أشار سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة على أعتاب ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر الى أن الامام الصدر لم يكن يرى أن الخطر الصهيوني يقتصر على فلسطين والقدس وعلى الشعب الفلسطيني وحده, بل كان يرى أن وجود اسرائيل ووجود هذا الكيان في منطقتنا بحد ذاته يشكل خطراً على كل المنطقة وعلى كل الأمة .. كان يرى أن اسرائيل بأصل وجودها شر مطلق, والشر لا بد من اقتلاعه وإزالته من الوجود وإلا تمدد وانتشر وعم خطره كل الوجود.
وقال: اليوم أدوات أمريكا واسرائيل التي تتشكل من الجماعات التكفيرية الإرهابية يقومون بالنيابة عن أمريكا وإسرائيل بضرب المقاومة ودول محور المقاومة في المنطقة, وكل التطورات في سوريا تؤكد أن الجماعات التكفيرية الارهابية هم أداة في مشروع اميركي يستهدف منطقتنا وهذا المشروع يتلاعب في الأدوات خدمة لأميركا.
ورأى أن معركة حلب الجارية أكدت أن الجماعات التكفيرية الارهابية بكل مسمياتها هي العمود الفقري للمجموعات المسلحة التي تقاتل في هذه المعركة, وهي الاساس في هذه المعركة بدءاً من الحزب الاسلامي التركستاني ومروراً بالإيغوريين والشيشانيين وأحرار الشام وليس انتهاء بجبهة النصرة وجيش الفتح.
واضاف: هذا يعني ان المعركة الجارية في سوريا أولاً وأخيراً هي معركة مع الارهاب بكل مسمياته, وليس مع معارضة أو ثورة أو انتفاضة، هي معركة مع أدوات تحركهم أمريكا كيفما تشاء ومع عصابات من القتلة والمجرمين والذباحين والوحوش، وليس مع قوى وطنية تريد أن تبني وطناً على أساس الحرية والديمقراطية والاستقلال والسيادة.
واعتبر أنه اذا سيطرت الجماعات المسلحة فإن من سيحكم سوريا هم هؤلاء القتلة الذين لن يكتفوا بتدمير مقدرات الشعب السوري بل سيدمرون كل المنطقة, وسيفرضون قناعاتهم وسلوكهم ونموذجهم على كل شعوب المنطقة, فهل الشعوب تريد هذا النوع من الحكام ؟؟! أو هذا النموذج؟ أوهذا النمط من السلوك؟؟!
وأكد أن استبدال داعش بإرهابيين من جماعات أخرى في في بعض المناطق السورية والإيحاء بأن داعش وحدها الفصيل الإرهابي بينما بقية الفصائل معتدلة؟! هو تدليس ونفاق لن يغير من الحقيقة شيئاً ولن يجدي في القضاء على الإرهاب, فلا فرق بين هذه العصابات التي تقولون عنها معتدلة وبين داعش فكلهم إرهابيون وقتلة, يشهد عليهم سلوكهم الاجرامي في حلب وفي غيرها وقتلهم للأطفال والنساء وتنكيلهم بالأقليات في كثير من المناطق في سوريا والعراق وغيرها.
نص الخطبة
يقول الله تعالى: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا.
قد تنشب الخلافات بين الزوج والزوجة داخل البيت الزوجي وتكون الزوجة هي سبب المشكلة كما لو تمردت الزوجة على زوجها وخرجت عن طاعته وكانت هي الناشزة والمخطئة, وقد يكون الزوح هو سبب االمشكلة كما لو امتنع الزوج عن أداء حقوق الزوجة وأهملها وكان هو الناشز والمخطىء, وقد يكونان معاً سبب الخلاف كما في الحالات التي يحصل فيها شقاق ونزاع بين الطرفين لسبب من الاسباب.
الآية التي تلوتها في بداية الحديث تبين أن الإصلاح بين الزوجين في حال نشوب الخلاف أمر ضروري لا يجوز تجاوزه, فإذا كان الإصلاح بين الناس مطلوباً فإن الإصلاح بين الزوجين أكثر مطلوبية, لأن الأسرة المسلمة هي نواة المجتمع, فإذا صلحت صلح المجتمع, واذا استقرت استقر المجتمع.
وقد وضع القرآن الكريم برنامجاً لتقويم سلوك الزوجة الناشز , ووضع خطة لتقويم سلوك الزوج الناشز, ووضع حلاً أيضاً للخلافات التي تحصل بين الزوجين وتؤدي الى الشقاق بينهما, الا أن كل الحلول في هذه الحالات تقوم على أساس الاصلاح, إصلاح الزوجة عندما تكون هي المخطئة, وإصلاح الزوج عندما يكون هو المخطىء, والاصلاح بين الطرفين عندما تستحكم المشاكل والخلافات بينهما.
فالاصل في العلاقة الزوجية هي الاصلاح وحل الخلاف, ومحاولة التقريب بين الطرفين ما أمكن, وعدم اللجوء الى الانفصال والطلاق.
وقد وضع القرآن الكريم للزوج خطة لتقويم سلوك الزوجة الناشز وحدد له وسائل علاج هذه الحالة, فلا يجوز للزوج أن يتجاهل هذه الخطة أو يتجاوزها او يقفز فوقها ويلجأ فوراً الى ضرب الزوجة وظلمها والإساءة إليها من دون مبرر. يقول سبحانه وتعالى مخاطباً الرجال: “واللاَّتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واَهْجُروُوهُنَّ فِي المْضَاجِعِ واَضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَليّاً كَبِيراً” .
فكل زوج يعاني عصيان وتمرد زوجته من دون أن يكون هو السبب في ذلك، مطلوب منه بأمر القرآن أن يعظها اولاً أي في البداية ينصحها ويوجهها بالكلمة الطيبة والاسلوب الحسن من دون توبيخ أو تعنيف أو سب وشتم أو تهديد أو ضرب, فإذا ما فشلت النصيحة والموعظة يلجأ إلى وسيلة ثانية، وهي الهجر في المضاجع، وإذا لم يحقق الهجر هدفه ويعيد الزوجة إلى صوابها، يلجأ الى الوسيلة الثالثة وهي
الضرب الرمزي الخفيف غير المؤلم إذا إحتمل أنه يؤثر في عودال الى رشدها وصوابها وبشرط أن لا يكون بقصد الانتقام وأن لا يترك أثراً على الجسد كالإحمرار والإسوداد, فإن ضربها وأوجب ضربها إحمرارا ً أو اسوداداً فلها أن تطالب بالدية.
هذا ما حددته الآية القرآنية فيما لو كانت الزوجة هي المتمردة والناشزة والمخطئة. .
أما لو كان الزوج هو الناشز والمخطىء بحق زوجته, كما لو واجه الرّجل زوجته بالظلم والتعسّف، بحيث انه أهملها وأعرض عنها نتيجة عقدةٍ نفسيّة أو مزاج خاصّ، او منعها حقوقها الَّتي أوجبها الله تعالى عليه، فما هو السبيل في هذه الحالة لحلّ المشكلة ؟.
القرآن الكريم يرشدنا الى أنه في الحالات التي ينشز فيها الزوج بحيث يمتنع عن اعطاء الزوجة حقوقها فيمتنع عن النفقة او المقاربة الجنسية او ما اشبه ذلك, فلا بد ان يبادر المصلحون من الناس الى الاصلاح بينهما قبل أن تلجأ الزوجة الى الحاكم الشَّرعي لمعاقبة الزوج او اجباره على الطلاق.
يقول تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً( أي إذا ظهر من الزّوج النّشوز، والنّشوز هو عبارة عن منع المرأة حقوقها الزوجيّة، سواء كان ذلك بامتناع الزّوج عن الإنفاق على زوجته، أو بالامتناع عن أداء حقوقها الجنسيّة وما إلى ذلك، (أَوْ إِعْرَاضاً) بأن يهملها ويهجرها ولا يعاشرها بالمعروف والاحسان ولا يعاملها كانسانة يحترم انسانيتها ولا يقوم بما تقتضيه الحياة الزوجية من رعاية واهتمام ( فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً) فلا مانع من أن يبادر الناس إلى الصّلح بينهما، بدراسة الأسباب الّتي أدّت بهذا الزّوج إلى الامتناع عن أداء حقّ الزّوجة، أو الإعراض عنها وإهمالها وعدم الإهتمام بها، فيبادر النّاس الطيّبون إلى دراسة هذه الأسباب ومحاولة حلّ المشكلة بالطّريقة الّتي تعيد الحياة إلى طبيعتها.
)وَالصُّلْحُ خَيْرٌ( فالله تعالى يؤكِّد مبدأ الصّلح بين الزوجين، باعتباره ينسجم مع مبدأ الصّلح العام بين الناس، وهو خير، لأنّه يحفظ للعائلة سلامتها، ويحقّق لكلّ هذا الكيان العائليّ سلامته، سواء على مستوى الزّوجين أو الأولاد، أو النّاس الَّذين ترتبط علاقاتهم بعلاقة الزوجين، كأهل الزّوجة وأهل الزّوج، فالإصلاح ينشر السَّلام ويحلّ المشاكل بين كلّ هؤلاء، سواء الّذين يرتبطون بالبيت بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأما في حالة ما اذا كان الخلاف خلافاً من طرف الزوج ومن طرف الزوجة، بحيث يستحكم الخلاف بين الطرفين لاسباب عديدة, وهذا الذي يُعبَّر عنه بالشقاق، بحيث تثير الزوجة مشكلة، أو يثير الزوج مشكلة، فيحدث الشّقاق بينهما، ويتصرفان بطريقة تحدث شقّاً في داخل هذه العلاقة ، فما هي الطّريقة المناسبة لمعالجة مثل هذه المشكلة؟ وقد قلنا إنَّ المشكلة إذا كانت من طرف الزوجة فعلى الزوج أن يستخدم الوسائل الثلاثة لمعالجة المشكلة, أي الوعظ أولاً ثم الهجر ثم الضرب, وان كانت المشكلة من طرف الزوج، فتأتي مسألة الصّلح، والصلح خير, سواء قام بالصّلح شخص واحد أو جماعة من الناس، أما إذا كانت المشكلة مشتركة بين الزوج والزوجة، فالحل الذي يرشدنا اليه القرآن هو الإصلاح بين الزوجين عن طريق
التحكيم بأن يأتي حكم من أهله وحكم من أهلها ينظران في طبيعة المشكلة ويعملان على حل الخلاف والإصلاح بينهما، يقول سبحانه وتعالى في سورة النساء: وَإنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إصْلاَحاً يُوفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَليِماً خَبِيراً .
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا) وهذا ما نسمّيه مجلس التَّحكيم العائليّ، بحيث نختار شخصاً من أهل الزوجة وشخصاً من أهل الزوج ليدرسا المشكلة، ويحاول الَّذي من أهل الزوجة أن يدرس المشكلة مع الزوجة، ما هي الاسباب التي جعلتها تخطىء وتصدر عنها تلك السلبيات؟ وما هي جذور المشكلة؟ والشَّخص الَّذي من أهل الزوج أيضاً يدرس هذه المسألة مع الزوج، حتى يتعرَّف على طبيعة المشكلة من طرفه ، ويعتبر هذا التَّحكيم تحكيماً عائلياً، بحيث يُصدران معاً بعد دراسة الأمور حكماً، وهذا الحكم يركِّز على جانب الصّلح، ويمكن أن ينتهي إلى الحكم بالتّفريق بينهما، لكن القرآن الكريم لم يتحدَّث عن مسألة الانفصال، لأنه أراد أن يغلب جانب الصّلح فيما بينهما، للإيحاء لمجلس التحكيم العائليّ بأنَّ عليهما أن يتحركا في طريق الصّلح.
)إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً( أي إذا أراد الحكمان الاصلاح وتحركا باتجاه الاصلاح بين الزوجين وايجاد الحلول المناسبة للمشكلة بينهما )يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا) فعندما يريدان الإصلاح ويسعيان نحوه باخلاص، فإنَّ الله سبحانه وتعالى يعطي بلطفه ورحمته وتوفيقه الوفاق بينهما، لتعود الى حياتهما بهجتها وفرحها وسعادتها واستقرارها بعيداً عن الخلاف والفراق.
وهذا معناه أنَّ الأصل كما قلنا في مسألة الخلاف الزوجيّ هو القيام بعملية الإصلاح، وليس الأساس هو المبادرة إلى الطلاق أو ما أشبه ذلك، سواء من خلال الزوجين، أو من خلال الحكمين اللذين يُلجأ إليهما للتحاكم.
وموضوح التحكيم ينبغي أن يسري في كل موارد الخلاف وليس عند الخلاف بين الزوجين فقط, ففي كل خلاف يحصل بين شخصين أو بين عائلتين او بين جهتين يجب ان يتدخل العقلاء من أجل الاصلاح وحل النزاعات والخلافات, وخاصة الخلافات التجارية والمالية التي تكثر هذه الايام بين الناس, فبدلاً من اللجوء الى المحاكم والقضاء واستهلاك الوقت والمال على الدعاوى والمحامين لا بد من أني تم اللجوء الى العقلاء والحكماء والعلماء لحل النزاعات ومعالجة المشكلات وفق الاصول والضوابط الشرعية التي تضمن لصاحب الحق حقه.
هذه الأيام نحن على اعتاب 31 آب ذكرى إختطاف وتغييب قامة دينية ووطنية كبيرة هي الإمام السيد موسى الصدر, نتذكر السيد موسى الصدر ورفاق دربه اعادهم الله بالخير ونؤكد ان هذه القضية اضافة الى أنها قضية وطن وشعب وأمة هي قضية مقاومة أيضاً, لأن الامام موسى الصدر كان إمام المقاومة ولأجل ذلك تآمروا عليه واختطفوه وغيبوه.. فهو الذي دعى الى المقاومة مقاومة العدو الاسرائيلي واعتبرها أولوية ونذر لها حياته وسخر لها كل إمكاناته لأنه كان يرى في وجود اسرائيل خطراً استراتيجياً كبيراً.
الامام موسى الصدر لم يكن يرى أن الخطر الصهيوني يقتصر على فلسطين والقدس وعلى الشعب الفلسطيني وحده, بل كان يرى أن وجود اسرائيل ووجود هذا الكيان في منطقتنا بحد ذاته يشكل خطراً على كل المنطقة وعلى كل الأمة .. كان يرى أن اسرائيل بأصل وجودها شر مطلق, والشر لا بد من اقتلاعه وإزالته من الوجود وإلا تمدد وانتشر وعم خطره كل الوجود.
اليوم أدوات أمريكا واسرائيل التي تتشكل من الجماعات التكفيرية الإرهابية يقومون بالنيابة عن أمريكا وإسرائيل بضرب المقاومة ودول محور المقاومة في المنطقة, وكل التطورات في سوريا تؤكد أن الجماعات التكفيرية الارهابية هم أداة في مشروع اميركي يستهدف منطقتنا وهذا المشروع يتلاعب في الأدوات خدمة لأميركا.
ومعركة حلب الجارية أكدت أن الجماعات التكفيرية الارهابية بكل مسمياتها هي العمود الفقري للمجموعات المسلحة التي تقاتل في هذه المعركة, وهي الاساس في هذه المعركة بدءاً من الحزب الاسلامي التركستاني ومروراً بالإيغوريين والشيشانيين وأحرار الشام وليس انتهاء بجبهة النصرة وجيش الفتح.
وهذا يعني: ان المعركة الجارية في سوريا أولاً وأخيراً هي معركة مع الارهاب بكل مسمياته, وليس مع معارضة أو ثورة أو انتفاضة، هي معركة مع أدوات تحركهم أمريكا كيفما تشاء ومع عصابات من القتلة والمجرمين والذباحين والوحوش، وليس مع قوى وطنية تريد أن تبني وطناً على أساس الحرية والديمقراطية والاستقلال والسيادة.
واذا لا سمح الله سيطر هؤلاء فإن من سيحكم سوريا هم هؤلاء القتلة الذين لن يكتفوا بتدمير مقدرات الشعب السوري بل سيدمرون كل المنطقة, وسيفرضون قناعاتهم وسلوكهم ونموذجهم على كل شعوب المنطقة, فهل الشعوب تريد هذا النوع من الحكام ؟؟! أو هذا النموذج؟ أوهذا النمط من السلوك؟؟!
واذا كان المطلوب هو استبدال داعش بإرهابيين من جماعات أخرى في في بعض المناطق والإيحاء بأن داعش وحدها الفصيل الإرهابي بينما بقية الفصائل معتدلة؟! فهذا تدليس ونفاق لن يغير من الحقيقة شيئاً ولن يجدي في القضاء على الإرهاب, فلا فرق بين هذه العصابات التي تقولون عنها معتدلة وبين داعش فكلهم إرهابيون وقتلة, يشهد عليهم سلوكهم الاجرامي في حلب وفي غيرها وقتلهم للأطفال والنساء وتنكيلهم بالأقليات في كثير من المناطق في سوريا والعراق وغيرها.
المصدر: موقع المنار