بدأ العام الدراسي الجديد في كل دول العالم تقريبا، فما السبب وراء اختيار هذا الشهر من كل عام للعودة إلى المدارس؟
ثمة سبب تاريخي واقتصادي لهذا الأمر. ففي المملكة المتحدة، أصبح التعليم الابتدائي إلزاميا في عام 1880. وكان الأطفال يعملون آنذاك في الحقول والمزارع لمساعدة أسرهم ماديا، فكان يتعين على السلطات تصميم العام الدراسي بشكل يحفز الأسر على إرسال أبنائها للمدارس.
وتقول باولا كينغ، أحد أعضاء الرابطة التاريخية في المملكة المتحدة، إن اختيار توقيت العام الدراسي جاء ليواكب الموسم الزراعي والصناعات المتعلقة بالزراعة، التي يشارك فيها الأطفال، فالعمل كان أقل في أشهر الشتاء، وبالتالي تقل الحاجة لوجود الأطفال في الحقول. وكان مقبولا أن يغيب الأطفال عن العمل في فترة النهار، وبدءا من نهاية شهر مايو/ أيار، تبرز الحاجة لوجود الأطفال في الحقول لجمع الفاكهة، وحصاد المحاصيل، ورعاية الماشية (ومن ثم ينتهي العام الدراسي في هذا الوقت)”.
لذا، كانت الفترة من بداية الخريف وحتى نهاية الربيع هي المثلى لذهاب الأطفال للمدارس.
أسلوب حياة
والسبب نفسه الذي صُمم على أساسه توقيت العام الدراسي في المملكة المتحدة ينطبق على سائر دول العالم.
وتقول سارة طرمان، باحثة في سياسات التعليم المقارن، إن المجتمعات الزراعية بشكل عام كانت تفضل أن يعمل الأطفال في الحقول للمساعدة في النشاط الاقتصادي للأسرة، كما أن الدراسة في الصيف تستلزم المزيد من أعمال البنية التحتية والاستعدادات في المدارس، “فارتفاع درجات الحرارة يتطلب كثافة أقل في الفصول، والأخذ في الاعتبار المزيد من ظروف التهوية وأجهزة التبريد وغيرها. وهو ما يزيد من تكلفة الإنشاءات في المدارس”.
وترجح طرمان أن النشاط الزراعي انعكس على موعد بدء اليوم الدراسي نفسه، “فميقات السابعة صباحا لبدء المدرسة مرتبط بالمواعيد المبكرة للعمل في المزارع. ولم تظهر الدعوات لتأخير بدء اليوم الدراسي إلا مؤخرا، بعدما تغير ميقات بدء يوم العمل”.
وبدأت بالفعل الدعوات لتأخير ميقات بدء اليوم الدراسي، لتواكب أسلوب الحياة في العصر الحديث.
ولعل البحث الأبرز يتعلق بحاجة المراهقين لساعات نوم أكثر مما يسمح به النظام الدراسي الحالي. وبعض المعنيين بالتعليم أشاروا بالفعل لإمكانية أن يبدأ المراهقون يومهم الدراسي في وقت متأخر، ليحصلوا على قسط أوفر من النوم.
عوامل أخرى
وثمة عامل آخر في العالم العربي، وهو غياب المقاييس العالمية بشأن المسافة بين المدرسة والمنزل، التي يجب أن تتراوح ما بين كيلومتر واحد أو اثنين على الأكثر.
ولا تنطبق هذه القاعدة بالضرورة على الكثير من المناطق الحضرية في العالم العربي، “فالمدارس الجيدة قد تبعد عن المنزل بمسافة تصل إلى ساعة أو أكثر، هذا بجانب الزحام المروري. وينتهي الأمر بإضافة ساعات تنقل عدة إلى اليوم الدراسي”.
وبشكل عام، تختلف معطيات النظام الدراسي في الواقع عن القواعد المتفق عليها أكاديميا وعالميا بسبب الظروف المختلفة للمجتمعات.
وتقول طرمان إن بعض المدارس تلجأ إلى إضافة المزيد من الأنشطة الرياضية أو الثقافية بعد انتهاء اليوم الدراسي، وربما يكون ذلك مناسبا للآباء الذين يعملون لأوقات متأخرة. “لكن لا يوجد دليل علمي ما إذا كانت هذه الأنشطة تؤثر بالسلب أو الإيجاب على الطلبة”.
المصدر: بي بي سي