افتتح وزير الصحة العامة الدكتور جميل جبق، المؤتمر العلمي الذي نظمته الهيئة الصحية الإسلامية بعنوان “المخاطر الصحية المعاصرة”، في فندق رمادا – بيروت، في حضور نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف، نقيب الصيادلة غسان الأمين، ممثل جمعية “الهلال الأحمر الإيراني” في لبنان رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية المهندس محمد ضرغام، المدير العام للهيئة الدكتور عباس حب الله وعدد من رؤساء البلديات ومسؤولي الوحدات والمؤسسات في “حزب الله” ومدراء مستشفيات وفاعليات صحية واجتماعية ونقابية وأطباء ومعالجين.
وركز جبق في الكلمة التي ألقاها على موضوع الدواء، لافتا إلى أن “الفاتورة الدوائية في لبنان تبلغ سنويا ملياري دولار لأربعة ملايين شخص، في حين أنها لا تتجاوز في باريس سبعة مليارات دولار لمئة مليون شخص”. وقال: “المشكلة أن سوق الدواء مفتوحة وتتراكم الأدوية بكميات كبيرة. ففي الكثير من الأحيان نستخدم الدواء بضع سنوات ثم نعرف من دولة المنشأ أو أي دولة أخرى أن الدواء بات غير صالح للاستعمال فنعمد إلى سحبه من سوقنا. والمفارقة أننا لا نكتشف ذلك بأنفسنا بل إن الدول المحيطة بنا هي التي تكتشف ذلك. ومما لا شك فيه أن قطاع الدواء في لبنان يحتاج إلى إصلاح ومحاسبة وإعادة تأهيل، ولن يتم ذلك إلا بإنشاء المختبر المركزي الذي يؤكد صلاحية الأدوية من عدمها. فالمختبر المركزي يحتل في هذا الإطار أهمية عملية واستراتيجية ويشكل تجربة رائدة، وبدأنا في وزارة الصحة بمشروع إنشائه وإيجاد تمويل خاص له من دول مانحة بهدف الكشف على نوعية الأدوية التي تدخل إلى لبنان، وإجراء فحوصات مخبرية في المجالات كافة بما فيها للأغذية”.
أضاف: “القرار الجازم الذي اتخذه بعدم إدخال أي جينيريك إلى لبنان في حال كانت مصانع الدواء اللبنانية تقوم بتصنيعه، يعود إلى الثقة بنوعية الدواء اللبناني، لكون وزارة الصحة تقوم بدور الرقابة على المصانع التي تقوم بدورها بالرقابة الذاتية، ناهيك عن فحص الدواء في الخارج في مختبرات هي موضع ثقة، وذلك في انتظار إنشاء المختبر المركزي الذي ستحول الأدوية فيه لفحصها بدلا من فحصها خارج لبنان. وبناء عليه، سيتم سحب أدوية كثيرة من السوق”.
المخاطر الصحية المعاصرة
وتناول موضوع المؤتمر، ولفت إلى أن “الإدمان على المخدرات يتقدم المخاطر الصحية المعاصرة ويمثل مشكلة وآفة على صعيد الوطن ومستقبل الشباب”. وقال: “ما يحصل في لبنان هو سوق المدمن إلى السجن حيث يتابع إدمانه هناك، كما أن المروج يتابع بيع بضاعته في داخل السجن”.
وشدد على “ضرورة إيجاد حل لهذا الواقع”، ولفت إلى “أهمية المراكز المتخصصة بإعادة تأهيل المدمنين والتابعة للجمعيات على غرار مراكز الهيئة الصحية الإسلامية”، وأكد أن “علاج مخاطر الإدمان يحتاج إلى تضافر جهود الجميع لحماية المجتمع حيث تعرف غالبيتنا كيف يدخل المخدر إلى البلد وكيف يتم تصنيع الكبتاغون وبيعه في لبنان”. وشدد على أن “وزارة الصحة ستركز على إيجاد حلول لمشاكل الإدمان في الفترة المقبلة”.
وتابع: “السرطانات المبكرة من المخاطر الصحية المعاصرة، وإحصاءات منظمة الصحة العالمية تشير إلى تزايد السرطان في لبنان بنسبة ثلاثة أضعاف. ووزارة الصحة تتكبد سنويا ثمن أسعار أدوية الأمراض المستعصية ما يبلغ حوالى مئتي مليون دولار. والتوقعات بأن تزداد الحاجة هذه السنة، علما بأن الوزارة خفضت فاتورة أدوية الأمراض المستعصية بين 44 % و79 % على صعيد كل الأدوية الموجودة. والتلوث البيئي يتسبب بتزايد السرطان وخصوصا أنه يطال الأرض والمياه والهواء والاستخدام المفرط لمولدات الكهرباء والانتشار العشوائي للنفايات ولروائحها إذ بات معيبا بحقنا كدولة لبنانية التأخر بإيجاد الحلول المناسبة لهذه الملفات”.
وأشار جبق إلى “مخاطر إدمان التدخين وآثاره في ظل عدم تطبيق قانون الحد من التدخين (174) في أي مكان مقفل في لبنان، وعدم التنبه إلى مخاطر الاستخدام المفرط والمبكر للمراهقين للنرجيلة”، مؤكدا عزمه على “إيجاد السبل الكفيلة بتطبيق هذا القانون”.
وتطرق كذلك إلى “الآثار السلبية للمنشطات الرياضية، مذكرا بقراره “منع الترويج الإعلاني لهذه المنشطات ومنع إدخالها إلى كل النوادي نظرا إلى انعكاساتها الجانبية الشديدة الخطر على صعيد تلف الكبد والكلى”.
تحية للهيئة الصحية
ونوه بما “أنجزته الهيئة الصحية الإسلامية في تاريخها منذ تأسيسها في العام 1984 في زمن الغيبوبة الصحية اللبنانية، وفي وقت عصفت بمجتمعنا الحروب العبثية والأهلية والحروب الإسرائيلية التي أطاحت بكل بنيانا التحتية، فقدمت الهيئة الكثير للبنان وللشعب اللبناني وكان لها في عدوان 2006 وقفة عز بتقديم كل إمكاناتها للدفاع عن الوطن ومواكبة المجتمع المدني، وأثبتت أن للجهاد شقين: شق بالبندقية يتولاه المجاهدون وشق بالسماعة تولته الهيئة الصحية الإسلامية”.
ولفت إلى “أهمية التعاون القائم بين الهيئة ومنظمة الصحة العالمية عن طريق مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تشكل الهيئة جزءا كبيرا ومميزا منها، وتصنف مراكزها من أفضل المراكز”. وقال: “الوزارة ستستعين بمفتشي الهيئة الصحية في حملات التأكد من سلامة الغذاء، بعدما اضطرت الوزارة للاستغناء عن المفتشين الصحيين الذين كانوا لديها لعدم موافقة مجلس الوزراء على تمديد عقدهم في ظل سياسة التقشف المتبعة”.
المؤتمر
وكان المؤتمر استهل بتلاوة من القرآن الكريم فالنشيد الوطني وكلمة لأبو شرف الذي أشار إلى أن “أسلوب العيش العصري يشكل عاملا مباشرا من عوامل المرض، وباتت الأمراض الأكثر رواجا من صنع الإنسان بسبب المتغيرات في العوامل البيئية وارتفاع نسبة التلوث، ما أدى إلى تزايد كبير في أمراض الشرايين والرئتين والقلب والأمراض السرطانية، ما يستدعي دق ناقوس الخطر وتأمين سبل العلاج في المجتمع وتكثيف حملات الوقاية للتخفيف من المضاعفات”.
حب الله
ولفت حب الله إلى أن “لبنان بات يفتقد لمدونات وقواعد سلوك وأخلاق، والتحدي الكبير أن لدينا جزءا كبيرا من خدمة الطب والصحة، فيما الجزء الأكبر هو تجارة الطب والصحة”. وقال: “على الرغم من أن المؤشرات الصحية في لبنان جيدة جدا إلا أن هناك سوء استخدام للخدمات الصحية، والأمثلة على ذلك كثيرة في سوق الدواء حيث تنخفض الأسعار وترتفع بحسب صفقات تجارية، فضلا عن الاتفاقات التي تعقد بين الأطباء والمختبرات لإجراء فحوصات المرضى إلخ”.
وشدد على أن “هناك الكثير من العمل المطلوب لإنجازه، والموضوع يحتاج إلى عناية خاصة، لأن الاستغلال غير عادي”، داعيا إلى “الإضاءة على الموضوع بطريقة منظمة والعمل على مدونة أخلاق وسلوك في العمل الطبي”.
هدف المؤتمر
ويهدف المؤتمر الذي يتضمن سلسلة من المحاضرات العلمية إلى مناقشة ومتابعة المواضيع العلمية والصحية والطبية المعاصرة التي تبتلى بها الفئات المختلفة في المجتمع اللبناني كالتدخين والألعاب الإلكترونية المستنزفة للجهد والوقت والإدمان على بعض الأدوية المسكنة والإصابة بأنواع من السرطانات المبكرة الناتجة من أنماط الحياة المعاصرة، تغذية غير سليمة ورياضة عنيفة وعدم تلقي بعض اللقاحات وغيرها، وهذا يوجب الاهتمام بالتطوير والتثقيف الصحي المستمر لمقدمي ومتابعي الخدمات الصحية والطبية ولاسيما الأطباء منهم.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام