رأى السيد علي فضل الله أن “فيروس كورونا لا يزال يلقي بظلاله السوداء على لبنان أسوة بكل العالم، من خلال تزايد أعداد الإصابات، وعدم توافر البنية التحتية الصحية الكافية لاستيعاب الأعداد إن استفحل هذا الوباء، لا سمح الله.
وأشاد بـ “اتخاذ الحكومة القرار بالتعبئة العامة لمواجهة هذا الفيروس، وحث الناس على البقاء في منازلهم لتجنب الاختلاط الجماعي، وعدم الخروج منها إلا لدواع ضرورية، وإقفال كل المؤسسات والمقاهي والنوادي وأماكن التجمعات، واستنفار الطواقم الطبية في المستشفيات الحكومية والخاصة والمؤسسات الصحية”، مبينا أن “كل هذه القرارات، على أهميتها، مرهونة بتعاون المواطنين ودقة استجابتهم لها”.
وأعاد “تأكيد ضرورة تشدد الدولة في تطبيق هذه الإجراءات التي اتخذتها، والسعي إلى تسهيل تأمين المستلزمات الطبية التي تحتاج إليها المستشفيات لعلاج الحالات المصابة”.
ودعا المواطنين إلى “التحلي بأعلى درجات المسؤولية، والتقيد بكل الإجراءات التي تقي من هذا الفيروس، على مستوى النظافة الشخصية، والغذاء الضروري لزيادة المناعة، وعدم التجمع، واتخاذ أقصى درجات الوقاية عند التواصل الضروري، واعتبار ذلك واجبا شرعيا ودينيا، لإبطاء انتشار الفيروس، تمهيدا لإعادة احتوائه، وإلا، فإننا سوف نكون أمام كارثة نرى تداعياتها في العديد من البلدان المنكوبة، والتي قد لا تستطيع الإمكانات الصحية ولا الوسائل الطبية التعامل معها”.
ونوه بـ “كل الفتاوى الدينية التي أكدت ضرروة التزام الإجراءات الصحية، والدور المتميز الذي تقوم به وسائل الإعلام في التحذير من مخاطر هذا الفيروس، وفي التوعية على تداعياته الخطيرة وكيفية الوقاية منه”.
ووجه “تحية التقدير إلى كل الجمعيات والمؤسسات الصحية التي وضعت كل إمكاناتها تحت تصرف الدولة، وإلى جانبها، في مواجهة هذا الوباء”، منوها أيضا بـ “الهيئات الصناعية والعلمية التي تحركت طوعا لصناعة أجهزة صحية غير متوفرة بالشكل الكافي للوقاية أو العلاج. كما توجه بالشكر إلى كل أولئك الذين قدموا ويقدمون المعونات والمساعدات للجهاز الطبي كي يتمكن من ممارسة مهامه على الصورة الأفضل”.
وحذر من “مغبة إدخال المفردات الطائفية والمناطقية في التعامل مع هذا الوباء، ورمي الاتهامات غير المسؤولة”، لافتا إلى أن “المسؤولية الوطنية والإنسانية تقتضي أن تكون مواجهة هذا الوباء عنوان توحيد، لأنه اقتحم كل المناطق والطوائف، لا عنوان تقسيم وبث للأحقاد، مدينا أي لغة طائفية أو مناطقية في هذا المجال”.
وجدد الدعوة إلى “القوى السياسية الفاعلة للتخلي عن كل الاعتبارات التي حكمت الخلافات السياسية في السابق، وإلى الوقوف صفا واحدا مع الحكومة لتعزيز المعركة ضد هذا الوباء، وألا يعدموا أي وسيلة في هذه المواجهة، من خلال إمكاناتهم وقدراتهم الداخلية، أو علاقاتهم الخارجية، وعدم الاكتفاء بالتفرج على ما يجري أو توجيه سهام الانتقاد، لأن أي خلل في إدارة الوضع الصحي، لن يكون تأثيره في الحكومة أو من يقف وراءها، بل في المواطنين بكل طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم السياسية، وسيصيب الجميع”.
وتوقف “عند مصير السجناء في هذه الظروف، ومخاوفهم من أن يطالهم هذا الفيروس بفعل اكتظاظ السجون، وعدم توفر الظروف البيئية الصحية الكافية لهم”، داعيا “الدولة ولا سيما وزارة الداخلية إلى تحمل كامل مسؤولياتها والأخذ بالاعتبار الواقع الأليم الذي يعيشه السجناء وأهاليهم، بتأمين كل سبل الوقاية لهم وتحسين ظروفهم، باعتباره حقا لهم ولأهاليهم على الدولة”.
وتوقف عند “الواقع الاجتماعي الصعب الذي يعيشه الموظفون والعمال والمياومون، بفعل الحظر عليهم في منازلهم، والأخذ في الحسبان ما تواجهه المؤسسات الخاصة التي قد تصل إلى مرحلة عدم القدرة على تأمين الرواتب للموظفين والعاملين فيها”.
وطالب الدولة بـ “إعلان حالة طوارئ اجتماعية، والقيام بخطوات تساعد على تأمين حاجات الناس، ولا سيما الطبقات الفقيرة، وبالتعاون مع البلديات والمصارف والمؤسسات الاجتماعية العامة والخاصة، وكل من يملك القدرة على تقديم العون، سواء من الداخل أو الخارج”، منوها بـ “القرار الأخير الذي صدر عن الحكومة بتأمين مساعدات لكل المناطق اللبنانية، وبالمبادرات التي يقوم بها أفراد ومؤسسات وجمعيات ووسائل إعلام”.
وسأل “عن السبب الذي حال دون قيام الدولة بخفض سعر صفيحة البنزين، بعد انخفاض سعر برميل النفط إلى حد تجاوز النصف”، داعيا “الدولة إلى ألا يشغلها الواقع الصحي عن معالجة الأزمات التي يعانيها البلد، والإسراع في إنجاز الخطة الاقتصادية الإصلاحية التي تأخذ في الاعتبار مصالح اللبنانيين وثقة المجتمع الدولي، بالطريقة التي يكون معها هذا البلد منيعا أمام فيروس الفساد الذي قد يكون أخطر على البلد من فيروس كورونا، ومتابعة علاج الملفات التي تثقل كاهل المواطنين والدولة، ولا سيما ملفات الدين العام والمصارف والكهرباء والنفايات وغيرها الكثر”.
وأخيرا، توجه إلى الأمهات في يوم عيدهن، بالتهنئة والتبريك والتقدير لجهودهن وتفانيهن، “ولا سيما في هذا العيد الذي لن يمر عليهن كبقية الأعياد السابقة، في ظل الواقع الذي نعيشه”، قائلا: “يكفي تكريما للأمهات في يوم عيدهن، بعد التقدير لكل تضحياتهن، ألا يشغل أولادهن بالهن، وذلك بتقيدهم بالإجراءات الصحية للحفاظ على صحتهم وحياتهم التي هي أغلى شيء عند الأمهات، وأكثر ما يفرحهن”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام