ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 7 كانون الاول 2019 على الازمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن اللبناني بشكل يومي، حيث بانت علامات الانهيارالاقتصادي واضحة من خلال جنون الاسعار والصرف الجماعي …
* الاخبار
علامات الانهيار: جنون الأسعار وصرف جماعيّ
مؤشر أسعار السلع في تصاعد: المحليّة لامست الـ 25%… والمستوردة الـ 40%
مطلع هذا الأسبوع، صرّح رئيس نقابة أصحاب الأفران كاظم ابراهيم، بـ«أننا لن نقبل برفع سعر ربطة الخبر أو إنقاص وزنها». لكن بعيداً عن النقابة وتصريحات نقيبها، وقرارات وزارة الاقتصاد وتأكيدات وزيرها، قرر بعض أصحاب الأفران، بما أنهم لا يستطيعون رفع سعر ربطة الخبز، أن «يسحبوا» رغيفاً منها عبر خفض وزنها.
سعر ربطة الخبز لا يزال صامداً رغم «نتش» رغيف منها، إلا أنه «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان». ولأنه لا إمكانية لـ«النتش» من بقية مواد سلة الإستهلاك اليومية، لم يبق أمام التجار إلا رفع أسعارها التي صارت أسعارها تتقلّب بين يوم وآخر تبعاً لـ«بورصة» سعر صرف الدولار في السوق غير الرسمي. هكذا، باتت للمواطن حسابات جديدة صارت معها بعض السلع الأساسية «كماليات». فصار «دولاب» جبنة القشقوان المستورد، مثلاً، «متل الكافيار» لمن فقدوا 40% من قدرتهم الشرائية، في ظل واقع يتحكّم به كبار التجار والمستوردين الذين «يلعبون» بالأسعار، بحجة النقص في المخزون والعجز عن الاستيراد، تكتفي المديرية العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد بعدّ محاضر الضبط التي تبقى بلا قيمة فعلية. ينفلت التجار في السوق، فارضين ما يحلو لهم من أسعار، ومتذرّعين بأزمة الاستيراد التي تفرض عليهم «الدفع بالدولار وcash»، مقابل البيع «باللبناني». إلا أن هذا لا يبرّر الأسعار «الداشرة» التي فاضت عن 10 و11% لتصل إلى حدود 25% على بعض السلع المحلية، فيما تخطت الزيادة على المواد المستوردة عتبة الـ40%.
وليست السلع المستوردة وحدها التي صار «تملّكها» مرهوناً بالدولار، بل ينسحب الأمر نفسه على السلع المحلية التي ليست «محلية» تماماً. فـ50 في المئة من أكلاف إنتاج الحليب، مثلاً، تكمن في الأعلاف المستوردة بمعظمها. وسعر ليتر الحليب الذي تشتريه المعامل من المزارع يبلغ 52 سنتاً «بحسب سعر الصرف في اليوم الذي ندفع فيه الفاتورة للمزارع»، يقول أحد أصحاب المعامل. يضاف إلى ذلك أسعار بعض المواد الأولية المستوردة التي تُستخدم في إنتاج الألبان والأجبان، والأكلاف الأخرى حتى وصولها إلى «الرف» في السوبرماركت. من هنا، يقدّر أحد المسؤولين في معمل محلي نسبة الزيادة على الأصناف المحلية بين 5% و10% على بعض السلع، و12% على سلع محددة. وهي زيادات تختلف «بحسب تكاليف الإنتاج في كل معمل».
كبار التجار والمستوردين «يلعبون»
بالأسعار بحجة نقص المخزون
والعجز عن الإستيراد
أما الأصناف المستوردة، فلها حسابات أخرى يحددها سعر صرف الدولار.
ولـ«قطاع» اللحوم، أيضاً، حساباته التي تختلف بين المحلي والمستورد. وبالنسبة إلى اللحوم الحمراء، يلفت نائب رئيس نقابة تجار اللحوم في لبنان عبد الغني ملاح إلى أن سعر كيلو اللحم يختلف بين الطازج والمجمّد والمبرّد، وأن الأسعار تبدأ من 6 دولارات (على أساس سعر صرف الدولار غير الرسمي) وتصل إلى حدود 30 ألف ليرة. أما اللحوم البيضاء، فلئن كان سعر الفروج الكامل ثابتاً عند حدود 6900 ليرة لبنانية (وهي تسعيرة وزارة الاقتصاد)، إلا أن لـلـ«مقطعات» أسعاراً أخرى، تختلف باختلاف النوعية، وما إذا كانت لحوم «branded» أو لحوم «فلت».
ليس بعيداً عن اللحوم، يتجه مؤشر المواد الغذائية الأساسية التي تباع في السوبرماركت والتعاونيات والإستهلاكيات تصاعدياً، وتختلف أسعارها بين أسبوعٍ وآخر، وبين منطقةٍ وأخرى. والأمر نفسه ينطبق على الخضار والفاكهة. ولئن كان مؤشر غلاء الأسعار، بحسب وزارة الاقتصاد، لم يتخطّ عتبة الـ11% على معظم السلع، إلا أن هذا يبقى مؤشراً رسمياً، لا يحسب فلتان الأسعار بدقة واختلافها بين منطقة وأخرى، ولا حتى بين محل وآخر. وفي ما يأتي التغيرات على أسعار بعض السلع الغذائية التي تُستهلك يومياً.
مواد غذائية أساسية (تباع في التعاونيات والإستهلاكيات)
– سكر (5 كيلو): 7 آلاف ليرة (مقابل 6 آلاف ليرة قبل أسبوع و4750 ليرة قبل الأزمة).
– معكرونة (500 غرام ماركة barilla): 2250 ليرة (1950 قبل الأزمة).
– رز مصري (5 كيلو): 11 ألف ليرة (7500 قبل الأزمة).
– ـ شعيرية (500 غرام): 2500 ليرة لبنانية (2000).
– زيت (8 ليترات): 30 ألف ليرة (24 ألفاً).
– صلصة بندورة (900 غرام ـ اليمامة): 5100 ليرة لبنانية (4500).
– برغل (كيلو): 2250 ليرة (بين 1500 و2000 ليرة).
– عدس عريض (كيلو): 6 آلاف ليرة (من 4750).
– حمص حب (كيلو): 5500 ليرة (4500).
– فاصوليا (كيلو): 5500 ليرة (4500).
– شاي (400 غرام): 9250 ليرة (7250).
– فول (400 غرام – الوادي الأخضر): 1350 ليرة (1000).
– حمص بطحينة (400 غرام – الوادي الأخضر): 2000 ليرة (1750).
– علبة ذرة (400 غرام – الوادي الأخضر): 2250 ليرة (1650).
– تونة (185 غراماً): 3750 ليرة (2500).
– طحين (5 كيلو): 7 آلاف ليرة (5500).
– جبنة بيكون (32 قطعة): 6250 ليرة (5500).
– حلاوة (900 غرام): 9250 (7950).
– مرتديلا (200 غرام): 2250 ليرة (2000).
– طحينة (900 غرام): 11250 ليرة (8900).
الألبان والأجبان المحلية
– علبة لبنة عادية (400 غرام): 4750 ليرة (4500).
– علبة لبنة (500 غرام ـ شديدة القوام): 6250 ليرة (5500).
– كيلو لبنة: 9 إلى 10 آلاف ليرة (8 إلى 9 آلاف).
– كيلو لبن: 4000 إلى 4500 ليرة (3000 إلى 3500).
– جبنة حلوم (275 غراماً): 6000 ليرة (5500).
– جبنة عكاوي (350 غراماً): 6750 ليرة (6000).
– الألبان والأجبان المستوردة زاد سعرها 40% تبعاً لصرف الدولار، ومنها الأجبان المطبوخة والمخمّرة والصفراء.
اللحوم البيضاء «الفلت» في المحال والمسالخ (بالكيلو)
– صدر مسحب: 9 إلى 10 آلاف ليرة (من 8 الى 9 آلاف).
– فخاد: 4 إلى 5 آلاف ليرة (من 3 الى 4 آلاف).
– جوانح: 3 إلى 4 آلاف ليرة (السعر السابق 2500 ليرة).
– صدر كامل: 6,500 إلى 7 آلاف ليرة (5,500 الى 6 آلاف).
– ورك مسحب: 5 إلى 6 آلاف (4 الى 5 آلاف).
اللحوم البيضاء (بالكيلو) branded
– صدر مسحب: 15 دولاراً (بحسب سعر الصرف).
– فخاذ: 6 دولارات.
– جوانح: 3,5 دولارات.
– الورك المسحّب: 12 دولاراً.
لحوم حمراء (بالكيلو)
– لحم غنم بلدي (أبو ليّة): 30 ألف ليرة (السعر السابق 20 ألفاً).
– لحم الغنم (أبو دنب – مستورد): 18 إلى 20 ألف ليرة (15 ألفاً).
– لحم البقر: 18 إلى 21 ألف ليرة (14 إلى 15 ألفاً).
– لحوم مبرّدة: كيلو الفيليه بـ 11 دولاراً (بحسب سعر الصرف في السوق) مقابل 11 دولاراً وفق الصرف الرسمي؛ اللحمة العادية 4 إلى 6 دولارات مقابل 3 إلى 5دولارات.
– لحوم مجمّدة: كيلو اللحمة للمعامل 4 دولارات (السعر السابق 3 دولارات)، وكيلو المجمد في الملاحم بـ 12 ألف ليرة (السعر السابق 8 آلاف).
صرف جماعي وخفض رواتب: 400 مكتب سياحة وسفر مهدّدة بالإقفال
ثمة تخوّف ن أن يصبح لبنان خارج نظام «أياتا» مع استمرار القيود على التحويلات
60 إلى 70 في المئة من موظفي قطاع مكاتب السفر السياحية في لبنان يتقاضون اليوم أنصاف رواتبهم، وسط توقعات بصرف أعداد كبيرة من هؤلاء و«إقفال نحو 400 مكتب سفريات» بحلول العام الجديد، فيما تفيد المعطيات بأن استمرار تقييد التحويلات إلى الخارج، من دون وضع «استثناءات» للقطاع، ينذر بخروج لبنان من نظام «أياتا»، ما يعني استحالة إتمام عمليات الحجز محلياً
في لبنان ما لا يقل عن 800 مكتب سياحة وسفر مرخّصة، «نحو 400 منها تتجه إلى الإقفال النهائي» بحلول نهاية العام الجاري، مع استمرار الأزمة النقدية وانخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار. هذه التقديرات نتيجة «تراكم مشاكلنا مع المصارف»، على ما يؤكد مدير قسم الـ«أونلاين» في مكتب «قزي هوليداي» للسفريات سلام حسن، إذ إن «تراجع نشاط القطاع بنسبة 80 إلى 90 في المئة سببه الأساسي القيود على التحويلات إلى الخارج التي فرضها مصرف لبنان»، من دون وضع استثناءات لعمل مكاتب السفر التي تعتمد في الأساس على «تحويل الأموال بالدولار إلى وكلائنا الأجانب».
التقديرات تفيد، كذلك، بأن «60 إلى 70 في المئة من موظفي قطاع مكاتب السفر (يشكلون 40% من موظفي القطاع السياحي عموماً) يقبضون منذ شهرين 50 في المئة من رواتبهم، ويُجبرون على العمل 15 يوماً في الشهر»، وسط توقعات بصرف أعداد كبيرة منهم بحلول العام الجديد نتيجة إقفال المكاتب. هذا ما حلّ، على سبيل المثال، بما لا يقل عن ستة موظفين «صُرفوا نهاية الأسبوع الماضي بعدما أقفلت الخطوط الجوية العراقية واحداً من فرعيها الاثنين في لبنان». وهو مصير يتربّص أيضاً بموظفي قطاع الفنادق، لا سيّما أن «نسبة الإشغال في الفنادق لا تتجاوز، في الوقت الحالي، 15%».
يتحدث عدد من أصحاب مكاتب السفر في بيروت ومحيطها، لـ«الأخبار»، عن عامل آخر أسهم في تعميق الأزمة التي طاولت القطاع، وقلّصت من حجوزات تذاكر الطيران لديها. بحسب هؤلاء، «استغلّت شركة طيران الشرق الأوسط الأزمة لتحقيق مكاسب مادية عن طريق تقاضي أسعار التذاكر من الزبائن بالليرة اللبنانية وبحسب سعر الصرف الرسمي (1507.5)»، وهو إجراء «قد يتبدل في أيّ لحظة»، وفقاً لمصدر في «ميدل إيست»، في حال قررت إدارة الشركة اعتماد سعر صرف الدولار في السوق الموازي. أما على الجانب الآخر، فتتقاضى المكاتب من زبائنها «بالليرة حسب سعر صرف الدولار المتقلب في السوق الموازية (بين 1900 ليرة و2000)، فيما نحن مجبرون على تسديد مستحقات شركات الطيران التي تتعامل معنا بالدولار».
شكوى أصحاب المكاتب لا تنتهي عند هذا الحد. في العادة، تتقاضى شركة الطيران الوطنية من المكاتب ضريبة السفر بالليرة اللبنانية. وهي الضريبة التي تراوح معدلاتها بين 50 ألف ليرة و300 ألف، بحسب درجة المسافر في الطائرة ونوعها (خاصة أو عامة)، وتذهب أرباحها إلى خزينة الدولة. إلا أن الشركة تفرض منذ شهرين على المكاتب دفعها بالدولار، في إجراء يزيد من حجم خسائر الأخيرة.
تراجع نشاط القطاع بنسبة 80 – 90 في المئة
بسبب إجراءات
المصارف
يبدي نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة، جان عبود، إذا ما استمر الوضع على حاله، تخوفاً من أن يصبح لبنان خارج نظام منظمة الطيران العالمية «أياتا»، التي تتقاضى من مكاتب السفر ثمن التذاكر مرتين في الشهر (في 15 و30 من كل شهر) قبل توزيعها كمستحقات على شركات الطيران. ففي حال «تخلفنا عن دفعها لشركائنا، يغلَق تلقائياً السيستم ولا يعود بإمكاننا إتمام الحجوزات في السوق المحلية أو الصادرة».
النقيب أكد تراجع المبيعات من «60 مليون دولار إلى أقل من 20 مليوناً شهرياً»، وهو تراجع غير مسبوق، ويشكّل «خطراً كبيراً على استمرارية أغلب مكاتب السفريات». وما «يزيد الطين بلة أن القانون يمنعنا من شراء التذاكر لزبائننا مباشرةً عبر شركة الطيران الوطنية».
30 ألف دولار «ثمن» الطفل الأشقر و15 ألف دولار للطفل الأسمر! شبهات بالاتجار بالأطفال
أوقفت القاضية نازك الخطيب راهبتين (بينهما رئيسة جمعية) امتنعتا عن تنفيذ قرار قضائي بتسليم أطفال تُنتهك كرامتهم، للقوى الأمنية. الراهبة المعارضة للقرار تسلّحت بحماية بكركي لها، رافضة تسليم الأطفال إلا بطلب من «غبطة البطريرك» شخصياً. وتحدّت القضاء والقوى الأمنية بأنّها لن تُسلّم الأطفال حتى لو سُجِنت. وهذا ما حصل فعلاً وسط وساطات تُبذل للفلفة القضية
رفضت رئيسة جمعية تقدّم نفسها كجمعية لحماية الأطفال، الراهبة م. ح، تنفيذ قرار قضائي بنقل 12 طفلاً رأت المحكمة أنّ وجودهم في جمعيتها يُشكّل خطراً على حياتهم. أبلغت الراهبة الضابط أنّها لا تخضع للقضاء، إنما تأخذ أوامرها من «غبطة البطرك». حيثيات القرار الصادر عن القاضية الناظرة في جنح الأحداث في بعبدا جويل أبو حيدر تصدم. فقد أفردت القاضية صفحات قرارها لتدوين فظائع تُرتكب داخل الجمعية المذكورة: من إطعام الأطفال منتجات منتهية الصلاحية، مروراً بدفعهم إلى مشاهدة أفلام إباحية، وصولاً إلى التحرّش بهم والاعتداء عليهم وتهديدهم! هذا ما أدلى به الأطفال المطلوب حمايتهم لقاضية الأحداث. وقد دُعّمت إفاداتهم بصور تثبت ما يقولونه في ما يتعلّق بالطعام. ليس هذا فحسب، فقد وردت في القرار معلومات عن ضغط شديد من الراهبات على الأطفال لمنعهم من فضح تصرفات أحد الرهبان في الجمعية، فيما تحدّثت مصادر عن تدخلات من مرجع سياسي وآخر ديني للفلفلة القضية. وقد عزز رفض الجمعية استقبال المندوبين الاجتماعيين للاستماع إلى القاصرين أكثر من مرة، اقتناع المحكمة حيال ما يجري من تصرفات مشبوهة داخلها. هذا إضافة إلى إفادة إحدى مندوبات حماية الأحداث التي تحدثت عن «تبديل أطفال»، علماً بأنّ هذا التحقيق الذي فُتح، ترافق مع المعلومات المتداولة والإخبارات المقدمة إلى النيابة العامة التمييزية عن بيع أطفال مقابل مبالغ مالية تختلف تبعاً للون الطفل. إذ تصل المبالغ إلى ٣٠ ألف دولار للطفل الأشقر و١٥ ألف دولار للطفل الأسمر. وذكرت مصادر قضائية لـ«الأخبار» أنّ هذا الملف وسط المعلومات المتوفرة من شأنه أنّ يكشف فضائح تتعلّق بتورّط عدد من الجمعيات في ملف الاتجار بالأطفال، علماً بأنّ معظم هؤلاء الأطفال هم من الأطفال المشرّدين المجهولي الهوية الذين يُعثر عليهم في الشارع.
دهم عناصر قوى الأمن الداخلي مركز الجمعية أمس لإنفاذ قرار القاضية أبو حيدر لم يمر مرور الكرام. إذ علمت «الأخبار» أن تدخّلات «عالية المستوى» جرت للحؤول دون تنفيذ القرار، منعاً لتسليم الأطفال إلى جمعيات أخرى أو إلى عائلاتهم، كما توقيف الراهبة، إلا أنّ القاضية نازك الخطيب أصرّت على إنفاذ القرار القضائي وتسلّم الطفلين اللذين رفضت الراهبة تسليمهما.
القاضية عون قرّرت حفظ شكوى من ضمن
الملف تتعلّق بتعرّض أحد
القاصرين للضرب
غير أنّ الراهبة ووكيلها القانوني أصرا على عدم تسليم الرضيعين الموجودين في الجمعية، من دون قرار كنسي. وهذا أكثر ما يُثير الاستغراب، ولا سيما أنّ الجمعية وافقت على تسليم معظم الأطفال الذين كانت قد تسلّمتهم بناءً على قرار قضائي، لكنها امتنعت عن تسليم هذين الرضيعين، الأمر الذي أثار شكوكاً بشأن حقيقة وجودهما في الجمعية أصلاً، أو المماطلة لكسب الوقت لتأخير تسليمهما لاستعادتهما.
وذكرت المعلومات أنّ علاقات الراهبة وصلت إلى واحدة من مستشارات الرئيس ميشال عون شخصياً، التي كانت تُتابع هذا الملف عن كثب. وقد أصدر اتحاد حماية الأحداث بياناً في وقت متأخر مساء أمس يُثني فيه على قرارات القضاء التي اتُّخذت في هذا الملف، متمنياً على القضاء عدم الانصياع لأي تدخّل قد يُغيّر المجرى القانوني للملف.
تجدر الإشارة إلى أنّ أكثر ما يُثير الاستغراب في هذا الملف أنّ النائبة العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون قررت حفظ شكوى من ضمن الملف تتعلق بتعرّض أحد القاصرين للضرب، وسط كلام عن وساطات بُذلت لإقفال الملف.
هل يسقط الخطيب بغياب «الغطاء الطائفي»؟
هل يُمكِن القول إن رئيس الحكومة «المُحتمل» سمير الخطيب، الذي تمّ الاتفاق عليه بشكل أولي بين القوى السياسية الرئيسية، باتَ قاب قوسين من خسارة اللقب؟ إن المدة الزمنية التي فصلت الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة عن موعدها نهار الاثنين بدت مدجّجة بالكثير من المطبّات. فقبل يومين من الاستشارات، بدأت الطريق تُقفل أمام الخطيب في الشارع الذي لا يرى فيه خياراً يتلاءم مع المنتفضين ومطالبهم. لكن الأهم من ذلك أن الخطيب، بمعزل عن التأييد «الملغوم» له من قبل الرئيس سعد الحريري، لم يحظَ حتى الآن بأي غطاء علني داخل طائفته. وتقول المعلومات إن دار الفتوى لم تحدد له موعداً، عدا عن أنها لم تعلن بياناً واضحاً في شأن تكليفه. وكان رؤساء الحكومات السابقون من الأوائل الذين سحبوا عنه هذا الغطاء، مرددين أولاً أن مرشحهم هو الحريري نفسه، قبل أن يهاجموا التفاوض حول تأليف الحكومة قبل تكليف رئيس لها، علماً بأنهم سبق أن شهدوا الأمر نفسه عندما ألّفوا حكوماتهم. وقد أطلق النائب نهاد المشنوق موقفين بارزين، الأول من دار الفتوى، أول من أمس، تلاه موقف ثانٍ يوم أمس أعلن فيه عدم مشاركته في الاستشارات النيابية الاثنين المقبل. هذه المقاطعة أتت انسجاماً مع ما سمّاه المشنوق «صوت بيروت» الذي «عبّر عنه» بيان اتحاد العائلات البيروتية الذي اعتبر أمس أن «ما جرى حول اختيار رئيس الجمهورية ووزير خارجية حكومة تصريف الأعمال للمهندس سمير الخطيب قبل الاستشارات النيابية الملزمة تخطٍ لدستور الطائف وعودة بالممارسة الى دستور ما قبل الحرب الأهلية، وتجاوز للميثاقية وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء». ودعا الاتحاد «دار الفتوى إلى التأكيد على بيان رؤساء الحكومات السابقين في هذا الخصوص، كما ندعو نواب الشعب، وفي طليعتهم نواب كتلة المستقبل إلى عدم المشاركة في الاستشارات الآيلة إلى اختيار المهندس الخطيب لعدم مراعاتها الأصول الدستورية». كما دعا الخطيب الى «الاعتذار عن الترشح حرصاً على هذا المقام». وفيما جرى التساؤل عما إذا كان موقف «اتحاد العائلات» مبنياً على «تمنٍّ» من المشنوق الذي تربطه به علاقة قوية، أو من الحريري نفسه، علمت «الأخبار» أن بيان الاتحاد صدر من دون التنسيق مع الحريري الذي لم يحدّد موعداً لرئيس الاتحاد.
إلى ذلك، من المنتظر أن يُعقد في العاصمة الفرنسية باريس، يوم الأربعاء المقبل، اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان، التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. كذلك من المتوقع أن تتم دعوة السعودية والإمارات للمشاركة في الاجتماع الذي يهدف إلى «حشد الدعم الاقتصادي» للبنان. ويُعدّ هذا الاجتماع أول مؤشر عملي غربي على السعي إلى تفادي الانهيار الاقتصادي الشامل. تزامن ذلك مع اتصالات أجراها الحريري، بحسب بيان صدر عنه أمس، بكل من السعودية وفرنسا وروسيا ومصر وتركيا والصين وإيطاليا والولايات المتحدة «طالباً مساعدة لبنان بتأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات».
الرؤساء السابقون… أصحاب السـوابق
أصدر الرؤساء السابقون للحكومة بياناً انتقدوا فيه بحدّة التعرّض لصلاحيات رئيس مجلس الوزراء، والأسلوب المحدث في التعامل مع الرئيس المكلف – وهو ليس محدثاً – ورفضوا التأليف قبل التكليف، مع أنهم – واحداً تلو آخر – خبروا قبل تأليفهم حكوماتهم ما يندّدون به
كل ما يجري الآن، منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري في 29 تشرين الثاني، ليس جديداً أبداً، ولا مفاجئاً لأحد، ولا يُفترض بالضرورة أن يكون مفاجئاً. التغيير الحاصل – إن كان ثمّة تغيير – هو في بعض اللاعبين فحسب وليسوا جميعاً، مع أن معظمهم لا يزال في الملعب نفسه. لا تأخير الاستشارات النيابية الملزمة – وهو ليس قاعدة – جديد، ولا الاتفاق على رئيس للحكومة قبل الوصول إلى تكليفه دستورياً مبتكر، ولا التأليف قبل التكليف ابن ساعته، ولا حتماً قبل ذلك كله توزّع حصص الحكومة الجديدة ومقاعدها وحقائبها باكراً مثار عجب واستغراب.
كلّ ذلك حدث بالتناوب، قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري إبان الحقبة السورية، عندما لم يقتصر العلم والخبر على معرفة اسم الرئيس المكلف على الدوام، وأحياناً قبل استقالة حكومة السلف الذي هو الخلف نفسه كما مع حكومة 1995، ولا على المعرفة المبكرة أيضاً بأسماء الوزراء والحقائب التي سيحصلون عليها، وبالتأكيد كان الرئيس المكلف – الحريري الأب كما الذين سبقوه إلى منصبه – سلّموا جميعاً بنصاب ثلثي الحكومة الجديدة لدمشق. بعد الاغتيال، باستثناء أهمية مغادرة سوريا لبنان، تغيّر القليل في الطرائق المعتمدة لتأليف الحكومة، المستوحاة دوماً من الحقبة السورية. فرضت معطيات ما بعد اغتيال الحريري الأب قواعد جديدة عام 2005، ثم قواعد سواها عام 2008 وتواصلت إلى الآن.
لذا أتى بيان الرؤساء الثلاثة السابقين للحكومة نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، الأربعاء 4 كانون الأول، ينتقد التأليف قبل التكليف، وما عدّه محاولة النيل من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، في إشارة مباشرة إلى التعرّض لـ»أهل السنّة»، ناهيك بترشيح مَن لم يكن الدستور قد كلّفه مهمته بعد… أتى هذا البيان، وكأنّ ما حدث يحدث للمرة الأولى، وكأنّ أياً من الرؤساء السابقين لم يختبره فحسب، بل أهمل أنه بنى ترؤّسه حكومته حينذاك على كل هذا «الباطل»، إذا صحّت تسميته. على أن ما حصل وقتذاك لا يبرّر في أي حال تكراره. كان ذلك باستمرار جزءاً من لعبة المناورة وعضّ الأصابع في سبيل الوصول إلى السلطة، بشروط هذا أو ذاك:
1 – إذا أجرى رئيس الجمهورية ميشال عون استشارات نيابية ملزمة في موعدها المقرّر الاثنين (9 كانون الأول)، فيكون انقضى 42 يوماً على استقالة حكومة الحريري. إلا أنه ليس السابقة. فالرئيس نجيب ميقاتي لم يُكلّف، للمرة الأولى تأليف حكومة في 16 نيسان 2005، إلا بعد انقضاء 48 يوماً على استقالة الرئيس عمر كرامي في 28 شباط، في مرحلة الانقسام الحادّ في البلاد على إثر اغتيال الحريري الأب. بدوره الرئيس تمام سلام لم يصر إلى تكليفه فور استقالة الحكومة الثانية لميقاتي في 22 آذار 2013 إلا بعد انقضاء 13 يوماً عليها في 6 نيسان.
منذ عام 1990، موعد وضع الدستور المنبثق من اتفاق الطائف موضع التنفيذ، ترجّحت الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة ما بين يوم واحد على إثر استقالة حكومة السلف وسبعة أيام، إلى أن كان الرقم القياسي مع حكومة ميقاتي عام 2005. مذّاك لم يؤتَ يوماً على ذكر مهلة ملزمة لرئيس الجمهورية توجيه الدعوة، ولا تنبّه أي من أسلاف عون إلى أن لا مهلة محددة لتوجيه الدعوة الواجبة، ما يتيح للرئيس الاضطلاع بدور رئيسي في إدارة التفاهم السياسي قبل انتقال اللعبة إلى مجلس النواب الذي يختار أعضاؤه الرئيس المكلف. الواقع أن الطريقة التي اتبع فيها أخيراً تطبيق المادة 53، بتأخير الاستشارات النيابية الملزمة وقتاً غير قليل، من شأنها حرمان الرئيس المكلف ـ أي رئيس مكلف من غير انتقاص صلاحياته الدستورية في التأليف ـ فرصة التمادي في التصرّف والمناورة وإهدار الوقت، كي يجعل تكليفه سلاحاً يواجه به رئيس الجمهورية والكتل النيابية المستفتاة كي يؤلّف حكومته.
2 – لم يحتج تمكن ميقاتي من تأليف حكومته الأولى، في 19 نيسان 2005، إلى أكثر من ثلاثة أيام لإبصارها النور، بعدما كان رافق الشهر ونصف الشهر من تأخير إجراء الاستشارات النيابية الملزمة وتكليفه، مفاوضات شاقّة أجرتها معه قوى 14 آذار، وخصوصاً تيار المستقبل والحريري الابن قبل أن يصبح نائباً. قضت الموافقة على ترؤّس ميقاتي الحكومة قبوله بثلاثة تعهدات قطعها لذلك الفريق، هي عدم ترشحه للانتخابات النيابية عامذاك، وضع قادة الأجهزة الأمنية في التصرّف بعد إقصائهم من مناصبهم وإجراء انتخابات نيابية عامة وفق القانون النافذ (قانون 2000). تحقّق ذلك تباعاً، ومهّد لوصول الرئيس فؤاد السنيورة في 19 تموز 2005، أضف إلى الشروط تلك، الإصرار على حكومة ليس فيها مرشحون للانتخابات، قريبة من الأفرقاء دونما تمثلهم المباشر فيها. بالتأكيد فرض الحريري أيضاً لنفسه بعض الحقائب كالداخلية والعدل: الأولى لارتباطها بالانتخابات النيابية الوشيكة والثانية لارتباطها بالتحقيق الدولي في اغتيال والده، فعُهدتا إلى شخصيتين سنّيتين سمّاهما هما حسن السبع وخالد قباني. بذلك لم يصر إلى الخوض في تأليف حكومة ميقاتي قبل تكليفه فحسب، بل فُرضت عليه شروط وتعهدات، ناهيك بوضع اليد على حقائب.
السنيورة هو الأب الأول
لتطبيق أعراف اتفاق
الدوحة
3 – يدين كل ما تحدث عنه الرؤساء السابقون من مخالفات دستورية في التكليف والتأليف والانتقاص من صلاحيات الرئيس المكلف إلى السنيورة أولاً، الأب الاول لوضع اتفاق الدوحة بكل أعرافه موضع التنفيذ. فهو أول مَن دشّن إمرار وقت طويل على تأليف حكومة، فألّف حكومته الثانية في 11 تموز 2008 بعد 44 يوماً من تكليفه، شهدت مداً وجزراً لم ينتهيا إلا بفرض قواعد لم ينص عليها اتفاق الطائف، بل ناوأته وتحوّلت مذّاك إلى أعراف ثابتة لا تتزحزح، كاقتسام الحصص والحقائب وتحديد الأكثرية الموصوفة والثلث+1 وحصة رئيس الجمهورية وفرض الأفرقاء أسماء وزرائهم، كي تُدرج هذه وتصبح شروطاً ملزمة في كل مرة يُدعى رئيس مكلف إلى تأليف الحكومة. ليس سراً أن خلفاء السنيورة، الحريري وميقاتي مجدداً والرئيس تمام سلام ثم الحريري التزموا هذه الأعراف وفرضوها على حكوماتهم، من غير أن يتذمّر أي منهم أن الأعراف هذه تخرّب اتفاق الطائف. وقتذاك لم يكن السنيورة وحده مَن يؤلف الحكومة، ولا رئيس الجمهورية ميشال سليمان حتماً، بل الأفرقاء شركاؤه في اتفاق الدوحة الذين أضحوا منذ ذلك الحين الشركاء الفعليين في تأليف الحكومة، دونما حاجتهم إلى توقيع المراسيم المنوطة دستورياً برئيسي الجمهورية والحكومة. لم يعد توقيع المراسيم يعدو كونه تكريسَ أسود على أبيض فرضه ولا يزال ائتلاف اتفاق الدوحة.
ذلك ما صحّ أيضاً على سلام، حينما شاع قبل تكليفه أنه الرئيس المكلف، خيار الرياض في منصبه لم يثبت إلا بعد 13 يوماً، ثم تطلّب تأليفه حكومته 11 شهراً وتسعة أيام، شاكياً من تدخّل أفرقاء كثيرين في صلاحياته. بيد أن حكومته لم تبصر النور بفضل الصلاحيات، بل لأن التوافق على توزّع الحصص والحقائب كان ينتظر «شيئاً ما» خارج لبنان أتاح تأليفها، بعدما أوشك أن يفقد الأمل. ثم جاءت مكالمة الرئيس الأميركي باراك أوباما له، مرتين على التوالي جرّاء انقطاع الاتصال، مهنئاً كي يتيقن.
* الجمهورية
إجراءات لتسهيل الإستشارات.. ونصائح أوروبية بــالتأليف قبل فوات الأوان
بقي من الزمن أقل من 48 ساعة لانطلاق الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار الرئيس العتيد لحكومة ما بعد الحراك الشعبي. على أنّ الفسحة الزمنية الفاصلة من الآن وحتى الموعد الأول من هذه الاستشارات، تسودها حال من الترقب الحذر وحبس الانفاس، خصوصاً انّ المناخ السائد عشية الاستشارات ملبّد بغموض يحجب الرؤية الواضحة لما ستؤول اليه هذه الاستشارات، الأمر الذي يجعل من طريق النواب الى القصر الجمهوري مزروعة بالاحتمالات، أكان لجهة الوصول السلس الى هذا القصر، في ظل ما يُحكى عن تحركات شعبية يحضّر لها بعض مكونات الحراك، أو لجهة اسم الرئيس العتيد للحكومة الجديدة، الذي سيودعه النواب لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
حتى الآن، يبقى اسم المهندس سمير الخطيب متربعاً على فرضية انه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، ولكن مع وقف التنفيذ، في انتظار ان يتم تطويبه رسمياً في الاستشارات ليُصار بعد ذلك، الانتقال الى الخطوة التالية، أي تأليف الحكومة الذي يأمل “مطبخ التكليف” ألّا يطول أمده، ويستنزف مزيداً من الوقت القاتل في ظل الازمة المتدحرجة على كل مفاصل البلد سياسياً واقتصادياً ونقدياً، بحيث يأتي التكليف مع بداية الاسبوع المقبل، على أن يليه التأليف ضمن فترة لا تتجاوز نهاية الاسبوع. فتأتي الحكومة بعد ذلك، كهدية قبل عيد الميلاد.
واذا كانت اجواء القصر الجمهوري تعكس ترقباً ايجابياً لاستشارات الاثنين، مع استبعاد وجود أي موانع في طريق هذا الاستحقاق، فإنها تتقاطع مع أجواء مماثلة في عين التينة حيث ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري ان “يصير الفول بالمكيول”، ليشكّل التكليف الفرصة الثمينة لبدء الخروج من أزمة معقدة سياسياً، وفي منتهى الخطورة اقتصادياً ومالياً، لا يملك لبنان مع استمرارها واستفحالها المتورّم قدرة على الصمود في وجهها، قبل السقوط في المحظور الخطير، سوى بضعة أسابيع.
إلّا انّ الانظار بقيت شاخصة في اتجاه “بيت الوسط”، حيث يبدو أنّ رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، قد أحاط “موقفه النهائي” من ترشيح سمير الخطيب، بجدار من الكتمان على رغم انّ أوساط “بيت الوسط” ما زالت تتحدث، إنما بشكل غير رسمي، عن أنّ الحريري ما زال يدعم الخطيب.
رسائل الحريري
إلّا انّ اللافت للانتباه في الساعات الاخيرة، كانت مبادرة الحريري الى توجيه رسائل في اتجاهات عربية ودولية مختلفة طلباً لتقديم الدعم للبنان.
وبحسب بيان للمكتب الاعلامي للحريري، فإنه، وفي إطار الجهود التي يبذلها لمعالجة النقص في السيولة وتأمين مستلزمات الاستيراد الاساسية للمواطنين، وجّه الحريري رسائل الى ملوك ورؤساء ورؤساء وزراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة طالباً مساعدة لبنان في تأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمّن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للانتاج لمختلف القطاعات.
وشملت هذه الرسائل، كلّاً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء الصيني لي كيكانغ، رئيس الوزراء الايطالي جيوسيبي كونتي ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو.
ولاقت خطوة الحريري هذه ارتياحاً في الاوساط السياسية، خصوصاً انها تنطوي، حسب ما يقول قريبون من “بيت الوسط”، على تأكيد من انّ الرئيس المكلف لم يخرج يوماً من دائرة المسؤولية وإن كان في ظل حكومة تصريف اعمال، وهذا يدحض كل ما ذهب اليه المشككون طوال الفترة الماضية. إلا انّ هذه الخطوة اعتبرتها مصادر سياسية معنية بحركة الاتصالات حول الملف الحكومي، أنها تنطوي على اعلان غير مباشر من قبل الحريري عشية استشارات الاثنين مفاده: “ما زلت حاضراً على الخط الحكومي”.
مبادرة فرنسية
وعلى خط مواز، سجلت فرنسا مزيداً من الحضور في الملف اللبناني وذلك عبر توجيهها دعوات الى حضور اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان، في باريس في 11 كانون الاول الجاري، وعلى ما قال “مصدر أوروبي” لوكالة “رويترز”.
ونقلت الوكالة عن مسؤول لبناني انّ اجتماع باريس يهدف الى حشد الدعم لمساعدة لبنان على التعامل مع أزمته الاقتصادية الحادة، متوقعاً ان توجّه الدعوة ايضاً الى كل من السعودية والامارات العربية المتحدة.
وأعربت مصادر وزارية لبنانية عن ترحيبها بالخطوة الفرنسية، مشيرة الى انّ باريس أبلغت الى لبنان عبر قنواتها السياسية والديبلوماسية، انها تقف معه وحريصة على ان يتجاوز محنته، وتقديم كل ما يلزم لمساعدته على تخطّي أزمته الاقتصادية، والحفاظ على استقراره، وهذا يتطلب فوراً التعجيل في تشكيل حكومة ببرنامج إنقاذي، تلاقي الدعم الاوروبي والفرنسي خصوصاً، لأنّ ثمة توجّهاً الى تسريع في تقديمات مؤتمر “سيدر” مع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. ومن هنا فإنّ الدعوة الفرنسية الى اجتماع باريس، تلقي الكرة في أيدي اللبنانيين، للتعجيل بالملف الحكومي وعدم التباطؤ تحت أي عنوان، في تأليف الحكومة”.
نصائح دولية
الى ذلك، علمت “الجمهورية” انّ الايام الاخيرة شهدت حركة ديبلوماسية دولية وأوروبية على وجه التحديد، في اتجاه المستويات الرئاسية والوزارية والنيابية، تقاطعت عند إسداء نصيحة لبنان بالتوجّه فوراً نحو تشكيل حكومة إنقاذية لأزمته الاقتصادية الخطيرة.
وبحسب المعلومات، فإنّ هذه الحركة التي شارك فيها ايضاً مسؤولون أمميون، طرحت تساؤلات وقدّمت ملاحظات وتوضيحات، ومنها ما يلي:
– خلافاً لما تم تداوله في لبنان، عبر بعض السياسيين ومحطات التلفزة، فإنّ الامم المتحدة لم تطرح في اي يوم من ايام الازمة اللبنانية الراهنة، تشكيل حكومة تكنوقراط في لبنان، فهي لم تتدخل في الشأن اللبناني الّا من باب النصح بالتعجيل في تشكيل حكومة ترتكز الى برنامج عمل يقارب الازمة بما تتطلبه من علاجات وإصلاحات.
– إنّ الامم المتحدة، وعلى رغم من مطالبة بعض اللبنانيين بتدخلها المباشر في الملف الحكومي اللبناني، ترى أنّ تشكيل حكومة في لبنان هو شأن اللبنانيين وحدهم، وهي في الوقت نفسه تشجّع اللبنانيين على تشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار المطالبات الشعبية التي صدرت عن الحركات الاحتجاجية التي شهدها لبنان منذ 17 تشرين الاول 2019.
– إنّ المجموعة الاوروبية تقف مع الحكومة التي يتفق اللبنانيون على تشكيلها، ولم تبلغ الى اي طرف في لبنان أنها مع حكومة تكنوقراط، علماً أنها لا ترى أي مانع من ان تُشكّل حكومة تكنو-سياسية في لبنان إذا كان اللبنانيون يعتبرونها الملائمة لمقاربة أزمتهم والتصدي لها، لكنها تضمّ صوتها الى أصوات اللبنانيين الذين يريدون حكومة يكون وزراؤها من الموثوقين ولا شبهة على أيّ منهم.
– لا نية لدى المجتمع الاوروبي للتدخل في الشأن الحكومي اللبناني، فهو لم يتدخل ولن يتدخل.
– ثمة قرار نهائي لدى المجموعة الاوروبية بالالتزام بدعم لبنان، وتقديم ما يمكن ان يحفظ أمنه واستقراره، فهذا هو الهم الاساس بالنسبة الى الأوروبيين وتم إبلاغ هذا الامر الى جميع المسؤولين اللبنانيين. مع التشديد عليهم بأن يتفقوا في ما بينهم، والحفاظ على لبنان، وعدم ترك الامور تذهب الى صدام، خصوصاً انّ بعض الاحداث التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية أثارت القلق لدى المجموعة الاوروبية، وثمة رسائل بهذا المعنى وجّهت الى المسؤولين اللبنانيين الكبار.
– طرح بعض السفراء الغربيين سؤالاً مباشراً: هل انّ سعد الحريري قرر نهائياً عدم ترؤس الحكومة الجديدة في لبنان؟ وهل هو يتعرّض لضغوط ما تمنعه من ذلك؟ وهل سيستطيع المهندس سمير الخطيب ان يقود حكومة إنقاذية للأزمة اللبنانية؟
– طرح بعض السفراء الاوروبيين تساؤلات حول موقف رؤساء الحكومات السابقين وإصرارهم على ترؤس الحريري الحكومة الجديدة، وما اذا كان هذا الاصرار يعبّر عن موقف الطائفة السنية عموماً بالاصرار على تسمية الحريري لرئاسة الحكومة؟ واستطراداً، هل سيسمّي تيار “المستقبل” غير الحريري لرئاسة الحكومة؟
أكد بعض السفراء، انه بمعزل عن الملف الحكومي، هل لدى اللبنانيين تصوّر حول سبل الخروج من الأزمة الراهنة؟ وهل يستطيع اللبنانيون، حتى لو تمكنوا من تشكيل حكومة، أن يخرجوا من أزمتهم من دون مساعدة المؤسسات الدولية، وتحديداً البنك الدولي؟ وهل لدى اللبنانيين وأمام استعصاء الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان، الاستعداد لأن يأخذ البنك الدولي دوراً ما في لبنان، كما هي عليه الحال في دول أُخرى مرّت بأزمة مشابهة للأزمة اللبنانية؟
– تقاطعت المواقف الديبلوماسية الاوروبية، خلال حركة اللقاءات التي أجرتها اخيراً مع مستويات رئاسية ووزارية ونيابية لبنانية، عند تحذير لافت مفاده أنه “لأول مرة منذ سنوات طويلة، نشعر أنّ لبنان قد بدأ يقترب من حال الجوع، وعلى اللبنانيين ان يدركوا انّ الوضع الصعب الذي يمرّون به، قد لا يكون له اي معنى، امام الوضع الذي قد يصل لبنان اليه. بحيث انّ الصعوبة المتوقعة، في حال لم توضَع “المكابح” للأزمة من الآن، قد تحمل معها وجعاً شديداً للبنانيين وجوعاً اكبر لن يكون في إمكانهم ان يتحملوه، خصوصاً انّ هذا الجوع يشكّل المفتاح لدخول لبنان في حالة من الفوضى المتفلتة وغير المضبوطة، بحيث قد يشمل الانهيار السياسة والاقتصاد والأمن أيضاً.
– إنّ المجموعة الاوروبية، ومن خلال التقارير التي تردها من بيروت، متيقّنة من انّ كل الاطراف اللبنانية في الزاوية الضيقة، والوقت لم يعد يتّسع لأيّ تأخير مقصود او غير مقصود.
– إنّ المجموعة الاوروبية تأمل في أن تُسفر استشارات الاثنين عن ايجابيات في التكليف، سواء أكان الرئيس الحريري شخصياً، والذي ننظر اليه كصديق، او غيره شرط ان يتفق اللبنانيون عليه. وبالتالي، فإنّ المجموعة الاوروبية تعوّل على ان يتم تأليف الحكومة في أسرع وقت، وتعوّل أيضاً على ان يدخل لبنان بعد تأليف الحكومة في مرحلة انتعاش، والتي نرى انها قد تتصاعد مع بدء التنقيب عن النفط في البحر اللبناني في شباط المقبل، يضاف الى ذلك انّ ثمة قراراً لدى المجتمع الدولي والاوروبي والمانحين، في تسريع إجراءات “سيدر” في ما لو شَكّل لبنان حكومة موثوقة من اللبنانيين، وتوحي بالثقة للخارج.
– طرح بعض السفراء خلال حركة الاتصالات الديبلوماسية، أسئلة حول “حزب الله” وموقفه من الحكومة وعودة الحريري، وقال بعضهم صراحة ما حرفيّته: “نحن نسمع مواقف من قادة “حزب الله” عن تفضيلهم عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، لكننا في الوقت نفسه نسمع من بعض الاطراف اللبنانيين أنّ “حزب الله” يريد الفوضى في لبنان”.
بري
الى ذلك، اعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري التأكيد، أنّ الضرورة الملحّة باتت تحتّم إدخال البلد الى حوار الانفراج، عبر التعجيل في تشكيل حكومة طوارئ إنقاذية على كل المستويات.
ورداً على سؤال عمّن سيسمّي في استشارات الاثنين، قال بري لـ”الجمهورية”: أنا في الأساس كنت سأسمّي الرئيس سعد الحريري، أو الشخصية التي يدعمها لتشكيل الحكومة، وبما أنه يدعم المهندس سمير الخطيب فسأسمّي وكتلة “التحرير والتنمية” المهندس سمير الخطيب.
وإذ شدد بري على “انّ الانقاذ الحقيقي للبنان يتم عبر الدولة المدنية”، اكد في الوقت نفسه العزم على إقرار المجلس النيابي لمشروع موازنة 2020 قبل عيد الميلاد، بحيث يفترض ان تنجز اللجنة النيابية للمال والموازنة مشروع الموازنة في فترة لا تتعدى الأسبوع المقبل.
لا تجاوز
وفي موازاة الترقب الحذر في عين التينة، للاستشارات الملزمة المقررة الاثنين المقبل، أكدت مصادر قريبة من بعبدا لـ”الجمهورية” انّ الامور في هذا الاطار تسير وفق ما هو مرسوم، وكل الاجراءات مُكتملة لاستقبال رئيس الجمهورية النواب في المواعيد المحددة.
واستغربت المصادر إصرار بعض الاطراف على العزف على الوتر الدستوري والحديث عن تجاوز لصلاحيات هذا الطرف او ذاك، خلال فترة المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية حول الملف الحكومي، وكذلك الاتصالات المباشرة التي حصلت بين الاطراف السياسية.
وقالت المصادر: القول انه قد جرى تجاوز للطائفة السنية في حركة المشاورات والاتصالات تنفيه الوقائع التي أحاطت بهذه الاتصالات التي شملت الجميع، إذ انّ هذه المفاوضات كانت تجري بين “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر” والحريري الذي يمثّل الشرعية السنية الأكبر. وبالتالي، ليس هناك تجاوز او قفز فوق أحد أو صلاحيات أحد، والأمر نفسه حصل مع وليد جنبلاط، إلّا مع “القوات اللبنانية” التي سبق لها ان حسمت أمرها بأن لا تكون في حكومة تضم سياسيين.
المفاجآت
في غضون ذلك، تُطرح تساولات كثيرة حول نوع المفاجآت التي ستتظَهّر في اثنين الاستشارات، ومنها: هل انّ إجراء الاستشارات الملزمة يعني انّ التكليف سيبصر النور مساء اليوم نفسه؟
عن هذه النقطة تحديداً، وعمّا اذا كانت الاستشارات النيابية الملزمة تعني التكليف الفوري عشيّة إنجاز هذه الإستشارات، يؤكد الخبير الدستوري سعيد مالك لـ”الجمهورية” العكس، كون إجراء الاستشارات الملزمة يشكّل الفصل الاول من مسيرة التكليف، حيث انّ بعد الاستشارات هناك مرحلة إطلاع رئيس مجلس النواب والتشاور معه سنداً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور، ومن الممكن جداً ان يذهب رئيس الجمهورية الى التريّث في التكليف، خصوصاً إذا لم ينل أي مرشح الأكثرية المطلقة من عدد مجلس النواب، أي 65 نائباً. فيمكن لرئيس الجمهورية دستورياً، لاسيما انه غير مقيّد بأي مهلة، معاودة الاتصال والتواصل مع رؤساء الكتل والنواب لتحضير أرضية للتكليف، وأن تذهب التسمية الى يوم آخر أو أسبوع آخر، فالاستشارات النيابية الملزمة لا تعني التكليف الفوري عشية إنجاز هذه الاستشارات على الاطلاق.
إضراب عام
في سياق متصل، وفيما أفيد في الساعات الماضية عن اتصالات بين مكونات الحراك وتحضيرات لإعلان اضراب عام الاثنين المقبل، مترافقاً مع قطع الطرق في عدد من المناطق اللبنانية، وتحديداً طريق القصر الجمهوري، إحتجاجاً على احتمال تكليف المهندس سمير الخطيب لتشكيل حكومة تكنو- سياسية، قالت مصادر أمنية رفيعة المستوى لـ”الجمهورية” انّ قرار الجيش اللبناني واضح لجهة منع إقفال الطرق، وثمة إجراءات مشددة ستتخذ في هذا الاطار.
