هل سبق أن انتهيت من قراءة كتاب وشعرت وكأنك لم تقرأه من الأساس؟ هل تستعد لامتحان صعب للغاية؟
في الواقع، كل ما تحتاجه هو قلم رصاص وقلم جاف وتخصيص بعض الوقت لتدوين الملاحظات. وفي هذا الصدد، قال الكاتب إنريكي ثامورانو، في تقرير نشرته صحيفة “كونفدنسيال” الإسبانية، إن العديد من الأساليب المدرسية التي تهدف لإيقاظ العقل ترتكز على تكرار صيغة معينة، سواء كانت حسابية أو لغوية.
ولا يعتبر هذا الأمر عبثيا، إذ إن التعلم يقتصر على أمرين فحسب، وهما التكرار وعلاقة ما تتعلمه بالمعارف التي اكتسبتها سابقًا. بالإضافة إلى ذلك، لا تساوي المفاهيم شيئا إذا لم نتمكن من إيجاد معناها ضمن مجموعة أخرى من المفاهيم. وبالتالي، يتمثل الهدف النهائي للتعلم ببساطة في تطبيق ما تعلّمته عند الاقتضاء.
من جانبه، كتب توماس أوبونغ، وهو أحد العقول اللامعة في أيامنا هذه، الكثير عن الإبداع وتطوير الذات والإنتاجية. وبالنسبة لأوبونغ، إذا كنت ترغب في الاحتفاظ بمعلومة ما وعدم نسيانها، فعليك تكرارها مرات عدة إلى أن ترسخ في ذهنك.
وفي هذا السياق، قال أوبونغ “فكر في شيء ما بما فيه الكفاية وستتذكره تلقائيا. وليس من الضروري أن تنسى كل ما تتعلمه، لكن في بعض الأحيان، يصبح الأمر أكثر صعوبة إذا كنت لا تفكر فيه بشكل كاف أو لا تبحث عن طرق مختصرة حتى تتذكر ما قرأته”.
لهذا السبب، تعد القاعدة الشهيرة 50/50 واحدة من أكثر الحيل فعالية لتذكر كل شيء. وتنص هذه القاعدة على قضاء نصف وقتك في تعلّم المعلومات ومعالجتها والاحتفاظ بها وتذكرها، وقضاء النصف الآخر في شرح ما تعلمته. على سبيل المثال، يقول أوبونغ “بدلا من قراءة كتاب كامل، اقرأ نصفه فحسب. وقبل متابعة القراءة، تذكر، شارك أو اكتب الأفكار الأساسية التي استوعبتها إلى حد تلك النقطة”.
ويؤكد أن “العقل يشبه العضلات، وكلما زاد نشاطه، اكتسب مزيدا من القوة. ومنذ آلاف السنين، أدرك الناس أن أفضل طريقة لاستيعاب مفهوم ما هي شرحه للآخرين”. وكما قال الفيلسوف سينيكا “كلما علّمنا أكثر نتعلّم أكثر. إن أفكارك لن تكون أبدا بنفس كفاءة قدرتك على جعل الآخرين يفهمونها”.
وبحسب أحد الأبحاث، يحتفظ الطلبة بحوالي 90% مما يتعلمونه عند شرحه أو تعليمه لشخص آخر أو عندما يطبقونه على الفور. وعلى ضوء ذلك، أوضح أوبونغ أنه “عندما تشارك أمرا ما مع أحدهم، فإنك تتذكر بشكل أفضل ما قلته. وبهذه الطريقة، ستتحدى مقدار فهمك وتجبر نفسك على التفكير. لذلك، كل ما عليك القيام به هو تعليم الآخرين، ليس فقط من أجلهم، وإنما من أجلك أيضا”.
ويرتبط هذا النهج إلى حد كبير بتقنية عالم الفيزياء النظرية الأميركي ريتشارد فاينمان الذي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1965 بفضل مساهماته بتطوير الديناميكا الكهربائية الكمية، حيث ساهم أيضا بعلمه في مجال العقل والتعلم.
وتقول هذه التقنية “تعلّم من خلال تعليم شخص آخر أحد الأمور باستخدام عبارات بسيطة حتى تتمكن من تحديد الثغرات المعرفية لديك بسرعة”. ودون أدنى شك، سيكون ذلك مفيدا بشكل خاص بالنسبة لهذا الشخص لأنك ساعدته في شرح مواضيع معقدة نوعا ما مثل الفيزياء الكمية، بغض النظر عن مستواه الفكري.
ومن بين أكثر الحيل شيوعا التي يوصي بها دائما المعلمون الأكفاء عندما يتعلق الأمر بإعداد الطلبة للاختبار، هي تدوين كل شيء جديد درسته. لذلك، يقول أوبونغ إن “كتابة ما تتعلمه من وقت لآخر تعد وسيلة ممتازة لترسيخ المعارف الجديدة في ذهنك”. وبالتالي، عند التحضير لإجراء اختبار على معارفك، من الضروري تحديد الخطوط العريضة وإعداد ملخصات وتدوين الملاحظات الصغيرة، مما من شأنه أن يجعل استيعاب المفاهيم أسهل بكثير.
ويؤكد العديد من الباحثين أن استخدام قلم الرصاص والورق يخلق رابطة معرفية أقوى من مجرد الكتابة. وكما هي الحال عندما تضطر إلى حل مسألة حسابية أو منطقية، يكون من الأفضل في هذه الحالة توضيح ذلك باستخدام رسم.
ونقل الكاتب عن أوبونغ أنه “إذا كنت تحاول أن تتذكر ما قرأته أو تهدف إلى تعلم أشياء كثيرة فيما يتعلق بالموضوع الذي تدرسه، فإن أفضل شيء هو استخدام دفتر ملاحظات وقلم”.
المصدر: الصحافة الاسبانية