تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 17-10-2019 في بيروت العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي..
الأخبار
حكومة الواتساب: 6 دولارات على كل مشترك
زيادة الضرائب على الاتصالات والبنزين والدخان… ولا مسّ بالأثرياء
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “شارفت جلسات مجلس الوزراء المخصّصة لمناقشة مشروع الموازنة على نهايتها. ولذلك لم يعد من مجال لتأخير الإجراءات «غير الشعبية». وقد أتت المفاجأة من عند وزير الاتصالات، الذي اكتشف أن الواتسآب يشكّل أحد أسباب خراب الهيكل. ولذلك اقترح وضع رسم عليه، ووافقه مجلس الوزراء مجتمعاً. وعلى المنوال نفسه اقترحت الحكومة وضع رسم على السجائر، ليُبحث اليوم إمكان فرض رسم جديد على المشتقّات النفطية، كما اقتراح رفع الضريبة على القيمة المضافة. جلسة مجلس الوزراء أمس، وتلك التي ستليها، فيهما الكثير من الاقتراحات التي تكشف أن الحكومة متمسّكة بسياساتها التي أدّت إلى الأزمات التي يعاني منها لبنان، فضلاً عن فتح الباب أمام الخصخصة (إدارة المرفأ)، والتقشّف المضرّ (وقف النفقات الاستثمارية مثلاً)، وزيادة الضرائب والرسوم على الاستهلاك، وتحميل الطبقات الدنيا مسؤولية الخروج من الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد، ورفض أي إجراء إصلاحي جدي، وتحريم المسّ بامتيازات الأثرياء.
وجدها مجلس الوزراء. اكتشف أخيراً أن تطبيق «واتساب» هو سبب الأزمة المالية – الاقتصادية، وربما النقدية، ففرض رسماً على الاتصالات عبر الانترنت. تلك الفكرة العبقرية، كان وزير الاتصالات يمهّد لها عند كل مناسبة. أرقام شركتي الخلوي تقول إن العائدات لم تنخفض بأكثر من 2 في المئة، فيما الأموال التي تحوّل إلى الخزينة تراجعت 18 في المئة من جرّاء المصاريف التشغيلية والرأسمالية التي ارتفعت أكثر من 32 في المئة. لم يرَ مجلس الوزراء ذلك، لكنه وافق وزير الاتصالات على ضرورة أن يضع رسماً على استعمال «واتسآب» وأخواته، علّها تؤدي إلى إيرادات للخزينة. وعليه، قرّر المجلس اقتراح فرض رسم بقيمة 20 سنتاً على أول مكالمة يُجريها المشترك عبر الانترنت يومياً، على أن تكون الاتصالات التي تلي غير خاضعة للرسم. ذلك يعني أنه في حال أقرّ مجلس النواب هذا الاقتراح، فإن كل مشترك يستعمل تطبيقات الاتصالات الصوتية عبر الانترنت سترتفع فاتورته بنحو 6 دولارات شهرياً، تضاف إلى المبالغ المضخّمة التي يدفعها للخزينة جوراً لمجرد استعماله الهاتف الخلوي. وهكذا فإن المشترك المقيم في لبنان والذي يدفع فاتورة اتصالات ربما هي الأعلى في العالم ويتوقّع تخفيضها، سيجد نفسه أمام رفع جديد للأسعار، خلافاً لأي منطق اقتصادي أو حقوقي.
تقنياً يؤكد أكثر من خبير اتصالات أنه تستحيل معرفة ما إذا كان الهاتف الذي يصرف «داتا»، يصرفها على الاتصالات أو على تصفّح الانترنت أو أي شيء آخر، أضف إلى ذلك عدم وجود نظام فوترة يسمح بتحديد هذه المكالمات المدفوعة وتحديد كلفتها في الفاتورة. مع ذلك، فإن وزير الاتصالات أكّد لنظرائه إمكانية تحديد الاتصالات عبر الانترنت عبر تقنية تسمح بالتمييز بين استعمال الإشارة (Signal) واستخدام النص، مشيراً إلى أنه يحتاج إلى بعض الوقت والمعدات ليصبح الأمر قابلاً للتطبيق. علماً أنه تبيّن أن هذا الرسم سيوضع في الفترة الأولى على الاتصالات المنفّذة عبر داتا شركتي الخلوي، لا عبر الـ«واي فاي»، بسبب الحاجة إلى آلية قانونية مختلفة للسماح لتحديد الاتصالات التي تتم عبر شبكة «أوجيرو» وشركات الخدمات. بعد أن يتحقق ذلك، سيُحسم الرسم من اشتراك الانترنت الذي يقدم خدمة الواي فاي، إن كان منزلاً أو شركة أو مكاناً عاماً. تلك الفكرة البديعة، يتوقع أن تحصّل نحو 219 مليون دولار سنوياً، قدّرت على اعتبار أن نحو 3 ملايين مشترك من أصل 4.5 ملايين مشترك بالهاتف الخلوي، يستخدمون تطبيق الواتسآب. لكن إلى حين إدخال الاتصالات عبر الواي فاي في ذلك النظام، فإن التوقّعات بأن ينخفض دخل هذا الرسم نحو 40 في المئة.
الرسم الثاني الذي اتفق عليه هو الرسم على السجائر، فقد تقرّر أن يضاف رسم بقيمة 2000 ليرة على كل علبة سجائر مستوردة مقابل 750 ليرة على السجائر المحلية. لكن هذا القرار لن يُطبق دفعة واحدة، بل على مراحل، لسببين، الأول قطع الطريق على التجار الذين بدؤوا بتخزين الدخان بالفعل، وثانياً للتأكد من تأثيره على مسألة التهريب. هنا، لا بد من الإشارة إلى أن الهدف ليس تخفيف الفاتورة الصحية أو الوقاية من الأمراض. الهدف هو حصراً تحصيل الإيرادات.
تبقى الضريبة على القيمة المضافة التي لم يتم حسمها أمس، ويتوقع أن يصدر القرار بشأنها اليوم، حيث تدور الاقتراحات حول ثلاث:
– زيادة الضريبة على الكماليات إلى 15 في المئة، وزيادتها تدريجياً إلى 15 في المئة على باقي الأصناف الخاضعة للضريبة، على أن يُطبق نصف هذه الزيادة في عام 2021 ونصفها الآخر في عام 2022 (اقتراح الرئيس سعد الحريري).
– زيادة الضريبة إلى 15 في المئة على الكماليات، وإمكانية زيادة هذه النسبة بعد ثلاث سنوات (لجنة الخبراء).
– زيادة الضريبة إلى 12 في المئة على كل السلع الخاضعة للضريبة حالياً.
ضريبة البنزين بدورها لم تُحسم، مع ترجيح احتمال أن تنضم المشتقات النفطية إلى لائحة السلع التي أخضعت لضريبة 3 في المئة على الاستيراد في موازنة عام 2019. (اقتراح كتلة لبنان القوي)، علماً أن هذه النقطة لا تزال عالقة على قاعدة أن الزيادة ستكون بمعدل 750 ليرة على الصفيحة، وهي زيادة يعتبرها بعض الوزراء متدنية، ويسعى إلى رفعها. مع الإشارة إلى أن مسألة وضع رسم مقطوع بقيمة 5000 ليرة قد سقطت من الحسابات، وكذلك حصل مع اقتراح وضع حد أدنى وحد أقصى لسعر الصفيحة.
لكن مقابل هذه المساعي لزيادة الإيرادات وخفض العجز، الذي لم يوضع له أي تقدير، يتجه المجلس إلى تثبيت إعطاء دعم لكهرباء لبنان بقيمة 1800 مليار ليرة لتغطية عجزها. وهو ما اعترض عليه وزراء القوات، انطلاقاً من أن هذا الدعم يتعارض مع خطة الكهرباء التي أقرها مجلس الوزراء السنة الماضية. فالخطة تشير إلى أن عام 2020 سيشهد خفض العجز إلى حدود 574 مليون دولار، وهو مبلغ بعيد جداً عن المبلغ الذي أصرّ عليه تكتل لبنان القوي، واعتبرت الوزيرة أنه قد يكون غير كافٍ. تسليم مجلس الوزراء سلفاً بتخطي بنود خطة سبق أن أقرها يفتح الباب عملياً على تخطي بنود أخرى. وفيما برّر الحريري زيادة الدعم بتأخر دفتر الشروط، داعياً إلى إقراره في اللجنة الوزارية تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء، طالب عدد من الوزراء بتقرير يوضح أين أصبح تنفيذ الخطة، خاصة أنها لا تتعلق بمسألة المعامل فقط.
وفي ما وصف بالإجراءات الإصلاحية، تقرّر تركيب ماسحات ضوئية (Scanners) على الحدود لضبط التهريب، والطلب من جميع المؤسسات والمرافق العامة عدم القيام بأي إنفاق استثماري إضافي، إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، وتحويل الفائض بهذه المؤسسات بشكل شهري إلى الخزينة اللبنانية، على أن تكون مدة هذا القرار سنة. وستصدر عن مجلس الوزراء تسمية بهذه المؤسسات والهيئات، علماً أن الحديث كان تطرق إلى كازينو لبنان وشركتي الخلوي والريجي ومرفأ بيروت.
كما أقرّ مجلس الوزراء مبدأ خصخصة إدارة المرفأ، إضافة إلى مؤسسات أخرى ستصدر فيها لائحة. كذلك أقر إلغاء ودمج بعض المؤسسات والمرافق العامة «التي لا لزوم لها ويمكن الاستغناء عنها أو ضمّها إلى وزارات أخرى» كمؤسسة ضمان الاستثمارات وضمان الودائع والمؤسسة العامة للزراعات البديلة وغيرها.
وبحسب وزير الإعلام جمال جراح، تم تكليف وزير المالية إجراء جردة بعقارات الدولة تمهيداً لاتخاذ قرار حول الاستفادة منها. كما أقر قانون برنامج على 3 سنوات بقيمة 470 مليار ليرة، لتنفيذ المشاريع الاستثمارية التي أقرت في مجلس النواب والبالغة قيمتها 3.3 مليارات دولار. كما كُلّف وزيرا العمل وشؤون مجلس النواب متابعة القانون المعروف بضمان الشيخوخة، وهو سبق أن أقره مجلس الوزراء وأرسل إلى مجلس النواب. وطُلب كذلك من الوزراء تقديم اقتراحات بشأن مسودّة الدراسة المقدمة من البنك الدولي حول الإصلاحات. وكذلك تقرر إعطاء 5% دعماً للمصانع على الصادرات الإضافية، فإذا كان هذا المصنع يُصدّر هذا العام بقيمة مليون دولار، وصدّر في العام المقبل 1.2 مليون، يحصل على دعم 5% على المائتي ألف الإضافية.
وبالرغم من أن الجلسة وُصفت بالهادئة إلا أنه تخللها إشكالان: الأول يتعلق بمسألة التوظيف المخالف لقانون سلسلة الرتب والرواتب، والثاني يتعلق بالجهة التي تعد خطة للتعامل مع مسألة النازحين. ولما كان المجلس يميل إلى تكليف اللجنة الوزارية المختصة رفع تقرير بذلك، وهو ما أصر عليه الوزير وائل أبو فاعور، اعترض وزير شؤون النازحين، رافضاً التعدي على «صلاحياته».
كم أصبح العجز المقدّر؟ لا أحد يملك الجواب، لكن وزير المالية الذي احتسب خفّض بند الإيرادات في موازنة عام 2019 نحو ألف مليار، ربطاً باتفاق مع مصرف لبنان على الاكتتاب بسندات الخزينة بفائدة 1 في المئة على عشر سنوات، أعاد التأكيد على أن هذا الاتفاق سينفّذ في موازنة عام 2020. وهو ما شكّك فيه البعض، فيما اعترض عليه البعض الآخر، كالوزير عادل أفيوني الذي اعتبر أنه من الأفضل وضع رسم محدّد على أرباح هذه المصارف، علماً أن حاكم مصرف لبنان سبق أن أكّد لقناة «أو تي في»، يوم 23 أيلول الماضي، أن أحداً لم يفاتحه بشأن مساهمة مصرف لبنان في خفض خدمة الدين العام.
أحد الوزراء يجزم أن كل ما يجري في مجلس الوزراء لا يعبّر عن تحسّس المجلس للأزمة النقدية والمالية الخطيرة التي وصلت إلى حافة الانهيار. أما أحد الخبراء الاقتصاديين، فقد أشار إلى أن ما اتخذه المجلس من قرارات، لا هدف له سوى الابتعاد عن الإجراءات الحقيقية المطلوبة لإنقاذ الوضع وأولها إعادة هيكلة الدين وفرض الضريبة الموحّدة التصاعدية.ش
الجمهورية
مكوّنات الحكومة تُصدِّعها.. والموازنة تقترب.. ونصائح بتجنّب السقوط
بدورها تناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “إذا كانت نعمة السماء قد غَطّت عجز السلطة، ورَأفَت بهذا البلد وأخمَدت بأمطارها الحرائق التي فَتكت بمساحات واسعة من الطبيعة اللبنانية الخضراء، فكيف مع سلطة باتت مُحترقة سياسياً وشعبياً ستُخمَد سلسلة الحرائق الدائمة المضطرمة سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً وكهربائياً وبيئياً، وفي كل مفصل من المفاصل المرتبطة مباشرة بحياة اللبنانيين؟
السؤال مبرّر، لكنّ جوابه في منتهى الصعوبة، فنعمة السماء، بتدخّلها في إضرام حرائق الطبيعة، نَطقت باسم اللبنانيين، وأصدرت حكمها وأدانت سلطة أمر واقع مفروض عليهم قسراً، حازت وبامتياز لقب «أم الأزمات»، لا بل صارت أسوأ من كل الازمات، التي جاءت مقارباتها لها بطريقة تِمساحية، من دون أن يصيبها شيء من خجل، أو حتى بعض احمرار تُعوّض فيه ماء وجهها الذي «نَشّف» بالكامل.
واذا كان دخان حرائق الطبيعة قد انقشَع بفضل نعمة السماء، إلّا أنّ مزايدات المُقصّرين والمستثمرين على الكوارث، استمرت من كل الاتجاهات. أمّا المناخ السياسي فعابِق بدخان الحرائق السياسية، والجديد فيه انّ الهَمس الذي كان محصوراً داخل جدران الصالونات الرسمية والسياسية، بدأ يتسرّب الى خارجها، ويكشف بشكل صريح تصدّعات عميقة في جسم السلطة، ترسم علامات استفهام كبرى عمّا اذا كان هذا الجسم سيبقى محكوماً بالمُساكنة القسرية بين مكوّناته، أم انّ هذه المساكنة ستنفرط في قابل الايام وتتفكّك؟
وما يبرّر رسم علامات الاستفهام تلك، المتاريس التي باتت منصوبة داخل الحكومة، والقصف المتبادَل بين مكوناتها داخل مجلس الوزراء وخارجه، وهو أمر جعل بعض كبار السياسيين يتخوّفون من فرضيّة «انّ الحكومة بدأت بالاهتزاز، وصارت قائمة على أرض رخوة».
كلام قاس
وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ نقاشاً جرى بشكل مكثّف في الآونة الاخيرة، بين مستويات رئاسية وسياسية رفيعة في الدولة، وثمّة كلام قاس صدرَ عن أحد الرؤساء حيال ما سمّاه «سياسة التعطيل المتعمّد للحكومة، ومحاولة كسرها من داخلها». وصولاً الى تلويحه بـ«ان استمرّت هذه السياسة، ويبدو أنها ستستمر، فإنّ الجمرة الحكومية ستُلقى في أيدي الجميع، وساعتئذ ليتحمّل كل طرف مسؤوليته».
السفارات تسأل
وتِبعاً لذلك، فإنّ أحد كبار المسؤولين كشفَ لـ«الجمهورية» انّ عدداً من السفارات الغربية في بيروت تطرح منذ مدة تساؤلات واستفسارات حول مصير الحكومة، في ظل الوضع الحكومي المتوتّر وغير المستقر، وانّ بعضها عَبّر لكبار المسؤولين في الدولة عن مخاوف جدية من هذا الوضع، ونَصح بتجنيب لبنان الدخول في منعطف سياسي خطير في ذروة الازمة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها، لأنّ من شأن ذلك أن يصيب لبنان بأضرار جسيمة، ويُفاقم أزماته الى مستويات شديدة الخطورة.
شر لا بد منه!
الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ الوضع المتوتر سياسياً وحكومياً، والمتأزّم اقتصادياً ومالياً، كان في الساعات القليلة الماضية محلّ تداول في «اجتماع داخلي» بين مسؤول كبير وأعضاء قيادة حزبه السياسي وكتلته النيابية. وقد طرح على هذا المسؤول سؤال، في مستهلّ الاجتماع، عن مصير الحكومة، وهل انّ لبنان على أهبّة السقوط في أزمة سياسية حكومية الى جانب أزمته الاقتصادية؟
وبحسب المعلومات، فقد نقل عن المسؤول المذكور قوله جواباً عن هذا السؤال: إن حصل هذا الأمر، فهذا معناه طار البلد. وأضاف: لا شيء يبعث على الاطمئنان، والانقسام بدأ يتعمّق في داخل الحكومة بلا أي سبب موجِب لذلك، والمعركة مفتوحة فيها على عدة خطوط، ما بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، وما بين «التيار» و«الحزب التقدمي الاشتراكي». وهناك علاقة محتقنة ما بين «القوات» و«حزب الله»، وما بين «الحزب» ورئيس الحكومة، وعلاقة تصعد حيناً وتهبط أحياناً كثيرة، كما هو الحال هذه الايام بين «التيار» ورئيس الحكومة. ما يعني انّ وضع الحكومة لا يُبشّر بالخير. واستغربَ المسؤول نفسه الحديث عن قلب الطاولات، فيما الطاولة مقلوبة أصلاً على رؤوس الجميع. وقال: إنّ افتعال المشاكل السياسية هو هروب واضح من المسؤولية ومن المعالجات والاصلاحات.
وأبدى خشيته من أن يكون البعض يدفع متعمّداً نحو تغيير الحكومة. وقال: المريب انّ التصعيد السياسي – الحكومي يأتي أمام استحقاقات كبرى تنتظر لبنان، لا نتحدث فقط عن «سيدر»، ولا عن بدء التنقيب عن النفط البحري قبل نهاية السنة، ولا عن تحذيرات البنك الدولي ونصائحه، بل عن وكالات التصنيف. فمنذ التخفيض الأخير لدرجة لبنان الائتمانية، اشتعلت أزمة شح الدولار والأزمات في كل القطاعات الحياتية، فماذا لو فاجَأتنا وكالات التصنيف بتخفيض جديد؟ وأيّ مستوى ستبلغه الأزمة فيما لو حصل ذلك؟.
ولم يخفِ المسؤول نفسه «أنّ كل الاحتمالات واردة، وليس خافياً انّ مكوّنات داخل الحكومة وقوى سياسية خارجها تُطالب بتغييرها». وقال: الحكومة اليوم، وبرغم ما تعانيه من عجز وتقصير، هي في هذه الفترة شرّ لا بد منه، وبقاؤها مطلوب حتى ولو كانت مجرّد هيكل لأنّ بديلها هو الفراغ المفتوح، وإنّ تشكيل حكومة جديدة سيستغرق في أحسن الأحوال سنة على الأقل.
بري
الى ذلك، قالت مصادر الرئيس بري لـ«الجمهورية»: إنّ المسألة ليست مسألة حكومة، فالحكومة تعمل وتحاول جهداً، واجتماعات اللجان الوزارية تسعى لإيجاد حلول، بل انّ المسألة هي كيف نتفرّغ لإيجاد حلول للأزمة الخانقة التي يعانيها لبنان، وبلغت مستويات شديدة الخطورة ووضعت البلد على مفترق طرق. هذه هي الأولوية، وليس أي أمر آخر. لقد وضعنا خريطة طريق في اجتماع بعبدا، وينبغي سلوكه بإقرار سلة الاصلاحات التي اتفق عليها. أمّا لماذا تأخّروا في ذلك؟ الله أعلم.
وكانت لافتة أمس النبرة الانتقادية التي عَبّر عنها بري أمام «نواب الاربعاء»، حيث سأل: «لماذا نعيش حالة إنكار وكأننا لا نعاني أزمة مالية واقتصادية واجتماعية، بالرغم من توافقٍ بإجماع المستويات الرئاسية والقيادات المسؤولة على 22 بنداً في لقاء قصر بعبدا، وهي إصلاحات مهمة بدءاً من الموازنة مروراً بالكهرباء والى آخره من بنود؟
ونَوّه باجتماعات اللجنة الوزارية المتلاحقة، إلّا انه أبدى استغرابه لإعادة البحث من جديد بملف الاصلاحات طالما انه بُتّ به من ضمن البنود الـ22، وإلا فليحسم التصويت هذا الأمر. ونفى بري الشائعات التي تروّج لوَقف مفاعيل سيدر، حيث أكدت الجهات المعنية الفرنسية أن لا صحة لهذه الشائعات.
الحريري
وأكدت مصادر الرئيس الحريري لـ«الجمهورية»: انّ الجهود مُنصَبّة على كيفية بناء التحصينات للواقع اللبناني في ظل الازمة الاقتصادية الضاغطة، ورئيس الحكومة يعتمد المرونة الكاملة في أدائه، ويقوم بتدوير الزوايا في الاتجاهات التي تؤدي الى إنجاز الموازنة بالشكل المطلوب، والى مناخ سياسي هادىء بعيداً عن التشنجات التي تحصل بين الحين والآخر.
ورداً على سؤال عمّا اذا كان مصير الحكومة مطروحاً واذا كانت هناك محاولات لتطييرها في هذه الفترة التي برز فيها خلاف حاد بين بعض مكوناتها؟ قالت المصادر: الحكومة قائمة، والضرورة تعزّز بقاءَها، ثم ما البديل عنها في موازاة الكلام عن تطييرها؟ البديل هو الفراغ، وهل في الامكان تشكيل غيرها؟ وهل تحتمل الظروف هذا الفراغ؟ يجب ان ينتبه البعض الى الأداء المَرِن الذي يقوم به الرئيس الحريري، يجب ان يُقابَل بمِثله من مختلف القوى، والأهم انّ على البعض أن ينتبه الى انّ استمرار شَدّه في الحبل قد يقطعه في أي لحظة.
وحول الكلام عن قلب الطاولات، قالت المصادر انّ الرئيس الحريري كان واضحاً حينما قال: اذا لم نصل الى العلاجات المطلوبة، فإنّ الطاولة قد تنقلب وحدها على الجميع.
الموازنة
الى ذلك، بَدا واضحاً أمس، انّ مشروع موازنة 2020 هو أمام ساعات حاسمة، لإقراره قبل نهاية الاسبوع الجاري وإحالته الى المجلس النيابي ضمن المهلة الدستورية، أي قبل يوم الثلثاء المقبل في 22 تشرين الاول الجاري.
وعشيّة انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي أمس، تكثفت الاتصالات السياسية، والتي بدأها أمس الاول رئيس الحكومة سعد الحريري بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، وما تخلله من أجواء استياء عَكسها الحريري حيال التراجعات في آخر لحظة من قبل «التيار الوطني الحر» عن إقرار سلة الاصلاحات التي يفترض ان تقترن مع مشروع موازنة 2020. واستكملت أمس بزيارة قام بها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل للرئيس الحريري. وعكست مصادر السراي أجواء إيجابية، من دون أن تتوسّع في تفصيلها. وهذا الأمر عكس نفسه على جلسة مجلس الوزراء، التي وصفتها مصادر وزارية بأنها كانت هادئة، وغابت عنها أي تشنّجات.
ويبدو انّ الصراع السياسي أخذ استراحة محارب أشبَه بهدنة مؤقتة إفساحاً في المجال لتمرير الموازنة.فمجريات الجلسة، جاءت معاكسة للجو السياسي المتشنّج، ووصَفها وزير الاتصالات محمد شقير من خلال حديثها عن أنّ الحرائق انطفأت في الخارج والداخل. والسبب الذي عَزَته مصادر وزارية لـ«الجمهورية» يعود الى اللقاءات التي سبقت الجلسة. وقالت المصادر: انّ هناك تفاهماً قد حصل للانتهاء من الموازنة غداً على أبعد تقدير، وستحصل لقاءات جانبية تسهيلاً للاتفاق على الاجراءات التي ستتضمّنها الموازنة.
وبالفِعل، عُقد بعد جلسة الأمس اجتماع ضَمّ وزير المال علي حسن خليل ووزراء «التيار الوطني الحر» ووزراء «حزب الله»، ناقشوا خلاله النقاط العالقة قبل جلسة اليوم، التي ستناقش جدول أعمال عادياً أبرزه خطة المهجرين، واستكمال بحث الموازنة. حيث يُرتقَب أن تُبَت نهائياً في جلسة الغد.
وعلمت «الجمهورية» انّ مجلس الوزراء قرّر زيادة الرسوم على مشتقات التبغ المنتجة محلياً والمستوردة، وتكليف وزير المالية إدارة القرار في مهلة أقصاها الشهر الحالي على النحو التالي: 750 ل.ل. ضريبة على التبغ المحلي، 1200 على المستورد. 15 في المئة ضريبة على السيجار والتنبك، ما يوفّر إيرادات بقيمة 240 مليار ليرة. كما تقرر، وابتداء من 1/11/2019، فَرض رسم يومي مقداره 0.2 دولار اميركي عند إجراء اول مكالمة عبر بروتوكول الانترنت أو الـvideo call واستخدام أيّ من التطبيقات المختصة.
وعلمت الجمهورية انّ مجلس الوزراء يقوم بمهمة لجنة الاصلاحات بشكل موسّع لسرعة البَت في القرارات، ويبحث الورقة التي تمّ إعدادها من مختلف الاوراق الاقتصادية والاصلاحية المقدّمة، والبالِغ عددها 13 ورقة، وقد أبقى على الاجراءات الضريبية والرسوم المختلف عليها لِبَتها في الجلسة النهائية، ولاسيما منها زيادة الـ tva والبنزين والحسومات التقاعدية. ويتبيّن من هذه الورقة انّ الضرائب على الناس بدأت تطلّ برأسها.
قماطي
وقال الوزير قماطي لـ«الجمهورية»: هناك عدة أمور معلّقة بحثناها في الاجتماع بعد الجلسة للمتابعات التفصيلية، وخصوصاً زيارة سوريا، الكهرباء، المقالع والكسّارات والمحارق. واتفقنا على تسريع الامور. وأضاف: أمّا موضوع الـ tva فقد عُلّق حتى إشعار آخر. نحن نعارضه اليوم وغداً وبعد غد. وعند إعادة طرحه، إذا تعقّدت الأمور، سنلجأ الى التصويت. أمّا وزير المال فأكّد لـ«الجمهورية» انّ الموازنة شارفَت على نهاياتها، وأصبح النقاش في الشوط الاضافي الأخير.
حلقة مفرغة
إقتصادياً، بعد تقرير البنك الدولي حول دخول الاقتصاد اللبناني مرحلة الانكماش بدءاً من العام 2019 وصولاً الى العام 2020، جاء تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي ليؤكِّد المؤكَّد: سيؤدي مزيج ارتفاع أسعار الفائدة والمشاحنات السياسية والإنفاق على المستحقات القديمة، بالاضافة الى التأخير في الاتفاق على الإصلاحات المطلوبة، إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.8 في المئة في العام 2019.
وقد حذّر كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي، غربيس ايراديان، من أنّ مزيداً من التأخير في الاتفاق داخل الحكومة على التدابير والإصلاحات الهيكلية، بما فيها رفع ضريبة القيمة المضافة على السلع الفاخرة ورفع ضريبة الاستهلاك على البنزين وإقرار مراسيم لمحاربة التهرّب الضريبي وسَد عجز الكهرباء، سيؤدّي الى إحباط المستثمرين الأجانب والى مزيد من التأجيل في صَرف قروض «سيدر».
وقال لـ«الجمهورية» إنه نتيجة لذلك سينكمش الاقتصاد في العام 2019 بنحو 1 في المئة، وقد يتقلّص مرة أخرى في العام 2020، «في حين أنّ هناك قدراً كبيراً من عدم اليقين في شأن التوقعات الاقتصادية بعد العام 2020». ورجّح معهد التمويل في تقريره أن يبقى لبنان، في ظلّ غياب الاصلاح الحقيقي والدعم الخارجي، في حلقة مفرغة من ارتفاع الديون وارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الاستثمارات الخاصة والنمو المنخفض.
ولفتَ الى أزمة شحّ الدولار الأميركي التي ظهرت في الأشهر الأخيرة، مشيراً الى تباطؤ نمو الودائع المصرفية رغم ارتفاع أسعار الفوائد، ما قد يجعلها غير كافية لتمويل العجز الكبير المزدوج. وذكرَ أنّ القلق في شأن شحّ الدولار، «والذي يُعزَى جزئيّاً إلى الزيادة الحادّة غير العادية في واردات الوقود، الذي يتم تهريبه جزئياً إلى سوريا، أثار مخاوف من احتمال خفض سعر الليرة اللبنانية».
