القيلولة من الأمور التي يلجأ إليها سكان الدول ذات الطقس الحار لإراحة الجسم قليلاً وتعبئة الطاقة لما بقي من النهار، وقد يشبهها الكثيرون بالكسل والتقاعس، لكن هذا الأمر خطأ تماماً. فعلى العكس من ذلك، مَنْ يأخذ قيلولة الظهيرة بانتظام، لا يعيش بصحة أفضل وحيوية أكبر وحسب، بل ويعمل بعد ذلك بشكل أكثر فاعلية بعدها.
لكن فترة القيلولة قد تختلف من شعب إلى آخر، ففي إسبانيا يطلقون عليها “سيستا”، وتستمر القيلولة الإسبانية التقليدية إلى نحو ساعتين، يبلغ وقت النوم العميق فيها إلى نحو 90 دقيقة. أما القصيرة فيطلق عليها الأمريكيون Powernap أي الغفوة لوقت أقصر، وهي من كلمتين “الطاقة” و”النوم”. لكن هل تتناسب القيلولة الإسبانية لساعتين مع متطلبات الحياة العملية والوظيفة؟ بالتأكيد لا.
عن هذا يقول الباحث الألماني في شؤون النوم يورغن تسولي: “الوقت المثالي للقيلولة يبلغ بين 10 و30 دقيقة. وتحديدها يختلف من إنسان إلى آخر. فمثلاً لا تزيد قيلولتي عن 15 دقيقة”. ويبقى من المهم هنا نستيقظ قبل مرحلة النوم العميق والتي تحدث بعد حوالي 30 دقيقة من النوم، كما يوضح الخبير الألماني. ويضيف بالقول: “الاستيقاظ بشكل صحيح يصبح أكثر صعوبة بعد النوم العميق، فتكون النتيجة نعاساً متواصلاً”.
ويقول الدكتور يورغن تسولي: “أضاف الأمريكيون مصطلح القوة للإشارة إلى تأثير تعزيز الأداء، والذي سأصفه بأنه حلقة نوم قصيرة نسبياً”. ويمكن لهذه الاستراحة القصيرة لأن تقلل من التوتر وتحسين الأداء، وغفوة الظهيرة “ليست مجرد عادة غير ضرورية”، ولكنها جزء من برنامجنا الطبيعي والبيولوجي و”للأسف ما يزال هناك من يعتبرها سلبية، رغم ايجابياتها الكثيرة”.
ما هي مزايا غفوة الظهيرة القصيرة؟
تعود غفوة الظهيرة القصيرة بالكثير من المزايا على الجسم ولا تقتصر على مجرد التغلب على التعب المؤقت في منتصف النهار:
-زيادة التركيز: بعد 20 دقيقة من الإغفاء، يمكنك العمل بشكل أكثر تركيزاً، ويزداد معدل انتباهك ويتغلب على أدنى مستويات طاقة الجسم عند الظهيرة. وفقاً لخبراء النوم يزداد الأداء الذهني بعد نوبة النوم خلال النهار بنسبة 35 بالمائة تقريباً، لتصبح أكثر إنتاجية في العمل.
-قوة بدنية أكبر: كما يزداد الأداء البدني بشكل كبير عن طريق قيلولة الظهيرة القصيرة. هل يساعد القيلولة مباشرة قبل التمارين الرياضية؟ في هذا السياق يؤكد الخبير الألماني أن العديد من الرياضيين، سواء أكانوا من الملاكمين أم لاعبي كرة القدم، يلجأون إلى قيلولة قصيرة أثناء النهار، “وبعد ذلك يشعرون بقوة ذهنية وجسدية، لكنهم يجب أن يقومون بإحماء قصير بعد الاستيقاظ منها”.
-سهولة إنقاص الوزن: توصلت دراسة للرابطة الأمريكية لدراسات السمنة في لاس فيغاس أن قلة النوم تؤدي إلى ارتفاع مخاطر خطر زيادة الوزن والسمنة. ووجدت دراسة أخرى أجرتها جامعة أكسفورد أن التعب يحفز الشهية. مع مقدار النوم المناسب يمكنك أيضاً التأثير على عاداتك الغذائية ووزن جسمك.
-تعزيز الصحة: درست كلية الطب بجامعة أثينا ومدرسة هارفارد للصحة العامة العلاقة بين قيلولة منتصف النهار والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. وشارك فيها 23681 شخصاً وكانت عادات نومهم مختلفة في بدء الدراسة التي استمرت لعدة سنوات. وكانت النتيجة: الأشخاص الذين يداومون على قيلولة الظهيرة، تقل لديهم مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 37 بالمائة.
-دفق من هرمونات السعادة: ليس هناك أفضل من الإغفاءة القصيرة وقت الظهيرة لتشعر بمزاج رائق. فخلالها يزداد إفراز هرمون السعادة “السيروتونين” في دمك.
وقد تتساءل ما هو الوقت الأمثل لأخذ غفوة قصيرة نهاراً؟
يجيب الخبير الألماني بأن أفضل وقت لإغماض عينيك في الفترة بين الواحدة والثانية ظهراً. وإذا أخذت قيلولتك بعد الساعة الثالثة ظهراً، فستوثر على ساعتك الداخلية.
المصدر: dw.com