ركزت افتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 17 ايار 2019 على المشهد الرسمي والشعبي لمراسم تشييع البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، فيما “الانفاس محبوسة” اليوم في حالة ترصد لاعلان ما يسمى بـ “الجلسة الختامية المأمولة” لمناقشة الموازنة العامة، بالتوازي مع اشهار موظفي الادارة لسيف الاضراب المفتوح …
* الاخبار
زيادة الرسم الجمركي 3%: أداة للجباية أم لتحسين الاقتصاد؟
دخل اقتراح وزير الاقتصاد منصور بطيش زيادة الرسم الجمركي على الواردات بمعدل 3%، في مسار أكثر جديّة. مجلس الوزراء ألّف لجنة وزارية لدرسه، فيما بدأت تتبلور مواقف متفاوتة منه صادرة عن ممثلي القوى السياسية في الحكومة وعن ممثلي هيئات أصحاب العمل. بينهم من يشترط أن تكون الزيادة شاملة كل الواردات، وبينهم من يعتقد أنه يجب ربطها بحماية المنتجات المحلية من الإغراق، وحماية المستهلك، وبينهم من يستثني تطبيقه مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية
أثار اقتراح وزير الاقتصاد منصور بطيش بزيادة الرسم الجمركي على الواردات بمعدل 3% جدلاً واسعاً بين المعنيين. للوهلة الأولى، يبدو هذا الجدل أقرب إلى بازار منفصل عن أهمية إقرار سياسات اقتصادية – تجارية هدفها إعادة رسم النموذج الاقتصادي اللبناني بما يؤدي إلى تعزيز الصادرات وتخفيف الضغط عن ميزان المدفوعات. ثمة خبراء يعتقدون أن ترفيع الاقتراح إلى مستوى السياسات الوطنية، يتطلب عزل مراكز المصالح عن النقاش، سواء كانت هذه المراكز تتمثل بالتجار والصناعيين أو بكتل سياسية تربطها علاقات بدول متضررة من الإجراءات المقترحة. الأفضل، برأي هؤلاء، أن تقرّر الحكومة سياستها التجارية، من خلال تحديد القطاعات التي تجب حمايتها وتعزيز تنافسيتها تمهيداً لدمجها ضمن منظومة التجارة الدولية، وهو ما يؤدي إلى تقليص عجز الحساب الخارجي، أي تخفيف نزف العملات الأجنبية التي يستقطبها لبنان بكلفة باهظة لتمويل استيراد السلع.
وبالاستناد إلى هذه السياسة، يمكن تحديد معايير واضحة لزيادة الرسم الجمركي متصلة بالمدة الزمنية وبمستوى الرسم والسلع التي يصيبها وعلاقات لبنان مع الدول التي يتبادل معها السلع. قد يكون من أبرز هذه المعايير التفريق بين السلع النهائية التي تدخل إلى لبنان والمواد الأولية التي تستخدم في الصناعات المحلية أو السلع الاستهلاكية الحيوية.
المفارقة أن النقاش في لبنان، كالعادة، ينطلق من مصالح القوى، وصولاً إلى إيجاد آلية للموازنة في ما بينها، ما يؤدي عملياً إلى نسف الجزء الأساسي من الأهداف التي وُضع الاقتراح من أجلها.
التجار مع الرسم الشامل
رئيس جمعية التجار في بيروت نقولا شمّاس، كان رافضاً لمبدأ زيادة الرسم الجمركي، إلا أنه عدّل موقفه. «شعرت بأنّ هناك إصراراً وإرادة سياسية صلبة لدى تكتل لبنان القوي للاستفادة من محطة الموازنة لتحقيق ثلاثة أهداف: ربط الشأن الاقتصادي بالمالي، تقليص العجز التجاري، حماية القطاعات الإنتاجية. لذا، ناقشت مبادرة الوزير منصور بطيش مع وزير الاتصالات محمد شقير وخلصت إلى موقف حاسم بإمكانية زيادة الرسم الجمركي بمعدل 2% لمدة ثلاث سنوات يشمل كل الواردات باستثناء المواد الأولية للصناعة، والآليات الصناعية، والمشتقات النفطية التي تستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية».
موافقة مشروطة
من التجار بأن يكون
الرسم شاملاً كل الواردات
ويتشدّد شمّاس في معدل الزيادة المطروحة انطلاقاً من «كونها مرتفعة بما فيه الكفاية لتحقيق إيرادات بقيمة 300 مليون دولار، ومتواضعة بما يكفي لعدم إطلاق التضخّم والتهريب وأذية التجار النظاميين والمستهلكين». ولكنه يعترض على «أي اقتراح آخر يرمي إلى زيادة رسوم جمركية مرتفعة على باقة محدّدة من السلع، إذ إن ذلك لن يفي بالغرض المالي المنشود، وسيؤدي إلى زعزعة القطاع التجاري وفتح أبواب التهريب ودكّ إيرادات الخزينة وإشعال نار التضخّم ورفع بنية الأسعار. إن زيادة الرسم الجمركي بشكل شامل على الواردات هو الأمر الوحيد المقبول من الأسرة التجارية مع مراعاة هوامش الصناعيين».
أولوية حماية الصناعة
وبحسب رئيس المجلس الوطني للاقتصاديين اللبنانيين، صلاح عسيران، فإنه يقترح زيادة 10% لمدّة خمس سنوات على الواردات التي لها بديل في لبنان يغطي 60% من حاجات السوق. ويشير إلى أن الذريعة المستخدمة لضرب هذا الاقتراح ساقطة لأنها «تستند إلى توقيع لبنان اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها التي تفرض على البلد العضو أن يرفع القيود عن وارداته… لكن، على سبيل المثال، إن المادة 34 من الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، تعطي لبنان الحق في فرض رسوم حمائية أو ردعيّة لمدة معينة إذا تبيّن له أنه يواجه مخاطر جديّة تستوجب تعزيز عجز الحساب الجاري، أي أن الاتفاقية أعطت لبنان مساحة واسعة من الحرية لتعزيز صادراته وحماية صناعته يجب استغلالها وعدم التذرّع بالاتفاقية لمنع هذا الاقتراح».
كذلك، يشير نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش، إلى أن «زيادة الرسم الجمركي مطلب الصناعيين، وإن كانت نسبة الزيادة بمعدل 3% لا تكفي». وهو ينطلق من كون البضاعة المستوردة تأتي بفواتير مخفضة، وهناك كلام رسمي عن الواردات من الصين المفوترة بقيمة ملياري دولار، فيما قيمتها بحسب المنشأ تبلغ 4 مليارات دولار. هذا يضر بالخزينة، ويضرب المنافسة بين الصناعة والاستيراد، وهو عنصر حاسم للاستنتاج بأن المستورد هو المستفيد من فرق الفوترة، وأن المستورد هو الوحيد الذي سيخسر من ربحه لتمويل زيادة الرسم، بينما لن يتأثّر المستهلك نهائياً. نحن مع زيادة الرسم 2% أو 3% على السلع التي يوجد بديل محلي لها، ومع زيادة الرسم بمعدل 10% على السلع الآتية من الشرق الأقصى».
موافقة غير محسومة
وزير الاتصالات محمد شقير، يتجنّب الحديث عن موقف تيار المستقبل من زيادة الرسم الجمركي، إلا أنه يعبّر عن رأيه بصفته رئيساً للهيئات الاقتصادية، ويشير إلى أنه لا يوافق على زيادة بمعدل 3%، ويشترط للموافقة على زيادة بمعدل 2% ألّا تشمل السلع الأساسية مثل المحروقات والدواء والغذاء وسواها، وأن يكون إقرارها مرتبطاً باستثناء يتعلق بالدول التي لدى لبنان اتفاقيات معها مثل الاتحاد الأوروبي واتفاقية التيسير العربية. «الاتحاد الأوروبي يساعد لبنان بمبالغ طائلة هي بمثابة فرق عجز الميزان التجاري بينه وبين لبنان».
ويذهب شقير أبعد من ذلك، مشيراً إلى أنه ضدّ «زيادة الرسم الحمائي على السلع التي اشتكت من إغراق واردات وتزايدها، مستعيناً بذلك على التجربة مع تركيا بعد زيادة رسم حمائي على بعض الواردات المستوردة من هناك في السنة الماضية. تبيّن أن الخزينة خسرت إيرادات بقيمة 18 مليون دولار ولا تزال البضائع نفسها المشكوّ منها تدخل مهرّبة إلى لبنان. يجب أن ننظر إلى حماية المستهلك أيضاً وألّا نرفع كلفة المعيشة في لبنان».
الجدوى الاقتصادية
ماذا عن موقف حزب الله الذي عبّر عنه في جلسة مجلس الوزراء؟ الحزب يرفض التعليق، إلا أن ما رشح من موقفه في جلسات مجلس الوزراء أنه يرفض الزيادة الشاملة على كل الواردات تجنّباً لإدخال لبنان في دوامة ارتفاع الأسعار، إذ إنه يرفض زيادة الرسوم في الظروف الحالية. لذا، يجب تحويل هذا الرسم إلى أداة اقتصادية مجدية للتفريق بين السلع التي لها بدائل محلية وبين السلع غير الضرورية. الهدف حماية الإنتاج المحلي، علماً بأن كل السلع التي لها بدائل في لبنان تمثّل أقل من 5% من مجموع قيمة السلع المستوردة وقيمتها الإجمالية تبلغ 700 مليون دولار، ما يعني أن المقاربة يجب أن تكون دقيقة لتحديد السلع التي يجب أن تصيبها هذه «الضريبة»، إذ ليس منطقياً زيادة الرسوم على المشتقات النفطية، ولا على السلع الاستهلاكية الأساسية… أما إذا كان الهدف هو الإيرادات فقط، فستصبح زيادة الرسم الجمركي على كل الواردات مماثلة لزيادة الضريبة على القيمة المضافة، مع فرق أن الثانية تحصيلها أسرع للخزينة، وهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن الحزب يوافق على زيادة ضريبة القيمة المضافة.
زيادة الرسم الجمركي بيد الحكومة
بموجب القانون رقم 93 الصادر في 10 تشرين الأول 2018، فإن مجلس النواب منح الحكومة سلطة التشريع في الحقل الجمركي لمدّة خمس سنوات، وهو أمر دأبت عليه الحكومات المتعاقبة استناداً إلى أسباب موجبة تتعلق بضرورة أن تكون السلطات المختصة مهيّأة في كل وقت لاتخاذ الإجراءات الضرورية ووضعها فوراً موضع التنفيذ، نظراً لطابع السرعة الذي تتسم به التشريعات الجمركية ولطابع السرية خلال فترة دراستها وإعدادها حتى إصدارها. بمعنى آخر، إن الحكومة لديها الحق في تعديل الرسوم الجمركية بمرسوم، وهي مُنحت هذا التفويض من مجلس النواب لسبب بديهي مرتبط بإمكانية تخزين التجّار للبضائع في حال علمهم بأنّ هناك زيادة على الرسم الجمركي ستشمل سلعاً معينة، وبالتالي سيحققون إثراءً على حساب المستهلك. وفي الحالة الراهنة، إن إدراج اقتراح كهذا في الموازنة يعني أن إقراره ومناقشته في اللجان النيابية وفي الهيئة العامة، يمنح التجّار فرصة طويلة لتخزين السلع التي تُطرَح زيادة الرسم عليها.
“التنمية والتحرير” تفتح معركة قانون الانتخاب: اقتراح يسمح بالتآمر على بري!
باكراً، أدرَج رئيس مجلس النواب نبيه برّي قانون الانتخابات بنداً أساسياً على جدول أعمال السياسة. صحيح أن النية لتعديله ظهَرت مع الإعلان عن بدء حركة الوفد النيابي الذي يضُم كلاً من النواب: إبراهيم عازار، أنور الخليل وهاني قبيسي باتجاه الكتل السياسية لمناقشته، لكن المعلومات تحدّثت عن أن ورشة العمل افتُتحت بعدَ أربعة أشهر على إقفال صناديق الاقتراع في أيار 2018.
هذا الأمر هو إشارة بحدّ ذاته، إلى مخافة رئيس المجلس تكرار خطأ إقرار قانون تحت الضغط. فلا هو يُريد الوصول الى ربع الساعة الأخير قبلَ موعد الاستحقاق، تضطر معه القوى السياسية الى الاتفاق على قانون «يُسلق سلق»، كما لا يريد العودة الى القانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات الأخيرة. الواضح بحسب الأفكار المطروحة للنقاش، أن أساس ما يريده رئيس حركة أمل، النسبية وفق لبنان دائرة واحدة، وإلغاء الصوت التفضيلي، علماً بأن البدائل المطروحة لكيفية احتساب النتائج في اقتراح القانون المقدّم قد تكون عواقبها أمرّ عليه وعلى باقي القوى. في هذا الشقّ التفصيلي تحديداً، يدور النقاش. فوفقَ اقتراح القانون المعروض يُمكن تحديد سقف تأهيل للفوز وهو أن تحصل اللائحة على نسبة 5% من عدد المقترعين، وهذا يسمح بفوز اللوائح الصغيرة وأن تتمثل بنائب أو أكثر). وإذا افترضنا انتخابات تتنافس فيها ثلاث لوائح، كل منها من 128 مرشحاً، وحصلت اللائحة الأولى على 50 في المئة من الأصوات، فإنها تحصل على نصف مقاعد مجلس النواب (64 مقعداً). وإذا حصلت الثانية على 25 في المئة من الأصوات، تحصل على 32 مقعداً. وإذا حصلت الثالثة على 25 في المئة تحصل بدورها على 32 مقعداً. كيف يتم اختيار المرشحين الفائزين؟ ينص اقتراح حركة أمل الجديد على اعتماد الترتيب المُسبق للمرشحين. وينبغي في هذه الحالة أن يفوز أول 64 مرشحاً من اللائحة الأولى، وأول 32 مرشحاً من اللائحة الثانية، وأول 32 مرشحاً من اللائحة الثالثة. لكن، وفي ظل اعتماد التقسيم المذهبي والمناطقي للمقاعد، قد يحدث أن يكون المرشح الأول على اللائحة الأولى ينتمي إلى نفس مذهب وقضاء المرشح الأول من اللائحة الثانية. فمن منهما يفوز؟ اقتراح «التنمية والتحرير» ينص على أن يتم التوزيع بالمداورة: يفوز الأول من اللائحة الأولى، ثم الأول من اللائحة الثانية، ثم الأول من اللائحة الثالثة. وفي حال شغل رأس اللائحة الأولى مقعداً كان رأس اللائحة الثانية مرشحاً عليه، يؤول الفوز إلى المرشح الثاني على اللائحة الثانية. وتُعتمد هذه الآلية إلى أن تستوفي كل لائحة عدد المقاعد الذي فازت به.
مشكلة هذه الآلية، بحسب رئيس مركز بيروت للأبحاث، الخبير الانتخابي عبدو سعد، أنها تتيح للوائح الكبرى الفوز بمقاعد عن أقضية ومذاهب من دون أن يكون لديها أي شعبية في هذه المناطق وبين أبناء هذه المذاهب. كذلك يمكنها أن تتآمر في ما بينها على إسقاط مرشح محدد، رغم وجود شعبية كبيرة له في قضائه. على سبيل المثال، في مقدور تيار المستقبل وحركة أمل أن يخوضا الانتخابات كل منهما في لائحة، وأن يتآمرا لإسقاط الوزير جبران باسيل في البترون، حتى لو حصلت لائحته على جميع أصوات المقترعين في القضاء، ومن دون أن يحصلا على أي صوت فيه. كيف ذلك؟ ببساطة، يكون رأس لائحة حركة أمل في لبنان مرشحاً مارونياً في البترون، ويكون رأس لائحة المستقبل في لبنان مرشحاً مارونياً في البترون أيضاً. وإذا نالت كل واحدة من اللائحتين أصواتاً أكثر مما نالته لائحة التيار الوطني الحر، يرسب باسيل حكماً! كذلك، وفي حال خوض حزب الله وحركة أمل الانتخابات، كل منهما على لائحة مستقلة، يمكن أن يتآمر حزب الله والمستقبل لإسقاط الرئيس نبيه بري في الزهراني، من دون أن يكون أي منهما قد حصل على صوت واحد في القضاء! (بالتأكيد، هذه فرضية نظرية، وهي مستحيلة عملياً بسبب التحالف بين حزب الله وحركة أمل من جهة، ولأن تيار المستقبل لن يخوض معركة ضد بري).
آلية تحديد الفائزين في اقتراح برّي تسمح للوائح الكبرى بالتآمر لإسقاط مرشحين أقوياء
ومن النقاط التي يتضمنها اقتراح القانون وتزيد من تعقيد آلية تحديد الفائزين، هو فرضه كوتا نسائية من عشرين مقعداً، موزعة على المذاهب وعدد من المناطق، بطريقة تجعل من النساء طائفة إضافية.
