تقف العديد من الاضطرابات حائلا بين الطفل والتعلم، ولعل أبرز هذه الاضطرابات عسر القراءة والكتابة والحساب. وفي هذا الإطار، يدعو اختصاصيون إلى ضرورة فهم هذه الاضطرابات قبل البت في البحث عن طرق علاجها.
وأكدت الكاتبة باسكال سنك، في تقريرها الذي نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، أن هذه الأنواع من الاضطرابات تصيب ما بين 5 و10% من الأطفال، أي ما يعادل طفلين إلى ثلاثة في كل فصل. ووفقا لمختصين، فإن هذه الاضطرابات تعرقل مسيرة الأطفال التعليمية، وهو أمر خارج عن إرادتهم نظرا لأنها على علاقة بتطور الخلايا العصبية.
وأفادت بأن أسباب هذه الاضطرابات تختلف من طفل إلى آخر، حيث يتحدث المختصون عن أسباب مرضية، مثل حالات الولادة المبكرة والمعاناة التي ترافق الأطفال حديثي الولادة. كما يمكن أن تكون الأسباب جينية، ومن شأنها أن تحدث تغييرا في نظام الدماغ المسؤول عن استيعاب اللغة المكتوبة، هذا بالإضافة إلى الأسباب البيئية؛ أي المحيطة ببيئة الطفل، مثل الوسط العائلي غير المتعلم.
وأشارت إلى أن الأطفال الذين يعانون من هذا العسر يجدون صعوبة في تنظيم أفكارهم وحفظ المعلومات والتحسن مع الوقت، كما يجدون صعوبة في التركيز. وفي الوقت الذي ينجح فيه باقي الأطفال في تجاوز الصعوبات، يبقى الطفل الذي يعاني اضطرابا ما غير قادر على تجاوز الصعوبات في مسيرته التعليمية، حيث يمكن أن تتطور معه في المستقبل.
ونوهت إلى وجود عامل آخر، ألا وهو صعوبة تحديد نوعية الاضطراب الذي يعاني منه الطفل، وما إذا كان عسرا في القراءة أو الكتابة. وللتوضيح أكثر؛ يمكن أن يتسبب عسر القراءة لدى الطفل في خلق عسر في التعبير الكتابي؛ لذلك دعا المختصون إلى إخضاع الطفل إلى العديد من الخبراء، مثل مختصين في الأعصاب والتخاطب والعلاج النفسي، لتشخيص وإدارة هذه الاضطرابات المعقدة وعلاجها.
عسر القراءة
وذكرت الكاتبة أن عسر القراءة عبارة عن اضطراب تعلمي يتضح بشكل أساسي كصعوبة في القراءة والهجاء، وهو أكثر الاضطرابات المتداولة لدى الأطفال. ويشمل هذا الاضطراب عسر القراءة الصوتية، حيث يصعب على الطفل تمييز الكلمات من الناحية الصوتية. وفي بعض الحالات يستطيع الطفل تحديد الكلمات وقراءتها، لكن يصعب عليه فهم المعنى، مما سيجعله مجبرا على التركيز على محاولة الفهم والقراءة ببطء شديد. وفي هذه الحالة، يكون الطفل عرضة إلى عسر مزدوج في القراءة، أي عسر القراءة الصوتية وصعوبة فهم الكلمات.
و العلاج يتلخص في علاج النطق، بما في ذلك فك تشفير الحروف والأصوات وإنعاش الذاكرة اللفظية للطفل، كما يمكن إخضاع الطفل إلى تمارين تركز على الصوتيات واستيعاب الكلمات غير المنتظمة بهدف تحسين تركيزه البصري واللفظي، فضلا عن تدريبه عبر تمارين خاصة بالمهارات الحركية الدقيقة. كما يوصي المختصون باعتماد العلاج بالموسيقى لتقليل اضطرابات الانتباه، وتحسين التركيز السمعي وتسهيل استيعاب اللغة.
