تقديرات ناتجة عن مزيج من فشل إستخباراتي وذُعر عسكري، هي التي حكمت الإشتباكات من طرف واحد في شمال فلسطين المحتلة على الحدود مع لبنان، ولا حاجة للتطرُّق الى التفاصيل الميدانية، لأن النزول الى الملاجىء لم يعُد يقتصر على سكان مستوطنات الشمال، والهلع من تطوُّر أية مواجهة الى حرب، بات يحكم أيضاً سكان وسط “إسرائيل”، حيث القنابل الموقوتة الراقدة في معامل إنتاج الطاقة وخزانات الأمونيا، تكفي وحدها في حالة الحرب الى إحداث دمارٍ رهيب على مساحة 1200 كلم مربع، وغَدَت المستوطنات الوسطى أكثر خطراً على سكانها من تلك التي تُحاذي الحدود.
هشاشة عنكبوتية المواجهة لدى الكيان الصهيوني رغم ارتفاع كل القبب الحديدية، تعود – إضافة الى الهزائم التي تكبدها الجيش الإسرائيلي سابقاً – لطبيعة شعبٍ مُهاجر، قدِم الى فلسطين المحتلة خلال عقودٍ على دفعات، وبدأ مؤخراً الهجرة العكسية من إسرائيل الى الأوطان التي قدِم منها الجد أو الأب وبلا عودة، وهذه الهجرة باشر اليهود الإسرائيليون التحضير لها عام 2000 لتبدأ فعلياً عام 2004 وتتكثَّف عام 2007، وحربان مع لبنان تكللتا بالهزائم، كانتا كافيتين ليقتنع المستوطن الإسرائيلي بأن سلطاته السياسية والعسكرية لا ضمانات لديها بحمايته كما كان يحصل قبل العام 2000.
ونقلاً عن نشرة “أفق” الشهرية الصادرة عن مؤسسة الفكر العربي خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، أظهرت الإحصاءات العائدة لقوافل الهجرة العكسية من إسرائيل بدءاً من العام 2004، أزمة وجودية للكيان الغاصب، خاصة عندما حاولت وزارة الداخلية الإسرائيلية عرقلة طلبات التخلِّي عن الجنسية الإسرائيلية التي تقدَّم بها عشرات آلاف اليهود الراغبين بالهجرة العكسية خاصة الى روسيا وأوكرانيا.
وأوردت هذه النشرة، أن آخر استطلاع أجرته جماعة “شبيبة هرتزل”، أظهر أن منسوب الخوف على مستقبل إسرائيل قد تضاعف لدى الشباب الإسرائيلي، مع طرح سؤال عام: “من أين لإسرائيل أن تصمد والعرب على المستوى الشعبي لا يريدوننا أن نكون في المنطقة؟”، وعلَّق المستوطن ديفيد شاحاك قائلاً: “حُكَّامنا الحمقى أهدروا كل فرص السلام الجدية مع الشعوب العربية التي لا تريدنا هنا بعد الآن”.
مستوطنة إسرائيلية تدعى سارة دراعي قالت: “أعيش خوفاً لا مثيل له على نفسي وعلى عائلتي وعلى إسرائيل ككل، ولا مستقبل لنا بسبب حُكامنا الذين لا يبشِّرون إلا بالحروب، يقولون بالسلام وينحرونه في اليوم التالي، ويحتالون علينا وعلى حياتنا ومستقبلنا بالمزيد من استعداء العرب واستفزازهم، والمستقبل ليس لنا، وكل ذلك بفضل جهل حكامنا ومرضهم واستعلائهم وإصرارهم على محاربة الأوهام”.
الذعر يعتري الإسرائيليين عبر تكرار شكوكهم أمام وسائل الإعلام بقدرات المواجهة على المستويين الحكومي والشعبي، نختِم مع فرملة يهود أميركيين قراراتهم بالهروب من أميركا الى إسرائيل نتيجة مخاطر مواجهة وباء الكورونا في بعض الولايات الأميركية مؤخراً، بعد أن وردتهم نصائح من جمعيات يهودية إسرائيلية أن أميركا تبقى آمنة لهم أكثر من أية بقعة في “إسرائيل” …
المصدر: موقع المنار