أعادت عودة العميل عامر الفاخوري او ما يعرف بـ”جزار الخيام” الى لبنان قضية في غاية الاهتمام الى الواجهة، ألا وهي مسألة ضرورة محاكمة ومحاسبة عملاء العدو الاسرائيلي وان لا تهاون معهم بأي شكل من الاشكال، واكدت المواقف الوطنية التي تتفاعل يوميا على مختلف الصعد بأن لا مجال لاعطاء أي فرصة للعملاء كي ينسلوا من جديد داخل المجتمع اللبناني بدون اي عقاب ولا مجال لإعطائهم “صك براءة” عن جرائمهم وخيانتهم للوطن والقيم، فمعاقبة العملاء هي من الثوابت التي لا تنازل او تراجع عنها تحت أي مسمى من المسميات او لاي حجة من الحجج.
فقد أكدت المواقف الوطنية والتي تصدرتها مواقف عائلات الشهداء من الاسرى الذي قضوا في معتقل الخيام بالتحديد(حيث ارتكب العميل فاخوري أبشع ممارساته) وايضا برزت مواقف الاسرى اللبنانيين الذين كانوا ضحايا لجرائم “جزار الخيام”، هذه المواقف شددت على ان التعامل مع العدو الاسرائيلي هي جريمة ووصمة عار تبقى على صدور من باعوا أرضهم ووطنهم وشرفهم للمحتل المغتصب للحقوق العربية واللبنانية والفلسطينية، فهذه الجرائم هي بمثابة خطايا لا تغتفر ولا يمكن ان يعتقد أي احد انه بالإمكان إسقاطها بمرور الزمن او ان نسيانها مع الوقت، فحتى لو ان بعض العملاء يحاولون الاستفادة من بعض الثغرات القانونية للقيام ببعض الاجراءات القضائية لتنظيف سجلاتهم العدلية او نشرتهم الذاتية إلا ان ذلك لن يمر على من زرعت في قلبه وروحه وجسده جروح الجرائم المرتكبة من العملاء في معتقل الخيام وغيره.
ومن هنا لا بد من التأكيد على خطورة هذه المحاولة الفاشلة التي أقدم عليها العميل فاخوري بمحاولة “العودة السلسة والطبيعية” الى لبنان مع ما يُحكى عن دخول غيره أيضا أو محاولات لدخول آخرين من العملاء بنفس الطريقة او غيرها، فخطوة العميل فاخوري وغيره ليست خطوة فردية بالتأكيد وهي لها الكثير من الدلالات الامنية وغير الامنية التي يسعى العدو الاسرائيلي على تحقيقها بهذا الاسلوب في الداخل اللبناني، منها كسر حاجز الخوف لدى العملاء بالعودة وكيّ الوعي لدى اللبنانيين بأن هؤلاء سيعودون الى وطنهم بدون الاضاءة على تاريخهم الاسود في خدمة العدو وخيانة الوطن، بالاضافة الى امكانية الاستفادة من هؤلاء الخونة في أعمال تصب في مصلحة العدو في اكثر من اتجاه.
وايضا لا بد من اعادة التأكيد على ضرورة التمييز بين العملاء وعائلاتهم، حيث لا يجوز معاقبة العائلة بأكملها لان احد افرادها وقع في شرك التعامل مع العدو، ومن هذا المنطق جدد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في حديث له مؤخرا تأكيده ان “المقاومة تميز بين العميل وعائلته وهي التزمت بهذه القواعد خلال الإحتلال”، وشدد على ان “محاكمة العملاء من الثوابت ولا أحد يساوم عليه وان من تعامل مع العدو يجب معاقبته على قدر جريمته…”، وتابع “على من فرّ الى الكيان الصهيوني تسليم نفسه الى السلطات اللبنانية إذا أراد العودة”، وفتح السيد نصر الله الباب امام ضرورة معالجة بعض الاشكاليات القانونية حيث هناك من يحاول الاستفادة من ثغرات القانون للعودة الى الوطن والتهرب من العدالة وإحقاق الحق، ولفت السيد نصر الله الى ان “مسألة سقوط الأحكام بتقادم الزمن تحتاج الى نقاش قانوني ولا سيما بحق المجرمين والقتلة”.
وانطلاقا من كلام السيد نصر الله، يذكر انه بحسب القانون اللبناني يمكن لمن صدر بحقه حكم قضائي ان ينتظر المهلة القانونية المنصوص عليها لسقوط الحكم بمرور الزمن ومن ثم يعمل على القيام بالاجراءات القضائية المطلوبة لاسقاط هذا الحكم والمذكرات القضائية الصادرة بحقه ومن ثم شطبها عن النشرة القضائية الخاصة باسمه بما يمكنه من الدخول على المعابر الحدودية، وهذا بالتحديد ما يجب إعادة النظر به بخصوص بعض الجرائم وعلى رأسها جرائم التعامل مع العدو كما هو الحال في قضية العميل فاخوري، وبالتالي هذه المسألة تحتاج الى بحث ونقاش قانوني يوصل الى منع العملاء من الاستفادة من هذه الثغرة للولوج الى الساحة الوطنية اللبنانية لتلويثها ومحاولة تخريبها.
وتحرك الاسرى وعوائل الشهداء ادى الى رفع الصوت امام دخول فاخوري الذي قدمت بحقه سلسلة من الشكاوى الجزائية المختلفة حيث توجد جرائم مستمرة حتى الساعة سواء فيما يتعلق بجثث لشهداء ممن شارك بقتلهم “جزار الخيام” او باصابات الاسرى ما ادى الى اعادة توقيفه ومحاكمته امام المحكمة العسكرية في بيروت، حيث عقدت حتى الآن العديد من الجلسات للتحقيق مع العميل نفسه والاستماع للاسرى وعوائل الشهداء بما لديهم من معطيات ومعلومات عن فظاعة ما ارتكبه هذا العميل وغيره من شركائه.
وبهذا السياق، قال الأسير المحرر هلال السلمان -وهو أيضا شقيق الأسير الشهيد بلال السلمان الذي كان العميل فاخوري مسؤولا عن مقتله- إنه “بتاريخ 25 و26-11-1989 اندلعت انتفاضة للمعتقلين في سجن الخيام وكان الفاخوري مسؤولا عسكريا للمعتقل وقد أعطى الأوامر للعملاء بقمع الانتفاضة حيث جرى التنكيل بالمعتقلين بأشد أنواع التعذيب”، وتابع “لدى العجز عن إخماد الانتفاضة أمر العملاء بإطلاق القنابل السامة داخل الزنازين، ما أدى الى سقوط شهيدين من الاسرى هما بلال السلمان وابراهيم أبو عزة”.
وأوضح السلمان في حديث لموقع “المنار” ان “أحد العملاء الذين ألقوا القنابل هو انطوان يوسف الحايك وهذه المجزرة كفيلة بإدانة الأخير بالإضافة الى الفاخوري بالإعدام”، ولفت الى ان “العميل الحايك انتقل مطلع التسعينات الى المنطقة المحررة وعمل في سلك قوى الأمن الداخلي وبعد التحرير اعترف أحد العملاء للقضاء اللبناني ان العميل الحايك هو الذي تسبب باستشهاد الأسيرين السلمان وابو عزة خلال الانتفاضة، فجرى اعتقاله وطلب له المدعي العام العسكري رياض طليع عقوبة الإعدام، ثم خففها رئيس المحكمة العسكرية ماهر صفي الدين، لعشر سنوات بذريعة مرور الزمن العشري على الجريمة، ثم تم تميييز الحكم بضغوطات سياسية وأمنية ودينية فجرى اطلاق سراحه، وأعيد الى عمله في سلك قوى الامن الداخلي”.
ولفت السلمان الى ان “العائلة تحركت مع الفعاليات الشعبية التي حصلت بعد عودة العميل فاخوري وطالبت بسجنه وانزال عقوبة الاعدام به وبكل من تورط بتعذيب وقتل المعتقلين في سجن الخيام، بالاضافة الى العميل انطوان الحايك الذي يجب ان يعتقل من جديد ويجري انزال اشد العقوبات به وصولا الى الاعدام”، واشار الى ان “العائلة وكلت المحامي معن الاسعد لرفع دعوى شخصية بإسمها ضد العميل الفاخوري وكل العملاء الاخرين المتورطين بقتل الشهيد بلال وباقي المعتقلين”.
وأكد السلمان ان “بارقة الامل تبقى بما ادلى به الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله مؤخرا، من ان ملف العملاء يجب ان يسلك مسار العقاب العادل وسلوك طريق اجراء تعديلات قانونية تلغي مسألة مرور الزمن على جرائم هؤلاء”.
المصدر: موقع المنار