مؤسسات دولية تستطلع
في سياق متابعة الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، يزور وفد من مؤسسات مالية واستثمارية بريطانية ومصرف “مورغان ستانلي” الاميركي بيروت، وقد استقبله رئيس الجمهورية، مؤكداً أمامه انّ “معالجة الاوضاع الاقتصادية والمالية ستكون في أولويات الحكومة الجديدة فور تشكيلها”، مشيراً الى انّ الحكومة السابقة أنجزت تصوراً اقتصادياً ضمن خطة نهوض بالاقتصاد اللبناني، وتحويله من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج.
وقال عون: “انّ عملية التنقيب عن النفط والغاز ستبدأ في كانون الثاني المقبل، الأمر الذي سيضع لبنان عند بدء عمليات الاستخراج، ضمن الدول المنتجة للنفط والغاز”.
وأبلغ عون الى أعضاء الوفد انّ الاستشارات النيابية الملزمة ستجري الاثنين المقبل، وتليها عملية تأليف الحكومة الجديدة، وهذا ما سيساعد أصدقاء لبنان في استكمال مسار مؤتمر “سيدر” وإطلاق المشاريع الانمائية التي تقرّرت فيه.
وفي السياق، نقلت وكالة “رويترز” أمس، أنّ فرنسا تعتزم عقد اجتماع دولي لحشد المساعدة لبيروت في مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة.
وقال الحريري إنه طلب العون من دول صديقة لتوفير الائتمان اللازم لواردات الغذاء والمواد الخام. وقال في بيان إنّ طلب المساعدة أرسل إلى السعودية وفرنسا وروسيا وتركيا والولايات المتحدة والصين ومصر.
ونقلت الوكالة عن مسؤول أوروبي تأكيده انّ الدعوات أرسلت لحضور اجتماع باريس يوم 11 كانون الأول الجاري.
* اللواء
خلط أوراق نيابية عشية الإستشارات… وخيار التأجيل وارد!
الحريري يستنجد بالأشقاء والأصدقاء: نقص السيولة يهدّد الأمن الغذائي للبنانيين
قبل يومين فقط من موعد الاستشارات النيابية، التي دعا إليها الرئيس ميشال عون لتسمية شخصية تكلف تأليف حكومة جديدة، طلب الرئيس سعد الحريري في رسائل مباشرة لكل من: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرؤساء: ايمانويل ماكرون، وفلاديمير بوتين، وعبد الفتاح السيسي، ورجب طيب أردوغان، ولي كيكيانغ (رئيس وزراء الصين) وجيوسيبي كونتي (رئيس وزراء ايطاليا)، ومايك بومبيو (وزير الخارجية الاميركي)، «مساعدة لبنان بتأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للانتاج لمختلف القطاعات».
وكشف المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال، ان الرسائل جاءت «في إطار الجهود التي يبذلها لمعالجة النقص في السيولة، وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين».
وقد لا يكون من قبيل الصدفة ان تتزامن الرسائل، مع المؤتمر الدولي الذي دعت فرنسا إلى عقده في باريس الأربعاء في 11 الجاري لحشد الدعم الدولي للبنان، الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية بعد اتفاق الطائف، وحتى قبله، وتتمثل بنقص حاد في العملة الصعبة، الأمر الذي عرقل استيراد الضروريات، وبات يُهدّد قطاعات الصحة والقمح والأدوية، والحديد ومستلزمات العمل.
وقال مسؤول لبناني ان الاجتماع سيشارك فيه ممثلون من مجموعة الدعم الدولية للبنان التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وأضاف ان من المتوقع أيضاً دعوة السعودية والامارات.
وفسرت مصادر سياسية خطوة الحريري بأنها دق ناقوس الخطر، في إشارة إلى العجز عن توفير السيولة، عبر مصرف لبنان أو المصارف العاملة.
ورأت ان من شأن التجاوب مع رسائل الحريري الحد من الأزمة، واحتواء المخاطر التي تعصف بالوضع اللبناني.
شكوك وغموض ودعم دولي
وفيما اكتملت الترتيبات من قبل دوائر القصر الجمهوري، على قاعدة قيام الاستشارات النيابية في موعدها الاثنين المقبل، ظلت التساؤلات لدى الأوساط السياسية، عمّا إذا كانت هذه الاستشارات ستتم في موعدها، وعما إذا كان التكليف الشفهي للمهندس سمير الخطيب سيصبح خطياً بموجب نتائجها، أو إذا سيحصل تبديل أو تغيير يُعيد التكليف للرئيس سعد الحريري، وعما إذا كان تكليف الخطيب، يعني تأليف حكومة تكنو-سياسية، وماذا عن ردّ الحراك الشعبي على ذلك، خصوصاً وان معلومات اشارت إلى وجود خطة لدى هذا الحراك لمنع وصول النواب الى بعبدا، على غرار ما جرى في جلسة العفو التشريعية، في ظل التحذير من ان أي شخصية في الحراك توافق على توزيرها ستوصف بالخيانة.
وإلى جانب هذه التساؤلات هناك تساؤلات أيضاً، حول ما يتعلق بدوافع العودة إلى تكليف الحريري، حيث رأت الأوساط السياسية، ان أبرز هذه الدوافع، تعيين باريس الأربعاء المقبل موعداً لانعقاد اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان، ومنها أيضاً اعتبار الرئيس الحريري صاحب علاقة دولية، وهو سيكون حاضراً في اجتماع المجموعة الدولية، وان لم يكن شخصياً، سيما بعدما اجري اتصالات مع توجيه رسائل إلى رؤساء ورؤساء وزراء عدد من الدول الصديقة والشقيقة، طالباً مساعدة لبنان بتأمين اعتمادات الاستيراد من هذه الدول بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأوّلية للانتاج لمختلف القطاعات.
وشملت الرسائل كلاً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء الصين لي كيكيانغ، ورئيس الوزراء الإيطالي جيوسبي كونتي، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وجاءت رسائل الرئيس الحريري، والتي وصفتها قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» بأنها أشبه «ببيان استغاثة عند النفس الأخير»، لتؤكد مدى الحاجة إلى مجموعة الدعم الدولية لمساعدة لبنان في هذه المرحلة العصيبة من تاريخه، خصوصاً وأن الاجتماع الذي حدّد موعده الأربعاء في 11 كانون الأوّل الحالي، سيعيد التأكيد على دعم لبنان لكن بطبيعة الحال لن يكون «شيكاً» على بياض، بل انه، بحسب تقدير الأوساط المطلعة سيشترط تشكيل حكومة قادرة على انجاز الإصلاحات، فلا دعم من دون حكومة تتخذ الاجراءات التي كان مطلوباً اتخاذها منذ مقررات مؤتمر «سيدر» في نيسان من العام 2019.
وقال مسؤول لبناني لوكالة «رويترز» التي كشفت عن الاجتماع، بأن «اجتماع باريس يهدف إلى حشد الدعم لمساعدة لبنان على التعامل مع ازمته الاقتصادية الحادة»، لافتاً إلى انه من المتوقع دعوة السعودية والامارات وربما الكويت أيضاً، الا انه لم يعرف ما إذا كانت المملكة ودولة الإمارات ستلبيان الدعوة إلى الاجتماع الذي سيكون على مستوى الأمناء العامين للخارجية، ووجهت الدعوة إلى الأمين العام لوزارة الخارجية اللبنانية هاني شميطلي، علماً ان الاجتماع الذي سينعقد في جلستين صباحية ومسائية، هو تمهيدي لاجتماع موسع يعقد لاحقاً.
هل تتأجل الاستشارات
ولأن لبنان الرسمي يعقد آمالاً على نتائج اجتماع باريس، والذي جاء حصيلة للقاءات الفرنسية والبريطانية والأميركية التي جرت في لندن وباريس مؤخراً، فإن التعويل عليه، بلغ مرحلة توقع احتمال تأجيل الاستشارات إلى ما بعد اجتماع مجموعة الدعم، على أساس ان مؤتمر باريس قد يحدث تغييراً بالنسبة للمرشحين لرئاسة الحكومة قبل الاثنين، بحسب ما ذهب إليه الوزير السابق وئام وهّاب في تغريدة له عبر «تويتر»، والذي أكّد ان لبنان يراهن على دعم الرئيس ماكرون لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي.
ومن هنا، سيشكل موقف كتلة «المستقبل» النيابية، التي يفترض ان تجتمع استثنائياً الأحد، عاملاً اساسياً لمعرفة اتجاهات ريح التكليف، فإذا أعلنت تأييد الخطيب، فهذا يعني ان تكليفه أصبح مضموناً، اما اذا تركت موقفها ملتبساً فهذا يعني ان كل الاحتمالات ستبقى مفتوحة حتى الانتهاء من الاستشارات بعد الظهر، بما في ذلك احتمال تبدل المواقف والترشيحات، خصوصاً وان الكتل الثلاث الكبرى ادرج موعدها بعد الظهر، للتعامل مع هكذا مفاجآت، أو بتعبير مصادر قريبة من بعبدا لكشف «الافخاخ»، معتبرة بأنه إذا كانت هناك «مكيدة» فيفترض ان تظهر حتى في اليوم نفسه، لكن لها علاج. كما افيد بأن هناك عدة سيناريوهات ترافق الموضوع، اي حصول ما يجب ان يحصل، اي استشارات تسمي رئيسا مكلفا او عدم حصول استشارات او حصول استشارات غير مقنعة بالتشاور مع رئيس مجلس النواب اي لا ينجم عنها اكثرية لمصلحة سمير الخطيب او تسمية الحريري من كتلته وتكر السبحة مع الحريري من حلفاء التيار الوطني الحر وان الغد لناظره قريب.
وفي هذا السياق، لفت الانتباه، بيان اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، المعروف عنه قربه من الرئيس الحريري وتيار «المستقبل»، حيث دعا نواب الشعب، وفي طليعتهم نواب كتلة «المستقبل» إلى عدم المشاركة في الاستشارات الآيلة إلى اختيار الخطيب لعدم مراعاتها الأصول الدستورية، كما دعا المهندس الخطيب إلى الاعتذار عن الترشح لموقع رئاسة مجلس الوزراء حرصاً على هذا المقام، ودعا ايضا دار الفتوى للتأكيد على بيان رؤساء الوزراء السابقين في هذا الخصوص.
واعتبر البيان اختيار الرئيس ميشال عون ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل المهندس الخطيب قبل اجراء الاستشارات الملزمة تخطياً للدستور والطائف وعودة بالممارسة إلى دستور ما قبل الحرب الأهلية، وتجاوزاً للميثاقية وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء.
وسارع نائب بيروت نهاد المشنوق إلى إعلان مقاطعته للاستشارات، تأييدا لبيان اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، مع انه موعده في الاستشارات كان مستقلا عن كتلة «المستقبل».
خطبة ماهر حمود
على ان الأخطر، ما ورد على لسان الشيخ ماهر حمود (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة) في خطبة الجمعة في صيدا، ان «كثيراً من المسلمين في لبنان يشعرون اننا عدنا إلى ما قبل الطائف».
ولاحظ ان «رئيس الجمهورية والوزير باسيل يأخذان من صلاحيات رئيس الحكومة ويسخفان بموقفه»، مضيفاً ان «الرئيس عون يتصرف في هذا الأمر وكأنه يتمتع بصلاحيات ما قبل الطائف».
واتهم الشيخ حمود الوزير باسيل بأنه ظلم كثيرين من خلال «فكرة المناصفة في الوظائف كما اخرجها»، ووصف فكرته بأنها تدل على انحراف في التفكير وسوء فهم للعلاقة الإسلامية المسيحية. فإن كانت الأمور ستسير على نفس المنوال في اختيار رئيس الحكومة واختيار الوزراء والاستشارات الملزمة وما إلى ذلك، فمعنى ذلك اننا فعلاً في أزمة حقيقية… وان أزمات ما قبل الطائف تطل برأسها من جديد.
فوضى أم إنقاذ
وفيما فوجئ المرشح لتشكيل الحكومة المهندس سمير الخطيب بحجم الحملة التي تستهدف ترشيحه، ونقل زواره عنه أنه لا يسعى إلى السلطة، ولا الجاه، وإنما كل ما يشغله في هذه المرحلة، بذل أي جهد يطلب منه، من أجل المساهمة في وقف تداعيات الأزمة الحالية والمساهمة مع المخلصين من أجل إنقاذ بلده، بدعم من الأشقاء والأصدقاء، لاحظت مصادر في «التيار الوطني الحر» ان لبنان على مفترق خطير، فإما ان تنجح الاستشارات بتسمية رئيس مكلف، تمهيداً لتأليف حكومة إنقاذ، واما يكون على موعد من الفوضى التي حذر منها الوزير باسيل من روما، حيث اعتبر ان نتيجة الفوضى ستكون حتماً كما الأزمة السورية خراباً للبلد، ودماراً لمؤسساته، ودما لابنائه وتطرحاً متنقلاً، إضافة إلى اختلال في الموازين الداخلية.
ولفتت محطة O.T.V في مقدمة نشرتها الإخبارية مساء أمس، إلى ان الاتجاه العام حتى اللحظة يُؤكّد تسمية الخطيب، رغم إصرار كتلة الرئيس نجيب ميقاتي على تسمية الحريري وكتلة «القوات اللبنانية» على عدم التسمية، فيما الحسم ينتظر نتائج الاستشارات في ظل غياب واضح للثقة بين المعنيين».
مواقف الكتل
وكانت بعض الكتل النيابية باشرت لقاءاتها واتصالاتها من اجل تقرير الموقف من تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، فيما تريثت كتل اخرى بانتظار التطورات حول ثبات ترشيح المهندس سمير الخطيب للمنصب الذي اعلنت بعض مجموعات الحراك الشعبي رفضها له شخصيا ورفضها للتركيبة الحكومية التي تضم القوى السياسية ذاتها ولو بوجوه جديدة، وصدرت دعوات عن بعضها لإقفال الطرقات واعلان الاضراب العام.
وعُلم في هذا السياق ان كتلة المستقبل ستجتمع الاحد استثنائيا لتقرير الموقف، كما ان كتلة اللقاء الديموقراطي ستجتمع الاحد لتقرير الموقف، وقالت مصادرها ل «اللواء»: ان هناك مروحة اراء وخيارات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار سيتم التداول بها, لكن المصادر لم تفصح عنها.
كذلك يعقد المكتب السياسي لحزب الكتائب الاحد اجتماعات مفتوحة للبحث في كل الامور المتعلقة بالتكليف، وان كان المرجح ان لا يسمي احدا. وقالت مصادره لـ«اللواء»: ان الاجتماعات ستبقى مفتوحة لأخذ القرار النهائي بموضوع الاستشارات، فور استكمال كل المعطيات التي تتبدل كل ساعة.
كما ذكرت مصادر «التكتل الوطني» الذي يضم نواب «تيار المردة» والنائبين فريد الخازن ومصطفى الحسيني انه سيعقد اجتماعا الاحد لتقرير الموقف.
وبالنسبة للقاء التشاوري النيابي ذكرت مصادره ان الموقف يتقرر ايضا بعد اجتماع يعقد غدا الاحد مساء، في دارة النائب عبد الرحيم مراد وقد يؤجل الى صباح الاثنين بعدما تكون قد توافرت المعطيات كاملة. وقالت مصادر اللقاء: حتى الان الامور غامضة بالنسبة لترشيح سمير الخطيب وهناك ضبابية حول الموضوع.
ورجحت مصادر كتلة الحزب القومي ان تجتمع اليوم لتقرير الموقف، بعد التشاور مع الحلفاء لاسيما حزب الله وحركة امل وقد يكون موقفها قريب من موقفهما.
وفي حين ذكر حزب «القوات اللبنانية» امس الاول انه سيشارك في الاستشارات ولكن من دون تسمية احد، قالت مصادره ان الكتلة ستبلغ رئيس الجمهورية موقفها المعترض على ما يجري حول الوضع الحكومي تكليفا وتأليفا ومصادرة صلاحية الرئيس المكلف مسبقا وقبل تسميته عبر فرض تركيبات اوسياسات معينة عليه، وتمسكها بتشكيل حكومة حيادية انقاذية من اختصاصيين.
ممنوع الحراك الأثنين
وبالنسبة إلى تهديد الحراك بمنع وصول النواب إلى بعبدا، يوم الاستشارات، أوضحت مصادر قصر بعبدا، انها لا ترغب في إشاعة أجواء سوداوية- أو الإشارة إلى انقلابات بفعل تبدل المواقف السياسية، مشيرة إلى ان أي تحرك للشارع تحت سقف التجمعات للاعتراض، هو شأن يتصل بجماعة الحراك، اما اقفال الطرقات فهو أمر ممنوع بشكل قاطع، وان قيادة الجيش والقوى الأمنية سبق لها ان أكدت هذا القرار، في حين ذكر موقع «النشرة الالكتروني» ان قوى سياسية بدأت تجري اتصالات ولقاءات مع الحراك لتنسيق خطوات الاحتجاج المرتقبة الاثنين لمنع الكتل النيابية من الوصول إلى القصر الجمهوري تلبية لدعوة الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة، وعُلم ايضا ان كتلا نيابية ستكرر سيناريو الجلسة النيابية، من خلال إعلان مقاطعة أو عدم القدرة للوصول إلى بعبدا، بحجة التحركات الشعبية».
وأفادت المعلومات نفسها بأن «قوى سياسية تعمد الى شحن انصارها للنزول إلى الشوارع بدءا من الاحد».
واقتصرت تحركات الحراك أمس في بيروت على قطع الطريق في عين المريسة بالاطارات المشتعلة، احتجاجاً على إزالة البسطات في المكان، إلى جانب مسيرة في شارع حمد، وتنظيم تجمع امام منزل الوزير السابق اشرف ريفي في طرابلس، بعد انطلاق مسيرة راجلة من ساحة النور وجابت شوارع المدينة وصولا إلى ساحة الشراع في الميناء.
الدولار يهبط
اقتصادياً ومالياً، ارتاح سوق النقد أمس نسبياً حيث سجل الدولار الأميركي انخفاضاً في سوق التداول لدى الصيارفة، وكسر عتبة الالفي ليرة نزولاً، حيث تمّ التداول به على 1900 ليرة للدولار.
ومن جهة ثانية، أعادت وزارة الطاقة طرح مناقصة لشراء 180 ألف طن من وقود الديزل، وحدد موعد تقديم العروض بحلول العاشرة من صباح الأربعاء المقبل في 11 كانون الأوّل الحالي.
* البناء
بلبلة عشية الذهاب للاستشارات النيابية… ومؤتمر في باريس لتمويل عاجل يمنع الانهيار
التياران الأزرق والبرتقالي يتبادلان الاتهامات بنسف التسوية على “الخطيب”
ترجيح تسمية الخطيب قائمة… لكن البديل هو الحريري بتأجيل أو بدون تأجيل
كتب المحرّر السياسيّ
مع تقدم موعد الاستشارات النيابية والاقتراب من يوم الاثنين المحدّد لها من رئيس الجمهورية، بدأت كل الكتل النيابية تعيد حساباتها لترصيد الأرباح والخسائر، وبدا أن التسوية المبرمة لا تزال هشّة وعرضة للاهتزاز، في ظل ما ظهر من فقدان للثقة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، حيث أظهرت مواقف التيار الوطني الحر تشكيكاً بصدق سير الرئيس سعد الحريري بالتسوية، وتحدّث بعض نواب التيار عن مخاوف من مشروع توريط بتسمية الرئيس المكلف وعدم الوصول لحكومة، أو تشكيل حكومة وتفخيخ مسيرتها بتفجير الأزمة بوجهها بصورة دراماتيكية تستعيد مشهد ما جرى مع حكومة الرئيس عمر كرامي في عام 1992 تمهيداً لمجيء الرئيس الراحل رفيق الحريري، ليتسنّى هذه المرة للرئيس سعد الحريري العودة على حصان الأزمة، كما قال النائب ألان عون في حديث تلفزيوني ليل أمس؛ بينما تحدّث تيار المستقبل عن شكوكه بصدق سير التيار بالتسوية التي كان شريكاً كاملاً في إنتاجها، متسائلاً عن معنى لقاءات روما التي يؤكد أنها جمعت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل بمن يصفونه بمرشحه لرئاسة الحكومة النائب فؤاد مخزومي، ويتحدّث المستقبليّون عن تبلّغهم من التيار الوطني الحر عزمه على عدم المشاركة في حكومة المهندس سمير الخطيب إذا تمّت تسميته، وتفضيل البقاء في المعارضة لعدم الوقوع في فخ المشاركة بحكومة ستنفجر بوجهها أزمة بدلاً من أن تصنع على أيديها حلول.
