اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري انه “على هذه الحكومة أن تنجح، وهي مضطرة إلى أن تنجح، وليس لديها باب آخر غير النجاح”، وقال: “لست خائفا على الحكومة، إلا من الحكومة نفسها، ولا نريد أن يكون كل وزير فيها حكومة مستقلة”. وجدد التأكيد على “تطبيق القانون لمكافحة الفساد”، فقال “إن البلد الذي لا يخضع للقانون يكون مرتعا للفساد أو غير الفساد، وللفوضى وللافلاس”.
وعن الوضع في المنطقة، قال “لا شك في أنه حصلت تطورات إيجابية كثيرة في المنطقة. وبرأيي، لا تزال المنطقة على خط الزلازل طالما لا يوجد حل سياسي في سوريا واليمن”.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس بري، بعد ظهر اليوم، وفد مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي، الذي قال في مستهل اللقاء: “شرف كبير دولة الرئيس أن تخصنا دائما بمثل هذا اللقاء. لقد كنت وما زلت صمام الأمان للبلد بحكمتك وصبرك في تحمل كل هذه العواصف التي هبت على البلد. ونحن على ثقة بأن يعود البلد الى النهوض مرة أخرى. هناك اسئلة كثيرة مطروحة حول الفساد الذي تحدث عنه الجميع وحول ملفات عدة، ومنها ملف النفط والكهرباء. وفي المناسبة، نحن نهنئكم بالحكومة الجديدة، التي انتظرها اللبنانيون وولدت بعد 9 أشهر”.
ثم رحب الرئيس بري بالنقيب وأعضاء مجلس النقابة، وقال: “إن الحكومة مضطرة إلى أن تنجح، وليس لديها باب آخر غير النجاح. قبل تأليف الحكومة، كنت أقول إن التأليف ضروري، ولكن وحده غير كاف ونحتاج إلى التآلف. لست خائفا على الحكومة، فكل الشعب اللبناني هنأ نفسه بموضوع الحكومة. وكما شاهدتم وسمعتم، لقد تحدث في المجلس 54 نائبا، ونالت الحكومة الثقة بشبه إجماع، لكني انا لست خائفا على الحكومة، إلا من الحكومة نفسها. ولا نريد أن يكون كل وزير حكومة مستقلة داخلها، فهذا الامر أخشى منه”.
أضاف: “إن الفساد، نتحدث كثيرا عنه في هذا المكان أو ذاك، فالفساد حقيقة يختصر بكلمتين: تطبيق القانون. عندما نعرف أن الدولة لديها 39 قانونا لم تطبق، وعندما أقول الدولة، فلا اقصد العهد الحالي، أقصد على مر العهود. هناك قوانين لم تطبق منذ 15 سنة وعشر سنوات و8 سنوات ومنذ سنة. ولذلك اقول الدولة. 39 قانونا صدرت من مجلس النواب ووقعت ونشرها رئيس الجمهورية كلها لم تطبق. اضطررت في الفترة الماضية أن أؤلف لجنة من كل الكتل في المجلس برئاسة النائب ياسين جابر، وأن يكون مقررا لها للقاء الرؤساء والوزراء من اجل تطبيق القوانين، لماذا؟ لانه بمجرد تطبيق القانون في وزارة معينة عندها لا يبقى فساد فيها. وهذه القوانين ليست مجرد قوانين لتغيير اسم قرية أو شخص، بل هي قوانين تشكل 90 في المئة مما نشكو منه في موضوع الفساد، وهي لا تطبق”.
وتابع: “لأعطي مثالا حول الكهرباء، وما ينطبق على الكهرباء ينطبق على غيرها من الوزارات، فهناك قانون يقضي بأن تعين وزارة الطاقة مجلس ادارة والهيئة الناظمة للكهرباء، فلو كان هناك مجلس ادارة وهيئة ناظمة لما شاهدتم بواخر. وإذا شاهدتم البواخر سترونها لمرة واحدة، ولا ترونها على طريقة “جددت حبك ليه” أي دائما. وفي النهاية، في كل سنة ندفع للكهرباء ملياري دولار، علما بأننا نحتاج إلى مليارين مرة واحدة لكي نؤمن الكهرباء للبنان منذ الآن على الاقل من دون مبالغة الى عام 2045 او عام 2050. كل سنة ندفع ملياري دولار نتيجة الديون وغيرها، هذا عدا عما يدفعه المواطن للمولدات. لماذا؟ لأن حتى البارحة كان الأمر إذا كنت تريد أن تحاسب وزيرا، فكأنك تحاسب طائفة، ويحصل المشكل، بينما لا يحصل مشكل بهذا القدر إذا حاسبت مجلس إدارة”.
وأردف: “أما الآن فلا. الآن، مجلس النواب، وأنا أتحدث باسمه، وبعد أن استمعت إليه كما استمع غيري، فلا خيمة فوق أحد على الاطلاق، وستعقد كل شهر على الأقل جلسة للرقابة إما محاسبة وإما اسئلة واجوبة وإما استجواب وإما مناقشة عامة، لكي نتابع الخطوات بالنسبة إلى هذا الموضوع”.
