فيما يُشبه الاستفتاء الشعبي على تشكيل المجلس السياسي الأعلى في اليمن، غصّ ميدان السبعين بالحشود المليونية غير المسبوقة التي ملأت الميدان والشوارع المحيطة به، في مشهد تاريخي واستثنائي. الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية إلى جانب الحراك الجنوبي، واتحاد نساء اليمن وعلماء البلد ووجهاء القبائل حضروا في التظاهرة المليونية في صورة عكست الالتحام الشعبي لدعم المجلس السياسي في أداء مهامه الدستورية كسلطة تستمد شرعيتها من الشعب اليمني وحده.
رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصمّاد حيّا الحشود المشاركة، وقال إنّ هذه “الحشود تساوي أضعاف سكان 4 من دول الخليج التي تشارك في العدوان على اليمن”، قبل أن يتوجه للدول المشاركة في العدوان على اليمن بالقول: “عارٌ عليكم أن تتآمروا على شعبنا الذي هو مهد الحضارة و الذي لم يحمل أي عداء لكم”.
“على قوى العدوان أن تفهم أن هناك معادلة جديدة بدأت تتشكل في #اليمن والشعب ركيزتها”، أضاف الصماد. وأردف أنّ الحكومات التي لم تصغِ لصوت الشعب اليمني هي غير جديرة باحترام الشعب اليمني الذي سيحاسبها يوماً ما.
وتوجه رئيس المجلس السياسي الأعلى للحشود المليونية بالقول إن المجلس جاء تلبية لطموحات الشعب و استجابة لمطالبه، وأوضح أن هناك تحديات ومصاعب جمة أمام المجلس ومع ذلك فإن المجلس قادر على مواجهة كل التحديات.
قال الصمّاد إن المجلس سيعمل على تشكيل حكومة في الأيام القليلة المقبلة، وعلى تطبيع الأوضاع الأمنية و توزيع الشراكة السياسية و المجتمعية و التواصل مع الجميع في الداخل والخارج. ودعا أعضاء البرلمان للعودة إلى الجلسات وإعادة الحياة الدستورية للبلاد. وبينما أكد على أن المجلس “لا يملك عصا سحرية، وأن هناك تحديات جمة تواجهه” تعهد بأنهم “سيبذلون الجهود والطاقات في سبيل تلبية احتياجات المواطنين الضرورية، والعمل على تطبيع الأوضاع الأمنية، ومحاربة القاعدة وداعش”.
وتوّجه الصمّاد إلى الوفد الوطني اليمني المشاركة في محادثات مسقط، ودعاهم للعودة إلى اليمن وعدم اللقاء بالمبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ، الذي “بدا عاجزاً عن استصدار تصريح بالسماح لطائرة الوفد الوطني للعودة إلى صنعاء”، بحسب الصماد.
وختم الصماد كلمته بالتأكيد على أن بلاده تمد يد السلام “لا الاستسلام” وأنها ستمد يدها إلى الجميع باستثناء الكيان الصهيوني، وحيّا الجيش واللجان الشعبية اليمنية معاهداً بأن يكون معهم بكل ما يملك.
الأحزاب والتنظيمات السياسية
وكان المهرجان التاريخي الحافل قد افتتح بكلمة الأحزاب والتنظيمات السياسية، ألقاها الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي محمد الزبيري، حيا في مستهلها صمود الشعب اليمني وبطولات الجيش واللجان الشعبية في وجه العدوان، معلناً دعم الأحزاب للمجلس السياسي الأعلى في أداء مهامه الدستورية.
كما ثمن عودة مجلس النواب إلى ممارسة مهامه التشريعية والدستورية، داعياً إلى استكمال ملئ الفراغات الدستورية وإيصال البلد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية. وجدد الزبيري تمسك الأحزاب اليمنية بالوحدة اليمنية والثوابت الوطنية وحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً. مديناً دعاة الانفصال، دعا الزبيري الكلمة إلى العمل على طرد الغزاة الجدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، وإسقاط مشروع التطرف الذي تسعى لإثارته قوى خارجية.
الحراك الجنوبي
تلا ذلك، كلمة الحراك الجنوبي، ألقاها اللواء خالد باراس، أعلن من خلالها مساندة الحراك للاتفاق السياسي بين القوى الوطنية وتشكيل المجلس السياسي الأعلى. وحيّا الجماهير الغفيرة التي توافدت إلى ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء رغم الظروف الصعبة لإعلان تأييدها وإظهار وحدتها، كما توجه بالتحية للمجلس النيابي للموقف الوطني الذي أظهره.
وأضاف أن هذا الاتفاق التاريخي وجه رسالة إلى أولئك الذين يراهنون على تصدع الجبهة الداخلية، وهو في ذات الوقت تأكيد على أن الشرعية تنبع من هنا من الأرض اليمنية، وجماهير الشعب اليمني.
إتحاد نساء اليمن
أعقب ذلك، كلمة اتحاد نساء اليمن، ألقتها فتحية عبدالله، أكدت من خلالها دعم المرأة اليمنية للاتفاق السياسي بين القوى الوطنية، ووقوفها خلف الجيش واللجان الشعبية في صد العدوان على اليمن.
علماء اليمن
كما قرأ ممثل عن علماء اليمن بياناً صادراً عن علماء اليمن، أكدوا فيه على تأييد علماء اليمن الاتفاق السياسي بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي وحلفاؤهم وتشكيل المجلس السياسي الأعلى، ووقوف العلماء إلى جانب المجلس في قيادة البلد في هذه المرحلة العصيبة، وبما يعزز اللحمة الداخلية، وكذا وقوف العلماء إلى جانب الجيش واللجان الشعبية في تصديهم للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
ودعا بيان العلماء اليمنيين إلى تعزيز التلاحم في مواجهة التحديات والتصدي للعدوان الغاشم، وأكد أن علماء اليمن من هذا المنطلق بمختلف مذاهبهم يباركون المجلس السياسي الأعلى. كما دعا دول العالم لاحترام إرادة اليمنيين في الحرية وتقرير المصير وعبر عنها البرلمان اليمني ممثل الشعب. وتوجه للمنظمات الحقوقية للقيام بدورها في مساندة ليمنين وفضح جرائم العدوان بحق المدنيين وهي جرائم ضد الانسانية، ودعا المغرر بهم في صفوف العدوان إلى مراجعة أنفسهم والعودة إلى جادة الصواب.
وأكد البيان أن علماء اليمن يباركون عودة مجلس النواب لممارسة صلاحياته الدستورية والقانونية وهو مصدر الشرعية المستمدة من الشعب، وهو الذي منح هذه الشرعية في إدارة البلد في هذه المرحلة للمجلس السياسي الأعلى.
قبائل ووجهاء اليمن
وكانت مشائخ القبائل ووجهاء اليمن الذين أعلنوا عن تأييدهم للمجلس السياسي الأعلى، مطالبين دول العالم باحترام الإرادة الشعبية اليمنية، ومساندة مؤسسات الدولة اليمنية، والمغرر بهم إلى العودة إلى جادة الصواب.
وفي الختام بارك بيان التظاهرة تشكيل المجلس السياسي الأعلى على أن يستمد شرعيته من التأييد الشعبي، ودعا شعوب العالم إلى الضغط على الدول لاحترام المجلس اليمني. وأشاد البيان الختامي بدور الجيش واللجان الشعبية مؤكداً أن المعركة مستمرة حتى النصر.