في هذا المناخ أكد الفرنسيون الدعوة لمؤتمر دولي إقليمي حول لبنان لتوفير الدعم المالي العاجل لمنع الانهيار المالي مواكبة للتسوية الحكومية، والمؤتمر المقرّر انعقاده يوم الثلاثاء ستحضره الدول الأوروبية وأميركا وروسيا والصين ودول الخليج خصوصاً السعودية والإمارات، وربما قطر وتركيا أيضاً.
الساعات المقبلة ستكشف الكثير من المواقف المغفلة، تمهيداً لصورة واضحة ليوم الاثنين، خصوصاً بالنسبة لتيار المستقبل الذي ستتولى كتلته تسمية مرشحها لرئاسة الحكومة في صدارة الاستشارات، وتكون أول الكتل التي تكشف أوراقها، وما لم يتم تأجيل الاستشارات بقرار من رئيس الجمهورية تفادياً لانكسار التسوية والذهاب إلى المجهول، ترجّح مصادر متابعة أن يكون موقف الرئيس الحريري أحد موقفين، إما السير بتسمية المهندس سمير الخطيب، أو قبول العرض الذي تلقاه من ثنائي حركة أمل وحزب الله عبر وزير المال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، بدعوته لتلقف مضمون التسوية التي أسست للتفاهم على اسم الخطيب وترؤسها من قبله شخصياً. وهذا يعني أن يزور الحريري عين التينة ويتفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الصيغة الجديدة.
في حال قام المستقبل بتسمية الخطيب سيكون اسم الخطيب قد حُسم عملياً، حيث سيتولى نواب كتل كثيرة السير بتسميته، والأرجح أن التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي سيفعلان ذلك، وسيتم ترحيل التفاوض على مشاركة التيار لما بعد التكليف، أما في حال قبول الحريري ترؤس الحكومة الجديدة وفقاً لشروط تسمية الخطيب فسيكون تواصل جديد بين حزب الله والتيار الوطني الحر لإسقاط التحفظات والشكوك التي يبدّدها تولي الحريري نفسه رئاسة الحكومة.
في حال التأجيل تكون علاقة التيار الوطني الحر مع حزب الله قد دخلت مرحلة من الإرباك تحتاج إلى ترميم، وتفاهمات جديدة، ويُخشى أن يوفر هذا الارتباك فرصة لتحسين شروط الحريري في العودة إلى رئاسة الحكومة، بما يفتح الباب لخلط أوراق سياسي ربما يغيّر الكثير من المشهد السياسي.
تتجه الأنظار إلى بعبدا التي تشهد استشارات نيابية ملزمة تحدّد مسار التكليف والتأليف. وحافظت المواقف على ثباتها لجهة المشاركة في الاستشارات وإن لجهة تسمية المرشح الأوحد حتى الساعة المهندس سمير الخطيب، إلا أن مؤشرات لاحت أمس تشي بإمكانية خلط الأوراق وتعديل وجهة الاستشارات وتعيد الرئيس سعد الحريري الى واجهة المشهد مع بروز الدور الفرنسي المتقدّم على خط الأزمة السياسية.
وفي حين تردّدت معلومات عن إمكانية تعديل أو تأجيل موعد الاستشارات بسبب تلويح الحراك بتصعيد كبير في الشارع رفضاً لإجراء الاستشارات ولتكليف الخطيب، أكدت أوساط بعبدا لـ»البناء» أنه «لم يحصل أي تغيير في موعد الاستشارات الاثنين المقبل»، موضحة أن «هذا استحقاق دستوري ولا يمكن لأحد أن يمنع حصوله»، مشيرة الى أن «هناك إجراءات أمنية مشدّدة ستتخذ بالتنسيق بين الحرس الجمهوري والجيش اللبناني والقوى الأمنية لتأمين طريق القصر الجمهوري ووصول النواب إليه».
ولفتت الاوساط الى تضخيم إعلامي لبعض التحركات التي تحصل امام القصر الجمهوري، متسائلة كيف يطالب الحراك رئيس الجمهورية باستشارات، ولما تحدد الموعد طالب بإلغائه ويدعو الى عدم حصولها وصولاً الى التلويح بقطع طريق القصر ومنع النواب من الوصول؟ مضيفة: «هم بذلك يطالبون بالشيء ونقيضه»، مؤكدة أنه «اذا كانت هناك نية وارادة لدى النواب للمشاركة في الاستشارات فلا يمكن لأحد منعهم». كما أكدت الأوساط أن «الاستشارات لن تُلغى ولن تؤجل رغم أن ذلك حق لرئيس الجمهورية، لكن مهما كان موقف كتلة المستقبل وغيرها من الكتل، فإن الاستشارات ستستمر لتشمل كافة الكتل وفي ختام الاستشارات تُحتسب الأصوات ومَن ينل الاكثرية إن كان سمير الخطيب أو غيره يكلّف بتأليف الحكومة». ورجّحت الأوساط تكليف الخطيب بأكثرية مريحة في ظل التزام 4 كتل أساسية بتسميته وهي تكتل لبنان القوي وكتل المستقبل والتنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، فضلاً عن اللقاء الديموقراطي والمردة وكتل أخرى».
وعلمت «البناء» أن «الاتصالات مقطوعة بين بعبدا وبيت الوسط ولا مشاورات لعودة الحريري، مستبعِدة أي مفاجآت تعيد خيار الحريري الى الواجهة خلال المدة الزمنية الفاصلة للاستشارات». لكن برزت أمس الدعوة الفرنسية لحضور اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان، يعقد في 11 كانون الأول الجاري في باريس، وفق ما أفادت رويترز نقلاً عن مصدر أوروبي. ما فسّرته مصادر على أنه تعويم لمؤتمر سيدر الذي ارتبط بوجود الحريري في رئاسة الحكومة. وبالتوازي برزت أيضاً رسائل وجّهها الحريري إلى رؤساء ورؤساء وزراء عدد من الدول، طالباً مساعدة لبنان بتأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها لمعالجة النقص في السيولة، وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين. وشملت الرسائل كلاً من رؤساء السعودية وفرنسا وروسيا ومصر وتركيا والصين وإيطاليا ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وبحسب مصادر إعلامية فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري حمّل رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط رسالة الى الحريري مفادها: «تنازل بعض الشيء وترأس أنت الحكومة الجديدة». وأشارت مصادر في 8 آذار لـ”البناء” “تمسك ثنائي أمل وحزب الله بالحريري مراهنين على عودته عن قراره وموافقته على ترؤس الحكومة خلال الساعات الفاصلة عن الاثنين”، وأوضحت أن سبب تمسّك الثنائي بالحريري هو اعتباره جزءاً من المسؤولية الذي أوصلت البلد الى هذه الأزمة الكبيرة، وبالتالي مَن كان يبدي شجاعة وحماسة لترؤس الحكومات السابقة لا يمكن له أن ينسحب في هذا الوقت الذي وصل فيه البلد الى حافة الانهيار”. ولمست المصادر «تراجعاً وتسهيلاً في الموقف الأميركي والأوروبي لجهة تأليف الحكومة في لبنان بمعزل عن الشروط التي وضعها الحريري للعودة في بداية المفاوضات عازية السبب الى الخوف الدولي من الانهيار الكامل في لبنان الذي يضر بالمصالح الغربية». لكن مصادر أخرى تخوّفت من تحريك الشارع قبيل الاستشارات لخلق ذريعة لبعض الكتل ككتلة المستقبل لعدم المشاركة في الاستشارات وبالتالي حجب الغطاء السني عن الخطيب وإسقاطه سياسياً وسنياً وشعبياً في الشارع وتعميق وتعميم الفراغ في السلطة ومزيد من الفوضى على كافة المستويات.
وفي هذا السياق كانت لافتة كلمة رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر «يوروميد» بروما، الذي أشار الى أن «الفوضى في لبنان التي يُعِد لها البعض في الخارج، ستكون نتيجتها حتماً كما الأزمة السورية: خراباً للبلد، ودماراً لمؤسساته، ودماً لأبنائه، وتطرفاً متنقلاً، ونزوحاً باتجاهكم وستكون في النهاية انتصاراً لأهل الأرض وهزيمة لأعدائها. وستكون نتيجتها كذلك اختلالاً في الموازين الداخلية، فيما لبنان بلد التوازنات لا يريد المزيد من الاختلال ولا يريد الانتصار بخرابه، إن كان انتصار البعض من أبنائه على البعض الآخر، أو كان انتصار خارج على خارج من خلاله. فمنطق الخاسر والرابح في لبنان مرفوض ولا يدوم، ومسار حياتنا الوطنية دليل على ذلك».
ولفتت معلومات الى أن باسيل وبعد تسميته للخطيب «سيكون له موقف من المشاركة في الحكومة واحتمالات بعدم مشاركة التيار أو المشاركة بوزير دولة»، لم تؤكد مصادر التيار هذه المعلومات. في المقابل وفي وقت أعلنت القوات اللبنانية أنها لن تسمّي أحداً في الاستشارات، أفادت مصادر نيابية في حزب الكتائب لـ»البناء» الى أن «الكتائب سيعقد اجتماعاً خلال اليومين المقبلين ويقرّر على ضوئه المشاركة والتسمية»، وأكدت أنها «لن تسمّي الخطيب مبدية اعتراضها على طريقة الاستشارات التي حسمت التكليف والتأليف قبل حدوث الاستشارات».
على صعيد الحراك، أفادت مصادر أنه «يجري التنسيق بين المتظاهرين في كل المناطق والاتجاه إلى إعلان إضراب عام الإثنين وإقفال الطرقات احتجاجاً على ما يتم التداول به من حكومة يعتبرون أنها أسوأ من السابقة وليست مؤلّفة من اختصاصيين».وكانت سرت إشاعات عن الوضع الصحي للخطيب لكن مكتبه نفى هذه المعلومات، مشيراً الى ان «الخبر المشار اليه، شأنه شأن سائر الشائعات عار عن الصحة، ولمن يهمه الأمر، فإن صحته جيدة جداً».
المصدر: صحف