وقال: “بالنسبة إلى موضوع الفساد، “طلعت ريحتنا” إلى الخارج. وبعض البلدان التي ترغب في مساعدتنا سواء عبر مؤتمر سيدر ومؤتمر روما 2 وغيرهما لم تعد تقبل تقديم المساعدة أو التعرض، الا وفقا لشروط معينة، أولها الشفافية. لماذا نضطر إلى هذا الأمر؟ وهذا المثل الذي اعطيته عن الكهرباء ينطبق على وزارات أخرى. مثلا في المطار، أين الهيئة الناظمة للمطار؟ فمنذ 14 أو 15 سنة، صدر قانون الهيئة الناظمة، لماذا لم يطبق”.
أضاف: “عندما دعا فخامة الرئيس الى الحوار، ذهبت وأنا أحمل 36 قانونا، ويومها لم تكن مطبقة، وقلت هذا الكلام على طاولة الحوار، قلته لفخامة الرئيس ولدولة الرئيس وزادت القوانين غير المطبقة وأصبحت 39 قانونا. نتعب وندرس القوانين ونناقشها ونصدرها لا لكي تبقى حبرا على ورق. البلد الذي لا يخضع للقانون يكون مرتعا للفساد وغير الفساد، ومرتعا للفوضى والافلاس. ولذلك، على هذه الحكومة أن تنجح، وإن شاءالله ستنجح، وأن تسعى إلى الرقابة أكثر من المجلس النيابي الذي سيقوم بالرقابة. لماذا؟ لأنها مرآة المجلس. يقولون كيف يحاسب المجلس مرآته؟ فالمجلس سيحاسب الحكومة، وأريد ان اتكلم عن نفسي لنفترض اني تدخلت في توظيف شخص ما إذا “بيض وجهي: أفتخر به، وإذا “سود وجهي” أتخلى عنه. ولقد قمت بذلك سابقا بحق وزراء ونواب، فعندها يكون الشخص يحاسب نفسه. وفي كل الحالات، الذي لا يريد ان يحاسب نفسه، فإن الآخرين سيحاسبونه”.
وردا على سؤال عن إمكانية ملاحقة الفاسدين من الهيئات الرقابية وديوان المحاسبة، قال الرئيس بري: “بالنسبة إلى ما قاله الاستاذ علي ابراهيم لك، فإذا طلب رئيس ديوان المحاسبة أن ياتي اليه وزير، قد لا يأتي. لماذا؟ لانه يقال عنه إنه مجرد أن يذهب وزير الى التحقيق يصبح موضع شبهة. وفي حالة أخرى، إذا طلب من وزير مدير عام او رئيس مصلحة للتحقيق فهذا يحتاج الى اذن من الوزير، فاذا لم يعطه لا يستطيع ان يحقق معه. وما سيحصل الأن أنه في المكان الذي يحصل الرفض منه ستكون المحاسبة، بمعنى أن وزيرا معينا طلب منه الاذن بالمحاسبة مع موظف معين، فاذا لم يعط اذنا سيحاسب الوزير”.
وأشار إلى أن “أساس الرقابة وأمها هما مجلس النواب، فعندما يحمي المجلس الهيئات الرقابية، التفتيش المركزي وديوان المحاسبة والقضاء – كل الاجهزة الرقابية – وإذا جرى الاحتكام الى القانون فلا تعود هناك مشكلة على الاطلاق. واذا اضطر الامر لتغيير او تعديل قوانين فسيحصل ذلك. لن يترك البلد بعد اليوم بهذا الشكل على الاطلاق”.
وردا على سؤال عن تعيين 5 آلاف موظف، كما قيل على لسان النواب في الجلسة، قال: “صحيح، وهذا الكلام أكثر من صحيح لأن هذا العدد هو في الوظائف المدنية فقط من دون القوى الامنية. ما زلنا نتحدث عن تطبيق القانون، فقانون الموازنة يقول بوقف كل شيء يتعلق بتعاقد او بتعيين او بتوظيف قبل ان نقوم بكشف على الوظائف”.
وأشار إلى أن “ميزانية الدولة كميزانية المنزل فهي تحتاج إلى أمرين، فإما أن تنتج أكثر لتصرف اكثر او توفر من مصروفك لكي يكفي المعاش، على طريقة: مد بساطك على قد جريك”، وقال: “من جملة الأمور التي يجب القيام بها، ليس الانتاج من النفط وغيره فحسب، بل وقف الهدر الذي يحصل، وقف كل شيء من السفرات والايجارات وغيرهما، ومن الجملة التوظيف”.
أضاف: “منذ أن صدر قانون الموازنة حتى الآن، تم توظيف 5 آلاف في الوظائف المدنية وعدد شبه مماثل في الوظائف الامنية والجيش، وهذا كله يحتاج الى اموال. غدا، سأعقد لقاء مع رئيس لجنة المال والموازنة وستكون هناك استدعاءات من لجنة المال والموازنة لكل الجهات التي وظفت والمساءلة على اي اساس تم التوظيف. نحن لا نقول إننا سنحاسب، بل نقول بدأنا منذ تاريخ الجلسة والثقة – لان الثقة منحت على هذا الاساس، وكان البيان الوزاري واضحا في هذا الموضوع. وتحدث 54 نائبا، وكلهم ذكروا الفساد وكانوا متحمسين لمكافحته. هذا الموضوع كان الكلام عنه اكثر من اي موضوع آخر إلى درجة انه وصف بالاحتلال من قبل احد النواب، وهذا الصحيح”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام