انضمت شركة “مايكروسوفت” إلى العملاقين التكنولوجيين “آي بي أم” و”أمازون”، معلنة إحجامها عن بيع تقنية التعرف إلى الوجوه لإدارات الشرطة في الولايات المتحدة، إلى حين صدور قانون فيدرالي ينظم استخدامها، وسط الاحتجاجات الأميركية الأخيرة المناهضة للعنصرية ووحشية الشرطة.
قرار “مايكروسوفت” أكده رئيسها التنفيذي براد سميث لصحيفة “واشنطن بوست”، يوم الخميس، لافتاً إلى أن “العامل الأهمّ لدى الشركة حماية حقوق الإنسان”. وجاء القرار بعد أكثر من أسبوعين على مقتل الأفروأميركي جورج فلويد اختناقاً في مينيابوليس، بعدما ركع شرطي أبيض على رقبته لنحو 9 دقائق، ما أجج احتجاجات واسعة في البلاد تطالب بإصلاحات تستهدف “العنصرية الممنهجة” لدى الشرطة الأميركية.
وأعلنت شركة “أمازون” أنها فرضت حظراً مدته عام على استخدام الشرطة الأميركية تقنيتها للتعرّف إلى الوجوه، وقالت إنها تأمل “حصول الكونغرس على الوقت الكافي لتطبيق القواعد المناسبة” التي ترعى هذه التكنولوجيا. ووجّه المدير التنفيذي في “آي بي أم”، أرفيند كريشنا، رسالة إلى الكونغرس، معلناً فيها إنهاء الشركة الأبحاث وعمليات التطوير والإنتاج المتعلقة بتقنيتها للتعرف إلى الوجوه، لافتاً إلى احتمال استخدامها من قبل الشرطة في انتهاك “الحقوق والحريات الأساسية”.
أمازون” و”مايكروسوفت” حددتا أقسام الشرطة في قراريهما، ولم تذكر أي منهما ما إذا كانت السياسات الجديدة ستمنع الوكالات الحكومية الأخرى، مثل إدارة الهجرة والجمارك الأميركية، من استخدام تقنية التعرف إلى الوجه.
منظمات حقوقية عدة، وأبرزها “الاتحاد الأميركية للحريات المدنية”، تدعو منذ سنين إلى الكف عن تزويد الشرطة بتقنيات التعرف إلى الوجه، بينما استثمر عمالقة التكنولوجيا موارد ضخمة في تطوير هذه الأنظمة، فـ “مايكروسوفت” مثلاً موّلت أيضاً الشركة الإسرائيلية “أنيفيجن” التي تستخدم تكنولوجيا التعرف إلى الوجوه لمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وقد أثبتت دراسات عدة عيوباً وتحيزاً عرقياً وجندرياً في هذه التقنيات؛ أفادت دراسة حكومية شاملة أجراها أخيراً “المعهد الوطني للعلوم والتكنولوجيا” بأن التقنية تخطئ التعرف إلى الأميركيين من أصل أفريقي والآسيويين أكثر بمائة مرة من الرجال البيض. وخلصت دراسة أجراها باحثون من “معهد ماساشوستس للتكنولوجيا” و”جامعة تورونتو”، عام 2019، إلى أن تقنية التعرف إلى الوجه “ريكوغنيشن” الخاصة بشركة “أمازون” تخطئ التعرف إلى النساء غالباً، وخاصة ذوات البشرة الداكنة، وأوضح الباحثون أن التقنية حددت النساء ذوات البشرة الداكنة بأنهن رجال بنسبة 31 في المائة من إجمالي المرات. ووجدت دراسة أجرتها “سكوتلاند يارد” وباحثون من “جامعة إيسيكس” في المملكة المتحدة، عام 2019، أن 81 في المائة من الأشخاص الذين حُددوا كمشتبه بهم بتقنية التعرف إلى الوجه التي تستخدمها شرطة لندن كانوا أبرياء.
هامش الخطأ الواسع الذي قد تقع فيه هذه التقنيات يعرّض الأفروأميركيين لمزيد من العنصرية اليومية الممنهجة على يد الشرطة، علماً أن السجون الأميركية تضم 2.3 مليون نزيل، 40 في المائة منهم من السود، رغم أنهم لا يشكلون سوى 13 في المائة من إجمالي السكان، وفقاً لمؤسسة “بريزون بوليسي” غير الربحية.
في الوقت نفسه، يشكل البيض 64 في المائة من سكان الولايات المتحدة، لكنهم يشكلون 30 في المائة فقط من نزلاء السجون. وتشير المجموعة البحثية الأميركية “سنتنسنغ بروجكت” إلى أن السود أكثر عرضة بـ 6 مرات لدخول السجن من البيض.
الأرقام المذكورة تجعل معدل السجن في الولايات المتحدة الأعلى في العالم، تليها السلفادور ورواندا. ووفقاً للمنظمة الإخبارية غير الربحية “مارشال بروجكت”، تنفق الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 80 مليار دولار سنوياً على السجون.
وقد أقر مجلس واشنطن العاصمة مجموعة من الإصلاحات الخاصة بالشرطة أخيراً، بينما تعاود مدن عدة النظر في نهج الشرطة، لكن لم تصل إلى حد الدعوات التي أطلقها ناشطون بحجب التمويل عن إدارات شرطة المدينة.
المصدر: العربي الجديد