رغم أن الإنسان العصري متشابك مع العالم بسبب سهولة التنقل وتوافر التكنولوجيا والعالم الرقمي؛ إلا أن الوحدة أصبحت مرضا شائعا، وهناك تشخيص صادم بقول بأنه “القاتل رقم واحد” في المجتمع العصري. ويحذر العلماء منذ 15 عاما من خطورة الوحدة على الحالة الصحية للإنسان. فقد أعد باحثون منذ ذلك الحين 148 دراسة من أنحاء العالم تتعلق بهذا الأمر وجاءت النتائج مرعبة!
وبحسب تلك الدراسات فإن الوحدة والإنعزال الاجتماعي لهما أكبر تأثير على عمر الإنسان، ويفوق تأثيرهما إدمان الكحول والبدانة. كما هناك تزايدا في عزلة البعض عن المجتمع أمكن ملاحظته منذ سنوات.
العزلة إذا ليست مجرد شعور غير مريح، وإنما مسألة يمكن أن تكون لها آثار خطيرة وتأثير سلبي على الصحة. والسؤال هنا هو لماذا ذلك؟
الإجابة على هذا السؤال، كما يعتقد العلماء، لها علاقة بماضي البشرية، حين كان العيش المشترك شرطا أساسيا للبقاء على قيد الحياة. فالحياة وسط المجموعة أسهل وقاسمها المشترك العمل الجماعي لتأمين الغذاء والتناسل وقبل كل شئ الحماية من المخاطر كمواجهة الحيوانات المفترسة.
أما الخروج من الجماعة فيعني مواجهة مخاطر الحياة منفردا، وهو ما ينتج عنه توتر نفسي يدفع الجسم لمواجهة إنذارات صحية عديدة، بسبب فقدان الأمان المتوفر في المجموعة.
وقام علماء بإجراء تجربة على شخصين لقياس نسبة التوتر لديهما، وذلك عن طريق فحص اللعاب لمعرفة نسبة هورمونات الإجهاد لدى كل منهما، والنتيجة:
الشخص الذي يتمتع بعلاقات اجتماعية ارتفعت لديه نسبة هرمون الكورتيزول باعتدال، فالانتماء للمجموعة منحه الأمان، حسب ما يعتقد الباحثون.
أما الشخص الذي يعاني من الوحدة فكانت نسبة الكورتيزول لديه مرتفعة، وأظهرت دراسات أخرى بأن النسبة كانت مرتفعا طيلة اليوم، والنتيجة: يحصل الجسم على إمدادات لمواجهة أعراض صحية محتملة، فيقل النوم وترتفع نسبة السكر والضغط، كما تتدنى كفاءة جهاز المناعة بسبب الكورتيزول.
الوحدة والانعزال عن الناس تسببان الإصابة بأمراض خطيرة كأمراض السرطان والأوعية الدموية وأمراض القلب، وبالتالي فهي ليست مجرد أزمة نفسية اجتماعية فقط، يحذر أخصاء الصحة.
المصدر: dw.com