في الوقت الذي أعلن فيه كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي، أن البلاد يمكن أن تشهد 100 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا يومياً، ما لم يتم اتخاذ إجراءات للحد من انتشار هذا الوباء، اشترت واشنطن أكثر من 500 ألف جرعة من دواء “ريمديسفير” Remdesivir، وهو ما يعادل مخزون الدواء لمدة 3 أشهر، بحسب ما جاء في صحيفة “ذا غارديان” البريطانية.
ويقول الدكتور أندرو هيل، وهو زميل باحث زائر بجامعة ليفربول: “لقد تمكنوا من الوصول إلى معظم إمدادات الأدوية من العقار، لذلك لا يوجد شيء، للمملكة المتحدة، أو أوروبا، وباقي دول العالم”.
ووفق هيل فهناك طريقة للمملكة المتحدة لتأمين الإمدادات من هذا الدواء، وغيره من الأدوية خلال الجائحة، من خلال ما يعرف بالرخصة الإجبارية التي تتجاوز حقوق الملكية الفكرية للشركة.
يشعر الخبراء والناشطون بالقلق من الإجراءات الأميركية أحادية الجانب بشأن إعادة تصميم الأدوية والآثار الأوسع نطاقاً، خاصة أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب أظهرت بالفعل أنها مستعدة للمزايدة والتفوق على جميع البلدان الأخرى، لتأمين الإمدادات الطبية التي تحتاجها البلاد.
وتمثل الولايات المتحدة 4% من سكان العالم، وتصل نسبة المصابين والوفيات من “كوفيد 19” إلى 25% من المجموع العام. وقد سجلت الولايات المتحدة أكثر من 2.5 مليون حالة، وشهدت بعض الولايات ارتفاعات قياسية. وقال وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي، أليكس عازار، “لقد أبرم الرئيس ترامب صفقة رائعة لضمان حصول الأميركيين على أول علاج علاجي معتمد لكوفيد 19”. وتابع “نريد أن نضمن حصول أي مريض أميركي على العلاج”.
ويعتبر “ريمديسفير” أول دواء تمت الموافقة عليه من قبل السلطات المرخصة في الولايات المتحدة لعلاج “كوفيد 19″، وتم تصنيعه بواسطة شركة “غيلياد ساينسز” (جلعاد) الأميركية، وقد ثبت أنه يساعد الأشخاص على التعافي بشكل أسرع من المرض، وتم استخدام أول 140.000 جرعة جرى توفيرها لتجارب الأدوية حول العالم.
والدواء الذي تم اختراعه لمعالجة وباء إيبولا، يخضع لبراءة اختراع تابعة لشركة “جلعاد”، ما يعني أنه لا يمكن لأي شركة أخرى في البلدان الغنية تصنيعه. وتبلغ تكلفة ست جرعات من الدواء نحو 3200 دولار.
وأثار سعر الدواء انتقادات واسعة في الأيام الماضية. حيث وصف بيتر مايباردوك، وهو محام في مجموعة المستهلكين (المواطن العام) بالمملكة المتحدة التسعيرة بـ”المبالغ فيها”. وأضاف أنّ الدواء يجب أن يكون في نطاق السعر المقبول، لأن العقار حصل على 70 مليون دولار على الأقل من التمويل العام من أجل تطويره.
أما الدكتور بيتر باخ خبير السياسة الصحية بمركز “ميموريال سلون كيترينج” للسرطان في نيويورك، فقد اعتبر الثمن “جيدًا”، إذا أثبتت الشركة أن العلاج أنقذ الأرواح.
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لجلعاد، دان أوداي، بحسب صحيفة “ذا إندبندنت” البريطانية إنّ “الجائحة فرضت على الشركة التسعيرة، فنحن في منطقة مجهولة، ونسعى إلى ضمان وصول الدواء إلى جميع دول العالم”.
وقد رفض وزير الأعمال في بريطانيا، نديم الزهاوي، إجراءات البيت الأبيض، واعتبرها نوعاً من سياسة “تقويض” الجهود العالمية لمكافحة “كوفيد 19” من خلال شراء كامل المعروض من عقار “ريدميسفير”. وبحسب صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، اعتبر زهاوي، أنه “من الأفضل بكثير العمل معًا بدلاً من العمل لتقويض بعضنا البعض، لذلك سنستمر بهذه الروح”.
من جهته، حذر رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو، من “عواقب سلبية غير مقصودة”، إذا واصلت الولايات المتحدة المزايدة على حلفائها. وقال “نحن نعلم أنه من مصلحتنا العمل بشكل تعاوني للحفاظ على سلامة مواطنينا”.
استدعت إدارة ترامب أيضًا قانون الإنتاج الدفاعي لمنع بعض السلع الطبية المصنوعة في الولايات المتحدة من إرسالها إلى الخارج.
وكانت الحكومة الألمانية قد دانت بشدة، في مارس/ آذار، محاولة أميركية مزعومة للحصول على الحقوق الحصرية للقاح الذي طورته شركة CureVac، وهي شركة أدوية مقرها في مدينة توبينغن جنوب غرب ألمانيا.
وفي مايو / أيار، ذكرت الحكومة الفرنسية أنّ عملاق الأدوية المحلي “سانوفي” سيسعى إلى توفير اللقاح للجميع وهو “غير قابل للتفاوض”، خاصة بعد تصريحات المدير التنفيذي للشركة بو هدسون، بأنّ للولايات المتحدة الحق بالحصول على الدواء، نظراً لارتفاع نسبة الإصابات.
المصدر: العربي الجديد