رعى وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود احتفال تخريج طلاب الشهادات الرسمية للعام الدراسي الحالي وتكريم المعلمة إنعام عزالدين، بدعوة من جمعية رابطة الأخوية في بلدة دير قانون النهر، في حضور الأهالي وعدد من الفاعليات.
وألقى داود كلمة قال فيها: “أن أعود إلى دير قانون النهر، ففي الإياب طفولة مشتهاة، وبطولة كانت فعل حياة. الطفل كنت فيها أنا، والأبطال قوافل الشهداء، والأرض الطيبة هنا مرآة دهر لا يتعب من ابتكار الشهداء، ونهر لا ينضب من العلم والعلماء. ثم يتقادم الحب ويتعاظم الوفاء، فأسمع أن داود فاض دربه حبا في هذه الدير بين التين والزيتون، وأسلك طريقها اليوم، فإذا بي أجد الزيتون ظلالا لمواكب الطلاب الناجحين، وسلالا من عناء الأهل الميامين الذين كانوا في مروج التعب والعنب دالية من كرم الانتماء وسخاء العطاء. كانوا من طينة حرير أرواح الفلاحين، وصاروا اليوم في كل الميادين مقيمين ومغتربين بناة وحماة: يبنون بيوتهم على صخرة العلم ويحمونها على قاعدة العمل، فتمتلىء الأغمار بأعمار الرجاء والأمل، يضيئون في عتمة الوطن شموع نجاحهم، فلا يكتفون بلعن الظلام. يفتحون عيونهم عند شروق كل شمس على غد باسم، يغامرون ولا يقنعون بما دون النجوم؛ فينجحون ويرفعون إسم ديرقانون النهر علما خفاقا، وعلما دفاقا، يغذون شرايين الوطن بالدماء والذكاء كما فعل الطلاب الشهداء حسن قصير وأحمد قاسم قصير وحسن رياض قصير وإياد قصير وكل رفاقهم، وكما يفعل من سار على دروب النجاح والفلاح في كل حين”.
أضاف: “في حضرة الطلاب الذين يتخرجون اليوم ويخرجون من المدرسة إلى الثانوية، ومن الثانوية إلى الجامعة، ومن الجامعة إلى آفاق العمل، أقول لو وضع الوطن في عهدتهم لصانوه وأحيوه، لأنهم آمنوا به وأحبوه. لكنهم طاقات تغلق دونها الأبواب، ويعلق الوطن أمامها على صليب الأزمات، ولا تكاد أبواب المهاجر تنفتح حتى تراهم يعبرون إلى ما خلف البحار يبحثون عن أحلام مرصودة في طالع الغيب، ويظل الوطن شغل قلوبهم وعقولهم الشاغل”.
ودعا الى “رفع الصوت في وجه كل جائر أو جاهل، لنقول إن هذه الأجيال قمح الوطن، فلا تجعلوها أرغفة قهر ويأس في تنور ناره. إن هذه الشهادات خواتيم سهر وتعب، فلا تجعلوها بدايات قلق وخوف. إن هذه الطلائع بشائر ربيعنا الآتي، فلا تجنوا عليها بغد من خريف”. وشدد على “المتابعة والعمل من أجل مصالح الطلاب، أن نبقى في حركة “أمل”، كما أرادنا الإمام القائد السيد موسى الصدر والرئيس المجاهد نبيه بري حفظة لبنان وفدائيي أرضه المقدسة. وعهدنا أن نجعل قسم الإمام الصدر بقلق الطلاب والمثقفين منهاج سعينا وجهادنا، وألا نوفر جهدا لإحقاق الحق ورفض الباطل. هذا التزامنا منذ انطلاقة الحركة، أن نكون أمام الناس مسؤولين كما تقتضي الأمانة في حمل المسؤولية وأداء الواجب. فالمسؤولية تكليف وطني يقتضي منا أن نصارح الجميع، بأنه لا يمكن أن نرفع أعباء الأزمات عن كاهل الوطن والشعب إلا من خلال خطة طوارىء اقتصادية تضع حلولا حاسمة لمشاكل النفايات والكهرباء والاتصالات، وتطلق يد القضاء مراقبا ومحاسبا كل من يهدد مستقبل اللبنانيين بأداء مشبوه بالهدر أو مشوب بالفساد. آن أن ينتهي زمن التعدي على المال العام والمرافق العامة التي هي ملك اللبنانيين جميعا”.
وتابع: “الوقت يجب أن يكون لتعاضد الجميع في مهمة استنقاذ البلاد والعباد من كل الأخطار المحدقة. ولن يكون الخلاص إلا بشبك الأيدي البيضاء والإرادات المؤمنة بلبنان والمؤتمنة على إنسانه والأمينة على تاريخه وحاضره ومستقبله. إنه زمن الإرادات المخلصة. فلتبادر ولتجتمع على كلمة سواء، هي العمل من أجل لبنان وشعبه المضحي المعطاء بعيدا من حسابات الربح والخسارة لكل طائفة وحزب وتيار. فماذا سنربح إذا نحن خسرنا الوطن وإنسانه؟ كل مجد زائل من دون الوطن، وكل قوة هي وهم من دون إرادة الشعب. فلنتق الله في وطننا وإنسانه بصدق القول وخير العمل”.
وختم: “لعلنا نفلح في تبديد القلق وجعل مناعة الوطن تشبه هذه الدير قانون في مقاومتها وجهادها ونجاح أبنائها في كل الساحات والميادين. ولعلنا أيضا نصنع لهؤلاء الطلاب الناجحين وطنا يتسع لأحلامهم ويليق بعقولهم النيرة وقلوبهم النابضة بالوطنية والإيمان. عشتم، عاش نادي الرابطة الأخوية حفنة خير من تراب دير قانون النهر، عاشت دير قانون النهر نبضة حب في قلب لبنان”.
ختاما تسلم الطلاب المكرمين شهادات التقدير.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام