لا تستبعد حكومة باريس تجميد تمويل دول أجنبية لبناء المساجد في فرنسا، والرهان على تكوين الأئمة الفرنسيين في فرنسا بدل الخارج، مثل المغرب. ويأتي القرار الذي يمكن تطبيقه لاحقا بسبب ارتفاع مستوى الإرهاب وتقرير لمجلس الشيوخ ربط بين هذا التطرف والتمويل الأجنبي للمساجد.
وفي حوار مع جريدة «لوموند» الفرنسية نشرته في موقعها الرقمي، أمس الجمعة، قال رئيس الحكومة مانويل فالس إن الوضع في فرنسا يتطلب التفكير في علاقة جديدة بتسيير الشأن الإسلامي في البلاد، مشيرا إلى عمل وزارة الداخلية في هذا الاتجاه. وأبرز رغبته في تطبيق إجراءين، الأول تكوين الأئمة في فرنسا، ثم تجميد مؤقت للتمويل الأجنبي لبناء المساجد.
وتأتي تصريحات المسؤول الفرنسي تحت ضغط الوضع العام في البلاد بعد سلسلة من الاعتداءات الإرهابية في بلاده، والتي أودت بحياة المئات من المواطنين منذ السنة الماضية، ومطالبة الرأي العام بإجابات ملموسة وسريعة لإعادة الأمن في البلاد.
ومن ضمن المواضيع التي يتم التركيز عليها استقلالية تسيير الشأن الديني الإسلامي في فرنسا نحو ما يسميه البعض «إسلام فرنسا» بعيدا عن تأثيرات دول أخرى ومنها المغاربية والخليجية.
ولا تعتبر الإجراءات التي كشف عنها فالس جديدة، بل هي من مطالب الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والكثير من الباحثين في مجال الإسلام في فرنسا، علاوة على مؤسسات تشريعية، مثل مجلس الشيوخ. وكان هذا المجلس قد صادق خلال بداية الشهر على تقرير يطالب بوضع حد لتمويل دول أجنبية ومنها المغرب والجزائر وتركيا والسعودية بناء مساجد في فرنسا.
ويؤكد التقرير حساسية العلاقة بين فرنسا والإسلام، الذي هو الديانة الثانية في هذا البلد الأوروبي.
ومن ضمن عناوين هذه الحساسية أن الدولة الفرنسية تتدخل في الشأن الديني، ولكنها ترغب في احترام قانون العلمانية المصادق عليه سنة 1905.
ويبرز التقرير هيمنة التأثير الخارجي على الشأن الديني الإسلامي في فرنسا، ويخص هذه المرة ثلاث دول وهي تركيا والجزائر والمغرب، حيث تمتلك جمعيات إسلامية ومساندين لتأكيد حضورها والتأثير في قرارات مثل اختيار الأئمة وتعويضهم مالياً والبت في عضوية عدد من المجالس الدينية. ويحصي التقرير أن أكثر من 300 إمام من أصل 2500 تابعون للدول الثلاث المذكورة وليس لهيئات إسلامية فرنسية.
ويعتبر التقرير هذا التأثير غير مرحب به نهائياً في فرنسا لأنه يدخل ضمن التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لفرنسا. وينتقد في الوقت ذاته، التمويل من دول خليجية وهي السعودية والإمارات العربية والكويت، وهو التمويل الذي يذهب إلى بعض المدارس.
وفي سياق متصل طالب نائب زعيم حزب الشعب الدنماركي اليميني المناهض للهجرة، «سورين إسبريسان» الحكومة بمنع دخول اللاجئين المسلمين إلى البلاد لمدة 6 سنوات.
وحمّل إسبريسان في تصريحاته لصحيفة «برلينسكي» الدنماركية، المسلمين مسؤولية الهجمات الأخيرة في أوروبا، قائلاً «إن الدنمارك بحاجة لمهلة، وعليها أن تمنع دخول اللاجئين إلى أوروبا لمدة 6 سنوات».
وفي تصريحات أخرى لوكالة «ريتزاو» الإخبارية الدنماركية، قال إسبريسان: «إنَّ التهديد الإرهابي مصدره الجالية الإسلامية، وهذا لا يعني أنَّ كل المسلمين إرهابيون».
ومن جانبه أشار المتحدث باسم الحزب، مارتن هينريكسان، إلى أنهم لا يريدون قانونا يستهدف المسلمين على وجه التحديد، قائلا «لا نريد ممارسة ضغط تجاه اللاجئين المسلمين، لو أمكننا وقف تدفق اللاجئين سيكون الوضع أفضل جدا».
من جانبه طلب البرلمان المحلي في كورسيكا السلطات الفرنسية بغلق أماكن العبادة التي تشكل بؤر تطرف إسلامي في الجزيرة بعد ساعات من تحذير وجهته حركة قومية سرية «للمتطرفين الإسلاميين في كورسيكا».
وتم تبني القرار في شبه إجماع، حيث صوت لصالحه نواب الأغلبية القومية الذين انضاف اليهم زملاؤهم من اليمين واليسار باستثناء ثلاثة نواب شيوعيين لم يشاركوا في التصويت.
وطلب القرار بـ»الغلق الفوري» في كورسيكا «لأماكن العبادة أو الاجتماع التي تشكل بؤر تطرف مؤكدة، أو التي تلقى فيها خطابات كراهية تخلق مناخا مواتيا للعنف».
وفي بريطانيا أمرت وزارة العدل البريطانية بسحب المؤلفات الدينية المتطرفة من مكتبات ومراكز التعلم في جميع سجون بريطانيا٬ وعلى رأسها مؤلفات سيد قطب وحسن البنا وأبو الأعلى المودودي.
وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن 5 كتب اعتبرتها مصلحة السجون البريطانية جزءا من التحريض٬ وأنها لعبت دورا مهما في نشر أفكار التطرف في العالم العربي٬ ومع ذلك ظلت موجودة في مكتبات بعض السجون في إنكلترا وويلز لمدة 7 أشهر٬ ولم تصدر أوامر بإزالتها إلا في 20 حزيران/ يونيو الماضي٬ بعد مراجعة أوصت بإزالتها من السجون.
المصدر: جريدة القدس العربي