تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 30-08-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها التدخل التركي في الشمال السوري الذي يبدو أنه دخل في مرحلة الصراع الذي لا بدّ منه..
السفير
الروس يستأنفون غاراتهم على «النصرة» و«أحرار الشام»
قصف سياسي أميركي على مدافع الغزو التركي
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “أثارت واشنطن أمس زوبعة مفاجئة من الملاحظات والاعتراضات على الأداء العسكري التركي في الشمال السوري، على الرغم من أنها في مستهل الغزو التركي، أيّدت وباركت، بل أكدت المشاركة الأميركية في العمليات العسكرية عبر الدعم الجوي.
وبعد أيام على انفضاض مفاوضات جنيف الأميركية ـ الروسية من دون نتائج تذكر، استأنف سلاح الجوي الروسي غاراته الجوية، وشن ليل امس سلسلة ضربات على مواقع لـ«جبهة النصرة» و «حركة أحرار الشام» في ادلب، وحاجر مدينة سراقب وعلى الطريق الواصل بين بنش وسرمين.
وتطرح الانتقادات الأميركية تساؤلات إضافية حول طبيعة الموقف الأميركي من وجهة المدافع التركية في الشمال السوري، وحقيقة العلاقة التي باتت تربط البلدين «الحليفين»، وتثير تساؤلات عما اذا كان الغزو التركي يحظى بتأييد جدي في الادارة الاميركية وقواتها المسلحة التي تناوبت على يوم الانتقادات الطويل للأتراك.
كما تجيز هذه المستجدات التساؤل عما اذا كان الاميركيون يحاولون التملص مما يعتبرونه «انحراف» البنادق التركية وتركيزها على الأكراد، بدلا من «داعش» التي قامت بما يشبه «التسلم والتسليم» في مدينة جرابلس، وبلا طلقة واحدة أمام تقدم القوة التركية الغازية، وهي مستجدات تأتي قبل أيام من القمة الاولى التي ستجمع الرئيسين باراك أوباما ورجب طيب اردوغان، منذ انقلاب تموز الفاشل، الاحد المقبل في الصين، وبعد أيام فقط على زيارة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي حرص على إظهار كامل الدعم الاميركي للهجوم التركي.
معلومات «السفير» أشارت أمس الى اتصالات على المستوى الأمني تجري بين أنقرة ودمشق، قد تتطور لاحقا الى اتصالات سياسية. نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش قال بعد ساعات إن كل الأطراف تبلغت بالعملية العسكرية، بما في ذلك سوريا عبر موسكو.
ولهذا، فإن من شأن هذه الانتقادات الأميركية المفاجئة أن تفتح الباب أمام سيل آخر من التساؤلات حول حقيقة الموقف الاميركي من الأحداث الاقليمية الجارية، ما بين موسكو وأنقرة، بالاضافة الى دمشق وطهران، وبغداد التي استضافت سرا اللقاء الأمني بين الأتراك والسوريين، خصوصا بعد الاتفاق على الاختلاف الذي ظهر واضحا في ختام مفاوضات وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف الجمعة الماضي.
وقد تتخذ العمليات العسكرية التركية مسارا آخر الآن في ظل الانتقادات الاميركية وازدياد الغوص التركي في مستنقع الشمال السوري، وبدء سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوات التركية، الى جانب تزايد أعداد الضحايا المدنيين السوريين في الغارات التركية.
نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس قال ان اوباما واردوغان سيبحثان الاحد المقبل «الحملة ضد تنظيم داعش وضرورة البقاء موحدين»، مشيراً إلى أنّ أوباما يريد مناقشة محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا «وكذلك جهود تعزيز الاستقرار في سوريا وحل أزمة اللاجئين».
وفي سياق الحاجة الى «البقاء موحدين» التي أشار اليها رودس، قال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر «دعَونا تركيا لإبقاء التركيز على قتال الدولة الإسلامية وألا تشتبك مع قوات سوريا الديموقراطية، وأجرينا عدداً من الاتصالات خلال الأيام القليلة الماضية».
وأشار كارتر الى أن الولايات المتحدة تعمل مع تركيا لإيضاح عناصر الاختلاف الموجودة بين أنقرة والقوات الكردية، موضحاً أن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد تحدث إلى نظيره التركي أمس الأول الأحد.
وذهب رودس أبعد من ذلك قائلا إنه يعارض توغل تركيا في مناطق تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردي، معتبراً أن أي إجراء إضافي ضد «قوات سوريا الديموقراطية سيعقد الجهود لإقامة الجبهة الموحدة التي نريدها ضد داعش».
وأشار رودس الى أنه لم يتم التوصل «الى اتفاق مع روسيا حول سوريا»، مشيراً الى ان «نافذة التوصل الى وقف لإطلاق النار في سوريا ستغلق وعلى موسكو التحرك سريعاً».
من جهته، قال المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماكغورك «نريد أن نوضح أننا نرى هذه الاشتباكات، في المناطق التي لا وجود للدولة الإسلامية بها، غير مقبولة ومبعث قلق بالغ».
أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» بيتر كوك فقد اشار الى أن القوات الاميركية لا تشارك في العمليات العسكرية ضد الاكراد، لافتاً إلى أنه «لم يتم التنسيق مع القوات الاميركية في شأن الاشتباكات ونحن لا ندعمها»، موضحا أن واشنطن طالبت «وحدات حماية الشعب» الكردية بالعودة إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات، مشيراً إلى أن التراجع «حدث إلى حد كبير».
وأعلن مسؤول عسكري اميركي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن القوات الكردية انسحبت «بالكامل» الى شرق الفرات، موضحاً أن عملية الانسحاب التي تعد مطلباً رئيسياً لأنقرة، تمت تقريبا خلال يوم الاحد.
الموقف التركي
لكن اردوغان أعلن في بيان أن هجوم «درع الفرات» سيتواصل حتى «ينتهي تهديد داعش ووحدات حماية الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني»، مؤكداً أن بلاده ستتخذ كل الخطوات والاجراءات داخل الاراضي التركية وخارجها لحماية مواطنيه.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش إن احد ابرز اهداف «درع الفرات» هو منع إقامة ممر كردي ممتد من العراق إلى سوريا.
وأشار قورتولموش الى انه تم ابلاغ جميع الاطراف بالعملية التي بدأتها تركيا في سوريا الاربعاء، بما في ذلك دمشق، قائلا «تم إبلاغ جميع الاطراف المعنية .. بما فيها الادارة السورية التي تم إطلاعها من خلال روسيا. نحن متأكدون من ذلك».
ونقلت شبكة «أن تي في» التركية عن قورتولموش قوله، إنه إذا نجح الاكراد في إقامة الممر «فإنه يعني ان سوريا أصبحت مقسومة»، ونفى أن تكون تركيا في حالة حرب، قائلاً «نحن لا نسعى الى ان نكون قوة دائمة في سوريا، تركيا ليست دولة غازية، تركيا لا تدخل حربا».
ورداً على الانتقادات الاميركية، أكد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي عمر تشيليك أنه «لا يحق لأحد أن يقول لنا أي تنظيم إرهابي يمكننا قتاله وأي تنظيم نتجاهله».
ميدانياً
والسبت، اندلعت للمرة الاولى مواجهات برية بين دبابات تركية والمقاتلين المحليين المدعومين من الاكراد، وتعتبر أنقرة «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» في سوريا وجناحه العسكري «وحدات حماية الشعب» الكردية منظمتين «إرهابيتين». وينشر الجيش التركي حاليا حوالي 50 دبابة ومئات الجنود على الاراضي السورية في إطار عملية غزو «درع الفرات» التي انطلقت الاربعاء الماضي.
وتقدمت القوات التركية صوب منبج التي تقع على مسافة 30 كيلومترا جنوب الحدود التركية، وتردد دوي القصف المدفعي في بلدة قارقميش الحدودية التركية.
وأعلن الجيش التركي في بيان أنه وجه، خلال الساعات الـ24 الماضية، 61 ضربة بسلاح المدفعية إلى مواقع «الإرهابيين» في محيط مدينة جرابلس شمال سوريا، كما قصفت الطائرات التركية مواقع لـ «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق.
وشدد بيان الجيش على أن القوات التركية دمرت 20 هدفا، وذلك من دون الكشف عما إذا كانت المواقع المصابة تابعة لتنظيم «داعش» أو «وحدات حماية الشعب» الكردية، موضحاً أن وحدات «الجيش الحر» بسطت سيطرتها على عشر قرى جديدة في محيط المدينة، مشدداً على أنه تم تطهير مساحة 400 كيلومتر من «الإرهابيين» بالمنطقة منذ انطلاق عملية غزو «درع الفرات».
في غضون ذلك، قال مصدر عسكري إن تركيا ردت بقصف مدفعي بعدما سقط صاروخ وانطلقت نيران من سوريا على بلدة كيليس الحدودية التركية، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً غرب المكان الذي بدأت منه عملية غزو «درع الفرات».
من ناحيتها، ذكرت وكالة «الأناضول» أن طائرات تركية «دمرت مواقع للمنظمة الارهابية الانفصالية» الكردية في منطقة غارا في شمال العراق، موضحة أن الغارات نفذت قرب جبال قنديل، معقل «حزب العمال الكردستاني» في العراق.
النهار
توغّل تركي على حساب الأكراد
وواشنطن تحذر من تجاهل “داعش”
وتناولت النهار الشأن السوري وكتبت تقول “وفي مستهل الهجوم التركي عبر الحدود المستمر منذ أسبوع، وفرت الدبابات والمدفعية والطائرات المقاتلة التركية لحلفائها من المعارضة السورية قوة النيران اللازمة للسيطرة السريعة على بلدة جرابلس الحدودية من “داعش”.
ومذذاك تقدمت القوات التركية في الأساس داخل أراض تسيطر عليها قوات متحالفة مع “قوات سوريا الديموقراطية” وهي تحالف يضم “وحدات حماية الشعب” الكردية وتدعمه واشنطن في قتال التنظيم المتشدد.
وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” الذي يتخذ لندن مقراً له إن 41 شخصا قتلوا في غارات جوية تركية مع تقدم القوات التركية جنوباً الأحد. ونفت تركيا سقوط أي قتلى مدنيين قائلة إن 25 من المقاتلين الأكراد قتلوا.
وعلّق المبعوث الأميركي الخاص للائتلاف المناهض لـ”داعش” بريت ماكغورك :”نريد أن نوضح أننا نرى هذه الاشتباكات -في المناطق التي لا وجود للدولة الإسلامية فيها – غير مقبولة ومبعث قلق بالغ”.
ونقل حسابه الرسمي في موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي عن بيان لوزارة الدفاع الأميركية :”ندعو كل الأطراف المسلحين إلى التوقف”.
وأعلن مسؤول عسكري اميركي طلب عدم ذكر اسمه ان القوات الكردية في شمال سوريا انسحبت “تماماً” الى شرق الفرات، في خطوة تأمل واشنطن في أن تخفض وتيرة النزاع بين تلك القوات التي تدعمها وحليفتها تركيا. وقال ان عملية الانسحاب التي تعد مطلبا رئيسيا لانقرة، تمت تقريبا خلال يوم الاحد. واضاف ان “جميع قوات وحدات حماية الشعب الكردية باتت شرق الفرات”، الا انه أقر بان بعض الاكراد ربما لا يزالون غرب النهر، وهم ليسوا جزءاً من “وحدات حماية الشعب” الكردية.
وأفاد نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس ان الادارة الاميركية تعارض توغل تركيا في مناطق بشمال سوريا تسيطر عليها “قوات سوريا الديموقراطية” المدعومة من واشنطن. وحذر من أن “(أي) إجراء إضافي ضد قوات سوريا الديموقراطية سيعقد الجهود لإقامة تلك الجبهة الموحدة التي نريدها ضد داعش”.
ودعا وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر تركيا إلى التركيز على قتال متشددي “داعش” وعدم استهداف العناصر الكردية للمعارضة السورية. وجاء في إفادة له لوسائل الإعلام :”دعونا تركيا لإبقاء التركيز على قتال الدولة الإسلامية وألا تشتبك مع قوات سوريا الديموقراطية وأجرينا عددا من الاتصالات خلال الأيام الاخيرة”. وكشف أن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزف دنفورد تحدث مع نظيره التركي الجنرال خلوصي آكار الأحد.
وأعلن البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما سيلتقي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في 4 أيلول قبيل قمة لمجموعة الـ20 في الصين.
توغل تركي جديد
لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو صرح في مؤتمر صحافي بأن و”حدات حماية الشعب” الكردية “وكما وعدت الولايات المتحدة بنفسها وقالوا هم أنفسهم، يجب ان ينتقلوا الى شرق الفرات في أسرع وقت ممكن وما لم يفعلوا ذلك سيبقون هدفا”.
وأمس، توغلت قوات تدعمها تركيا الى مسافة أعمق في سوريا لتصل إلى مناطق يسيطر عليها مقاتلون متحالفون مع “قوات سوريا الديموقراطية”.
وتقدمت القوات التركية نحو منبج التي تقع على مسافة 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية والتي سيطرت عليها هذا الشهر “قوات سوريا الديموقراطية” بمساعدة أميركية.
وأوضح الجيش التركي إن القوات التي تدعمها تركيا طردت المتشددين من عشر قرى إضافية في شمال سوريا خلال حملة تركية عبر الحدود تخللتها السيطرة على مناطق جنوب مدينة جرابلس الحدودية السورية.
وأضاف أن العمليات تتحول الآن إلى المنطقة الغربية من شمال سوريا حيث قالت القوات المدعومة من تركيا في السابق إنها سيطرت على عدد من القرى. ولم يحدد الجيش المتشددين الذين طردوا.
وتقول تركيا التي تقاتل تمرداً كردياً على أراضيها إن حملتها لها هدف مزدوج هو “تطهير” المنطقة من مقاتلي “داعش” ومنع المقاتلين الأكراد من ملء الفراغ وتوسيع الأراضي التي يسيطرون عليها فعلاً على طول الحدود مع تركيا.
ونقلت شبكة “ان تي في” التركية للتلفزيون عن نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش أن تركيا لم تشن حرباً بتوغلها في شمال سوريا وانها لا تعتزم البقاء هناك. وقال :”تركيا ليست دولة محتلة. تركيا لا تشن حرباً”.
في غضون ذلك، قال مصدر عسكري إن تركيا ردت بقصف مدفعي بعدما سقط صاروخ وانطلقت نيران من سوريا على بلدة كليس الحدودية التركية على مسافة نحو 80 كيلومترا غرب المكان الذي توغلت منه قوة من المعارضة السورية تدعمها تركيا في الأراضي السورية الأسبوع الماضي.
الأخبار
الغزو الأردوغاني يتمدد: معارك الشمال تختبر تفاهمات جنيف
كما تناولت الأخبار الشأن السوري وكتبت تقول “بالرغم من تأكيد بعض الأوساط السياسية أنّ تفاهمات كيري ــ لافروف التي جرى التوصل إليها قبل أيام في جنيف تضبط إيقاع التطورات الراهنة، فإنّ رسالة دمشق الشديدة اللهجة إلى مجلس الأمن عادت لتطرح عدداً من التساؤلات عن الغزو الأردوغاني للشمال السوري الذي يبدو أنه دخل في مرحلة الصراع الذي لا بدّ منه.
مسودة الاتفاق الأميركي ــ الروسي حول سوريا أُنجزت خلال الاجتماع الأخير بين جون كيري وسيرغي لافروف، ولكنها تنتظر التفاصيل الفنية لإقرارها من قبل السلطات الأعلى في البلدين.
هذا ما يؤكده لـ»الأخبار» مصدر سياسي مطّلع على الاتصالات الجارية على خط موسكو ــ واشنطن، وعلى دراية بجديد المواقف الروسية من الأزمة السورية.
مسودة الاتفاق، التي تطلبت لقاءً استغرق أكثر من عشر ساعات بين الوزيرين، تتضمن شقين: الأول عسكري، ويتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار بشكل ملزم للجميع، وحشد القوى، بشكل منسق، لمحاربة تنظيمي «داعش» و»جبهة النصرة». وأمّا الثاني، فسياسي، تبقى إمكانية الشروع في تنفيذه رهناً بتحقيق الجانب العسكري، وقاعدته وحدانية الحل السياسي في سوريا، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (2015)، الذي تحدّث عن جسم سياسي لإدارة «المرحلة الانتقالية».
التفاهمات الأميركية ــ الروسية، التي يبدو أن الوزيرين لافروف وكيري قد قطعا أشواطاً كبيرة في بحث تفاصيلها، كما يقول المصدر السياسي، بدأت ملامحها تتضح، سواء في تصريحات المسؤولين الأميركيين والروس، أو في التسريبات الروسية، وآخرها ما نشرته وكالة «إنترفاكس» من أن مسودة الاتفاق تتضمن فترة زمنية محددة بالخامس عشر من أيلول لتسليم مقاتلي حلب أسلحتهم، على أن تلي ذلك ضربات جوية منسّقة بين الولايات المتحدة وروسيا لمواقع المجموعات الإرهابية، مثل «داعش» و»النصرة».
في غضون ذلك، لعلّ أهم ما طرأ على المشهد أمس، تمثّل بالرسالة التي توجهت بها وزارة الخارجية السورية إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي من جهة، وبتقدّم مجموعات من المسلحين (المرتبطين بالاستخبارات التركية) في ريف حماه الغربي من جهة أخرى (وهو حدث قد يشير إلى توسّع في الدور التركي بدأ يظهر).
وحملت الرسالة السورية الموجهة إلى مجلس الأمن لهجة شديدة ضدّ «غزو النظام التركي الأردوغاني»، مشيرة إلى أنّ «المسرحية التي قام بها النظام التركي بدخوله مدينة جرابلس والتي تمثلت بعدم إطلاق رصاصة واحدة ضد داعش، لا بل في انضمام داعش إلى الجيش التركي وحلفائه من التنظيمات الإرهابية في الدخول إلى المدينة، هو خير دليل على تعاون هذا النظام مع داعش ومع الجماعات الإرهابية الأخرى».
وفي وقت كان من المنتظر فيه أن يصدر عن دمشق الموقف الرافض للغزو، فمن جهة أخرى ما زالت أحاديث تدور وتفيد بأنّ الدور التركي غير بعيد عن دائرة التفاهمات الروسية الأميركية. وعلى هذا الأساس، فإن الحديث عن فرض تركيا «منطقة آمنة» في جرابلس ومحيطها قد يبقى ضمن هذا السيناريو خطوة محدودة، الهدف منها لجم الاندفاعة الكردية (بعد تحرير منبج من قبل قوات سوريا الديموقراطية)، ومنع الأكراد من فرض أمر واقع في الشمال السوري، يعزز طموحاتهم الفدرالية. وكانت صحيفة «يني شفق» قد نشرت، أول من أمس، خريطة ميدانية حول «المنطقة الآمنة» التي تسعى تركيا إلى فرضها، وهي تمتد من جرابلس عند الضفة الغربية لنهر الفرات شرقاً إلى مدينة أعزاز غرباً، على مقربة من عفرين، المعقل الأكبر للأكراد في شمال غرب سوريا.
وإذا كان الهدف التركي في الظاهر ينطوي على محاولة من رجب طيب أردوغان لتغيير قواعد اللعبة في الشمال السوري، ولا سيما أن التحرك العسكري في جرابلس قد ترافق مع تصعيد خطابي من قبل الرئيس التركي، توازيه رسائل غير مباشرة على غرار طلبه من جمعيات أهلية تقديم أضاحي العيد في جرابلس وجبل التركمان وحلب، فإن عملية «درع الفرات» تبقى مرهونة بالخطوط الحمراء التي تفرضها الولايات المتحدة على حليفها في «الناتو»، والتي لم تتأخر في الظهور، بعيد التصعيد الأردوغاني المباشر ضد «قوات سوريا الديموقراطية».
ومن بين الرسائل الأميركية لأردوغان في هذا الخصوص، تحذير مبطن وجهه المبعوث الأميركي الخاص إلأى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» بريت مكغورك، بقوله إن الاشتباكات التي تقع في المناطق التي لا وجود فيها لتنظيم «داعش» هي «غير مقبولة ومبعث قلق»، ناقلاً، عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، بياناً صادراً عن وزارة الدفاع الأميركية يتضمن دعوة لكل الأطراف المسلحة إلى التوقف عن تلك الاشتباكات.
لعلّ ذلك هو ما يدفع المصدر، الذي تحدّثت إليه «الأخبار»، إلى القول إن «العامل التركي قد يكون مشجعاً للاتفاق الروسي ــ الأميركي المرتقب»، مقلِّلاً من المصطلحات التركية المتداولة، ولا سيما «المنطقة الآمنة»، قائلاً إن منطقة كهذه ستكون آمنة من «داعش» و»النصرة» وليس العكس.
الحديث عن الدور التركي، المساعد أو المعرقل، يستدعي تحديد موقف الأكراد، وموقف القوى الأخرى الفاعلة على الساحة السورية منه، ولا سيما بعض التموضعات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة، غداة عملية «درع الفرات»، عبر دعوتها لـ»قوات سوريا الديموقراطية» إلى الانسحاب إلى شرق الفرات (وهو طلب يبدو حتى الساعة مرفوضاً من شق كردي)، وما يتردد على تفاهمات تركية ــ سورية ضد الحالة الكردية في الشمال السوري، التي أشار مراقبون إلى أن من أول مؤشراتها اشتباكات الحسكة الأخيرة.
لكن المصدر السوري قال في حديثه إلى «الأخبار»، إن «الحديث عن تفاهمات هو تضخيم إعلامي مبالغ فيه»، مُقراً في الوقت ذاته بوجود «تقاطع بين القيادتين السورية والتركية بشأن ضرورة لجم الاندفاعة الكردية». ومع ذلك، يشير المصدر إلى أن وجود الأكراد في منطقتي الجزيرة والحسكة أمر إيجابي في القتال ضد الجماعات الإرهابية، خصوصاً أن الوحدات الكردية أظهرت قدرات عالية في تصدّيها لتنظيم «داعش»، ولكن الموقف الروسي، ومعه الموقف السوري، ينطلق من قاعدة أساسية هي ضمان وحدة سوريا، وهو ما ركّز عليه كل من لافروف وكيري، وبالتالي إن تعزيز الوجود الكردي، مع قدر أعلى من اللامركزية الإدارية في إطار وحدوي، يبقى أمراً جوهرياً بالنسبة إلى بعض الفاعلين.
وينطوي الأمر على مخاطرة، بحسب المصدر، خصوصاً أن الأميركيين لا يزالون راغبين في تأجيج عوامل الصراع في سوريا، وهم يستخدمون الورقة الكردية لذلك، وبالتالي إن كل ما تقدم ذكره عن الوضع الكردي وإمكانية الاستفادة من الوحدات الكردية في إطار المعركة ضد الإرهاب، تبقى مرهونة بتكريس التفاهمات الروسية ــ الأميركية من خلال الاتفاق المرتقب.
كل ما سبق يشي بأن ما يجري اليوم في سوريا، من تطورات على الأرض، يبقى ضمن إطار إعادة التموضع ميدانياً، لتأمين مستلزمات الحل السياسي، باعتباره السلاح الاستراتيجي للقوى كافة، وهذا ما يدفع إلى القول إن الميدان السوري سيبقى متحركاً، لكن بهامش حدود يبدو أنه يضيق.
اللواء
أوباما وأردوغان يلتقيان الأحد.. وأنقرة ترفض الإنتقادات الأميركية
إجتماعات جنيف تُسفِر عن خطّة لضرب المعارضة في حلب.. وواشنطن تؤكّد إنسحاب الأكراد إلى شرق الفرات
بدورها تناولت اللواء الشأن السوري وكتبت تقول “في اليوم السادس من دخول قواتها الى شمال سوريا،اكدت تركيا امس انها ستواصل استهداف المقاتلين الاكراد طالما انهم لم ينسحبوا الى شرق الفرات، فيما قالت واشنطن ان المعارك بين الطرفين «غير مقبولة».
واعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في بيان امس ان الهجوم سيتواصل حتى «ينتهي تهديد داعش ووحدات حماية الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني».
كما اكد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتلموش ان احد ابرز اهداف عملية «درع الفرات» التي اطلقتها تركيا الاسبوع الماضي في شمال سوريا هو منع اقامة ممر كردي ممتد من العراق الى شواطئ البحر المتوسط.
وقال كورتلموش ان «هدف العملية هو تطهير المنطقة من تنظيم الدولة الاسلامية ومنع وحدات حماية الشعب الكردي من اقامة ممر متصل». واضاف «اذا حدث ذلك فانه يعني ان سوريا اصبحت مقسومة».واشار الى انه تم ابلاغ جميع الاطراف بالعملية التي بدأتها تركيا في سوريا الاربعاء بما في ذلك نظام الرئيس السوري بشار الاسد. واعلن الجيش التركي في بيان انه اطلق النار 61 مرة على مواقع في شمال سوريا خلال الساعات ال24 الماضية. الا انه لم يحدد الجهة المستهدفة.
واعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية بيتر كوك في بيان ان واشنطن تتابع الانباء عن «اشتباكات جنوب جرابلس ، وحيث تنظيم الدولة الاسلامية لم يعد متواجدا، بين القوات التركية وبعض الفصائل المعارضة من جهة ووحدات منضوية في قوات سوريا الديموقراطية». وافادت وزارة الدفاع «نريد ان نوضح اننا نعتبر هذه الاشتباكات غير مقبولة وتشكل مصدر قلق شديد».
بالمقابل، قال عمر جليك وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي إنه لا يحق لأحد أن يحدد لتركيا أي تنظيم إرهابي يمكنها قتاله.وأضاف «لا يحق لأحد أن يقول لنا أي تنظيم إرهابي يمكننا قتاله وأي تنظيم نتجاهله.» ويلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما الأحد في الصين نظيره التركي لبحث الوضع في سوريا.
وأعلن مستشار الرئيس الأميركي بن رودس في مؤتمر صحافي أن الرئيسين سيناقشان خلال هذا اللقاء الذي يعقد على هامش قمة مجموعة العشرين في هانغزو «الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وضرورة البقاء موحدين». وأضاف «(أي) إجراء إضافي ضد قوات سوريا الديمقراطية سيعقد الجهود لإقامة تلك الجبهة الموحدة التي نريدها ضد داعش.
واعلن مسؤول عسكري اميركي امس ان القوات الكردية في شمال سوريا انسحبت «بالكامل» الى شرق الفرات، في خطوة تامل واشنطن بان تخفض وتيرة النزاع بين تلك القوات التي تدعمها وحليفتها تركيا.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته ان عملية الانسحاب التي تعد مطلبا رئيسيا لانقرة، تمت تقريبا خلال يوم الاحد. واضاف ان «جميع قوات وحدات حماية الشعب الكردي اصبحت شرق الفرات»، الا انه اقر ان بعض الاكراد ربما لا زالوا غرب النهر، ولكنه قال انهم ليسوا جزءا من وحدات حماية الشعب الكردي.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو في مؤتمر صحافي ان وحدات حماية الشعب الكردي «وكما وعدت الولايات المتحدة بنفسها وقالوا هم انفسهم، يجب ان ينتقلوا الى شرق الفرات في اسرع وقت ممكن وطالما لم يفعلوا ذلك سيبقون هدفا». وقال المجلس العسكري لجرابلس والتابع لقوات سوريا الديموقراطية التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردي، ان قواته انسحبت الى جنوب نهر ساجور على بعد 20 كلم جنوب جرابلس «لحماية حياة المدنيين».
واتهم تشاوش اوغلو المقاتلين الاكراد في وحدات حماية الشعب الكردي بالقيام بـ»تطهير اتني» في سوريا. وقال «في الاماكن التي تحل فيها ترغم وحدات حماية الشعب الكردي الجميع على النزوح بمن فيهم الاكراد الذين لا يفكرون مثلها، وتقوم بتطهير اتني».
وعلى صعيد آخر،أفادت وكالة إنترفاكس الروسية أن الولايات المتحدة وروسيا تبحثان حاليا في جنيف توجيه ضربات مشتركة ضد قوات المعارضة في حلب بحلول منتصف أيلول المقبل. وقال مصدر دبلوماسي روسي إن الخطة المقترحة تقضي بإنذار المسلحين في حلب لإلقاء السلاح ومغادرة المدينة.
وعلى جبهة أخرى ،التف النظام السوري نحو مدينتي معضمية الشام وحمص وتحديداً حي الوعر المحاصر، ليستكمل على ما يبدو خطته في إعادة تشكيل التركيبة الديمغرافية للبلاد.
وأفاد ناشطون بأن النظام طالب مسلحي المعارضة المحاصرين في المعضمية غربي دمشق بتسليم أسلحتهم والخروج منها، مهددا باقتحام البلدة وإخلائها من المدنيين على غرار ما حدث في بلدة داريا المجاورة.
وفي حي الوعر، قالت شبكة شام إن طائرات النظام شنت امس أكثر من 18 غارة على الحي المحاصر. وبدأت هذه القوات بالتصعيد منذ يوم الجمعة الماضي، إذ قصفت الحي بالصواريخ وقذائف الهاون، لترتفع وتيرة القصف خلال الساعات الماضية، حيث استهدف الحي بالطيران الحربي وبقنابل النابالم المحرمة دوليا.
البناء
أسبوع التسويات: تركيا لرأس الأكراد وأميركا رأس داعش وروسيا رأس النصرة
الطبخة الأميركية الروسية في جنيف والاحتفال بالتذوّق في بكين 4 أيلول
بري للصدر: للحفاظ على ما تبقى والانطلاق لحوار الممكن… والعونيون للتصعيد
صحيفة البناء كتبت تقول “يبدأ غداً شهر أيلول الذي تنتهي مع أسبوعه الأول فرصة التوصل للتسويات، في الحروب المتعدّدة الأطراف والأهداف المشتعلة، بين الخصوم والحلفاء في سورية. وهذه الفرصة التي قال عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنها طالت كثيراً وتتوقف على استعداد واشنطن للتعاون. وقال فيها مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما إنها نافذة توشك أن تغلق، في تجاذب وصفه المراقبون باللعبة التفاوضية في لحظات لعب الأوراق الأخيرة فيما يصيغ الخبراء الجمل المنتقاة لترجمة التفاهمات، التي تبدو وفقاً لمصادر متابعة قدراً لا مفرّ منه للفريقين لملاقاة الاحتياجات المتبادلة في شرق أوسط لا يحتمل الانتظار، وفراغ مقبل في أفغانستان لا يناسب واشنطن تركه ملعباً روسياً صينياً إيرانياً مفتوحاً، يصل للبحر المتوسط عبر البوابة السورية من دون التوصل لتفاهمات ترعى المصالح المتبادلة، بينما ترك التشكيلات الإرهابية التي تجمع تحت لوائها عشرات آلاف المسلحين من أنحاء العالم في سورية والعراق، لتشكيل قاعدة عالمية تهدّد ما هو أبعد بكثير من الجغرافيا السورية والعراقية، ولا يحتمل العالم إدارة الصراع معها بانقسام أميركي روسي تتقن هذه الجماعات التلاعب بين ثناياه، بواسطة تحالفات نجحت بإقامتها تحت العباءة الأميركية.
الموعد المرتقب لصعود الدخان الأبيض من جنيف هو الثالث من أيلول، عشية انعقاد قمة العشرين في بكين، حيث ينتظر أن يلتقي قادة الدول الرئيسية المنخرطة في الحرب السورية، وخصوصاً موسكو وواشنطن وأنقرة، حيث في شمال سورية تبدو تركيا مسكونة بهاجس التخلص من الوجود الكردي حتى لو أدّى ذلك إلى توتير علاقتها بواشنطن، وتبدو واشنطن بحاجة لنصر على داعش. بينما تضع موسكو باسم الحلف الذي تشكل أبرز أطرافه ويضمّ إيران وسورية، شرطاً لتلبية الممكن من التفاهمات مع انقرة وواشنطن، شراكتهما في الحرب على جبهة النصرة، وما يستدعيه ذلك من تحضير لفصل من تعتبرهما واشنطن وأنقرة جماعتهما في التشكيلات المسلحة عن مواقع النصرة، عبر بوابة الانخراط في الحرب على داعش، كما فعلت أنقرة في معركة جرابلس، بينما تتعاون موسكو وواشنطن لتخفيض السقف التركي نحو الأكراد بحدود جرابلس، ودمج المكون الكردي في العملية السياسية التي يفترض أن تضم كل أطياف الجماعات السورية مع ممثلي الحكومة في جنيف، بعدما بلغ التخاطب التركي الأميركي لغة متوترة خلال الساعات الماضية، رغم الإعلان عن لقاء الرئيس التركي رجب أردوغان بالرئيس الأميركي باراك أوباما في بكين الرابع من أيلول.
لبنانياً، يشكل الاحتفال الذي تقيمه حركة امل في ذكرى إخفاء مؤسسها الإمام السيد موسى الصدر، ويتحدث فيه رئيسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الحدث الأبرز، خصوصاً لما ينتظر أن تتضمّنه كلمة الرئيس بري الذي اعتاد في مثل هذه المناسبة ان يقدّم أمام الإمام الصدر كشف حساب في الوطن يضمّنه رؤيته للأزمات الضاغطة، ويرسم عبرها بفكر الإمام ومفرداته المخارج والمبادرات. وتوقعت مصادر متابعة لمواقف رئيس المجلس النيابي أن تكون كلمته بمستوى الانسداد الذي يعيشه لبنان في مواجهة كلّ الاستحقاقات الداهمة، ودرجة الراحة المعاكسة لمقتضيات اللحظة، التي يتصرف عبرها القادة والساسة مع القضايا الراهنة، لدرجة تقارب الترف في زمن لم يتبق فيه للبنانيين من مقومات الوطن ما يتيح لهم هذا الترف الفكري والسياسي، وهم يقامرون باقتصادهم وأمنهم كآخر المقتنيات المعروضة للرهن تخديماً للعبة مقامرة مجنونة. وقالت المصادر إنّ الرئيس بري سيدعو أمام جمهور الإمام الصدر القادة واللبنانيين، للضغط من أجل الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات، وفي طليعتها الحكومة ومجلس النواب والجيش والمؤسسات الأمنية، بعيداً عن حسابات المكاسب والخسائر، وأن تسود لغة تفهّم البعض للبعض الآخر بلغة ميثاقية تنطلق من إدراك أنّ أسلوب التهميش والإقصاء والاستفراد والاستسلام لمنطق ميزان القوى، لعبة لحس للمبرد، رابح اليوم فيها هو خاسر غداً، بينما اللغة الميثاقية تحفظ الجميع. ومن هذا المنطلق توقعت المصادر أن يطلق الرئيس بري مبادرته لحوار الممكن من أجل تفعيل المؤسسات الباقية إن استعصى الإفراج عن المؤسسات المعطلة، كمؤسسة رئاسة الجمهورية، حتى يرتفع منسوب التفاهمات ويتيح تلقف الفرص السانحة لإنجاز تفاهمات أعلى ورفع سقف التفاهم تدريجاً، وإلا سقوط الهيكل، مستعيداً ما قاله الإمام الصدر للبنانيين وقادتهم في زمن الحرب عن الميثاقية، وفي زمن ما قبلها عن الإصلاح والعدالة.
كل الوسائل متاحة في الرابية
تتّجه الأنظار الى الرابية اليوم، حيث يُعقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعاً يناقش فيه ما آلت إليه الأوضاع في لبنان لا سيما على صعيد الحكومة، ومن المتوقع أن يخرج بقرارات تصعيدية تبدأ بالطعن في مجلس شورى الدولة في التمديد للقادة الأمنيين ولا تنتهي بالعصيان المدني. وأشار مصدر قيادي في التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن «كل الاحتمالات مفتوحة وجميع الوسائل الديمقراطية السلمية متاحة أمامنا لمواجهة الذين ينتهكون الدستور والقوانين من الوسائل القضائية من خلال اللجوء الى مجلس شورى الدولة الى الاعتصام في الشوارع وصولاً الى العصيان المدني». وشدّد على أن «كل هذه الخيارات ستبحث خلال اجتماع التكتل اليوم الذي سيكون حاسماً ومفصلياً في تحديد وجهة التحرك، لكن لم يحسم شيء حتى الآن إلا أن ما يمكن تأكيده أن لا رجعة الى الوراء في ظل استمرار الطرف الآخر في انتهاك القوانين». ولفت المصدر إلى أنه «إذا استطاع هذا الفريق استيعاب مقاطعة أحد المكونات الرئيسية للحكومة وتحمل نتائجها السلبية على البلد فليحملها، لكن لن نسمح باستنزاف البلد طويلاً».
.. ولا استقالة من الحكومة
ونفى المصدر احتمال استقالة وزراء التكتل من الحكومة لأي اعتبار كان «لوجود تجربة مريرة مع الفريق الآخر، عندما لم يتحرك جفن رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة عندما خرج الوزراء الشيعة من الحكومة، واعتبر أنها ميثاقية واتخذ قرارات ووقع مراسيم وكأن شيئاً لم يكن». وحول تنسيق «التيار» مع حلفائه أكد المصدر نفسه أن «التنسيق والتواصل مستمران مع جميع الحلفاء وعلى رأسهم حزب الله الذي نقدّر موقفه على الصعيد الحكومي، لكننا ندفع نحن وإياه سوياً أثماناً باهظة نتيجة تغطيتنا للممارسات الرعناء التي تنتهك القوانين والاعراف».
حريصون على العلاقة مع بري
وحول العلاقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري شدّد المصدر على حرص التيار وقيادته على العلاقة مع بري ورهان التيار الدائم هو على حس الرئيس بري الميثاقي. فالميثاقية لا تختصر بأي وزير مسيحي يدّعي التمثيل الوازن للمسيحيين الذي لا يمكن أن يتأمن إلا بـ «التيار» و «القوات» و «الكتائب». ولفت المصدر الى أن «التيار ضد التمديد وكل فريق له رأيه ونظرته وحساباته في هذا الملف، لكن رفضنا للتمديد ينطلق من أمرين الأول أن أي تمديد يحرم الضباط الآخرين من فرصة الوصول الى هذا المنصب، وبالتالي يخالف الدستور ويضرب مبدأ المساواة، والثاني أن التمديد يحوّل الضابط من قائد الى رهينة لدى السياسيين الذين مدّدوا له، أما المعين في مجلس الوزراء فبقوة القانون ولا يخضع لأحد». وختم المصدر «تحركنا سيكون بشكل تدريجي وتحت سقف القانون».
متى تسقط الحكومة؟
وقال مصدر وزاري لـ «البناء» إن «لا اتصالات لتهدئة الأجواء وإنهاء مقاطعة التغيير والإصلاح لجلسات مجلس الوزراء»، لكنه طمأن الى أن «الحكومة باقية رغم الشلل الذي تعاني منه، موضحاً أن سقوط الحكومة قرار خارجي وليس داخلياً، وهي شكلت بقرار دولي عربي ولا تسقط الا بحالتين: ازالة الغطاء الدولي الإقليمي عن لبنان، واما انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو المطلب الاول والمدخل الرئيسي لانتظام المؤسسات».
مبادرة بري مازالت قائمة
بينما تترقب الأوساط السياسية الكلمة التي سيلقيها رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم غدٍ في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، وما إذا كانت ستتضمّن مبادرة جديدة في ضوء الأزمة الحكومية أم لا. وقالت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» إن «الرئيس بري سيجري جولة أفق على واقع الحال في لبنان والمنطقة وسيحث الفرقاء على العمل لإيجاد الحل للأزمة نظراً لحساسة ودقة الظروف المحيطة بلبنان. وسيشدد على مخاطر تعطيل عمل المؤسسات لا سيما مجلسي النواب والحكومة». ولفتت المصادر الى أن «ليس لدى بري أي مبادرة جديدة بمعنى مبادرة إذا لا جديد أو تطورات تقتضي أن يطرح مبادرة جديدة، فهناك مبادرة مطروحة وموجودة على طاولة الحوار الوطني لم تستنزف وقتها بعد. وهناك أمل كبير في إحداث خرق ما في جلسة 5 أيلول المقبل في السلة التي طرحها بري على المتحاورين»، مشيرة الى أن أي مبادرة جديدة يمكن أن يقدّمها بري في خطابه ستكون من وحي ما قدمه في جلسات طاولة الحوار».
وأوضحت أن «صيغة مجلسي الشيوخ والنواب والإصلاحات التي طرحت في الحوار تحتاج الى عمل تحضيري ربما يدوم سنوات، وبالتالي يجب الإسراع بالاتفاق على السلة التي طرحها بري والتي تتضمّن انتخاب رئيس والتوافق على قانون انتخاب وتشكيل حكومة جديدة».
محاولات لعودة المياه إلى مجاريها
واستبعدت المصادر أن «تحمل إحالة وزير المال علي حسن خليل الموازنة الى مجلس الوزراء أية رسائل سياسية أو إحراج لوزراء تكتل التغيير والإصلاح، مشددة على أن بقاء البلاد من دون موازنة سيؤدي الى كارثة اقتصادية، وبالتالي وزير المال قام بواجباته كوزير للمال وأحال الموازنة الى مجلس الوزراء ليكون له متسع من الوقت لدراستها وتحويلها الى المجلس النيابي ليدرسها بدوره ويقرّها». وشددت على أن بري «يجري اتصالات مع جميع الأطراف لإعادة المياه الى مجاريها على الصعيد الحكومي. وهو يراهن على جلسة الحوار الوطني المقبلة التي تسبق جلسة الحكومة لتحقيق هذا الهدف».
لجنة المال حول النفايات
على صعيد ملف النفايات حاولت لجنة المال والموازنة في جلستها أمس، البحث عن مخرج للأزمة المستجدة، وحمل الوزير المكلف رسمياً معالجة الملف أكرم شهيب إلى الجلسة جدولاً بتجارب الدول الأوروبية في هذا المجال وطرق المعالجة طالباً التدقيق فيه».
وعلمت «البناء» من مصادر مشاركة في الجلسة أن «اتحاد بلديات المتن واتحاد بلديات برج حمود توصلا الى حل، وسيتم طرح هذه الحلول في اجتماع الأربعاء المقبل، وفي حال التوصل الى حلول لمنطقتي المتن وكسروان بالتالي تحل 90 في المئة من أزمة النفايات». وأوضحت أن «هذا الحل ليس سحرياً بل يحتاج من 8 شهور حتى السنة مع العلم أن المشكلة بدأت منذ العام 2014 وخطة الحكومة التي أقرتها الحكومة على 4 سنوات تبين أن المطامر المعتمدة لن تستمر باستقبال النفايات أكثر من سنة عدا عن الطمر العشوائي الذي يشوّه البحر، خصوصاً أن الوزير شهيب اعترف بوصول جبال النفايات في المنطقة البحرية الى 15 متراً في وجه سكان المنطقة».
دي فريج: مناقصات لزيادة كمية الفرز
وقال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج لـ»البناء» إن «خطة الحكومة التي أقرتها في آذار الماضي على مرحلتين: الاولى لـ 4 سنوات لمعالجة النفايات تأهيل مطمرين في الكوستبرافا وبرج حمود وخلال الـ4 سنوات نعطي المجال لكل بلدية أن تجهز مشاريع لمعالجة النفايات وترسلها الى اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الملف لدرس مشروع كل بلدية ومدى ملاءمتها للشروط البيئية والمعايير الدولية مع تقديم المساعدات المالية الكاملة للبلديات من الدولة، موضحاً أن اللامركزية هي أساس الخطة المستدامة لكنها تحتاج الى وقت طويل، فأولاً على البلدية ان تجد عقاراً ضمن نطاق نفوذها ثم إجراء الدراسة اللازمة للأثر البيئي، وإذا كانت صالحة تستملك الارض ثم إيجاد مطمر مجاور لفرز وطمر العوادم بطريقة صحية».
وعن سبب تأخير الحكومة في تكليف البلديات ملف النفايات، أشار الى «أننا طالبنا مرات عدة في مجلس الوزراء بأن تتولى البلديات إيجاد مطامر لكل منها لطمر النفايات كحل مؤقت، لكن هذا الحل ايضاً يحتاج الى وقت. ونسأل بلدية برج حمود: لماذا عادت النفايات الى الشوارع؟ وماذا حصل لكي يتم ايجاد مواقع لمكبات ومطامر للنفايات في المتن وكسروان ولم يتم إيجادها خلال السنوات او الاشهر الماضية في ذروة ازمة النفايات؟».
وشدد دي فريج على أن «الحكومة لم تتخلَّ عن وعودها التي قطعتها لبلديات الشويفات وبرج حمود التي عليها ان تقدم هي المشاريع الواردة في الخطة الى الحكومة، وليست مهمة الحكومة أن تقدمها وخطة الحكومة تضمّنت كمرحلة اولى اعتماد معامل الفرز في العمروسية والكرنتينا. وتطرح اليوم زيادة نسبة الفرز. وهذا يحتاج الى دفتر شروط جديد وأجهزة وآلات ضخمة ومتطورة من الخارج تستطيع فرز أضعاف الكمية التي تفرزها اليوم»، مؤكداً أن مناقصات استيراد هذه الآلات ستطلق الأسبوع المقبل، الا أنه لفت إلى أن «المشكلة الرئيسية هي كيف نزيل النفايات من الشوارع خلال هذه الأشهر، مضيفاً: إذا اطلقت الحكومة المناقصات قامت القيامة واتهمت بالفساد وإذا لم تجر مناقصات تتهم بالتباطؤ».
سعادة: الحل المستدام هو الأفضل
وقال عضو اللجنة النائب سامر سعادة لـ «البناء» إننا «طرحنا في الاجتماع كيفية معالجة الدول الاخرى للنفايات واعتماده في لبنان، وتجاوب رئيس اللجنة الذي اتفق على دعوة اتحاد بلديات كسروان وبرج حمود والجديدة الى اجتماع الأربعاء لكون المشكلة هناك هي الأكثر تعقيداً».
واوضح سعادة أن «وزراء الكتائب وافقوا على خطة شهيب الاولى التي تعتمد اللامركزية في معالجة النفايات، لكن للاسف الحكومة أهملت وقصرت وبات الحل اعتماد مطامر فوق البحر في مناطق مكتظة بالسكان، ومن دون دراسة الأثر البيئي ما يشكل خطراً على صحة آلاف المواطنين في المناطق». ولفت الى أن «شهيب يسعى للحل، لكنه لا يملك الحل السحري. فالحكومة التي فرضت الحل المؤقت على اهل المناطق بالقوة، كان الأحرى بها أن تفرض الحل المستدام بالقوة منذ سنتين، لكنا أنهينا الازمة».
وقال رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان إثر الجلسة «لا نريد أن يتحول ساحل المتن مكباً ولا نريد أن تتحول شوارعنا أيضاً مكباً. نحن منفتحون على كل الحلول، وعلى الحكومة أن تنفذ ما وعدت به، وتقرر دعوة اتحادات البلديات المعنية الى اجتماع الأربعاء المقبل سنحاول خلاله تقسيم الرؤية وسنسأل في المرحلة الأولى: ماذا بعد الخطة الانتقالية؟».
المصدر: صحف