ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب كلمة في افتتاح القمة الروحية الاسلامية – المسيحية جاء فيها “الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين سيما خاتمهم سيدنا رسول الله محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين. السادة الرؤساء الروحيين، الحضور الكريم، أحييكم جميعا ً راجيا ً أن نوفق في هذه القمة لما فيه خير وطنننا وشعبنا اللبناني الطيب والذي يستحقان منّا كل جهد للحفاظ على وحدة ترابه وشعبه وتحصينه من كل ما يهدد وجوده واستقراره ويدفع عنه الأخطار ويوفر له كل عوامل التقدم والازدهار”.
أضاف “لا شك أن القادة الروحيين يتحملون مسؤولية كبرى على هذا الصعيد لما يتمتعون به من مقام معنوي ولكلمتهم وتوجيههم من أثر في نفوس المؤمنين والمواطنين، خصوصا عندما يتناولون قضاياهم ومشكلاتهم بموضوعية ويشيرون إلى مواطن الخلل والخطأ، وضرورة المعالجة بروح إجماعية موحدة وموحدة ويحذرون من أخطار التجاهل وإهمال المعالجة وتغليب المصالح الفئوية والطائفية والحزبية والشخصية على حساب المصالح الوطنية. خصوصا في القضايا الوطنية الكبرى التي يشكل التهاون فيها أو التغاضي عنها لعبا بمصير الوطن ومستقبله ومستقبل أبنائه. ولقد عمل القادة الروحيون في لبنان دائما بهذه الروحية واستطاعوا وعلى مدة الفترة الزمنية الماضية أن يشكلوا السياج الواقي لوحدة هذا الوطن مع المخلصين من أبنائه ، حيث دفع بعضهم حياته سعيا لخلاصه وبقائه وغيب بعضهم عن ساحة جهاده فكان منهم الإمام السيد موسى الصدر الذي غيب مع أخويه الشيخ محمد يعقوب والصحافي السيد عباس بدر الدين عن ساحة جهاده بفعل تآمر النظام الليبي حيث خاض هذا الإمام غمار الأخطار من أجل وقف الحرب المجنونة التي كادت أن تقضي على هذا الوطن. هذا الإمام الذي كان ينبغي أن يكون بينكم الآن هنا”.
وتابع: “لقد أنتج جهد هؤلاء القادة الذين كانوا على تواصل دائم وتشاور مستمر وعملوا بجد وإخلاص وانتجوا في النهاية خلاصا للوطن مع آخرين من قادة سياسيين ومفكرين مسلمين ومسيحيين ونهاية لحرب مدمرة كادت أن تذهب بلبنان وأهله. وإلى جانب هذا الإنجاز تحقق إنجاز آخر وهو تحرير لبنان من الاحتلال الصهيوني بفعل المقاومة التي كانت وطنية بامتياز على شاكلة الإمام موسى الصدر الذي زرع بذرتها وكما أرادها أن تكون للوطن لا لفئة أو لطائفة فقدمت أعز أبنائها شهداء في سبيل عزة وكرامة لبنان واللبنانيين وشكلت إلى جانب الجيش اللبناني درعا قويا للوطن يصعب على العدو إختراقه”.
وقال “أيها السادة بهذه الروحية أفهم هذا الاجتماع في هذه القمة الروحية المنعقدة اليوم في هذه الدار الكريمة وفي هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة والأخطار التي تتهددها وتحيط بها، ولذلك فنحن بحاجة دائمة إلى التشاور والتناصح وإبداء الرأي فيما يجري. لقد شكلت الأحداث التي جرت في المنطقة مخاطر جمة على مصير لبنان وكيانيته ونتج عنها اليوم وبسبب النزوح للأخوة السوريين مخاطر ذات أوجه عديدة، كما أن العدو الإسرائيلي ما يزال يتربص بلبنان شرا ويحتل قسما عزيزا من أرضه ويرسل تهديداته بتدمير بناه التحتية. بالاضافة إلى أن ما يجري في الخليج من تهديدات أميركية وغربية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وتجميع للآلة الحربية وما يمكن أن ينتج عنه لن يبقي لبنان بعيدا عن آثار أي حرب محتملة. عدا عن أن مجريات القضية الفلسطينية وتطوراتها الأخيرة من تملص الولايات المتحدة الأميركية من التزاماتها وإهدائها القدس الشريف للعدو الإسرائيلي الغاصب والظالم والاعتراف بها كعاصمة له، وتهديم بيوت الفلسطينيين كما حدث أخيرا في صور باهر، تنفيذا لصفقة القرن وضم الجولان السوري المحتل يضيف عبئا خطيرا وجديدا على لبنان تتمثل بعض تداعياته باحتمال ضم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا فضلا عن النقاط الأثني عشر التي تحفظ عليها لبنان”.
وتابع “كل ذلك كان يجب أن ينبه المسؤولين والسياسيين اللبنانيين إلى خطورة الأوضاع المحيطة وضرورة القيام بكل الوسائل التي تحمي لبنان ومصالحه ولكنهم بدلا عن ذلك هم منشغلون بالحسابات الصغيرة والمصالح الفئوية والشخصية مما يجعل لبنان مكشوفا أمام كل الاحتمالات. إن أهم سلاح يمكن للبنانيين أن يواجهوا به هذه الأخطار ويحافظوا على تلك المنجزات، إلى جانب الجيش والمقاومة هو وحدتهم الداخلية والحفاظ على عيشهم الواحد فالجميع في قارب واحد ينجون جميعا أو يسقطون لا سمح الله جميعا ولذلك فإننا ندعو إلى التأكيد على المصالحات التي أنجزت بين اللبنانيين وعلى تقويتها ومن جملتها المصالحات بين أبناء الجبل. وعدم نكء الجراح أو افتعال مشكلات جديدة لغايات سياسية ونحن على يقين من أن أبناء الجبل كما كل اللبنانيين لن يسقطوا في الفخ مرة أخرى ولن يستطيع أحد أن يجرهم إلى فتنة جديدة سواء كانت فتنة: درزية – درزية، أو درزية – مسيحية، أو إسلامية – مسيحية أو غيرها، كما نؤكد على ضرورة العودة إلى المؤسسات الدستورية لحل المشكلات التي تنشأ بينهم”.
وتابع “ندعو الجميع إلى الإنشغال بما يحتاجه اللبنانيون من إنماء للمناطق ومشاريع اقتصادية وإيجاد مجالات عمل للبنانيين الذين أصبحوا بفضل هذه السياسات، عاطلين عن العمل، وبوضع اقتصادي مزر ٍ ينذر بأسوء العواقب، فلا يجوز أن يبقى مجلس الوزراء معطلا، ونحن ننتظر انعقاده بأسرع وقت ممكن وهو ما يريده اللبنانيون. كما أنه لم يطل ارتياحنا لإنجاز الموازنة حتى بدت عقبات جديدة أمام توقيعها ونشرها، لذلك فإننا نأمل من المسؤولين الإسراع في توقيعها ونشرها فإن البلد لا يمكنه الانتظار والوضع لا يحتمل مزيدا من الوقت”.
واقترح أخيرا أن يضاف إلى البيان: “ضرورة التواصل والتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية من أجل إنجاز عودة الأخوة السوريين إلى بلدهم، وتفعيل الإتفاقيات الموقع عليها بين البلدين. الدعوة إلى الحوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية لمعالجة الأزمات التي تواجه المنطقة ولإبعاد التدخل الأجنبي الذي يعقد العلاقات العربية الإيرانية ويهدد بمخاطر لا تحمد عقباها”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام