“حشرة الفتاة”، “حشرة الطائرة”، “حشرة الهليكوبتر” .. أسماء متعددة تطلق على حشرة “اليعسوب” ذات السرعة الفائقة في الطيران، والقدرات العالية في المناورة، بفضل ما تملكه من أجنحة ذات تصميم استثنائي ونظام رؤية خارقة، جعل منها مصدر إلهام لإحدى أكبر الشركات المصنعة لطائرات الهليكوبتر من طراز “سيكورسكي” الأمريكية، وامتد تأثيرها أيضا إلى مجال الإنشاءات ليتخذ منها نموذج محاكاة لتصميم ملعب “ميونخ” الأولمبي الشهير في ألمانيا.
يقول “أوميت إينجه قره”، أستاذ في قسم علم الحيوانات بكلية العلوم في جامعة “أتاتورك”: انها أكبر الحشرات من حيث كبر عينيها مقارنة مع حجم رأسها، حيث تشكل الاثنتين نصف حجم رأسها، وكل واحدة منهما تحتوي على 30 ألف خلية صغيرة، وفي مقدمة كل واحدة منها توجد عدسات، و ما تتميز به هذه الحشرة من نظام رؤية فائق أن “الصورة الكبيرة التي تتشكل لدى اليعسوب تتكون من جميع الصور الواردة من تلك العدسات الصغيرة، يساعده على ذلك عينيه الكبيرتان اللتان تمتدان حتى خلف رأسه، تمكنانه من مراقبة كل ما حوله”.
ميّزة أخرى يتميز بها “اليعسوب” تساعده على الصيد، وهي السرعة التي تصل إلى 95 كم في الساعة، يستطيع خلالها القيام بحركات بهلوانية في الجو لا يستطيع أي كان حي آخر فعلها، حيث يقوم بمناورات أفقية وعامودية حادة، تساعده على صيد الحشرات الطائرة التي يتغذى عليها لذلك ألصقت به صفة “بريداتور” أو الحيوانات المفترسة التي تتغذى على تناول الحشرات الأخرى، بحسب “إينجه قره”.
ولفت الخبير التركي إلى أن إحدى ميّزات حشرة “اليعسوب”، هي أن أجنحتها تعتبر مصدر إلهام للعديد من العلماء، استنادا إلى نظرية “محاكاة الطبيعة” حيث يتم تطوير المنتجات الاصطناعية عبر تقليد الطبيعة. ويضيف ” ان هذه الحشرات يتم استخدامها في محاكاة الطبيعة بشكل كبير، وأجنحتها رقيقة جدًا بحيث تبلغ سماكتها 1/3000 ميلي متر، ولا تتمزق رغم رفرفتها آلاف المرات في الثانية، كما أن مقدمة أجنحتها تحتوي على خلايا كثيفة مما يزيد من ثقلها، وهذا بدوره يحول دون تضرر تلك الأجنحة من الاهتزازات”.
ما سبق – بحسب “إينجه قره” – من مميزات السرعة وقوة الأجنحة والقدرة على المناورة والطيران بشكل عامودي وأفقي، دفع مصممو طائرات الهليكوبتر محاكاة هذه الحشرة، ليخرجوا في النهاية المروحية “سيكورسكي” التي تشبه حشرات “اليعسوب” كثيرا من حيث التصميم والقدرة على المناورة التي تم استلهامها منها.
ولفت إلى أن “هذه الحشرات ليست سامة وغير ضارة بالإنسان، لذلك فإن الناس ينظرون إليها بمحبة، كما أنها تستخدم في المكافحة البيولوجية، وتساعد على التوازن البيئي عبر تناول بعض الحشرات الضارة مثل البعوض، وتمنع من الضرر بالبشر عبر تقليل عددها، وهكذا فإن لها دور في الطبيعة أيضًا”.
واليعسوب الذي يعيش على أطراف المياه يُطلق عليه الأتراك اسم “يوسفجوق” (يوسف الصغير)، فيما يسمى في اللاتينية بـ”أودونات”، بالإضافة إلى أسماء مختلفة منها “حشرة الفتاة” و “حشرة الطائرة” و”حشرة الهليكوبتر” و”عذارى المياه”.
ويوجد حول العالم نحو 6 آلاف نوع من حشرة “اليعسوب”، التي تتميز بجمال ألوانها وتعيش على ضفاف البحيرات والأنهار التي تتميز برونقها ونظافة مياهها.
وأكد “إينجه قره” على أن مكان تواجد “اليعسوب” يدل على نظافة المياه الموجودة في تلك المنطقة.
المصدر: وكالة الاناضول