أعلن النائب حسن فضل الله، في مؤتمر صحافي في المجلس النيابي، ان كتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير” تقدمتا باقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى رفع الحصانة عن الوزراء.
وقال فضل الله: “سجلنا الاقتراح في قلم المجلس على أمل ان يكون على جدول اعمال جلسة يوم غد الثلاثاء. تعرفون ان هناك قضية أساسية على جدول الاعمال تتعلق بكل ما نشهده وهي قضية مكافحة الفساد. هذه القاعة تشهد كم تكلمنا عن هذه القضية أمام الاعلام والرأي العام، وذهبنا الى المرجعية المختصة، القضاء العدلي المختص، سواء النيابة العامة التمييزية او النيابة العامة المالية. كنا دائما نقول انه عندما نريد ان نحاسب علينا ان نحاسب وفق الاطر القانونية. مهما تكلمنا في الاعلام ومهما صرخنا في الهيئة العامة ولم يترجم هذا الكلام باجراءات قانونية يبقى الموقف كلاما ولا يتحول الى اجراء فعلي. الاجراء الفعلي يتخذه القضاء المختص”.
اضاف: “ذهبنا الى القضاء المختص، وقدمنا له ما لدينا من مستندات وملفات مرتبطة بالهدر المال العام وبالفساد، لكن للاسف الى يومنا هذا لم نر فاسدا وراء القبضان. ومن يأخذ الفاسد وراء القضبان ليس نحن. الرأي العام يتكلم، لكن في النهاية علينا ان نذهب الى القاضي الذي عليه ان يصدر الحكم، وهو من عليه ان يسمي الفاسد ويوجه الاتهام، ويحكم ويقول لنا من البريء ومن المذنب”.
واشار الى “اننا اصطدمنا ببعض العوائق اثناء متابعتنا للملفات الكبيرة والكثيرة المتعلقة بمكافحة الفساد، وأعطي مثالا في ملف ضخم يتعلق بالاموال العمومية، ملف الحسابات المالية. بين يدي المدعي العام مئات الاوراق، رسمية ومستندات، فيها اسماء ومبالغ مالية وأرقام وغيرها. والاهم ان هذه المستندات تتعلق بالوزير، وزير المال كان يصدر التعليمات. وزراء المال المتعاقبون كانوا يصدرون قرارات، وأحد المستندات يتضمن الاف مليارات الليرات اللبنانية. لا نعرف كيف صرفوا. من سيقول لنا ان هذا الموظف او هذا الوزير مسؤول عن هدر الاموال. نحن نقدم الورقة، والقاضي عندما يتوسع بالتحقيق يقول لنا من هو المسؤول عن التلاعب بهذه الاموال العامة”، مشيرا الى ان “هؤلاء الوزراء عندما كانوا يمارسون صلاحياتهم، كانوا خاضعين لمواد دستورية تنص على ان يحاكموا امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”، مؤكدا ان “المجلس النيابي قام بواجبه بينما القضاة لم يرسلوا الاسماء”.
نص الاقتراح
ثم تلا فضل الله نص الاقتراح الذي قدمته كتلتا “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير”، وجاء فيه:
“ترفع الحصانة عن الوزراء الحاليين والسابقين الذي تولوا منصبا وزاريا ابتداء من وزراء الحكومة الاولى التي نالت ثقة المجلس النيابي المنتخب في العام 1992، وما بعدها من وزراء الحكومات المتعاقبة، وبصورة استثنائية للقضاء المختص ملاحقتهم في دعاوى هدر المال العام والفساد المالي. يسري تطبيق هذا القانون على النواب حال توليهم الوزارة”.
وقال فضل الله: “لماذا حددنا الوقت، قلنا افضل وقت لاول مجلس منتخب بعد 20 سنة من تعطل الانتخابات، هو سنة 92 وأول حكومة نالت ثقة هذا المجلس، اعتبرناه مفصلا زمنيا”.
وعن المشكلة التي واجهته، قال فضل الله: “قدمنا هذه المستندات التي لها علاقة بقطاع الاتصالات وبالحسابات المالية. هناك وزراء توالوا على هذه الوزارات. ماذا قال لنا القضاء، قال ان هؤلاء قد يكون عليهم جرم لكن لا يستطيع ان يحاكمهم. هناك نص دستوري يقول ان المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو من يحاكم”.
الاسباب الموجبة
ثم تلا فضل الله الاسباب الموجبة للاقتراح، وجاء فيه:
“لما كان الدستور في المادة 70 منه ينيط بالمجلس النيابي الاتهام للوزراء بأغلبية الثلثين، ولما كان الاتهام للوزراء يتعلق بترتكابهم الخيانة العظمى او الاخلال بالواجبات المترتبة عليهم،
ولما كانت عبارة الاخلال بالواجبات المترتبة تحولت الى غطاء لممارسات الوزراء في ادارتهم، والى حصانة على ممارستهم غير القانونية، بما فيها جرائم سرقة واختلاس وهدر الاموال العمومية، والتي ينظر فيها القضاء العدلي المختص.
ولما كان من صلاحيات المجلس النيابي رفع هذه الحصانة وتحويل الوزراء الى المحاكمة،
ولما كان الدستور في المادة 71 منه يحيل المحاكمة الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء،
ولما كان هذا المجلس لم يتشكل بعد،
ولما كان المجلس النيابي انتخب لاول مرة في العام 1992 بعد توقف الانتخابات لمدة عشرين عاما، ولما كانت الحكومة الاولى التي نالت ثقته تعتبر مرحلة جديدة في تاريخ الحكومات اللبنانية،
ولما كان المجلس سبق له ولظروف استثنائية رغم وجود نص دستوري أعطى مهلة للحكومة لانجاز قطوعات الحساب وأقر موازنتين من دون قطوعات الحساب، وذلك لضرورات وطنية قررتها الاغلبية النيابية،
ولما كانت هذه الضرورات ملحة اليوم لوضع حد لاستغلال مادة في الدستور تحصر محاكمة الورزاء امام المجلس الاعلى غير المشكل قانونا،
ولما كانت الظروف الاستثنائية تتطلب ملاحقة الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات فساد امام القضاء العدلي المختص،
ولما كان القضاء العدلي المختص يمتنع عن ملاحقة قضايا الفساد المالي للوزراء الحاليين والسابقين ويعتبرها من اختصاص المجلس الاعلى،
ولما كان هذا الامتناع شكل حصانة للوزراء الذين تصرفوا بالمال العام خلافا للقوانين المرعية الاجراء،
ولما كان هذا التصرف ادى الى اختلاس وسرقة وهدر أموال عمومية تراكمت ملفاتها امام القضاء العدلي المختص،
ولما كانت الحاجة ضرورية لاجراءات استثنائية في مهلة محددة بهدف وضع حد لهذا التصرف واسترداد الاموال المنهوبة،
نتقدم باقتراح القانون هذا آملين اقراره”.
وقال فضل الله: “كون مجلس النواب هو أم السلطات وهو سيد نفسه ويستطيع ان يحدد المسارات القانونية، جئنا بهذا الاقتراح وطرحناه على دولة رئيس المجلس الاسبوع الماضي، وكيف سنحل هذه المشكلة، كيف سنستعيد الاموال المنهوبة. قلنا لنضع حلا لهذا الموضوع واحترم كل الاراء، وجئنا نقول ان هذا النص الدستوري تحول الى حصانة على ممارسات الوزراء بمختلف اشكالها، نحن في وضع مالي اقتصادي استثنائي، هناك مطلب عام عند عموم الشعب اللبناني وهذا لا يختلف عليه اثنان من اللبنانيين بضرورة استعادة الاموال المنهوبة، كيف ستعيدها اذا بقي الوزراء محصنين بنصوص، ونريد ثلثي اعضاء المجلس. جئنا لنحل هذه الاشكالية باقتراح القانون، والمجلس النيابي هو من يقرر، فهو أم السلطات في مثل هذه القضايا، نحن نطلب أن تتم محاسبة الوزراء الحاليين والسابقين امام القضاء العدلي المختص”.
اضاف: “هل يرغبون بوضع سقف زمني، في الهيئة العامة وانا شخصيا ليس لدي مانع، يريدون القول ان هذا يحتاج ربما الى تعديل، نحن كان لدينا اقتراح بتعديل الدستور، ولكن تعديله يتطلب مجلسا نيابيا ويحتاج الى حكومة، والان لا توجد حكومة. اذا تأخر تشكيل الحكومة وبقوا متمسكين بكل هذه النصوص، معنى ذلك تمر كل هذه الفترة كما مرت الفترات الماضية ولا تتم المحاسبة. نحن في هذا الاقتراح نحصر دور القضاء العدلي المختص بالمواضيع المرتبطة بالمال العام، يعني الواجبات الاخرى المترتبة على الوزير بأدائه، بمواقفه. وتبعيته في مجلس الوزراء لا علاقة لها، وتبقى وفق الاليات الدستورية”.
واكد فضل الله ان “الظرف الان مؤات، والقضاء يجب ان يكون شجاعا وجريئا، ونقول له وللجميع لا غطاء لاحد ولا حصانة لاحد، نحن نسهل لك في الموضوع القانوني. اذا، هناك اجتهادات قانونية في هذا الموضوع ونضع لك غطاء كبيرا من قبل مجلس النواب. تفضل يا قضاء، ولا تبقى متذرعا بهذه الاسباب. ونعرف اليوم ان المحميات السياسية والطائفية والمذهبية ستخف نتيجة المناخ الموجود في البلد، فلنستفد جميعا من هذه الفرصة. نعم هناك شيء جديد حصل في البلد وجميعنا معنيون باستثماره ايجابا. وواحدة من هذه الاستثمارات هي في ان نذهب الى محاكمة الفاسدين ايا يكن موقعهم”.
وأشار الى ان لديه اقتراح قانون تقدم به لتعديل المادة 61 من قانون الموظفين، وقال: “نحن عدلنا هذا الاقتراح، وفي الهيئة العامة سأطالب بالعودة الى النص الذي قدمته حتى لو بقي كما عدلته لجنة الادارة والعدل. وعلى كل حال هذا يعود للهيئة العامة. نحن لدينا اقتراح يتعلق بالموظفين، في القانون نرفع الغطاء وسنرفعه بالموقف السياسي لكل القوى السياسية. وهكذا نكون ألغينا الحصانات على كل من مد يده الى المال العام”.
اضاف: “بكل وضوح اقول نحن لا نتهم احدا مسبقا، وما زلنا بالمنهجية نفسها، لدينا اوراق واخبارات ومستندات وملفات نقدمها للقضاء والقضاء المالي. وعند المدعي العام التمييزي هناك ملفات موجودة بين يديه، واذا كان هناك أمر بحاجة الى قوانين، نحن جاهزون وحاضرون لنقدم هذه الاقتراحات. وعشية الدعوة العامة للجلسة التي سنشارك فيها سنطالب ببت هذه القوانن لنطلق يد القضاء، ليعيد هذا القضاء حقوق الشعب اللبناني. وانا قلت يوما ومن هنا، اذا لم يقم القضاء بدوره سآتي الى محكمة الرأي العام، ولكني ما زلت انتظر”.
وتابع: “منذ تسعة اشهر قدمت مئات الوثائق وهي موجودة عندي وعند القضاء، انا لا اريد وضعها أمام الاعلام لكي لا يعتقد كل واحد انه اذا قرأ اسما بأنه متهم. سمعت من القضاء انهم يستدعونهم، ولكننا نريد نتيجة. اذا لم يصل القضاء الى نتيجة فأنا ما زلت ملتزما، وسآتي الى هنا وأضع هذه المستندات واعطيكم اياها ولندع الشعب اللبناني يعرف ماذا حصل. اما من يقول لي لماذا لا تقم بذلك الان، فأقول له اننا نعطي فرصة للقضاء. في العام 2016 قدمنا ملف الانترنت غير الشرعي وعادوا وتواصلوا معي. الان أقول نحن جاهزون لتقديم ما يطلبه القضاء، ونقول للقضاء هذه هي الفرصة التاريخية، أنت من تعيد ثقة الشعب اللبناني بدولته”.
سئل: متى ستنتهي هذه الازمة وتفتح المصارف ابوابها، وهل هناك جلسة غدا؟
اجاب: “نحن مع انعقاد الجلسة غدا وسنشارك بها، وهذا حق طبيعي لمجلس النواب. واذا كان المجلس النيابي لا يجتمع، الان يجب ان يجتمع من اجل ان يتصدى لكل هذه الامور المرتبطة بمكافحة الفساد. المجلس هو أم السلطات الدستورية في لبنان وهو ضمانة بقاء هذه الدولة. هذا المجلس جاء بارادة اللبنانيين الذين انتخبوه وفق قانون جديد واستمد شرعيته من الشعب اللبناني. هناك مواطنون لديهم رأي اخر، نحن نحترم كل الاراء الصادقة والتي نزلت الى الشارع من وجعها، وفي نفس الوقت نرى مواطنون استغلوا بالسياسة، في هذا النوع من الحراك، حاولوا الاستثمار عليه. وهناك جهات خارجية تحاول الدخول على الخط”.
واكد ان “ما يطمئن الشعب اللبناني هو المؤسسات الدستورية والعودة الى عملها”. وقال: “نحن لدينا اسئلة لها علاقة بسلوك المصارف، هذه الاموال هي حقوق للمودعين، وقلنا قبل ايام اننا نستشعر ان هناك من يمارس ضغطا سياسيا من خلال الموضوع المالي، صحيح هناك ازمة ولا احد ينفيها، لكن يوجد جزء مسيس سواء بالتلاعب بسعر الدولار او برفع الاسعار او بسلوك المصارف، حتى لو كانت الحكومة مستقيله فان عليها واجبات، ومن هذه الواجبات ان تكافح الوزارات المختصة قضية رفع الاسعار. هناك أمر غير منطقي من استغلال وجشع”.
وتابع: “البعض يستخدم هذا الموضوع لممارسة ضغط سياسي، ونقول لهم لا تلعبوا هذه اللعبة التي تصيبون فيها كل الشعب اللبناني. وفي النهاية، الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود التي تستهدفونها ستزيد نقمتها على من يمارس هذا الضغط من خلال لقمة العيش. هناك ادارات وهيئات مختصة وقضاء وضابطة عدلية يمكنها تطبيق النصوص القانونية وملاحقة كل هذه الحالة المتفلتة في موضوع سعر العملة او بموضوع اسعار السلع الاستهلاكية”، مشددا على المسؤولين اداء واجباتهم ولو كانوا مستقيلين”.
اضاف: “اليوم نقدم اقتراح قانون يتعلق بالمسؤولين منذ العام 1992، ونقول للوزراء الحاليين، اذا استقلتم لا يعني ذلك ان الملاحقة القضائية لا تطالكم. انتم مسؤولون عن القيام بواجباتكم في حماية لقمة عيش المواطنين، مسؤولون امام المجلس النيابي والشعب اللبناني والقضاء. وان شاء الله اذا اخذ هذا الاقتراح خطه في الهيئة العامة ووضع على جدول الاعمال، وتحملت الكتل النيابية مسؤولياتها وصوتت معنا، عند ذلك اعتقد انه سيتغير أداء الوزراء الحاليين والآتين في المستقبل، وعلينا استفادة من كل هذا المناخ الذي نعيش فيه”.
وردا على سؤال عن الاستشارات النيابية، قال فضل الله: “موضوع الاستشارات عند فخامة رئيس الجمهورية، فهو الذي يعبر عنه في مواقفه او عبر مصادره، وبالتالي دعوتنا كانت منذ اليوم الاول للاسراع في تشكيل الحكومة للحد من الازمة لان البلد لا يتحمل”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام