كم من الأدوية التي اضطررت إلى إلقائها في القمامة والتخلص منها، لأنها صلاحيتها انتهت أو حتى اقتربت من الانتهاء، لكن المفاجأة فجرتها مجموعة من العلماء بدراسة فضحت “حيلة” شركات الأدوية لإهدار نقود المستهلكين.
ونشرت مجلة “الرؤية” الإماراتية، تقريرا، حول بحث أقامه مجموعة من الباحثين في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، والذي اكتشف أن الأدوية المنتهية صلاحيتها لأكثر من 40 عاما، لا تزال فعالة بصورة كبيرة، ويمكن للإنسان استخدامها بصورة آمنة.
وأجرى الباحث لي كانتريل، الأستاذ في مركز نظم التحكم بالسموم، على مجموعة من الأدوية الموجودة في حقيبة يعود تاريخها إلى عام 1969 تقريبا، أي قبل 40 عاما، وقال :”إن تلك الحقيبة كانت تحوي 14 نوعا مختلفا من الأدوية، انتهت صلاحيتهم منذ أكثر من 40 عاما، ولكن مع احتفاظ تلك الأدوية بشروط التخزين السليمة ووجودها في عبواتها الأصلية”.
وشملت تلك الأدوية أنواع شهيرة من العقاقير مثل مضادات الهيستامين التي تعالج أمراض الحساسية ومسكنات الألم، وبعض المنشطات والفيتامينات.
وجاءت نتائج الأبحاث مفاجئة، حيث وجد الباحث بالتعاون مع زملائه أن كفاءة المادة الفعالة في تلك الأدوية وتركيزاتها كانت سليمة بنسبة 100% في 12 نوع من الأدوية الـ14 التي خضعت للاختبار.
مليارات مهدرة
وهوجمت تلك الدراسة بصورة كبيرة، ما دفع الباحثين للخروج والدفاع عن أنفسهم بقولهم “لم نوصي في بحثنا باستخدام الأدوية المنتهية الصلاحية، بل نؤكد على ضرورة مراجعة الطرق التعسفية التي تكتب بها تواريخ الصلاحية على تلك الأدوية”.
وقال كانتريل، إنه كان يعيش في طفولته في الفلبين، التي كان يعيش معظم سكانها تحت خط الفقر، وتقريبا معظمهم يتعافى من الأمراض خلال تناول عقاقير منتهية الصلاحية، نظرا لأنها تباع بتخفيضات كبيرة جدا، كما أشار إلى أن الدراسة قد تحرم الولايات المتحدة مثلا من إهدار 295 مليار دولار في السنة الواحدة من إجمالي الأدوية التي تنتهي صلاحيتها، وهو ما يعادل 10% من إجمالي الإنفاق الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال روي جيرونا، المشاركة في البحث في تصريحات خاصة لمجلة “الرؤية”: “مراجعة الطريقة التي تكتب بها تواريخ الصلاحية على الأدوية، يمكن أن ينقذ المليارات من الناس والمليارات من الدولارات، وهو أمر يصب في مصلحة منظومة الرعاية الصحية العالمية، إذ إن ذلك الأمر يمكن أن يخفض سعر الأدوية ويحسن من الاستخدام الأمثل للموارد الدوائية، كل علبة دواء يتم إلقاؤها في سلة المهملات بسبب وصولها إلى تاريخ انتهاء الصلاحية يتم تمرير تكلفتها إلى الجمهور عبر الضرائب أو التأمين أو الفواتير الطبية الأخرى”.
حيلة شركات الأدوية
أما مجلة “هارفارد هيلث” التابعة لكلية هارفارد للطب، نشرت دراسة، تحدثت فيها عما أسمته “حيلة” شركات الأدوية فكرة الأدوية المنتهية الصلاحية.
وقالت المجلة إن هيئة الأدوية والغذاء الأمريكية، أكدت أن هناك عدد كبير من الأدوية والعقاقير، التي يكون آمن تماما استخدامها، حتى بعد انتهاء صلاحيتها، وأشارت إلى أن أبحاثها توصلت إلى أن أدوية “الصداع” مثلا أو أدوية “منع الحمل” لا تشكل خطورة كبيرة على من يتناولها، حتى بعد انتهاء صلاحيتها، لكن مع الحفاظ على شروط التخزين المعتمدة والسليمة.
لكن استثنت الدراسة أدوية معينة، وهي العقاقير التي تستخدم النتروجليسرين، وأدوية الأنسولين، والمضادات الحيوية السائلة، التي لا يمكن استخدامها بعد انتهاء صلاحيتها، أما باقي الأدوية فيمكن استخدامها بصورة آمنة ومع ظروف تخزين سليمة، حتى 10 سنوات بعد انتهاء صلاحيتها.
وأشارت إلى أن فكرة تاريخ صلاحية الأدوية، ليست إلا “حيلة” تسويقية من شركات الأدوية، لحرمان المستهلكين من فكرة تخزين الأدوية واستنزاف جيوبهم بصورة منتظمة، أو تلجأ لها شركات الأدوية من أجل عدم استخدام نوع معين من الدواء لفترات طويلة، لرغبتهم في طرح أنواع أخرى أكثر فعالية بتركيبات جديدة محسنة.
وفضحت مجلة “بروبوبليكا” هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية، بقولها إن الهيئة تعلم منذ عقود بمسألة فعالية الأدوية والعقاقير، حتى بعد نهاية فترة صلاحيتها.
وأوضحت أن الهيئة تقوم بالتعاون مع السلطات الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية، بتخزين عدد كبير من العقاقير والأدوية الهامة والضرورية، ضمن مخزون الدولة الاستراتيجي، لمواجهة أي طوارئ مفاجئة قد تشكل عائقا في إنتاج الأدوية أو تؤدي إلى نقص عدد من الأدوية الهامة التي قد تهدد حياة الناس.
المصدر: سبوتنك