار ومواجهة كورونا اضافة الى تحضير قانون انتخابي جديد، وهذه المعلومات تتطابق مع ما تروج له جهات داخلية وازنة في البلد من ان ادارة الازمة السياسية لن تتولاها هذه الحكومة انما «حكومة ظل» اذا صح التعبير سوف تكون مؤلفة من اقطاب اساسيين في الداخل وجهات دولية برعاية فرنسية مباشرة لتحضير تسوية سياسية شاملة لمرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون واجراء انتخابات نيابية جديدة على اساس قانون انتخابي غير طائفي.
وإذا كان «الثنائي الشيعي» يعطي الأولوية لإعادة تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، فإن مصادر دولية، تؤكد أن الشخصية المستقلة المطروحة لترؤس حكومة جديدة، تتقاطع فيها رؤية المجتمع الدولي، والمطالب الوطنية بعد كارثة دمار بيروت، هي القاضي في محكمة العدل الدولية، وسفير لبنان السابق في الأمم المتحدة نواف سلام..
وأفاد مسؤول سياسي رافضاً الكشف عن اسمه، «فرانس برس» عن توجّه عام «لتشكيل حكومة جامعة»، لافتاً الى «توافق بين الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط على تسمية سعد الحريري». وقال إن حزب الله «لا يمانع في عودة الحريري». لكن مصدراً مطلعاً، يرجح بقوة ان يكون سلام «كاظمي لبنان» (في إشارة إلى رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي) الذي تدعمه الولايات المتحدة الأميركية وقبلته طهران.
وإذا كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خارج التركيبة الجديدة، يجزم قيادي بارز في الثنائي الشيعي ان «لا حكومة من دون حزب الله»، مؤكدا ان كل التسويات الدولية التي تتولاها فرنسا والتي تقول بتمثيل الحزب بشكل غير مباشر في الحكومة الجديدة مرفوضة ولا يمكن السير بها.
ولكن بحسب معلومات مصادر دبلوماسية، فان الفرنسيين طرحوا مؤخرا حلا وسطا بين المطلب «الاميركي- العربي» بعدم تمثيل الحزب في الحكومة الجديدة وبين رفض الثنائي اية حكومة من هذا النوع، فحواه تمثيل الحزب بوزراء مقربين منه ولكن غير محسوبين عليه بشكل مباشر كوزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن، وتقول المعلومات ان هذا الطرح لم يلق تجاوبا بعد. ورشح السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبكين الرئيس سعد الحريري لترؤس الحكومة.
اتصالات ماكرون اللبنانية
دولياً، واصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصالاته الدولية والإقليمية واللبنانية. واتصل ماكرون بالنائب جبران باسيل للتباحث بالملف الحكومي، حيث أبلغه انه مع تسهيل مهمة ولادة الحكومة، ومن المفيد ان تكون فاعلة وقادرة على تحقيق الإصلاحات، بصرف النظر عن شكلها. كما أجرى ماكرون اتصالاً مع د. جعجع، استمر نصف ساعة تناول مرحلة ما بعد استقالة الحكومة، وكرر جعجع دعوته لحكومة محايدة، وجديدة وشفافة.
هيل ليومين
وسط ذلك، أعلنت السفارة الأميركية في بيروت أن وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل يزور لبنان في الفترة ما بين 13 و 15 آب وسيعبر عن تعازيه للشعب اللبناني على خسائره جراء الانفجار المدمر الذي وقع في بيروت في 4 آب. وأكدت ان هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية بمساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة وإعادة بناء حياتهم.
وفي الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب سيؤكد وكيل الوزارة هيل على الحاجة الملحة لتبني الإصلاح الاقتصادي والمالي والإصلاحي الأساسي، والقضاء على الفساد المستشري، وتحقيق المساءلة والشفافية، وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة. وأضافت السفارة، أن هيل سيؤكد استعداد أميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب وتلتزم التزامًا حقيقيًا بأجندة الإصلاح هذه وتعمل وفقًا لها.
مساعدة ألمانية
واستمر مجيء الشخصيات الدولية الداعمة والمعزية إلى لبنان.. واستقبل الرئيس عون بعد ظهر أمس وزير خارجية المانيا الاتحادية هيكو جوزف ماس، الذي نقل تعازي المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل بضحايا انفجار المرفأ. وكشف الوزير الالماني ان مؤتمر باريس أظهر تضامن المجتمع الدولي مع لبنان..
وقال إن بلاده سارعت إلى تقديم المساعدات العاجلة إلى لبنان سواء من خلال الصليب الاحمر اللبناني أو من خلال طواقم حضرت إلى بيروت وفرق إنقاذ، لافتاً إلى ان مبلغ العشرين مليون يورو الذي قدمته ألمانيا، ستليه مساعدات أخرى لدعم الاقتصاد اللبناني. واوضح أن شركة سيمنز التي رافق رئيس مجلس ادارتها الوزير ماس في زيارته، قررت تقديم مولدين للطاقة بقوة 80 ميغاوات لتأمين التيار الكهربائي لمدة سنة مجاناً إلى أكثر من 65 ألف نسمة، وتقدر كلفة هذا العمل بـ45 مليون يورو وأشار إلى أن المعدات اللازمة ستصل إلى بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة ليتم تركيبها في المناطق المنكوبة.
واثناء جولة في مرفأ بيروت حيث وقع الانفجار، قال ماس ان لبنان يحتاج إلى حكومة يمكنها محاربة الفساد وتنفيذ الإصلاحات. وقال الوزير هايكو ماس «من المستحيل أن تبقى الأمور على ما كانت عليه… المجتمع الدولي مستعد للاستثمار لكنه يحتاج ضمانات لهذا الاستثمار. من المهم وجود حكومة تكافح الفساد». وتابع «الكثيرون في أوروبا مهتمون كثيرا بهذا البلد. يريدون إصلاحات اقتصادية وحكما رشيدا هناك. أيا كان من سيتولى المسؤولية في لبنان سيكون عليه القيام بالكثير».
الجلسة اليوم استقالات.. لا استقالات
يعقد مجلس النواب قبل ظهر اليوم جلسة نيابية لمناقشة قرار مجلس الوزراء إعلان حالة الطوارئ وهي الجلسة التي كانت مخصصة لمساءلة الحكومة قبل إعلان استقالتها. ومن المقرّر ان تبدأ الجلسة بتلاوة كتب الاستقالة للنواب مروان حمادة، سامي الجميل، نديم الجميل والياس حنكش، بولا يعقوبيان، هنري حلو، نعمت افرام وميشال معوض.
فبحسب النظام الداخلي للمجلس عندما يقدم نواب استقالة خطية يتم التعاطي مع هذه الاستقالة وفق الية نص عليها عدد من المواد. فالمادة ١٦ في الفصل الخامس المخصص للاستقالة في النظام الداخلي تنص على ان النائب يستقيل من النيابة بكتاب خطي صريح يقدم إلى رئيس المجلس، لكن ان وردت الإستقالة مقيدة بشرط تعتبر لاغية.
وبالتالي اذا لم تكن هذه الاستقالة مقيدة بأي شرط، تقبل وبحسب المادة ١٦ يعلم رئيس المجلس المجلس بالاستقالة من خلال تلاوته لكتاب الإستقالة في أول جلسة علنية تلي تقديمها وتعتبر الإستقالة نهائية فور أخذ المجلس علماً بها. بالموازاة تعطي المادة ١٨ من النظام الداخلي النائب المستقيل حق الرجوع عن استقالته بكتاب خطي يقدم إلى رئيس المجلس قبل أخذ المجلس علماً بها وتعتبر الإستقالة كأنها لم تكن.
بعد ذلك يشرع المجلس لمناقشة قرار الحكومة المستقيلة إعلان حالة الطوارئ، إذ انه واستناداً إلى نص المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي 52/67 على مجلس النواب ان يجتمع للنظر بهذا التدبير في مهلة 8 أيام من تاريخ اتخاذه والا تعتبر حالة الطوارئ بحالة الملغية.
وسيطلع المجلس على التدبير وماذا شملت حال الطوارئ من صلاحيات أعطيت للقيادة العسكرية. وعشية الجلسة، ناشد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الإسراع لسحب الاستقالة من قبل النواب الذين قدموها، حتى لا ينفرد المجلس بقرارات مصيرية، إذا انسحبت «القوى السيادية» على حدّ تعبيره..
وكشف ان نواب «الجمهورية القوية» لن يحضروا الجلسة اليوم، كاشفاً ان تراجع المستقبل و«التقدمي» عن الاستقالة الجماعية، جعل «القوات» لا تقدّم منفردة على هذه الخطوة.. وزار وفد قواتي رئيس الكتائب سامي الجميل، لاقناعه بسحب نواب الكتائب استقالتهم.. وكشف النائب نهاد المشنوق في مؤتمر صحفي عقده في منزله أمس ان الرئيس ماكرون أجرى اتصالات برؤساء عدد من الكتل، متمنياً التريث بتقديم استقالاتهم.
التحقيقات
على صعيد التحقيقات، يستمر التجاذب بين القوى السياسية، فمع تمسك قوى 14 آذار (المستقبل، اللقاء الديمقراطي، كتلة القوات اللبنانية) وتأكيد كتلة «حزب الله» ان الوصول إلى الحقيقة يكون عبر التحقيق الوطني العادل، وإنزال أشدّ العقوبات بالمتورطين مهما علا شأنهم.. يستمع القضاء بدءاً من يوم غد إلى عدد من الوزراء السابقين والحاليين الذين وقع مرفأ بيروت في نطاق مسؤولياتهم. وقال مصدر قضائي ان المحامي العام لدى محكمة التمييز القاضي غسّان خوري «سيبدأ الجمعة (غداً) التحقيق مع وزير الأشغال السابق غازي العريضي، على أن يستدعي الأسبوع المقبل وزراء الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس وميشال نجار (حكومة تصريف الأعمال)، بالإضافة إلى عدد من وزراء المال والعدل السابقين».
وأوضح المصدر أنّ «استجواب الوزراء يأتي في سياق تحديد المسؤوليات، وحصرها بالأشخاص الذين أهملوا أو تجاهلوا خطر إبقاء المواد المتفجرة في المرفأ، من إداريين وأمنيين وعسكريين وقضاة وسياسيين». واستجوب القاضي خوري أمس عشرة ضبّاط من الجيش اللبناني وأمن الدولة والجمارك العاملين في المرفأ، بالإضافة إلى عدد من الإداريين في جهاز الجمارك، وقرر تركهم رهن التحقيق. ولا يزال قرابة عشرين شخصاً، بينهم المدير العام الحالي للجمارك بدري ضاهر والسابق شفيق مرعي، بالإضافة إلى مدير مرفأ بيروت حسن قريطم. وأخذ المحققون الفرنيسون عينات من تربة المرفأ لفحصها، في إطار التحقيقات الجارية.
وفي سياق رسمي، ذكرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية انها وفور تبلغ الرئيس عون تقرير أمن الدولة قام المستشار العسكري والأمني لرئاسة الجمهورية باعلام الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع في رئاسة مجلس الوزراء بهذا التقرير لاجراء اللازم، علما ان الأمين العام للمجلس قد تبلغ بدوره نص التقرير وفقا للأصول على ما افاد في بيانه التوضيحي بتاريخ 8/8/2020 وأحاله الى المراجع المختصة.
المحقق العدلي
وكما في مختلف الملفات، وفي اليوم الثاني لاحالة جريمة المرفأ إلى المجلس العدلي، حال التجاذب بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ومجلس القضاء الأعلى دون الاتفاق على اسم القاضي الذي اقترحته سامر يونس، ورفضه المجلس، فراسلته طالبة تبرير الرفض. وليلاً، عقد اجتماع في مكتب وزيرة العدل المستقيلة شارك فيه أعضاء من مجلس القضاء الأعلى للاتفاق على اسم المحقق العدلي.
الصحة الدولية والحاجة إلى 76 مليون دولار
وفي إطار المساعدات، قالت أمس منظمة الصحة العالمية إنها طلبت مساعدات للبنان بقيمة 76 مليون دولار بعد انفجار المرفأ. وقال مسؤولون من منظمة الصحة في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت إن الانفجار عطل ثلاثة مستشفيات عن العمل وجعل ثلاثة مستشفيات أخرى تعمل بجزء من طاقتها وخفض عدد الأسرة في المستشفيات العامة والخاصة بما يتراوح بين 500 و600 سرير.
وقالت رنا حجية مديرة قسم الأمراض المعدية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط إنه بعد أسبوع من وقوع الانفجار، ما زالت المنظمة تشعر بالقلق على صحة وسلامة من أصيبوا ومن فقدوا أحبائهم أو أصبحوا بلا مأوى وتتوقع أن يدوم الألم النفسي جراء الانفجار لفترة أطول بكثير. وأضافت أن المنظمة قلقة بشكل خاص من عودة كوفيد-19 في لبنان وإنها أطلقت مناشدة للحصول على 76 مليون دولار وتطلب من المجتمع الدولي دعم الشعب اللبناني وإظهار التضامن معه بكل الأشكال الممكنة.
وقال ريتشارد برنان مدير الطوارئ الإقليمي بالمنظمة إن فقد أسرة مستشفيات «له تداعيات واضحة على التعامل مع كوفيد وغيره من الحالات المرضية». وأضاف أن النتائج الأولية لتقييم شمل 55 عيادة ومركزا للرعاية الصحية في بيروت أظهرت أن أكثر من نصفها لا يعمل والباقي يعمل بمستويات متباينة.
7413
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 292 إصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 7413، وذلك خلال الـ24 ساعة الماضية، مع تسجيل حالتي وفاة.
البناء
خلاف مجلس القضاء ووزيرة العدل يعطّل المجلس العدليّ… والتحقيق لاستجواب الوزراء
ماكرون مع روحانيّ هاتفياً… ويواكب مبادرته مع القيادات اللبنانيّة… ونصرالله يطلّ غداً
الاستقالات النيابيّة أمام المجلس… وجعجع يدعو للتراجع عنها… والحريري لا يزال متردداً
صحيفة البناء كتبت تقول “كشفت مصادر متابعة لمسار التحقيق الذي سيصبح في عهدة المجلس العدلي بعد حسم الخلاف بين مجلس القضاء الأعلى ووزيرة العدل حول تسمية المحقق العدلي، عن سيناريو يسعى المحققون لاختباره كفرضية، يقوم على التساؤل عما إذا كان الإهمال سبباً كافياً لتفسير التغاضي عن وجود كمية من المتفجّرات بهذه الخطورة، تشغل موقعاً حساساً بمساحة تجارية ضخمة دون فائدة، لهذه المدة الطويلة، والفرضية تقوم على وجود مصالح لبعض المسؤولين ترتبط بحفظ هذه المواد مقابل عائدات غير مشروعة تسدّدها جهات مستفيدة ذات علاقة بالجماعات الإرهابية في لبنان وسورية، أو عائدات بيع هذه المواد لأصحاب المقالع والكسارات والمتاجرة بها، وينبثق عن هذه الفرضية تساؤل جنائيّ عما إذا كان للتقارير الأمنيّة التي حركت الملف نحو قرار بحرقها لمنع فضيحة ظهور النقص اللاحق بالكميّة، من دون تقدير ما سينتج عن الحريق، وقالت المصادر إن إستجواب وزراء الأشغال والمال والعدل يهدف لتحديد المسؤوليات، لكنه سيظهر حجم جدية المسؤولين عن حفظ المواد في السعي للتخلص منها أم أنهم كانوا يفعلون ذلك عبر مراسلات مبرمجة لرفع العتب فقط.
