وفقاً لتقرير طبي دولي صدر عام 2012 تسببت مجموعة من الأمراض (عددها 56) مصدرها الحيوانات البرية في وفاة 2.7 مليون إنسان حول العالم خلال عام واحد. وكانت أغلب الوفيات بسبب الأمراض التالية: داء الكلب، داء المقوسات، حمّى الضنك، حمّى كيو، إيبولا، إنفلونزا الطيور، والجمرة الخبيثة. إذن لماذا تشكّل العدوى المنقولة من حيوان بري إلى إنسان خطراً كبيراً يهدد حياة الأخير؟
اللحظة التي ينتقل فيها الفيروس من حيوان لإنسان لأول مرة لحظة حاسمة، لأن الفيروس يتطوّر ويتكيف وفقاً للقيود التي تواجه نموه داخل خلايا بشرية للمرة الأولى، ويقوم بالتكيف وتحسين ظروف نموه من أجل التكاثر داخل هذا المضيف الجديد.
وفي هذه اللحظة الحرجة، يقوم جهاز مناعة الإنسان برد فعل مقاوم أمام تهديد لم تسبق له مواجهته، لذلك يكون عليه ابتكار طريقة مناعية بسرعة، لكن يستغرق ذلك عدة أيام، وخلال هذا الوقت يكون الفيروس قد تكاثر بشكل أسرع، او استطاع الهرب قبل انتقام المناعة البشرية منه.
وتفترض هذه النظرية أن الفيروس الذي يتطوّر ويتكيف داخل الجسم البشري لا يسعى لقتل الإنسان بسرعة، وإنما يسعى إلى التكاثر، وهو ما يعطي فرصة لمناعة الإنسان لابتكار أسلحة تحيّد تأثير الفيروس القاتل مع الوقت، وهو ما حدث مثلاً مع الإنفلونزا، التي تشكل خطراً لكن مناعة الجسم قامت بتحييدها مع تكرار مواسم الإصابة.
ويتوقع خبراء الصحة العامة استمرار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) مع الإنسان، مع تطوير المناعة البشرية أدوات لمحاربة هذا الفيروس وتقليل خطره، ويساعد اللقاح المضاد على تسريع وتيرة إنهاء هذه الحرب. بينما لا يزال مصدر الفيروس غير مؤكّد، هل هو الخفّاش ام أنه آكل النمل الحرشفي؟ وبالطبع لاتزال حالة العدوى الأولى مجهولة.
وتظل العدوى التنفسية المنقولة من حيوان إلى إنسان من بين الأخطر، فقد تسببت الإنفلونزا الإسبانية القرن الماضي في القضاء على 50 مليون إنسان عام 1918، وقضت إنفلونزا هونغ كونغ على 700 ألف شخص عام 1968.
المصدر: اليوم السابع