البناء
أردوغان في موسكو الثلاثاء المقبل… ومساعٍ روسية للقاء أمني تركي سوري في سوتشي
الجيش السوري في عين العرب ومطار الطبقة… والأميركيّ أتمّ انسحابه
الحكومة لتسويات حارّة في ملفات الموازنة… وتجاذب بارد حول العلاقة مع سورية
صحيفة البناء كتبت تقول “فرض قرار الرئيس السوري بشار الأسد بإرسال الجيش إلى الحدود مع تركيا رداً على إعلان الرئيس التركي رجب أردوغان، إيقاعاً على الحلفاء والخصوم، فتغيّرت الحسابات وتبدّلت المعادلات. فالأميركي الذي قدّم انسحابه كترجمة لمصالح أميركية عليا بالخروج مما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المعارك السخيفة التي لا تنتهي، وجد نفسه مضطراً لتفادي التصادم مع الجيش السوري، الذي بدا مخلّصاً ومنقذاً للأكراد الذين خانهم الأميركي، بينما الأتراك الذين ربطوا عدوانهم على سورية بمنع تحوّل شمالها لكانتون انفصالي كردي يتموضع فيه مَن تعتبرهم تركيا مصدر خطر على أمنها، فقد اضطروا لسحب تصريحاتهم حول فرضيات التصادم مع الجيش السوري. وخرج الرئيس التركي يتحدث عن وصول الجيش السوري إلى عين العرب كوباني، فيقول هي بلادهم وأرضهم، ومن الطبيعي أن ينتشروا فيها وما يهمّنا هو عدم تمركز الإرهابيين. أما القيادات الكردية التي سوقت في الأيام الأولى للقرار السوري صورة أقرب إلى دخول الجيش تحت رايتها ورعايتها لمهمة متفق عليها لا تمسّ سلطتها ولا الوقائع الانفصالية التي فرضتها في الشمال السوري، فقد اضطرت للاعتراف تدريجياً بأن زمام الأمور بيد الجيش السوري وأنها تقاتل تحت قيادته ورايته، وفي ظل العلم السوري، وأن تطلعها هو للمشاركة في الحل السياسيّ الذي تقوده الدولة السورية. بالتوازي أيضاً جبهة الحليفين الروسي والإيراني بدت متماكسة وراء الموقف السوري، سواء على مستوى الخطاب المطالب تركيا بوقف العدوان، أو بالضغط على القيادات الكردية للتأقلم مع مقتضيات القرار السوري، أو في التحركات الهادفة لتوظيف الصدمة التي ولدها القرار السوري الذي طبّق بنجاح وسرعة، فدخل الجيش إلى عين العرب ومطار الطبقة، بعدما تأخّر لساعات طلبها الأميركيون لاستكمال انسحابهم، وأكمل الجيش انتشاره في خط الحدود، من الشمال الشرقي على الحدود السورية العراقية التركية، إلى الشمال الغربي في محور منبج عين العرب، حاصراً خط الانتشار التركي في رقعة تقع بين رأس العين وتل أبيض ـ لا تزال تدور فيها المواجهات بين الجماعات الكردية والمجموعات التي جلبها الأتراك من بقايا الميليشيات السورية العاملة تحت لوائهم، ووقعت مواجهة محدودة في عين عيسى مباشرة بين الجيش السوري والجيش التركي، انكفأ بعدها الأتراك، مع تبلور مساعٍ روسية لوساطة تقوم على التزام تركي باتفاق أضنة، والتحضير الروسي لاجتماع أمني ثنائي سوري تركي تستضيفه روسيا في سوتشي، يسبقه لقاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان الثلاثاء المقبل.
لبنانياً، دخان الحرائق المقيم سياسياً في أنوف اللبناني، بعد فضيحة الأداء المتعثر خصوصاً لضحالة الإمكانات الموضوعة في تصرف الدفاع المدني، أو للغموض المحيط بحكاية الطائرات المخصصة للإطفاء التي تمّ شراؤها حكومياً بتبرعات غير حكومية، وثبت أنها غير ملائمة للمهمة عند الحاجة بينما محاولة إطفاء الحرائق السياسية تسير على محورين، محور الضرائب والتشريعات التي يمكن أن تتحمّلها موازنة العام 2020 من دون أن تتأخر عن موعدها الدستوري، وبات البحث فيها محصوراً بشروط تطبيق زيادة الضريبة على القيمة المضافة، حيث يتم إعداد جداول مقارنة بين مقترح زيادة الضريبة إلى 15 وزيادة محصورة بالمواد والبضائع والخدمات التي لا تطال الفئات الشعبية الفقيرة أو تشكل كماليات لا يمكن الدفاع عن ضرورة تأمينها بأسعار مخفضة كالتبغ والكحول، والسيارات الفخمة، ومستوردات ينتج لبنان ما يوازيها، وكلّها يمكن أن تخضع لضريبة تصل الى 30 وفقاً لمصادر حكومية.
محاولات إطفاء الحرائق السياسية التي يتولاها رئيس مجلس النواب بالضغط لتسريع الموازنة ووصولها إلى المجلس النيابي في موعدها الدستوري، بقيت محكومة بالتجاذبات في ملف العلاقة بسورية، خصوصاً لجهة المعارضة القواتية الاشتراكية لزيارة وزير الخارجية جبران باسيل الموعودة لسورية، والتي اتخذ رئيس الحكومة موقفاً محايداً تجاهها رابطاً موقفه بالنتائج في ملفي النازحين والترانزيت، وبدت الزيارة مرشحة لتكون وفقاً لإحدى صيغتين: أن تكون لوفد وزاري يترأسه باسيل كوزير للخارجية ويضمّ وزراء يمثلون القوى الداعية لتطوير العلاقات مع سورية، وتحدّثت معلومات عن احتمال أن يقارب عدد أعضاء الوفد الحكومي عشرة وزراء بينهم وزراء الزراعة والنازحين والطاقة والاقتصاد والتجارة الخارجية، أو أن تتمّ زيارة الوزير باسيل بتكليف من رئيس الجمهورية تمهيداً لزيارة يقوم بها رئيس الجمهورية ويرافقه فيها الوزراء المعنيون بملفات العلاقة مع سورية كل في اختصاصه.
المفاعيل الإيجابية للقاء عين التينة بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري ظهرت بوضوح أمس، على جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومية المخصصة لمناقشة موازنة العام 2020، إذ وصف أكثر من وزير الجلسة بالممتازة والايجابية. فرأى وزير الاتصالات محمد شقير بعد الجلسة أن «الحريق انطفا برّا وجوّا» في اشارة إلى الحريق السياسي الذي اشتعل في الجلسة الماضية، وقد لوحظ تجنّب الوزراء التصريح للاعلاميين بعد خروجهم من الجلسة، ما أشر الى أن الحريري تمنّى على الوزراء عدم تسريب اي معلومات للصحافة باستثناء ما يعلنه وزير الاعلام جمال الجراح رسمياً، حفاظاً على مداولات الجلسة وحرصاً على التوافق وإنجاز الموازنة بلا خلافات.
وأعلن الجراح بعد الجلسة أنه «تم إقرار إصلاحات مهمة. فصدر عن وزير المالية علي حسن خليل رفع الرسوم على التبغ والتنباك المنتج والمستورد وتم إلغاء ودمج بعض المرافق العامة وتركيب «سكانرز» اضافية على الحدود، كما تمّ تكليف وزير العمل بمتابعة قانون الشيخوخة وتم إعطاء 5 في المئة للمصانع على الصادرات الإيجابية».
على صعيد الحرائق أعلن الجراح عن «تكليف الهيئة العليا للاغاثة بإحصاء أضرار الحرائق، كما ان وزارة العدل ستفتح تحقيقاً بما جرى وطلب تقديم تقرير من وزارتي الداخلية والدفاع».
وكشفت وزيرة الداخلية ريا الحسن، بحسب ما علمت «البناء» أنه «لم يثبت لدينا حتى الآن أن الحرائق مفتعلة وأن التحقيقات مستمرة بعهدة مدعي عام التمييز لكشف الملابسات»، مشيرة الى أن «الوزارة وهيئة إدارة الكوارث كانا على أتمّ الاستعداد والجهوزية لأي طارئ على صعيد الحرائق والطائرات التي طلبناها من بعض الدول الصديقة كانت في طريقها الى لبنان للمساهمة بإطفاء النيران». وتعقد الحسن مؤتمراً صحافياً الاثنين المقبل للوقوف على حوادث الحرائق. ونفت الحسن أن «يكون أي من النازحين قد افتعل الحرائق باستثناء نازح عمد الى حرق النفايات ما ادى الى اشعال حريق في الحدث».
وقالت مصادر وزارية لـ»البناء» إن «البحث تركز على تضمين مشروع الموازنة بعض البنود الاصلاحية وملف الكهرباء»، موضحة أننا «اقرينا بعض الاجراءات أما بند الضريبة على القيمة المضافة فلم يبحث في الجلسة على أن يحسم خلال جلسة اليوم بعد انتهاء الجلسة العادية»، مضيفة: «اذا استمرينا بهذا الاجواء والعمل الجدي نكون قد حققنا تقدماً كبيراً»، مؤكدة «إقرار الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي قبل الاثنين المقبل».
ورجّحت مصادر حكومية أن تعقد جلسة في بعبدا الجمعة لإقرار الموازنة بالصيغة النهائية، إذا انتهت اليوم مناقشات الوزراء وتم الاتفاق على كل البنود الإصلاحية، وإلا ستُعقد في السراي الحكومي أيضاً حتى الانتهاء منها. كما سيناقش المجلس اليوم ورقة الإصلاحات التي أقرت في لجنة الإصلاحات الوزارية.
وبحسب ما علمت لـ»البناء» من مصادر وزارية في حزب الله أن «بند الضريبة على القيمة المضافة لم يمر في مجلس الوزراء حتى الآن على أن يُبت فيه في جلسة اليوم»، مضيفة: «نحنا من الذين عارضوا هذا البند وسنعارضه اليوم، فإما يُقرّ بالتصويت إن تعقدت الأمور أو يلغى». كما عارض وزراء حركة أمل هذا البند، كما تمّ إرجاء بند الحسوم التعاقدية».
وإذ لم تلحظ الجلسة أي اشتباك على جبهة التيار الوطني الحر والاشتراكي، سُجل سجال بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير العمل كميل أبو سليمان. فعندما طالب وزراء القوات اللبنانية بحلّ مسألة التوظيفات غير الشرعيّة وإلغاء القرار، توجّه باسيل لأبو سليمان بالقول: «هناك 525 موظّفاً وظفتهم القوات». فردّ أبو سليمان والوزير غسان حاصباني على باسيل: «أشكّ بذلك، ولكن إذا أثبتت التقارير، هذا الأمر فإنّ «القوات» مستعدّة للتحرّك»، فرد باسيل على حاصباني بالقول: لماذا اعتبرت نفسك معنياً، هل لانك وظفت في وزارة الصحة؟ وعندما طرحت مسألة تكليف ديوان المحاسبة دراسة ملف التوظيف العشوائي وتكليف الأمانة العامة لمجلس الوزراء متابعة ذلك، سأل وزراء القوات: ماذا لو تبين حصول مخالفات للقانون في الملف ماذا سيكون موقف الحكومة وكيف نعالج ذلك؟ وركّز وزراء القوات على مسألة الإصلاحات والعجز الحاصل في الكهرباء معترضين على الاعتماد المخصص لشراء الفيول، معتبرين أنه مكلف جداً قياساً على المبلغ المرصود في خطة الكهرباء ككل. وأعلنوا أنهم غير راضين عن الإجراءات المتخذة حتى الآن بشأن الموازنة. وأكد الوزير محمد فنيش أننا «نوافق على زيادة الضرائب على الكماليات، لكن نرفض اي ضريبة تطال الطبقة الفقيرة».
وكلف مجلس الوزراء وزير النازحين صالح الغريب برفع ورقة الوزارة لخطة إعادة النازحين على أن تتم مناقشتها في جلسات لاحقة. وبعد الجلسة عقد اجتماع بين وزراء حزب الله وأمل والحريري وتمّ البحث بجملة مواضيع عالقة أبرزها زيارة سورية وملف الكهرباء والمقالع والكسارات، واستغربت مصادر وزارية التأخير في ملف الكهرباء.
كما عُلم أن وزراء تكتل لبنان القوي وبعد الجلسة عقدوا خلوة مع الحريري في مكتبه لبعض الوقت. وسبق الجلسة لقاء بين الحريري وباسيل تناول الأوضاع السياسية والاقتصادية العامة في البلاد. وبحسب قناة الـ»او تي في» فإن اللقاء جيّد وروتيني ومصادر المجتمعين قالت إن كل شيء عادي و»حتى اكتر» بين الطرفين. ونفت مصادر مطلعة على اللقاء «ما أشيع عن أن الحريري مستاء من باسيل بسبب ما قيل عن ان الأخير غيّر رأيه ببعض الإصلاحات».
وتساءل الرئيس بري في لقاء الاربعاء النيابي في عين التينة، لماذا نعيش حالة إنكار وكأننا لا نعاني من أزمة مالية، اقتصادية واجتماعية، بالرغم من توافقٍ بإجماع المستويات الرئاسية والقيادات المسؤولة على 22 بنداً في لقاء قصر بعبدا، وهي إصلاحات بدءاً من الموازنة مروراً بالكهرباء والتغويز الى آخره من بنود؟ ونوّه بري باجتماعات اللجنة الوزارية المتلاحقة، إلا انه أبدى استغرابه لإعادة البحث من جديد بملف الاصلاحات طالما بتّ بهذا الملف من ضمن البنود الـ 22، وإلا فليحسم التصويت هذا الامر. ونفى بري الشائعات التي تروّج بوقف مفاعيل سيدر، حيث اكدت الجهات المعنية الفرنسية بأن لا صحة لهذه الشائعات. وشدّد بري على ان المقاومة والازدهار والاستقرار بالوحدة، وتساءل اين التصدي لقضم العدو الإسرائيلي لـ 15 متراً في احدى النقاط المتحفظ عليها. قائلاً: يلوموننا على الربط بين حدودنا البرية والبحرية ويستغربون تمسكنا بالمقاومة التي هي في أبسط الأحوال مصلحةٌ للبنان. وأشار رئيس المجلس الى انه أبلغ الأمم المتحدة بالتعديات الإسرائيلية.
وقالت مصادر نيابية في التنمية والتحرير لـ»البناء» إن «بري تواصل مع مختلف القوى المعنية بالموازنة وطلب تكثيف جلسات مجلس الوزراء لإنهاء الموازنة». وأشارت المصادر الى أن «كتلتي التنمية والوفاء للمقاومة يعارضان فرض أي ضرائب جديدة او رفع الضريبة على القيمة المضافة، وسيصوّتان ضد بند الضرائب إذا ما عرضت الموازنة على التصويت»، وأصرّ بري على الحريري، بحسب ما علمت «البناء» على «حسم مسألة الموازنة قبل الاثنين المقبل وإن طرحت على التصويت، لأن المهم ان تصل الى المجلس النيابي ضمن المهلة الدستورية».
وأكدت المصادر النيابية ان «الجميع مقتنع بأن الموازنة بحاجة الى إصلاحات، لكن السؤال هل من الضروري تضمين بعض المواد ضمن الموازنة؟ لأنه لا يمكن ان تتضمن كل البنود الإصلاحية كمشاريع قوانين وهذا تجاوز لصلاحية المجلس النيابي ومخالفة واضحة لتوصيات لجنة المال والموازنة الممثلة بجميع الكتل النيابية بعدم تمرير فرسان الموازنة ضمن الموازنة بل من خارجها اي ان تحول البنود الإصلاحية الى مشاريع قوانين تدرس في اللجان النيابية وتحال الى الهيئة العام لإقرارها».
واكدت المصادر أن «بري مستعد لفتح ابواب المجلس النيابي بدءاً من السبت لاستقبال الموازنة فور تسلمه المشروع موقعاً من رئيس الجمهورية وذلك لإحالتها الى لجنة المال لدراستها، وإذا لم تُحَلْ بالوقت المحدد فإن المجلس بات بحل من أمره ولم يعد ملزماً باقرارها ضمن العقد العادي الذي ينتهي في 31 كانون الاول المقبل». واكدت مصادر بري انه «مع التواصل المباشر مع سورية على كل المستويات الرسمية والسياسية. وهذا موقفه منذ بداية الازمة ولم يغير، ومقاربته تنطلق ليس من موقفه السياسي بل من مصلحة لبنان الاقتصادية وحل ازمة النازحين، وهو يشجع اي توجه حكومي على هذا الاتجاه». واستغربت المصادر موقف الاشتراكي والقوات، مشيرة الى ان «الملف مصلحة استراتيجية للبنان وليس لقوى سياسية معينة، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة».
الى ذلك، عقد ليل أمس اجتماع بين قيادتي «حزب الله» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» في منزل الوزير السابق غازي العريضي. وتخلّل اللقاء نقاش مستفيض حول الأوضاع السياسية العامة والأزمة الاقتصادية الاجتماعية المالية الخطيرة التي يعيشها لبنان وضرورة الوصول الى تفاهمات للحد من تداعياتها ورسم خطة للخروج منها، وكان اتفاق على استمرار الحوار والتواصل المباشرين لتثبيت الاستقرار والتعاون في مجالات العمل النقابي والحكومي والنيابي. وبحسب مصادر «البناء» فإن بري كان «عراب اللقاء وسبق له أن فتح الباب امام إعادة تصحيح العلاقة وترتيبها بما يحافظ على الاستقرار المجتمعي بين بيئة الطرفين والسلم الاهلي في الجبل».
المصدر: صحف