يعد مؤشر مخاطر المناخ الذي تنشره منظمة “جيرمان ووتش الألمانية للتنمية” حول الدول المتضررة من التقلبات المناخية، مرجعية سنوية لرصد الآثار الفعلية للتغير المناخي. فهذا المؤشر ينبني على قاعدة بيانية لشركة “ميونيخ ري”، لإعادة التأمين، وبيانات صندوق النقد الدولي، وهو يقوم من جهة بمقارنة أعداد الوفيات والأضرار المادية الناتجة عن الطقس الاستثنائي، مع معادلة القوة الشرائية. ويستند في ذلك تحديدا على نسب الساكنة المحلية للبلد وإجمالي الناتج القومي.
ووفق هذا المؤشر احتلت ألمانيا في عام 2018، المركز الثالث في قائمة المنظمة للدول المتضررة من الظروف المناخية الاستثنائية، خلف اليابان والفليبين، وذلك للمرة الأولى منذ بدء إعداد هذه القائمة.
المركز الأول من الدول الأكثر تضررا احتلته اليابان التي سجلت فيها العام الماضي 1282 حالة وفاة بسبب الإعصار والفياضانات وارتفاع معدل الحرارة. أما الأضرار المادية فقدرت بنحو 32 مليار وهو ما يعادل نسبة 0,6 من معدل الناتج المحلي. فالإعصار الذي ضرب بعض مناطق اليابان في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي تسبب وحده بخسائر قدرت بـ11 مليار يورو.
ولم تكن الفلبين أحسن حالا في عام 2018، بل ضربها إعصار أطاح بقسمها الشمالي. وبلغت سرعة الرياح حينها 270 كلم في الساعة. وهي أعلى درجة سجلت في البلاد على الإطلاق.
250 ألف شخص فقدوا منازلهم، بينما بلغ عدد المفقودين 455 شخصا. كما تسببت الأعاصير المتعاقبة في ذلك العام في أضرار بقيمة 4,5 مليار دولار. وهو ما يعادل نحو 0,5 من الناتج المحلي.
وفي ألمانيا كانت الزراعة أكبر ضحايا التقلبات المناخية، ما دفع الفلاحين إلى طلب دعم حكومي بلغ 340 مليون يورو. وفي ألمانيا كان معدل الأضرار الاقتصادية بمعدل تلك المسجلة في الفلبين، الفارق الوحيد أن الاقتصاد الرابع عالميا لم يتأثر بذات القدر، لكونها لم تتجاوز 0,1 من الناتج المحلي.
مؤشر خطر المناخ هذا لا يركز فقط عما حدث في عام 2018 فحسب، وإنما شمل أيضا تحليلا للتطورات المسجلة في هذا الإطار في الفترة ما بين عامي 1999 و 2018. وأظهر هذا المؤشر أن بورتو ريكو ومينامار وهاييتي هي أكثر الدول تضررا بالأعاصير والفيضانات وموجات الجفاف على مستوى مؤشر بعيد المدى للدول المتضررة.
ويتسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض على مستوى العالم في حدوث ظواهر جوية “متطرفة”، مثل فترات الجفاف والأعاصير، بوتيرة أسرع.
لكن وكما شاهدنا الفارق بين الفلبين وألمانيا مقارنة بمعدل الناتج المحلي لكل بلد، تبقى الأضرار أكثر خطورة بالنسبة للدول النامية منها مقارنة بالدول الصناعية.
وقد علق مايك فينغيز محرر في “مؤشر مخاطر المناخ”، أن “الدول الأكثر فقرا لا تزال هي التي تتعرض لمخاطر أكبر… حيث لا تحصل، حتى الآن، من المسببين الرئيسيين للتغير المناخي، أي الدول الصناعية، على مساعدات مقابل الأضرار والخسائر التي تلحق بها”. وليس هذا فحسب، وإنما تقول زميلته فيرا كونتسيل: “نلحظ في بلدان مثل هايتي والفلبين وباكستان وجود تقارب زمني خطير بين الظواهر المناخية المتطرفة، وهذا التعاقب السريع لا يترك لهذه البلدان فرصة للتعافي”.
كل هذه المعطيات هي دليل إضافي حسب معدي الدراسة إلى ضرورة التوصل إلى توافقات دولية عاجلة حول طرق وحجم المساعدات التي لا بد من تقديمها الدول النامية المتضررة خلال مؤتمر مدريد للمناخ.
المصدر: dw.com