من جهة أخرى، يتضمن الاقتراح بنوداً تُعدّ مادة خلافية حتى داخل كتلة «التنمية والتحرير»، ومنها «إنشاء الهيئة المستقلة للانتخابات، مهمتها الإعداد للانتخابات النيابية والإشراف عليها، وهي هيئة إدارية ذات صفة قضائية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي، ويكون لها مركز خاص»، إذ يدور النقاش حول ما إذا كان مجلس النواب هو من سيعينها أو مجلس الوزراء. كما يطرح القانون الذي يقوم على نسبية الدائرة الواحدة زيادة 6 مقاعد تخصص للناخبين غير المقيمين، وتشكل دول الاغتراب دائرة انتخابية واحدة وفقاً للنسبية، وتتوزع هذه المقاعد مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتتوزع وفق الآتي: مقعد واحد لكل من الموارنة والروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك والسنّة والشيعة والدروز. ويمكن أن تكون اللوائح مكتملة أو غير مكتملة، شرط أن تضمن بحد أدنى 20% من المقاعد (26 مقعداً) وأن يتمثل كل قضاء بمرشح واحد على الأقل. لكنها في الحالتين هي لوائح مقفلة، وأي لائحة غير مكتملة وحصلت على عدد من المقاعد أكبر من عدد المرشحين، تخسر هذه المقاعد التي تنتقل نسبياً الى اللوائح الفائزة.
وقد زار وفد «التنمية والتحرير» الذي يتولّى طرح هذه الأفكار معظم المكونات السياسية، باستثناء التيار الوطني الحرّ الذي لم يحدّد موعداً حتى الآن. فيما سيلتقي حزب القوات يومَ الاثنين، وحزب الله يومَ الثلاثاء لاستكمال النقاش.
ترامب لا يريد حرباً مع إيران
فريق بولتون يتلقّى صفعة أولى
وإن لم يتلاش التصعيد تماماً في المنطقة، إلا أن حدة المواقف الأميركية بدأت تتبدد لصالح ظهور الخلافات داخل المؤسسات حول تقييم فريق بولتون ــ بومبيو للملف الإيراني، والرغبة في التصعيد. رغبة لا يلاقيها ترامب، الذي حسم أمس خياره: لا أريد خوض مواجهة عسكرية مع الإيرانيين
لم تتجاوز المنطقة بعدْ التوتر المخيّم منذ ارتفاع حدة التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران. إلا أن المؤسسات الأميركية تشهد عملية فرز بين دعاة الحرب وعدم الراغبين في خوضها، بلغت حدّ تدخل الرئيس دونالد ترامب، للتعبير عن أن القرار بيده، وأنه لا يريد هذه الحرب. انحياز صريح أكده الرجل، بعد تزايد الجدل حول المعلومات التي تواصل وسائل الإعلام الأميركية تسريبها في شأن الخلافات حول ملف إيران داخل الإدارة، وصولاً إلى خلافات حول تقييم ما اعتُبر تهديدات إيرانية لمصالح أميركية في الشرق الأوسط، ما استدعى التحرك العسكري لواشنطن. وقد حاول ترامب أخيراً نفي الأنباء عن الخلافات داخل إدارته، على قاعدة أنه صاحب القرار الأخير بعد النقاشات. لكن حجم التسريبات في شأن موقف فريق المتطرفين، على رأسهم مستشار الأمن القومي جون بولتون، لم تعد ممكنة التغطية عليه، خصوصاً أن أغلب التسريبات تتقاطع عند انزعاج مسؤولين أميركيين من دفع بولتون باتجاه الحرب.
وتتضح يوماً بعد آخر المعلومات التي استندت إليها الإدارة الأميركية لتحريك حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» وإرسال قاذفات إلى الخليج. ووفق معلومات صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن نشر الحرس الثوري صواريخ على زوارق تقليدية خشبية في مياه الخليج كانت من بين التهديدات التي استندت إليها إدارة ترامب لتبرير الانتشار العسكري. هذه المعلومات وغيرها لا تزال ضبابية لجهة تفسير سبب التأهّب العسكري الإيراني، لكن النقاش الأميركي لا يستبعد احتمال أن تكون هذه التحركات الإيرانية بخلفية دفاعية وتحسباً للتهديدات، وهو رأي «الأوروبيين والعراقيين وأعضاء الحزبين في الكونغرس وبعض كبار المسؤولين في الإدارة» بحسب «نيويورك تايمز»، إلا أن توجهاً آخر داخل الإدارة بدا مصراً على وضع المعلومات في إطار نوايا إيرانية لضرب المصالح الأميركية.
«واشنطن بوست»:
الرئيس محبط وغاضب
من بعض مستشاريه
ومن المقرر أن يُطلع مسؤولون في الاستخبارات، قادة الكونغرس، على التطورات في ملف إيران، وسط ضغوط من المشرعين على الإدارة لاعتماد الشفافية، ومطالبتهم إياها بتزويد كل النواب بكامل المعلومات حول ما يجري، كما شددت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي. وفي رسالة مشتركة وجّهها أمس رؤساء ثلاث لجان في الكونغرس، إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، ظهر اتهام واضح للخارجية بتسييس معلومات استخبارية حول إيران «عادة ما تكون موضوعية»، وأبدى الموقعون على الرسالة قلقهم حيال استغلال وتسييس المعلومات كون «تصرفات الإدارة في شأن إيران تعطي نتائج عكسية». إزاء كل ما يجري، خرج موقف ترامب بصورة أكثر عقلانية من السابق، عبر إبلاغه وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان، بأنه لا يريد خوض حرب مع إيران، وفق معلومات نشرتها «نيويورك تايمز» أمس، أشارت إلى أنها تعود إلى صباح الأربعاء. وقد عبرت بيلوسي عن ترحيبها بما اعتبرته عدم رغبة الرئيس في خوض صراع عسكري مع طهران.
ووفق تقدير شبكة «سي أن أن» الأميركية، فإن ميل ترامب نحو التعاطي الدبلوماسي بدا واضحاً بعد تصاعد التوتر، وتجلّى في لقائه الرئيس السويسري أولي ماورر، الذي تلعب بلاده دور الوسيط وممثل مصالح واشنطن في طهران، فيما لم تخرج بعد تفاصيل واضحة عن فحوى اللقاء سوى تطرقه للملف الإيراني. وانحياز ترامب هذا للدبلوماسية، على عكس بولتون وآخرين، أكدته «واشنطن بوست» هي الأخرى، في ما ينذر بخلاف مع بولتون لم يصل بعد حدّ الصدام داخل إدارة لا تعرف الاستقرار. وتضمّن تقرير «واشنطن بوست» تفاصيل حول موقف ترامب من سياسة مستشاريه حيال إيران نقلاً عن مصادر في الإدارة. وقالت المصادر إن الرئيس كان «محبطاً» من بعض مستشاريه الذين يدفعون البلاد نحو المواجهة العسكرية مع إيران، وخرق تعهده الانتخابي بالانسحاب من الحروب الخارجية المكلفة. كما كان ترامب «غاضباً» من ما رآه «تخطيطاً حربياً يتجاوز أفكاره الخاصة». وقال مسؤول كبير في الإدارة على علم بمحادثات ترامب وبومبيو وبولتون إن الرئيس «يريد الحديث إلى الإيرانيين، هو يريد اتفاقاً»، وهو منفتح على التفاوض مع الحكومة الإيرانية.
في المحصلة، يمكن الاستنتاج مبكراً أن فريق بولتون والجناح المنادي بإشعال المعركة عسكرياً تلقى أول انتكاسة لعملية إشعال التوتر، عبر مسارين تجلّيا بوضوح أمس: الأول حسم الرئيس خياره لصالح الدبلوماسية وعدم خوض حرب تعارض برنامجه الانتخابي في ما يتعلق بالتدخلات الخارجية، والثاني هو تعبير المؤسسات الأميركية عن رفض هذا الخيار وانتقادها صراحة هذا الفريق. وهي أخبار ستكون سارة لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الذي يكرر تحذيره لترامب من «فريق الباءات الأربعة» (بولتون وبنيامين نتنياهو والمحمدان ابن سلمان وابن زايد). وأمس، ومن اليابان، ثاني محطة له في جولة آسيوية بدأها من الهند ويختمها في الصين، أكد ظريف أن بلاده تمارس «أقصى درجات ضبط النفس، على الرغم من حقيقة انسحاب الولايات المتحدة» من الاتفاق النووي، معتبراً أن التصعيد الأميركي «أمر غير مقبول ولا مبرر له». وحذّر ظريف من أن سياسة الحرب التي تتبعها «مجموعة المتآمرين ومفتعلي الحروب» ستكون بمثابة «انتحار سياسي»، وأضاف عقب لقائه نظيره الياباني أن طهران «لا تسعى إلى المواجهة، لكنها لطالما دافعت بقوة عن مصالحها، والآن تواصل العمل ذاته».
* الجمهورية
وداع حاشد للبطريرك صفير.. لبنان ينتظر سـاترفيلد.. والموازنة
في صورة تاريخية جامعة ودّع لبنان أمس، الكاردينال ما نصرالله بطرس صفير، حيث أقيم لهذه الشخصية الاستثنائية مأتم مهيب في الصرح البطريركي في بكركي، تقدّمه الرؤساء الثلاثة العماد ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، وشارك فيه ممثلون عن الكرسي الرسولي وشخصيات سياسية وديبلوماسية من الدول العربية والاوروبية، إلى جانب جمع غفير من المواطنين والشخصيات من مختلف المستويات، ووري جثمانه عصر امس، في مدافن البطاركة.
هذا الحدث، غيّب النشاط السياسي بالكامل، فيما ساد الترقّب في ثلاثة اتجاهات :
الأول، التطورات الإقليمية المتسارعة في المنطقة، في ظل التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة مع ايران، والتهديدات المتبادلة والتي تُنذر بالاشتعال على خلفية بعض المستجدات التي طرأت في الآونة الاخيرة، وخصوصاً بعد الإعلان عن تخريب بواخر الشحن في الفجيرة، وكذلك استهداف منشآت نفطية سعودية، والتي تواكبت مع اتهامات مباشرة من قِبل الولايات المتحدة الاميركية الى طهران وتحمّلها مسؤولية ما قد يحصل من تبعات.
الثاني، الجولة النفطية المرتبطة بترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والتي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد في المنطقة، وانتقاله الى اسرائيل امس، بعد زيارة سريعة الى بيروت، تبلّغ خلالها الموقف اللبناني المتمسّك بسيادة حدوده البحرية وحقه في الاستفادة من الثروة النفطية والغازية التي تكتنزها، خصوصاً في المنطقة المتنازع عليها والتي تزيد مساحتها عن 860 كيلومتراً مربعاً، ونقل الى اسرائيل الموقف اللبناني، حيث ينتظر لبنان الرد الاسرائيلي، والذي من شأنه ان يقود الامور في اتجاه الحلحلة، او في اتجاه التصعيد، علماً انّ لبنان تلقّى من الجانب الاميركي تطمينات بالقيام بدور مساعد ومسهّل، يفضي الى إيجاد حل لهذه المسألة، بما يمكّن لبنان من الشروع في الاستفادة من ثروته البحرية، الامر الذي يشكّل عنصر إنعاش للأزمة الاقتصادية التي يعاني منها.
الثالث، تطورات الموازنة العامة التي يُنتظر ان تخضع اليوم لمناقشة جديدة في مجلس الوزراء، حيث يُفترض ان تكون هذه الجلسة، الاخيرة في مسار النقاش، الّا اذا بقي التناقض متفاقماً حول بعض الابواب المحدّدة لتخفيض العجز، وكذلك في حال بقيت بعض الامور الساخنة عالقة، وعلى وجه الخصوص البت بمصير التدبير رقم 3 للعسكريين والقوى الامنية. على انّ اللافت للانتباه، عشية جلسة مجلس الوزراء، هو إعادة إثارة موضوع قطع الحساب، من باب الدعوة الى إعداده وإرفاقه بالموازنة. على انّ الانتهاء من الموازنة دون وضع قطع الحساب يشكّل مخالفة دستورية ينبغي التنبّه لها قبل إحالة الموازنة الى مجلس النواب.
وربطاً بالوضع الاقتصادي، برز امس التزام فرنسي متجدّد بمؤتمر «سيدر»، عكسه وزير اوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، الذي مثّل الرئيس الفرنسي في مأتم الكاردينال صفير، حيث قال، انّ «فرنسا ستكون دائماً على الموعد، ويعتمد هذا الموعد أيضاً على ما بدأناه معاً في مؤتمر CEDRE، الذي يمنح لبنان الوسائل اللازمة للتعافي، ولإيجاد طريق الصفاء والوحدة. نحن مستعدون لهذا الموعد وآمل أن يكون اللبنانيون كذلك».
الموازنة
تستأنف الحكومة اليوم مناقشة مشروع موازنة 2019، وسط اجواء ضبابية حول إمكان إنهاء درسها في هذه الجلسة، تمهيداً لتحويلها الى المجلس النيابي.
في المعلومات، انّ الصورة لا تزال ضبابية سواء لجهة خفض العجز المقدّر الذي سيتم إيراده في مشروع الموازنة، أو لجهة المدة التي قد تستغرقها النقاشات، في حال أصرّ وزير الخارجية جبران باسيل على مقترحاته الأخيرة، والتي تشكّل في مضمونها مواد جديدة ومتشعبة للنقاش، قد تحتاج الى جلسات طويلة قبل ان يتمكّن الوزراء من بتّها واتخاذ مواقف حيالها.
في هذا السياق، تفيد المعلومات المتوفرة، انّ ارقام العجز لم تصل بعد الى ما هو مطلوب، والمقدّر بحوالى 9%. في حين يؤكّد وزراء يواكبون ما يتمّ إنجازه في عملية التقشّف او محاولة زيادة الإيرادات، انّ هناك قناعة بأنّ العجز الذي سيتم الاعلان عنه لن يعكس الواقع، وسيكون على غرار العام 2018، بحيث ستُظهر النتيجة النهائية انّ التقديرات لم تكن في محلها، وبأنّ العجز أكبر مما هو مُقدّر.
ويبدي خبراء اقتصاديون قلقاً حيال العشوائية التي تتسم بها المناقشات، حيث لا تتم دراسة الجدوى الاقتصادية او المفاعيل السلبية لأي قرار متعلق بالتقشّف او محاولة زيادة الإيرادات. وفي هذا السياق، دعا خبراء القانون الضريبي عبر «الجمهورية» «ممثّلي السلطة التنفيذيّة والتشريعيّة إلى تحمّل مسؤولياتهم في هذا المجال وإلى عقد مؤتمر اقتصاديّ وماليّ على المستوى الوطنيّ» لتصحيح المسار المالي للدولة. (تفاصيل ص 11)
جلسة أرقام
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، انّ جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد في السراي الحكومي اعتباراً من الاولى والنصف بعد الظهر، مخصّصة لقراءة الأرقام النهائية كما وضعتها وزارة المالية في اعقاب لقاء عُقد بين وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليل الأربعاء – الخميس، وكذلك اجتماعات ماراتونية عُقدت طيلة نهار امس في وزارة المال رغم العطلة الرسمية لمواكبة مراسم وداع الكاردينال صفير.
وبحسب المعلومات، فإنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء تبلّغت مساء امس بأنّ وزارة المالية وضعت النسخة النهائية التي ستعممها اليوم على الوزراء قبيل عقد الجلسة لتستحق جلسة اليوم تسمية «جلسة الأرقام». والتي في حال التفاهم عليها جميعها تكون الحكومة قد أنجزت مهمتها تمهيداً لدعوة المجلس الى جلسة تُعقد في قصر بعبدا، للبتّ بها بعد القراءة النهائية وبالتالي إحالتها الى مجلس النواب لإقرارها.
وتوقعت مصادر وزارية ان يُعقد قبيل الجلسة لقاء بين رئيس الحكومة ووزيري الدفاع الياس بو صعب ووزير الداخلية ريا الحسن للبت في كيفية تطبيق التدابير رقم «1» و«2» و«3».
إضراب
وتزامناً مع جلسة مجلس الوزراء أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة «الإضراب العام الجمعة في كافة الإدارات العامة تعبيراً عن رفضها لسياسة قضم الحقوق، وإدانتها لأي إجراء يرمي الى تحميل الموظفين ومحدودي الدخل جريرة السياسات الخاطئة التي كانت السبب في هدر أموال الخزينة».
ودعت الحكومة إلى «مقاربة أي إصلاح حقيقي بعيداً من لقمة الفقراء، وعبر إقفال مزاريب الهدر، محاربة الفساد، وتعزيز الإدارة العامة وتفعيلها بدلاً من ضربها والمساس بحقوق موظفيها». كما اعلنت «أنّها ستواكب ما يصدر عن مجلس الوزراء في جلسة الغد، وعليه يصدر قرار تصعيد التحرّكات وصولاً الى الاضراب المفتوح».
ضاهر: تصعيد
الى ذلك، يدخل إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية اسبوعه الثالث، ويتعرقل معه مستقبل أكثر من 80 ألف طالب. في هذا السياق، يؤكّد رئيس رابطة الاساتذة المتفرغين الدكتور يوسف ضاهر لـ«الجمهورية»: «مواصلة الاضراب إلى حين إقرار الموازنة»، موضحاً: «تواصل اليوم الجمعيات العمومية لأساتذة «اللبنانية» إجتماعاتها في المناطق كافة، لمواكبة المستجدات والتأكيد على التحرّك ولرفع التوصيات التي بمعظمها تصبّ في إتجاه رفع سقف التصعيد».
ويضيف: «كما سنعقد السبت إجتماعاً لمجلس الاساتذة المندوبين عن الكليات لتحديد الخطوات المقبلة، ولا انكر اننا نتعرّض لضغوط أو ربما تمنيات باتجاه التراجع عن الاضراب، ولكن لن نستسلم، ولن ننتظر إقرار الموازنة بعد أن يكون فات الأوان، خصوصاً انه تردّد على مسامعنا توجّه لتخفيض موازنة الجامعة نحو 50 ملياراً». ويضيف: «معركتنا ليست قضية رواتب وتقديمات، إنما أكبر من ذلك، فهي معركة الدفاع عن استمرارية «اللبنانية».
في سياق متصل، تعقد هيئة التنسيق النقابية عند الثانية بعد ظهر اليوم اجتماعاً لاتخاذ موقف من القرارات المتعلقة بحقوق الأساتذة والمعلمين والمتقاعدين، في بدل النقل والتقاعد وبعض الحسومات على الرواتب في قانون الموازنة، في مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، ويليه مؤتمر صحافي عند الرابعة.
ساترفيلد الى اسرائيل
من جهة ثانية، إنتقل ساترفيلد من بيروت الى تل ابيب عن طريق قبرص في مهمة تمتد ليومين على الأقل لمناقشة الطروحات اللبنانية الجديدة الخاصة بآلية المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية والبحرية اللبنانية – الإسرائيلية في سلّة واحدة، في اعقاب اللقاءات التي جمعته مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، وايضاً مع وزير الخارجية جبران باسيل، الذي التقاه مرتين، كان آخرها اللقاء ليل اول امس، بالإضافة الى مجموعة من اللقاءات مع شخصيات اخرى عُقدت بعيداً من الأضواء في السفارة الأميركية في بيروت.
وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، انّ ساترفيلد وعد بالتواصل مع المسؤولين اللبنانيين مطلع الأسبوع المقبل ما لم تسمح له ظروف العودة الى بيروت نهاية الأسبوع الجاري في زيارات مكوكية، لأنها ستكون رهناً بما ستحققه زيارته في اسرائيل ومدى تجاوب رئيس الحكومة الاسرائيلية والفريق المكلّف بالترسيم مع الطروحات اللبنانية الجديدة وما سيطرحه ساترفيلد عليهم.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ لبنان تبلّغ رسائل تطمين اميركية، ان لا تصعيد للوضع في الجنوب، وانّ هناك اتجاهاً نحو إجراء مفاوضات جدّية في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، واضافت، انّ الاميركيين طلبوا من الاسرائيليين وقف الاشغال في الحقول النفطية (في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان او القريبة منها) موقتاً، افساحاً في المجال أمام المباحثات وعدم تصعيد الوضع.
واكّدت المصادر، انّ الاميركيين مهتمون بألّا يؤثر ما يجري في المنطقة إضافة للنزوح السوري، على الوضع في لبنان، خصوصاً من الناحية الامنية، ويسألون عن الحلول الممكن طرحها لإعادة النازحين إلى بلادهم.
* اللواء
لبنان يودِّع بطريرك الوطن بحضور عربي ودولي
موظّفو الإدارة يلوّحون بإضراب مفتوح.. وباسيل يلاحق حتى أرامل المتقاعدين!
«الوداع الأخير» لبطريرك الوطن الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، تزامن مع إحياء الذكرى الـ30 لاستشهاد مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد في 16 ايار 1989.
ويحمل هذا التزامن اكثر من دلالة وعبرة، في وقت تتجه الأنظار لضمان استقرار هذا البلد، واستقلاله، وديمومة عيشه المشترك، وإعادة بناء مؤسساته، وجعلها وحدها القادرة على إضفاء الشرعية على اي عمل أو دور راهن ومستقبلي..
في سبيل هدف واحد مضى الرجلان الكبيران، وهو الدفاع عن لبنان، الحر، السيّد، المستقل..
في «الوداع الأخير» كان لبنان كلّه هناك، رؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، والمراجع الروحية، والوزراء والنواب، وكبار رجال الإدارة والأجهزة الأمنية.
وداع تاريخي لبطريرك تاريخي
وأبرز مشهد الوداع التاريخي لبطريرك الوطن التاريخي نصر الله صفير، لبنانياً وعربياً ودولياً، الصورة التي مثلها البطريرك الراحل في حياته، وتجسدت بقوة في يوم تشييعه، صورة الاعتدال والمصالحة والحوار والتواصل والثبات والارادة التي لا تنكسر ولا تلين. وهو تمكن في يوم الوداع الاخير، ان يجمع ما كانت فرقته الاحداث والتطورات، والصراعات اللبنانية، وان كان لم يألو جهداً في حياته، في تحقيق ما كان يصبو اليه من وحدة وطنية وعيش مشترك وتآخٍ ومصالحة.
وعبرت المشاركة الرئاسية الرسمية والحضور السياسي والحزبي والشعبي الكثيف فضلاً عن رمزية التمثيل الفرنسي والفاتيكاني والعربي الخليجي، عن التقدير الكبير لمن أعطى له مجد لبنان وكان بحق بطريرك الاستقلال الثاني، اذ حرص الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، ان يكونوا جميعاً في مأتم الوداع الذي اقيم في الباحة الخارجية لبكركي، والتي أتسعت لأكثر من ثمانية آلاف كرسي، عدا عن الحضور الكثيف خارج الباحة، الى جانب الرؤساء السابقين للجمهورية والحكومة والمجلس والوزراء والنواب، الذين حضروا جميعاً، باستثناء من تعذر عليهم لاسباب مختلفة، فيما لوحظ غياب الرئيس السابق اميل لحود واي تمثيل لحزب الله، في حين كان لافتاً للانتباه وفد الجبل الذي كان حاشداً يتقدمه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط الذي مثّل والده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الموجود خارج لبنان، وعزت مصادر اشتراكية سبب الوجود الاستثنائي للوفد الى انه نوع من الوفاء والتقدير للرجل الذي أرسى المصالحة في الجبل، وكان رجلاً استثنائياً في ظرف استثنائي، ولذا كان يجب ان يكون تمثيل الجبل استثنائياً. على حد تعبير الوزير اكرم شهيب.
والى جانب تمثيل الجبل، شكلت مشاركة «القوات اللبنانية» في مراسم الدفن علامة فارقة، وتقدم المشيعين رئيس حزب «القوات» سمير جعجع وقرينته النائب ستريدا جعجع، كذلك حضرت وفود عديدة تمثل حزب «الكتائب» برئاسة النائب سامي الجميل، وتيار «المردة» برئاسة سليمان فرنجية، و«التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل.
واتسمت مراسم التشييع بالتنظيم الدقيق من جانب دوائر بكركي بالتعاون مع الاجهزة الامنية، اذ سارت الامور وفق ما هو مرسوم لها، فبعد اغلاق النعش الذي صنعه الفنان رودي رحمة، ونقله الى مؤسسة نصر الله صفير في ريفون، ونقل جثمان البطريرك الراحل الى نعش خشبي عادي، تم اخراجه الى باحة بكركي في موكب مهيب تقدمه البطريرك الماروني بشارة الراعي، جال وسط الحشود، قبل ان يوضع فوق المذبح، حيث ترأس الصلاة عن روحه البطريرك الراعي الذي رفض ان يجلس على كرسيه الكبير مفضلاً ان تكون كرسيه عادية مماثلة لكراسي المطارنة، وبينهم جلس ايضاً رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان الكاردينال ساندري الذي رأس قبل ذلك قداساً في كنيسة بكركي حيث سجي جثمان صفير.
ولوحظ في الترتيبات ان جعجع وفرنجية جلسا جنباً الى جنب، وفي الجانب الآخر جلس الوزير باسيل الى جانب نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني والوزراء.
ونظراً لحساسية الوضع بين المملكة العربية السعودية وقطر، تم تقسيم الكراسي الاربعة لممثلي الدول العربية وفرنسا، بحيث جلس السفير السعودي وليد بخاري ممثلاً العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الى جانب القائم باعمال السفارة الاردنية وفاء الايتم ممثلة ملك الاردن عبد الله الثاني، وجلس ممثل امير قطر الشيخ تميم بن حمد الوزير حمد بن عبد العزيز الكواري الى جانب وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ممثلاً الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وترأس البطريرك الراعي مراسم صلاة الدفن، والقى عظة بعنوان: «انا الراعي الصالح اعرف خرافي وهي تعرف صوتي»، تناول فيها حياة ومسيرة البطريرك الراحل واصفاً اياه «بالبطريرك الكبير وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن، وايقونة الكرسي البطريركي.
وقال: الكل يجمع على أنه «خسارة وطنية». ورأوا فيه بطريرك الإستقلال الثاني، والبطريرك الذي من حديد وقد من صخر، وبطريرك المصالحة الوطنية، والبطريرك الذي لا يتكرر، المناضل والمقاوم من دون سلاح وسيف وصاروخ، وصمام الأمان لبقاء الوطن، وضمانة لاستمرار الشعب. وأنه رجل الإصغاء، يتكلم قليلا ويتأمل كثيرا، ثم يحزم الأمر ويحسم الموقف. وكجبل لا تهزه ريح، أمديحا كانت أم تجريحا أم رفضا أم انتقادا لاذعا. فكان في كل ذلك يزداد صلابة، على شبه شجرة الأرز التي تنمو وتقوى وتتصلب بمقدار ما تعصف الرياح بها وتتراكم الثلوج على أغصانها..
وبعد القداس وضع الرئيس عون على نعش البطريرك الراحل الوشاح الاكبر لوسام الاستحقاق اللبناني تقديراً لما قدمه للبنان.
الجلسة 14
وعلى ايقاع اضراب موظفي الادارة العامة الذي ينفذ اليوم في الادارات الرسمية، تعبيراً عن رفضهم لسياسة قضم الحقوق، يستأنف مجلس الوزراء عند الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم جلسات مناقشة الموازنة العامة، في جولة هي الرابعة عشرة من الجلسات التي عقدها قبل اسبوعين، على امل اجراء مراجعة اخيرة لارقام الموازنة بحسب ما أمل وزير المال علي حسن خليل الذي نشر صورة على حسابه عبر «تويتر» مع فريق عمل وزارة المالية، اثناء مراجعة ارقام الموازنة تمهيداً لانجازها قبل جلسة اليوم.
ولاحقاً، اعلن خليل ان «مشروع الموازنة طبع في وزارة المال بعدما ادخلت عليه التعديلات»، مشيراً الى انه تم تحقيق خفض كبير جداً في نسبة العجز، لكنه رفض الدخول في الارقام، وأكد ان اللقاء مع حاكم مصرف لبنان كان جيداً، مشيراً الى انه «لا مشكلة في كل المستحقات وستدفع كاملة في وقتها».
وكان الوزير خليل قد عقد اجتماعا مطولا امس، مع فريق عمل الموازنة في الوزارة، استمر من الصباح وحتى الرابعة بعد الظهر، وسبقه اجتماع ليل امس الاول مع الفريق ومع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من اجل مراجعة الارقام النهائية للتخفيضات على موازنات الوزارات والانفاق العام، وتمت طباعة الجداول وفق التعديلات التي طرأت على المشروع الاساسي، وتمكن من الوصول الى خفض نحو 2700 مليار ليرة وصولا الى نسبة عجز من 11 الى 8 فاصل سبعة في المائة من الناتج المحلي. وهو سيقدم في جلسة اليوم في السراي الحكومية الصيغة النهائية للمشروع وفق ما توافر له من معطيات، وقد يحصل نقاش اخير تتم خلاله اضافة او تعديل بعض البنود قبل إقرار الموازنة رسميا واحالتها الى مجلس النواب.
واشار خليل في تصريح تلفزيوني الى ان هناك نقاشات لا زالت قائمة منها ورقة الوزير جبران باسيل التي تناقش بندا بندا القديم منها والجديد، فإذا تم الاتفاق على ورقة باسيل تضاف الى الموازنة وتحصل التعديلات الجديدة على المشروع او ربما تصدر في مراسيم لاحقة.
واوضح انه حقق وفرا كبيرا في التعديلات التي حصلت. وان الخفض كان ايجابيا وكبيرا.
ورجحت المعلومات عقد جلسة نهائية في القصر الجمهوري الاثنين المقبل لإصدار الموازنة رسميا اذا تم فعلا إقرار المشروع في جلسة اليوم في السراي الحكومية.
لكن مصادر وزارية توقعت امتداد الجلسات للاسبوع المقبل، وان مجلس الوزراء ما زال بحاجة الى جلستين او ثلاثة، لانجاز الموازنة، خاصة وان جلسة الجمعة ستخصص لدرس خطة الوزير باسيل التي كان طرحها في جلسة الاربعاء، حيث تبت بأمور قانونية متبقية من جلسات سابقة للموازنة وتحديدا في ما يتعلق بالتهرب الضريبي والتزام البلديات عند الترخيص بإشغال عقارات من قبل مؤسسات تجارية ابلاغ وزارة المالية ما اذا كانت المؤسسة التي تطالب بالترخيص تملك رقما ضريبيا وذلك ضمن اطار محاربة التهرب الضريبي.
وكذلك كشفت المصادر انه تم التطرق الى تسوية اوضاع المكلفين في ضريبة الدخل وهذه المسألة استغرقت وقتا في النقاش.
واذا تمت مناقشة ورقة واحدة من أصل 5 لملاحظات باسيل تطرق المجتمعون وخلال بحث ورقة باسيل الى اقتراح يتعلق بإستفادة ارملة المتقاعد في الجيش والنواب السابقين او بناته من راتب التقاعد حيث تم البحث في مدى استمرارية هذا الأمر وتأثيره على الخزينة لكن لم يتم البت به.
وافادت المصادر كذلك ان البحث تناول وبشكل مطول موضوع تقاعد النواب وطرحت عدة افكار حول كيفية استفادة النواب من التعويضات، خاصة اذا نجح في الانتخابات لمرة واحدة.
تجدر الاشارة الى ان ورقة باسيل تقترح من بين افكارها تأخير سن التقاعد وتمديد مدة التسريح للعسكريين، وتطبيق ضريبة الدخل على العطاءات وحصر التدبير رقم 3 بالوحدات على الجبهات والحدود، ويتضمن خدمة الدين حوالي مليار دولار بالتفاهم مع مصرف لبنان، ويتضمن التهرب الضريبي 7 بنود، فيما يتضمن التهريب الجمركي 4 بنود منها اقفال المعابر غير الشرعية فوراً والغاء المؤسسات الوهمية، وتقترح ايضاً بالنسبة لمسألة الهدر اقفال المؤسسات غير المجدية في وزارة الشؤون واقفال المؤسسات العامة والادارات غير المنتجة مثل وزارتا الاعلام والمهجرين وصندوق الجنوب والمجلس الاعلى اللبناني- السوري.
وليلاً، عقد اجتماع في وزارة الدفاع بين وزير الدفاع الياس بوصعب ووزيرة الداخلية ريا الحسن، اضافة الى رئيس الاركان في الجيش اللواء امين العرم والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان وعدد من العمداء من الجيش وقوى الامن، وخصص الاجتماع للتفاهم على التخفيضات التي يفترض ان تطرأ في موازنتي الدفاع والداخلية، من دون ان تطال الرواتب وتعويضات العسكريين.
الحريري
وعشية جلسة مجلس اليوم، اكد الرئيس سعد الحريري خلال حفل الافطار الرمضاني الذي اقامه اتحاد جمعيات العائلات البيروتية في مركز «سي سايد أرينا (البيال سابقاً)، اننا اليوم امام فرصة، وانا لن ادعها تضيع، ومن يرغب في اضاعتها فليتحمل المسؤولية»، مشيرا «إلى أن هذه الفرصة تعني تصحيح اوضاعنا، ومن دون اصلاحات جدية ليس هناك من تصحيح ولا استثمارات ولا فرص عمل».
ولفت الحريري الى ان ما تقوم به الحكومة على صعيد التقشف في الموازنة ليس مسكناً بل علاج، ولذلك علينا ان نقوم بهذه الاصلاحات، مطمئناً الحاضرين بأن الامور قد تكون صعبة، في هذه الايام، ولكن في الايام المقبلة وبعد اقرار الموازنة ستكون الامور افضل، مؤكداً بأن الليرة بخير، لان لدينا حاكم مصرف لبنان اسمه رياض سلامة يعمل بقوة، لكنه شدد على انه ليس هناك من فريق سياسي يستطيع ان يقوم بالبلد وحده، بل علينا جميعاً ان ننهض بلبنان، كما كان يفعل الشهيد رفيق الحريري، معرباً عن اعتقاده بالوصول الى حلول في موضوع الموازنة ترضى الجميع، لافتاً الى ان ما يطلبه من تضحيات من قبل الجميع هو لفترة، ونحن لا نقول اننا سنتقشف على مدة عشر سنوات، علماً ان هناك دولاً حولنا رأينا ما حل بها، وهي لم تتمكن من الخروج من ازمتها الاقتصادية إلا بعد ست أو سبع سنوات».
* البناء
العدوان السعودي الإماراتي يردّ على عمليات أنصار الله «النفطية» بجرائم تقتل المدنيين في صنعاء
ترامب يوسّط الرئيس السويسري مع إيران… وبومبيو يستنجد بمسقط مع أنصار الله
«القومي» يذكّر بالثلاثية الذهبية في ذكرى 17 أيار… والحكومة للموازنة اليوم بعد وداع صفير
كتب المحرّر السياسي
سقط العشرات في صنعاء بالغارات السعودية الإماراتية التي استهدفت المباني المدنية انتقاماً من الغارات التي شنتها طائرات بدون طيار على المنشآت النفطية السعودية، والاتهامات الإماراتية لأنصار الله بالوقوف وراء استهداف السفن الأربع في ميناء الفجيرة، في ظل معلومات عن استهداف طائرة يمنية مسيرة للجناح العسكري في مطار دبي وإصابة طائرة استطلاع على إحدى مدرجاته ومقتل من فيها. وبدا أمس أن حكومات الخليج تريد رفع منسوب التصعيد ببياناتها وتحركاتها التي ركزت على اعتبار إيران مسؤولة عما تعرضت له منشآتها النفطية داعية لمعاقبتها على أفعالها، بصورة لم تخل من الغمز من قناة الصمت الأميركي على ألسنة المسؤولين الخليجيين وتعليقات الصحف ووسائل الإعلام.
أميركياً، بدت الوجهة معاكسة. فالسير نحو التهدئة طغى على الخطاب التصعيدي في مواقف المسؤولين الأميركيين، وكشفت المعلومات الرسمية الصادرة عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية، عن اتصال أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس السويسري الذي تتولى حكومته رعاية المصالح الأميركية في إيران عبر سفارتها في طهران، والاتصال محوره التهدئة مع إيران وإيصال رسالة رسمية بهذا المضمون، الذي نقلته الصحف الأميركية على لسان ترامب تحت عنوان لا نريد حرباً مع إيران في إطار كشفها لمضمون المحادثات التي أجراها ترامب مع قيادات عسكرية في وزارة الدفاع الأميركية، بينما أجرى وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بالتوازي اتصالاً بسلطان عمان قابوس بن سعيد في سياق السعي للتهدئة مع أنصار الله، الذين تولت مسقط مراراً تنظيم مفاوضات بينهم وبين الأميركيين.
في طهران كانت الاستعدادات للمواجهة عنوان الخطاب الإيراني، على قاعدة رفض أي حوار مع واشنطن، كما صرّح وزير الخارجية محمد جواد ظريف، بينما اعتبر قائد الحرس الثوري حسين سلامي أن المواجهة الكبرى مقبلة وأن الحرس جاهز لتلقين العدو الأميركي الصهيوني درساً تاريخياً لن ينساه.
لبنانياً، تعود الحكومة اليوم لاجتماعاتها المخصصة لمناقشة الموازنة بعد عطلة الحداد لوداع البطريرك نصرالله صفير، ولا تزال شروط من يبدأ أولاً تحكم الكثير من بنود الموازنة وجدول أعمال النقاش، فالمصارف تتريث بانتظار أن تبدأ الحكومة أولاً بالرواتب والتعويضات، والنقابات تنتظر ما ستفعله الحكومة لوقف الهدر والفساد وما ستفرضه من ضرائب ومساهمات على الشركات الكبرى وفي طليعتها المصارف لقبول المناقشة في بعض التقديمات من مكتسبات الموظفين، وبين الوزارات بقيت المعادلة ذاتها من يبدأ اولاً. وهذا هو الحال بين وزارتي الدفاع والداخلية، فيما أكد وزير المال علي حسن خليل أن وزارته تنتهي من أرقام الصيغ التي أقرت في الموازنة متحدثاً عن تخفيض هام في نسبة العجز دون الحديث عن أرقام ونسب مئوية.
لبنانياً، ايضاً استعداد لترجمة التفاهم الذي تم مع المبعوث الأميركي ديفيد ساترفيلد، حول ترسيم الحدود بتفاوض غير مباشر ترعاه الأمم المتحدة كترجمة للتصور اللبناني الذي رفضه الأميركيون شهوراً وعادوا لقبوله بعدما تبين لقادة كيان الاحتلال ومعهم القيادات الأميركية صعوبة إقناع الشركات العالمية بما فيها الأميركية بالبدء بالتنقيب واستثمار مشاريع النفط والغاز بحراً، بغياب اتفاق نهائي مع لبنان يضمن عدم اندلاع نزاع بات معلوماً أن المقاومة ستكون حاضرة فيه باستهداف المنشآت الخاصة بكيان الاحتلال والشركات التي تعمل لحسابه، لتنتج معادلة الردع مرة أخرى الحماية التي يحتاجها لبنان، في ظل معادلة الشعب والجيش والمقاومة. وهذه المعادلة الذهبية التي يتنكر لها الكثيرون ويتجاهلون في حديثهم عن الإنجاز الدبلوماسي الجديد دورها في صناعته، كانت موضع تذكير من الحزب السوري القومي الاجتماعي في ذكرى اتفاق السابع عشر من ايار عام 1983 باعتبارها الاستراتيجية الدفاعية والدبلوماسية التي أثبتت قدرتها على حماية لبنان وتحرير أرضه.
أكد عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية أنّ لبنان يمتلك كلّ عناصر القوة التي تمكّنه من ردع أيّ عدوان يتعرّض له. وهو قادر على رسم المعادلات وفرضها، بعدما تكرّست ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة وباتت معادلة ثابتة وراسخة.
واعتبر عميد الإعلام، في تصريح له بمناسبة الذكرى الـ 36 لاتفاق 17 أيار أنّ توقيع الاتفاق من قبل الطغمة اللبنانية الحاكمة حينذاك، شكل طعنة في الصميم لهوية لبنان وانتمائه، ومسّاً بكرامة اللبنانيين وحريتهم، ولذلك لم يكن من خيار، إلا رفض هذا الاتفاق ومقاومته حتى إسقاطه. وبالإرادة والثبات والمقاومة سقط الاتفاق، ومن ثم سقط الاحتلال واندحر وسقط العملاء، وسقطت مشاريع التقسيم والتفتيت والدويلات الطائفية والمذهبية.
وشدّد حمية على ضرورة عدم التعامل مع لبنان على أنه بلد ضعيف تفرض عليه الإملاءات والشروط، وبمناسبة زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد إلى لبنان، ندعو الولايات المتحدة الأميركية إلى أن تتوقّف عن إيفاد المسؤولين للتدخل في شؤون لبنان الداخلية، والتواطؤ مع العدو بما خصّ النقاط البرية أو البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
ولفت الى أنّ لبنان مصمّم على أخذ كلّ حقوقه، مصمّم على استخراج النفط والغاز من حقوله، مصمّم على تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر، مصمّم على حماية سيادته، وباختصار فإنّ لبنان مصمّم على التمسك بمعادلته الذهبية، معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
وختم عميد الإعلام قائلاً: اتفاق العار في 17 أيار 1983 سقط، ومعه سقطت كلّ رهانات وأوهام ومشاريع التآمر والخيانة والاستسلام، وحذار من أن يجدّد البعض تحت عناوين السيادة الوهمية الرهانات على مشاريع سقطت وتقهقرت.
محاولات أميركية لتحييد حزب الله!
فرضت مراسم وداع البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير الى مثواه الأخير والحداد العام، تجميد الحركة السياسية والحكومية على أن يعود النشاط الحكومي الى طبيعته اليوم، حيث يواصل مجلس الوزراء مناقشة مشروع الموازنة في جلسة يعقدها بعد الظهر في السرايا الحكومي.
إلا أن رياح التطورات على الساحة الاقليمية بدأت تلفح الداخل، في ظل التصعيد بين المحور الاميركي الخليجي الإسرائيلي من جهة ومحور إيران سورية وحزب الله وشعوب وحركات المقاومة في المنطقة من جهة ثانية، وكان لافتاً توقيت إصدار السلطات الإماراتية أحكاماً قضائية ضد رعايا لبنانيين في الإمارات ادعت أنهم يعملون لمصلحة حزب الله، جاء بعد أيام على استهداف ناقلات النفط في الخليج، ما يوحي بأن تداعيات الصراع الإقليمي ستنعكس على لبنان بشكل أو بآخر. فحزب الله كما تقول مصادر مطلعة لـ»البناء» جزء من محور المقاومة الذي قرّر ألا يواجه الهجمة الاميركية الاسرائيلية عليه بالمفرق بل سيواجه كجبهة ومحور متكامل، إلا أن المصادر لاحظت محاولات أميركية خبيثة لتحييد حلفاء إيران وتحديداً حزب الله عن ساحة المواجهة لاستهداف إيران والاستفراد بها. وفي سياق هذا التوقيت والأهداف جاءت زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد حاملاً عرضاً تسووياً للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة بهدف نزع ذريعة تحرير الأرض المحتلة من يد حزب الله وتقويض حركته العسكرية على الحدود الى درجة شلّ قدرته على مهاجمة «إسرائيل» عندما تحين لحظة استهداف إيران عسكرياً لا سيما مع اعتماد الحكومة اللبنانية سياسة النأي بالنفس والحياد عن الصراع الاقليمي، إلا أن المصادر لفتت الى أن «حزب الله يعرف كيف يتعامل مع الوضع بما يتناسب مع خطورة ودقة الواقع ووحدة محور المقاومة». وفي هذا السياق تُحذر المصادر من أن «يكون هدف العرض الاميركي مجرد مناورة لتمرير الوقت لتحقيق أهداف إقليمية تتعلق بالسياسة الاميركية وضرب إيران وصفقة القرن». وعن العرض التفاوضي الأميركي في ما خصّ الحدود البحرية والبرية الجنوبية، أوضحت أن «الإشكالية هي في آليات التفاوض أي أن هناك ثغرات تتعلق بنقطة البدء بالتفاوض، فهل ستقبل إسرائيل بأن يبدأ الترسيم من نقطة «ب1»؟ وبالتالي اذا وافقت هل ستعود الى الخلف 25 متراً؟». ومن المتوقع أن يعود ساترفيلد الموجود في «إسرائيل» الى لبنان حاملاً الرد الاسرائيلي على العرض الاميركي والمقترحات اللبنانية.
وفي سياق ذلك، أوضح مستشار رئيس مجلس النواب نبيه بري ، علي حمدان ، في تصريح تلفزيوني، إلى أنّ «مع وصول ساترفيلد إلى لبنان ، ووجه بالموقف اللبناني الموحّد، وهذا يسهّل الأمر لكلّ مفاوض». وركّز على أنّ «الموقف يشكّل عملية رصّ صفوف، لتبديد الفرصة على أي تفريط بالثروة اللبنانية».
ونوّه حمدان، إلى «أنّنا في المسار الصحيح للمصلحة الوطكنية العليا، ولحماية المصالح الوطنية، وهناك انتظار لعودة المفاوض ساترفيلد لنرى ما سيحمله معه من الجانب الآخر». وبيّن أنّ «الأمر متروك للتنسيق بين المفاوض والمسهّل والمشرف على المفاوضات، أي الأمم المتحدة ، لدعوة الجهات للمفاوضات».
خليل: حققنا خفضاً كبيراً بنسبة العجز
وعلى وقع الغليان الإقليمي، يستأنف مجلس الوزراء اليوم مناقشة الموازنة ومن المتوقع أن يقدم وزير المال علي حسن خليل الأرقام النهائية للموازنة ونسب التخفيضات للعجز اضافة الى مناقشة بعض البنود والاقتراحات التي قدمها الوزراء في جلسة الاربعاء الماضي لا سيما مقترحات وزير الخارجية جبران باسيل، في حين شكلت العطلة الرسمية فرصة للوزراء للراحة ومتسعاً من الوقت لوزير المال لإجراء مراجعة أخيرة لأرقام الموازنة في وزارة المال. ونشر خليل صورة على تويتر مع فريق عمل وزارة المالية. وعلّق عليها بالقول: «مراجعة أخيرة لأرقام الموازنة مع فريق عمل الوزارة اليوم، لإنجازها قبل جلسة الغد». ولاحقاً، أعلن خليل أن «مشروع الموازنة طبع في وزارة المال بعدما ادخلت عليه التعديلات»، وقال: «حققنا خفضاً كبيراً جداً في نسبة العجز ولن ادخل الآن في الأرقام». ورأى أن «اللقاء مع حاكم مصرف لبنان كان جيداً»، وأشار إلى أن «لا مشكلة في كل المستحقات وستدفع كاملة في وقتها».
وتوقعت مصادر «البناء» أن تستمر المناقشات في مجلس الوزراء الى الأسبوع المقبل على أن يحيلها الى المجلس النيابي منتصف الأسبوع المقبل، إلا أن إشكاليتين تواجهان الحكومة بحسب مصادر نيابية: الأولى استمرارية إنفاق الحكومة على القاعدة الاثنتي عشرية مع نهاية اجازة المجلس للحكومة بهذا الإنفاق في 31 الحالي، ما يتطلب من الحكومة العودة الى المجلس للإجازة لها بقانون للاستمرار بالإنفاق. والثانية تتمثل بإرفاق قانون الموازنة بقطع الحساب، وقد أشار رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان الى ان «ارسال موازنة من دون قطع حساب لا يمر دستورياً». وأضاف في حديث تلفزيوني، «إذا كانوا سيتأخرون بعد بإرسالها أقول لهم «لا تتعذبوا»، لافتاً إلى انه «المهم ان تصل ونحن وضعنا توصيات لم يؤخذ بها». وقال: «سأحاول ان لا يأخذ درس الموازنة أكثر من شهر في اللجنة، لكن لا أعد أحداً بالانتهاء منها بهذا الوقت وكان من المفترض ان ترسل لنا منذ تشرين الاول».
ووفق معلومات «البناء» فإن «فريق رئيس الحكومة سعد الحريري لا يزال يرفض المسّ بمكتسبات المصارف والشركات الكبرى ومصرف لبنان والمؤسسات المستقلة كأوجيرو والمرفأ قبل إجراء التخفيضات اللازمة من موازنات الوزارات ورواتب وتقديمات وتعويضات الموظفين». وأوضحت مصادر وزارية لـ»البناء» أن «الحكومة تدور في حلقة مفرغة وكل التخفيضات حتى الآن لن يكون لها جدوى ما لم تلِج الحكومة مزاريب الهدر ومكامن التهرب الضريبي والجمركي والأملاك البحرية والنهرية غيرها من الأماكن التي تُدِر الاموال الكبيرة الى الخزينة العامة إذا ما اُعِيد تنظيمها وضبطها».
ورأى الحريري أن «أمامنا فرصة لن أضيعها ومن يريد إضاعتها فليتحمل المسؤولية»، وشدد على أنه «من دون إصلاحات جدية لا تصحيح ولا فرص عمل ويجب علينا كلنا العمل لتجاوز الأزمة الاقتصادية».
وأشار الحريري خلال إفطار في بيروت إلى أن «الأمور صعبة وبعد إقرار الموازنة سنصل إلى وضع أحسن بعد تطبيق «سيدر»، ولفت إلى أنه «هناك تهويل في البلد والليرة بخير بوجود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة». وأكد أن «سعد الحريري وحده لا يقدر أن يقوم بالبلد»، وقال: «هذه الحكومة كما وعدت ستكون حكومة إلى العمل ونحن سنذهب إلى العمل».
في المقابل علمت «البناء» أن «أكثر من قطاع وظيفي ونقابي يستعد للإضراب المفتوح والتحرك في الشارع فور إقرار الموازنة في الحكومة وسط حديث عن توجه حكومي للمسّ برواتب ومخصصات وتعويضات وتقديمات موظفي القطاع العام»، وأعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب العام اليوم في كافة الإدارات العامة تعبيراً عن رفضها لسياسة قضم الحقوق، وإدانتها لأي إجراء يرمي لتحميل الموظفين ومحدودي الدخل جريرة السياسات الخاطئة التي كانت السبب في هدر أموال الخزينة»، داعية الحكومة إلى «مقاربة أي إصلاح حقيقي بعيداً من لقمة الفقراء، وعبر إقفال مزاريب الهدر، محاربة الفساد، وتعزيز الإدارة العامة وتفعيلها بدلاً من ضربها والمساس بحقوق موظفيها».
كما أعلنت «أنها ستواكب ما يصدر عن مجلس الوزراء في جلسة اليوم وعليه يصدر قرار تصعيد التحركات وصولاً الى الإضراب المفتوح. ايها الموظفون في الإدارات العامة حقوقكم ومستحقاتهم الأدنى بين أقرانها كونوا على الاستعداد للمواجهة في الدفاع عنها».
الى ذلك أقيمت أمس، مراسم صلاة دفن البطريرك صفير بحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري وحشد سياسي وحزبي ودبلوماسي وروحي واسع، وترأس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الصلاة، حيث أكد في كلمته أن «الكل يجمع على أن صفير «خسارة وطنية» ورأوا فيه بطريرك الاستقلال الثاني، والبطريرك الذي من حديد وقُدّ من صخر، وبطريرك المصالحة الوطنية، والبطريرك الذي لا يتكرر، المناضل والمقاوم من دون سلاح وسيف وصاروخ، وصمام الأمان لبقاء الوطن، وضمانة لاستمرار الشعب».
المصدر: صحف