بالتوازي مع المسار القضائي الذي ينتظر أن يغادر محطة الانتظار اليوم بحسم اسم المحقق العدلي، سجل المسار السياسي نشاطاً ملحوظاً تمثل بالاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، والتي شكل الاتصال بالرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني أهمها، حيث الاعتراف بدور إيران الإقليمي كشريك في التسوية اللبنانية ينطلق من محاولة باريس لإقفال الأبواب أمام الدور التركي، بينما سجلت اتصالات ماكرون اللبنانية التي شملت الجميع تقريباً تصويباً على الدعوة للانتخابات المبكرة، ودعوة لحكومة يتوافق عليها الجميع ولا تشكل في تسمياتها ومهامها ربحاً لأحد أو خسارة لأحد، وكانت أولى نتائج اتصالات ماكرون تراجع نواب القوات اللبنانية عن الاستقالة، وتولي رئيسها سمير جعجع دعوة النواب المستقيلين للعودة عن استقالاتهم ترجمة لمضمون الطلب الفرنسي، تفادياً لتثبيت هذه الاستقالات في جلسة مجلس النواب اليوم الذي سيتبلغ بالاستقالات لتصبح نافذة، ويفتح الباب لانتخابات فرعية في الدوائر التي شغرت فيها مقاعد نيابية، حيث يتوقع أن تبادر القوات اللبنانية لترشيح مَن يخلف أغلب النواب المستقيلين وتسديد الضربة الأخيرة لحزب الكتائب تحت شعار منع الخصوم من ملء الفراغ.
في المسار السياسيّ لا تبدو إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً فرصة لقول الكثير عن الشؤون الداخلية، وهي مخصصة لذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، بينما لا يزال التشاور قائماً حول شكل الحكومة المقبلة وشخص رئيسها بينما لا يزال الرئيس الحريري في دائرة التردّد، بغياب موقف سعودي مشجع.
خلاف «العدل» و«القضاء»
وفيما بقيت مشاورات تأليف حكومة جديدة في دائرة عمليات جس النبض بين القوى السياسية والقوى الخارجية المؤثرة في الساحة اللبنانية ولم تنتقل الى العمق، برزت مؤشرات قضائية سلبية ستنعكس على مصير التحقيق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، وذلك بعد اندلاع خلاف بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ومجلس القضاء الأعلى حول تعيين المحقق العدلي في القضية.
وقد أرسلت نجم أمس، إلى مجلس القضاء الأعلى المرسوم الذي يتضمن اسم المحقق العدلي في انفجار المرفأ. معتبرة أن «الاسم (سامر يونس) الذي اخترته هو بالنسبة لي قاضٍ متحرّر من السياسيين والقضاة والأجهزة الأمنية». لكن مجلس القضاء الأعلى بحسب المعلومات رفض اقتراح وزيرة العدل بتعيين يونس محققاً عدلياً لقربه من طرف سياسي. وبقي مجلس القضاء الأعلى مجتمعاً حتى وقت متأخر من ليل أمس للبحث بتعيين محقق آخر، وقد انتقل عدد من أعضاء المجلس الى مكتب وزيرة العدل وعقدوا اجتماعاً مطولاً للبتّ بهذا الأمر.
وكشفت معلومات أخرى أنه «يتم التداول باسم القاضي فادي عقيقي لتعيينه محققاً عدلياً»، علماً أن تعيينه فيه مخالفة قانونية، إذ لا يحق لقاضي تحقيق أو لهيئة اتهامية النظر في قضية سبق لها النظر فيها كنيابة عامة لكونها سبق وأعطت موقفاً.
مصادر مطلعة رأت في الخلاف بين وزارة العدل ومجلس القضاء بداية لعرقلة التحقيق لأن التحقيق في المجلس العدلي لا يكتمل إلا بتعيين محقق عدلي، موضحة لـ»البناء» الى أنه «وبعد إحالة القضية الى المجلس العدلي لا يحق للمحاكم العادية (المدنية والعسكرية) ولا للاستثنائية النظر بها». وأعربت المصادر عن خشيتها أن يؤدي «هذا الخلاف الى عرقلة التحقيقات ما يمنح الذريعة للمطالبين بالتحقيق الدولي لا سيما أن المجلس العدلي كمحكمة عدلية لا يمكنه البت بالقضية إلا بعد تعيين محقق عدلي الذي يعين باتفاق بين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى».
وزراء الأشغال والنقل للتحقيق…
وفي غضون ذلك، استكمل المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري التحقيقات في ملف انفجار المرفأ واستمع الى عدد من الضباط في كافة الأجهزة الأمنية من المسؤولين في مرفأ بيروت وذلك في ثكنة الريحانية.
وبعدما شملت التحقيقات عدداً من قادة الأجهزة الأمنية، يتابع القاضي خوري تباعاً الاستماع إلى عدد من الوزراء السابقين والحاليين، الذين وقع مرفأ بيروت في نطاق مسؤولياتهم، لاستجوابهم حول تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12، وفق ما أفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس». وقال المصدر إن خوري، «سيبدأ الجمعة التحقيق مع وزير الأشغال والنقل السابق غازي العريضي، على أن يستدعي الأسبوع المقبل وزراء الأشغال والنقل السابقين، غازي زعيتر، ويوسف فنيانوس، وميشال نجار (حكومة تصريف الأعمال)، بالإضافة إلى عدد من وزراء المال والعدل السابقين».
أما في التحقيقات الميدانية فاستمرت عمليات المسح لمسرح التفجير وتجميع بقايا المواد المنتشرة في المكان ودراسة الفرضيّات كافة من ضمنها العمل العدواني الاسرائيلي او الارهابي، وعلمت «البناء» من مصادر معنية في الملف أن «التحقيقات لم تظهر حتى الآن أي دليل على أن التفجير ناتج عن عمل إرهابي ومدبّر»، كاشفة أن «عمليات المسح في القطر الدائري للتفجير والتي أجراها خبراء ومحققون أمنيون لبنانيون وأوروبيون (ايطاليون وفرنسيون وهولنديون) لم يتم العثور على أي بقايا لصاروخ أو لغم أو صاعق تفجيري». مشيرة الى أنه تم التأكد من وجود مستودع للمفرقعات النارية قرب العنبر رقد 12 حيث تخزن حاويات الأمونيوم ووجدت بقايا هذه المفرقعات في مسرح التفجير». إلا أن مصادر تساءلت عن التأخير بالردّ الفرنسي على طلب رئيس الجمهورية من ماكرون تزويد لبنان بصور الأقمار الصناعية للتأكد من وجود حركة عسكرية جويّة إسرائيلية أثناء التفجير وفوق المرفأ!
واطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير المخابرات العميد طوني منصور على المراحل التي قطعتها عمليات رفع الأنقاض وانتشال الضحايا في مرفأ بيروت، وأعمال الإغاثة وتلقي المساعدات من الدول العربية والأجنبية، وتوزيعها، بالإضافة الى الأوضاع الأمنية.
كما أعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية رداً على ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي حول تبلغ الرئيس عون تقرير المديرية العامة لأمن الدولة بتاريخ 20-07-2020 عن وجود كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم في أحد عنابر مرفأ بيروت، «أنها وفور تبلغ الرئيس عون التقرير المذكور قام المستشار العسكري والأمني بإعلام الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع في رئاسة مجلس الوزراء بهذا التقرير لإجراء اللازم، علماً أن الأمين العام للمجلس قد تبلغ بدوره نص التقرير وفقاً للأصول على ما أفاد في بيانه التوضيحي تاريخ 08-08-2020 وأحاله الى المراجع المختصة». وأكدت المديرية العامة أن رئاسة الجمهورية حريصة كل الحرص، أن يأخذ التحقيق القضائي العدلي مداه الكامل وفق النصوص المرعية مستعيناً بكل الخبرات التي يراها لتبيان الحقيقة الكاملة عن الانفجار وظروفه والمسؤولين عنه على المستويات كافة».
مشاورات لجس النبض
على صعيد المشاورات السياسية في ملف تأليف الحكومة، أفادت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن «كل الاتصالات حتى الآن لم تتعدَّ عمليات جس نبض الأطراف الداخلية لبعضها البعض، وجس نبض القوى الخارجية للأطراف الفاعلة في التكليف والتأليف لا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر ومدى استعدادهما لتسهيل التأليف»، مشيرة الى أن «كل ما يقال عن تسوية أو أسماء او صيغ للحل مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة. ومن المبكر الحديث عن اسم لترؤس الحكومة بانتظار التشاور الداخلي والمباحثات الأميركية الفرنسية السعودية التي تحصل لمحاولة بلورة صيغة موحدة للحكومة المقبلة».
واعتبرت المصادر أن لا اتفاق على شيء حتى الساعة باستثناء توافق الجميع على ضرورة تأليف حكومة جامعة ومنتجة، مضيفة أن «الرئيس سعد الحريري مرشح جدي، لكونه يرأس كتلة نيابية لكن لم يتم طرح أسماء علماً أن هناك موانع لعودة الحريري الى السرايا الحكومية لم تذلل حتى الآن».
ولفتت مصادر بيت الوسط أن «الرئيس الحريري ليس متمسكاً برئاسة الحكومة وهو يضع شروطاً لذلك أولها ان تكون حكومة مستقلة عن الأحزاب». واضافت المعلومات أن مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم دخل على خط اتصالات تكليف رئيس للحكومة وتشكيلها بناء لتكليف رسمي. وأشارت إلى أن “الثنائي الشيعي أمل وحزب الله يريد حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريريّ، لكن الأخير الذي يعتبر الاوفر حظا حتى اللحظة، يريد ضمانات لتشكيل حكومة من فريق عمل يعمل على الإنقاذ”. وبحسب المعلومات فقد أبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري الأميركيين باسم ثنائي أمل وحزب الله “عدم موافقتهما على اسم السفير السابق نواف سلام لتأليف الحكومة”.
وقالت أوساط متابعة للملف الحكومي لـ”البناء” إن “المفاوضات التمهيدية لتأليف حكومة جديدة مع أطراف فاعلة في الداخل حققت ثلاثة أهداف: عدم تصوير استقالة حكومة الرئيس حسان دياب على أنه نصر لفريق وهزيمة لفريق آخر، استبعاد الأسماء “الحربية” لحزب الله كنواف سلام، استبعاد الأسماء المستنفزة والنافرة وهذا ربما يستبعد الرئيس الحريري والنائب جبران باسيل.
وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد أجرى أمس، سلسلة اتصالات بقيادات سياسية لبنانية، شملت اتصالاً بالنائب باسيل حيث تباحثا فيه في آخر التطورات والسبل الآيلة الى متابعة المبادرة والجهد الذي يقوم به الرئيس الفرنسي بخصوص الأزمة اللبنانية. وأفادت المعلومات أن “اتصال ماكرون بباسيل كان مطولاً وإيجابياً وتمّ البحث في الملف الحكومي حيث تم الاتفاق على أهمية تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على تحقيق الإصلاحات المنشودة بصرف النظر عن شكلها”، وبحسب المصادر، أكد باسيل انه “سيكون مسهلاً لولادتها”.
وفي موازاة الوساطة الفرنسيّة، تستمرّ الولايات المتحدة الأميركيّة بسياسة فرض العقوبات المالية، حيث كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركيّة نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تحضّر لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين كبار ورجال أعمال.
ولفتت الصحيفة أنّ انفجار مرفأ بيروت سرّع جهود واشنطن لفرض عقوبات على “زعماء حلفاء لحزب الله”، مضيفةً أنّ واشنطن تهدف من خلال معاقبة أشخاص مختارين بعناية تشكيل حكومة جديدة. أشارت إلى أن “أحد حلفاء حزب الله الرئيسيين الذين يريد المسؤولون الأميركيّون فرض عقوبات عليه هو جبران باسيل”. وتابعت: “واشنطن كانت تدرس فرض عقوبات على سياسيين ورجال أعمال مقربين من جبران باسيل وسعد الحريري”.
وشملت مروحة اتصالات الرئيس الفرنسي نظيره الإيراني حسن روحاني، حيث حذر ماكرون من “أي تدخل خارجي في لبنان”. وذكر ماكرون “بضرورة أن تتجنب، كل القوى المعنية، أي تصعيد للتوتر وكذلك أي تدخل خارجي، ودعم تشكيل حكومة مهمتها إدارة الأزمة الطارئة”، وفق ما جاء في بيان للرئاسة الفرنسية. وعلمت “البناء” أن مسؤولاً روسياً رفيعاً سيزور لبنان خلال الأسبوعين المقبلين للوقوف الى جانب لبنان وتقديم كافة أشكال الدعم للبنانيين بعد تفجير المرفأ.
هيل في بيروت
إلى ذلك، أعلنت السفارة الأميركية في بيروت أن وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل يزور لبنان في الفترة ما بين 13 و15 آب وسيعبر عن تعازيه للشعب اللبناني على خسائره جراء الانفجار المدمّر الذي وقع في بيروت في 4 آب. وأكدت أن هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية بمساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة وإعادة بناء حياتهم.
وفي الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب سيؤكد وكيل الوزارة هيل على الحاجة الملحة لتبني الإصلاح الاقتصادي والمالي والإصلاحي الأساسي، والقضاء على الفساد المستشري، وتحقيق المساءلة والشفافية، وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة. وأضافت السفارة، أن هيل سيؤكد استعداد أميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب وتلتزم التزامًا حقيقيًا بأجندة الإصلاح هذه وتعمل وفقًا لها.
وبحسب مصادر مطلعة لـ”البناء” فإن “زيارة هيل تهدف الى جس نبض القوى السياسية ومدى استعدادها لحل الملفين الحكومي والنفطي لا سيما حزب الله، وبالتالي هي زيارة تمهيدية للدبلوماسي الاميركي دايفيد شينكر الذي ربما يزور لبنان أواخر الشهر الجاري أي قبيل زيارة ماكرون الى لبنان التي ستكون الحاسمة على صعيد هذه الملفات”.
نصرالله
وفيما سيتزامن وجود هيل في لبنان مع إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء غدٍ، من المتوقع بحسب ما علمت «البناء» أن يأخذ الحديث عن الصراع بين المقاومة والعدو الإسرائيلي ومعادلات الرد والمحكمة الدولية والوضع في سورية الحيز الاكبر من كلمة السيد نصرالله، على أن يتناول موضوع استقالة الحكومة وطبيعة المرحلة المقبلة ومتطلباتها وكيفية الخروج من الأزمة بتأليف حكومة جديدة، وسيردّ على الاتهامات التي طالت مسؤولية الحزب بتفجير المرفأ ويتطرق الى التحقيقات الجارية من دون الغوص في التفاصيل بانتظار صدور الإشارات الأولى لنتائج التحقيقات».
على صعيد آخر، تفاعلت قضية وجود مواد خطرة في معمل الزوق الكهربائي. فبعد إعلان بلدية المنطقة أنها أرسلت كتاباً لقيادة الجيش لإبلاغها في الأمر، اشارت مصادر اعلامية أن «قيادة الجيش لم تتلق رسمياً أي كتاب من بلدية زوق مكايل عن مواد خطرة في معمل الزوق الكهربائي وعندما يُكلّف القضاء جهازاً أمنياً بملف لا يحق لجهاز آخر التدخل به».
وسجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، انخفاضاً ملحوظاً أمس، إذ تراوح بين 7000 ليرة لبنانية للشراء و7100 ليرة لبنانية للمبيع، ثم استمر بالانخفاض ووصل مساء أمس إلى 6800 ليرة للشراء و7000 ليرة للمبيع.
المصدر: صحف