عسر الكتابة
أكدت الكاتبة أن هذا الاضطراب يتمثل في عدم القدرة على الكتابة والهجاء أثناء الكتابة، كما أن هذا الاضطراب يتلخص أيضا في العجز عن القيام بأي تمرين كتابي، حيث يعاني منه نحو 10% من الأطفال في فرنسا.
العلاج
و يقتصر العلاج على إخضاع الطفل إلى عملية إعادة تعلم طرق الكتابة مما سيسهم في إصلاح وتحسين أسلوبه الكتابي. ويشمل هذا العلاج طريقة مسك أصابعه للقلم، بالإضافة إلى تعليمه الحروف. تجدر الإشارة إلى أن الاختصاصي النفسي يلعب دورا مهما في نجاح العلاج عبر تحفيز الطفل من الناحية النفسية.
خلل الأداء التنموي
أشارت الكاتبة إلى أن هذا الاضطراب عبارة عن اضطراب عصبي يظهر في مرحلة الطفولة. ويتعلق هذا الاضطراب أساسا “بالتطبيق العملي” للطفل، أي من ناحية إنجازه للمهام والتمارين. ويتفاقم خلل الأداء التنموي في الكثير من الأحيان بسبب نقص الانتباه واضطرابات التعلم الأخرى مثل عسر القراءة والكتابة والحساب.
العلاج
وطرق علاج هذا الاضطراب تتطلب تضافر جهود العديد من المختصين، كمختص نفسي يشجع الطفل على تنظيم عملية التنسيق بين إيماءات دماغه وإيماءاته الحركية، بالإضافة إلى مختص في العلاج الوظيفي لإعادة تأهيل الحركات اليدوية، ومختص في تقويم النطق لتدريبه على حركات العين.
الضعف اللغوي الخاص
ذكرت الكاتبة أن هذه الحالة تتمثل في اضطراب اللغة، أي أن الطفل يعاني من ضعف قدرته على الفهم أو التعبير عن رسالة لفظية أو مكتوبة مما يؤثر على إدراك الطفل، يمكن تشخيص الضعف اللغوي الخاص عبر تشخيص حالة اضطراب معين في تطور اللغة الشفوية خلال بلوغ الطفل السنتين، حيث ينطق جملا غير منظمة وخالية من المفردات، وإذا كانت لديه مشكلة في التعبير عما يشعر به، أو يفكر فيه، وإذا كان تنظيم اللغة لديه يعاني ضعفا هيكليا، فمن الضروري استشارة طبيب أطفال ومقوم نطق.
العلاج
بالنسبة لها ، يكمن الحل في علاج النطق لدى الطفل، ولا يخضع الطفل لهذا العلاج إلا بعد تشخيص مكثف لحالته من الطبيب المشرف عليه. ويوصي المختصون بالخضوع لدورتين في تقويم النطق أسبوعيا على مدار عدة أشهر.
عسر الحساب
يعد عسر الحساب صعوبة فطرية في تعلم أو استيعاب الحسابات الرياضية. ويجد الطفل صعوبة كبيرة في التعرف على الأرقام وحفظ جداول الحساب (الجمع والطرح والضرب والقسمة) وفهم الأرقام، ويعاني كلا الجنسين من هذا الاضطراب، كما يزداد عدد الأطفال الذين لديهم حساسية من الرياضيات.
العلاج
كلا من المختصين في تقويم النطق والعلاج الوظيفي والمختصين النفسيين يتكفلون بفك شفرة الأداء المعرفي للطفل قبل التعاون مع المدرسين لإجراء تعديلات في الفصل على التمارين المكلف بها الطفل المتعلقة بالعمليات الحسابية.
ما يجب القيام به في المدرسة
وأفادت الكاتبة بأن هناك طرق علاج في الفصل ترتكز على تقديم الوالدين طلبا إلى المدرسة لتحديد خطة دعم خاصة بالطفل الذي يعاني من اضطراب من شأنها أن تعزز اندماجه التعليمي. ويمكن أن يزاول الطفل الذي يعاني اضطرابا ما تعليمه في أي مدرسة مع باقي الأطفال. في المقابل، ينبغي عليه الحصول على دعم مختص في الحياة المدرسية.
المصدر: لوموند