أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان “عوامل عدة، منها ما هو خارجي ومنها ما هو داخلي، تضافرت لتنتج أسوأ أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية ضربت لبنان”.
وأوضح انه “منذ بداية هذا العهد شكل الوضع الاقتصادي والمالي الهم الأكبر، و”بذلت جهودا كبيرة للمعالجات الاقتصادية، ولكنها لم تأت بكل النتائج المأمولة لأن الوضع كان سيئا والعراقيل كثيرة، وقد أدى الضغط الاقتصادي المتزايد الى نزول الناس الى الشارع بمطالب معيشية محقة وبمطلب جامع لكل اللبنانيين وهو محاربة الفساد.”
واعتبر في كلمة له أمام أعضاء السلك الديبلوماسي ومديري المنظمات الدولية قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، الذين جاءوا لتهنئته بالاعياد، في حضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي، ان التظاهرات خصوصا في بداياتها، “شكلت فرصة حقيقية لتحقيق الاصلاح المنشود لأنها هزت المحميات الطائفية والسياسية، وقطعت الخطوط الحمر وباتت المحاسبة ممكنة”، ولكن محاولات استغلال بعض القوى السياسية للتحركات الشعبية أدت الى تشتت بعضها وإغراقها في راديكالية رافضة، كذلك نمط الشائعات المعتمد من بعض الإعلام وبعض المتظاهرين، حرف بعض الحراك عن تحديد مكامن الفساد الحقيقي وصانعيه بصورة صحيحة، ولا زلت أعول على اللبنانيين الطيبين في الشوارع والمنازل لمحاربة الفساد”، فيما عمل الجيش والقوى الامنية على تأمين حق التظاهر وسلامة المتظاهرين. لكن هذا الوضع فاقم الأزمة الاقتصادية كما انعكس سلبا على الوضع الأمني، وقد أدى الى ارتفاع معدل الجريمة بجميع أنواعها بعد أن كنا حققنا تقدما لافتا في خفضه في العامين المنصرمين”.
وشدد رئيس الجمهورية على ان ولادة الحكومة “كانت منتظرة خلال الاسبوع الماضي، ولكن بعض العراقيل حال دون ذلك. وعلى الرغم من اننا لا نملك ترف التأخير، فإن تشكيل هذه الحكومة يتطلب اختيار أشخاص جديرين يستحقون ثقة الناس والمجلس النيابي مما تطلب بعض الوقت”، وقال: “سنبقى نبذل كل الجهود الممكنة للتوصل الى الحكومة الموعودة، مقدمين المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار آخر”.
وتحدث الرئيس عون عن الاعباء التي خلفتها مسألة النزوح السوري الى لبنان ونتائجها السلبية على المجتمع اللبناني، لكنه لفت الى “مؤشرات إيجابية نتوقعها في الآتي من الأيام مع بدء لبنان أعمال التنقيب عن ثرواته الطبيعية في مياهه الاقليمية، وهنا نجدد التأكيد على تمسكنا بحقنا باستثمار حقولنا النفطية كافة، ورفضنا لأي محاولة إسرائيلية للاعتداء عليها، وتشديدنا على ضرورة تثبيت الحدود البرية وترسيم البحرية”.
وأكد “تمسكنا بالقرار 1701 وبالقرارات الدولية والشرعية الدولية القائمة على العدالة والحق بتأمين استعادة حقوقنا وأرضنا ومنع التوطين في لبنان، وكذلك تمسكنا بمبدأ تحييد لبنان عن مشاكل المنطقة وإبعاده عن محاورها لإبعاد نيرانها عنه، من دون التفريط بقوة لبنان وحقه في المقاومة وقيام استراتيجية دفاعية تعزز هذه الفرصة بالتفاهم بين كل اللبنانيين”.
وأعرب عن ثقته بأن ذكرى مئوية اعلان “دولة لبنان الكبير” ستشكل فرصة ملائمة، وسط جميع عوامل القلق وضبابية الرؤية، لإعادة اكتشاف دور لبنان ومكانته، وتجديد الالتزام من قبل جميع اللبنانيين بتحدي بناء وطن يليق بالإنسان وكرامته”.
من جهته، شدد عميد السلك الديبلوماسي السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتيري، على أهمية الحوار وخصائصه التي تحترم الآخر ورأيه ولا تقصي احدا من المعارضين او الموالين او غير الراغبين بأخذ اي طرف. وأكد ان “آفة الفساد، التي لطالما لقيت شجبا من فخامتكم، تعرقل عمل الدولة في خدمة جميع مواطنيها بشكل فعال”.
وقال “ان الحوار مستحيل إذا لم نعتبر بعضنا البعض متساوين، هذا الحدس الأساسي يكمن في عمق مبادرة فخامتكم في إنشاء “أكاديمية اللقاء والحوار”، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 أيلول 2019. نرجو فخامتكم قبول أصدق تهانينا، وأفضل تمنياتنا لتنفيذ سريع لهذا المشروع الخير في خدمة الأخوة الإنسانية في لبنان وفي العالم كله.”
ولفت الى ان “المجتمع الدولي، الممثل هنا برؤساء البعثات الدبلوماسية ومسؤولي المنظمات الدولية، لا زال يشدد على ضرورة حوار صادق قائم على الإحترام بين القادة السياسيين أنفسهم، كما بينهم وبين أولئك الذين يطالبون بالتغيير الحقيقي.” وأمل أن “يؤدي الحوار إلى تشكيل سريع لحكومة يكتب لها الحياة، لكي تقر الإصلاحات الطارئة والضرورية وتوضع حيز التنفيذ، ولكي تستعاد الثقة لدى جميع اللبنانيين ولدى جميع أصدقاء لبنان”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام