رأى السيد علي فضل الله أن الاحتجاجات المستمرة في لبنان منذ تسعة أيام هي “تعبير صادق عن وجع اللبنانيين وعدم قدرتهم على تحمل ضرائب جديدة استسهلت الدولة فرضها عليهم من دون أن تأخذ بعين الاعتبار معاناتهم اليومية لتلبية أبسط احتياجاتهم من الماء والكهرباء والطبابة والتعلم والدواء والسكن، في ظل عدم توفر فرص العمل، وإن توفرت، فهي لا تكفي لتأمين عيش كريم لهم”. وفي خطبة الجمعة التي القاها في جامع الامامين الحسنين (ع)، أوضح السيد فضل الله أن الحراك الشعبي “جاء ليقول لكل هذه القوى السياسية التي ساهمت بالفساد أو سكتت عليه: كفى، نريد وطنا تحترم فيه كرامة الناس وكفاءاتهم وإمكاناتهم، ويعمل من يحكمونهم لخدمتهم، لا لحسابهم الخاص ولتضخيم ثرواتهم أو لحساب جماعتهم، ممن يسبحون ويمجدون بحمدهم، أو لحساب مواقعهم السياسية، وإن وسعوا الدائرة فلحساب طوائفهم. ولعل أهم ما يميز هذا الحراك وسر قوته أنه جاء خارج الاصطفافات التي عهدناها في لبنان؛ الاصطفافات الطائفية والمذهبية والسياسية”.
وقال السيد “واستطاع الحراك بفعل وحدته وصوابية مطالبه وابتعاده عن أي ارتهان لأي من القوى السياسية، أن يحدث هزة في الواقع السياسي كانت السبب في دفع الحكومة إلى التنازل عن الضرائب التي كانت تريد فرضها على الناس، وأن يسقط الكثير من الجدران التي كانت تقف حائلا دون أي إصلاح. وكان من نتيجته الورقة الإصلاحية، التي، وإن لم تكن بمستوى الطموحات ومطالب الناس، لكنها إن نفذت أو كانت قابلة للتنفيذ، فهي تفتح الباب للاصلاح”.
وأكد السيد فضل الله وقوفه إلى جانب الحراك، داعياً الدولة إلى أن “تصغي جيداً إلى هؤلاء الناس، إلى وجعهم وألمهم ومعاناتهم، وأن تبادر إلى خطوات جدية سريعة تشعر هؤلاء الناس بأن الدولة جادة في تلبية احتياجاتهم ومتطلبات عيشهم الكريم، وفي محاربة كل ما تعانيه من فساد، وأنها ستحاسب الفاسدين، ولن تمنحهم بعد اليوم أي غطاء”، موضحاً أننا “رأينا إيجابية في الرزمة الإصلاحية التي صدرت عن الحكومة بفرض ضرائب على أرباح المصارف، واستعادة حقوق الدولة في الأملاك البحرية وقروض الإسكان، وخفض رواتب المسؤولين، وفيما ورد في خطاب رئيس الجمهورية بدعوته إلى الحوار، وإعلانه الإسراع في العمل على رفع الحصانة عن كل المسؤولين السابقين والحاليين من الرؤساء والوزراء والنواب، والمباشرة بالمحاسبة، واسترداد الأموال المنهوبة، وأن يكون ذلك من خلال عدم التدخل في أحكام القضاء”.
وحذر السيد ممن “يريدون إشغالكم بمعارك هامشية لتقسيم هذا الحراك وإفقاده قوته، أو تحويلكم إلى أداة لضرب مواقع القوة في هذا البلد، فالتكامل هو الذي ينبغي أن يحكم علاقة الذين يواجهون الفساد بالذين يقاومون العدو، فكل منهما ينبغي أن يكون عونا للآخر وقوة له. إن البلد أحوج ما يكون في هذه المرحلة إلى تعزيز عناصر القوة فيه، لا إلى زيادة الشرخ بين مكوناته، لمواجهة الواقع الصعب الذي يعانيه البلد، فأزمات البلد كبيرة وحادة، ولا تعالج إلا بتعاون كل أبنائه، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع للوصول إلى حل سريع، حتى لا يسقط الهيكل على رؤوس الجميع”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام