ضمن الأحداث الجارية في شوارع الأزمة السورية، لعبت المنافذ الاقتصادية دوراً لا يقل أهمية عن أي منفذ آخر، فقد كانت من أهم بوابات تأجيج الأوضاع، خاصة مع دخول المواد مجهولة أو غير شرعية المصدر.
ووجدت سورية نفسها أمام استغلال واضح للحصار الاقتصادي منذ بداية الأزمة، حيث شكلت فرصة أكثر أريحية لدخول جميع المواد الممكن تهريبها عبر المنافذ الحدودية، وتحديدا في فترة كانت الكثير من تلك الحدود خارجة عن سيطرة الدولة وتديرها المجموعات المسلحة، ومن تلك المواد تأتي الألبسة بكل أنواعها والأغذية وغيرها من المواد التي يحتاجها السوق، كما يمكن ترويجها رغم ارتفاع أسعارها، و هذه البضائع المهربة إلى سورية، لا يمكن إدخالها بسبب منعها من بلد المنشأ المشارك في عملية الحصار الاقتصادي المضروبة بحق السوريين.
اليوم، مع بدء الانفراج النسبي بشكل كبير وواضح، ومع انحسار بقعة الإرهاب في سورية، ظهر نوع جديد من العمل على محاولات إبقاء الحرب دائرة، فبعد استهداف المواطن السوري لمدة ثماني سنوات متواصلة بكل الأشكال من الخارج في أمنه ولقمة عيشه، جاءت المرحلة التي يحاول فيها الغرب تشديد الحصار على لقمة عيش المواطن السوري ومصادر رزقه عبر الحصار المضروب على البلاد، بالمقابل جاء دور تفعيل المواجهة الداخلية حكومياً، فاتخذت الدولة عدة إجراءات أهمها إعادة تقوية دوران عجلة العمل الصناعي، وأطلقت العديد من الفعاليات المعلنة لهذا التفعيل كان آخرها معرض ضخم بعنوان “صنع في سورية” ومن ضمن هذه الاجراءات أيضا مكافحة التهريب.
معامل كثيرة فعلتها سورية بصدد تقوية الاقتصاد الداخلي، منها الأدوية والتي بدأت تتقلص نسبة النقص في أصنافها، إضافة للصناعات النسيجية على تنوعها، والغذائية، والزراعية، وكل ما يمكن تصنيفه تحت البند الاقتصادي والاستهلاكي.
ولأن تفعيل هكذا خطوة وإنجاحها في مجال العمل الصناعي يحتاج إلى ترميم رؤوس الأموال أولاً، فقد عملت الدولة السورية، فيما يخص الصناعيين على مختلف فئاتهم وتصنيفاتهم وحجم معاملهم وانتاجهم، على منحهم القروض اللازمة وفتحت الباب أمامهم في إعلانٍ تم عن طريق وزارة المالية السورية وتأكيده ممثلا بلسان وزير المالية الدكتور مأمون حمدان، الذي زار معرض “صنع في سورية” وتجول ضمن أروقته متحدثاً إلى التجار والصناعيين المشاركين فيه.
المعرض يضمن الكثير من المنتجات ومئات المنشآت الصناعية، والتجارية، ويبرز الكثير من المشكلات التي يتم العمل على حلها، أو يتم دراسة سبل الحل لغيرها، ومنها المحروقات والكهرباء، إضافة لعمل دؤوب يتم اليوم بصدد تأمين المواد الأولية اللّازمة للصناعة.
ويجيد الصناعيون أنفسهم أمام مسؤولية كبيرة من أجل تحسين المنتج السوري وإعادته إلى مصاف الدول المصدرة لمنتجاتها، تلك المنتجات التي كانت منافسة في السوق الخارجية قبل الحرب، لذلك يعملون على رفع جودة المنتجات المطروحات ضمن السوق الداخلية، بعد العمل الذي بدأته الدولة لمحاربة التهريب وبالتالي إيجاد البدائل للمنتجات التركية وغيرها مما كان يدخل سورية بجودة منافسة ولكن بأسعار أكبر من استطاعة المواطن بحجة أنه “منتج أجنبي”.
المصدر: موقع المنار