تحت عنوان “لنخلص العالم من الوهابية”، كتب وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مقالة نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز”، تحدث فيه عن أيديولوجيا “الوهابية المتشددة” التي بقيت نفسها سواء مع حركة “طالبان” أو “القاعدة” أو “داعش”، رغم محاولاتها تبديل أقنعتها.
المقال الذي نشرته “نيويورك تايمز” بتاريخ الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر الجاري، انتقد فيه وزير الخارجية الإيراني دور شركات العلاقات العامة والدعاية في “تحويل تدفق أموال البترودولار السري للجماعات الإرهابية في سوريا إلى علني وحتى إغراء الحكومات الغربية بدعم هؤلاء “المعتدلين”. إن حقيقة أن النصرة لا تزال تسيطر على تحالف الفصائل المتمردة في حلب تفند ما تحاول هذه الشركات ترويجه. ”
وتحدث وزير الخارجية الإيراني عن مساعٍ سعودية تهدف الى اقناع رعاتها الغربيين بمساندة تكتيكاتها “القصيرة الامد”، استناداً الى “الفرضية الخاطئة” التي تعتبر بأن ادخال العالم العربي بالمزيد من الفوضى سيؤدي بشكل ما الى الحاق الضرر بايران، وقال ظريف “إن المفاهيم الخيالية بأن عدم الاستقرار في المنطقة سيساعد على احتواء إيران وأن التنافس بين المسلمين السنة والشيعة يغذي الصراعات تتناقض مع حقيقة أن أسوأ أعمال العنف في المنطقة ناجم عن الوهابية التي تحارب إخواننا العرب وتقتل إخواننا السنة.”
وأكد ظريف أن أكثر من حاصرتهم “عقيدة الكراهية” هذه هم العرب السنة، على الرغم من ان المتطرفين و”بدعم رعاتهم الاثرياء” استهدفوا المسيحيين واليهود والايزيديين والشيعة وغيرهم. وأضاف: “في الواقع ليس الصراع الطائفي القديم بين السنة والشيعة هو الذي ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة وخارجها بل الصراع بين الوهابية والتيار الإسلامي”.
واعتبر ظريف أن الاجتياح الاميركي للعراق عام 2003 حرك القتال الذي يدور اليوم، مشيراً إلى أن المحرك الرئيسي لهذا العنف لطالما كان الإيديولوجيا المتطرفة التي روجت لها السعودية، بالرغم من أن الغرب لم يرها إلى حين حصول مأساة 11 أيلول/ سبتمبر.
كما رأى بان “الامراء في الرياض” سعوا جاهدين الى اعادة احياء ايام حكم صدام في العراق، حيث قام “طاغية” بالتصدي لما يسمى التهديد الايراني مع “دعم مادي من نظراء عرب ومن غرب ساذج”.
“المشكلة الوحيدة اليوم هي أن صدام حسين مات منذ وقت طويل ولا يمكن إعادة عقاب الساعة إلى الوراء، كلما تصالح حكام السعودية مع هذا الواقع سريعاً كلما كان هذا فضل للجميع. إن الحقائق الجديدة في منطقتنا يمكن أن تستوعب حتى الرياض لكن على السعوديين أن يغيروا أسلوبهم.”
وأشار ظريف أشار الى أن الرياض أنفقت عشرات مليارات الدولارات خلال العقود الثلاث الماضية من اجل تصدير الوهابية عبر المساجد والمدارس المنتشرة حول العالم، وهذا الفكر قد أشعل الفوضى من آسيا الى افريقيا الى اوروبا واميركا الشمالية والجنوبية.
كما أكد على التأثير المدمر للوهابية رغم أنها استقطبت نسبة قليلة جداً من المسلمين، وقال إن كل الجماعات الارهابية تقريباً التي تستغل اسم الاسلام –من القاعدة واتباعها في سوريا إلى بوكو حرام في نيجيريا – وجدت في الوهابية مصدر الهام لها. كتب ظريف: “من آسيا إلى أفريقيا، من أوروبا إلى الأميركيتين، تسبب هذا الانحراف في الدين بالكثير من الضرر. كما قال متطرف سابق في كوسوفو لصحيفة التايمز فإن السعوديين غيروا الإسلام بشكل كامل هنا بواسطة أموالهم”.
ولفت الوزير الإيراني إلى أن السعوديين نجحوا “في جر حلفائهم نحو هذه الحماقة سواء في سوريا أو اليمن من خلال اللعب على “ورقة إيران”. هذا الأمر سيتغير بالتأكيد حين يتنامى الإدراك بأن رعاية الرياض المستمرة للتطرف تتناقض مع مطالبتها بأن تكون قوة استقرار في المنطقة.”
كذلك شدد على ان العالم لا يمكن ان يجلس ويتفرج بينما يستهدف الوهابيون ليس فقط المسيحيين واليهود والشيعة، بل أيضاً السنة. ولفت الى وجود خطر تقويض “جيوب الاستقرار القليلة المتبقية” في الشرق الاوسط بسبب النزاع الحاصل بين الوهابية والاسلام السني.
ظريف أكد ضرورة العمل المنسق في الامم المتحدة لقطع التمويل عن ايديولوجيات الكراهية والتطرف، وكذلك ضرورة وجود استعداد لدى المجتمع الدولي للتحقيق بالقنوات التي توفر المال والسلاح. وأشار بهذا الاطار الى المبادرة التي أطلقها الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني عام 2013 تحت مسمى “عالم التطرف الدموي”، داعياً الامم المتحدة الى الانطلاق على اساس هذه المبادرة من اجل تعزيز الحوار بين الاديان والطوائف المختلفة بغية التصدي لهذا الفكر المتطرف “الخطير الذي يعود الى العصور الوسطى”.
“إن الهجمات في نيس وباريس وبروكسل يجب أن تقنع الغرب بأنه لا يمكن تجاهل تهديد الوهابية السام. بعد عام من الأخبار المأساوية التي تكررت أسبوعياً، على المجتمع الدولي أن يقوم بما هو أكثر من التعبير عن الغضب والأسف والعزاء. هناك حاجة إلى تحرك ملموس ضد التطرف”، قال ظريف.
وختم بالقول إن السعودية يمكن أن تكون جزءاُ من الحل رغم أن الكثير من أعمال العنف التي ترتكب باسم الاسلام تعود الى الوهابية. وعليه دعا حكام السعودية الى وقف خطاب اللوم والخوف والانضمام الى بقية الدول من اجل التخلص من الارهاب والعنف الذي “يهددنا جميعاً”.